ادعمنا بالإعجاب

الأسلمة في الغرب ومواجهتها

على الرغم من الدعاوى وحملات التشهير ضد الإسلام ونبيه الكريم والتي كشف الغرب عنها في أبشع صورها بما يتناقض مع مزاعم الحرية والديموقراطية وعدم التمييز العنصري؛ إذ أخذت هذه الحملات عدة أشكال من بينها التصريحات العنصرية ضد المسلمين من قبل رجال دين مسيحيين أو سياسيين،
 والتهجم على القرآن الكريم وحجاب المرأة المسلمة، واستمرار وسائل الإعلام من صحافة وفضائيات ومراكز ثقافية فى التطاول على شخص النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلى رسالة الإسلام، إضافة إلى التضييق المستمر على المسلمين ومؤسساتهم الدينية والعلمية والثقافية وعلى حرياتهم الشخصية وتحركاتهم في الدول الغربية، وعلى الرغم من جدران برلين الاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية والإستراتيجية المتعددة التي أقامها الغرب بينه وبين الإسلام منذ طرد المسلمين من الأندلس ومروراً بالحركات الاستعمارية، ووصولاً إلى الغارة الكبرى على عالمنا الإسلامي، إلاّ أن الإسلام استطاع أن يصل إلى جغرافيا الغرب تماماً، كما تمكن الغرب سابقاً وحالياً في الوصول إلى مواقعنا على متن البواخر الحربية والطائرات والدبابات، ولكن الفرق بين اختراق الغرب وقدومه لمواقعنا الجغرافية وذهاب الإسلام وانتشاره في مواقع الغرب الجغرافية تكمن في أن الغرب جاء إلى مواقعنا بقوة السلاح، أما الإسلام فقد اخترق الخارطة الغربية بقوته الذاتية وتعاليمه ومبادئه العظيمة وقيمه السامية وسط الشباب والشابات والأكاديميين الغربيين حتى أصبحت ظاهرة في حد ذاتها ما زال الغربيون يبحثون في أمرها حتى اليوم، فتفرغت مراكز الدراسات والمؤسسات الغربية لرصد هذه الظاهرة ومحاولة الوصول إلى الأسباب والدوافع وراء إقبال الآلاف من الشباب والفتيات وفئات مختلفة على الإسلام.
دراسات وتقارير
فقد أظهرت دراسة حديثة وضعتها مؤسسة (سويست) للأرشيف الإسلامي في ألمانيا أن أكثر من (4000) ألماني من ديانات وطوائف مختلفة تخلى عن دينه، واعتنق الإسلام ما بين شهر يوليو عام 2004 ويونيو عام 2005، أي أربعة أضعاف عدد عام 2003، وأشارت الدراسة نفسها إلى أن أهم أسباب اعتناق الإسلام في السابق كان محصوراً بالنساء الألمانيات اللواتي يتزوجن من مسلمين، إلاّ أن الوضع تغير الآن، وأصبح اعتناق الإسلام لدى الرجال والنساء لأسباب أخرى منها البحث عن الهدوء النفسي والراحة الداخلية حسب اعتقادهم والشعور بالقرب من الآخرين أو التقرب من الشرق الساحر.
وفي دراسة أخرى وضعتها نفس المؤسسة أشارت إلى أن عدد المسيحيين الألمان الذين اعتنقوا الاسلام عام 2005 وصل إلى (1.152) ليصل عددهم الإجمالي إلى (13) ألفاًً، و على الرغم من عدم وجود إحصائيات لعدد معتنقي الإسلام لعام 2006 إلاّ أن المؤسسة تتوقع وصوله إلى (5000) مسلم.
أما في فرنسا فقد أوردت صحيفة (لاكسبرس) الفرنسية تقريراً عن انتشار الإسلام بين الفرنسيين جاء فيه: "على الرغم من كافة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية مؤخرًا ضد الحجاب الإسلامي وضد كل رمز ديني في البلاد، أشارت الأرقام الرسمية الفرنسية إلى أن أعداد الفرنسيين الذين يدخلون في دين الله بلغت عشرات الآلاف مؤخرًا، وهو ما يعادل إسلام عشرة أشخاص يوميًا من ذوي الأصول الفرنسية، هذا خلاف عدد المسلمين الفعلي من المهاجرين ومن المسلمين القدامى في البلاد". كما ورد في التقرير إلى أن عدد المعتنقين الجدد للإسلام من الفرنسيين يصل إلى(60) ألفا مؤخراً، سواء أولئك الذين أسلموا بدافع حبهم وإعجابهم بهذا الدين، أو بدافع البحث عن الهوية والبحث عن الذات، والكثير منهم من شباب المدن ومن طبقات المجتمع المختلفة.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية فقد نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) مقالاً ذكرت فيه أن بعض الخبراء الأمريكيين يقدرون عدد الأمريكيين الذين يعتنقون الإسلام سنوياً بـ (25) ألف شخص، وأن عدد الذين يدخلون دين الله يومياًً تضاعف أربع مرات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حسب تقديرات أوساط دينية، والمدهش أن أحد التقارير الأمريكية الذي نُشر قبل أربع سنوات ذكر أن عدد الداخلين في الإسلام بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر قد بلغ أكثر من ثلاثين ألف مسلم ومسلمة، وهذا ما أكده رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكي؛ إذ قال: "إن أكثر من (24) ألف أمريكي قد اعتنقوا الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو أعلى مستوى تَحقق في الولايات المتحدة منذ أن دخلها الإسلام.
أعداد كبيرة وقلق أوروبي
وقد أشارت التقديرات المبدئية المتوفرة حول عدد المسلمين في الغرب، والتي قامت بها المؤسسات الإسلامية والمؤسسات غير الرسمية، وأحياناً المؤسسات الكنسية والبحثية أن عدد المسلمين في الغرب وصل إلى (30) مليون مسلم من مجموع سكان أوروبا البالغ (705) ملايين نسمة، ففي فرنسا بلغ عدد المسلمين ستة ملايين مسلم الأمر الذي جعل الإسلام هو الديانة الرسمية الثانية بعد الكاثوليكية، وسبعون بالمئة منهم قدموا إلى فرنسا من المغرب العربي، وحسب دراسة للمجموعة الأوروبية صدرت في العاصمة البلجيكية بروكسل في سنة 2001 فإن المهاجرين يساهمون بنسبة 14.7% من الناتج المحلي الفرنسي، وفي ألمانيا فقد بلغ عدد المسلمين قرابة أربعة ملايين نسمة، وفي بريطانيا تجاوز عدد المسلمين فيها مليوناً و 700 ألف مسلم، وفي إيطاليا، تجاوز عدد المسلمين المليون، وفي هولندا بلغ عددهم (900) ألف مسلم، وفي بلجيكا (600) ألف مسلم، وفي السويد نصف مليون، وفي سويسرا (400) ألف مسلم، وفي إسبانيا (400) ألف مسلم، وفي النمسا قرابة النصف مليون، وفي اليونان (700) ألف مسلم، وفي الدانمارك قرابة (200) ألف مسلم، وفي فلندا (60) ألفاً، بالإضافة إلى وجود مئات الآلاف من المسلمين في الدول الأوروبية التي انضمت أخيراً إلى الاتحاد الأوروبي
وقد كشفت هذه الأعداد الهائلة من المسلمين في مختلف الدول الأوروبية أن حركة الإنجاب بين المسلمين كبيرة للغاية، وحسب الخبراء الدارسين لهذه الظاهرة فإن ذلك يعود إلى التقاليد الإسلامية الحريصة على مفهوم العائلة الكبيرة المتضامنة، أو أن ذلك يعود إلى رغبة هذه العوائل المسلمة بالاستفادة من الامتيازات التي يوفرها الضمان الاجتماعي الأوروبي للعوائل الكبيرة من خلال ما يُعرف بنقدية الأطفال.
وقد بدأت هذه الأرقام والإحصائيات تثير القلق والرعب في الدوائر الغربية لا سيما وأن كماً هائلاً من الدراسات التي أنجزها خبراء في مجال قراءة المستقبل وتحليل الثقافة الرقمية المبنية على الإحصاء والاستطلاع الموسع يؤكد أن المسلمين قد يصبحون نصف سكان القارة الأوروبية بعد خمسين سنة، وبخاصة إذا استمر إنجابهم على الوتيرة التي هم عليها الآن، إضافة إلى المستوى التعليمي الكبير للأجيال المسلمة الجديدة وانتشار حركة الأسلمة بين الغربيين أنفسهم؛ إذ أصبح المواطن الغربي المسلم هو الذي ينقل الإسلام إلى بقية المواطنين الأوروبيين، بل إن بعضهم بات يعلن أنه صاحب الشرعية في تمثيل ونشر الإسلام في
مواجهه الأسلمة
أصبح انتشار الإسلام بين فئات كثيرة من المواطنين في الغرب مصدر هلع ورعب في الأوساط الرسمية والإعلامية، فأصبح هناك تمويل هائل لمئات المراكز الاستشراقية التي ترصد حركة مستقبل الإسلام في الغرب، كذلك بدأت الدوائر الغربية وضع خطط تقضي على شبح الأسلمة الذي قد يهدد مستقبل الغرب، ومن هذه الخطط فصل الجيل المسلم المولود في الغرب عن آبائه عبر بذل جهد مضاعف لجعل هذا النشأ الإسلامي ذائباً في الخارطة الغربية منسجماً مع ثقافتها وعقيدتها، وقد حقق في هذا المجال بعض النجاح حيث بات مألوفاً أن يصبح للشابة المسملة عشيق غربي يعاشرها ساعة تشاء، وقد يحدث أن تجلب عشيقها هذا إلى بيت أبيها كما حدث مع عشرات العوائل المسلمة، وعندما أراد الأب المسلم أن يسيطر على سلوك ابنته، تهرول البنت إلى سماعة الهاتف لتطلب الشرطة وبالطبع تجد تأييداً ودعماً لا محدود.
وهناك إستراتيجية أخرى يتم تنفيذها في الغرب وهي تسهيل و"الحث" أحياناً على الطلاق بين المرأة والرجل المسلمين، على أساس أن الأبناء تضمحل شخصيتهم وتضعف في ظل أسرة هزيلة ومشتتة، وقد يحتدم العراك بين الرجل وزوجته، وعندها تحكم المؤسسات الاجتماعية بعدم أهلية هذه الأسرة لرعاية الأطفال، على أساس أن الأطفال يحتاجون إلى دفء عاطفي وحنان واستقرار نفسي، وهذا الحكم كفيل بتوزيع الأبناء على العوائل الغربية.
وهناك أيضاً المدارس الغربية التي أصبحت تركز كثيراً على تدريس مادة الجنس، وهي مادة ضرورية في المناهج التعليمية الأوروبية، وأحياناً وعلى الرغم من أن الصف يكون معظمه من المهاجرين العرب والمسلمين فإن المعلمة تسترسل في توصيفات من شأنها أن تفجر الشهوات المكبوتة لدى الأطفال وخصوصاً في سن المراهقة، وهذا ما يجعل نسبة الفساد الخلقي بين الأطفال المراهقين مرتفعة بشكل كبير.
... ولكن على الرغم من كل المؤامرات التي تُحاك ضد الإسلام والتي تزداد شراسة يوماً بعد يوم، إلاّ أن قطار الأسلمة إلى الغرب لن يتوقف وسوف يسير بقوته الذاتية ومعجزته القرآنية وليس بسواعد المسلمين، يقول الله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف:8-9].



مواضيع ذات صلة
أدبيات, الأشعار, الكتب, دراسات, نداء الهند،،نداء الهند,

إرسال تعليق

0 تعليقات