ادعمنا بالإعجاب

تأثير العلوم الطبية الهندية على العرب خلال العصور الوسطى

 عنوان المقالة:  تأثير العلوم الطبية الهندية على العرب خلال العصور الوسطى 

الدكتور محمد أنيس فاروقي (باحث هندي )

كانت الهند أحد مراكز الحضارة العلمية في القديم وحظيت بمكانة مرموقة في العالم بكونها زاخرة بالعلوم والمعارف المختلفة كالعلوم الطبية والرياضيات وعلم الفلك والنجوم وغيرها فشد العلماء من الأمم المختلفة الرحال إليها ليستفيدوا من منابع العلوم الهندية ويسدوا عطشهم العلمي من مناهلها وعلى رأسها العلوم الطبية لأن الإنسان يحتاج إليها في كل مراحل الحياة المختلفة ولا يستغني عنها أحد في أي مرحلة من مراحل الحياة. 

ولا شك في أن الهنود احتلوا مكانا ساميا وكسبوا شهرة واســــعـة فــــي العلوم الطبية بكونهم بارعين بعلاج الأمراض المختلفة ومــاهرين فـــي خصائص الأدوية واستخدامها وعارفين علم الجراحة وذلك لأن الهند كانت من البلدان التي على أهاليها بالعلوم الطبية منذ قديم الزمان وحصل لهم قصب السبق الذي اعترف به العلماء اليونانيون والعرب والفرس كما ينورنا الجاحظ في رسالته "فخر السودان على البيضان"أن الهند اشتهرت بالحساب و... وأسرار الطب ... والصناعات الكثيرة العجيبة."" فأثرت العلوم الطبية الهندية وتركت انطباعات عميقة وبصمات راسخة على العلوم الطبية للأمم المختلفة بما فيها العلوم الطبية العربية فاستفاد العـرب مـــن الآراء والأفكار الطبية الهندية واقتبسوا منها وألفوا الكتب في المجالات الطبية المختلفة في ضوءها ولعبوا دورا مهما في تطوير العلوم الطبية وترقيتها فنسلط الضوء الآن على تلك العلوم الطبية الهندية التي تركت بصمات واضحة وانطباعات راسخة على العرب في السطور التالية:

علم الطب وتأثير الكتب الطبية الهندية على العرب : كان علم الطب علما يوجد من قديم الزمان" ومن المخمن أن جذوره وأصوله ترجع إلى سنة ٦٠٠٠ قبل الميلاد فاختلف المؤرخون والكتاب فيمن اخترع هذا العلم فبعضهم يظنون أن المصريين اخترعوه وقد ذهب بعضهم إلى أن "هرمس" هو مخترع هذا العلم وبعضهم يرون أن أهل القوس اخترعه وذكروا الهنود بهذا الصدد أيضا. 

أما الطب في الزمن القديم فكان يعاني من سيطرة السحر وأوهامه عليه عند أكثر الشعوب بمن فيهم العرب ورغم هذا كله ، كان العـرب مشهورين في العهد الجاهلي بمعرفة كثير من الأمراض وبارعين في فهــم الخصائص والأغذية والأدوية والعلاج بها وإن كان عددهم قليلا ومنهم الحارث بن كلدة الثقفي وابنه النضر اللذان استفادا من أطباء الفرس والروم. 

ولكن كل هذه المعلومات لدى العرب كانت معرفة جزئية ومتفككة وهـ وليدة الممارسة والخبرة الطويلة ولم يكن لها أساس نظري يدعمها ويبـرر وجه القول. وأما الطب الهندي فكان راقيا ومتقدما من الطب العربي وحتى من الطب الرومي والفارسي في بعض الميادين كما أقر اليعقوبي بهذه الحقيقة قائلا: "قولهم في الطب المقدم". وأما الأطباء الهنود فكان لهم قصب السبق في مجالات الطب المختلفة لأنهم كانوا شهيرين منذ قديم الزمان بمعرفــــة خواص الأربطة العضلية carbonds ورق العظام ( Joining the bones) وطار صيتهم في التضلع من الجهاز اللفاوي( Redress System) والضفائر العصبية (Muscular Plaits) واللفائف (Bandages) والأنسجة الدهنية (Oily Tissues) والأوعية الدموية (Blood vessels) والأغشية المخاطية والمفصلية Articular & Mucous Membranes وكذلك أحرزوا براعة ومهارة في فهم نظام الهضم(Digestive System) ومعرفته بصفة كبيرة وكسبوا إلماما جيدا بمعرفة واستعمال الأدوية والعقاقير Use of durgs & pharmaceuticals ) وبمعرفة تأثيراتها السلبية (Side Effects) وقد وصف الكتاب العرب أن الأطباء الهنود كانوا على معرفة جيدة بالتطعيم (Vaccination) قبل عام ٥٥٠ الميلادي وكان لهم إلمام ببدايات التنويم المغناطيسي (Hypnotism) التي كانت وسيلة للمعالجة وكذلك أشار الأطباء الهنود إلى أثر البعوض في نقل الحمـــى "الملاريا" (Malaria) وأما علاج الطب الهندي فكان يقف بالأصالة علـــى  تدبير الطعام الصحي والاستحمام وكان يعتمد على الاستنشاق والحجامة ومن الجدير بالذكر أن التشريعات الطبية تواجدت عند الهنود في الأمراض المعدية (Contagious diseases) والعلل الوراثية ( diseases Hereditary) والأسقام الخطيرة والمضنية (Dangerous diseases) في الزمن القديم ديم فهـ ذه التشريعات (Statutories) والتوصيات (Recommendations) الطبية الهندية تضاهي التشريعات الطبية الحديثة كإجراء الفحص الطبي قبل عقد الزواج ( Carrying out medical check up before the marriage) وقد ورد في كتاب "المدخل إلى تاريخ الحضارة العربية والإسلامية" : " وكان لهم تشريعات طبية تضاهي أحدث التشريعات كتحذير عقد الزواج إلا بعد الفحص الطبي أو بين شخصين مصابين بالأمراض الوراثية مثل البرص. 


ولكن لما جاء الإسلام في الجزيرة العربية وبدأت حركة الفتوح الإسلامية اتصل المسلمون بسواهم وشعروا حاجة إلى الطب لمعالجة جرحاهم ومداواة مرضاهم بأحسن طريقة فأولوا لهذا العلم عناية خاصة ودفعوا إليه اهتماما خاصا وبدأوا ترجمة الكتب الطبية اليونانية في العصـــــر الأموي ولكن لما جاءت الخلافة العباسية إلى حيز الوجود وجه المسلمون اهتمامهم وصرفوا انتباههم إلى علم الطب الهندي بسبب شهرته الواسعةوصيته الحسن في العالم فيظهر من الروايات التاريخية أن يحيى بن خالد بعث رجلا إلى الهند ليأتيه بعقاقير موجودة في الهند ولكي يستفيد منها في المضمار الطبي فأولى يحيى بن خالد وجماعة البرامكة اهتمامهم للثروة العلمية الهندية وعنوا بإحضار علماء الطب الهندي فتأثروا بالأفكار الطبية الهندية واستقدموا أعلام الطب الهنود واستدعوهم إلى بغداد ككنكة (Kanak) ومنكة (Manak) وصالح بن بهلة (Behl) وابن دهن (Abindhan) وصنجهل (Sanghal) و بازيكر (VijayGhar) وقلبيرقل (Kulbir) وسندباز (Sidhbar) وغيرهم" فقام الأطباء الهنود بخدمات جليلة في الطب في بغداد فاعترف الخليفة العباسي هارون الرشيد بهذه الحقيقة وأقر بتفوقهم العلمي وأسبقيتهم الطبية ولذلك استدعاهم إلى بغداد كصالح بن بهلة ودفع اهتمامه إلى تنظيم المستشفيات ومدارس الطب في بغداد فاشتهر الأطباء الهنود الذين هاجروا من الهند إلى بغداد ، في مجال الطب وذلك في العصر العباسي واستفاد العرب منهم وعكفوا على نقل كتبهم الطبية إلى العربية إضافة إلى الكتب اليونانية والفارسية في مضمار الطب فنقل كثير من مؤلفات الهنود في الطب إلى اللغة العربية إما مباشرة أو بواسطة اللغة الفارسية ومنها كتاب سيرك الهندي - وفي رأي الباحث أنه كتاب تشـــرك الهندي للطبيب الهندي الشهير بـ"تشرك" - وكتاب آخر في علامات الأدواء ومعرفة علاجها ثم بذل العرب قصارى جهدهم في التفريق والتمييز بين الغث والثمين والرطب واليابس منها فعلقوا عليها وأضافوا إليها إضافات هامة فيبدو من التاريخ أن هذه الكتب الهندية المنقولة إلى العربية في مجال الطب لعبت دورا بارزا في تشكيل الطب العربي فاستفاد الأطباء العرب المسلمون كالرازي صاحب كتاب "الحاوي" وابن سينا صاحب كتاب "القانون" والزهراوي صاحب كتاب "التصريف لمن عجز ...." وغيرهم من الأفكار الطبية الهندية كما تتضح من الإشارات إلى الأفكار الطبيــة الهندية التي توجد في كتبهم الطبية ثم ابتكروا فيها ابتكارات عظيمة تدعمها التجربة وتؤيدها المشاهدة والملاحظة وتربط بينها وحدة الاستقلال والبرهان في القانون والسببية وبسبب هذه الإضافات والابتكارات في مضمار الطب كتب للطب العربي أن يسبق الطب الأوروبي مئات السنين. 

ومن الكتب التي نقلت من الهندية إلى العربية وتركت تأثيرات عميقة وانطباعات راسخة وبصمات واضحة على أذهان العرب وأفكارهم في مجال الطب هي : 

الكتب الطبية الهندية المنقولة إلى العربية : 

۱ - سشرت سنهتا Sushra Sahita ألف هذا الكتاب الطبيب الحاذق والبارع الهندي "سشرت" نحو سنة ۹۰۰ ق م والذي كان يعـــد مـــن أساطين الطب الهندي وأعلامه في زمنه ومن المخمن أنه أول كتاب نقــــل إلى العربية من الهندية في مجال الطب فقسم المؤلف هذا الكتاب إلى ثمانية أبواب ومأة وخسمين فصلا ووصف فيه ٣٤١ عشبا يستخدم في الطب. وجدير بالملاحظة أنه ذكر فيه أيضا علامات مختلفة للأمراض المتعددة والأدواء المتنوعة والعلاج بها مع تفاصيل الأدوية فكان هذا الكتاب بمثابة مجرى الكناش في ذلك الزمن فكتب ابن النديم في كتابه قائلا : "أمر يحيـــــى بن خالد بتفسيره لمنكة الهندي في البيمارستان ويجرى مجرى الكناش". " وكما أعتقد أن العرب ذكروا هذا الكتاب بإسم كتاب" سسرد في الطب" في ضمن كتبهم الطبية والتاريخية كما ورد في تاريخ اليعقوبي : "ولهم فيه الكتاب الذي يسمى "سسرد فيه علامات الأدواء ومعرفة علاجها وأدويتها". وقد نفهم أهمية هذا الكتاب و تأثيره على العرب في مجال الطب وفي هذا المكان نلاحظ أن الرازي الذي يعتبر من عباقرة الطب العربي وفطاحله قد استفاد من هذا الكتاب و نقل منه الأفكار الطبية الهندية في كتابه الشهير "الحاوي" و قد شهد على هذا ابن أبي الأصيبعة قائلا : "وجدت الرازي قد نقل في كتابه "الحاوي" وفي غيره عن كتب جماعة من الهند مثل كتاب سيرك الهندي وعن كتاب سسرد. 

۲ - تشرك سنهتا Chara Sahita قام الطبيب الحاذق الهندي "تشرك" بتصنيف هذا الكتاب نحو سنة ٦٠٠ ق م وقسمه المؤلف هذا الكتاب إلى ٦ أبواب و ۱۸٦ فصلا وذكر فيه ٣٩٥ عشبا طبيا ولم أنسى أن أصف أن المؤلف ركز فيه على الجراحة على وجه الخصوص وأما كيفية ترجمته إلى العربية فترجمه عبد الله بن علي من الفارسية إلى العربية لأنه أو لا نقل من السنسكريتية إلى الفارسية ويروى أن الطبيب الهندي الشهير منكة (Manak) ترجمه فذكر المؤرخون العرب هذا الكتاب في كتبهم بإسم شرك الهندي" أو "سيرك الهندي وكتب أبو الريحان البيروني في كتابه الشهير" في تحقيق ما للهند" عن هذا الكتاب : ولهم" كتاب" يعرف بصاحبه وهو "شرك" يقدمونه" على كتبهم في الطب ويعتقدون أنه كان "رشا" في "دواير" الأدنى وكان إسمه "أغن بيش" ثم سمي "شرك" أي العاقل لما حصـــــل الطب من الأوائل أولاد "سوتر" وكانوا رشين وهؤلاء أخذوه من "إندر" وأخذه إندر" من "أشوني" أحد طبيبي "ديو" وأخذه هذا من "برجابت" وهو براهم الأب الأول ، وقد نقل هذا الكتاب للبرامكة إلى العربي". 

ذكر ابن النديم أن الرازي استفاد من هذا الكتاب الهندي واقتبس الآراء الهندية في الطب منه أيضاً وتجدر الإشارة إلى أن الصيدلي الكبير ابن بیطار استفاد من هذا الكتاب ويشهد على هذا كتابه "الجامع لمفردات الأدوية و الأغذية الذي نجد فيه ذكر الآراء الطبية الهندية المنقولة من هذا الكتاب في مواضع مختلفة فعلى سبيل المثال ورد في كتابه : "وفي كتاب شرك الهندي أن الثوم جيد لتفجير الدبيلة والقولنج وعرق النسا، وإذا أريد تفجير الدماميل طبخ بالماء واللبن حتى ينحل وينصب الماء ثم يؤخذ فإنه ينفع أيضاً من السلع والحميات العتيقة وقروح الرئة ووجع المعدة." فيدل كل هذا على أن هذا الكتاب كان يحظى بشعبية كبيرة ويحمل أهمية قصوى لدى العرب أيضا. 

٣ - كتاب السموم : ألف هذا الكتاب الطبيب العبقري الهندي شاناق(٣٥٠-٢٨٣ ق م) الذي قلد منصب الوزارة في عهد الملك الهنــــدي الشهير تشندر غبت موريا (۳۲۱ - ۲۹۸ قبل الميلاد) ونقله كنكة الهندي من السنسكريتية إلى الفارسية ثم ترجم أبو حاتم البلخي منها إلى العربية ليحيى بن خالد البرمكي وبعد ذلك نقله عباس بن سعيد الجوهري من جديد إلى العربية في عهد المأمون فتتجلى أهمية هذا الكتاب عند العرب من الكلمـــات التي كتبها ابن أبي الأصيبعة عن صاحب هذا الكتاب فهو يقول: "ومـــــن المشهورين أيضا من أطباء الهند شاناق وكانت له معالجات وتجارب كثيرة في صناعة الطب وتفنن في العلوم وفي الحكمة وكان بارعا في علم النجوم ، حسن الكلام ، متقدما عند الملوك .

٤ - كتاب في علاجات النساء : صنفت الطبيبة الهندية "روسا" هذا الكتاب وتم نقله إلى العربية من السنسكريتية في العهد العباسي فاستفاد أطباء العرب من هذا الكتاب كثيرا في تشخيص الأمراض النسائية وعلاجاتها فواحد منهم الرازي الذي اقتبس الآراء الطبية الهندية من هذا الكتاب في علاجات النساء في كتابه الشهير "الحاوي". 

٥- کتاب توقشنل / نوکشنل : ألف الطبيب الهندي "توقشنل" كتابين في علم الطب وهما : (۱) كتاب توقشنل : ذكر فيه المؤلف مأة مرض ومأة دواء.  (۲) كتاب التوهم" في الأمراض والعلل" فأخذ الرازي الأفكار الطبية الهندية من هذين الكتابين في ضمن الأمراض المختلفة وعلاجاتها في كتبه. 

٦ - كتاب في أجناس الحيات وسمومها : ألفه الطبيب الخبير رأي الهندي 

٧- كتاب ندان أو بدان : وصف المؤلف أربع مأة وأربعة أمراض ومعرفتها بدون علاج في هذا الكتاب. ويبدو أن إسم هذا الكتاب الهندي "مدهارا ندانا (Madhara Nidana) الذي ألفه مدهارا. 

٨ - كتاب أجناس الحيات : صنفه الطبيب الحاذق ناقل الهندي .

 ۹ - كتاب أطر في الاشربة : يبدو أن أطر هو إسم المؤلف لهذا لكتاب. " 

وثمة كتب طبية نقلت من السنسكريتية إلى العربية في أمراض مختلفة وتركت آثارها على الطب العربي إلا إننا لا نعرف أسماء مؤلفيها ولذا نكتفي بذكر عناوينها التي هي كما يلي :  

١ - كتاب علاجات الحبالى للهند 

۲ - كتاب السمومات للهند 

٣- کتاب استانكر الجامع : ترجمه ابن دهن إلى العربية -

٤- كتاب في علامات الأدوار ومعرفة علاجها 

ه - كتاب في معرفة العلل والأدواء والعلاجات " 

٦ - كتاب السكر للهند 

٧- كتاب سندهشان أي كتاب صفوة النجح : : ترجمه ابن دهن إلى العربية وأشار ابن النديم إلى إسمه الأصلي هكذا: "كتاب سند ستاق"." 

۸- ترجمة كلب باره : نقله أبو الريحان البيروني وهي مقالة للهند في الأمراض التي تجرى مجرى العفونة. 

وهذه هي الكتب الطبية الهندية التي وصل ذكرها إلينا على مـر الدهور والعصور ولكن قد ضاع كثير منها بمرور الزمان ومن هنا لا نجد في أكثر الأحيان إلا أسماء الأطباء الهنود الذين تم نقل كتبهم إلى العربية من السنسكريتية في مجال الطب و حسب تصريحات ابن النديم كما يلي : ، وراحة، وصكة، وداهر ، وآنكو، وزنكل ، وأريكل، وجبهر، واندي، باكهر، وجباري." 

تأثير الكتب الطبية الهندية على العرب : تأثر المسلمون العرب بأفكارهندية في مجال الطب كثيرا وتشهد على هذا تلك الآراء الهندية في مجال الطب التي توجد في كتب الأطباء العرب البارعين في مجالهم كالرازي وابن سينا والزهراوي وغيرهم فكتب ابن أبي أصيبعة عن الكتب الطبية الهندية وأطبائها يلقي الضوء على أهمية تلك الكتب وتأثيرهــا علــى العرب وقال : والهند" تشتغل بمؤلفات هؤلاء ) وهم منكة، وصنجهل، وباكهر، وراجه وصكة وداهر، وأنكر ، وزنكل ، وجبهر، وأندي، وجاري، كل هؤلاء أصحاب تصانيف وهم من حكماء الهند وأطبائهم ) فيما بينهم ويقتدون بها ويتناقلونها وقد نقل كثير منها إلى اللغة العربية ووجدت الرازي أيضا قد نقل في كتابه الحاوي وفي غيره عن الكتب جماعة من الهند مثل كتاب شرك الهندي وعن كتاب سسرد. 

وكذلك كتب جرجي زيدان وهو يركز الضوء على تأثيرات كتب الهنود الطبية على العرب : ويظهر مما كتبه المسلمون بعد العصر العباسي في الأدب أو الطب أو الصيدلة أو السير أنهم اعتمدوا في جملة مصادرهم على كتب هندية الأصل راجع قانون ابن سينا مثلا أو الملكي للرازي أو غيرهما من كتب الطب الكبرى فتراهم يذكرون بعض الأمراض ويشيرون إلى أن الهنود يسمونها مثلا كذا وكذا أو يعالجونها بكذا وكذا . "" فاستفاد العرب من هذه الكتب كثيرا في الفحص عن الأمراض والعلاج بها خاصة حينما لا يجد العرب كيفية معرفة العلل والعلاج بها في كتبهم الطبية كما تستبين من كتابات جرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي" فكتب بهذا الصدد هو يلقي ضوءا على الطبيب البارع صالح بن بهلة الهندي الذي قدم إلى مدينة بغداد الخاضعة للعراق في أيام الرشيد: "خالط أطباءها يومئذ واختلطوا به، فإذا لم يكونوا نقلوا شيئا من كتبه فلا بد من اقتباسهم شيئا من آراء الهند عنه." 

وكذلك كتب الدكتور أحمد فريد الرفاعي عن تأثير الهنود على العرب وأشار إلى الحقيقة أن المسلمين العرب اعتمدوا في تأليف كتبهم الطبية على الكتب التي نقلت من الهندية إلى العربية أو على الكتب التي ألفها أطباء الهند مثلا كنكة وترجموها إلى العربية فذكر الرازي وابن سينا وغيرهما آراء الهنود الطبية في كتبهم الطبية الكبرى. فهذه الكلمات إن دلت على شيئ فإنماهي تدل على أن العرب استفادوا من الكتب الطبية الهندية في الفحص عن الأمراض المختلفة والعلاج بها وتأثروا بآراء الهنود كثيرا في مجال الطب. 

الصيدلة : استفاد العرب من الأمم المختلفة بمن فيها الهنود في مجال العقاقير والحشائش والأدوية كما يظهر من الرواية أن يحيى بن خالد بعث رجلا إلى الهند ليجلب العقاقير والحشائش الموجودة في بلاد الهند" وكذلك نقل العرب والمسلمون كتبا تتعلق بعلم بالعقاقير والحشائش من اللغات المختلفة بما فيها السنسكريتية إلى العربية فهذه الاستفادة من الأمم المختلفة في مجال العقاقير والأدوية لعبت دورا مهما في نشأة علم الصيدلة وتقدمها كعلم مستقل فعلى أيدي العرب قطع علم الصيدلة شوطا بعيدا و رفعوها عن مستوى تجارة العقاقير وجعلوا القوانين لمنع الغش فيها. وأما الكتب الهندية التي ترجمت في اللغة العربية من السنسكريتية واستفاد منها العرب مجال العقاقير فهي كما يلي : 

۱ - كتاب مختصر للهند في العقاقير " 

٢ - كتاب أسماء عقاقير الهند : ترجمه كنكة الهندي لإسحاق بن سليمان 

٣- كتاب فيما اختلفت فيه الهند والروم من الحار والبارد وقوى الأدوية وتفصيل السنة. 

٤ - كتاب ششرت سنهتا : يعالج بقضايا الأدوية أيضا وقد سبق ذكر هـذا الكتاب بالتفصيل في هذا الفصل ضمن ذكر الكتب الطبية الهندية المنقولة إلى العربية. 

٥- كتاب تفسير أسماء العقاقير : صنفه الطبيب الهندي منكة وذكــر فيـه أسماء الأدوية والأعشاب الهندية الأصل. 

وأما تأثير الكتب الهندية على العرب في مجال الصيدلة فهي تتضح من أن المسلمين اعتمدوا في تأليف كتبهم في مضمار الصيدلة على الكتب الهندية المنقولة إلى العربية في العقاقير والحشائش بعد العصر العباسي وتوجد الإشارات بهذا الصدد في كتب العرب في مجال الصيدلة. فعلى سبيل المثال ذكر ابن البيطار في كتابه الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" الأدوية الهندية المختلفة وفوائدها للأمراض المتنوعة ومنها الهليلج والخولان الهندي والملح الهندي وأملج والبقم والبندق الهندي والتانبول والقرطم الهندي والنارجيل و السنبل الهندي والبيش وجوزبوا وورق الساذج الهندي وغيرها كثير. 

وأما البيطرة فاستفاد العرب من الهنود في هذا المجال كثيرا ونقلوا كتبا هندية في علم البيطرة إلى العربية لكن لا نجد إلا ذكر كتاب واحد فـــــي كتب التاريخ فقط وهو كتاب الطبيب البارع شاناق. 


مواضيع ذات صلة
الهندوسية, تراث الهند،, ثقافة الهند,

إرسال تعليق

0 تعليقات