ادعمنا بالإعجاب

تحصين الشباب المسلم بالعلم الشرعي المؤصل

الأستاذ/ علي كوتي المسليار (  شيخ الجامعة النورية العربية، كيرالا، الهند)




(مقالة بحثية قدمها فضيلته في مؤتمر السلام الدولي الذي انعقد تحت إشراف رابطة العالم الإسلامي في ماليزيا)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين وسيد المرسلين، سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد،
المقدمة
فإن الإرهاب لم تخل منه أمة من الأمم أو شعب من الشعوب، فقد كان ظاهرة من مظاهر الاضطراب السياسي في القرون السابقة ولا يزال هكذا في القرون الراهنة، فهناك إرهاب ديني وقَبَلي وطائفي، كما أن هناك إرهاباً تتولاه الدول ضد الشعوب كما نرى في إسرائيل ضد الفلسطينيين وفي بورما ضد مسلمي روهينجا،ومن المؤسف جداًّ أن يحاول بعض المغرضين الربط بين الإرهاب والإسلام، فإن ظاهرة الإرهاب لا تقتصر على دين أو على ثقافة أو على هوية معينة.
وفكرة الإرهاب والأعمال الإرهابية كانت موجودة لدى شرذمة قليلة من المسلمين منذ القرون الأولى، ويشهد به التاريخ الإسلامي، فقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه كان عملاً إرهابياًّ بلا شك قام به بعض شباب المسلمين المنحرفين، وكذا قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وجميع الطوائف المنحرفة متصفة ببعض سمات الإرهاب من الغلو والعنف والانحراف، وحمل النصوص على غير مقاصدها، وكانت الخوارج أول فرقة إرهابية في هذه الأمة، وكان فيهم جميع الصفات الموجودة في إرهابيي هذا العصر من حمل النصوص القرآنية على ظواهرها دون الجمع بين النصوص ودون اعتماد على أصول وقواعد، وكذا تكفير جمهور المؤمنين، والغلو في الدين، وسوء الظن بعلماء الدين، والاعتماد في تنفيذ مقاصدهم على القتل والعنف إلى غير ذلك من أساليب الإرهابيين.
ومن المعلوم أن الإرهاب له دواعٍ وأسباب، وأنه لا يولد أحد إرهابياًّ، كما قال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أوينصرانه أويمجسانه) ([1])، وكثير من الإرهابيين لا يقصدون تشويه الإسلام، بل يريدون إعلاءه وتعزيزه، ظناًّ منهم أن الأعمال الإرهابية هي الجهاد الشرعي، وأن العالم الإسلامي والدول الإسلامية مقصرون فيه، فقصدهم صحيح وطريقهم محرم، هم -كما قال تعالى-: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}([2]).
وهناك أسباب كثيرة ودواعٍ عديدة ترمي الشباب المسلم إلى الإرهاب، منها أسباب شخصية وظروف أسرية أو ضغوط بيئية، كما أن هناك أسباباً اجتماعية، ودوافع سياسية واقتصادية.
ويرجع جميع ذلك أصالةً إلى غياب العلم الشرعي المؤصل من شباب المسلمين، واتباع الهوى والعواطف النفسية([3]). قال تعالى: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ، إنَّماَ يَتَذَكَّرُ أولُو الألْبَابِ}([4])،وقال سبحانه أيضاً: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}([5])، وقال أيضاً: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا }([6]).
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم عن الإرهاب، والعنف والتطرف في أمور الدين، وأشار إلى أن الغلو من أخص أوصاف الإرهابيينحيث قال: (سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرَهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة)([7]).
ولا حل لهذه المشكلة إلا الرجوع إلى سيرة السلف في فهمهم الدين وأسلوبهم في الدعوة، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}([8]).
وأريد في هذه العجالة أن أختصر أسباب الإرهاب، التي لها صلة بالعلوم الشرعية- وإن كان هناك أسباب أخرى خارج هذا الموضوع-، وأقدم بعض الحلول لهذه المشكلة، وبالله التوفيق.
القسم الأول: الأسباب العلمية للإرهاب
لا خلاف بين علماء المسلمين والهيئات الشرعية أن الإرهاب ليس من الإسلام، وأن الجهاد الشرعي غير الإرهاب والعنف والتطرف، وأن ما يفعله الإرهابيون من قتل الأبرياء وتعذيب المؤمنين والدمار لممتلكات المؤمنين وممتلكات الدول الإسلامية محرم أشد التحريم ومعدود من الكبائر، وأنه من محاربة الله ورسوله، وقد نص عليه كثير من الجمعيات والهيئات الإسلامية كالمجمع الفقهي الإسلامي، وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.
ولا يخفى أن معرفة السبب تحدد نوع العلاج وصفة الدواء، فلا علاج إلا بعد تشخيص، ولا تشخيص إلا ببيان السبب، وأسباب الإرهاب -كما تقدم- تتنوع إلى عقدية وعاطفية، وإلى اجتماعية وعلمية، وإلى شخصية وأسرية وغيرها، ومن أهم الأسباب العلمية للإرهاب ما يلي:
السبب الأول: القصور في فهم نصوص الشرع:
من أهم أسباب وقوع الشباب المسلم في الإرهاب القصورُ في فهم نصوص الشرع، والأخذُ بظواهر النصوص دون فقه ولا قواعد الاستدلال، ولا جمع بين النصوص، ولا اعتمادعلى فهم العلماء وأقوالهم، ودون نظر في أعذار الناس فيما يأتون ويتركون، وخصوصاً المسائل التي لها صلة وثيقة بشبهات الإرهابيين، مثل: النصوص القرآنية والأحاديث النبوية في الجهاد والتحريض عليه، وفي فضائله الجهاد ومواضعه، ومثل: قضية الولاء والبراء، وقضية التكفير، فكثير من الشباب يدرسون هذه النصوص حرفياًّ، فعلى سبيل المثال: يدرسون الآيات الواردة في الجهاد عن طريق ترجمات القرآن أو عن طريق الوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية والأشرطة، أو عن بعض العلماء القاصرين في الفهم أو المقصرين في البيان، ولا يتعمقون في دراسة النصوص، بفهم سياق الآيات وأسباب النزول، والتأويلات التي ذكرها العلماء والجمع بين الأدلة، بل لا يعتمدون على أقوال الفقهاء أصلاً، ويستنبطون الأحكام التي توافق هواهم، بدون اعتماد على أقوال العلماء أو على قواعد أصولية.
ولا شك أن الترجمات الحرفية– الظاهرية- لنصوص الشرع وإن كان لها إيجابيات في تبليغ ضوء الإسلام إلى العالم إلا أن لها سلبيات أيضاً، فمن سلبياته أن قارئها يظن نفسه أنه فهم النصوص حق الفهم، ثم يطبق الفهم المنحرف على حياته وأفكاره وعلى حياة الآخرين وأفكارهم، ويتسبب للتشدد والعنف والإرهاب.
السبب الثاني: سوء الظن بعلماء المسلمين
ومن أهم أسباب الإرهاب – خصوصاً في الدول العربية- سوء ظن بعض الشباب بعلمائهم وحكامهم، والطعن في نواياهم، فيطيلون ألسنتهم على العلماء الربانيين، ويستهزئون بنصائحهم وفتاواهم، وينظرون إليهم بمنظار أسود، ويتهمونهم بالمداهنة للحاكم، وأنهم مشايخ الدولة، وأنهم – خصوصاً الذين يتولون مناصب حكومية - لا يؤدون حقهم تجاه الأمة الإسلامية، ولا ينصحون الأمة، ولا يهمهم إلا أنفسهم ومناصبهم، وهذه الفكرة الخاطئة منتشرة بين كثير من الشباب المسلم وطلبة العلم، - خاصةً الشباب الذين وقعوا في حبائل الإرهاب -، بل بلغ بهم الأمر أنهم يتهمون هذا الاتهام بالعلماء السابقين في غير القرون المفضلة. وأصل هذه الفكرةعدم فهم حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن بيده تغيير المنكر بالقوة، وعدم الاطلاع على مقاصد الشريعة ومصالح الأمة.
السبب الثالث: الغلو في الدين
إن مما يسرنا هذا الوعي الإسلامي المنتشر بين شبابنا ورجوعهم إلى الدين في كافة أنحاء العالم، والتزامهم بالأحكام الدينية وتثقفهم بثقافة الإسلام، ولكن الأسف أن هذا الرجوع الملحوظ غير مثقَّفٍ بالعلوم الشرعية، مما يؤدي إلى الغلوِّ في الدين والتشدد في الالتزام، حيث يظنون أن الغلو في المعتقدات والتشدد في تطبيق الشرع هو الالتزام الصحيح بالدين؛ لأن الفارق بين الغلوِّ المذموم والاعتدال الممدوح هو العلم الشرعي الصحيح، ففي ظل غياب العلم الصحيح يقعون في ورطة الغلو والتشدد، وهذا الغلو كثيراًما يؤديهم إلى الفكرة الإرهابية؛ لأنهم ينظرون إلى الآخرين المعتدلين كأنهم مقصرون في أمرالدين أو خارجون عنه تماماً، خصوصاً إذا تربوا في بيئةٍ تحملُ أفكارَ الغلو، مثل بعض البيئات الجهادية؛ لأن عامة مراجعهم ليس لديهم من العلم الشرعي ما يتمكنون به من دفع شبه أولئك الشباب، فحملوا تلك الأفكار وتبنوا العنف منهجًا للإنكار والتغيير.
ومن دلائل هذا الغلو وعدم الإحاطة بآفاق الشريعة ميلهم دائمًا إلى التضييق والتشديد والإسراف في القول بالتحريم، وتوسيع دائرة المحرمات.
وقد حذر القرآن والأحاديث النبوية عن هذا الغلو والتطرف- سواء كان في المعتقدات أم في العبادات-،حيث قال تعالى:{ قُلْيَا أهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فيِ دِينِكُمْ ولاَ تَقُولُوا علَى الله إلاَّ الحقَّ }([9])، وقال سبحانه: { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ }([10]).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والغلوَّ في الدين وإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)([11]).
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: ( هلك المتنطعون)([12]).قال النووي- رحمه الله- في شرحه: أي المتعمقون، الغالون، المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم([13]).وقال أيضاً: ( إن الدين يسر، ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)([14]).
السبب الرابع: التصدر قبل التأهل
ومن أسباب الإرهاب تصدر الشباب قبل التأهل، فالجيل الجديد لهم حب الاستغناء عن الغير - سواء كان في أمور الحياة أم في أمور الدين-، فيكرهون الاعتماد على الغير، وكلُّ مَن عنده نصيب من العلم يجعل نفسه مفتياً وشيخاً، فكم عندنا من المفتين في البلاد- خاصةً في المواقع الإلكترونية! -فكثرت المذاهب والأفكار، فالانحلال من المذاهب الأربعة المتبعة أوقعهم في ألف مذهب، وعدم تقليد الأئمة الأربعة جعلهم يقلدون مئات المشايخ! ولا شك أن هذا الانحلال تسبب في نشأة الإرهاب؛ لأنهم يتبعون آراءهم ولا يقيمون لعلماء الأمة وزناً، ولا يعتمدون على أقوال الفقهاء أي اعتماد.
ومن المقرر أن الفكرة الإرهابية متفرعة عن استقلال الأفكار والاستغناء عن أقوال العلماء، فالإرهابيون لا يعتمدون على فتاوى العلماء الراسخين ونصائحهم أبداً، بل كثير منهم يستنقصونهم ولا يعرفون لهم قدرهم، وإذا أفتى بعضهم بخلاف مواقفهم أخذوا يلمزونهم إما بالقصور أو التقصير،أو بالجبن أو المداهنة، أو بالسذاجة وقلة الإدراك ونحو ذلك!
وبعدما انضموا إلى الطوائف الإرهابية قلدوا علماءهم وقضاتهم اختياراً أو اضطراراً، غالبهم من الجيل الجديد، الذين لم يعرفوا الإسلام إلا عن طريق الترجمات أو المواعظ العامة أو المواقع الالكترونية، ولم يتفقهوا على العلماء الراسخين ولم يتمكنوا في علوم الشريعة وآلاتها، فأفتوا بغير علم، وحكموا بلا فقه، وواجهوا الأحداث الجسام بلا تجربة ولا رأي ولا رجوع إلى أهل الفقه والرأي.
وهذا التصدر قبل التأهل كما أنه من أسباب الإرهاب كذلك من أشراط الساعة، وقد أشار إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن بين يدي الساعة أياماً يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج، والهرج القتل)([15])، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعاً ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون) ([16])، وقال صلوات ربي وسلامه أيضاً: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)([17]).
السبب الخامس: الجهل بمقاصد الشريعة
ومن أسباب الإرهاب الجهلُ بمقاصد الشريعة الغراء، وفهمُ النصوص الشرعية فهماً قاصراً وحملُها على ظواهرها دون اعتبار القواعد والضوابط، ودون تفريع الفروع على الأصول، ودون التفات إلى مقاصد الشريعة، ولا الضروريات الخمس التي جاءت الشرعية بحفظها من الدين والنفس والعقل والمال والعرض. والفهم بمقاصد الشريعة هو لب الفقه وأصل الاستنباط، قال شيخ الإسلام- رحمه الله-: "الفقه في الدّين هو معرفة حكمة الشريعة ومقاصدها ومحاسنها"([18]). فالجهل بها جهل بالشريعة، وقد تسبب هذا لجذب طائفة من الشباب المسلم إلى فكرة الإرهاب.
وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذه الحقيقة في حديث ذي الخويصرة: "إن من ضئضئ هذا قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرَهم يمرقون من الدين مروقَ السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"([19]).
قال الشاطبي- رحمه الله- في شرحه:"... وبيَّن من مذهبهم في معاندة الشريعة أمرين كليين أحدهما: اتباع ظواهر القرآن على غير تدبر ولا نظر في مقاصده ومعاقده، والقطع بالحكم به ببادئ الرأي والنظر الأول، وهو الذي نبه عليه قولُه في الحديث (يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم)، ومعلوم أن هذا الرأي يصد عن اتباع الحق المحض ويضاد المشي على الصراط المستقيم ... والثاني: قتل أهل الإسلام وترك أهل الأوثان على ضد ما دلت عليه جملة الشريعة وتفصيلها ... فهذان وجهان ذكرا في الحديث من مخالفتهم لقواعد الشريعة الكلية اتباعاً للمتشابهات"([20]).
السبب السادس: ظاهرة التكفير
الغلو في المعتقدات والتشددُ في تطبيقِ الأحكام الشرعية مع القصور بمقاصد الشريعة وقواعدها أدى بعض الشباب الملتزمين إلى تضليل جماهير المسلمين وتكفيرهم، فحكموا بذلك على الأشخاص والجماعات والأنظمة دون تثبت، أو اعتبار للضوابط الشرعية في باب التكفير، ورتبوا على ذلك استباحة الدماء والأموال، والاعتداء على حياة الناس الأبرياء، الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، والاعتداء على مصالحهم العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها.
وقد حذر الإسلام عن تكفير أي مسلم بغير برهان من الكتاب والسنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما) ([21]). وحرم الإسلام دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)([22]).
ولا زال العلماء والفقهاء يحتاطون في مسألة التكفير ويحذرون من خطورته. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فإن الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله ليس لأحد في هذا حكم، وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه الله ورسوله وتحريم ما حرمه الله ورسوله وتصديق ما أخبر الله به رسوله"([23]). وسيأتي له زيادة تفصيل إن شاء الله.
القسم الثاني: الحلول العلمية
الأول: ضرورة التغيير في المناهج التعليمية:
أولاً: في المدارس الابتدائية والثانوية:
إن المناهج الدينية المقررة في مدارسنا تحتاج إلى مراجعة دقيقة، فالمناهج الجارية في مدارس الدول الإسلامية- خصوصاً إلى المرحلة الثانوية- فيها نقص الوعي الديني، فهي لا تؤهل الطفل مثقفاً بالثقافة الإسلامية، بل ترتكز على تعليم بعض النصوص الشرعية من حيث المعنى الظاهري اللغوي، ولا تلبي حاجات الطلاب في توعيتهم في أمور دينهم، ولا شك أنه يكون له الأثر السلبي على سلوك الأفراد وثقافاتهم واتجاهاتهم.
فمن اللازم تغيير هذا الأسلوب، فبدلاً من سرد المعلومات يجب التركز على العلوم التربوية المشتملة على الآداب الشرعية والقيم الإسلامية والحقوق الإنسانية- مثل حقوق الآباء على الأولاد، وآداب الطلاب تجاه المشايخ والعلماء، وحقوق الجيران والأقارب وحقوق المسلمين بعضهم مع بعض-، ويكثر فيها من قصص الأنبياء والسلف من العلماء والزهاد والصالحين؛ كي تزرع في قلوب الأطفال حب الدين وتقليد الآداب الشرعية واحترام العلماء والصالحين، كما ينبغي أن يكون المعلمون قدوة للطلبة وذوي حياة مثالية -وإن لم توجد عندهم شهادات علمية عالية-، فإن هذه المرحلة مرحلة التقليد، الطلاب يحاولون أن يقلدوا أساتذتهم في السير والسلوك، فعلى من يقوم على المعاهد الدينية أن يختاروا من المعلمين ذوي السيرة المحمودة والسلوك الديني لغرس روح الشريعة في قلوب الأطفال.
ثانياً: ما بعد المرحلة الثانوية:
يجب أن نعيد النظر في مناهج الدراسة في المرحلة الجامعية -العالية والعليا-، بحيث يكون العلم مؤصلاً ومبنياً على القواعد الشرعية والضوابط الأصولية، ولا يكون بث المعلومات فقط. فيجب أن يكون المنهج يشتمل على ما يلي:
1 - دراسة النصوص الشرعية دراسة تأصيلية:-
فبدلاً من سرد النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وشرح كلماتها شرحاً لغوياًّ يجب بيان سياق الآيات وأسباب نزولها وبيان الظروف التي وردت فيها الأحاديث النبوية، ففهم النصوص بدون فهم سياقها سبب الضلال والاختلاف، فعن إبراهيم التميمي- رحمه الله- قال: خلا عمر بن الخطاب ذات يوم، فجعل يحدث نفسه، فأرسل إلى ابن عباس فقال: كيف تختلف هذه الأمة وكتابها واحد ونبيّها واحد وقبلتها واحدة؟ قال ابن عباس: يا أمير المؤمنين، إنا أنزل علينا القرآن، فقرأناه وعلمنا فيم نزل، وإنه يكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن لا يعرفون فيم نزل، فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا، فزجره عمر وانتهره، فانصرف ابن عباس، ونظر عمر فيما قال، فعرفه فأرسل إليه، وقال:أعد علي ما قلته، فأعاد عليه، فعرف عمر قوله وأعجبه"([24]).
وقال الشاطبي- رحمه الله- في الموافقات: "أن علم المعاني والبيان الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن فضلاً عن معرفة مقاصد كلام العرب إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال حالَ الخطاب من جهة نفس الخطاب أو المخاطِب أو المخاطَب أو الجميع، إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالين وبحسب مخاطبين وبحسب غير ذلك، كالاستفهام لفظه واحد ويدخله معانٍ أخرُ من تقرير وتوبيخ وغير ذلك، وكالأمر يدخله معنى الإباحة والتهديد والتعجيز وأشباهها، ولا يدل على معناها المراد إلا الأمور الخارجة، وعمدتها مقتضيات الأحوال، وليس كل حال ينقل ولا كل قرينة تقترن بنفس الكلام المنقول، وإذا فات نقل بعض القرائن الدالة فات فهم الكلام جملة أو فهم شيء منه، ومعرفة الأسباب رافعة لكل مشكل في هذا النمط، فهي من المهمات في فهم الكتاب بلا بد"([25]).
كما يجب شرح معاني النصوص وفق ما شرحه العلماء دون الاقتصار على الشرح اللغوي، ويجب بيان أقوالهم والنقل من كتبهم المعتمدة، وتعليم كيفية الجمع بين الأدلة التي ظاهرها التعارض، وهكذا كان منهج الدراسة في القرون السابقة، لم يكن قصدهم إلى تكثير المعلومات المتشتتة، بل كانوا يعتمدون على التفقه والتعمق في العلم وإيجاد ملكة الاستنباط والفتوى، مما جعلهم ذوي بصيرة وضبط في العلوم الشرعية.
2 - أصول الفقه وضوابط الفتوى والاستدلال:-
فبعد ما وقع تحريف النصوص عن مواضعها وحملها على غير مقاصدها تظهر جلياًّ أهمية دراسة أصول الفقه وضوابط الاستنباط واستخراجِ الأحكام من النصوص الشرعية ومن الجمع بين النصوص والترجيح بين الأدلة. وأصول الفقه هو الذي يتكفل بهذا الموضوع، إذ يبحث عن الأدلة الشرعية وكيفية استنباط الأحكام منها، وصفات المجتهد إلى غير ذلك مما يحتاج إليه الفقيه.
3– مقاصد الشريعة كمادة مهمة:-
فمن أسباب الإرهاب الجهل بمقاصد الشريعة كما سبق، وهي الحِكَمُ والمصالح التي شرعت لها الأحكام والتي تعود إلى إقامة المصالح الأخروية والدنيوية. ويدخل فيها بيان وسطية الإسلام ولزوم حفظ الضروريات الخمس من الدين والنفس والعقل والعرض والمال؛ فإن حفظها هو المقصد الأصلي من التشريع. قال الشاطبي- رحمه الله-: "فقد اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري"([26]).
فعلى سبيل المثال: المقصود من تشريع الجهاد تعزيز الإسلام والنكاية بأعدائه، فمتى لم توجد هذه المصلحة بأن كان المقتولون مسلمين أو ليس هناك تعزيز للدين لم يشرع هناك الجهاد، كما في واقعة صلح الحديبية، فقد كانت الصحابة رضي الله عنهم يرون الصلح ذلاًّ للمسلمين واستسلاماً أمام الكفار، فطلبوا الجهاد واختاروه على التصالح مع الكفار، وحدث يومئذ من المواقف العاطفية ما هو مشهور في كتب التاريخ، ولكن الشارع علم أن المصلحة في ترك الجهاد وقبول الصلح.
ذكر العز بن عبد السلام -رحمه الله-: "فإن قيل: لم التزم في صلح الحديبية إدخال الضيم على المسلمين وإعطاء الدنية في الدين؟ قلنا: التزم ذلك دفعاً لمفاسد عظيمة، وهي قتل المؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكة لا يعرفهم أهل الحديبية وفي قتلهم معرة عظيمة على المؤمنين، فاقتضت المصلحة إيقاع الصلح على أن يرد إلى الكفار من جاء منهم إلى المؤمنين وذلك أهون من قتل المؤمنين الخاملين، مع أن الله عز وجل علم أن في تأخير القتال مصلحةً عظيمةً وهي إسلام جماعة من الكافرين"([27]).
وليس المقصود إيراد الأمثلة الكثيرة، فهي لا تحصى، بل قصدي التنبيه على وجوب إدخال هذه المادة – مقاصد الشريعة- كمادة أصلية في المناهج، حتى يعرف الطلاب مصالح الأمة ومفاسدها.
4- بيان المصطلحات الشرعية وضبطها بضوابط واضحة، وخاصةً الكلمات التي يتشبث بها الإرهابيون، كمصطلح الجهاد، ودار الحرب، وحقوق ولي الأمر، وحقوق الراعي على الرعية، والولاء والبراء، والعهود عقدها ونقضها، والتعامل مع المعاهد والمستأمن؛ فإن بعض المسائل الفقهية صارت مسائل عقدية عند الإرهابيين، كالجهاد الشرعي، فله شروط وآداب وموانع مفصلة في كتب الفقه، فليس الجهاد واجباً مطلقاً بل هو واجب مقيد، ولا يطلع على هذا الفرق إلا ببيان هذه المصطلحات.
5 - أدب الخلاف:
الإرهابيون لا يؤمنون بالحوار مع الآخر، ولا يعترفون بحرية الدين أو التعامل مع الأجنبي وبقائه في البلاد الإسلامية، فيجب أن يكون منهجنا الدراسي في المراحل العليا يشمل أدب الخلاف بين الأديان المختلفة، وكذا بين الفرق الإسلامية، وبين المذاهب الفقهية، وأن يتضمن قيم الحوار والنقد والتعايش، كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }([28]).وقد أشار تعالى إلى أدب الخلاف مع الكفار بقوله: { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }([29]).
وكما نرى ذلك في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع اليهود في المدينة وكفار قريش في مكة، وفي صلح الحديبية وفي سيرة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تعامله مع الخوارج بإرسال ابن عباس لكشف شبههم، وكل ذلك يدلنا على أدب الحوار والنقد ورعاية مصلحة المؤمنين.
6- الاهتمام بإبراز محاسن الدين الإسلامي والأخلاق الدينية السامية، والآداب الشرعية، وحقوق المسلمين بعضهم مع بعض، وبيان الحياة الاجتماعية في الإسلام وأهمية لزوم الجماعة وعدم الشذوذ في الأفكار والتعامل. قال صلى الله عليه وسلم:( عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة )([30]) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)([31]) إلى غير ذلك من الأحاديث المشهورة.
7- الاهتمام بعلوم العربية:
وهناك نقص حادّ في دراسة علوم الآلات- علوم العربية من النحو والصرف والبلاغة- في مناهج الدراسة في الكليات والجامعات، أو هناك تقصير ملحوظ في الاهتمام بها؛ وأكثر المتخرجين من الجامعات ليسوا  متمكنين في علم النحو والصرف والبلاغة، وحتى كثير من الأساتذة ليس لديهم من علوم العربية ما يمكِّنهم أن يدرِّسوا الكتب بدون أخطاء نحوية، وأظهر من هذا الأخطاء النحوية والصرفية بين الخطباء، ولا نكاد نسمع خطبةً من خطب الجمعة إلا وفيها أخطاء فادحة مما يدلنا على لزوم الاهتمام بهذه المادة في المناهج الدراسية، وكما نعرف أن النصوص الشرعية في اللغة العربية بل في غاية البلاغة والفصاحة، فما دام الطالب لم يتمكن في علوم العربية لا يستطيع فهم الكتاب والسنة، ولذلك اشترط الأصوليون في المجتهد أن يكون بصيراً باللغة، كما سيأتي عن الشافعي- رحمه الله-، وفهم النصوص بدون التمكن في اللغة يوقعه في فهم خاطئ مما يؤدي إلى انحراف الأفكار، وربما إلى الإرهاب.
الثاني: كون المشايخ والأساتذة ذوي الكفاءة العالية
قال الشاطبي- رحمه الله- في الموافقات: "من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذُه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام"([32])، وقال في تفصيل هذا الكلام: "فلا يؤخذ إلا ممن تحقق به وهذا أيضاً واضح في نفسه، وهو أيضاً متفق عليه بين العقلاء، إذ من شروطهم في العالم بأيِّ علم اتفق أن يكون عارفاً بأصوله وما ينبني عليه ذلك العلم، قادراً على التعبير عن مقصوده فيه، عارفاً بما يلزم عنه، قائماً على دفع الشبه الواردة عليه فيه، فإذا نظرنا إلى ما اشترطوه وعرضنا أئمة السلف الصالح في العلوم الشرعية وجدناهم قد اتصفوا بها على الكمال"([33]).
ومن مشاكل العصر قلة العلماء الراسخين الذين يعتمد عليهم ويرجع إليهم المسلمون في معضلات دينهم ومشكلات حياتهم، كما حذر منه  النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعاً، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون) ([34])، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( لا يزال الناس بخيرٍ ما أتاهم العلم من علمائهم وكبرائهم وذوي أسنانهم، فإذا أتاهم العلم عن صغارهم وسفهائهم فقد هلكوا)([35]).
وإدارة الجامعات الإسلامية والمعاهد الدينية توظف الأساتذة والمعلمين استناداً إلى شهاداتهم- وليس أمامها إلا ذاك-، ومن المعلوم أن حصول الشهادات أمر سهل في هذا العصر، وفي أكثر الأحوال ليست الشهادات دليلاً على مهارة الشخص وكفاءته العلمية، والأساتذة والمعلمون غير المؤهلين يعود ضررهم على الطلبة، إذ الجيل الجديد يعيش في ظروف غير ظروف الأساتذة، ويختلطون بمجتمعات غير الإسلامية وذوي أفكار زائعة، فلديهم وقائع ومستجدات، ولهم إشكالات وصعوبات يواجهونها، ولا بد أن يكون الأساتذة والمشايخ قادرين على إقناعهم، وإزالة شبههم في أمور الدين وإرضائهم بمحاسن الشريعة، قبل أن تنفر نفوسهم عن هذا الدين الحنيف وتنحرف أفكارهم عن الصراط المستقيم.
الثالث: وضع ضوابط للإفتاء والمفتي
قال مالك- رحمه الله-:"ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني: هل تراني موضعاً لذلك؟ سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد، فأمراني بذلك، فقيل له: يا أبا عبد الله فلو نهوك؟ قال: كنت أنتهي"([36]).
قال الشافعي– رحمه الله-: "لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلاً عارفاً بكتاب الله بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، ويكون بعد ذلك بصيراً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن ويكون بصيراً باللغة بصيراً بالشعر وما يحتاج إليه للسنة والقرآن ويستعمل هذا مع الإنصاف، ويكون بعد هذا مشرفاً على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي"([37]).
ونقل الإمام ابن القيم – رحمه الله- في إعلام الموقعين: "وقال محمد بن عبد الله بن المنادي: سمعت رجلاً يسأل أحمد إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث يكون فقيهاً؟ قال: لا، قال: مائتي ألف؟ قال: لا، قال: فثلاثمائة ألف، قال: لا، قال: فأربعمائة ألف، قال: بيده هكذا وحرك يده" قال أبو الحسين وسألت جدي محمد بن عبيد الله قلت: "فكم كان يحفظ أحمد بن حنبل قال أخذ عن ستمائة ألف".
"قال القاضي أبو يعلى: "وظاهر هذا الكلام أنه لا يكون من أهل الاجتهاد إذا لم يحفظ من الحديث هذا القدر الكثير الذي ذكره، وهذا محمول على الاحتياط والتغليظ في الفتوى"([38]).
وهذا بالنسبة للمجتهد المطلق كما هو ظاهر للمتأمل، إلا أنه يدل على خطورة التكلم في حكم الله؛ لأن المفتي يحكم بحكم الله، فينقل الحكم عن الله، فيقول: إن حكم الله في المسألة كذا وكذا، ولا يقول: إن حكمي في المسألة كذا وكذا، فالإفتاء في المسائل الشرعية يتوقف على كثير من الضوابط والشروط كما نبه عليه الشافعي- رحمه الله-، إضافة إلى أن الإفتاء يتوقف على معرفة مقاصد الشريعة ومصالح الناس، ولا يدركها إلا الراسخون في علم الشريعة، وتفاصيل أحكامها، وغايات تشريعاتها. وأما غير الراسخ في العلم فيأخذ بجزيئات من النصوص، ويقول فيها برأيه، فيعطل مصالح عامة معتبرة، وربما اقترن بالجهل بالمقاصد بعض الأهواء الكامنة في النفوس الحاملة على ترك الاهتداء بالدليل، والمانعة من الاعتراف بالعجز فيما لم يصل إليه علم الإنسان.
ومما أصاب كثيراً من العلماء – إلا من وفقه الله- حب الشهرة والسمعة والجاه أمام المجتمع، مما أداهم إلى نصب أنفسهم مفتين (وخاصةً في المواقع الإلكترونية)، فيحكمون في دين الله بدون فقه ولا علم، ولا ضوابط لفهم الأدلة، وضرره على المجتمع كبير، فالعوام يتحيرون بين الفتاوى المضطربة في موضوع واحد، ولا شك أن للفتاوى الخاطئة تأثيراً بليغاً في تضليل الشباب، لاسيما طلبة العلم، وفي زرع فكرة الإرهاب والتشدد في قلوبهم.
فيجب على السلطات الدينية والحكومات الإسلامية وضع حدّ لهذه الظاهرة، ووضع ضوابط لإصدار الفتاوى، ووضع الشروط والقيود لمن ينصب نفسه مفتياً، كما يجب تحذير الأمة من ضرر الفتاوى الخاطئة، وترغيبهم على الأخذ بالفتاوى الجماعية والقرارات الصادرة من الهيئات الشرعية الموثوقة والتي تتضمن الفقهاء الراسخين، كالمجمع الفقهي الإسلامي بمكة، ومجمع الفقه الإسلامي بجدة ونحوهما، منعاً لانتشار فكرة التضليل والإرهاب بين الأمة وترويجها بين الشباب.
الرابع: الحد من ظاهرة الترجيح بين المذاهب بدون قواعد
ولا أقصد به التشجيع على التقليد الأعمى والجمود الفكري، ففي ضوء المستجدات والوقائع لا بد من علماء حاذقين يستنبطون أحكامها، ويحلون مشاكلها، ولكن الذي أشير إليه أن إرسال العنان في باب الترجيح بين أقوال العلماء بدون أي ضوابط وأصول صار سبباً لاضطراب الفتاوى المعاصرة، حتى صار الترجيح بين المذاهب شيئاً عادياًّ بين طلبة العلم، فكثير من الطلاب الجامعيين يرجحون آراءهم بما عندهم من أحاديث معدودة - ثلاثة أو أربعة مثلاً-، ويحكمون بها على الأئمة الأربعة الذين كانوا يحفظون مئات الآلاف من الأحاديث وحرروا مذاهبهم منها! وبعض الأساتذة يشجعون الطلاب ويمرِّنونهم على اختيار ما ترجح عندهم من أقوال العلماء! وهذا أسلوب خاطئ يجب اجتنابه، وخطر هذا الأسلوب من وجوه:
أولاً: اتباع الهوى في دين الله؛ لأن هذا المرجِّح لا يعلم في المسألة إلا طرفاً من الأحاديث المعدودة لا أكثر، ولم يحط بمواقع الإجماع، ولا شروط القياس، وليس عنده أي ضوابط وقواعد للترجيح.
ثانياً: قلة الاحترام مع العلماء السابقين كالأئمة الأربعة وغيرهم؛ لأنه يعدهم غير مطلعين على ما عنده من الأحاديث! أو مقصرين في الاجتهاد!
ثالثاً: حرية الفكر في المسائل الدينية تؤديه إلى فكرة الاستغناء وعدم الاعتماد على العلماء.
رابعاً: يسبب لزرع فكرة الضلال والغلو والإرهاب في نفسه؛ لأنه يفهم الدين بنفسه من عموم الآيات والأحاديث بدون أصول وضوابط.
وأشد من هذا خطراً أن بعض الطلبة يدعون أنهم أهل الاجتهاد من النصوص الشرعية، وأحياناً يرددون كلام الإمام الشافعي: "نحن رجال وهم رجال"!! وكم كان السلف يحتاطون في باب الاجتهاد، وكم كان الفقهاء في القرون السابقة يتحرزون من ادعاء الاجتهاد كما سبق من أقوال الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد رحمهم الله.
فلا بد من تغيير هذا الأسلوب من الجامعات والكليات.
الخامس: التحذير من الغلو والاحتياطُ في مسألة التكفير
الغلو في العقيدة أصل أصيل في نشأة الإرهاب، وقد نهانا الإسلام عن الغلو في العقيدة والأعمال، قال تعالى: { قل يَا أهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فيِ دِينِكُمْ ولاَ تَقُولُوا علَى الله إلا الحقَّ }([39])، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والغلو في الدين وإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)([40])،ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "فما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وإضاعة، وإما إلى إفراط وغلوّ، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه "([41]).
والغلو في العقيدة أصل تكفير جمهور الأمة وتضليلهم، وهذا التكفير والتضليل من أهم سمات الإرهاب، بل هو أهم أسبابه، وللأسف، أن بعض المنسوبين للعلم - خصوصاً بعض المتشددين في السلفية والغالين في التصوف-، أطلقوا عنان ألسنتهم في تكفير بعض المسلمين بسبب وقوعهم في المخالفات الشرعية عندهم- العقدية أو العملية-، حتى صار ذلك تبادلاً بالتكفير بين الفريقين، وهكذا بدأ الغلو في القرون السابقة عن طريق التبادل بين الطوائف المختلفة، فالخوارج غلوا في الوعيد، فقابلهم المرجئة بالغلو في الوعد، وبدعة الجبرية كانت ردة فعل لبدعة القدرية، والشيعة غلوا في علي رضي الله عنه، فقابلهم الخوارج بتكفيره، والمعتزلة غلوا في التنزيه بنفي الصفات، والممثلة غلوا في الإثبات حتى وقعوا في التشبيه.
ولا يخفى على العلماء خطورة قضية التكفير، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما) ([42])، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه) ([43]).
ولا زال العلماء والفقهاء يحتاطون في مسألة التكفير ويحذرون من خطورته. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فإن الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله ليس لأحد في هذا حكم، وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه الله ورسوله وتحريم ما حرمه الله ورسوله وتصديق ما أخبر الله به رسوله"([44]).
ويقول الغزالي -رحمه الله- :"والذي ينبغي أن يميل المحصل إليه الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلاً. فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم ... وهذه الفرق منقسمون إلى مسرفين وغلاة، وإلى مقتصدين بالإضافة إليهم، ثم المجتهد يرى تكفيرهم وقد يكون ظنه في بعض المسائل وعلى بعض الفرق أظهر. وتفصيل آحاد تلك المسائل يطول، ثم يثير الفتن والأحقاد، فإن أكثر الخائضين في هذا إنما يحركهم التعصب واتباع تكفير المكذب للرسول، وهؤلاء ليسوا مكذبين أصلاً ولم يثبت لنا أن الخطأ في التأويل موجب للتكفير، فلا بد من دليل عليه، وثبت أن العصمة مستفادة من قول لا إله إلا الله قطعاً، فلا يدفع ذلك إلا بقاطع"([45]).
ولذلك وضع الفقهاء شروطاً وضوابط للتكفير، من أهمها ما يلي:
1-             وجوب التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين:
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: ( إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه)([46]).
2- أن يكون عالماً بأن فعله مكفِّر، فلا يكفر إن كان جاهلاً كأكثر عوام المسلمين.
3-    أن يقول الكفر أو ما يفعله مختاراً مريداً فلا يكفر المكره على فعل أو قول الكفر .
4- ألا يكون له شبهة أو فتوى عالم بجواز ما يفعله بخلاف ما إذا كان هناك من الفقهاء بجواز ذلك،  فلا يكفر؛ لأنه متأول في فعله أو قوله، كما هو الحال في كثير مما يفعله العوام.
إلى غير ذلك من الشروط والضوابط.
وكان خطر هذا التساهل في التكفير أشد مما توقعه هؤلاء المكفرون، ولعل هدفهم صحيح من تحذير الأمة عن الأمور الشركية والبدعية ونصحهم باجتنابها، إلا أن طائفة من الجيل الجديد تربوا على هذا الأسلوب ونشأوا على التساهل وعدم الاحتياط في مسألة التكفير، وتشددوا في نسبة عوام المسلمين إلى الضلال مما جعلهم يعتقدون بكفر جمهور الأمة الإسلامية، وبكل صراحة، أن هذا الأسلوب الخاطئ في الدعوة قد ساهم بدور كبير في جعلهم غلاةً إرهابيين ومتشددين في تطبيق الأحكام الشرعية، وخيرُ شاهدٍ على هذا أن الطوائف الإرهابية المتشددة – مثل داعش، وجبهة النصرة، وبوكو حرام- ينسبون أنفسهم إلى السلفية وأدخلوا الكتب السلفية في المناهج المدرسية في المناطق التي استولوا عليها.
ومع ذلك لا بد من إعادة النظر في أسلوب دعوتنا، فيجب علينا تربية الجيل الجديد على وعي كامل بخطورة التكفير ونحرضهم على طلب العذر لعوام المسلمين إن وقعوا على المخالفات الشرعية، وندخل في المناهج الدراسية ما يحتاج إليه في هذا الموضوع. - وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
المراجع
1-            القرآن الكريم.
2-            صحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى 1422هـ.
3-            صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
4-            مسند الإمام أحمد بن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد ، وآخرون، إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1421 هـ - 2001 م.
5-            سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، بيروت.
6-            سنن البيهقي الكبرى، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز - مكة المكرمة 1414 – 1994.
7-            سنن النسائي، أبو عبد الرحمن أحمدبن شعيب النسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب، الطبعة الثانية 1406هـ - 1986م.
8-            سنن ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي،دار الفكر – بيروت.
9-            سنن الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي السلمي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون دار إحياء التراث العربي – بيروت.
10-        المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد,‏عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين - القاهرة 1415.
11-        حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة الرابعة 1405هـ.
12-        شعب الإيمان، أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زعلول، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ،
13-        مدارج السالكين، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي المعروف بابن القيم، تحقيق: محمد حامد الفقي دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة الثانية ، 1393 – 1973.
14-        مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني، تحقيق: أنور الباز - عامر الجزار، دار الوفاء، الطبعة الثالثة 1426 هـ / 2005 م.
15-        قواعد الأحكام في مصالح الأنام، أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي، تحقيق:محمود بن التلاميد الشنقيطي، دار المعارف، بيروت – لبنان.
16-        الموافقات في أصول الفقه، إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي، تحقيق: عبد الله دراز، دار المعرفة، بيروت- لبنان.
17-        إعلام الموقعين عن رب العالمين، محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، مصر، القاهرة، 1388هـ/1968م.
18-        الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، مكتبة الشاملة.
19-        الفقيه والمتفقه،أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، المعروف بالخطيب البغدادي، تحقيق : عادل بن يوسف العزازي، دار ابن الجوزي، الرياض،  سنة 1417ه.
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي، التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، من الدورة الأولى (1398 هـ) – إلى الدورة التاسعة عشرة (1428هـ )





([1])   أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم: (1385)، ومسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين، رقم: (2658).
([2])   سورة الكهف: الآية (104).
([3]) وقد أشار المجمع الفقهي في قراره رقم: 97 (1/17) في الدورة السابعة عشرة إلى أهم أسباب الإرهاب والانحراف، وهي ما يلي: " أ- الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية، واستغلال ذلك في تجنيد عدد من شباب الأمة، ضمن عصابات البغي والإجرام والإفساد في الأرض ، انطلاقاً من مفاهيم استحلت تكفير المسلمين واستباحت دماءهم.ب- ضعف العلاقة بين العلماء الثقات وبعض الشباب، الذين لم يجدوا الرعاية والعناية التربوية الكافية، فانساقوا مع الغلاة من الناس واتخذوا من الفكر المنحرف منهاجاً.ج- تعدد مظاهر الانحراف عن دين الله، وخاصة في بعض وسائل الإعلام، مما أحدث في نفوس البعض ردة فعل، جعلتهم يغالون في التفكير، ويجنحون عن الإسلام وعّما تضمنه من الحث على الود والمحبة والتواصل والتعاون والتسامح والرأفة والرحمة بين المسلمين".
([4])   سورة الزمر: الآية (9).
([5])   سورة الأنعام: الآية (153).
([6])   سورة الأحزاب: الآية (36).
([7])   أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم، وقول الله تعالى {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}، رقم: (6930)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب التحريض على قتل الخوارج، رقم (1066).
([8])   سورة التوبة: الآية (100).
([9])   سورة النساء: الآية (171).
([10])   سورة النحل: الآية (116).
([11])   أخرجه النسائي في سننه، كتاب مناسك الحج، باب التقط الحصى، رقم (3057)، وابن ماجه في سننه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، رقم (3029)، والإمام أحمد في المسند، رقم (1851)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب المناسك، باب أخذ الحصى لرمي جمرة العقبة وكيفية ذلك، رقم (9317).
([12])   أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، رقم (2670).
([13])   شرح صحيح مسلم للنووي (4/2055).
([14])   أخرجه البخاري، في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الدين يسر وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة، رقم (39).
([15])   أخرجه البخاري، في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله عز وجل {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر} شديدة {عاتية}، رقم (3344)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم (1064).
([16])   أخرجه البخاري، في صحيحه،  كتاب الاعتصام بالكتاب السنة، باب ما يقال من ذم الرأي وتكلف القياس، رقم (7307)، ومسلم في صحيحه، كتاب العلم،  باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، رقم (2673).
([17])   أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، برقم: (8140).
([18])   مجموع الفتاوى (11/354).
([19])   الموافقات (4/178-180).
([20])   الموافقات (4/178-180).
([21])   أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال رقم (6103).
([22])   أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: رب مبلغ أوعى من سامع،رقم (67)، ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، رقم (1679).
([23])   مجموع الفتاوى (5/554-555).
([24])   أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، رقم (2283).
([25])   الموافقات (3/347).
([26])   الموافقات (1/38).
([27])   القواعد الكبرى (1/109).
([28])   سورة النحل: الآية (125).
([29])   سورة الجاثية: الآية (18).
([30])   أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة، رقم: (2165)، والنسائي في سننه، كتاب الإمامة، باب التشديد في ترك الجماعة، رقم (847).
([31])   أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في قتل الخوارج، رقم (4760)، والترمذي في سننه، كتاب الأمثال، باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة، رقم (2863)، والنسائي في سننه، كتاب قطع السارق، باب تعظيم السرقة، رقم (4872)، والإمام أحمد في المسند، رقم (21460) وأخرجه أيضاً الحاكم في المستدرك، وابن أبي شيبة في المصنف، والطبراني في الكبير، والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهم.
([32])   الموافقات (1/92).
([33])   المرجع السابق.
([34])   سبق تخريجه.
([35])   أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (8/43).
([36])   المرجع السابق (2/209).
([37])   كتاب الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/38).
([38])   إعلام الموقعين (1/46).
([39])   سورة النساء: الآية (171).
([40])   سبق تخريجه.
([41])   مدارج السالكين (2/496).
([42])   سبق تخريجه.
([43])   أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر، رقم (60).
([44])   مجموع الفتاوى (5/554-555).
([45])   الاقتصاد في الاعتقاد ص81.
([46])   مجموع الفتاوى (12/488).

مواضيع ذات صلة
دراسات, شأون الخارجية, مقالات دينية,

إرسال تعليق

0 تعليقات