.webp)
بقلم: مهدي أحسن
طالب جامعة دار الهدى الإسلامية، بنغال الغربية، السنة الأولى من العالية
القصيدة البليغة التي تنبهر مفاهيم الهجرة ومزاياها حتى سميها بالعنوان "هجرتُكم للحق أشدُّ من هجرة النبي"، وزن البحر الطويل...
هجرتُم طريقَ الحق دهراً بلا أدبِ | فهل تدّعون النورَ من دونِ منقلبِ؟ |
هجرْتُم نبيَّ العدل في كلّ صالـحٍ | وأشعلتُمُ الدنيا بخُطبٍ من الكذبِ |
تُزيّنكمُ أسماءُ قومٍ مهاجرٍ | وفي جوفِكم تفريطُ عقلٍ مقلّبِ |
فيا من تناجي المجدَ زورًا بلا هدى | أما كنتَ تدري المجدَ يُبنى على الغضبِ؟ |
هجرتُم جوهرَ الهُدى، لا فِعالكُمُ | هدىً، لا ولا في الحكمِ ميزانُ محتسبِ |
تُصفّقُ أفواهٌ على الجهلِ والردى | ويُخنقُ صوتُ الحقّ في سِلكِ مذهبِ |
فهل مثلُ هذا كان نهجَ نبيّنا؟ | وهل هذه الأجيالُ من صلبِ يثربِ؟ |
إذا ذُكرتْ هجرةُ خيرِ الورى لكمُ | تذكَّرتمُ الشّكلَ، لا الدرسَ عن قُرُبِ |
أتَبكونَ أمجادًا ونفوسُكمُ خورٌ | وقد صاحَ صوتُ الحقّ من ظلّ مغتصبِ؟ |
هجرتُم صوابَ الدين وادّعَيتُمُ | دعاءً يضاهي زيفَ دمعِ المنتحبِ |
كأن لم يكنْ في الهجرةِ الكبرى هدى | كأنّ نبيَّ اللهِ سارَ بلا سببِ! |
فأينَ عقيدةُ من تقشّفَ في الدجى | وكانَ رداءُ الأرضِ كفنًا لمغتربِ؟ |
وأينَ ثباتُ المصطفى في شدائدٍ | وأنتمْ دعاةُ الشهواتِ بلا تعبِ؟ |
أتدّعونَ السنّةَ اليومَ قدوةً؟ | وفي كلّ دربٍ ضاعَ عقلُ المقلّبِ |
هجرنا الجهادَ، وادّعينا السلامَ، وما | سلامٌ إذا نامَ السيوفُ بلا غضبِ |
وصرنا شعوبًا لا تُهابُ مهابةً | ولا نملكُ الأمجادَ إلا بمذهبِ |
هجرتُم يقينَ الدين لمّا ارتضيتمُ | عقائدَ تُلهيكمْ بخبثِ المرتقبِ |
تُحيُونَ ذِكرى المصطفى في مجالسٍ | وقلبُ الورى ميتٌ، كسيرٌ، مخشّبِ |
أليستْ لهُ الهجرةُ الكبرى منارةً؟ | فأينَ التقى؟ أينَ العقولُ على الرتبِ؟ |
تُردّدُ أفواهُ الضعيفِ شعائرًا | ونبعُ القدوةِ اليومَ مقطوعُ المشربِ |
فإنْ كنتَ من أهلِ الهُدى فارتقي بهِ | ولا تطلبِ المجدَ المنيفَ بلا نصبِ |
ولا تتشبّهْ بالكرامِ مخادعًا | إذا كنتَ ترضى بالهوانِ بلا سببِ |
فهاجِرْ إلى الإصلاح وابدأ جهادَكا | ولا تتبعنَّ الدربَ إن لم تكن غضبِ |
وكنْ مثلَ طه حين سارَ مجاهدًا | بسيفِ يقينٍ، لا سيوفِ المجرّبِ |
تسلّحَ بالإيمانِ، لا جيشَ خلفَهُ | فهابتْهُ أركانُ الضلالِ المخربِ |
فيا أمةَ الإسلامِ آنَ قيامُكمْ | وقد طالَ نومُ النخلِ في يبسِ المخصبِ |
أعيدوا سلوى الهجرةِ الكبرى سننًا | وأوقدوا من نورِها شعلةَ المذهبِ |
فلا المجدُ يُهدى للكسالى هديةً | ولا المجدُ يُؤتى من خطبِ المغرّبِ |
وطوبى لمن يحيا جهادًا لعقلهِ | يهاجرُ جهلًا نحو فكرٍ مهذّبِ |
0 تعليقات
أكتُبْ تعليقا