ادعمنا بالإعجاب

العلاقات التجارية البحرية بين العرب و ولاية تامل نادو


                                           الدكتور.ك.م.ع.أحمد زبير

   الهند وطن عظيم تقع في جنوب آسيا ولها ثقافة قديمة و تقاليد محكمة وعلاقات وثيقة مع بلدان العالم. فالهند كانت تنشر ثقافتها وتقاليدها و علومها. وهي كانت مركز شتى منذ زمن قديم حتى قبل الميلاد. بسبب وجودها في وسط العالم وبسبب وجودها على المحيط الهندي وبسبب وقوعها في بحيرة العرب وخليج بنغال و السفن التي تجري وتمر بالبضائع إلى الشرق والشرق الأقصى ترسى مرساتها على سواحل الهند الغربية والشرقية والسفن التي تمرُّ من الشرق إلى الغرب وإلى البلدان العربية ترسى مرساتها في شاطيء الهند شرقا وغربا. فكان وطننا الهند مركزا للرحلات البحرية والسفن تجري بالبضائع التجارية.
العلاقة بين الهند  الدول العربية قديمة وعريقة منذ فجر التاريخ. ويُروي أنه لـمّا أُخرج آدم عليه السلام من الجنة أُهبط بسرنديب (سيلان) من أرض الهند. وكانت القوافل التجارية إلى المناطق الساحلية في جنوب الهند بين الهند والدول العربية وتعرّف العرب على المدن الرئيسية الكائنة تقع على الساحل الطويل مثل كليكوتى (Kallikottai) ومسيري (Musri) وطوندي (Thondi) و كوشي (Kochi) و كولم (Kollam) و كايل (Kayal) وناغاباتنم (Nagapattinam) ومسولي باتنم (Masulipattinam)  وجيانغرم (Vijayanagaram). وبفضل  هذا الاحتكاك التجاري تأثرت الحياة الهندية اجتماعيا وحضارة وثثافة ولغة حتى وصلت اللغة العربية إلى الهندية الجنوبية عموما وبخاصة في ولاية تامل نادو قبل مجيئ الإسلام بقرون.
وكانت العلاقة الأخوية والصلة الودية بين العرب وأهل تامل نادو وثيقة منذ زمن بعيد جدا حتى قبل المسيح عليه السلام .وإن جمالها وجمال مناظرها الطبيعية أُعجب العرب إعجابا كبيرا. وكانوا يجبلون النتاجات تامل نادو لا سيما الفلفل الزنجبيل الفرنفل العود والمسك واللؤلؤ والياقوت والمرجان. إلى بلاد بعيدة. مثل اليمن والشام وتزوجوا بنساء تامل نادو و توطن بعضهم في المناطق الساحلية. وامتزجت ثقافتهم وحضارتهم بتقاليد تامل نادو وعاداتـها. حتى صارت جزءاً لا يستهان به في ثقافتهم . ولاية تامل نادو أول ولاية وطأتها أقدام العرب. وتشرفت بدخول الإسلام لقد دخل الإسلام ولاية تامل نادو في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. إن السكان والحكام استقبلوا العرب استقبالا حاراً  و صاروا يعتنقون الإسلام ويفتخرون به. لقد  أثرت اللغة العربية في مواطني تامل نادو تأثيراً عميقا واسع النطاق كما أثرت في لغات أخرى من لغات الهند. توغلت اللغة العربية في تامل نادو و ترعرعت في تربيتها الخصبة. إن العلاقة بين أهل تامل نادو و تجار العرب فتحت آفاقا جديدة لتبادل الأفكار والخواطر وتفاهم الثقافات واللغات. اعتبرت اللغة العربية قبل قدوم الإسلام لغة تجارية بين الشعبين و نالت قبولا حسناً. نعرف من "منحة سرنديب في مولد الحبيب" للسيد محمد الإمام العروس عن زيارات العرب لتامل نادوا وسرنديب في العصر الجاهلي. وهذه الزيارات لغرض التجارة مع أهل تامل نادو. شعبا الولاية والعرب مشهوران بالتجارة على مستوي عالمي.
يقول المفكر الاسلامي والأديب العربي سماحة الشيخ السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله : "من مظاهر تأثير المسلمين في ثقافة الهند و حضارتها تأثير اللغة العربية. التي تخصهم والتي حملوها إلى هذه البلاد في لغات الهند ولهجاتها وأدبها وحضارتها …… وللمسلمين في جنوب الهند – مدراس وكيرلا وبلاد مليبار. نشاط كبير في نشر التعليم الديني والمدني وتاسيس المدراس الدينية العربية والكليات الإسلامية.(1)
تحولت الصلة بين العرب والهند من الناحية التجارية إلى الناحية الدينة الإسلامية ولقد حضر الدعاة المسلمون العرب لنشر دعوة هذا الدين الجديد فوجدوا الترحيب وبنيت المساجد ولم يكن هنالك أي اعتراض لا من جانب الحومة ولا من الناس ولم يكن هنالك نزاع ولا قتال.(2)
     الهند أمة عريقة و لها حضارة أصلية و هي منبع العلم و أساس الحكمة و كان العرب قد عرفوا الهند منذ قديم الزمن ، و ارتبطوا مع أهلها بعلاقات تجارية. و قد ازداد ارتباط العرب بالهنود نتيجة لوجود أعداد كبيرة منهم في الديار العربية ، حيث كانوا يقومون عموما بين أهل القرى و المدن، و كانوا يعملون معهم و يشاركونهم في حياتهم التجارية. كما كان بعضهم يعيش علي سواحل الخليج العربي معتمدا في طعامه على الرعي.
و كان النبي صلى الله  عليه و سلم  يوصي أصحابه الذين يبعثهم إلي الأماكن المختلفة ليعلموا الناس مشرائع إسلام بما يلي :" يسَروا و لا تعسروا.و بشَروا و لا تنفروا " و سطع نور الإسلام في سماء سواحل المناطق الهندية الجنوبية الشرقية كلها. و وصل صوته إلي أسماع جميع الناس. و ننتقل إلي المناطق الهندية الشمالية البرية و موقفها من الدعوة الإسلامية.
      تشبع دعاة المسلي العرب والهنود بروح الإسلام بذل جهود فعالة في سبيل الإسلام . وبدات هذة الجهود في ولابة تامل نادو قبل الفتح الإيلاي الأول الذي قام به محمد بن القاسم الثقافي في نخو عام 91من الهجرة النبوية في شمال القارة الهندية دخل الإسلام من سواحل الهند الشرقية الواقعة في المحيط الهندي ومن سواحل الهند الغربية الواقعة في بحر العرب.
جاء في العهد القديم  أن الإسرائيلين كانوا يتجرون مع الهند في عهد داود عليه  السلام . وكانت السفن التجارية في تلك الايام تصل مرة في كل ثلاث سنوات ميناء ’اوفير ’ باسواحل المليبارية . وهو الميناء المعروف باسم ( Beypore ) الواقع على بعد سبعة أميال من مدينة كاليكوت مطلا على البحر العربي . وتبعهم اليونان و الرومان في التجارات البحرية مع الهند . ثم لما تأسست مدينة حضرموت في السواحل الجنوبية للجزيرة العربية أصبح العرب همزة وصل في التجارة بين الهند والبلدان الأخري . وكانت البواخر المشحونة بالفلفل و البهارات والهيل والعاج تتجه من السواحل الهندية وتعبر أولا الخليج الفارسي حتى تصل إلى هرمز ، فيباع هناك جزء من هذه المصدرات ، ومن ثم تتجه نحو البصرة إلى أرمينية وبلاد الشام ، كما تنقل منها هذه الثروات إلى مناطق بيروت ومنها إلى إيطاليا و إلى نواحي البلاد الأوروبية ، وفى  بعض الأحيان كان يأتي تجار هذة البلاد إلى البندقية ويحملونها إلى بلادهم.(3)
لقد وصل الملاحون العرب إلى الصين والهند في عصرها قبل الاسلام واستمر هذا التفوق في العصور الاسلامية ، وكان الحرير السلعة الصينية الرئيسية في تجارة الصين مع العالم الغربى ، كما كانت التوابل والأفاوية و العنبر السلع الرئيسية في تجارة الهند وجنوب شرق آسيا فكان الحرير و التوابل تنقل من الصين إلى المشرق الإسلامى مرورا بالخليج العربى ومن هناك إلى الغرب الأوربي.
وهذا الطريق الجرى إلى الهند والصين والذى كان يسلكه التجار العرب والسير افيون ذهابا و إيابا ، عند نقلهم للحلرير التوابل وسائر السلع من الشرق الأقصى ، كان همزة الوصل بين عالمين مختلفين ، عالم الشرق و عالم الغرب . ومن المسلم به أن النواخذة العرب تمرسوا في سلوك هذا الطريق البحرى وأصبحوا سادته والعارفين بكل أسراره وتوصلوا إلى التعرف على مواطن الضعف به، ومواسم مدة وجزره وأوقات هبوب الرياح والعواصف وأفادوا من ذلك كل الفائدة وخصصوا في جزره محطات ومراسى للتموين والاستراحة .
كان للعرب  صلات و علاقات تجارية مع الهند قبل الإسلام وكانت سفن تجار العرب في الجاهلية تصل إلى بحر السند وشواطئ مالبار وتعود محملة بالأقمشة والحرير والتوابل السيوف الهندية التي طالما تغنوا بها في أشعارهم وأولعوا بها حتى سموا السيف المطبوع من حديد الهند ، بالمهند وقالوا : سيف مهند وهندى وهندوانى إذا عمل ببلاد الهند وسموا كثيرا من نسائهم هندا. .(4)
وبعد الاسلام بدأ المسلمون يتوافدون على سواحل الهند في عهد الخلفاء الراشدين وفتحوا ثغورا عديدة في الهند أهمها مكران وخور الديبل.(5)
وكانت لقبيلة حمير نشاط ملاحى كبير في منتصف القرن الاول الميلادى، وكان الساحل اليمنى مزدحما بأصحاب السفن الملاحين العرب وهم دائبون على أعمالها التجاري مع تويجازا (في الهند) وكانت الصملات التجارية  بين هذا الميناء والهند وثقية.(6)
ويحاول البحث تأصيل الكلمات الهندية الدخلية في كتب الملاحة البحرية في الخليج مثل : فلفل وصندل وناخوذا و عنبر وغير ها من أدوات الملاحة التى دخلت العربية بفعل العلاقات التجارية العربية الهندية .
وذكر الشهر ستانى في مقدمة كتابه "الملل الونحل " "ان العرب الهنود يتقاربان على مذهب واحد ، وأكثر ميلهم إلى تقرير خواص الاشياء والحكم بأحكام الماهيات والحقائق ، واستعمال الامور الروحانية.(7)
كان المحيط الهند مركزا لنشاطات تجاربة متعددة الجهات والنو احي واللتبادل الثقافي. إنه موقع لتفاعل الحضارات الاربع : الحضارة الصينية. الحضارة العربية الفارسية وحضارة جنوب شرق آسيا والحضارة الهندية والحضارة الصينية. بينما انضم الاوروبيون في وقت لاحق إلى هذا. التجار الحضاري . كان اليونانيون والعرب والفرس وسكان اسيا الجنوبية ورادا خلال الالفية الاولى قبل الميلاد ، حيث بدءوا يدمجون الاعمال التجاربة في الشرق الاوسط وجنوب اسيا وجنوب شرق اسيا.
تشهد علاقات بين الهند والعالم العربي تميزت إلى العلاقات باتواصل الحضاري وعلى المستويات كافة منذ الألف الأول قبل الميلاد . والاكتشافات الأثرية في مدينة هاريا بحوض السند وكذلك مدينة اور العراقية خير دليل على ذلك . وتنامت هذه العلاقات عبر مراحل متعددة من التاريخ وخلفت وراءها تراثا غنيا  حافلا بالمعرفة والأدب والعلوم و غيرها
ولعل خير مثال على ذلك قول الشاعر عنترة شداد شعره :
ولقد ذكرتك والرماح  نواهل
سيوف الهند تقطر من دمي
وقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة :
ليت هندا "انجزتنا ماتعد
وشفت انفسنا بما تجد
واستبدت مرة واحدة
إنما العاجز من لايستبد
   يذكر بعض المصادر الهندية باللغة الفارسية أنه في السنة العشرين و النيّف من الهجرة ركب جماعة من المسلمين العرب و العجم على سفينة من بعض موانئ بلاد العرب و اتجهوا إلى سرنديب (سيلان) لزيارة قدم آدم عليه السلام لكن الهواء سار بسفينتهم إلى مليبار ، و كان ملكها "السامري" جامعاً للعقل و فضائل الأخلاق و كان قد صحب جماعة من الفقراء الزهاد فتجاذب معهم أطراف الحديث حتى سألهم عن دينهم ، فقالوا إننا ندين بدين الإسلام، و نؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فقال "السامري" إني سمعت طائفة من اليهود و النصارى و الهنود ممن يعارضون دينكم و يسيحون في الأرض أن دينكم قد نال رواجاً عاما و قبولا سريعا في بلاد العرب و الترك و العجم و لكني لم أصحب حتى الآن المسلمين.  فأرجو منكم أن تذكروا لي من حياة ذلك النبي العظيم صلى الله عليه وسلم و ما جاء به من الآيات و المعجزات فقام أحدهم ممن كان يتحلى بالعلم و الصلاح و بدأ الحديث مع الملك و ذكر شيئاً من حياته و معجزاته صلى الله عليه وسلم فنشأ في قلبه حب قوي تجاه النبي صلى الله عليه وسلم.  و لما سمع بآية انشقاق القمر قال يا قوم هذه آية قوية فإن كانت حقا و صدقا و ليست من السحر فلا شك أن الناس جميعاً من البلدان القريبة و البعيدة شاهدوها.  و من العادة في بلادنا أنه إذا حدث أمر غريب سجّله الكتاب في دفاترهم.  و عندي دفاتر و كتب لآبائي فاستحضرها حتى أعرف مدى صدق مقالكم، فلما تصفحوها وجدوا أنه شوهد في يوم كذا و كذا أن القمر انشق ثم انضم، فلم يلبث إلا أنه شهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله.(8)
إن الهند التي تعرف في العالم كبلد العجائب والغرائب.  لقد كان للهند و العرب صلات ثقافية و حضارية متبادلة في الفترة الإسلامية.  و لأن الثقافة حقل تتلاقح فيه الأفكار والآراء.  و تنضج بالعطاء المتبادل.  فكما أثر العرب في الثقافة العربية أيضا. كان النبي صلى الله عليه وسلم و الصحابة يعرفون أهل الهند بهَيئتهم و أجسامهم و في جامع الترمذي في أبواب الأمثال عن عبد الله بن مسعود أنه قال: قال صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم العشاء ثم انصرف فأخذ بيد عبد الله بن مسعود حتى خرج به إلى بطْحاءِ مكة فأجلسه ثم خط عليه خطّا ثم قال : لا تبرحن خطك فإنه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لن يكلموك ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد فبينما أنا جالس في خطي إذ أتاني رجال كأنهم الزط أشعارهم و أجسامهم لا أرى عورة و لا أرى قشرا و ينتهون إلى و لا يجاوزون الخط ثم يصدرون إلى رسول الله عليه وسلم.
       يقول المؤرخون إن جنوب الهند كان لها اتصال وثيق بالبلاد العربية منذ أقدم العصور بفضل موانئها فلا غرو إذا كان للمناطق الساحلية شرف السبق للتعرف على الإسلام و اعتناقه حتى قبل أن يغزو المسلمون من الهند.  كانت الاتصالات بين الهند و العرب تشتمل على ثلاثة مظاهر.  العلاقات الدينية و العلاقات التجارية و العلاقات الثقافية.
   "كانت لولاية تامل نادو و جزيرة سرنديب علاقة عميقة مع العالم العربي في الأيام القديمة و كانت هذه العلاقة مقتصرة على النشاط التجاري".(9)  و كانت هذه الولاية مركزا للغة العربية و العلوم الإسلامية وقد قدم علماءها خدمات علمية و أدبية و ثقافية ولقد ألف مؤلفوا هذه الديار كتبا عديدة و متنوعة في العلوم و الفنون المختلفة.
العلاقة بين الهند  الدول العربية قديمة وعريقة منذ فجر التاريخ. ويُروي أنه لـمّا أُخرج آدم عليه السلام من الجنة أُهبط بسرنديب (سيلان) من أرض الهند.
وكانت القوافل التجارية إلى المناطق الساحلية في جنوب الهند بين الهند والدول العربية وتعرّف العرب على المدن الرئيسية الكائنة تقع على الساحل الطويل مثل كليكوتى (Kallikottai) ومسيري (Musri) وطوندي (Thondi) و كوشي (Kochi) و كولم (Kollam) و كايل (Kayal) وناغاباتنم (Nagapattinam) ومسولي باتنم (Masulipattinam) و جيانغرم (Vijayanagaram). وبفضل  هذا الاحتكاك التجاري تأثرت الحياة الهندية اجتماعا وحضارة وثثافة ولغة حتى وصلت اللغة العربية إلى الهندية الجنوبية عموما وبخاصة في ولاية تامل نادو قبل مجيئ الإسلام بقرون.
  ولاية تامل نادو أول ولاية وطأتها أقدام العرب. وتشرفت بدخول الإسلام إن الإسلام دخل في ولاية تامل نادو في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. إن السكان والحكام استقبلوا العرب استقبالا حاراً  و جعلوا يعتنقون الإسلام ويفتخرون به إن اللغة العربية أثرت في مواطني تامل نادو تأثيراً عميقا واسع النطاق كما أثرت في لغات أخرى من لغات الهند. توغلت اللغة العربية في تامل نادو و ترعرعت في تربيتها الخصبة. إن العلاقة بين أهل تامل نادو و تجار العرب فتحت آفاقا جديدة لتبادل الأفكار والخواطر وتفاهم الثقافات واللغات. اعتبرت اللغة العربية قبل قدوم الإسلام لغة تجارية بين الشعبين و نالت قبولا حسناً.
إن العلاقات الحضارية بين الهند والعرب قديمة جدا ويرجع تاريخها إلى ما قبل التاريخ وظلت هذه العلاقات باقية على مر التاريخ. ثم إنها توثقت بعد ظهور الإسلام وازداد هذا التمازج  الحضاري في مجالات شتى. وقد تعرف المسلمون بالهند منذ الدولة الأموية بصورة خاصة وزادت معرفتهم على مر الزمان واتصلت الثقافة الهندية بالحضارة الإسلامية. (10)
ودخل الإسلام إلى أرض الهند أولا من المناظق الساحلية الجنوبية ثم بعد زمن طويل في المناطق البرية الشمالية عن طريق الفتوحات الإسلامية الناجحة.بدأ ظهور الإسلام أولا في القرى والمدن الساحلية لولاية تامل نادو ثم انتشر الإسلام من الأماكن الساحلية إلى الأماكن غير الساحلية في هذه الولاية. وبنى المسلمون في تامل نادو المساجد والمدارس والمعاهد الإسلامية في أماكنهم.
وبما أنه كانت اتصالات العرب مع جنوب الهند قوية حتى قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان التجار العرب والهنود يتبادلون المنتوجات والمصنوعات فيما بينهم امتدت هذه الأحوال إلى استيطان العرب في الأماكن الساحلية المليبارية والتاملية أي مناطق " مليبار"ومناطق " معبر ".(11)
ولاية تامل نادو هي إحدى الولايات الشهيرة التاريخية الواقعة في جنوب الهند. تقع تامل نادو في أقصى جنوب الهند و مساحتها 133038 كيلومتر مربع ويحدها شرقا خليج "البنغال" وغربا ولاية "كيرلا" وشمالا ولايتا "آندهرا براديش" و "كرناتكا" وجنوبا بلاد "سريلانكا" والمحيط الهندي. إن التاريخ يشهد صريحا كل الصراحة على الروابط والعلاقات وثيقة بين العرب والهنود منذ أقدم العصور. لقد كانت هناك روابط وعلاقات شتى بين العرب والهند منذ أقدم العصور حتى عصر النبي صلى الله عليه وسلم في التجارة و المعيشة و الديانة.
وقد عرف العرب اللأيام التي تهب فيها الرياح الموسمية وحددوا الاوقات الملائمة لسير السفن في المحيط الهندي. أما الرحلة إلى الهند فكانت ممكنة طوال العام من الساحل العربى ، ولذلك كانت الرحلات العربية إلى الهند كثيرة حيث كان يمكن القيام برحلتين أو أكثر ذهابا من عمان والخليج خلال موسم واحد. وكانت السفن العربية تقوم برحلات عند هدوء الرياح الموسمية الجنوبية الغربية حيث تصل إلى سواحل الهند خلال أسبوعين تقريبا . وكانت رحلة النهاب والإياب مع التوقف للتبادل التجارى تستغرق ثلاثة أشهر . وكان على المراكب العربية أن تغادر ساحل كجرات (Gujarat ) وكونكان (Konkan ) في نهاية زيارتها قبل أواخر يونيه وهو الوقت الذى تبلغ فيه الرياح الموسميت الجنوبية ـ الغربية أقصى حدتها . وفي الأحوال العادية أن يتسع الوقت أمامها لتغادر قبل ذلك بوقت طويل أى في مارس وأبريل. هذا عن السفن الكبيرة ، أما السفن الصغيرة فكانت تتخذ أحيانا طريقا ساحليا من الخليج ، حيث تتوقف في قيس أو هرمز القديمة أو صحار أو تيز في مكران أو في أحد موانئ السند، ومنها مساحلة إلى عدن الملبار كانت هذه السفن تبحر إما عن المضيق من سرنديب وجنوب الهند إلى خليج البنغال و إماتسير إلى سرنديب .
وتبدأ الرياح الموسمية الجنوبية الغربية مبكرة في المنطقة الجنوبية وتستمر لفترة من الوقت ، ولذا فساحل الملبار يعتبر من المناطق الخطرة منذ مايو حتى نهاية سبتمبر، وهذا يعنى أن موسم الرحلات البحرية في الملبار نفسها لا يتعدى سبعة أشهر أو ثمانية على حين أنه يمتد إلى عشرة أشهر على ساحل كجرات . وفي هذا خطر على السفن الملبارية أكثر منه على السفن العربية إذ لابد من عودة السفن الهندية إلى مواطنها قبل شهر مايو في الوقت الذى تكون فيه السفن العربية قد خرجت من مياه الملبار . وبالتالى فإن هذا يعطى ميزة للسفن القادمة من الموانئ العربية لأن موسم رحلاتها البحرية أطول . وهذا يؤيد الاعتقاد القائل إن العرب الذين لاتوجد أخشاب لديهم استطاعوا أن يتغلبوا على الطرق التجارية في المحيط الهندي.(15)
إن التجار الهنود قد عرفوا الطرق البحرية التي تصل بين الهند و مصر
و بدأت هذه الصلة منذ 23 سنة قبل ميلاد المسيح حيث أبحروا التجار الهنود مباشرة إلى مواني الصومال حتى وصلوا مصر.  كانت الطرق البحرية لجنوب الهند و معلوماتها معروفة لدى العرب فقط حتى القرن الأول قبل الميلاد.
تتجلى لنا هذه الحقيقة فيما نجد من اللوحات التي اكتشفت في بعض المساجد الساحلية التي تحمل تاريخ القرن الأول للهجرة.  و هؤلاء العرب المستوطنون عندما علموا ببعثة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و تعليماته عن طريق تجار العرب و الوافدين رغبوا في هذا الدين الحنيف المجيد.  و هذه الاتصالات مع الهند و العرب المستوطنين والاتصالات التجارية المستمرة ساعدت في دخول الإسلام إلى جنوب الهند و سرنديب.
هناك السببان الرئيسيان لهذه التجارة و هو الأول الموقع الجغرافي المناسب لموانئ سواحل جنوب الهند و الرياح الموسمية التي تساعد في سير السفن الثاني موانئ جنوب الهند مراكز هامة للتجارة العالمية الساحلية. 
وكانت العلاقة الأخوية والصلة الودية بين العرب وأهل تامل نادو موثقة منذ زمن بعيد جدا حتى قبل المسيح .وإن جمالها ومناظرها الطبيعية أعجب بها العرب إعجابا. وكانوا يجلبون إنتاجات تامل نادو لا سيما الفلفل الزنجبيل القرنفل العود المسك اللؤلؤ الياقوت المرجان. إلى بلااد بعيدة. مثل اليمن والشام وتزوجوا بنساء تامل نادو و توطن بعضهم في المناطق الساحلية. وامتزجت ثقافتهم وحضارتهم بتقاليد تامل نادو وعاداتـها. حتى صارت جزءاً لا يستهان به .
      وكان العرب يسافرون من مدينتي مصر والشام بطريق البر يمشون على شاطي بحر الأحمر ويصلون الحجاز واليمن و يركبون السفن ويسافرون إلى أفريقيا والحبشة و بعضهم يمرون بحضرموت وعمان و البحرين والعراق عن طريق الشاطي و يصلون ايران و يرسون سفنهم في ميناء بلوجستان أو ميناء ديبل أعني كراتشي ويمرون بمواني الهند مثل غجرات وكاتهياوار و بومبائي وكاليكوت ورأس كماري و مدراس أو يصلون مدراس بطريق سرنديب وأندومان و يدخلون خليج بنغال بعد هذه الجولة.(16)
فالذين كانوا يزورون الهند الجنوبية لغرض التجارة و لغرض البيع والشراء بدءوا يزورون للدعوة والتبليغ أيضا. فالتجار من العرب أصبحوا مسلمين ومبلغين ودعاة إلى الله ورسوله وإلى تعليمات الإسلام.
يقول المؤرخ البارز يم.إي غني في جريدته "نور الحق" : أن الإسلام ظهر في ولاية تامل نادو منذ 637م . وأول بقعة من بلاد الهند استضاءت بنور الإسلام هي بلاد "مليبار" لأن التجارة كانت قائمة بين بلاد العرب المليبار منذ عهد عتيق كما ذكر صاحب تحفة المجاهدين أن سكان فلسطين كانوا يتجرون مع المليبار في عهد داؤد وسليمان عليهما السلام.وكان العرب يسافرون من مدينتي مصر والشام بطريق البر يمشون على شاطي بحر الأحمر ويصلون الحجاز واليمن و يركبون السفن ويسافرون إلى أفريقيا والحبشة و بعضهم يمرون بحضرموت وعمان و البحرين والعراق عن طريق الشاطي و يصلون ايران و يرسون سفنهم في ميناء بلوجستان أو ميناء ديبل أعني كراتشي ويمرون بمواني الهند مثل غجرات وكاتهياوار و بومبائي وكاليكوت ورأس كماري (CAPECOMERIN) و مدراس أو يصلون مدراس بطريق سرنديب وأندومان و يدخلون خليج بنغال بعد هذه الجولة.


(1)  الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي ، المسلمون في الهند، ص: 64 و 130
(2) جوهرلال نهرو ، اكتشاف الهند، ص : 299
(3) المقال بعنوان "جذور العلاقات الهندية العربية " للدكتور جمال الدين الفاروقي من مجلة "كيرلا" العدد:1، 2010م، ص:8
(4    ابن منظور ، لسان العرب ، مادة هند (دار المعارف)
(5) أحمد أمين ، ضحى الإسلام ، الجزء الأول ، ص: 299
(6) جورج فضلو حوراني، العرب والملاحة في المحيط الهندي في العصور القديمة وأوائل العصور الوسطى، ترجمة السيد يعقوب بكر، مكتبة الانجلوا المصرية ، القاهرة ، 1958م، ص: 3و4
(7) المقال بعنوان : " الملاحة البحرية بين الخليج العربي وبلاد الهند والصين، للدكتور جلال السعيد الحفناوي، ثقافة الهند، المجلد :59، العدد : 3، 2008م.
(8)    المقال بعنوان  "التبادل الثقافي بين الهند والعرب" من مجلة "ثقافة الهند" المجلد : 41، العدد: 3، ص: 149
(9       الدكتور تكية شعيب عالم ، العربية والأروية والفارسية في سرنديب وتامل نادو، (مقدمة الكتاب)
(10) مجلة "الصحوة الإسلامية" العدد :58، يناير ، 2008م \ المحرم 1429هـ، ص: 47
(11) مجلة " ثقافة الهند" ، المجلد 55 ، العدد 4 ، 2004 م ص : 146، تصدر عن المجلس  الهندي للعلاقات
     الثقافية ، الهند.
(15)  شوقى عبد القوي عثمان، تجارة المحيط الهندي ، ص: 93و 93
(16) الأستاذ الدكتور محمد سليمان العمري ، الدراسات العربية والإسلامية في ولاية تامل نادو منذ 1857 م،
    ص: 30 1994م

مواضيع ذات صلة
دراسات, نداء الهند،,

إرسال تعليق

0 تعليقات