ادعمنا بالإعجاب

الشعراء الرّواد في العصر الحديث (البارودي، وحافظ، وشوقي)


تتناول هذه المقالة بشكل رئيسي ثلاثة من أهم شعراء الأدب العربي الحديث: أحمد سامي البارودي، محمد حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، حيث تسلط الضوء على حياتهم، شعرهم، وإسهاماتهم الأدبية

جدول المحتويات

نظرة عامة

Overview

نشأة ﻣﺤﻤﻮد ﺳﺎﻣﻲ اﻟﺒﺎرودي وحياته

The Birth and Life of Mahmoud Sami Al-Baroudi

ثقافت البارودي

Al-Baroudi's Culture

آثارالبارودي

Al-Baroudi's Works

البارودي شاعر التقليد

Al-Baroudi the Traditional Poet

البارودي شاعر التجديد

Al-Baroudi the Poet of Renewal

البارودي رائد الشعر الحديث

Al-Baroudi the Pioneer of Modern Poetry

نشأة حافظ إبراهيم وحياته

The Birth and Life of Hafez Ibrahim

ثقافة حافظ إبراهيم وحياته

The Culture and Life of Hafez Ibrahim

آثارحافظ إبراهيم وحياته

The Works and Life of Hafez Ibrahim

شعر حافظ إبراهيم وحياته

The Poetry of Hafez Ibrahim

نشأة أحمد شوقي وحياته

The Birth and Life of Ahmed Shawqi

ثقافة أحمد شوقي

The Culture of Ahmed Shawqi

آثار أحمد شوقي( في الشعر، والنثر)

The Works of Ahmed Shawqi (in Poetry and Prose)

شعر أحمد شوقي

The Poetry of Ahmed Shawqi

الهوامش

Footnotes

المصادر والمراجع

Sources and References


صاحب القلم : د. محمد شاكر رضا (الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية وآدابها، جامعةمولانا آزاد الوطنية الأردية، حيدرآباد- الهند)

 نظرة عامة 

العصر الحديث هو العصر الذي يبتديء باستيلاء الوالي محمد علي باشا على مصر سنة ١٨٠٥م ، ولا يزال والأدب العربي الحديث هو  الأدب الذي ابتدأ في مستهل القرن التاسع عشر حتى يومنا الحاضر. وكانت مصر في ذلك العهد تحت سلطان العثمانيين حكماً، وتحت سيطرة المماليك فعلا . وكان المصريون فى حالة تخلف كبير، وجهل متفش واستغلهم الظلم واستبعدهم الحكام فغزاهم على هذه الحالة الأليمة نابليون بونابارت سنة ۱۷۹۸م. وكان هذا الغزو غزوا عسكريا وفكريا وثقافيا فخلف آثارا ساحقة على حياة المصريين، فإن الجماعة العلمية التي صحبت هذا القائد العظيم لم يمنعها شيء من غرس العلم والحضارة في نفوس المصريين، فأنشأوا مدرستين وجريدتين ومسرحا للتمثيل ومجمعا علميا ومكتبة ومطبعة ومعامل كيميائية ومراصد فلكية وسهلوا للناس النظر إليها، والوقوف عليها ورأى المصريون أنهم في القرن التاسع عشر، وأن الغرب واقف منهم موقف الإنسان العاقل من الحيوان الأعجم يرميهم بنظرات السخرية وهو دائب في سبيل الحياة الصحيحة مجد في تذليل المادة فبهتوا ودهشوا.

ولكن محمد علي باشا لم يدهش، بل علم أن ما في الغرب من حضارة وعمارة إنما أساسه العلم. فأخذ في تعليم المصريين وقد عزّ فيهم القاريء، ففتح المدارس المختلفة الدرجات والغايات في المدن والأرياف، واستقدم طائفة من علماء فرنسا للتدريس ،والتأليف وبعث بمن أنجبت تلك المدارس إلى فرنسا، وفتحت في القاهرة مدرسة الألسن ودار الترجمة وأقيمت المطبعة المصرية، وأنشئت الوقائع المصرية وهي أول صحيفة عربية في الشرق. ولما تولى اسماعيل زمام الأمور وسّع تلك الحركة توسيعا عظيما، وامتد هذا النور العلمي إلى بلاد الشام وإلى سائر بلاد العرب فكان لها أثر كبير في إنهاض الشرق من غفلته(۱). 

وكان الأدب العربي في شعره ونثره راكدا يخلو من الحياة قبل العصر الحديث. وكان الشعر يجري في مصر حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر على صورة سيئة ورديئة، فكانت أغراضه ضيقة وتافهة وكانت معانيه مبتذلة وساقطة وكانت أساليبه مكلفةً ومثقلة بأغلال الصور البديعية. ولكن نرى الشعر في النصف الثاني من هذا القرن بأنه بدأ يتغير في بعض جوانبه بسبب الإصلاحات التي حدثت في الحياة السياسية والاجتماعية والدينية والأدبية فى مصر (۲) ونرى لأول مرة هذا التحول فى الشعر بصورة واضحة لدى محمود سامي البارودي الذي يُعد رائد الشعر الحديث، لأنه أنقذ الشعر من الأساليب الركيكة، وردّ إليه الحياة والروح. واتخذ الشعراء بعد البارودي أسلوبه الجديد في نهضة الشعر وإحيائه وأعجب بذلك الشباب الناشيء من الشعراء وعلى رأسهم أمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم. والشعراء المهاجرون إلى مصر من سوريا ولبنان والشام). وكان شوقي مثقفاً بالآداب الأوروبية ولا سيما الفرنسية منها، واستفاد منها في أدبه وشعره العربي أما حافظ فكان مثل البارودي، فلم يتجه إلى الأدب الأوروبي، بل اتجه إلى الأدب القديم، ومع ذلك لم يتأخر عن عصره، وروحه، بل ربما كان أكثر تفاعلا مع روح عصره وشعبه، لأنه اندمج من أول الأمر في الشعب. 

وكان هؤلاء الشعراء الثلاثة رُوّادا في الشعر في الأدب العربي الحديث وكانوا يعتمدون في شعرهم على المادة الأدبية القديمة، لكنهم مع ذلك يصوّرون ثقافتهم وعصرهم في شعرهم فهي طبقة كانت تلائم ملائمة شديدة بين القديم والجديد وكانت مثلا أعلى للشعراء الذين جاءوا من بعدهم. وفي التالي يذكر ترجمة شخصياتهم الأدبية وأعمالهم القيمة. 

نشأة ﻣﺤﻤﻮد ﺳﺎﻣﻲ اﻟﺒﺎرودي وحياته 

ولد رب السيف والقلم في سنة ١٨٣٨م / ١٢٥٥هـ فى القاهرة. وقد نشأ في جو ثري، إذ ولد لأبوين من الجراكسة ينتميان إلى المماليك الذين حكموا مصر فترة من الزمن. وكان أبوه حسن حسني البارودي من أمراء المدفعية، ثم جعله محمد علي باشا مديراً لبربر ودنقلة. وتيتّمَ الباروي صغيراً وهو في السابعة من عمره، فحرم بذلك حنان الأب ورعايته وكفله بعض أهله، فقاموا خير قيام على تعلميه وتربيته، حتى إذا بلغ الثانية عشرة من عمره التحق بالمدرسة الحربية مع أمثاله من الجراكسة والأتراك، وابناء الطبقة الحاكمة. وتخرج فيها سنة ١٨٥٤ وهو فى السادسة عشرة من عمره في عهد عباس الأول. وكان عباس هذا من المانعين للنهضة، إذ أغلق المدارس التي كانت تجري منذ عهد أبيه محمد علي، كما خمدت في عهده روح الحماسة في الجيش، بل سرّح معظمه إرضاء للدولة العثمانية، فأقفرت ميادين القتال من ألوية مصر. 


وخلفه ،سعيد ولم يكن عهد سعيد أحسن حالا من عهد عباس، فقد احتذاه في كثير من ،سیاسته وخاصة من حيث الجيش وتسريحه فلما تخرّج البارودي في المدرسة الحربية لم يجد عملاً، كما لم يجد زملاؤه عملا يعملونه بعد تخرجهم، اما هم فقد طاب لهم عيش الرخاء والراحة، ولكن البارودي لم يخلد إلى الراحة بل أخذ توّاً يعمل في ميدان جديد هو ميدان الشعر العربي، فعكف على كتب الأقدمين وقرأ دواوين الشعراء وخالط من عاصره من الأدباء، فقويت شاعريته وتقوّم لسانه على الفصاحة فنظم الشعر وهو في نحو العشرين من عمره ولكن   مصر ضاقت به او ضاق بها، فسافر إلى الآستانة مقر الخلافة، واشتغل بوزارة الخارجية فيها، وأتقن هناك اللغتين التركية والفارسية، ودرس آدابهما، وحفظ كثيرا من أشعارهما، ونظم فيهما بعض ،أشعاره وأتاحت له مكتبات الآستانة وما فيها من ذخائر الشعر العربي فرصة ذهبية جديدة ليتزود من دواوين العباسيين ومن سبقوهم من الإسلاميين والجاهليين.

 وفى هذه الأثناء زار إسماعيل الآستانة بعد أن تولى أريكة مصر سنة ١٨٦٣م ليشكر أولي الأمر فيها على تقليده ولاية مصر، فتعرّف على البارودي، وألحقه ،بحاشيته، وأصبحت للبارودي مكانة أثيرة عنده، فلما عاد إلى مصر صحبه معه. وبذلك يختم البارودي هذه الدورة الأولى من حياته. 

عاد البارودي إلى مصر ، وهو في ريعان الشباب وقد مضى يسلك السبيل الذي شغف به منذ أن كان صبيا : سبيل الجيش والحرب، وظل يرتقي في مناصب ،الجيش ثم سافر إلى فرنسا مع طائفة من الضباط ليشاهدوا استعراض الجيش الفرنسي السنوي، ومن هنا إلى لندن ليشاهدوا بعض الأعمال العسكرية في الديار الإنجليزية. وحدث أن اندلعت ثورة ضد الدولة العثمانية في جزيرة إقريطش «كريت» في سنة ١٨٦٦م ورأى إسماعيل أن يمدها بفرقة مصرية، ورحل البارودي مع الفرقة، وأظهر في حرب الثوار شجاعته وقوته فكافأته الدولة العلية ببعض أوسمتها. وفى سنة ۱۸۷۷م أعلنت روسيا الحرب على تركيا، فأرسل إسماعيل جيشا يعاون الخليفة في حربه مع عدوه وسافر البارودي مع الجيش، وأبلى في المعارك بلاء حسناً، فأنعم عليه بأوسمة مختلفة. وعُين البارودي مديرا للشرقية، ثم محافظا للعاصمة. وكانت هذه الدورة الثانية من حياته. 

وكانت الحركة القومية قد أخذت تظهر بسبب الصحف وقيام طائفة من المصلحين ينددون بإسماعيل وسياسته المالية الفاسدة وتمكينه للأجانب أن يتدخلوا في شئون الحكم المختلفة، وما رضي به من صندوق الدين والمراقبة الثنائية. ونزل إسماعيل عن ولاية مصر لابنه توفيق فحاول توفيق في أول الأمر أن يستجيب إلى دعوة المصلحين فوعد بإقامة الحكم النيابي وعين البارودي ناظراً أو وزيراً للأوقاف، ثم تولى البارودي وزارة الحربية مع الأوقاف وسرعان ما نكث توفيق عهده للأمة، فلم يقم لها مجلس الشورى الذي تنتظره، واستقال البارودي، ثم عاد فتولى رئاسة الوزارة، وحاول أن يوفّق بين الجيش والخديو، ويصلح الأمور بالرفق والهوادة ولكن الأمور تعقدت أمامه بسبب مطالبة الجيش بعزل توفيق وثار الجيش بقيادة عرابى ثورته المعروفة سنة ،۱۸۸۲م واستعان توفيق بإنجلترا وفرنسا ضد الوطن وجيشه حينئذ انضم البارودي إلى الثورة، وكان متردداً فى أول الأمر وحاول الاعتزال في مزارعه ولكن هيهات، وقد جرى مع الضباط شوطاً بعيداً، وربط حظه بحظهم. وبذلك تنتهي الدورة الثانية من حياته. 

ولم تنجح الثورة، فقدّم إلى المحاكمة، وحكم عليه بالنفي مع زملائه إلى جزيرة «سرنديب» فأقام بها سبعة عشر عاما وبعض عام. وفي المنفى قال القصائد الخالدة يبثها شكواه، ويحن للوطن ويصف كل ما حوله، ويراسل الأدباء، ويتتبع أخبار بلاده، فيرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه. وهناك تعلم الإنجليزية، وأخذ يؤلف مختاراته من الشعر القديم. وأخيرا صدر العفو عنه في سنة ١٩٠٠م برضى الخديوي عباس الثاني، فعاد إلى وطنه وصارت داره ندوة للأدباء والشعراء وعكف على تنقيح دیوانه و تدوین مختاراته، وترتيبها، إلا أن حياته لم تطل به، فقد توفي سنة ١٩٠٤م ١٣٢٢هـ ولم يكن قد طُبع دیوانه ولا مختاراته فطبعتهما زوجته (٤) . 

ثقافت البارودي

تدل حياة البارودي على أنه ولد ليكون جنديًا، فقد كان من عنصر شركسي كان له حكم مصر في وقت من الأوقات، وأورثه هذا العنصر حدةً في المزاج وطموحا واسعا، وميلا إلى حياة الحرب والفروسية وامتزج العنصر الوراثي هذا مع العنصر العربي الذي اكتسبه من قراءاته للشعر القديم. وترجع ثقافة البارودي في معظمها إلى مطالعة الدواوين الشعرية لمشاهير الشعراء وقد وعى البارودي الكثير من روائعها وتراكيبها وألفاظها . ولم يهتم بكتب اللغة والنحو يقول أستاذه وصديقه الشيخ حسين المرصفي عنه في كتابه «الوسيلة الأدبية»: لم يقرأ (البارودي) كتاباً في فن من فنون العربية، غير أنه لما بلغ سن التعقل وجد من طبعه ميلا إلى قراءة الشعر وعمله، فكان يستمع بعض من له دراية وهو يقرأ بعض الدواوين أو يقرأ بحضرته حتى تصوّر في برهة يسيرة هيآت التراكيب العربية ومواقع المرفوعات منها والمنصوبات والمخفوضات حسب ما تقتضيه المعاني ... ثم استقلّ بقراءة دواوين مشاهير الشعراء من العرب حتى حفظ الكثير منها دون كلفة، واستثبت جميع معانيها ناقدا شريفها من خسيسها، واقفا على صوابها وخطئها» (ه) . 

وهكذا زاد البارودي على محفوظه الشعري قدراً كبيراً من أخبار العرب وأحاديثهم، واطلع على بعض الثقافات الأجنبية كالتركية والفارسية والإنجليزية فكان لهذه اللغات أثر كبير في صقل ذوقه الأدبي، وفي معانيه وأخيلته، وتصويره للحوادث. 

أضف إلى كل هذا ما كان من أحوال عصره وأحداث سیاسته فقد كان عصره مملوءاً بالحوادث، فمن نهضة شاملة، وخلق لأمة مُتَمَدينة، ومن توليه أرقى المناصب فى مصر - إلى ثورات وفتن وحروب ومعارك ونفي وتشريد وكل هذه العناصر أثرت في ثقافته وفي شعره. 

آثارالبارودي

ترك البارودي لنا ديواناً ضخماً من الشعر عكف على تنقيحه وترتيبه ومراجعته وشرح غريبه والتعليق عليه قبل وفاته وقد قامت زوجته بالإنفاق على طبعه بعد وفاته، ولم يطبع منه أول الأمر إلا جزءان ثم فكرت وزارة المعارف في طبعه، فقام السيدان علي الجارم، ومحمد شفيق معروف بشرح ،غریبه وضبطه، وتصحيحه، وقد صدر من هذه الطبعة جزءان كذلك أولهما في سنة ١٩٤٠ ، وثانيهما في سنة ١٩٤٢. ويتضمن دیوانه موضوعات تقليدية من مدح ونسيب وفخر وحماسة، وبعض الموضوعات المستحدثة في السياسيات والأوصاف والهجاء الاجتماعي,

 وخلف البارودي كذلك أربع مجموعات شعرية تعرف بـ «مختارات البارودي»، جمع فيها لثلاثين شاعرا عيون قصائدهم وأشعارهم. وكان هؤلاء الشعراء من أكابر الشعراء في العصر العباسي أمثال بشار وأبي نواس ومسلم بن الوليد والعباس بن الأحنف وابن المعتز، وأبي العتاهية وصالح بن عبد القدوس والبحتري وأبي تمام وأبي فراس ومهيار الديلمي، والمتنبي، وأبي العلاء .وغيرهم وقد شرح البارودي وعلق عليها. وقد قامت زوجته بطبعها على نفقتها بعد وفاته. 

وترك البارودي بجانب ديوانه ومختاراته من الشعر القديم كتابا نثريا سماه «قيد الأوابد» جمع فيه بعض الرسائل والخواطر السانحة. ولم يُنشَر هذا الكتاب حتى الآن مع ما يحمل من صورة حياته وجنباته المتنوعة (٦). 

البارودي شاعر التقليد 

اتصل البارودي مباشرة بينابيع الشعر العربي القديمة في العصر العباسي وما قبله من العصور الإسلامية والجاهلية واتخذ ذلك مذهبا له واستقامت عليه شاعريته وتملأت من روعته حافظته ،وخياله فكان يحاكي الشعراء القدماء ويعارضهم من مثل النابغة وبشار وأبي نواس والمتنبي وأبي فراس والشريف رضي ونظم في أغراض الشعر القديم، وسلك مسلك الأقدمين في أساليبهم ومعانيهم، فوقف على الأطلال وذكر نجدا ورباها ،وحيوانها والدَّمَن والغيث ،والبرق، وشبَّه المرأة بالمهاة والظبي وأراد البارودي بذلك أن يمتحن شاعريته ويُظهر استطاعته في محاكاته للقدماء حتى في وقوفهم على الأطلال والدمن فجاء تقليده لغاية مفيدة لأنه ردَّ إلى المعاصرين يقين القدرة على الاحتذاء بالشعراء العباسيين والمخضرمين والجاهليين فى ميدان اللغة والأساليب، وكانوا في حاجة إلى هذه الثقة بأنفسهم ولغتهم بعد ركدة العصور التركية. 

البارودي شاعر التجديد 

قلد البارودي القدماء أولا في أغراضهم ومعانيهم وأخيلتهم، ثم استقلت شخصيته، وسرعان ما أدرك أن للأدب والعصر حقاً على شعره وأن الاعتماد على الأقدمين لا يفرض عليه التقيّد بهم كل التقيّد. فإذا صرفنا النظر عن الموضوعات التقليدية في شعره نجد في ديوانه كثيراً من الأغراض المستحدثة، والأساليب المبتكرة، مما يدل على البارودي، في شخصيته، وشخصية عصره، وشخصية الطبيعة التي عاش فيها. 

وشعر البارودي مفعم بنضوح شخصيته المتعددة النواحي في نزعتها الشريفة إلى الحياة العسكرية، وما تقتضيه من حرمان ،وزهد وبذل وإقدام، ونزعتها المريضة إلى حياة الترف والرخاء والمرح والغرام أيام السلم والقعود. فتارةً نسمع الجندي الشاعر المغرم بقسوة حياته، وصليل سلاحه ودوی ،معاركه ينشد الشعر ويقول:

 وأَصْبَحْتُ في أَرْضِ يَحَارُ بها القطا

 وَتَرْهَبُها الجنّانُ وَهيَ سـوارحُ 

تَصِيحُ بها الأَصْدَاءُ في غَسَقِ الدُّجَى 

صِيَاحَ التَّكَالَى هَيَّجَتْها النّوائِحُ 

مَدافِعُنَا نُصْبُ العدا ومُشاتُنَا

 قِيَامٌ تَلِيها الصَّافِناتُ الْقَوارحُ 

وتارة نسمع الشاعر الذي ينشد الراحة في نشوة الخمر والروض، ويقول: 

أدر الْكَأْسَ يَا نَدِيــــمُ وَهاتِ 

واسقنيها عَلَى جَبــين الْغَدَاة 

شَاقَ سَمْعِي الغِنَاءُ فِي رَوْنَقِ الفَجْ 

ر وسَبْعُ الطيور فى العذبات  

وأيضا كان البارودي قادرا على تصوير العصر الذي يعيش فيه فتنوّع شعره بوصف الكهرباء، والقاطرات والسجون والآثار المصرية، ووصف المشاهد الحربية، فكان ذلك فتحاً جديداً في الأدب وصوّر الباردودي في حماسياته وتحريضاته آمال الأمة وتعطشها إلى الحرية، ومحبتها للعدالة وللشورى والمساواة فاتحاً بذلك بابا واسعا الشعراء عصره ووطنه من أمثال حافظ وشوقي من ممثلي الروح الوطنية، كما جدّد البارودي في هجائه وابتدأ نوعا من الهجاء الاجتماعي الذي يقصد فيه إلى تصوير عيوب المجتمع في صورة حية تلفت الانتباه وتدعو إلى الإصلاح ونرى هذا التصوير الاجتماعي لدى بعض الشعراء العالميين أمثال وليم شكسبير، وموليير (٧) اللذين صوّروا عيوب الإنسانية في شخص من أشخاص رواياتهم وهزليَّاتهم وإليك بعض ما قال في الجارة الصاخبة وأولادها المشاجرين. 

إلى الله أَشْكُو طول لَيْلى وَجَارَةً

 بيتُ إِلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ بِإِعْوَالِ 

لَهَا صَبْيَةٌ لا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِم

 قِبَاحُ النَّوَاصِي لا يَنَمْنَ عَلَى حَال 

كانهم مَّا تَنَازعْنَ أَكْلُبْ 

طُرقْنَ عَلَى حين الْمَسَاء برتبَال 

فَهَجْنَ جَمِيعاً هَيْجَةً فُزِّعَتْ لَهَا 

كلابُ القُرَى مَا بَينَ سَهْل وَأَجْبَال 

ونرى البارودي بأنه كان مفتوناً بجمال الطبيعة، يرى في كل سطر من شعرها الحسن والجمال وفي كل خط من خطوطها مصدرا للإلهام. والجديد في وصف البارودي أنه مستقل في قصائد كاملة ولا يأتي الوصف لديه عرضا في ثنايا القصائد أو توسلا إلى غرض آخر كما نرى لدى الشعراء السابقين. وأجمل ما وصفه البارودي : الليلة العاصفة المطيرة، والنجوم ومناظر ،الريف والطيور، والبحر الهائج الغاضب والجبل والغابة (۸). 

البارودي رائد الشعر الحديث 

يعد البارودي رائد الشعر الحديث فقد قام بتحرير الشعر العربي من أثقال القيود البديعية وغير البديعية التي رَزَحَ تحتها أجيالا طويلة، كما حرّره من الأغراض البالية من المديح والتهاني والتقريظ التي كانت تخنق روحه ولا تبقى فيه بقية لمعنى أو أسلوب رصين أو عاطفة صادقة. يقول الزيّات إن كان لامريء القيس فضل في تمهيد الشعر وتقصيده، ولبشار في ترقيته وتجويده، فللبارودي كلّ الفضل في إحيائه وتجديده»(۹) . 

لقد أثر البارودي في الشعراء الذين أتوا بعده تأثيرا كبيرا، يقول الدكتور شوقي ضيف: «أصبح شعر البارودي مهوى أفئدة العرب من الخليج إلى المحيط ، وأخذ يتسع تأثيره في الأجيال التي خلفته مهما تفاوتت حظوظها من التقليد والتجديد. وكان تأثيره شديدا في الجيل التالي له، فقلما ظهر فيه شاعر إلا ومضى يستضيء بمنزعه من الموازنة البارعة بين عناصر الشعر التقليدية وعناصره التجديدية، على نحو ما يتضح ذلك عند معروف الرصافي في العراق ومحمد البزم وخليل مردم فى سوريا، وشكيب أرسلان وحليم دموس في ،لبنان، والشيخ محمد النخلي ومحمد الشاذلي خزنه دار في المغرب، وأهم تلاميذه حواريوه بمصر من أمثال إسماعيل صبري، وحافظ إبراهيم، وشوقي، وخليل مطران (١٠) . 

نشأة حافظ إبراهيم وحياته 

ولد حافظ إبراهيم حوالي سنة ١٨٧١م/ ۱۲۷۸هـ بديروط في مصر من أب مهندس مصري يسمى «إبراهيم فهمي». وكان أبوه من بين المهندسين المصريين للإشراف على القناطر القائمة على النيل بديروط واختار السكناه سفينة «ذهبية» أقام فيها مع زوجته التركية. وفتح الشاعر عينيه على مياه النيل فكان ذلك من العجب بأن الذي وُلد على صفحة النيل لقّب فيما بعد بشاعر النيل». وقد درج الطفل على ظهر السفينة ينعم بحنان والديه، ولكن يموت أبوه وكان في سنته الرابعة. 

فانتقلت به أمه إلى القاهرة حيث نشأ تحت رعاية خاله، فقام على تربيته، وألحقه أولا «بالكتاب»، ثم تحوّل به إلى مدارس مختلفة كان آخرها المدرسة الخدوية وتصادف أن نُقل خاله إلى بلدة «طنطا» فصحبه معه. ولم يتردد حافظ في طنطا إلى مدرسة، وأخذ يتضح فيه ميله إلى قرض الشعر، ومطالعة الكتب الأدبية، فكان يطارح بعض الطلاب ويستعرض معهم طرائف الشعراء القدماء والمحدثين ونوادرهم. 

ولم يكن لحافظ مهنة، وهو يحس بأنه كلُّ على خاله وأخذ خاله يضيق به بسببتعطله،  فعزم على أن يغادر منزله ويبدأ محاولاته في کسب ،قوته وكتب لخاله هذين البيتين :

ثَقُلَتْ عليك مئونتى

 إني أراها واهية 

فافرَحْ فإنى ذاهب 

متوجه في داهية 

وتوجّه حافظ إلى مهنة المحاماة، وكانت المحاماة لا تزال مهنة حرة، وكان حافظ رجلا يحسن الكلام، ويجيد النقاش والدفاع، فالتحق بمكاتب بعض المحامين، بيد أنه كان ملولا لا يستقر على حال، ففجأة سافر إلى القاهرة ليلتحق بالمدرسة الحربية، وقضى هناك ثلاث سنوات وتخرّج فيها سنة ۱۸۹۱ وعين فى وزارة الحربية ومكث بها ثلاث سنوات. ثم نُقل إلى وزارة الداخلية فمضى فيها عاما وبعض عام، ثم عاد إلى الحربية، ودعي إلى مرافقة الحملة الأخيرة إلى السودان. وكانت الحملة بقيادة اللورد كتشنر وكان الجيش المصري في ذلك الحين ذليلة طيّعة في أيدي المستعمرين، وبالإضافة إلى ذلك كانت علاقة حافظ باللورد كتشنر سيئة جداً. فلا يكاد يضع قدمه هناك حتى يسئم ويشكو ويراسل الشيخ محمد عبده معلنا تبرمه وسخطه. وتقوم ثورة في الجيش فيشترك حافظ فيها، فيُحاكم وحكم عليه في سنة ۱۹۰۰ بإحالته إلى الاستيداع، فعاد إلى مصر وقد حيل بينه وبين العمل في الجيش ثم أحيل على المعاش بناء على طلبه. 

وكان لهذه الحوادث تأثير كبير في نفس حافظ، وامتلأت نفسه باليأس والسخط، فقد نشأ يتيما فى أسرة متوسطة، واضطر إلى كسب قوته بنفسه، وحاول أن ينظم حياته فدخل المدرسة الحربية وتخرج فيها، لكنه أحيل إلى الاستيداع والمعاش. 

وأخذ يبحث عن العمل لأن معاشه كان ضئيلا لا يكفي حاجته، وحاول أن يعمل في صحيفة الأهرام، ولكنها أغلقت أبوابها من دونه، فاتجه إلى الشيخ محمد عبده، واشتدت صلته به وأصبح تلميذه الوفي المخلص، حتى إنه قلّما كان يفارق مجالسه. وقد تعرّف عن طريقه على الطبقة الممتازة من المصريين أمثال قاسم أمين، وسعد زغلول ومصطفى كامل ولطفي السيد وهي الطبقة التي كانت تفكر في الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي وكان في الوقت نفسه لم يقطع صلته بأترابه من الطبقة الفقيرة التي نشأ فيها بسب بؤسه، وكانت قد نشأت في هذه الطبقة الفقيرة طائفة من الأدباء البائسين أمثال إمام العبد، وكانوا يجلسون في مقاهي الأحياء الوطنية، ويتنقلون فيها بأدبهم. وكان الشعراء والأدباء في الزمن القديم تحت رعاية الملوك والخلفاء والأمراء، وزالت هذه الرعاية في العصر الحديث واضطر حافظ أن يقضي ليله ونهاره في مصاحبة الطبقة الممتازة التي مرّ ذكرها سالفا، وكان مرحا ونشيطا وبسبب ذلك قرّبوه منهم، فكان يمدحهم ويُضحكهم، ويروي لهم الشعر القديم وينظم لهم الشعر في المناسبات المختلفة، كما ينشىء لهم قصائد يحتاجون إليها في الإصلاحات الدينية والاجتماعية والسياسية.

 وأخيراً ينقذه في سنة ۱۹۱۱ "حشمت "باشا" وزير التربية والتعليم حينئذ من هذه الحياة البائسة، ويعينه في القسم الأدبي بدار الكتب المصرية، ويظل فى هذه الوظيفة إلى سنة .۱۹۳۲ وأخذت الوظيفة تغل لسانه، فلم يعد يقول الشعر في الشئون السياسية والاجتماعية كما كان شأنه قبل توظفه. ويذكر الدكتور أحمد أمين أن هذه الفترة التي قضاها حافظ موفظاً بدار الكتب "كانت فترة نضوب في شعره وجمود في قريحته إلا نادرا فكان منصبه نعمة عليه ونقمة على فنه ومنفعة له ومضرة على الناس ولعل أيام بؤسه الأولى روعته وأفزعته حتى قامت شبحا دائما أمام عينه تنذره بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هو أصيب في منصبه أو مُسَّ في مرتبه“ (۱۱) .

وبعد انتهاء الحرب العاليمة الأولى رُدَّت إلى فأخذ حافظ يعود سيرته الأولى، الناس حريتهم غير أنه كان يخشى أن يُفْصَل من وظيفته، فلم يعد ينشر كثيرا مما نظمه في الأحداث السياسية خشية أن يطرد من عمله ويحرم من قوته، وأحيل إلى المعاش سنة ۱۹۳۲ فى عهد وزارة صدقي باشا. وكانت الحريات محبوسة فنظم كثيرا من الشعر الثائر، ولكنه لم ينشره على الملأ في الصحف بل ظل يخاف السجن ولم يمهله القدر بعد خروجه إلى المعاش إذ ودع الحياة الدنيا في ٢١ يوليه في نفس السنة .۱۹۳۲(۱۲). 

ثقافة حافظ إبراهيم وحياته 

تكونت ثقافة حافظ من عناصر مختلفة تشترك في تكوينها وأول هذه العناصر الدم المصري الذي ورثه عن أبيه، لا شك فى أن أمه كانت تركية، ولكن تركيتها لم تخلف أثراً واضحاً فيه، فقد غلبته مصريته حتى صار مثالا حيّاً للمصري فى عصره، ومثالا لروحه القومية ومزاجه الباسم والعنصر الثاني من هذه العناصر هو ثقافته العربية من قراءاته للأدب القديم، فقد عكف على قراءة كتب الأدب العربي وأشبع رغبته منها، وبخاصة كتاب «الأغاني»، وكتاب «الوسيلة الأدبية» للشيخ حسين المرصفي، وكتب الجاحظ وغيرها من أمهات الكتب. وكان حافظ قوى الحافظة، وكان لقوة ذاكرته ينشد قصائده في المحافل من الذاكرة ولا يقرؤها من ورقة مبسوطة .أمامه ونرى أثر هذه الثقافة العربية الرصينة في شعره فما تقرأ له قصيدة إلا وتجد فيها إشارة إلى حادث تاريخي أو شخصية مشهورة أو مثل عربي حكمة مأثورة أو غير ذلك مما تملأ به كتب الأدب العربي. 

ونلاحظ عنصرا ثالثا في تكوين شخصيته  وهو عنصر بيئته المصرية الاجتماعية، وكان عنصرا مركبا، فهو من جهة نشأ فى طبقة وسطى، ودعته ظروف الحياة إلى أن يحس آلام الناس، ويدرك ما يختلج في نفوسهم من بؤس وفقر وشقاء. ومن جهة ثانية اتصل حافظ بالطبقة الممتازة من المصريين التي لم تكسب امتيازها عن الوراثة، وإنما كسبته بجهودها وأخذ حافظ من صحبة هذه الطبقة الممتازة ألوان العلم والمعرفة والفكرة وصاغها في شعره. 

آثارحافظ إبراهيم وحياته 

ترك حافظ لنا ديوان شعره فى ثلاثة أجزاء. وديوانه لا يشتمل على جميع ما نظمه، بل إنّ جزءاً قيماً منه وخاصة في السياسة ضاع لأنه لم ينشره على الملأ فى الصحف، لئلا يغضب الحاكمون ومن بيدهم الأمر. وكتب «ليالي سطيح» وهي مقالات نثرية على طريقة المقامات صوّر فيها على لسان سطيح الكاهن الجاهلي كثيرا من عيوب المجتمع، وتأثر في ذلك أوضح التأثر بآراء الشيخ محمد عبده الإصلاحية. ووصف فيها حال مصر، وهي تئن تحت الاستعمار، وندد بأعمال الإنجليز. وترجم «البؤساء»، وهي رواية ألّفها شاعر فرنسا الأكبر فيكتور هيجو ( Victor Hugo) وترجمها حافظ إلى العربية، وهو لم يتقن اللغة الفرنسية، ولذلك لم يستطع أن يترجمها ترجمة دقيقة، فاحتفظ بروحها وزاد فيها ونقص حسب ذوقه، وتصوّر الرواية تصويرا حيا للبؤس والشقاء. وشارك حافظ مع الشاعر خليل مطران في ترجمة «الموجز في علم الاقتصاد» وتعريبه ونقله إلى اللغة العربية. وقد لقى الشاعران كثيرا من المشاق فقد وضعا ألفاظاً عربية للمصطلحات الفرنسية في هذا العلم الذي كان جديداً في اللغة العربية. 

شعر حافظ إبراهيم وحياته 

اتصل حافظ بأعلام الشعر والأدب الذين اشتهروا في عصره، ونهل من بحار علمهم، وكانوا له كالأساتذة يأخذ عنهم أنواعا من العلم والمعرفة. بيد أن حافظ كان منذ بدايته معجباً بالشاعر محمود سامي البارودي ومقامه أشد إعجاب وربما كان دخوله في المدرسة الحربية نتيجة رغبته لتكون سيرته مثل سيرة البارودي من جميع الوجوه، وكذلك اشترك حافظ في ثورة الجيش في السودان ليكون مثل البارودي الذي اشترك فى الثورة العرابية في مصر. 

وقد تأثر حافظ بالبارودي أشد تأثير في نظم الشعر، فقد أحيا في شعره الجزالة وقوة العبارة والبعث لأساليب العربية الأصيلة مثل البارودي وحاول حافظ أن ينتقي اللفظ البسيط الجذاب، ولهذا السبب قل الغريب في شعره، لكي تقع أفهام السامعين على معانيه في سهولة ويسر. 

ولاشك أن البارودي كان أوسع ثقافة من ،حافظ حتى في صلته بالشعر العباسي والإسلامي والجاهلي، فقد ألّف البارودي مختاراته في الشعر في أربعة مجلدات، ولم يستطع حافظ أن يؤلف مختاراته مثل أستاذه. كذلك كانت ثقافة البارودي بالآداب الأجنبية أوسع من حافظ، لأن البارودي تَقفَ آداب اللغتين الفارسية والتركية وحاول أن يتعلم الإنجليزية في منفاه وسافر إلى ،أوربا، ورأى الحضارة الغربية المادية، وهيأت له أرستقراطيته أن يتأثر بها في معيشته. وكل ذلك جعل البارودي واسع الثقافة. أما حافظ فقد تعلّم تعليما متوسطا مثل أفراد الطبقة الوسطى، وعرف أطرافا من الفرنسية، ولكنه لم يكن متعمقا في آداب هذه اللغة فحافظ كان ضيق الثقافة بالنسبة إلى البارودي وكان أشد ضيقا بالنسبة إلى معاصريه من أمثال أمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر القطرين مطران اللذين كان يتقنان الفرنسية وآدابها. يقول الدكتور شوقي ضيف: «ومع ذلك لا بد أن نجل عصاميته، إذ كان شاعرا بطبعه لا بثقافته، واستطاع أن يثبت للمنافسة مع شوقي ومطران وغيرهما ممن رفدوا طبيعتهم بجداول الفكر الغربي وينابيعه العقلية» (۱۲) . 

ونشأ حافظ في الطبقة الوسطى، وأتيح له أن يختلط بسواد الشعب وأن يتعرف أهواءهم، وبذلك أصبح شاعرا مصريا تاما يصور الشعب المصري في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تصويرا دقيقا في شكواه وحرته وبؤسه وفقره وعواطفه السياسية والوطنية والاجتماعية. وبلغ حافظ في هذه الميادين ما لم يبلغه شوقي والبارودي، لأن شوقي كان موظفا بقصر الخديو، وكان بعيدا عن الشعب وطموحاته، وأما البارودي فلم تكن الصحف قد شاعت في زمنه، ثم هو نشأ نشأة أرستقراطية، فكان شعوره بنفسه أقوى من شعوره بالشعب. 

فكان حافظ يخاطب الجمهور بشعره أولا، ولذلك السبب كان شعره أكثر وضوحا وأقرب فهما وبجانب ذلك يستخدم اللغة السهلة والأساليب البسيطة، وكان يذيعها في الصحف اليومية. وينقل إلينا في شعره بأفكار عصره وآراء كتابه وخطبائه وأساليبهم أحيانا. وكان حافظ بذلك صورة حية لعصره، فمثلا نراه يهجو شعبه ويقرعه 

وما أنت يا مصر دار الأديب

 وَلاأنت بالبلد الطَّيِّب 

أيُعجِبُنِي مِنكِ يَومَ الوفاقِ

 سُكوتُ الجَمادِ وَلعَبُ الصَبي 

يَقولونَ فى النشء خَيْرٌ لَنا 

والنشء شَرٌّ مِنَ الأجنبي (١٤) 

يعبر حافظ في هذه الأبيات عن سخط مَنْ حوله من السياسيين والاجتماعيين فهو يشير إلى سكوت المصريين على الاتفاق الذي تم بين فرنسا وإنجلترا سنة ١٩٠٤م، وكان يتيح لأولاهما أن تطلق يدها في مراكش، ولثانيتهما أن تطلق يدها في مصر، وتأخذ بما تريد من حكم جائر. 

ونراه يعيب على الشباب عكوفهم على الملاهي وانصرافهم عن الجدّ والعمل المثمر لأمتهم، ولحافظ شعر كثير يقرّع فيه الشباب كأنه يريد أن يستثيرهم بما يغرس من الحمية فيهم. وكان لا يجد برّاً ولا عملا نبيلا إلا يشيد به، ويتغنى بالقائمين على أمره ونراه يقول في رعاية الطفولة: 

أنقذوا الطفل إن فى شقوة الطف

 ل شقاءً لنا على كل حال

 أنقذوه فربما كان فيه 

مصلح أو مغامر لا يبالي 

شاع بؤسُ الأطفال والبؤس داء

 لو أتيحَ الطبيب- غير عُضال 

وبجانب هذا النوع من الشعر الاجتماعي، يكثر عنده الشعر السياسي، ومن أروع ما قاله فيه قصيدته في حادثة دنشواي المعروفة سنة .١٩٠٦ . وهي الحادثة التي توفي فيها ضابط إنجليزي كان يصطاد الحمام في أرض مصر نتيجة ضَرْبة شمس، وظن الإنجليز أن أهل مصر قتلوه، فأنزلوا بهم عقاباً وحشيّا فظيعا، وكانوا جميعا ،أبرياء، وقابل الشعبُ هذا الحادث ومعه زعيمه مصطفى كامل بالاستياء الشديد. وقد نظم حافظ قصيدة في هذه الحادثة على هذا النمط الساخر: 

أيها القائمون بالأمر فينا

هَل نَسَيْتُم وَلاءَ نا والودادا 

خَفِّضُوا جَيشَكُم وَناموا هَنيئا

 وَابْتَغُوا صَيدَكُم وَجُوبوا البِلادا 

وَإذا أعورَتكُم ذاتُ طوق

 بَينَ تلكَ الرُبا فَصيدوا العبادا 

إِنَّمَا نَحْنُ وَالحَمامُ سِواءُ 

لَّم تُغادر أطواقُنا الأجيادا (١٥) 

وصوّر حافظ في هذه القصيدة ظلم الإنجليز وبغيهم وسخط الأمة المصرية عليهم سخطا شديدا. ويُلاحَظُ عليه فى هذه القصيدة وغيرها من شعره السياسي نوع من الحذر والاحتياط، فلا يثور حافظ على الإنجليز ثورة عنيفة، بل يضم الثورة مع نوع من اللباقة والحيلة حتى لا يُسجن. وقد مرّ أن كثيرا من شعره السياسي الوطني لم ينشر ، وأنه كان يكتفي بإنشاده في النوادي والمجالس. 

ومع النزعة الوطنية نجد في شعره نزعتين عربية وإسلامية، وتظهر النزعة العربية في كثير من قصائده، وخاصة في قصيدته التي تكلّم فيها بلسان اللغة العربية ، وقد نشرها فى أول القرن العشرين حين كانت تهب عاصفة العامية ضد العربية، وهي من غُرَر قصائده، ومطلعها: 

رجعت لنفسى فاتهمت حصاتي

 وناديت قومي فاحتسبتُ حياتي 

وأما النزعة الإسلامية فتبدو في قصيدته العُمرية التى قصرها على عمر بن الخطاب (رضي الله تعالى عنه) وأعماله، وقد أقيم حفل خاص لإلقائها في ۸ فبرائر سنة ۱۹۱۸م في مدرج وزراة المعارف بدرب الجماميز وهي سرد مسهب لتاريخ الخليفة عمر بن الخطاب وأعماله ومواقفه، وتشتمل القصيدة على ستة وثمانين ومائة بيت. وتبدو النزعة الإسلامية فى شعر كثير له قرضه في الخلافة العثمانية. 

وبالإضافة إلى ذلك، صوّر حافظ الأحداث العالمية، فإذا انتصرت اليابان تغنّى بالشرق وأمجاده، وإذا حدث بركان أو زلزال في ناحية من النواحي صوّر بؤس المنكوبين فيه. وكذلك وَصَفَ المخترعات مثل القطار والطيارة والباخرة في شعره. 

ولا شك فى أن حافظ كان بذلك مجدداً فى شعره بالمقدار الذي يستطيعه، وهو تجديد يطابق لبيئته ،وزمنه أما الآداب الأجنبية فلم يكن حافظ متضلعا فيها. وقد قرض الشعر في موضوعات قديمة كالإخوانيات والخمريات ،والغزل وهو فيها مقلد ولعل فن الرثاء خير موضوع أجاد فيه حافظ، وفاق شعراء عصره فيه. وسبب ذلك أن الرثاء يتفق مع طبعه الحزين ونفسه القلقة الشاكية، والسبب الثانى هو أنه كان سريع التأثر بالشعب وآلامه، فإذا حزن الشعب لموت مصلح كبير مثل الشيخ محمد عبده أو مصطفى كامل أو سعد زغلول انطبع هذا الحزن في نفسه ولم يترك حافظ صديقا أو زعيما يمضي إلا وفّاه حقه من الرثاء فكان حافظ يشعر بما يشعر به شعبه شعورا دقيقا ويصوغ هذا الشعور في شعره. وبذلك تتضح مكانته تاريخ الشعر العربي الحديث. 

نشأة أحمد شوقي وحياته 

وُلد أحمد شوقي سنة ١٨٦٩م / ١٢٨٥هـ في زمن الخديوي إسماعيل من أسرة ممتزجة العناصر، فقد كان أبوه عربيا، وكانت أمه تركية وكان جده لأبيه ،شركياً، وكانت جدته لأمه يونانية، فشخصيته تتألف من أربعة أصول. 

ونشأ شوقي منذ نعومة أظفاره في رَغَد وتنعم وما زال في هذه البيئة حتى آخر حياته واختلف منذ سنته الرابعة إلى الكتاب ثم انتقل إلى المدارس الابتدائية والثانوية. ولما أكمل تعليمه الثانوى التحق سنة ۱۸۸٥ بمدرسة الحقوق، وكان قد أنشيء في الحقوق قسم للترجمة فالتحق به ومنح فيها شهادته النهائية سنة .۱۸۸۷م . وإذا كانت دراسته في المدارس جعلته يتقن اللغة العربية والفرنسية فإن بيئة منزله ساعدته ليتقن اللغة التركية، وبذلك كان يحسن ثلاث لغات في مطلع شبابه. 

وسافر شوقي في سنة ۱۸۸۷ إلى فرنسا ليدرس الحقوق على نفقة الخديوي توفيق بن إسماعيل، فدرس الحقوق في مدرسة في مدينة مونبلييه عامين، ثم سافر إلى باريس، وأقام فيها عامين آخرين ليكمل الحقوق. وفي السنة الثالثة وهو فى باريس أصيب بمرض شديد فأشار عليه الأطباء أن يقضي بعض أيام تحت سماء إفريقيا، فاختار الجزائر وقضى هناك أربعين يوما، ثم عاد إلى فرنسا فأكمل سنته الثالثة للحقوق، وحصل على شهادته النهائية وظل هناك ستة شهور يختلف فيها إلى مسارح باريس، ومتاحفها وآثارها ومعالم حضارتها وزار أثناء إقامته في فرنسا بلاد الإنجليز وغيرها من المدن وقرأ الصحف والكتب القانونية والأدبية، وقد قرأ لفيكتور هيجو ولامرتين ودي موسيه وغيرهم من شعراء فرنسا مثل لافونتين، وبذلك رأى رأي العين عوالم جديدة في الشعر والحضارة ثم رجع إلى مصر سنة ١٨٩٢.

 رجع شوقي إلى مصر وكان قد توفى توفيق وخلفه عباس حلمي الثاني فأعرض مدة عن شوقي، ولكنه ما لبث أن قربه إليه، فعيّنه رئيسا للقسم الإفرنجي بالقصر وجعله شاعر البلاط وأصبحت له مكانة كبيرة عنده، وظل شوقي في هذا العمل الرتيب عشرين عاما هي زهرة حياته. وأيّد شوقي سياسة الخديوي فأصاب ثروة وجاها، وبذلك كان نافذ الكلمة مسموع الرأي، بل أصبح كأنه صاحب الأمر والنهي، يقصده طلاب الحاجات وتَعنُو له وجوه الوزراء ومن يطعمون في الرتب والألقاب وأفاد شوقي اطلاعا وافرا من رحلته التي قام بها إلى مدينة جنيف بسويسرا ليمثل مصر في مؤتمر المستشرقين الذي عُقد في هذه المدينة سنة ١٨٩٤ . وقد تزوج شوقي من سيدة ثرية كانت مثالا للزوجة الصالحة، وقد رزق منها ابنة سماها ،أمينة، وابنين، اسم الواحد علي واسم الآخر حسين.

 وأعلنت الحرب العالمية الأولى في سنة ١٩١٤ وكان عباس غائبا عن مصر بتركيا فأعلنت إنجلترا حمايتها (١٦) على مصر، وخُلع عباس لاتصاله بالأتراك. ومنعته من دخول مصر، وأقامت على مصر السلطان حسين كامل مكانه وأبعدت عن القصر كل من يُظهر الولاء لعباس وكان شوقي يحب عباسا ويؤثره على حسين فلم يسكت بل نظم قصيدة تحدّث فيها عن الحماية التي أعلنتها إنجلترا على مصر، فخاف الإنجليز من تأثير شعره في نفوس المصريين فأمروا بنفيه إلى إسبانيا، وظل بها طوال الحرب، وتنقل في إسبانيا بين مدنها الكبيرة، وهناك أخذ ينظم قصائده فى أمجاد العرب القديمة ودولتهم الزاهرة في الأندلس الإسلامية، ويضمنها حنينا شديدا إلى وطنه مصر حتى انتهت الحرب العالمية الأولى. 

عاد شوقي إلى مصر في ۱۹۱۹ ، فوجد وطنه مُلَطَّخا بدماء الحركة الوطنية، ورأى أنه قد تغير كل شيء في مصر، ووجد أن أبواب القصر لم تفتح له، ومن هنا تبدأ الدورة الثانية فى حياته الأدبية، لأنه أصبح حرا طليقا، وهيّأ له ثراؤُه أن  ينعم إلى أقصى حد بهذه الحرية، فخلص لفنه ولشعبه، وأخذ يغنيه أغاني وطنية رائعة. وكان يصرف أغلب أوقاته في بيته ناظما في موضوعات تتفق مع الوعي الشعبي ولم يغفل عن البلدان العربية المجاورة، بل اتصل بشعوب البلاد العربية، فقد شارك السوريين في ثوراتهم الوطنية ضد الفرنسيين وسجل هذه الثورات شعرا رائعا ولم يترك فرصة للإشادة بزعيم عربي أو حركة عربية إلا انتهزها ونوَّه فيها بآمال العرب وظلم المستعمرين. وأصبح أمل الشباب في مصر وسوريا وغيرهما . 

وبذلك أصبح شعره يُردَّد في كل مكان ينطق أصحابه اللغة العربية، فطارت شهرته، فأينما حلَّ أقيمت له الاستقبالات، وكان بيته منتدى الأدباء والشعراء وكبار رجال عصره. وقد زاره في سنة ١٩٢٦ رابندر نات طاغور" شاعر الهند الكبير وغيره من الأدباء والزعماء. واختير شوقي عضوا في مجلس الشيوخ وفي سنة ١٩٢٧ أعاد طبع ،ديوانه فأقيمت له بهذه المناسبة حفلة تكريم ،كبيرة اشتركت فيها الحكومة المصرية والدول العربية جميعا بمندوبين. وقد وضع الشعراء في هذا الحفل على مفرقه تاج إمارة الشعر لا في مصر وحدها بل في سائر الأقطار العربية. وممن ساهم في هذه الحفلات محمد كرد علي مؤسس المجمع العلمي العربي بدمشق، وشبلي ملاط الشاعر والأديب اللبناني الشهير، والحاج أمين الحسيني المفتي العام للقدس، وأحد أبرز الشخصيات الفلسطينية فى القرن العشرين وشكيب أرسلان الكاتب والأديب والمفكر العربي البناني الذي اشتهر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديبا وشاعرا بالإضافة إلى كونه سیاسیا، وفندنبرج البلجيكي عن بلده، وغيرهم من الشعراء والأدباء وأعلن حافظ إبراهيم باسمه واسم شعراء البلاد العربية ومبايعتهم الشوقي بإمارة الشعر قائلا:

 أمير القوافي قد أتيتُ مبايعا 

وهذي وفود الشرق قد بايعت معي 

وظلّ شوقى عاكفا على الشعر بعد ذلك، لكنه مال بنوع خاص إلى المسرحيات، فانصرف إلى تأليف الروايات التمثيلية فى السنوات الأربع الأخيرة من حياته وأخيرا لبّي داعي ربه في أكتوبر سنة ١٩٣٢، مخلفا لمصر  والبلاد العربية تُراثه الشعري الخالد (١٧). 

ثقافة أحمد شوقي

لقد اجتمعت عناصر مختلفة على خلق مهر شخصية شوقي الغريبة، منها الجنسي ومنها الثقافي، أما من حيث الجنس فقد اشتركت فيه العناصر التركية والشركسية والكردية واليونانية .والعربية وهذه العناصر جعلته شاعرا ممتازا لعل مصر لم تظفر بمثله في عصورها المختلفة. وخاصة يجمع شوقي بين الجنسين العربي واليوناني، اللذين يشتهران من قديم بالشعر والشاعرية. وأما من حيث الثقافة فقد مَهَر في اللغة العربية والفرنسية خلال دراسته في المدارس، كما اللغة التركية في بيئة منزله، وعقدت هذه اللغات في ثقافته واتفقت فيما بينها على تأليف طبيعته. 

وتأدب شوقي بآداب العرب، واستقى خاصة من كتاب «الوسيلة الأدبية» للشيخ حسين المرصفي، وهذا الكتاب يحوي النماذج الرائعة للشعراء القدماء، كما يحوي بعض نماذج البارودي .الحديثة واستقى شوقي خاصة من نماذج البارودي الحديثة وتمثلها تمثلا رائعا (١٨). وآثر شوقي النسج على منوال الفحول من الشعراء العباسيين، وأخذ أفضل ما عندهم: فراقه من أبي نواس مثلا وصف الخمر والغزليات وراقه من البحتري صفاء الخيال ودقة الصور وجمال الوقع الموسيقي ، وأعجبه من أبي تمام والمتنبي احتفالهما للمعاني الرفيعة وشيوع الحكمة والأمثال في شعرهما وأثناء نفيه في إسبانيا، قرأ شوقي كثيرا عن الأندلس، وحاز لنفسه ثقافة تاريخية عميقة بالأندلس وأمجاد العرب فيها وحضارتهم ونهضتهم، كما عُني بقراءة شعرائهم ودواوينهم. 

وهيئت لشوقى فرص مختلفة لزيارة فرنسا وبلاد الإنجليز، فشاهد الحياة الغربية، ورأى فيها من حرية الدين والفكر، كما رأى في البلاد الأوروبية من حب الحياة والحرية والعلم واطلع على الآداب الغربية ولا سيما الفرنسية منها. وحاول أن يجدد تحت تأثير ما قرأ في الآداب الغربية، فقد قرأ وترجم للامرتين، كما قرأ وقلّد لافونتين، وقرأ أيضا فيكتور هيجو وقلده في عنايته بالتاريخ والتمثيل، كما قرأ راسين وكورني وغيرهما من الكلاسيكيين، وقرأ شكسبير، وأفاد منه مصرع  كليو باترا. وقد كان لكل ذلك أثر بعيد في شعر شوقي. 

وعاش شوقي في عصر مليء بالحوادث السياسية الخطيرة، فكان في شعره صدى عميق لمختلف السياسات في مصر والعراق والشام والأقطار العربية الأخرى. فهو في البلاط شاعر البلاط وسياسيّ الأمير ، وهو بين الشعب شاعر الشعب وسياسيّ القومية المصرية العربية. وكل ذلك جعل منه شخصية مزدوجة معقدة تسلك حائرة في سبيل الأدب، وتضطرب حائرة في سبيل السياسة. 

آثار أحمد شوقي

قلما توفّر لشاعر عربي مثلما توفّر الشوقي من سهولة النظم وكثرة الإنتاج. وترك شوقي آثاره في الشعر والنظم: 

۱ - في الشعر: له من الشعر ديوان ضخم يُعرف بـ «الشوقيات»، ويقع في أربعة أجزاء. يشتمل الجزء الأول منها على منظومات الشاعر في القرن التاسع عشر ، ثم أعيد طبعه في سنة ١٩٢٥ بعد أن أسقط منه المديح والرثاء والأناشيد والحكايات، وبقي مقصورا على السياسة والتاريخ والاجتماع وبعض قصائده تتناسب مع هذه الأغراض. وقد كتب فيه الدكتور محمد حسين هيكل مقدمة في شاعرية شوقي. وطبع الجزء الثاني من الشوقيات في سنة ۱۹۳۰ ، وهو يتناول الوصف والنسيب والتاريخ والسياسة والاجتماع. وظهر الجزء الثالث في سنة ١٩٣٦ وهو مقصور على الرثاء، وظهر الجزء الرابع في سنة ١٩٤٣ وهو يتناول أغراضا شتى، أخصها الشعر التعليمي. 

وله أيضا كتاب دول العرب وعظماء الإسلام»، ويتألف الكتاب من ألفي بيت، ويُعرّف كل ما يخص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين وعظماء الإسلام على مرّ العصور المختلفة من الدولة الأموية والعباسية حتى الفاطمية. ونظم الشاعر هذه الأبيات حينما كان يتجرع مرارة البعد والفراق والغربة في إسبانيا بعد أن أمر الإنجليز بنفيه من وطنه مصر.

 وكتب شوقي أيضا روايات تمثيلية بين ۱۹۲۹ و ۱۹۳۲ ، واشتهرت هذه الروايات في العالم العربي، وأثبت فيها شوقي أن الشعر العربي لا يتخلف عن الشعر الغربي، وأن شعراءه يستطيعون أن يجاروا شعراء التمثيل في أوربا وتنقسم هذه الروايات إلى قسمين، يستمد القسم الأول موضوعه من التاريخ المصري والحياة المصرية مراعياً للعواطف الوطنية، ويشتمل على ثلاث من مآسيه، وهي مصرع كليو باترا، وقمبيز، وعلي بك الكبير. ويستمد القسم الثاني موضوعه من التاريخ العربي والحياة العربية مراعيا للعواطف العربية والإسلامية، ويشتمل على اثنين من مآسيه وهي: مجنون ليلى وعنترة. وألّف شوقي في أواخر أيامه ملهاة سماها «الست هدى»، وهي تحفة ثمينة بین مسرحياته ومن يقرأ هذه المسرحيات يراها ضعيفة من حيث التمثيل، لأن شوقي كتبها بروح الشاعر الغنائي. ومع ذلك لا نستطيع أن ننكر أنه درس المسرحيات الغربية، وأنه حاول جاهدا أن يثبت قدرته على محاكاتها وتقليدها (١٩). 

۲ - في النثر: أما في النثر فله ثلاث روايات، ومقالات اجتماعية و مسرحية واحدة أميرة الأندلس، وهي مسرحية نثرية وحيدة. أما الروايات الثلاث فهي عذراء الهند، ولادياس أو آخر الفراعنة، وورقة الآس وهذه الروايات أو القصص النثرية الثلاث ألّفها شوقي في بداية حياته الأدبية في أثناء وظيفته ،بالقصر، وكلها أعمال أدبية غير تامة، وكأنّ شوقى كان يمرّن على عمل القصة (٢٠).

 أما المقالات الاجتماعية فهي نظرات جُمعت سنة ١٩٣٢ تحت عنوان «أسواق الذهب» في مختلف الموضوعات كالحرية والوطن، وقناة السويس، والأهرام، والموت، والجندي المجهول وكتب شوقي هذه الخواطر على طراز مقامات الحريري وكتبها فى الأندلس، واستغل فيها طريقة المقامات في النقد الاجتماعي والعظة والحكمة. وفي الحقيقة خُلق شوقي شاعرا ، ولم يخلق ناثرا، ولذا تضعف أعماله النثرية عن أعماله الشعرية، وأدّى بشعره ما لم يؤده بنثره. 

شعر أحمد شوقي

يقول الناقد والمؤرخ أحمد حسن الزيات: «يكاد النقاد يجمعون على أن شوقي كان تعويضا عادلا عن عشرة قرون خلت من تاريخ العرب بعد المتنبي لم يظهر فيها شاعر موهوب يصل ما انقطع من وحي الشعر، ويجدد ما اندرس من نهج الأدب» (۲۱). ويُشبه شوقى المتنبي في أنه عاش بين الناس، فاتصل بأمراءهم، وعاشر عامة الناس، حتى عرف كيف يصف طبائعهم، ويصور ميولهم وهو مثل المتنبي في إرسال البيت النادر، والمثل السائر، والحكمة العالية. 

واستطاع شوقي أن يكوّن لنفسه أسلوبا أصيلا، وهو أسلوب يقوم على الجزالة والرصانة والمتانة والقوة وهو ينقل شعره عن طبع دقيق وحسّ ،صادق، وذوق سليم، وروح قوي، فيأتي به مطرد السلك محكم السبك لا يشوبه ضعف. ويفيض شعره بالمعنى البعيد المبتكر فيضانا يغرق فيه الذهن أحيانا وأما معانيه فكثيرها مخلوق وقليلها مطروق. وهذه الميزات ترفع شعر شوقي إلى ذروة الفن. يقول الزيات: ظل شعرنا إلى عهده غنائيا (Lyrique) يستمده الشاعر من ،طبعه وينقله عن قلبه حتى جاء هو فنظم ما يشبه الشعر القصصي ( Epique) في طول النفس ووطنية الموضوع وعمومية الحادث، كأرجوزته (دول العرب وقصيدته في وادي) النيل). ثم عالج الشعر التمثيلي، فنظم رواياته المعروفة" .(٢٢). 

وشعر شوقي ينقسم إلى قسمين قسم قبل منفاه وقسم بعد منفاه ويعيش شوقي قبل منفاه في القصر ، وينظم شعره في قيود هذه المعيشة، لأنه كان شاعر الخديو عباس الثاني وشعره يكاد يكون مقصورا على ما يتصل به من قريب أو بعيد وهو في ذلك يسير سيرة الشعراء القدماء، فيقول الشعر في المدح والرثاء والغزل والفخر والخمر وقد حدث في هذه الحقبة من حياته تطور في فنه إذ تأثر شعراء الغرب في شعرهم التاريخي وما كانوا يقولونه في أطلال اليونان والرومان. 

لا شك فى أن شوقى كان شاعر القصر في هذه الحقبة لكنه كان يفكر في الجمهور ويخضع في فنه للجمهور والصحف ومن هنا حدث تطور في شعره، إذ كان يراعي في شعره مناسة تهم الجمهور وكان شوقي حافظا في دينه ولغته وفنه، فيقول الشعر في مديح الرسول (صلى الله عليه وسلم، ويشيد مرارا بعيسى عليه السلام، ويكثر الترديد الأسماء الأنبياء والخلفاء والكتب المنزلة والأماكن المقدسة. ومَدَحَ الشعراء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتفوق الأبوصيري عليهم تفوقا واضحا في قصيدتيه الهمزية ،والبردة، فرأى شوقي أن يعارضه، وأن ينسج على منواله قصيدتيه: الهمزية والميمية وعلى طريقته في المعارضات حاول أن يدخل في قصيدتيه عناصر وأفكارا جديدة. أما الهمزية فافتتحها بقوله المشهور 

وُلِدَ الهُدى فالكائنات ضياءُ 

وفَمُ الزمان تبسم وثناء 

أما البردة فقد خفق لها قلب العالم الإسلامي كله يقول أحمد زكي: «طالما عارض الناس بردة الأبوصيري في القديم وفي الحديث بمئات ومئات من المنظومات لكن الصيت بقي لهذه البردة وحدها إلى الآن على أن قصيدة شوقي وإن لم تزحزحها عن مكانتها، فإنها قد نالت شرفا ليس له نظير ذلك بأن الأستاذ الأكبر الذي انتهت إليه وبه سلسلة الحديث النبوي في مصر الشيخ سليم البشري، مع جلالة قدره وسمو مركزه ورفيع ،مقامه قد تولى بنفسه وقلمه شرح هذه القصيدة، وقد صاغها شوقي وهو لا يزال في سن الفتوة وطراءة الشباب لكن براعته فيها جعلت شيخ الشيوخ يعرف فضلها ويقدر ناظمها، ثم يتوفر على شرحها، وما رأى الناس لذلك مثيلاً قبل شوقي» (٢٢) . وافتتح شوقي قصيدته «نهج البردة» بقوله: 

ريمٌ على القاع بين البانِ والعَلمِ 

أحلّ سفك دمي في الأشهر الحُرُمِ 

وعارض شوقي بهذه القصيدة قصيدة البردة للإمام أبوصيري التي يقول في أولها:

 أمن تذكر جيران بذي سلم 

مزجت دمعا جرى من مقلة بدم 

ويُنفّى شوقي إلى إسبانيا، فينظم قصائد يقارن فيها بين فردوسه المفقود وفردوس العرب الضائع في الأندلس، ويصور قروحه النفسية لا في قصيدته السينية فقط، بل أيضا في قصيدته النونية، فيقول في قصيدته النونية 

نحن اليواقيتُ خاص النارَ جوهرنا

 ولم يَهُنْ بيَدِ التَّشتيت غالينا

 لم تَنْزل الشمس ميزانا ولا صَعدتْ 

في ملكها الضخم عرشا مثل وادينا 

وهذه القصيدة الرائعة صاغها على نسق قصيدة لابن زيدون. وكذلك صاغ قصيدته السينية المعروفة على نسق قصيدة البحتري في إيوان كسرى ومعنى ذلك أن شوقي كان لا يزال في الأندلس شاعرا تقليديا من بعض جوانبه، إذ يهتم ببعض القصائد القديمة الرائعة فيعارضها وينظم من وزنها وقافيتها. 

وعاد شوقى من المنفّى بعد الحرب العالمية الأولى إلى وطنه، فرأى باب القصر مقفلا من دونه، ورأى المصريين قد سُفحت دمائهم في الشوارع بسبب ثورتهم ضد الاحتلال، فاتجه شوقي إلى الناس، وصوّر عواطفهم وأهوائهم السياسية تصويرا قويا باهرا يتفوق فيه على حافظ وتحوّل شوقي في هذه الدورة الثانية من حياته من القصر إلى الشعب فأصبح شاعر الشعب المصري، فصوّره في آماله وحركاته السياسية. ومن ذلك أن النظام البرلماني الجديد الذي أخذت به مصر لعهد الملك فؤاد أحدث حرية واسعة للجماعات والأفراد، ولم تلبث هذه الحرية أن تحولت إلى تهاتر وتناحر شديد بين الأحزاب ،وصحفها، وأقصّ ذلك مضاجع الصفوة من أبناء مصر، فنظم شوقي قصيدته المشهورة سنة ١٩٢٤ يدعو فيها إلى الائتلاف والاتحاد بين الأحزاب ويقول فيها: 

إلامَ الخلفُ بينكم إلا ما

 وهذي الضجةُ الكبرى عَلاما 

وفيم يكيد بعضُكم لبعض

 وتُبدون العداوة والخصاما 

وأين الفوز؟ لا مصر استقرّت 

على حال ولا السودان داما 

وفيها يعبّر شوقي عن تطاحن الأحزاب على كراسي الحكم ونسيانهم لمصالح الأمة العامة في سبيل مصالحهم الشخصية. 

ومن يقرأ ديوانه «الشوقيات» يستطيع أن يلاحظ في وضوح أن شوقي لم يترك مناسبة إلا دوّن فيها ،شعره، فهو لا يكتفي بالرثاء والمديح على عادة الشعراء العرب القدماء، بل يحاول أن ينظم في كل حادثة وفي كل مسألة طارت، فنراه ينظم قصائده على سبيل المثال في إنشاء بنك مصر، وإنشاء الجامعة المصرية، ومشروع القرش وبمناسبة قدوم طيارين من باريس إلى مصر سنة ١٩١٤ وما إلى ذلك. 

ولا ينسى شوقي العمال فقد خصهم بقصيدة حماسية دعاهم فيها إلى الكد والاكتساب والسعي في مناكب الأرض وإتقان الصناعات. وقصيدته في العمال تعد من قصائده الرائعة ويقول فيها: 

أيُّها العمال أفنوا الـ 

ـعمر كداً واكتسابا 

أين أنتم من جدود 

خَلَّدوا هذا الترابا 

قلّدوه الأثر المعـ 

جز والفنَّ العُجَابا 

ولم يكن شوقي شاعرا مصريا فحسب، بل كان شاعر البلاد العربية كلها، فنظم في قضية السودان ونادى بالمحافظة على الإخوة الأشقاء وتخليصهم من براثن الاستعمار. وأوشك السودان أن يبتلعه الإنجليز. ونجده يقف من العرب موقفه من مصر، فهو يتغنّى بأمجادهم الماضية، وهو يتغنى بثوراتهم الحاضرة، وهو يحس إحساسا قويا بأن مصر والشام والعراق وغيرها من البلاد العربية أسرة واحدة، فيقول في قصيدته يوم تتويجه: 

ربَّ جار تَلَفَّتتْ مصر توليـ 

سؤال الكريم عن جيرانه 

بعثثني معزياً بمآقي

 وطنى أو مهنئاً بلسانه 

كان شعري الغناء في فرح الشر

 ق وكان العزاء في أحزانه 

قد قضى الله أن يؤلّفنا الجُرحُ

 وأن نلتقي على أشجانه 

كلما أنَّ بالعراق جريح 

لمسَ الشرقُ جَنبَه في عَمانه 

وعلينا كما عليكم حديد 

تتنزّى الليوتُ في قُضبانه 

نحن في الفكر بالديار سواء كلّنا 

مشفق علـى أوطانه 

ويتغنَّى شوقي بأمجاد العرب، وقصيدته أو موشحته في عبد الرحمن الداخل «صقر «قریش شاهدة على ذلك. وله ديوان شعر سماه «دول العرب وعظماء الإسلام»، ويختص هذا الديوان لتاريخ العرب في عصورهم الزاهية، وقد مر ذكره سابقا. 

ويحتل الرثاء مكانا مرموقا في شعره. وربما أروع مراثي شوقي مرثيته في أبيه، لأنها صدرت من قلبه: 

ما أبي إلا أخ فارقتُه 

وده الصِّدق و ودُّ الناس مين 

ومن يتصفح مراثي شوقي يجد أنه ينحاز عن الندب والبكاء وبثّ اللوعة إلى التفكير في الحياة والموت، وأن دنيانا لحظات قصيرة مليئة بالأوصاب والآلام. ويسترسل في هذا العنصر الإنساني حتى يُخرج القصيدة من حيز الرثاء الشخصي إلى حيز إنساني عام يجد فيه كل مواطن، بل كل إنسان سلوته وعزاءه وكتب شوقي مراثيه في الشيخ محمد عبده، ومصطفى كامل ويعقوب صروف، وأمين الرافعي، وسعد زغلول. ولم يبك شوقي زعماء مصر فحسب، بل بکی أيضا زعماء العالم العربي مثل فوزي الغزّي أحد زعماء ثورة دمشق وعمر المختار بطل طرابلس وزعيمها ورثى أيضا نابليون بونابارت القائد الفرنسي والسياسي الشهير، وفيكتور هيجو الأديب الفرنسي البارز، ومحمد علي جوهر، زعيم مسلمي الهند الشهير وذكر في شعره عظمة الغاندي، الزعيم الهندي الشهير. 

وتناول شوقی فی شعره مخترعات العصر ومبتكراته، لأنه رأى فى ذلك موضوعا جديدا لاستغلال شاعريته وهو موضوع لم يعرفه القدماء، فنظم الشعر حول الطيارات والبخار والكهرباء والغواصات وهكذا كان شوقي يستهدف كل جديد وكل حادث في عصره، ولم يترك خبرا سياسيا أو اجتماعيا أو أدبيا إلا نظمه شعرا. وقام أخيرا بتمصير الفن المسرحي، ونظم طائفة من المسرحيات التي لا تزال أروع محاولة تمثيلية في الشعر العربي الحديث. 

الهوامش

(۱) انظر تاريخ الأدب العربي، لأحمد حسن الزيات، ٤١٥ - ٤١٨ ، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة لم يذكر تاريخ الطبع.

 ۲) راجع للتفصيل إلى الأدب العربي المعاصر في مصر للدكتور شوقي ضيف ص ۳۸ و ٤١ ، دار المعارف القاهرة، الطبعة الثالثة عشرة. 

(۳ الأدب العربي المعاصر في مصر، ص ٤٦ المرجع السابق. 

٤) لمزيد من المعلومات عن حياة البارودي، اقرأ: البارودي رائد الشعر ،الحديث للدكتور شوقى ضيف، ص ٤٦ وما بعدها، دار المعارف القاهرة الطبعة السادسة ٢٠٠٦ واقرأ محمود سامي البارودي، للدكتور عمر الدسوقي ص ٢٢ وما بعدها، دار المعارف، القاهرة، الطبعة السادسة ٢٠٠٦. 

ه ) الوسيلة الأدبية للعلوم العربية للشيخ حسين المرصفي، ص ،٤٠٨ ، الجزء الثاني مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، الطبعة الأولى .۲۰۱۲ 

٦) :انظر محمود سامي البارودي، لعمر الدسوقي ص ٣٣ و ٣٤ ، المرجع السابق. 

٧) ولیم شكيبير ( ١٥٦٤-١٦١٦) هو شاعر وكاتب مسرحي وممثل إنجليزي شهير وموليير (١٦٢٢- ١٦٧٣) هو شاعر وممثل فرنسي شهير.

 ۸) تاريخ الأدب العربي لـ حنّا الفاخوري، ص ۹۷۰- ۹۷۲ ، المطبعة البولسية، بيروت ١٩٥٣ . 

۹) تاريخ الأدب العربي، لأحمد حسن الزيات، ص ٤٩٣، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة.

١٠) البارودي رائد الشعر الحديث، ص ١٦٩ و ١٧٠، المرجع السابق. 

۱۱) مقدمة الديوان ص ۱۹ نقلا عن حافظ إبراهيم شاعر النيل لـ الدكتور عبد الحميد سند الجندي ص ٤٣ ، دار المعارف القاهرة، الطبعة الرابعة. 

١٢) لمزيد من المعلومات عن حياة حافظ إبراهيم انظر: حافظ إبراهيم شاعر النيل لـ الدكتور عبد الحميد سند الجندي، ص ١٥ - ٦٧ ، دار المعارف القاهرة الطبعة الرابعة وانظر الأدب العربي المعاصر في مصر، ص ١٠٠ - ١٠٣ ، المرجع السابق. 

(۱۳) الأدب العربي الحديث في مصر ص ١٠٥، المرجع السابق. 

١٤) الديوان ١١٤/٢ . 

١٥) الديوان ۲۰۲

١٦) الحماية هي دولة خاضعة تحت سيطرة دولة قوية، وتكون حرة في الشئون الداخلية Protectorate Pol )

۱۷) لمزيد من المعلومات عن حياة شوقي انظر: شوقي شاعر العصر الحديث للدكتور شوقي ضيف ص ٩-٤٢ ، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثالثة عشرة ولم يذكر تاريخ الطبع.

 ۱۸) الأدب العربي المعاصر في مصر ، ص ١١٤ ، المرجع السابق. 

۱۹) :انظر شوقي شاعر العصر الحديث، للدكتور شوقي ضيف، ص ١٧٤-١٧٥ ، المرجع السابق. 

۲۰) شوقى شاعر العصر الحديث، ص ۲۸۲ ، المرجع السابق. 

۲۱)  تاريخ الأدب العربي، لأحمد حسن الزيات، ص ٥٠١، المرجع السابق. 

(٢٢) أيضا ص ٥٠٢ 

(٢٣ ذكرى الشاعرين ص ۳۳۱ نقلا عن شوقى شاعر العصر الحديث، ص ۱۲۷ ، المرجع السابق. 

المصادر والمراجع

١). الأدب العربي المعاصر في مصر، تأليف الدكتور شوقي ضيف دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثالثة عشرة، ط. ۲۰۰٤ . 

۲). البارودي رائد الشعر الحديث، تأليف الدكتور شوقى ،ضيف دار المعارف، القاهرة، الطبعة السادسة، ط. ..7 

٣). تاريخ الأدب العربي، تأليف أحمد حسن الزيات، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة.  

٤) تاريخ الأدب العربي، تأليف حنّا الفاخوري، المطبعة البولسية، بيروت، ط. ١٩٥٣ . 

٥) حافظ إبراهيم شاعر النيل، تأليف الدكتور عبد الحميد سند الجندي، دار المعارف، القاهرة الطبعة الرابعة ١٩٩٢م. 

٦) ديوان محمود سامي البارودي، تأليف محمود سامي البارودي، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة القاهرة، ۲۰۱۲ 

٧) الديوان لـ حافظ إبراهيم، مكتبة لبنان، ساحة رياض ،الصلح بيروت، الطبعة الأولى ۱۹۹۱. 

٨) الشوقيات لأمير الشعراء أحمد شوقي، مكتبة مصر، شارع كامل صدقي - الفجالة. 

٩) شوقي شاعر العصر الحديث، تأليف الدكتور شوقي ،ضيف دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثالثة عشرة ط. ۱۹۹۸. 

١٠) محمود سامي البارودي، تأليف عمر الدسوقي، دار المعارف، القاهرة، الطبعة السادسة، ط. ٢٠٠٦. 

١١) الوسيلة الأدبية للعلوم العربية للشيخ حسين المرصفي، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، الطبعة الأولى ۲۰۱۲. 


مواضيع ذات صلة
الأدب العربي العالمي, دراسات أدبية,

إرسال تعليق

0 تعليقات