ادعمنا بالإعجاب

رسالة محمد صلى الله عليه وسلم: رسالة عقل وتفكير وشعور وعدالة

زين العابدين محمد فتنـزي

إن كل مسلم مخلص يجب أن يكون نفسه مرتبطا برسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الفضل في إيصال الإسلام إلى الناس كافة فهو الذي بواسطته جاء الوحي بشقيه القرآن والسنة إلى البشرية جمعاء يأخذون منها منهج السعادة والآخرة. وإحساس يوقظ الوجدان ويحرك العواطف الإنسانية حركة ذلك لأن رسالة محمد  رسالة عقل وتفكير وشعور تقوم على الاقتناع والاطمئنان، رسالة لا تعرف إكراه العقل على أن يؤمن بما لا يقتنع به ولا تعرف قسر الفكر على أن يدرك أو يتقبل ما لم يفهم، ولا تعرف خداع الشعور ليؤمن بما لم يمس جوانب الرضا من العقل والقلب والروح ويستقر في شغافها.

                   رسالة لا تدخل في قلب المؤمن بها إلا ما يثلج فؤاده ويرضى ضميره ويضيئ جوانب روحه فيملأها نورا وهدى ويقينا وحبا.
                   فهذا عتبة بن ربيعة رأس من رؤوس عباهلة قريش وسيد من سادتها في مكانه منهم رجلا وعقلا وتفكيرا وثراء وبيتا وعشيرة يرى ما تورط فيه من قومه من أزمات ساحقة ماحقة تكاد تأتي على كل ما لقريش من مقومات في مكاناتها عند العرب لأن رجلا منهم خيرهم نسبا وحسبا ورجولية وخلقا وفضلا وأمانة وصدقا جاءهم بالهدى من عند الله بعد أن بلغ فيهم سن الكمال البشري الذي لا يرتد الرجل عن سواء فطرته التي يهدي عليها. هذا الهدي الذي جاء به رسول الله÷ لا تعرفه وثنيات قريش وديانات العرب قاطبة، ومن ورائهم أمم الأرض وشعوبها التي تدين بألوان من الوثنية المغلفة وضروب من الشرك الملحد، تقوم كلها على الظلم والاستبداد والبغي والطغيان والكفور.
       فجاءهم محمد ÷- وقومه أعرف الناس به صدقا وأمانة مكارم الأخلاق- برسالة جماعها كلمة واحدة (لاإله إلاالله) وطلب من الإنسانية كلها أن تتوحد في عقيدتها وسلوكها على أساسها، فإذا قالها الناس واعتقدوا وعلموا حقيقتها وعملوا بمضمونها واستهدفوا غايتها كانوا كما خلقهم الله إخوة متساوين في الحقوق والواجبات، لا يظلم قويهم ضعيفهم، ولا يستبد قادرهم على عاجزهم، ولايطغى غنيهم على فقيرهم، ولا يستأثر أحد منهم بفضل في عيش كريم وحياة حرة عزيزة.
       ووقف محمد ÷ أمام ملأ قريش بعزيمة لا تقل وإيمان لا يوزن به إيمان أحد قط في السماء ولا في الأرض في ثباته ورسوخته وقوته، وقال لعمه الذي كان يجتر ضعفه أمام عرض القوم ما زعموه نصفة وعدلا وهو ÷  يستعبر باكيا رحمة لقطيع الإنسانية المعذبة في الأرض التي تعنت لها فلك الكون وهو يجري، تلك الكلمة التي خلقت من عمه قوة ضعفه أمام طغيان ملأ الوثنية المادية حتى رد على وعيدهم بوثبة أعدها وأعد لها في شباب بني هاشم وبني المطلب، وثبة من حمية كاد يفتك بهم فيها فلا يبقى على أحد منهم أو يهلك هو وشبابيته وأسرته
حياة محمد  ÷مرآة للكمال البشري والسمو الروحي
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى البشرية كلها أمره الله تعالى أن ينذر أول من ينذر عشيرته الأقربين فدعاهم وأبلغهم رسالة ربه وخالقه ولم يسألهم أموالهم في القربى، وما كان محمد صلى الله عليه وسلم  قط في حاجة إلى شرف وجاه أو علو مرتبة وأعلى درجة بين الناس وكان يزهد في ذلك كله، ولكن الله جعل له شرفا فوق كل ذي شرف ولا يضاهي به أحد من خلق الله تعالى. وإنما سألهم رسول الله إلا المودة  يطهروا أنفسهم وعقولهم وقلوبهم من رجس الشيطان وضر الشرك، سألهم أن يوحدوا الله تعالى ويعبدوه، وان يخلعوا من أعناقهم عبادة الأحجار والأصنام، كل ذلك في كلمة واحدة إذا قالوا وعملوا بمضمونها وحقيقتها ملكوا الدنيا بها.
   تعنت ملأ الوثنية وعناد المشركين
          ولما يئس ملأ قريش من استجابة النبي صلى الله عليه وسلم  لمطالبتهم المأدبة الأرضية ووقف مع إيمانه برسالة نفسه عند معاقدة عزته وجميل صبره مستمرا في تبليغ رسالته قواما بأمر دعوته لا يفتر ولا يستحسر لجأو إلى التعنت واقتراح المطالب التي دفعهم  إليها العناد الكفور والحسد الحقود فقالوا له: فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضنا عليك فلا تريد مالا ولا ثراء ولا تريد شرفا وسؤددا ولا تريد ملكا وسلطانا، فاسئل الله لنا أن يوسع علينا ديارنا وبلادنا فيسير عنها الجبال التي تختنقها ويفجر فيها الأنهار والينابيع، فلم يتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم  عن موقعه في وثاقة إيمانه برسالة نفسه وسموا أدبه في عبوديته لربه ومعرفته بجلاله ولا اهتزت نفسه ذرة عن دعائم صبره ومضاء عزيمته
 رد رسول الله ÷ على هذا التعنت الكفور
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم  في عزم مصمم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  يرد عليهم هذا التطفل العاطفي الكذوب الأبله: ما أنا بالذي يسأل ربه  هذا وما بعثت إليكم بهذا وكرر عليهم ما قاله في بيان هدف رسالته وصبره على فوادح تبليغها مهما يلقي في سبيلها من عنت وبلاء ورد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  الإيمان والرحمة بكلمات ملأها حب وولاء.
    موقف تبليغ الرسالة
          قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم  رسالات ربه في أحرج الأوقات وأشد الأزمات وأفتى الموافق بلغها يوم كان وحيدا لا ناصرله من الخلق ولا معين له من الناس يوم بدأ الوحي مغاطئا في حراء وليس له في نفسه أدنى تطلع أو توقع أن يأتيه رسول ربه وأمين وحيه جبريل عليه السلام، ويقف منه ذلك موقف الذي عجزت أقلام أبلغ البلغاء وأفصح الفصحاء عن تصوير مبلغ شدته وما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم فيه من الدهش والفزع والرعب وما ناله صلى الله عليه وسلم  فيه من توحل في طبيعته البشرية وصلته بالملأ الأعلى مما لم يكن له به عهد قبل ذلك حتى انتهى به الأمر في هذا اللقاء المفاجئ إلى أن يطلب منه ما لم يكن قط في قدرته ولا في حسابه ولا خطر على باله.
          ومضى في تبليغ رسالته متحسا راسخ اليقين ثابت الجنان وحيدا، يحمل بين جنبيه عزيمة ماضية صادقة وكان قد ترجم الأقوال إلى الأفعال وكان قد قرب بقلبه قول الله تعالى ّ(فاصدع بما تؤمر).
                                                         

مواضيع ذات صلة
أدبيات, الأشعار, الكتب, دراسات, مقالات, نداء الهند،،نداء الهند,

إرسال تعليق

0 تعليقات