بقلم: محمد عبد المنعم خفاجي
الفكاهة : كل ما يبعث على الضحك أو الابتسام او السخرية من حديث مرح ، أو نادرة حلوة ، أو دعابة الطيفة ، أو نكتة مثيرة ، أو مزاح رقيق أو تهكم مرير ، والسخرية هي فكاهة تشتمل على المرارة النفسية ، وعان فلسفة ذاتية لصاحبها ...
وقد شهر العرب بالفكاهة ، لخفة أرواحهم ، وذكاء وذكاء عقولهم ، وحدة عواطفهم ومشاعرهم ، وكثرة تجاربهم في الحياة ....
وللمصريين في هذا المجال باع طويل ، فهم أبرع الشعوب العربية فكاهة ، واللههم نكتة ، وأحلاهم نادرة وارقهم مزاحا التأصل الحضارة والثقافة فيهم ، ولكثرة ما تعرضوا له على طول عصور التاريخ من عسيف وطغيان ، فاتخذوا النكتة موضع النقد السياسي ، وبرعوا فيها براعة فائقة.
ولما كثرت أعباء العمل السياسي عند القادة من العمرب الخلا الأمراء والولاء والخلفاء ندماء ، يسرون عنهم بالفكاهة الحماوة ، وبالحديث الطلي ، كما اتخذ بعض القادة شخصا سموه "مضحك الأمير".
وكان أبو نواس ( - ۱۹۸ هـ » ، وأبو العيناء ( - ۲۸۱ هـ ) ، ومن قبلهم أبو دلامة الشاعر العباسي الظريف ( - ١١٦٧ هـ ) يلبسون في أحيان كثيرة لباس النديم أو مضحك الأمير أو الخليفة ويروى عنهم في ذلك الكثير.
كما يظهر شخص سمى "جحا العربي" رويت عنه آلاف الفكاهات الحلوة وليس هناك ما يمنع . من أن يكون جدا اسطورة من : الإساطير ، الشخصية وتاريخ مجهولين ، وهناك أيضا جحا التركي"و جحا الفارسي".
وكان الجمل الأكبر أبو عبد الله الحسين بن عبد السلام الشاعر المصرى المشهور ( ۱۷۰ - ٢٥٨ هـ ) شاعر ابن طولون ونديمه ، ويروى له الدكتور شوقي ضيف في كتابه "الفكاهة في مصر" انه قال : .. كان قوم كسالى ينامون تحت شجرة کمثری ، تعاهدوا فيما بينهم لكسلهم ، أنه اذا سقط في أفواههم شيء اكلوه ، والا فلا ، فسقطت کمثری الى جانب أحدهم ، فقال له الذي يليه : ( ضعها في فمي » ، فرد عليه : ( لو استطعت ان اضعها في فمك لوضعتها في فمي : )..
وكان سعيد قاضي البقر نديما اللاخشيد وشاعره ، وكان حلو البادرة ذكى العقل خفيف الروح .
ثم ظهر سيبويه المصري أبو بكر محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندى الصيرفي ( ٢٨٤ - ٣٥٨ هـ ) وقد عاش في عهد الدولة الأخشيدية ، وكان مضمحك الأمراء ، مثيرا للناس وتظاهر بالبله والجنون ، ونال من الناس كافة وبخاصة كبارهم ، مالم يئلة منهم أحد.
وقد أخرج أحمد أمين كتابا الفاعنه وعنوانه ( سيبويه المصرى ) ، وله الكثير من النكات السياسية اللاذعة ، ولم يدع في زمانة كبيرا أو صغيرا الا هجاه بفكاهاته العميقة ....
وفي صدر الخلافة العباسية طارت شهرة أشعب أميرا للفكاهة والنكتة اللاذعة ، وروى أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني (-٤٥٣هـ ) في كتابه "ذيل زهر الآداب" الكثيرَ من الفكاهات البارعة ، وقد أخرج توفيق الحكيم كتابا اصدرته دار الهلال في العدد الثاني عشر من سلسلة كتابها الشهري ، وعنوان الكتاب « الشعب أمير الطفيليين" قص فيه الحكيم الكثير من نكاته المضحكة.
ويروى له الحكيم قصة مع الخليفة العباسي المهدى ، فقد رأى أشعب عشيرة رجال مجتمعين فصاح : انه الفرج ، ما اجتمع هؤلاء الا لوليمة ، ودخل في وسطهم واذا شرطة الخليفة تجيء وتضع الحديد في أيديهم جميعا ومنهم أشعب ، وتسوقهم الى بغداد .. ويعرضون على الخليفة فيامر بضرب رقابهم لأنهم زنادقة ، فصاح أشعب : يا أمير المؤمنين ، ومن عرفني بأحوال هؤلاء ، وبما يدينون به ؟ انما أنا رجل طفيلي رابتهم مجتمعين ، فظننتهم ذاهبين لوليمة فوقفت معهم ! .. فقال الخليفة : ليس هذا مما ينجيك منى ! .. اضربوا عنقة !. فصاح أشعب : ان كنت ولابد فاعلا فليضربوا بطني بالسيف فهو الذي اوقعني في هذه الورطة !
وفي النصف الأول من القرن الثالث في مصر ، ظهر ( مانی الموسوس ) ، وكان شاعرا مجيدا ، ونظم أكثر شعره في الفكاهة ...
كما ظهر في مصر في عصر الدولة الفاطمية محمود بن قادوس الدمياطي -( اه ه هـ ) ، وكان من كتاب الانشاء في الدولة الفاطمية ، وهو شاعر غزير الفكاهة ، حلو النكتة تهكم بشاعر اسود صديق له ، فقال :
فقال إن قلت من نار خلقت … وفقت كل الناس فهما
قلنا: صدقت. فما الذى … أطفاك حتى صرت فحما
وكذلك رأينا الجليس بن الحباب القاضي ( ٥٦١ هـ : ١١٦٥ م ) ذا فكاهات كثيرة ساخرة.
وللجاحظ - ٢٥٥ هـ ولع شديد بالفكاهة رأيناه في رسالته التربيع والتدوير ، التي كتبها في السخرية من صديق له اسمه محمد بن عبد الوهاب ، وفي كتابه ( البخلاء ) وفي كتابه الآخر (المحاسن والأضداد) وقد كتب عنه بعض الكاتبين دراسات حول الفكاهة في أدبه .
ورأينا ابن عبد ربه الاندلسي (۳۲۸ هـ ) في كتابه العقد الفريد ، والبديع الهمذاني في مقاماته وابا الفرج في (( الاغاني )) ، ثم الحريري في مقاماته من اكثر الكتاب ولما بالنكتة الحلوة المرحة.
والف ابن مماتي الكاتب والوزير في عهد صلاح الدين الأيوبي كتابه "الفاشوش في حكم قراقوش" في السخرية من قراقوش أحد القواد والحكام في عهد صلاح الدين ، وكان يتولى منصبا شبيها بمنصب محافظ القاهرة ، وهو الذي بني قلعة الجبل التي تسمى اليوم قلعة صلاح الدين ويروى الدكتور شوقي ضيف من فكاهات ابن مماتي في كتابه الفاشوش أن النيل توقف بمصر أياما ، فنظر قراقوش فرأى السقائين وجمالهم وهي تسير في شوارع القاهرة عشرين ، عشرين ، فأمر بأن ينادي في المدينة ، قد أمر بهاء الدين قراقوش بالا يملا أحد من البحر الا جملا واحدا ، ثم ظهر فيضان النيل ، فقال : ايا هؤلاء ، كيف رأیتم رایی عليكم ، ما هو الا راى مبارك . وظن قراقوش أن الماء الذي كانت تحمله الجمال هو الذي كان ينقص ماء النيل فيمتنع بسببه الفيضان ...
وكان ابن دانيال الموصلي المصرى سه ۷۱۲ هـ هـ » الشاعر بمسرحه الشعبي المشهور ، المعروف بخيال الفلل ، من الفلل ، من أبرع الناس فكاهة وأجملهم بادرة ، وكان خفيف الروح ، سريع النكتبة ، نادم الوزراء والأمراء ، ونال رقدهم ، وعاش في ظلهم ...
والف ابن سودون من أدباء مصر في القرن التاسع الهجرى كتابا سماه "نزهة النفوس ومضحك العبوس" ، وكان ابن سودون من العلماء الظرفاء ولقية الدكتور شوقي ضيف ( جحا المصرى ) ، ومن شعره :
عجب عجب هذا عجب................. بقرا تمشى ولها ذنب !
من أعجب ما في مصر الـ...............کرم يرى فيه العنب
او سیم » بها البرسيم كذا...............في الجيزة قد زرع القصب

0 تعليقات
أكتُبْ تعليقا