بقلم: د. صابر نواس محمد
أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بكلية مدينة العلوم العربية ببوليكال
المصدر: البحث العلميي ، مجلة دولية بحثية المجلد ١ ، العدد۱، ۲۰۱۷، تصدر من "قسم اللغة العربية بكلية مدينة العلوم العربية، بوليكال"
المقدمة
فحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يَخْلَق عن كثرة الترديد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم، ومن تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.
قال تعالى: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15، 16)
ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم من أشد الناس حرصا على فهم القرآن وتدبر معانيه، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفسر لهم ما نزل عليه فيحفظونه ويتدبرون معانيه ثم ينتقلون إلى غيره.
وسار التابعون بعد الصحابة رضوان الله عليهم على ما عهدوه منهم، فبرع منهم المفسرون، تدبروا القرآن وعملوا به، فاستنبطوا وألفوا، وتبعهم على هذا الطريق أتباع التابعين ومن تبعهم، وعلى هذا المنوال سار المفسرون في العصور كلها إلى عصرنا هذا، فلم يخل قرن إلا وحفا بمفسر فقيه ملأ بطون الكتب بعلوم متعلقة بكلام ربنا عز وجل من فهم وتدبر إلى إعراب وبيان.
وهكذا كانت شبه القارة الهندية قد حفت بالعديد من المفسرين الذين اهتموا بنشر الصحيح من التفاسير بعد أن كان العمل بالقرآن قد اندثر في هذه القارة، وأصبح العلماء دعاة إلى ترك العمل والتدبر به، فبعث الله في أصلابهم عالما أعاد للناس حياتهم بالرجوع إلى كلام الله، وسهل عليهم بأن وضع لهم ترجمة لكتاب الله، لكنه اتهم بالكفر والردة والله المستعان.
لكن باتهامهم له لم يقطعوا السبيل عليه وعلى أمثاله بل ازدادوا حرصا وعناية فولدت الأمهات العديد من أمثاله ملأوا أرجاء الهند علما ونورا، حاملين الهدف الأمثل وهو فهم القرآن والسنة للعيش بالحياة السعيدة الهنية.
فجدير بنا أن نعلم أولئك العظماء، وحُقَّ لنا أن نقرأ في سيرهم ونبحر في حياتهم بعد أن غطى غبار الزمن عليهم بتضليل بعض الضلال وتغطيتهم على هؤلاء العظماء، فحرموا الناس من النهل من منبع تلك الكتب، فرحمهم الله وجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
١- شاه ولي الله الدهلوي
أول من ترجم القرآن بالفارسية، وفسر بعض الآيات والكلمات، سماه بفتح الرحمن بدأ قبل الحج سنة 1143 هجرية، وأكمل بعد الحج سنة 1151 هجرية.
قبله: ترجم القرآن بالفارسية الشيخ حسن بن محمد علقمي المشتهر بنظام نيشابوري ثم دولت آبادي (أورنك آباد (حاليا)، وذلك في حدود القرن الثامن من الهجرة وهذه الترجمة كان على حاشية تفسيره "غرائب القرآن للمترجم".
وكذلك تفسير القرآن بالفارسية وكان شائعا بين الناس باسم تفسير الشيخ سعدي الشيرازي، صاحب گلستان و بوستان، ولكن أنكر العلماء نسبته إلى الشيخ سعدي، وقالوا: هذا التفسير ليس للشيخ سعدي الشيرازي، بل هو للعلامة سيد شريف الجرجاني المتوفى سنة 816هـ، ولكن نسب للشيخ سعدي الشيرازي الشهرته 1.
٢- الشيخ عبد العزيز بن شاه ولي الله
تفسير عزيزي بالفارسية المعروف بتفسير فتح العزيز وبستان التفاسير، بدأ الشيخ عبد العزيز بن شاه ولي الله فيه عام 1208هـ، وتوفي عام 1239 هـ ولم يكمله، ثم أكمل هذا التفسير العلامة حيدر علي فيض آبادي 1299هـ بأمر الملكة سكندر بیگم ملكة بهوبال في سبع وعشرين مجلدا.
٣. الشيخ العلامة قاضي ثناء الله الباني بتي 1225هـ
التفسير المظهري باللغة العربية للشيخ العلامة قاضي ثناء الله پاني پتي 1225هـ، تلميذ خاص للإمام شاه ولي الله محدث دهلوي، كان يعمل بالدليل والترجيح كما يظهر من تفسيره، ولم يكن مقلدا جامدًا.
٤- شاه عبد القادر بن شاه ولي الله الدهلوي 1203هـ:
له تفسير موضح القرآن، ترجم القرآن بالأوردية وفسره وسماه بموضح القرآن أكمل تفسيره 1204هـ أو 1205هـ، وكان ذلك بعد تفسير أبيه بخمسين سنة تقريبا.
٥. شاه رفيع الدين بن شاه ولي الله 1233 هـ:
له القرآن المترجم بالأوردو تحت اللفظ (تحت لفظ الآية يكتب ترجمتها)
٦- الشيخ العلامة الفاضل أمير علي بن معظم علي الحسيني المليح آبادي ثماللكنوي 1337 هـ:
له تفسير مواهب الرحمن بالأوردو في ثلاثين مجلدًا، وكان تلميذا للشيخ سيد نذير حسين الدهلوي، كان في آخره ناظرًا لمدرسة العالية، بعد مدة قليلة استقدمه أعضاء ندوة العلماء إلى لكهنو، وولوه نظارة دار العلوم ورئاسة التدريس بها، فدرس وأفاد نحو ثلاث سنين ثم توفي رحمه الله.
٧- العلامة محيي السنة نواب صديق حسن القنوجي 1307 هـ الموافق 1890م:
له مؤلفات ومصنفات عديدة في تفسير القرآن وأحكامه
١ - فتح البيان في مقاصد القرآن بالعربي في 10 مجلدات ضخمة.
قال الشيخ العلامة محمد بن عبد الله بن حميد من علماء نجد 1286هـ لما وصل إليه هذا التفسير: "فإن هذا المؤلف من نعم الله سبحانه على هذه الأمة المحمدية في هذا الزمن الذي اندرست فيه السنة النبوية ودثرت فيه الآثار المصطفوية......
وقال أيضا: "إن الله سبحانه وتعالى أوجده خادما لكتابه في هذا الجيل ولسنة نبيه، فهو أحق أن يسمى مجدد الألف الثاني لما حواه من حفظ الآثار النبوية بالألفاظ والمعاني وما منحه الله من فهم الكتاب العزيز والسبع المثاني2".
وقال الشيخ حمد بن عتيق من علماء نجد 1301 هـ لما رأى هذا التفسير: "فبينما نحن كذلك إذ وصل إلينا التفسير بكماله، فرأينا أمرا عجيبا ما كنا نظن أن الزمان يسمح بمثله" 3.
٢- ترجمان القرآن بالأردو في 15 مجلدا ضخما،
توفي رحمه الله قبل التكميل، فأكمله تلميذه الرشيد وزميله وصاحبه الشيخ ذو الفقار بأمر الحكومة البهوبالية.
وأكمله أيضا الشيخ محمد کہدیاں اللاهوري 4.
٣. نيل المرام في تفسير آيات الأحكام
٤. تفسير الكل بتفسير الفاتحة والقل
٨- الشيخ احتشام الدين المراد آبادي رحمه الله 1313هـ تلميذ شيخ الکل میاں نذیر حسین محدث دهلوى، فسر القرآن بالأوردو وسماه أكسير أعظم.
٩- الشيخ عبيد الله
مصنف تحفة الهند 1310 هـ، تلميذ میان نذير حسين
ألف كتاب إقتباس الأنوار من كلام الانفصار، وفهرس المضامين من كلام ربالعالمين.
١٠ - الشيخ بديع الزمان أخ نواب وحید الزمان:
ألف كتابا وجمع فيه مضامين القرآن وسماه بسبيكة الذهب الإبريز في فهرس الكتاب العزيز، ووضع عليه هامشا بلغات القرآن بالفارسية، وسماه فتح المنان في ترجمة لغات القرآن5 .
١١- علامة وحيد الزمان الحيدر آبادي 1331 هـ:
ألف : ١- تفسير وحيدي.
٢ - تبويب القرآن في مجلدين، بوب القرآن على101 بابا.
١٢- الشيخ يوسف حسين 1352 هـ:
لخص تفسير الكبير للرازي، وسماه تفسير كامل أردو بحذف زوائد وزيادات فوائد.
١٣ - الشيخ العلامة محمد علوي هزاروي الحيدر آبادي 1336هـ
صاحب مفتاح الحاجة حاشية سنن ابن ماجة، وعين الودود حاشية سنن أبي داود وتلميذ الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني ألف كتابا في تفسير كلمات القرآن وسماه: عجائب البيان في لغات القرآن مع نجوم الفرقان.
١٤ - الشيخ حميد الله الميرتهي
فسر القرآن باللغة الأوردية وسماه: حديث التفاسير.
١٥ - العلامة الشيخ السيد أحمد حسن 1338 هـ / 1902م.
تلميذ الرشيد میان نذير حسين، وكان مشرفا على حيدرآباد دکن، وله جهود تذكر في التفسير:
١- أحسن الفوائد: جمع فيه ثلاثة تراجم للقرآن في مصحف واحد أ-
أ. ترجمة شاه ولي الله محدث دهلوي بالفارسية.
ب. ترجمة شاه عبد القادر
ت. وترجمة شاه رفيع الدين، وفسر القرآن على الهامش، وسماه أحسن الفوائد
٢- له تفسير كبير في سبع مجلدات ضخمة سماه أحسن التفاسير، لخص فيه جميع تفاسير المأثور.
٣- تفسير آيات الأحكام، ونشره مؤتمر أهل الحديث في دهلي.
١٦ - قاضي علامة محمد سليمان المنصوربوري 1930 هـ:
فسر سورة يوسف وسماه الجمال والكمال.
١٧- شيخ الإسلام ثناء الله الأمر تسري 1948 م:
له جهود مشكورة في خدمة القرآن الكريم:
١- تفسير القرآن بكلام الرحمن باللغة العربية : مدحه العرب والعجم، وكتب في مدحه مجلة الأهرام بمصر، والعلامة رشيد رضا المصري في مجلة المنار. وقال: "الشيخ ثناء الله وكيل الإسلام والمسلمين في هذا العصر". وقال أيضا: "هو رجل إلهي".
وقال العلامة سيد سليمان الندوي مدير مجلة المعارف: "ينبغي أن يدرس هذا التفسير في المدارس ويدخل في المناهج الدراسية".
٢ - تفسير ثنائي باللغة الأوردية في سبع مجلدات ضخمة، يفسر الآيات، ويرد أيضا على الفرق الباطلة القاديانية، حكرالوية، الروافضة، الآرية السماجية، البريلوية، النصرانية، اليهودية، الهندوسية، السسيخية، الإلحادية والمذاهب الباطلة.
٣. بيان القرآن على علم البيان باللغة العربية
يفسر وبين فيه إعجاز القرآن ومصطلحات علم البيان والبلاغة، وهذا التفسير من البديعات في كتب التفاسير؛ لأنه يتكلم فيه عن عظمة القرآن وفصاحته وبلاغته ويظهر تأثير البيان.
٤- التفسير بالرأي باللغة الأوردية:
يفسر القرآن، ويبين معاني آيات القرآن، ويبين أخطاء تفاسير القاديانية وا لچكر الوية والروافضة والبريلوية والبهائية، ويبين تحريفاتهم ثم يبين المعانيالصحيحة.
٥. برهان التفسير بجواب سلطان التفاسير
٦- تفسير آيات المتشابهات
٧ز تفسير سورة يوسف
١٨ - العلامة الشيخ محمد حافظ إبراهيم السيالكوئى 1956 م:
له تفاسير عديدة
١- واضح البيان في تفسير أم القرآن
٢- تبصير الرحمن في تفسير القرآن
٣- تفسير سورة الكهف
٤- شهادة القرآن في تفسير آية (إنا متوفيك ورافعك إلي في مجلدين، أثبت فيه حياة المسيح، ورد على من أنكر حياته.
١٩ - إمام الهند الشيخ أبو الكلام آزاد:
له ترجمان القرآن، من سورة الفاتحة إلى سورة المؤمنون، وتوفي قبل إكماله،
٢٠ - الشيخ محمد الجوناكدهي:
له تفسير محمدي باللغة الأوردية، وهو ترجمة لتفسير ابن كثير.
٢١ - الشيخ رحيم بخش الدهلوي :
وهو من كبار علماء أهل الحديث، فسر القرآن الكريم وسماه بأعظم التفاسير، وعلى هامشه تفسير سواطع الإلهام للفيضي.
٢٢ - الشيخ محمد حنيف الندوي:
له تفسير سماه بسراج البيان.
٢٣- حافظ محمد اللكهوي 1312 هـ :
له تفسير محمد باللغة البنجابية.
٢٤- الشيخ محمد علي القصوري:
فسر بعض سور القرآن.
٢٥ - الشيخ محي الدين القصوري
فسر سورة النور، وسورة يوسف وسورة الفاتحة وغيرها.
الخاتمة
بعد هذه النظرة السريعة على عظماء التفسير في الهند، اعلموا بأن هذه المسيرة لم تنقطع، بل حمل رايتها الكثير من الشباب من طلبة العلم الذين حققوا وألفوا بما يناسب في هذا العصر للعوام، لكنهم رغم هذا لم يختلفوا في الطريق الذي سلكه أسلافنا بل ما زالوا يمشون عليه حاملين نفس هدف من سبقهم وهو نشر التفسير الصحيح على نهج السلف رحمهم الله، فحفظهم الله وزدهم من فضله، وبارك الله في أمثالهم.
المصادر والمراجع
١. البيان في علوم القرآن مقدمة تفسير حفاني لمولوي عبد الحق حقاني
٢. نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر لالكنوي
٣. دعوة الأمير العالم صديق حسن خان واحتسابه، علي أحمد الأحمد، مكتبة الرشد
٤. جهود علماء الهند في علم أصول التفسير، محمد غلام الرحمن بن محمد النظامي
٥. تفاسير القرآن الكريم لعلماء الهند بالعربية عرض وتعريف، السيد عبد الماجد غوري
0 تعليقات
أكتُبْ تعليقا