ادعمنا بالإعجاب

الدراسات القرآنية للشيخ السيد سليمان الندوي



اعداد : أبوبكر الصديق الفيضي الندوي
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. والصلاة والسلام على من أرسل الى كافة الناس بشيرا ونذيرا،بكتاب عربي مبين. وعلى آله وأصحابه الهداة المهديين،ومن اهتدى بهديه واستنّ بسنته الى يوم الدين . أما بعد ،،،،،،
فان دار العلوم التابعة لندوة العلماء والقائمة بمدينة لكهنؤ- عاصمة الولاية الشمالية في الهند ـ أنجبت شخصيات فذّة وعلماء أجلاّء اشتهروا في المجالات العلمية والأدبية والفكرية والدعوية والتربوية ، تجدر للهند المسلمة أن تشيد بهم  وتفتخر بأسمائهم وكان السيد سليمان الندوي ممن تمكّن في طلائعهم ومن أبرز أبناء ندوة العلماء الذين تخرجوا في الدفعة الأولى لدار العلوم عام 1907 الميلادية .
ولادته ونشأته
ولد السيد سليمان الندوي في نوفمبر عام 1884 بقرية "ديسنه" بولاية بيهار الهندية في اسرة معروفة بالعلم والتقوى وعريقة في المجد والشرف وكان أجداده ووالده الحكيم أبو الحسن وأخوه الأكبر الحكيم أبو الحبيب وكذلك عدد من أعمامه معروفين بالعلم والطب اليوناني اضافة الى ما لهذه الأسرة من شرف النسبة الى آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يصل نسبه من أمه وأبيه الى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
وبعد أن فرغ من  الدراسة الابتدائية في مكتب قريته استفاد من أخيه الأكبر الحكيم أبي الحبيب ثم من الأساتذة في "بول واري شريف" . وكانت بول وراي شريف آنذاك بقعة معروفة بالعلم والتزكية وطرائق الصوفيين كما كان والده قويّ الربط  بأولائك العلماء الكرام . وفي عام 1901 في السابعة عشر من عمره التحق بدار العلوم لندوة العلماء وأكمل الدراسة هناك ونال شهادة الفضيلة منها في أول دفعة تخرجت من دار العلوم وذلك عام 1907.
-2-
في دار العلوم لندوة العلماء
وكانت الحياة الدراسية في ندوة العلماء  وتعرّفه بالأستاذ الجليل علامة عصره الشيخ شبلي النعماني المشرف التعليمي لندوة العلماء وقتئذ ، نقطةَ انطلاق في حياته حيث مكّنت له للارتواء بالعلوم الشرعية واللغوية من مناهلها الأصيلة وصقلت قريحته وخرج بذلك عالما بارعا في مختلف العلوم والفنون واختص من بين أقرانه بنظرته النافذة وفكرته الشاملة وذوقه الرفيع في الدراسة والبحث والتحقيق في مختلف المجالات وقدرته الفائقة في الكتابة والانتاج العلمي والفكري .
اتصاله بالعلاّمة  شبلي النعماني :
وجدير بالذكر هنا أن العلامة شبلي النعماني هوالذي قام بدور فعال في ترتيب المنهج التعليمي الجديد لندوة العلماء الذي يجمع القديم الصالح مع الجديد النافع مع كبار العلماء والوجهاء في شمال الهند ،حيث  يعرف الأستاذ شبلي بذلك كرائد للتعليم المزدوج في الهند.  وكان المذكور يقوم بالاشراف على الأمور التعليمية في دار العلوم آنذاك ، فوقع نظره على هذا الطالب الذكيّ وتنبىء بنبوغه وعبقريته وقرّبه اليه وغطّاه بعنايته الخاصة ووفّرله ما يحتاج اليه من النصائح والارشادات، لأنه كان يحرص على عثور طلبة نجباء  ليشجعهم وينمّي مهارتهم ويرفعهم الى مستوى عال من الصلاحية والجدارة ليكونوا فيما بعد قادرين على أن يمثّلوا الاسلام والعلوم الاسلامية في العصر الحديث الذي يمتاز بارتقاء باهر في العلوم المادية والاكتشافات العلمية والايجادات التقنية وخاصة في وقت يكثر اهتمام الغرب بالعلوم الشرقية ويتقدّم عدد من المستشرقين بالدراسة والتحقيق في المواد والشخصيات الاسلامية ويثيرون شكوكا وشبهات في التاريخ الاسلاميوالشخصيات التاريخية  وحتى في المسلّمات لدى المسلمين . وكان من ضرورة الوقت أن ينهض فريق من علماء الدين متسلحين بالأسلحة العصرية لمواجهة هذه التحديات الأوربية والأمريكية  فوجد الأستاذ شبلي في تلميذه السيد سليمان كفاءة وقابلية للقيام بهذه الأعباء العلمية والدينية خير قيام . وأثبت الزمان أن العلامة شبلي كان موفقا في ربط آماله بهذا الشاب النجيب .
-3-
خدمته في دار العلوم
وبعد الفراغ من الدراسة في دار العلوم عيّن السيد سليمان الندوي للعمل هناك كمسؤول لمجلة الندوة لفترة ثم أستاذا للأدب العربي في نفس الكلية. وبعد ذلك انتقل الى كلكتا واشتغل محررا ثانيا في مجلة "الهلال" التي كانت تصدر منها برئاسة العالم الكبير والزعيم السياسي المعروف مولانا أبي الكلام آزاد ـ وزير التعليم الهندي الأسبق - وعمل بعد ذلك كأستاذ للأردية والفارسية في كلية دكّن بمدينة بونا- مهاراشترا الآن ـ لفترة قصيرة .
وبعد وفاة شيخه ومرشده العلامة شبلي النعماني تحول الى "أعظم كره" ليتولى مسؤولية  "دار المصنفين " التي كانقد أسّسها العلامة النعماني في حياته لتكون منارة فكرية شامخة . ومنذ أن تولى الأستاذ الندوي زمام الأمور لدار المصنفين،بذل جميع ما وسعه لترقية هذه المؤسسة الفكرية الى آفاقها المتسعة التي كان بانيها يحلم ذلك . فقام بتخطيط مشروع لنشر سلسلة من الكتب التاريخية بحيث تكشف الغوامض  وتزيل الشبهات حول رجال التاريخ والوقائع التاريخية فعرفت هذه الدار "بأكادمية شبلي" ونشرت مئات من الكتب القيمة والبحوث المفيدة ومع ذلك قام يواصل نشر المجلة الشهرية التحقيقية  في الأردية باسم " معارف" يستعرض بواسطتها القضايا المعاصرة ويبدي آراء ه الناضجة ومواقفه الايجابية تجاه المستجدات الراهنة .
ظهوره على مستوى الهند
وتمكن للشيخ الندوي عن طريق هذه المجلة وهذه الدار العلمية منايجاد علاقة قوية مع زعماء حركة التحريرالهندية وأصبحت أكادمية شبلي منبرا للتواصل والتفاهم مع الزعماء والقادة والشعب الهندي وقويت بذلك آصرة الاخاء والمحبة بين السيد سليمان الندوي والشخصيات الكبار في ذلك الوقت من موتيلال نهرو ومهاتما غاندي وجوهر لال نهرو ومحمد علي جوهر وساروجني نايدو وغيرهم وظهر الشيخ سليمان الندوي كشخصية وطنية مهمة معهم وشارك في حركة الخلافة وانتسب الى حزب المؤتمر الوطني (Indian National Congress)واختير عضوا للمجلس الوطني للحزب. وكان الشيخ الندوي مع ذلك خطيبا مصقعا ومحاضرا بارعا،أخذ الناس يدعونه من جميع أنحاء الهند لحضور المؤتمرات والقاء محاضراته العلمية القيمة. وكان عضوا في عدة وفود للخلافة سافروا الى جزيرة العرب
-4-
وتحدثوا مع الحكام العرب حول ضرورة بقاء الخلافة العثمانية لحماية عزة ووقار الأمة المسلمة . وبعد ذلك قاموا برحلة موسعة في الدول العربية والآسيوية والأوربية يلفتون انتباه الناس الى انهاء الاحتلال الانجليزي في الهند وكان السيد الندوي أحد الأعضاء الثلاثة لوفد الخلافة الأول برئاسة السيد محمد علي جوهر ورئيسا للوفود فما بعد .
مساهماته في اخراج السيرة النبوية :
وكان مع هذه المشاركات الفعالة في الحركات الوطنية والسياسية ، يتجه الى التدريس والبحوث والدراسات التحقيقية في العلوم الشرعية والتاريخ والأدب والفلسفة وما الى ذلك. ومنذ الثلاثينات من القرن العشرين،انقطع الى العلم والبحث من جديد وابتعد بنفسه عن الحركات الوطنية والسياسية.وكان العلامة شبلي خطّط مشروعا لاعداد موسوعة كبيرة في السيرة النبوية  ورتّب المواد وهيّئ المصادر والمراجع اللازمة لذلك وفعلا قام باعداد مجلّدين منها ووافته المنية قبل استيفاء هذا المشروع( في 1914 الميلادية ).وفي آخر أيامه حين كان رهين الفراش في مرض موته كان أوصى تلميذه السيد سليمان الندوي باكمال هذه المهمة الجليلة . فقام الشيخ الندوي باخراج هذين المجلدين وترتيب المجلدات المتبقية ونشرها على ما خططه  شيخه خير قيام .
موقف حاسم أمام تحديات الغرب:
ينبغي ان لا ننسى هنا بأن العلامة شبلي وتلميذه الشيخ الندوي من رواد الحركة الفكرية في الهند ،حيث قاما بدراسة العلوم والشخصيات الاسلامية حسب المنهج الفكري الحديث وتصديا لمواجهة الشبهات والاتهامات التي وجهت الى الاسلام من العلماء والمفكرين الغربيين وكان اعداد موسوعة السيرة النبوية وغيرها من الكتب والدراسات خير مثال لاثبات جدارة الاسلام ومنهجه لمسايرة متطلبات الأمم في كل عصر ومصر.نرى في ضمن هذه المجلدات الضخمة اهتمامهما بالقرآن الكريم وعلومه حيث بذلا جهودا جبارة لكشف الأغطية المزيفة عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم واثبات نظام الوحي وضرورته بالأدلة العلمية والمقدمات العقلية والمنطقية .
-5-
مؤلفاته:
كان الشيخ سليمان الندوي كاتبا مطبوعا وموهوبا بقلم سيال في الأردية كتب مئات من الصفحات منذ ان كان طالبا واستمرّ في نضاله القلمي الى آخر لحظاته ، وانتاجاته الفكرية خير مثال للعبارات الأدبية في أردو مع ما كان له من باع طويل في العربية والفارسية والمام ملحوظ في الانجليزية وغيرها . كان يكتب الأشعار في الأردية والعربية والفارسية ويستفيد من أمهات الكتب والمراجع في اللغات الأجنبية .
ومن خصائص كتبه ان جميعها تتحيز مكانا خاصا وفريدا في موضوعاته . انه – كما أشرنا آنفا – قام باخراج السيرة النبوية في سبع مجلدات بعد ان جمع ورتب  شيخه شبلي جزئين منها وفاه الأجل وقام الشيخ الندوي بتكميله بنفسه . ان هذا الكتاب يعد موسوعة في السيرة النبوية قلما يوجد له مثيل في أي لغة أخرى حتى الآن.
وللسيد الندوي كتاب آخر في السيرة وهو مجموعة محاضراته التي ألقاها في مدينة " مدراس" في العشرينات نشر في مختلف اللغات وهو مطبوع ومتداول في العربية باسم "الرسالة المحمدية" .
سيرة عائشة:  وكذلك كتابه في سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها أيضا أقبل عليه الناس بشوق وشغف لما يحتويه من دراسة تحقيقية لبعض المسائل المتنازع فيها في شخصيتها وموقف الاسلام من النساء وغيرها.
وكتابه ملاحة العرب ترجم الى لغة مليالم قبل أكثر من 30 سنة بيد المؤرخ المليباري المعروف ك.ك.محمد عبدالكريم وكذلك كتابه صلات العرب مع الهند أيضايستحق كل الاهتماممن جانب الدارسين والباحثين وعامة الناس. وقام هذا الأحقر بترجمته الى ملايالم وتم نشره في العام المنصرم.
وله كتاب في حياة الحكيم والشاعرعمر الخيام باسم" الخيام" يعدّ هذا الكتاب مرجعا هاما في الموضوع وحظي بقبول واسع في الأوساط العلمية والأدبية .
وأعدّ في سيرة شيخه ومرشده العلامة شبلي النعماني كتابا ضخما باسم حياة شبلي،اضافة الى  عدة كتب أخر في ذكريات أسلافه ورفاقه وكتاب نقوش سليمان وغيره.
-6-
خدماته القرآنية :
واذا حاولنا أن نستعرض خدمات السيد سليمان الندوي القرآنية بوجه خاص نجد اضافة الى ما نراه في موسوعة سيرته النبوية ، أنه استقل بعمل جليل في الموضوعات القرآنية ويجدر بالذكر هنا بهذا الصدد كتابه الشهير " أرض القرآن " .
كتاب أرض القرآن
الميزة الكبرى التي تمتاز بها كتب السيد الندوي هي أسلوبه في البحث والتحقيق معتمدا على جميع المراجع والمصادر التي تمكّن له ان يصل اليها في عصره بغير تفرقة بين القديم والحديث او بين العربي والعجمي وكذلك تحليله العلمي للمواد التي بين أيديه .
وهذا الكتاب ليس كما يبدو من اسمه يتناول البحث في الأراضي التي ذكرت في القرآن فحسب ، بل هو كتاب شامل في مجلدين يبحث عن القبائل والأمم والأقوام والأمكنة واللغات والكتب السماوية الأخرى يتوسع في الموضوع ويتعمق في قعره حينما يبحث عن كل شيئ . يقول عن هدفه خلال تأليف هذا الكتاب : "ان قصدي من ترتيب هذا الكتاب ان أثبت صداقة القرآن الكريم وبطلان مخالفيه في منهج يجمع الطرق القديمة والحديثة".أوّلا، يتحدث عن المصادر التي اعتمد عليها في جمع وترتيب هذا الكتاب. انه لم يكتف بالرجوع الى المراجع العربية او الاسلامية فقط ،بل اعتمد على علم الأنساب والروايات القبلية والأشعار الجاهلية والطوطمية والآداب اليهودية واليونانية والرومية وكذلك الاكتشافات الأثرية من العربية والأوربية وكل ذلك يزيد من قيمة الكتاب وأهميته .
والكتاب يبدأ من البحث في جغرافية العرب وكيف كانت واردة في التوراة والانجيل وكيف ذلك في الروايات اليونانية والرومية ثم يعرض أخبار بني سام ومبدأهم ومسكنهم الأول وكذلك يتحدّث عن قوم عاد وقبائلهم المختلفة في مختلف الأوطان وعن ثمود وجرهم وسبا وعن حمير وعن تبع واصحاب الأخدود وأصحاب الفيل كل ذلك مستوعبا جميع النواحي التي تتعلق بالموضوع.
والمجلد الثاني للكتاب يبدأ من بني ابراهيم وفيه يشرح تاريخ "مدين" وما تعرض لها من أدوار مختلفة وما أدى الى انقراضها ويتعرض لما ورد في القرآن عن أخبار شعيب عليه السلام

-7-
وتفسير الآية المتصلة بقوم مدين ثم يورد قصة أصحاب الأيكة وما ثبت عند المؤرخين في حقهم ويقوم بالقاء الضوء على بني سارة وبني هاجرة وعن بني اسماعيل وكذلك يتعرض على بيانات أصحاب الرس وأصحاب الحجر وآل غسان حيث يصل الى تاريخ قريش ويعرض قصتهم تفصيلا في ضوء الأخبار القديمة وفي ضوء القرآن وكيف كانت تجارة العرب قبل الاسلام وألسنة العرب قبل الاسلام وأديان العرب قبل الاسلام ومن ثم يصل الى موضوع القرآن الكريم والديانات ويتفحص كيف كانت العرب قبل الاسلام في اعتقاداتهم ودياناتهم، حتى يدخل في بحث معنى الكلمات التي وردت في القرآن مما يتعلق بالآلهة والمعبودات في الجاهلية .
وفي الجملة هذا الكتاب يحمل معلومات جمة عن أرضية القرآن وما يتصل به من البيانات مما نحتاج الى فحص عدد كثير من المراجع التاريخية والجغرافية وكتب السير حيث جمعها في كتاب واحد ، يستفيد منه الطالب والباحث بدون كثير جهد ولا معاناة .
مقالات سليمان
وللمصنف سلسلة من المقالات جُمعت في عدة مجلدات ،يناقش فيها مسائل عديدة علمية وثقافية وتارخية وأدبية وأخرى تحقيقية والجزء الثالث منها معظم مقالاتها تتعلق بالقرآن،جمعها في "مقالات سليمان" تلميذه وكاتب سيرته "حياة سليمان "  شاه معين الدين أحمد الندوي. وهذه المقالات خير مثال لاهتمام الشيخ الندوي بعلوم القرآن . وفي القسم الأول منها بعنوان علوم القرآن يرتب فيه الأبواب الآتية :
المسائل المتعلقة بالقرآن
العلوم المتعلقة بالقرآن
جوامع علوم القرآن
رسوم القرآن
تجويد القرآن
قراآت القرآن
علل القرآن

-8-
معرفة الوقف والابتداء
مفردات القرآن
غريب القرآن
مصادر القرآن
الواحد والتثنية والجمع في القرآن
معربات القرآن
الوجوه والنظائر في القرآن
اعراب القرآن
معاني القرآن
اعجاز القرآن
مجاز القرآن
تشبيه القرآن
أمثال القرآن
أمثلة القرآن
بدائع القرآن
هجاء القرآن
النقط والشكل في القرآن
أجزاء القرآن
-9-
مقطوع القرآن وموصوله
عدد آي القرآن، أحكام القرآن
وبعد ذلك يستعرض أسماء القرآن ومكررات القرآن وفيه بحث مستفيض حول أرض الحرم في القرآن وقسم آخر للبحث عن القرآن والفلسفة الجديدة  وأيضا قسم مسئلة الارتقاء والقرآن ونرى في هذه المقالات يبذل جهده لاثبات قطعية القرآن واستحقاقه للتصدي امام اي تحديات علمية او تاريخية تتوجه اليه .
مفردات القرآن :
هناك للشيخ الندوي خدمات كبيرة في مجال القرآن تحت عنوان مفردات القرآن قام باعدادها في الأردية وقد قام الأستاذ محمد فرمان الندوي أستاذ دار العلوم ندوة العلماء بترجمتها الى العربية وتم نشرها في أقساط متتالية لمدة طويلة في مجلة البعث الاسلامي الصادرة من مؤسسة الصحافة والنشر التابعة لدار العلوم بندوة العلماء في أكثر من 50 حلقة .
انتهج المؤلف في هذا التأليف ببيان وشرح الكلمات المفردة والمركبة شرحا لغويا وأدبيا يستمد في ذلك من الأدب الجاهلي والبيانات القرآنية في مناسبات مختلفة . مثلا اذ يتعرض لكلمة أساطير ، يشرح معاني مختلفة للكلمة ويورد الآيات القرآنية التي وردت فيها هذه الكلمة وكذلك كلمة خليفة وكلمة القرآن والفرقان ايضا يشرحهما شرحا وافيا . ونجد المؤلف يشرح كلمة الحسد والرفث حيث وردت في حلقة مستقلة لمجلة البعث الاسلامي في خمس صفحات وهكذا لم يترك مفردة وردت في القرآن الا استعرضها عرضا مبسطا لا يرجى فوقه شرح او تعليق . وهذا البحث خير دليل على طول باعه ووفرة بضاعته في اللغة العربية .
تفسير القرآن بالقرآن :
وكذلك قام الأستاذ السيد الندوي بالقاء دروس منظمة في جامع دار المصنفين– أكادمية شبلي- بأعظم كره ، وهذه الدروس ايضا تم جمعها وترتيبها من قبل تلاميذه كما صرح به مترجمه الى العربية فرمان الندوي في مجلة البعث الاسلامي العدد الأول من المجلد التاسع والخمسين(2013 ) فيما نصه:
-10-
"انالعلامة السيد سليمان الندويكان يلقي دروس القرآن في جامع دار المصنفين ( أكادمية شبلي النعماني) بأعظم جره، الهند . وقد نهل من هذه الدروس وعلّ المفسر الكبير صاحب التفسير القيّم الشيخ محمد أويس النجرامي فقيد بعض افاداته العلمية بقلمه بالأردية ، ومنها تفسير سورة الفاتحة هذا الذي نقدمه أمام القراء بالعربية ، ويسعدنا ان نبدأ من هذه الحلقة سلسلة تفسير القرآن للعلامة ، الذي اهتم به في نسخته الخاصة للقرآن،فكلما حضرته نكتة او شرح وتفسير للقرآن الكريم اثناء تلاوة القرآن كتبها على جانب الصفحة،بذلك صارت نسخته تفسيرا للقرآن الكريم ."
يبدو من هذه الكلمات انه مجرد ملاحظات او بيانات بسيطة حول بعض المعاني الدقيقة ، لكن اذا ألقينا النظر في التفاصيل نرى أن الشيخ الندوي قام بربط بعض الآيات مع بعض وشرح الخلفيات والمناسبات عن طريق تفسير القرآن بالقرآن نفسه . مثلا ، حينما يتعرض لتفسير سورة النساء يقول : سورة النساء تتحدث عن حقوق العباد واطاعة القانون الالهي : يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة : فيورد هنا آية رقم 21 من سورة الروم " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها .......
ويفسر آية "وان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ...... " يأتي بآية رقم 135 من سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ...... "
وفي شرح آية وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح ..... يأتي بآية  رقم 34 من سورة الاسراء وآية رقم 153 من سورة الأنعام وهكذا ........
نهاية المطاف: وهكذا نرى خدمات الشيخ السيد سليمان الندوي للقرآن الكريم وعلومه تفُوق خدماتِه في المجالات الأخرى ونرى أن ايمانه القوي ويقينه الصادق بصدق كتاب الله وبتفوق وخلود الرسالة المحمدية كان الباعثَ الحقيقي وراء جميع جهوده العلمية والفكرية . ولا يشك أحد له بصيرة بخدمات ومساهمات العلماء الهنود في موضوع التفسير وعلوم القرآن ان مكانة السيد سليمان الندوي رحمه الله في طليعة العلماء الذين كرّسوا حياتهم بخدماتهم الجليلة  في دراسة واستيعاب العلوم القرآنية . جزاهم الله عنا وعن الاسلام خير الجزاء وشكر الله سعيهم وجعل الجنة مثوانا ومثواهم . والحمد لله ربّ العالمين .
****************
-11-

المراجع
-        حياة سليمان ، للسيد شاه معين الدين الندوي ، دار المصنفين أعظم جره  
-        أرض القرآن الجزء الأول والثاني ، للسيد سليمان الندوي ، دار المصنفين أعظم جره
-        مقالات سليمان ،الجزء الثالث ،للسيد سليمان الندوي ، دار المصنفين أعظم جره
-        صلات العرب مع الهند ، للسيد سليمان الندوي ، دار المصنفين أعظم جره
-        مجلة البعث الاسلامي الصادرة من دار العلوم لندوة العلماء – الأعداد المختلفة الصادرة في 2011/2012/ 2013/2014 /2015
*********************************


مواضيع ذات صلة
الأدب العربي الهندي, الأعلام،, القرأن,

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. مقالة قيمة جزى الله الكاتب خيراً ورحم الله السيد سليمان الندوي وغفر له فقد كان عالماً محققاً.
    هل يمكن تزويدي ببريد الأستاذ أبو بكر الصديق الفيضي الندوي من أجل التواصل العلمي حول بعض مؤلفات الشيخ سليمان الندوي؟
    على بريدي هذا
    amshehri@gmail.com

    ردحذف

أكتُبْ تعليقا