ادعمنا بالإعجاب

التيارات الفكرية ودورها الرائد في إصلاح المجتمع الإسلامي في الهند

عنوان المقال:  التيارات الفكرية ودورها الرائد في إصلاح المجتمع الإسلامي في الهند 

بقلم: الدكتور محمد أجمل القاسمي (محاضر ضيف في مركز الدراسات العربية والإفريقية جامعة جواهر لال نهرو - نيودلهي. )

منذ النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري - نهاية القرن الثامن عشر الميلادي ظهرت تيارات إصلاحية في العالم الإسلامي وغير الإسلامي وهذه التيارات شهدتها الدول نحو إيران ومصر وسوريا ولبنان وشمال إفريقيا وتركيا وأفغانستان إسلامياً مثلاً والهند غير إسلامي على سبيل المثال (1) . كذلك في هذه البلدان ظهر بعض دعاة الإصلاح الذين نشروا الأفكار الإصلاحية ديناً ووطنياً. ظهور هذه التيارات والحركات جاء بعد ركود فكري لعدة قرون، وإلى حد يمكن القول بأنه كان كرد فعل لغزو الاستعمار الغربي السياسي والاقتصادي والثقافي وكان نوعاً من حركة التوعية وتجديد الحياة (Renaissance) في البلدان الآنفة الذكر. 

وفي الواقع قد انطلقت الحركات الإصلاحية في الهند – على وجه خلال نهاية القرن الثامن عشر، ومطلع القرن التاسع عشر الميلاديين وتالياً حتى القرن العشرين، وكان شعارها التغيير والتجديد، والإسهام في الحضارة الحديثة، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية. وقد اتخذت هذه الحركات توجهات بحسب أوضاعها وعلاقاتها مع الحضارة الغربية. 

كانت الوضعية العامة في المجتمع الهندي تستدعي الإصلاح. وهناك خصائص طبيعية وأسباب تاريخية تزيد من عوامل الاختلاف بين الشعوب؛ إذ تتميز هذه الشعوب بتوزيع جغرافي عبر مناطق شاسعة من أرجاء الهند، وتتعدد أجناسها وتختلف لغاتها وحضارتها، مما يصعب معه تصور تحقیق وحدة وطنية، إلا إذا قامت على منهجية قومية قوية ودقيقة. 

وفي هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الإسلام في الهند، ظهرت حركة الشيخ المجدد أحمد السرهندي (١٥٦٣ - ١٦٢٤م) وقويت في عهد الملك جهانگیر (١٥٦٩ – ١٦٢٧م)، بعد أن وصل الإسلام إلى حالة من الضعف والهوان(2).  ومن واقع المسلمين هذا نهض الشيخ السرهندي بدعوته التي تركزت على تثبيت العقيدة الصحيحة، والقضاء على معالم الوثنية الهندوسية والمسيحية الثلاثية والديانات الأخرى الرائجة في البلاد.

 كذلك وفي مثل هذا العصر الخامل المُظلِمِ مفكِّرٌ مُتبصر، حرية الرأي، يُفكّر متجردًا عن أوضاع بيئته وزمانه ، ويفك أغلال المسلم التقليدي، والعصبيات الراسخة في النفوس طيلة القرون، فإن الإمام الشاه ولي الله الدهلوي (۱۷۰۳ - ١٧٦٢م) ولا ريب فيه أنه ثبت من أعماله ومساهماته فإنه من أحد زعماء التاريخ الإنساني الذين عالجوا مرتبك الأفكار، مُتشابِكَ الآراء، فجلوا غامضها، وحلّوا مقصدَها، ووضعوا للفكر والنظر الإنساني نهجا واضحًا مستقيما ، ثم خلفوا في نفس الناس تضجرًا من الأحوال الراهنة، وتركوا في أذهانهم صورة متلألئة لبرامج الإصلاح والإنشاء؛ مما يُفضي، لا محالة إلى أن تنبعث منهم حركة لهدم الفاسد وعمارة الصالح.(3)

 ففي ضوء أفكار وآراء هاتين الشخصيتين البارزتين نقوم بالتطرق إلى الخدمات والنشاطات في الأسطر التالية عبر بعض الكتل والتيارات أو الحركات التي مرت خلال أجواء الهند آنذاك. 

فاستبقت في هذه المرحلة وذلك على نطاق واسع مدرسة "فرنغي محل" التي أسست خلال نظام الملك المغول اورنگ زیب (١٦٥٨-١٧٠٧م) في النصف الأخير من القرن السابع عشر الميلادي والتي لعبت دوراً هاماً في الأوضاع الخطيرة عمت في أنحاء البلاد وأثرت أثراً عميقاً في تقدم البيئة العلمية والمناخ التعليمي في الهند".(4) 

مدرسة فرنغي محل 

ساهمت مدرسة فرنغي محل " مساهمة كبيرة في ازدهار وتطور العلوم الإسلامي في الهند، وهي أول مدرسة فكرية وعلمية في ذلك العصر، وذلك في بداية القرن الثامن عشر الميلادي(5). وانتقلت العلوم انتقالاً سريعاً إلى طيلة زمن حتى جاء عهد شاه ولي الله الدهلوي (۱۷۰۳ - ١٧٦۲م)، وفي هذه المدرسة على الأغلب انتشرت دراسة علوم المعقولات بدلاً عن العلوم المنقولات ولكنها بسرعة سريعة (6). 

"فرنغي محل"، في الحقيقة هي حي من أحياء مدينة لكناؤ، قام في هذا القرن بزيارة الهند تاجر فرنسي وأقام في هذا الحي، فسمي هذا المكان الخاص بــ "فرنغي محل"، الذي سكن فيه عندما غادر التاجر متوجهاً إلى موطنه، وهذا القصر الخاص الذي مكث فيه تم نقله إلى الأراضي الحكومية، وتم تأسيس مدرسة أساسية وجرى التعليم في هذا القصر، وهي أصبحت تدريجياً معهداً كبيراً للعلوم المعاصرة والعلوم الدينية بشمول المعقولات والمنقولات والعلوم الأخرى الضرورية (7). 

ولم تقم في شبه القارة الهندية دعوة إصلاحية واحدة فحسب ولكن قامت فيها عدة تيارات ومنظمات حقق لبعضها النجاح التام وبعضها الآخر تم له نجاح محدود كقوة سياسية ذات نفوذ مستقل. 

ومن أشهر قادة الإصلاح الديني والاجتماعي في الهند السيد أحمد بن عرفان الشهيد (۱۷۸٦ - ۱۸۳۱م) الذي درس على يد الشاه عبد العزيز (١٧٤٦ - (۱۸۲۳م ابن ولي الله الدهلوي، بدأ يُرشد الناس ويدعوهم إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، وبعد عودته من فريضة الحج نادى بالجهاد في سبيل الله؛ لتحرير الهند من السيطرة الإنغليزية، التي بدأت في الهند سنة ١٦٠٠م على يد شركة الهند الشرقية، ثم استولت على الهند عند انتهاء القرن الثامن عشر الميلادي(8). كانت له جهود عظيمة في إيقاظ الروح الإسلامية في القارة الهندية. وكان له تأثير بالغ في صفوف المسلمين في نشر الدعوة الإسلامية ورعاية أتباعها. وكذلك التيارات التي أنجزت نجاحاً كبيراً في هذا المجال هي حركة أهل الحديث في الهند وقائدها العظيم النواب صدیق حسن خان (۱۸۳۲-۱۸۹۰م) أمير مدينة بهوبال الهندية، الذي قامت دولته على الدين الخالص وإحياء السنن وإماتة البدع وكانت له عناية بعلوم الشريعة أصولا وفروعا فبحث وألف ونشر ودعا الناس إلى التوحيد(9). وأقام كياناً سياسياً في شبه القارة الهندية. وإن كانت الدولة قد زالت فإن آثار هذه الدولة الفكرية والدينية لا تزال قائمة في نفوس أتباعها ممثلة في جمعية أهل الحديث(10). ومن بين هذه الكيانات، الحركة الفرائضية كرس أصحابها على قوة ضاغطة ووقفوا في وجه الاستعمار الانكليزي في الهند ينافحون عن دعوتها ويعملون على نشر مبادئها السلفية بكل قوة جريئة.

 ومن أصحاب الكيانات الإصلاحية في الهند كذلك السيد أمير علي (١٨٤٩ - ١٩٢٨م) وهو أحد قادة الهند الذي قاد حركة سياسية إسلامية في الهند ولقي في ذلك عناء شديداً وكان في كثير من الأحيان يضطهد من الجيش الإنغليزي وإن كان يشجع من أحرارهم ويُكره من الهندوسيين لاصطدامه  معهم في إصلاح المسلمين(11). وأخذت دعوته تتعاظم وتمتد، وأقام دولة إسلامية حملت راية الدعوة الإسلامية والجهاد ضد الاستعمار الانغليزي وأعوانه (12). وبقيت آثار هذه الحركة في نفوس أتباعها حتى اليوم في إقليمي البنجاب والبنغال. 

فكان القرن التاسع عشر الميلادي قرن الازدهار Booming والتطور Blooming علماً وثقافة، كما و هذا القرن كان قرن الحركات الإصلاحية والتيارات النشطة، وحاولت هذه الحركات إصلاح المجتمع الإسلامي في الهند، واعتنى المصلحون والمفكرون عناية خاصة إلى إصلاحات سياسية دينية، اجتماعية، دراسية علمية، وعقائدية، وتحول انتباه الناس إلى العلوم الجديدة(13) . فأليق بنا أن نقوم بتسليط الضوء على أبرز الحركات الإصلاحية المهمة التي لعبت دوراً هاماً لإصلاح المسلمين الهنود. 

حركة أهل الحديث 

أهل الحديث هو اسم آخر من مسميات أهل السنة. فقد عرف أهل السنة والجماعة بمسميات تدل على منهجهم واعتقادهم، الذي يميزهم عن غيرهم من أهل التشيع والتصوف والإباضية والمعتزلة وغيرها كأهل السنة والجماعة، أهل الحديث أو أصحاب الأثر، والفرقة الناجية أو الطائفة المنصورة، والسلف والسلفيون، والخلاف بين تلك المسميات خلاف تنوع"(14). 

حركة أصحاب الحديث من أقدم الحركات الإسلامية في شبه القارة الهندية، قامت على الدعوة لاتباع الكتاب والسنة وفهمهما على ضوء السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان يوم الدين، وتقديمها على كل قول وهدى سواء كان في العقائد أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق على طريقة الفقهاء المحدثين، ومحاربة المحدثات والبدع والخرافات بأنواعها. يرجع تاريخ أهل الحديث في شبه القارة الهندية إلى العهد الإسلامي الأول(15)، وفي أواخر القرن الرابع الهجري بدأ الضعف يدب في نشاط هذه التيار الفكري وقد بلغ منتهاه في القرن الثالث عشر الهجري نظراً لانتشار الخلافات السياسية والعصبيات، وظهور فتنة الباطنية وقل الاهتمام بالسنة وفشا التقليد والتعصب للمذاهب والجمود عليها، وسادت علوم اليونان(16). 

ومع بداية القرن الحادي عشر الهجري بدأ دور جديد لأهل الحديث إذ ظهرت في عصر الشيخ أحمد السرهند (١٥٦٣ - ١٦٢٤م) وبلغت ذورتها في عهد أنجال الإمام شاه ولي الله المحدث الدهلوي (١٧٠٣ – ١٧٦٢م) وبخاصة نجله الأكبر شاه عبد العزيز الدهلوي (١٧٤٦ - ١٨٢٣م). إذا استفادوا من منهج أبيهم في الدعوة والإرشاد والتدريس والإفادة والتأليف، ونبذ الجمود والتعصب المذهبي، وزادت قوتها وانتشارها في عهد حفيده الإمام إسماعيل بن عبد الغني الدهلوي الشهيد (۱۷۷۹ ۱۸۳۰م) قائد الدعوة والجهاد وصاحب كتاب تقوية الإيمان. 

بعد وفاة الإمام شاه إسماعيل الدهلوي في معركة بالاكوت في سنة (۱۸۳٠/٥١٢٤٦م) - . عمل أهل الحديث مسؤولية الدعوة والجهاد بكل أمانة وإخلاص، وكانت جهودهم في هذه الفترة مرتكزة على ثلاثة ميادين: الجهاد والتأليف والتدريس. 

أما فيما يتعلق بمصطلح أهل الحديث فقد روى الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث عن الإمام أحمد أنه ذكر حديث افتراق الأمة فقال: "إن لم يكونوا أصحاب الحديث؛ فلا أدري من هم"، وكذا قال يزيد بن هارون، وعقب القاضي عياض على قول أحمد بقوله: "إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ، ومن يعتقد مذهب أهل الحديث"(17). 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه: "وَإِذَا كَانَتْ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هِيَ بِاتِّبَاعِ الْمُرْسَلِينَ. فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِذَلِكَ : هُمْ أَعْلَمُهُمْ بِآثَارِ الْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَعُهُمْ لِذَلِكَ فَالْعَالِمُونَ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ الْمُتَّبِعُونَ لَهَا هُمْ أَهْلُ السَّعَادَةِ فِي كُلِّ زَمَانِ وَمَكَانِ وَهُمْ الطَّائِفَةُ النَّاجِيَةُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. فَإِنَّهُمْ يُشَارِكُونَ سَائِرَ الْأُمَّةِ فِيمَا عِنْدَهُمْ مِنْ أُمُورِ الرِّسَالَةِ وَيَمْتَارُونَ عَنْهُمْ بِمَا اُخْتُصُوا بِهِ مِنْ الْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنْ الرَّسُولِ؛ مِمَّا يَجْهَلُهُ غَيْرُهُمْ أَوْ يُكَذِّبُ بِهِ(18).

ومنذ أن سطعت شمس الإسلام على أرض الهند، وبددت أنوار التوحيد ظلمات الكفر وإلى يومنا هذا؛ كان ولا يزال أهل الحديث هم 

الحاملين الحقيقيين للجهاد والدعوة الإسلامية. 

ففي ميدان الجهاد هم الذين قادوا الفتح إلى البلاد، وهم الذين حاربوا الهندوس والسيخ والبراهمة وهم الذين قاوموا المحتلين الأجانب، وحرروا المدن وفتحوا أخرى، بل هم الذين قاوموا الاحتلال الإنغليزي وبخاصة في الحدود الشمالية للهند حتى خرج الاستخراب منها عام ١٩٤٧م. 

وفي ميدان المشاركة العلمية والتأليف فقد كانت لهم قدم السبق إلى الاهتمام بعلوم القرآن والحديث، وبيان السنة وشروحها، والدفاع عن العقيدة، ومحاربة البدع والأفكار الهدامة. 

فمن أبرز أئمتهم أمير (بهبال العلامة النواب صدیق حسن خان (۱۸۹۰-۱۸۳۲م)، الذي أثرى المكتبة الإسلامية بما يقارب ثلاثمائة كتاب والذي آثر العمل الجماعي على الجهد الفردي. فشكل مجلسا علميا مكونا من العلماء السلفيين، ليقوم بمهمات التأليف والترجمة والتدريس. وأنشأ لذلك عدة مطابع لنشر كتب السلف، قرر لغير واحد من العلماء والدعاة العاكفين على التأليف والدعوة والإرشاد رواتب شهرية تشجيعا لهم وتنويها بأعمالهم(19).

 أما في ميدان الدعوة والتدريس والتعليم فقد كان تركيز علماء أهل الحديث في الهند، إذ به يُفرق بين الحق والباطل، وتضبط المسائل، وتقام الحجة، وتبين المحجة وكان من أبرزهم العلامة الشيخ نذير حسين المحدثالدهلوي (١٨٠٥-۱۹۰۲م)، الذي استمر في تدريس علوم الحديث والعقيدة الصحيحة في مدينة دلهي قرابة الستين عاما، وانتهت إليه رئاسة علوم الحديث فيها، بل وقيل أنه اعتنق في عصره نحو المليونين من المسلمين العقيدة الصحيحة، ورأى أن جهده كفرد لا يوافي القدر المطلوب من العمل والمتابعة والتدريس، فأنشأ لذلك ،مدرسة خرجت عددا من أعلام السنة والدعوة في العصر الحديث، أمثال الإمام المحدث عبدالله الغزنوي (المتوفي (۱۸۸۰م) وشمس الحق العظيم آبادي (١٨٥٦ – ١٩٢٩م)، مؤلف عون المعبود شرح سنن أبي داوود، والشيخ عبد الرحمن المباركفوري (١٨٦٦ - ١٩٣٤م)، صاحب تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، والشيخ محمد بشير السهسواني (۱۸۳۳ - ۱۹۰۸م، صاحب صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، والشيخ عبدالله بن إدريس السنوسي (١٨٤٤ - (۱۹۳۱م) وغيرهم، ومازالت مدرسته إلى اليوم بمدينة دلهي معروفة بجامعة السيد نذير حسين الدهلوي(20). 

وقد اعترف الشيخ العلامة رشيد رضا (١٨٦٥ – ١٩٣٥م) بخدمات علماء السنة في الهند فقال في مقدمة كتاب كنوز السنة للشيخ محمد فؤاد عبد الباقي: "لولا" عناية إخواننا علماء الهند بعلوم الحديث في هذا العصر لقضي عليها بالزوال من أمصار الشرق، فقد ضعفت في مصر والشام والعراق والحجاز منذ القرن العاشر للهجرة حتى بلغت منتهى الضعف أوائل هذا القرن الرابع عشر(21) . وإلى الإشادة بمنهجهم تكلم الأستاذ المحقق عبد العزيز الخولي في كتاب مفتاح السنة فقال: 

وإن أساس تلك النهضة في البلاد الهندية الأفذاذ والأجلاء تمخضت بهم العصور الحديثة وانتهجوا في تحصيل العلوم نهج السلف فنبه شأنهم وعلا أمرهم وذاع صيتهم وتكونت جمعيات سلكت سبيلهم وعملت على نشر مبادئهم، فكان لها ذلك الأثر الصالح والسبق الواضح ومن أشهر هؤلاء الأعلام ولي الله الدهلوي صاحب التصانيف في اللغتين العربية والفارسية وأشهرها حجة الله البالغة والسيد صديق حسن خان ملك بهوبال صاحب التصانيف الكثيرة أيضاً(22). 

وفي الحقيقة ظهرت حركة أهل الحديث لأول مرة بعد انحطاط الدولة المظفرية بولاية غوجرات في الهند، ولعب علماءها دوراً بارزاً هاماً في نشرها وحمايتها ورعايتها ورعاية أهلها وطار صيتها في أنحاء البلاد، فيتبادر إليها أهل العلم من كل ناحية من نواحي البلاد، حتى تتابع وفود العلماء من خارج الهند وكانت حركة الحديث والسنة قوية في البلاد العربية آنذاك. وتخرج منها عدد كبير من علماء الهند والعرب ويرجع إلى هذه الحركة فضل تجديد علوم السنة في بلاد الهند فإن تلاميذها قصدوا إلى أرجاء الهند وركزوا اهتمامهم على خدمة الكتاب والسنة، وكثرت رحلات أهل العلم من الهند إلى الحرمين التي كان لها أثر طيب في تجديد السنة. ثم انتقل علم الحديث من غوجرات إلى منطقة دلهي(23). 

واليقظة الدينية التي ظهرت من دعوة المجدد السرهندي والشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي (١٥٥١ - ١٦٤٢م) قد خفيت آثارها واندرست وتسربت الأوهام المنكرات إلى صفوف المسلمين، وراج التصوف على أعمال المحدثات والخرافات التي تقضي إلى الزندقة والإلحاد. وران الجمود الفقهي والتعصب الديني على عقول الفقهاء الذين شغلتهم التدقيقات الفقهية، والمناقشات الكلامية وعلوم اليونان عن الإشتغال بعلوم الكتاب والسنة. فلم يكن من السهل الميسور إحياء تلك الحركة التجديدية التي بذر بذرتها الأولى الإمام السرهندي، ولكن تغيرت الأوضاع وانقلبت الموازين ببروز الشاه ولي المحدث الدهلوي رحمه الله تعالى الذي رتب منهاجاً حديثاً للدعوة والإصلاح وكان هذا الرجوع إلى دين السلف وقصر همته على نشر أفكاره وإحياء السنة وكان هذا تحولا عظيما في حياته، وقد اختار نشر أفكاره عن طريق التدريس والتاليف والدعوة والإرشاد، وقد استقاد من دروسه ومؤلفاته خلق كثير واشتغلوا بعده في نشر أفكاره وبث الروح الإسلامي ودعوة الرجوع إلى دين السلف (24).

الشاه ولي الله الدهلوي وحركة أهل الحديث 

ومن المعروف كان بروز دعوة الشاه ولي الله الدهلوي في القرن الثامن عشر الميلادي واهتمامه بإحياء السنة على طريقة السلف، وكان الشاه ولي الله من العلماء المجتهدين الذين جددوا علوم الدين وشيدوا أركان العلم ودفعوا الفساد عن الأرض. وللشاه ولي الله آراء قوية في تقدير الرجال وهي إن أعظم الرجال وأفضلهم المصلحين الذين يوجهون عزائمهم إلى رفع الأمة من الدرجة السفلى إلى الدرجة العليا، وهو يقول عن أسباب الضعف للإسلام 

"إن أسباب الضعف ليس مصدرها الإسلام بل الإسلام لا يزال على نقائه وإنما سببها المسلمون أنفسهم الذي تخلفوا عن دينهم، وإنه دافع عن الإسلام أشرف دفاع وهاجم الأنظمة والأفكار الإنغليزية، فكانت له مواقف قوية رائعة خاصة للدفاع عن الإسلام (25). 

وتختلف آراء العلماء في موقف الشاه ولي الله الدهلوي، إما هو يتعلق بأهل الحديث أو بالحنفية، فيجره الحنفية إلى الحنفية ويضيف السلفيون إلى السلفية ولكن الأحسن أن تتأمل إلى أعماله وإصلاحاته فإنه يركز نفسه على دراسة الحديث وعلمه وعمله، وكذلك يبدوا بعد دراسة عميقة لكتب المسالك الأربعة وكتب أصول الفقه والأحاديث التي تعتصم بها إستقر في القلب بتوفيق الله تعالى وهدايته إلى طريقة الفقهاء المحدثين. ومع هذه الصراحة لا يرى من البأس انتسابه إلى الحنفية أو السلفية بثبات، كما أنه قام بأكثر من الأعمال التي هي على طريقة الأحناف عامة، وفي بعض الأحيان إنه يؤيد التأمين بالجهر خلف الإمام، الذي هو عمل أصلي لمسلك أهل الحديث (26).

 وكانت الغايات والأهداف لهذه الحركة إلى أن يلفق بين المذاهب الأربعة ومذهب الفقهاء المحدثين، لا تكون فيها الظاهرية التي تشين النصوص وتبعد عنها الفصاحة والبلاغة عهدناها لدى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ولا الإهتمام البالغ بالقياس والرأي بحيث يتحكم في النصوص تدقيق العلماء وتفريعهم، ولا يبقى لها معنى واضحا كما نرى لدى الفقهاء المتأخرين الذين أنشأوا قصراً جديداً للدين حيث عجز المتقدمون.

 وكذلك إهتم أصحاب هذ الحركة بعدم قبول إلى مواقف الظاهرية، فوجهوا انتقادهم إلى قواعد الفقه وأصوله التي يترتب عليها رفض الحديث وانكاره، مثل الخاص واضح فلا يلحقه البيان، والعام القطعي كالخاص والمفهوم المخالف غير معتبر(27).

أبناء الشاه ولي الله وحركة أهل الحديث 

ثم انتقلت مسؤولية هذه الحركة إلى أنجال الشاه ولي الله الدهلوي وتلامذتهم الذين ساهموا في حركة إحياء السنة النبوية. 

تخرج فيها علماء ودعاة وأئمة قاموا بنشر دعوته وإصلاحاته والأخص بالذكر منهم أبناءه الأربعة الذين رفعوا لواء السنة والتوحيد بعده. ومن بينهم الشاه عبد العزيز الدهلوي (١٧٤٦ - ١٨٢٣م)، والشاه رفيع الدين (۱۷٥۰) - ۱۸۱۷م) والشاه عبد القادر (١٧٥٣ - ١٨١٥م) والشاه (١٧٥٠ عبد الغني (١٧٥٧ – ١٨١٩م). وعكف أبناء الشاه ولي الله الدهلوي على مسند أبيه في المدرسة الرحيمية بدلهي، ونشطوا لنشر آراءه وأفكاره فصارت المدرسة أكبر معهد في الهند، تبادر إليها طلاب العلم من أرجاء البلاد. وقد تخرج على هؤلاء العلماء الكبار عدد كبير من طالبي علوم الحديث والفقه وتفسير القرآن الكريم الذين قاموا بدور التجديد والإصلاح في المجتع الإسلامي الهندي ونشروا السنة وأحيوها . وقد انتشرت هذه الدعوة في الهند على نطاق واسع. وكان بناءها الفكري والعلمي والديني على أساس قوي بحيث لم تهنه التحولات السياسية الهندية. وكانت من غاياتها تصفية الإسلام من التوهمات المخترعة والخرافات المنكرة ودعوة الناس إلى اتباع منهج السلف في مجال العلم والعمل واختيار طريق الفقهاء المحدثين في المسائل الفقهية، وفي الوقت نفسه أخذ يغادر الناشطون متوجهاً إلى الدول مثل نجد والحجاز واليمن وغيرها لتجديد هذه الحركة التي بدأها ابن تيمية وابن القيم في بلاد مصر والشام في القرن السابع و الثامن الميلاديين، والتي كانت تهدف إلى تحرير الأمة المسلمة من التقليد الجامد للأئمة المجتهدين وأتباعهم من غير دليل وبرهان ودعوتهم إلى اتباع الكتاب والسنة، وقد التصقت هذه الحركة بفكرة الشاه ولي الله الخالصة (29).

 إن حركة أهل الحديث ملتقى حركات ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب والشوكاني وحركة الشاه ولي الله الدهلوي للرجوع إلى دين السلف والتي تهدف إلى القضاء على المحدثات وتحرير المسلمين من التقليد الجامد للأئمة المجتهدين وأتباعهم بدون دليل . ثم دعوة الناس إلى أصل الكتاب والسنة في العقائد والأعمال واتباع طريق السلف (30).

وقد صرح الشيخ السيد سليمان الندوي: 

إن أهل الحديث قادها إسماعيل الشهيد فكانت تبني على نصب الامارة وإنشاء نظم الزكاة وإرجاع الإسلام إلى أصله بإزالة جميع الآثار التي طرأت عليه (31). 

وازدهرت هذه الحركة العلمية والإصلاحية بمحاولات هؤلاء العباقرة المخلصين، وكان في هذه الجماعة من ينتمي إلى الحنفية عملاً وإلى أهل الحديث عقيدة، ومنهم من ينتمي إلى الحنفية في العقيدة والعمل، ومنهم من ينتمي إلى أهل الحديث عقيدة وعملاً. ولكنهم الذين يشتركون فيه الجميع هو أنهم لا يبرزون هذا الاختلاف فقط. فمن كان منهم من يتمسك المذهب الحنفي كان يكره الجمود الفقهي والعصبية وكان هؤلاء يتوسعون في المسائل الخلافية لدى الأئمة ولم يكن يسخطهم العمل بمذهب من المذاهب. وأيضاً متأثرون بالتصوف ولكن يتنفرون من المحدثات. 

ثم تطورت هذه الحركة الإصلاحية الدينية تحت رئاسة عائلة "صادق فور" السلفية ومن أبرز الشخصيات في هذا الميدان كان الشيخ ولايت علي الصادقفوي (ت ١٢٦٩هـ / ١٨٥٢م) وشقيقه الشيخ عنايت علي الصادقفوري (ت ١٢٧٤هـ /١٨٥٧م)(32) وأسرتهما الذين تحملوا مسؤولية الجهاد ورفعوا رايته وأبلوا فيه بلاءً حسناً. 

وقد ضحت بكل غال وثمين للحركة وسجل التاريخ بطولتهما وبطولة عائلة صادقفور في إصلاحها وإخلاصها للحركة، وقد ظلت هذه الحركة تمارس أعمالها الإصلاحية والدعوية، ونظرة دعاتها وقادتها في انشاء المدارس الدينية، وإحياء الدعوة السلفية وقد انتفع بهذه الحركة أهل الهند كثيراً بحيث لفت الناس عناياتهم إلى الإسلام، فتطورت الدعوة السلفية، ونشط رجالها لنشر السنة وإحياءها، فإن هذا جانب رائع من هذه الحركة التي ملأت بها الحياة الدينية في المسلمين. ثم شعر بعض من كان لهم علاقة وثيقة بهذه الحركة وأهدافها وأدوا واجباتهم فمنهم الشيخ نذير حسين المحدث الدهلوي، فهو بذل قصارى جهوده لنشر السنة والسلفية بطريق التدريس والتأليف والإرشاد (33).

الحركة الفرائضية 

الحركة الفرائضية أسسها المولوي شريعة الله (١٧٨١ - ١٨٤٠م) عام ١٨٠٤م ، الذي نزل في مدينة فريدفور في ولاية غرب بنغال حالياً بعد أن قضى سنتين في الحجاز، فقد استهلت هذه الحركة السلفية المهتمة  بتنقية التوحيد من الشوائب الكثيرة التي علقت به (34)، ثم سرعان ما اكتسبت طابعا سياسيا في عهد ابنه محمد محسن الملقب بـ دادو ميان (۱۸۱۹ - ١٨٦١م)، الذي جمع الفلاحين والحرفيين المسلمين في مجموعات متفرقة ودعاهم لمقاومة ملاك الأراضي الكبار، إلى جانب البريطانيين، عن طريق الإضرابات والمظاهرات والهجرة وعدم إقامة الصلوات العامة كالجمعة والعيدين، ما دامت السلطة في البلاد ليست بيد المسلمين!(35) محمد محسن أعطى لهذه الحركة بعداً جديداً وقوة ضاغطة. 

وبدأت الحركة بقيام أعمالها الإصلاحية والاستقلالية بقيادة مؤسسها شريعة الله عام ۱۸۲۱م ، وخلفه ابنه الذي قام بريادتها في تتميم دعوة أبيه، وتأثرت مراكز الإصلاح الدينية الأخرى أثراً بالغاً وعلماءها ومصلحيها من هذه الحركة (36). وكان المجتمع الإسلامي في أسوأ حال آنذاك، وقد تم الاحتلال عليه من الاستعمار البريطاني، وكانت هذه الحركة كحركة سيد أحمد البريلوي في الهند وكحركة محمد بن الوهاب (۱۷۰۳ – ۱۷۹۲م) في الحجاز ويسمى لها أيضاً "حركة كتابية" أي مأخوذة ومنقولة من الكتاب والسنة (37)، وهذه الحركة كانت تعتقد بالعقائد الصحيحة وتكره الاعتقادات الباطلة المشهورة في الناس وتوجهت هذه الحركة عنايتها إلى المجتمع الإسلامي وإصلاحه، وتعرف بـ "الحركة الفرائضية" لأنها كانت تلتزم على القضايا الدينية الأساسية للإسلام (38). ولكنها أصلاً كان هدف هذه الحركة هـو تشجيع المسلمين على أداء واجباتهم نحو الدين ومنعهم من العادات الدخيلة مثل تعظيم القبور وتقديم القرابين إليها، ويقال أن حاجي شريعة الله تأثر بحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيام مكوثه في الحرمين الشريفين. 

حـــــــركــــة دار العلوم ديوبند

أدرك بعض أصحاب شاه ولي الله الدهلوي حاجة الإصلاح والإرشاد في هذا القرن بأن يبدو على أن الطبقات الراشدة الأخرى لم تكن نشيطة في الشؤون الدينية الإصلاحية، فإنها انقسمت إلى جهتين جديدتين بوجه خاص، أحدها توجهت عنايتها تجاه دراسة الفقه وكتابة الفتاوى حول قضايا عامة المسلمين، فبهذه المناسبة إنها انفصلت عن خطوط الطريقة النقشبندية والمجددية وبذلت جهودها في تصفية النفس وتزكيتها فقط. وكانت الجهة الثانية أكثرها تمثيلية اهتمت بالتمرد العسكري في إمبراطورية القديمة، يعتبره عملاً إسلامياً عن طريق الجهاد (39)، ولكنها باءت بالفشل في هذا المجال. أما السابقة فهي كانت شائعة معروفة ليست لأسرة شاه ولي الله فحسب، بل لجميع فرق من العلماء لهذا القرن. وكانت فكرة ولي الله مبنية على الكتاب والسنة وتطورت بعد وفاته كمصدر أساسي وتناولت هذه الفكرة بعدد كبير من المسلمين لإنشاء المعاهد الدينية، وانبثقت هذه الفكرة انبثاقاً واسعاً وخرجت منها حركات إصلاحية كثيرة (40). 

نقابة العلماء في ميدان التعليم والتدريب 

فإن الذين كانوا يتدرسون في مدينة دلهي عام ١٨٤٠م منهم الشيخ محمد قاسم النانوتوي (۱۸۳۳) - ۱۸۷۷م) الذي ساهم مساهمة كبيرة في حركة الإصلاح، و رشيد أحمد الكنكوهي (١٨٢٩ – ١٩٠٥م)، كانا يريدان إقامة المجمع العلمي في مدينة ديوبند بعد أن قامت الثورة ١٨٥٧م (41). وكان الرجل الثالث وهو الحاج إمداد الله (١٨١٥) - ۱۸۹۹م) الذي لعب دوراً بارزاً في مجال التصوف في الهند وأصبح صوفياً حيث بايع على يديه عدد كبير من العلماء البارزين في ذلك العصر، وهاجر الحاج إمداد الله إلى مكة وعاش بها وتأثر به معظم العلماء البارعين وتلخص هؤلاء الرجال الثلاثة همتهم المبكرة خلفة كثير من العلماء في هذا العهد، وكان كل واحد منهم ينتمون إلى بلاد المجاورة ومكثوا في مدينة دلهي لمدة قليلة. ثم رجعوا إلى قراهم حسب مسؤولياتهم الدينية. وفي هذه الأعوام المبكرة لعب الشيخ محمد قاسم النانوتوي دوراً نشيطاً في مجال الإصلاح والتقويم ولاسيما فيالأعمال المهمة للنشر والطباعة في مجموعات أعمال شاه ولي الله وأبناءه في خدمة الحديث ودراسته (42). 


عقد برامج إصلاحية وثورة ١٨٥٧م 

وبعد جهد جهيد تيسر لهم أن يعدوا برامج إصلاحية لأداء موهباتهم الشهيرة في ضوء توجيهات السيد أحمد الشهيد البريلوي. وأصبحوا نظيراً في الطريقة الصوفية في جميع أرجاء البلاد حينذاك، وخاصة بعد ما حدثت كارثة ١٨٥٧م ولا يمكن للمصلحين أن يختاروا نفس السبيل الذي اختاره سيد أحمد البريلوي، وكانت تساعد حميته في نشر تأويلاته الأصلية الذائعة للقانون وصاروا له الوارثين الدائمين (43).

بعد ما فشلت ثورة ١٨٥٧م الشهيرة ضد الإستعمار الإنغليزي في شبه القارة الهندية التي قام بها الشعب الهندي، وتناهت الحالة سوءًا؛ حيث لفظت الدولة المغولية الإسلامية المزعومة في دلهي أنفاسها الأخيرة؛ إذ فشلت الثورة بمؤامرات تم تدبيرها من داخل الصف، وبقوة الجنود والبنود وكثرة العَدَد والعُدَد من قبل الاستعمار، وعلى ذلك فتم استيلاء الإنغليز على الهند كلها شرقًا وغربًا، فوضعوا السيف في المسلمين في دلهي وفي أرجاء البلاد ، وكثر القتلى والجرحى، وامتلأت الشوارع والطرقات بجثث الشهداء، وتعرض العلماء ورجال الفكر والدعوة خصيصا لغضب الإنغليز، فقتلوا تقتيلاً وشُرِّدوا تشريدًا، وأُعْدِمُوْا شنقاً بعدد لا يُحصى. ومن تخلص منهم من ذلك كله نفوا إلى جزيرة "إندومان" التي كانت منفى سياسيًّا على عهد الإنغليز، لكونها غير ملائمة طبيعيّاً وجغرافيا للحياة الإنسانية والصحة البدنية (44) . 

وبعد ما رسبت محاولات صدام مكشوف مرات كثيرة مع الاستعمار الإنغليزي الذي كان قد قضى نهائياً على الدولة المغولية الإسلامية، وأحكم قبضته على الهند من أدناها إلى أقصاها، كانت آخر هذه المحاولة الجريئة معركة الجهاد التي خاضها الشيخ محمد قاسم النانوتوي وزملاؤه وشيوخه العظام في الطريقة بقرية "شاملي" بمديرية مظفر نغار، بولاية أوترا براديش تلك التي سقط فيها أحد العلماء الكبار الحافظ ضامن علي الشهيد وغيرهم من الذين استشهدوا على أرض المعركة (45).

ثم خيم الظلام على الهند كلها؛ حيث اغتصب الإنغليز جميع الأوقاف والعقارات والإقطاعات التي كانت تُمِدَّ المدارس الإسلامية بإحياءها (46) ، وعملوا  على تجفيف منابع الإشعاع والإصلاح والفكر والدعوة والتعليم والتربية، حتى يتحول المسلمون مع الأيام جُهَّالاً يسهل صوغهم في بوتقة المسيحية المحرفة. 

مكافحة العلماء ضد الأديان الأخرى 

وبعد ما اشتدت وطأة التبشير المسيحي على الدين الإسلامي الذي كانت تُمِدُّه دولة الاستعمار الإنغليزي الموطدة الأركان، الشامخة البنيان، الممتدة الأطراف التي كانت لا تغرب عنها الشمس. وبعد ما كثرت هجمات الدعوة الهندوسية على الإسلام التي كانت تضم صوتها مع صوت التبشير في أغلب الأحايين. 

بعد ما حصل كل ذلك، وأصبح المسلمون بالنسبة إلى الاحتفاظ بدينهم وعقيدتهم كالغيث في الليلة المطيرة الشاتية فكّر علماء الإسلام والمسلمين وقادتهم في الهند في جميع الطرق التي كانت من شأنها أن تساعدهم على عملية الإبقاء على الكيان الإسلامي في هذه البلاد والحفاظ على التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية وعقيدة الدين الإسلامي الأصيلة؛ فبدأوا بسلسلة إنشاء المدارس الإسلامية الأهلية السائرة بتبرعات عامة الشعب من المسلمين، واعتقدوا أن ذلك هو وحده الطريق الأنجع الأسلم إلى بقاء الإسلام والمسلمين في هذه الديار في مثل هذه الظروف؛ حيث ستنتشر بذلك علوم الكتاب والسنة والتعاليم الإسلامية (47).  

وكان على رأس هؤلاء العلماء والمشايخ الشيخ محمد قاسم النانوتوي الذي أسس مدرسةً صغيرة بتعاون من زملائه ومشوراتهم، أمثال: المحدث الفقيه رشيد أحمد الكنكوهي والشيخ ذو الفقار علي الديوبندي (المتوفي ١٩٠٤م والحاج عابد حسين الديوبندي (١٨٣٤ - ۱۹۱۲م) والشيخ محمد يعقوب النانوتوي (۱۸۳۳- ١٨٨٤م) والشيخ رفيع الدين (المتوفى (۱۸۹۰م) والشيخ فضل الرحمن العثماني الديوبندي (المتوفى ۱۹۰۷م) وذلك بيوم الخميس المؤرخ في يوم ١٥ من شهر محرم الحرام ١٢٨٣هـ ما كان يوافق ٣٠ مايو/أيار ١٨٦٦م، في مسجد أثري صغير (يقع جانب الجنوبي الشرقي من حرم المدرسة واليوم يُعرف بـ مسجد" شته" (48) ، كانت نواتها  مدرسا واحدًا باسم "الملا" "محمود" وتلميذا واحدًا كان اسمه "محمود حسن" الذي اشتهر لاحقاً بـ "شيخ الهند والذي قاد حركة تحرير الهند بشكل ۱۹۲۰م). وذلك بقرية ديوبند" التي كانت لا أثمر الاستقلال (١٨٥١ - تتمتع بأية ميزة آنذاك، ثم صارت قرية شاملة بذريعة هذه المدرسة التي سُمِّيَتْ لدى تأسيسها تسمية بسيطةً باسم المدرسة الإسلامية العربية" ثم اشتهرت القرية وذاع صيتها بـ "ديوبند" خلال أيام قليلة أرجاء الهند حتى تجاوز إلى البلاد النائية، حتى صارت الآن مدينة نالت من الشهرة ما لم تنله كثير من المدن الرئيسية في الهند وهي تقع على مسافة نحو ١٥٠ كيلو متراً الجانب الشمالي من دهلي عاصمة الهند (49). 

تأسيس مدرسة ديوبند 

وجاء تأسيس مدرسة دار العلوم - بديوبند على رسوخ العقيدة والإيمان، والنشر المتوازن العادل للعلم والروحانية وعلى أساس الجمع بين مقتضيات القلب والعقل، من هنا سرت روح المحافظة على الشعائر الإسلامية وعاطفة الكفاح المستميت لحفظ كيان الإسلام وشوكته في جميع المنتمين إلى هذا المعهد والمنتسبين إلى هذه المدرسة الفكرية الشاملة (50). ولم يزل نطاق المدرسة يتسع ، وصيتها يذيع، وشهرة أساتذتها في الصلاح والتقوى والتبحر في علم الحديث والفقه تطير في العالم، حتى أمها الطلبة من أنحاء الهند (51)، ومن الأقطار الإسلامية الأخرى. وكان للمتخرجين في دار العلوم تأثير كبير في حياة المسلمين الدينية في الهند، وفضل كبير في محو البدع وإزالة المحدثات، وإصلاح العقيدة والدعوة إلى الدين، ومناظرة أهل الضلال والرد عليهم، وكانت لبعضهم مواقف محمودة في السياسة والدفاع عن الوطن، وكلمة حق عند سلطان جائر (52). 

وشعار دار العلوم ديوبند التمسك بالدين والتصلب في المذهب الحنفي والمحافظة على القديم والدفاع عن السنة. 

حركة علي غراه (حركة سيد أحمــد خـــان )

اندلعت نار الثورة في عام ١٨٥٧م ، وقام الهنود بحركة عنيفة يخربون المستعمرات والمباني ويقتلون الإنغليز حيثما وجدوهم، ويدمرون ما وصلت إليه أيديهم، وهاج الرأي العام على الإنغليز هياجاً شديداً. ولكن كان رأي السيد أحمد خان هادئاً متزناً مخالفاً للرأي العام فرأى أن هذه الثورة لا تأتي بنتيجة، وتأتي النتيجة بعودة الإنغليز إلى السيطرة مرة ثانية من غير فائدة وأن قتل الإنغليز عمل غير إنساني. ولذلك وضع خطة الجهد مع بعض أصدقائه لمنع الإنغليز من القتل والدمار، فنجا على يده ويد أصدقائه كثير. فلما هدأت الثورة، عرف الإنغليز فضله، وحفظوا له. ومن ذلك الحين تأكدت الصلة بينه وبين الإنغليز. فبدأ أعمال الإصلاح في الشعب الهندي. 

ولم يعجب السيد أحمد خان هذا كله، وتساءل في حزم، فاعلة هذا الجهل وضيق العقل والفقر وسوء الحال؟ وأجاب في حماسة! إنه التربية؛ ومن ذلك الحين بدأ يضع منهج التربية التي يريدها وصادف ذلك أن ثورة عام ١٨٥٧م كشفت لعقلاء المسلمين في الهند حالهم ووجوب تغيير موقفهم وشعورهم بتخلفهم من الطوائف الأخرى فتناغم تفكير "السيد أحمد "خان" واستعداد الرأي العام المتنور، فانتج هذا التناغم حركة إصلاح تعد نقطة تحول في تاريخ المسلمين في الهند (53) . وقال مخاطباً شعبه 

"انظروا إلى إنكلترا، لقد كانت ثروتها تتمشى يوماً فيوماً مع تربيتها كلما زادت تربيتها زادت ثروتها ، وقد كانت قبل قرن عوائق التي تعوق التربية أكثر مما عندنا، ولم يكن لها إذ ذاك سكك حديدية ولا آلات ميكانيكية للطباعة وإنما كان لها سعة نظر وقوة إرادة" (54). 

وأول ما بدأ به خطته في التربية أنشأ جمعية أدبية علمية في علي غراه، وكان الغرض منها إشاعة الآراء الحديثة في التاريخ والاقتصاد والعلوم، وترجمة أهم الكتب الإنغليزية إلى اللغة الأردية. وكان يرى أن تعلم هذه العلوم باللغة الإنغليزية لا يكفي إلا بعدد قليل من المثقفين، إنما الذي يفيد فائدة كبرى نقل هذه العلوم إلى لغة البلاد حتى يشترك في تفهمها والاستفادة منها عدد كبير ، ولذلك نقل هذه الكتب الهامة من اللغة الإنغليزية إلى اللغة الأردية، ولم يمنعه إعجابه بالإنغليز ولغتهم وثقافتهم من أن يكون صلباً حازماً شديداً في طلبة نقل الكتب الإنغليزية للشعب. ولكن سرعان ما هاج عليه الرجعيون من رجال الدين، يتهمونه بإفساد العقول وإفساد الدين والوطنية، واشتبك في حرب عوان معهم انتهت بانتصاره بوضعه الحجر الأساسي لكلية فيكتوريا بمدينة غازي فور اوترا براديش-الهند (55). 

مغادرة السيد أحمد إلى إنكلترا وعودته منها 

وسافر إلى إنكلترا وقابل كثيراً من عظمائها، ولفت نظره تربية الإنغليز الشعب أكثر مما لفت نظره إلى تربيتهم وخاصة المتعلمين. يجب تغيير كل ذلك، ووضع منهج لمسلمي الهند غير المنهج الذي يسيرون عليه (56).  عاد السيد أحمد من إنكلترا وهو عاقد العزم إصلاح حال المسلمين في الهند وديناً ولغة وخلقاً واجتماعاً، سواء في ذلك خاصتهم وعامتهم، مصمم على أن يغزو الجهل والجمود بكل ما يستطيع من قوة، وأن يحمل المسلمين بكل الوسائل على أن يتقبلوا المدنية الحديثة فى علومها وفنونها قبولاً حسناً، ويستخدموها في ترقية حياتهم ؛ وأن يبذل الجهد في التوفيق بين الإسلام والمدنية الحديثة... فالإسلام في جوهره وأصله معقول واسع الصدر لأحكام العقل غير مناهض لما يثبته العلم، فإذا نقي مما لحقه، وأن يقبل المسلمون على العلم الحديث من غير حرج (57). 

وجعل من أول خططه بعد عودته أن ينشئ في الهند جامعة تكــــون للمسلمين تربي الخاصة، ثم هم يربون العامة ؛ ومازال يكد ويسعى ويجمع المال ويبذل قصارى جهوده في سبيله و أخيراً فاز بإنشاء كلية فـي علــي غراه المشهورة وعين لها ثلاثة أهداف:

١- أن تعلم المسلمين الثقافة الغربية والشرقية من غير تعصب ولا جمود. 

٢- أن يعني فيها بحياة الطلبة الاجتماعية، فيجدوا فيها سكناً يقيهم من شرور المدن ومفاسدها، فيطمئن الآباء حين يرسلون أبناءهم إليها إلى أنهم في بيئة صالحة لخلقهم، مراقبة لآدابهم. 

٣- أن يعني في نظام الكلية بترقية العقل وتربية المدن وتهذيب الخلق معاً، وبعبارة أخرى يكون الغرض منها "التربية" لا التعليم فقط (58). 

دوره في مجال النشر والتهذيب 

فلما فرغ من تأسيس هذه الكلية أخذ يعمل في اتجاه آخر، فأنشأ مجلة دورية سماها "تهذيب الأخلاق" الأردية، عالج فيها المشاكل الاجتماعية والدينية في جرأة وصراحة، وأخذ يفسر القرآن، ويدعوا إلى فهم القرآن صحيحاً وإذ اتفق مع العقل وأن النظر الصحيح يوجب الاعتماد على روحه أكثر من الاعتماد على حرفيته أو كلماته وأنه يجب أن يفسر على ضوء العقل والضمير (59)  . ثم كانت له فكرة عظيمة نافعة، وهي أن يجمع مؤتمراً كل عام يجتمع فيه قادة المسلمين من الأقاليم الهندية المختلفة كل عام في مدينة، يلقون فيه الخطب والمحاضرات نافعة عن الشؤون الإسلامية وأمراض المسلمين وعلاجها ويصدرون القرارات التي يرونها نافعة في ذلك. وكان الغرض الذي يرمي إليه رأي السيد أحمد منه بث روح الائتلاف بين المسلمين في البلاد الهندية، وتبادل الآراء في خبر الوسائل لترقيتهم، والتعاون على الأعمال المفيدة من إنشاء المدارس أو النهوض بها أو نحو ذلك (60). وقد نفذت الفكرة ثم استمر يجتمع حياته برئاسة بعض أصحابه وأتباعه، وهو يقول: 

"إن النور اليوم يأتي من الغرب بعد أن كان يشرف من الشرق فيجب أن نأخذ من أوربا علومها ومدنيتها، ونسير مع الزمان في مضمار الحياة العصرية، وذلك لا يُفقد المسلمون شخصيتهم ودينهم، إنما يفقدهم ذلك الجهل لا العلم، وإن التعليم كان في الزمن الماضي دينياً محضاً لا يعبأ بالدنيا وما فيها وقد تطرف في الأولى وأخل بالثانية، وفحبّذا الجمع بين الدين والدنيا" (61). 

الإرتكاز على ترويج اللغة الأردية 

فقد رأى مسلمو الهند ناشئة جديدة عاقلة مفكرة مهذبة تصلح للحياة و إن كلية عليغراه تنتج في البلاد حركة فكرية بديعة، وتؤلف الكتب القيمة في أسلوب جديد، وأخذت الحياة تزدهر بين المسلمين بعد خمودها، واتضح أن السيد أحمد خان مصدر نعمة وبركة، وان اختلفوا معه في بعض آرائه. ثم كانت له خطوة أخرى للاصلاح في اللغة الأردية، لقد كانت هذه اللغة قبله كاللغة العربية في عهد الظلام فكانت مجموعة عشق وغرام ومديح، فنقلها إلى آفاق واسعة واستخدمها في موضوعاتها المختلفة من السياسة والاجتماع والأخلاق والتاريخ والأدب وكل ذلك في أسلوب متين مع القوة والسلاسة والسعة وغزير المعنى وخال من التصنع ثم اعتنى بهذه اللغة وأدبها، ونقل كثيراً من أطيب الآداب الأجنبية إليها. وكان له رأي بديع في الترجمة إلى اللغة الأردية وهو عدم التقليد بالحرفية في الترجمة، ويرى هذا أسلوب واه ضعيف. وإنما الواجب أخذ الأفكار وعرضها عرضاً جديداً بطريقة تتفق ذوق الهنود وتلا أفكارهم ولم تكن اللغة الأردية تشتمل على مصطلحات علمية، فحاول وضع مصطلحات اللغة الأردية التي تتناسب مع العلم وسار على هذا المنهج طلبته (62) . 

حركة ندوة العلماء 

أنشئت الحركة سنة ۱۸٩٤م كجمعية إسلامية أهلية عامة باسم "ندوة العلماء" بمدينة لكناؤ وهي عاصمة ولاية أوترا براديش الهندية، وكان مؤسسوها الشيخ شبلي النعماني (١٨٥٧ ١٩١٤م) والشيخ محمد علي المونغيري (المتوفي (۱۹۲۷م) ورجال الدين الإسلامي الآخرون وذلك في حفلة قام بعقدها كبار علماء شبه القارة الهندية للقيام بمشورات في أوضاع المسلمين المتغلبة وظروفهم الراهنة. حين اشتدت وطأة الاستعمار الإنغليزي وأصبح المجتمع الغربي الزاحف إلى الشرق وتبهر عيون السذج والطبقة المتحضرة بالعلم والمعرفة منهم، وفي الوقت عينه كان رجال العلوم الدينية الإسلامية في تشاجر وعراك على خلافاتهم الفقهية وصراعاتهم المذهبية دون أن يبالوا بالمخاطر المحدقة بالإسلام والمسلمين. وقد برزت فكرة ندوة العلماء في ۱۸۹۳م على نطاق أوسع بعد نشوب الخلافات بين المسلمين في اجتماع لهم بمدينة كان فور الهندية، وكان الهدف من هذه الندوة إزالة الخلافات بين رجال الدين المسلمين في الهند، ووضع برنامج تعليمي لإصلاح المناهج الدراسية ومقرراتها طبقاً لحاجة الأمة الإسلامية ظروفها المتجددة وذلك لتمكين المتخرجين في العلوم العربية من الدراسة في العلوم الحديثة أيضاً فأنشئت مدرسة باسم دار العلوم ندوة العلماء" بمدينة لكناؤ - الهند (63) . 

تأليف أعضاء الندوة 

كان الشيخ محمد علي المونغيري الأمين العام الأول لندوة العلماء ثم خلفه الشيخ خليل أحمد السهارنفوري (١٨٥٢) - ۱۹۲۷م)، ثم خلفه الشيخ مسيح الزمان الشاهجهانفوري، ثم خلفه الشيخ عبد الحي الحسني (١٨٦٩ - ۱۹۲۳م) ، ثم خلفه الشيخ الأمير سيد علي حسن خان، ثم خلفه الدكتور الشيخ عبد العلي الحسني (۱۸۹۳ - ١٩٦١م)، ثم خلفه الشيخ أبو الحسن علي الحسني (١٩١٤ – ۱۹۹۹م) (64)، وبعد أن لبّى الشيخ أبو الحسن الحسني دعوة ربه متوجهاً إلى رحمته الأزلية عام ۱۹۹۹م يتحمل مسؤولية نظام وإدارة ندوة العلماء الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي على عاتقه حتى الآن. 

الأبعاد الثلاثة الهادفه 

اهتمت جميعة ندوة العلماء بمهامها العملية ثلاثة أبعاد في المجتمع الإسلامي الهندي، أولها إصلاح المنهج التربوي والتعليمي وتطويره حيث دعت حاجة المسلمين الزاهية وصونه وصياغته لتتجسد بحاجة حياة المجتمع الإسلامي المعاصر، وبذلوا جهدهم في هذا المجال لخمس سنوات متتالية إلى أن وصلوا إلى قرار إقامة مدرسة شاملة تكون نموذجاً لتطبيق فكرتهم لنظام التعليمي، وقاموا بإنشاء مدرسة المدعوة دار العلوم الآنفة الذكر. والبعدين الآخرين من الأبعاد الثلاثة التي ندوة العلماء قامت بعنايتها هي "جمع كلمة المسلمين"، وخلق التسامح الديني والاجتماعي في المجتمع الإسلامي الهندي وزعماء مسالكه الفقهية وتصحيح المفاهيم الدينية، وإخضاعها لما تبث من الكتاب والسنة وتأييد الفكر الإسلامي عن طريق الكتابة والتأليف والترجمة والنشر (65). 

وقد تمكنت الحركة أن تقوم بأداء واجباتها بشكل فريد من نوعها وقد أوجدت تقارباً أخوياً بين عديد من الفئات الإسلامية المتباعدة، وجمعت على ساحتها في دوراتها السنوية التي عقدت في كل عام طيلة ثلاثين سنة منذ نشأتها أصحاب الفكر الديني الإسلامي الذين يخالفون خلافا باتا من فكرة ندوه العلماء، وزعماء المذاهب الفكرية المتعارضين لها، رغم أنهم كانو شديدي التباعد قبل ذلك فيما بينهم، ولكن دعوة ندوة العلماء بجهود رجالها على كرامة الدين الإسلامي المخلصين للأمة الإسلامية لم تذهب دون جدوى بل إنها نجحت في تثبيت قلوب متباعدة، والتاليف بين آمال متعارضة، وقربت بين الأحناف والشوافع وبينهم وبين جماعة أهل الحديث، وكان يرى ذلك مستحيلا في ظروف ذلك العهد واستمرت مجالس ندوة العلماء ومراكزها التربوية ومعاهدها للتعليم متصفة بهذه الصفة (66).

أثرها وانتشارها 

أما في مجال الفكر الإسلامي وبثه في أوساط المسلمين فقد استطاعت ندوة العلماء أن تنجز غايتها في ذلك عن طريق إنشاء المجاميع والأكاديميات للأبحاث العلمية والمكتبات العامة ودور النشر، مثل أكاديمية شبلي، المجمع الإسلامي العلمي وغيرهما. 

وقد أثرت جمعية ندوة العلماء ودعوتها وفكرتها وخدماتها على رجال العلم الآخرين خارج محيط ندوة العلماء أيضاً فقد اتبع عدد منهم أسلوبها وانتهج منهجه في ذلك، وكان في إنتاجهم ثروة علمية وفكرية إسلامية كبيرة، ومن أهم هؤلاء المسايرين مع فكرة ندوة العلماء الشيخ عبد الماجد الدریا آبادي (۱۸۹۲) - ۱۹۷۷م)، الشيخ السيد سليمان الندوي (١٨٨٤ - ١٩٥٣م) وغيرهما من العلماء والمفكرين البارزين في الهند. 

وتتوسط ندوة العلماء بين المدارس القديمة التي تتمسك بالقديم وترى العدول عنه ضرباً من التحريف ونوعاً من البدع، وبين الجامعات المدنية التي تستبرك الجديد وتستهين بكل قديم، تتوسط بين تلك وهذه دار العلوم التابعة لندوة العلماء. وخاف مؤسسوها على المسلمين من المحافظين ومن المتطرفين، ومن اعتزال العلماء عن الحياة وتخلفهم عن ركب الثقافة والعلم، ومن العصبيات المذهبية والمشاجرات الفقهية التي قويت ونشطت في العهد الأخير (67). 

الجمع بين القديم والجديد 

وتأسست ندوة العلماء ودار العلوم التابعة لها على مبدأ التوسط والاعتدال والجمع بين القديم الصالح والجديد النافع، وبين الخالد الذي لا يتغير، والعلم الذي يتغير ويتطور ويتقدم، وبين طوائف أهل السنة التي تختلف في العقيدة والمنصوص ، وقامت من أول يومها على الإيمان بأن العلوم الإسلامية علوم حية نامية، وان منهاج الدراسة خاضع لناموس التغير والتجدد، فيجب أن يتناوله الإصلاح والتجديد في كل عصر ومصر، وأن يزاد فيه ويحذف منه بحسب تطورات العصر وحاجات المسلمين وأحوالهم (68).

 عنيت دار العلوم بصفة خاصة بالقرآن الكريم "الرسالة الخالدة" وتدريسه ككتاب كل عصر وجيل، وعنيت باللغة العربية التي هي مفتاح فهمه وأمينة خزائنه، ووجهت عنايتها إلى تعليم هذه اللغة الكريمة كلغة حية من لغات البشر يكتب بها ويخطب، لا كلغة أثرية دارسة لا تجاوز الأحجار أو الأسعار كما كان الشأن في الهند، وقللت قسط بعض العلوم القديمة التي لا تفيد كثيراً وأبدلتها ببعض العلوم العصرية التي لا غنى عنها للعالم العصري الذي يريد أن يخدم دينه وأمته (69). واجتهدت أن تخرج رجالاً مبشرين بالدين الإسلامي الخالد لأهل العصر الجديد شارحين للشريعة الإسلامية بلغة يفهمها أهل العصر، وبأسلوب يستهوي القلوب، أمة وسطاً بين طرفي الجمود والجحود، وقد نجحت في مهمتها نجاحاً لا يستهان بقيمته ، فأنجبت رجالاً هم خير مثيل للعالم المسلم العصري، لهم آثار جميلة خالدة في الأدب الإسلامي وعلم التوحيد لأهل العصر الجديد، والسيرة النبوية والتاريخ (70). 

المراجع والمصادر 

الكتب العربية 

1. أرحيلة، عباس : "حركات الإصلاح في العالم الإسلامي"، منشور في موقع على الانترنت للكاتب ۲۰۰۹ 

2. النجار، فهمي قطب الدين: "الشيخ السرهندي من رواد الصحوة الإسلامية في الهند"، ط . شبكة الألوكة الثقافية الإلكترونية.

 3. المودودي، أبو الأعلى تجديد الدين وإحياءه، ط دار الفكر الحديث لبنان، الطبعة الثانية ١٩٦٧ 

4. الحسني، عبد الحي: الهند في العهد الإسلامي"، ط. مجمع الامام احمد بن عرفان، دار ،عرفات، رائ بريلي ۲۰۰۱ 

5.  الندوي، مسعود عالم تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند ط. دار العربية بيروت، 

6. الندوي، أبو الحسن علي: "إذا هبت ريح الإيمان، ط. مجمع الإمام أحمد بن عرفان الشهيد دار عرفات راى بريلي، ١٩٩٤.

7.  الندوي، محمد اجتباء: الأمير نواب صدیق حسن خان حياته وآثاره"، ط. دار ابن کثیر ۱۹۹۹. 

8. أحمد أمين: زعماء الإصلاح في عصر الحديث، ط. دار الكتاب العربي، بيروت ۱۹۸۵ 

9. عجلان، عبد الله ابن محمد "حركة التجديد والاصلاح في نجد في العصر الحديث"، ط. مكة ۱۹۹۲. 

10. عبد الوهاب خليل الرحمان الحركة السلفية في الهند"، لاهور ۱۹۸۳. ١١.

11.  أحمد، صلاح الدين مقبول : " دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية وأثرها على الحركات الإسلامية المعاصرة ومواقف الخصوم منها، در ابن الأثير، القاهرة ١٩٩٦. ۱۲.

12. ابو المكرم بن عبد الجليل: لدعوة الامام محمد بن عبد الوهاب في شبه القارة الهندية بين مؤيديها ومعانديها " ط . مكتبة السلام الرياض، ۲۰۰۰. 

13. الفريوائي، عبد الرحمن: جهود مخلصة في خدمة السنة المطهرة"، جامعة السلفية بنارس ۱۹۹۰. 

14. الحسني ، عبد الحيء: "الثقافة الإسلامية في الهند، دار عرفات رائ بريلي،  ۱۹۷۹ 

15. أجمل محمد الشيخ نذير حسين المحدث الدهلوي ومآثره العلمية"، ط. روز وورد بوك نيودلهي ۲۰۱۲. 

16 . الفريوائي ، عبد الرحمان: جهود أهل الحديث في خدمة القرآن الكريم"، .۱۹۹۲ 

17. فاروقي ، زبير أحمد: "مساهمة دار العلوم ديوبند في الأدب العربي"، دار الفاروقي نيودلهي ۱۹۹۰. 

18 . الأسعدي، عبيد الله : دار العلوم ديوبند مدرسة فكرية توجيهية، حركة إصلاحية  دعوية، مؤسسة تعليمية تربوية، ط. أكاديمية شيخ الهند، دیوبند ۲۰۰۰. 

19. الحسني، ابو الحسن علي: "الدعوة الإسلامية في الهند وتطوراتها" ط. المجمع الاسلامي العلمي لكناؤ ١٩٨٦. 

20. عبد الحق شجاعت علي الدراسات العربية في الجامعات الهندية الشمالية بعد استقلال ١٩٤٧، المعهد الديني دلهي ۱۹۸۹ 

21. الأميني، نور عالم خليل، مقال له نشرته مجلة الداعي الشهرية تصدر عن مدرسة دار العلوم بديوبند في عددها الصادر ٥ سنة ٣٧ ، لشهري مارس وأبريل 

22. الحسني ، محمد الرابع: "لدوة العلماء فكرتها ومنهاجها ، ط. مؤسسة الصحافة والنشر، لكناو الهند ۲۰۰۱ . 

23. الحسني، ابو الحسن على أضواء على الحركات والدعوات الدينية والإصلاحية"، المجمع الإسلامي العلمي، ۱۹۹۵. 

24. الندوي ، عبد الحليم مراكز المسلمين التعليمية والثقافية والدينية في الهند، ط. مطبعة موري المحدودة، مدراس ١٩٨٦. 

25. الحسني ، أبو الحسن علي المسلمون في الهند، المجمع الإسلامي العلمي، ندوة العلماء لكناو ١٩٨٦. 

الكتب الأردية 

1. شيخ محمد إكرام آب كوثر موج کوثر، رود کوثر، كلاسيكل برنترس دلهي .۱۹۹۸ 

2. سيالكوتي ، محمد ابراهیم میر تاریخ اهل حدیث 

3. نوشهروي: تراجم علماء أهل الحديث. 

4. نو شهروي: علماء" أهل حديث کی تصنیفی خدمات". 

5. السلفي ، محمد مستقيم جماعة اهل حدیث کی تصنیفی خدمات"، ط. الجامعة السلفية بنارس ١٩٩٥. 

6. كيلاني ، مناظر أحسن "سوانح قاسمي ط . مكتبة دار العلوم ديوبند ۱۹۹۳.

7. رضوي، سید محبوب تاريخ دار العلوم ديوبند، مكتبة دار العلوم دیوبند، .۱۹۹۲ 

8. مكي، الدكتور مختار :أحمد تحريك آزادي اور هندوستاني "مسلمان" ط. قاضي Publishers and distributors ، دلهي، الطبعة الثانية ٢٠٠٣ 

9.  مظهر حسين : "علي كرهـ تحريك"، انجمن ترقي أردو، دلهي ۱۹۸۲. 

10.  نظامي، خليق :احمد سرسید اور عليكرهـ تحريك"، ۱۹۸۲. 

11. القاسمي، عطاء الرحمن ألواح الصناديد"، مولانا أبو الكلام آزاد أكادمي دلهي. 199. 

الكتب الإنغليزية 

1. Singh, Rajendrapal: Rana, Gopal: "Teacher Education in Turmoil: Quest for solution", Sterling Publishers Pvt. Ltd. New Delhi-2002. 

2. Mojeeb, Mohammad: The Indian Muslim, London 1967. 

3. Engineer, Asghar Ali: They too fought for India's freedom: The role of minorities, Hope India Publications, New Delhi 2005. 

4. Chandra, Bipan: "India's Struggle for Independence", Penguin Books, New Delhi, 1988. 

5. Ahmad, Moinuddin: "A History of the Fraidi Movement in Bengal", 1987. 

6. Gopal, Ram: "Indian Muslims", (A Political History), Bombay 1982. 

7. Desai, Z. A.: "Centres for Islamic Learning in India", Publications Division, Ministry of Information and Broadcasting, Government of India, New Delhi, 1978. 

8. Metcalf, Barbara Daly: "Islamic Revival in British India- Deoband-1800- 1900" Princeton University Press, New Jersey, 1982. 

9. Sarkar, Sumit: "Modern India (1855 1947), Mcmilan India Limited, New Delhi, 1995. 

10. Eliade, Mircen (ed): "The Encyclopedia of Religion", Mcmilan Publishing Company, New York & London, vol. 7, 1985. 

11.Mohammad, Shan: "Successor of Sayed Ahmad Khan", Idara Adabiat, Delhi. 1981. 

الحواشي

1. أرحيلة ، عباس : "حركات الإصلاح في العالم الإسلامي"، منشور في موقع رسمي على الانترنت للكاتب، ٢٠٠٩، ص. ۱. 

2. النجار، فهمي قطب الدين: "الشيخ السرهندي من رواد الصحوة الإسلامية في الهند"، ط. شبكة الألوكة الثقافية الإلكترونية. 

3. المودودي، أبو الأعلى: تجديد الدين وإحياءه ، ط. دار الفكر الحديث ،لبنان، الطبعة الثانية ١٩٦٧، ص. ١٤٠. 

4- Singh, Rajendrapal: Rana, Gopal: "Teacher Education in Turmoil: Quest for solution", Sterling 

Publishers Pvt. Ltd. New Delhi-2002, p. 19. 

5- الحسني، عبد الحي: "الهند في العهد الإسلامي : "الهند في العهد الإسلامي"، ط. مجمع الامام احمد بن عرفان دار عرفات، رائ بريلوي ۲۰۰۱، ص. ٣٦٩. 

6- ط. لندن ١٩٦٧ ، ص. ٣٦.The Indian Muslim" مجیب ، ، محمد 

7 - شيخ محمد إكرام رود" كوثر کلاسیکل بر نترس دلهي ١٩٥٧، ص ٥٧٨. 

8- الندوي، مسعود عالم: تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند ط. دار العربية بيروت، ١٩٨٦، ص ١٦٨ 

9- الندوي، أبو الحسن علي: "إذا هبت ريح الإيمان، ط. مجمع الإمام أحمد بن عرفان الشهيد دار عرفات-راى بريلي، ١٩٩٤، ص ۳۸ 

10- الندوي ، محمد اجتباء: الأمير نواب صدیق حسن خان حياته وآثاره، ط دار ابن كثير ١٩٩٩، ص. ١٥. . 

11- أحمد أمين: "زعماءالإصلاح في عصر الحديث"، ط. دار الكتاب العربي، بيروت ١٩٨٥، ص. ١٣٩ 

12- انجينير، أصغر علي: "They too fought for India's freedom: The role of minorities ، مقال منشور له في كتاب قام بإدارتها أصغر علي انجينير بنفسه، ط. Hope India Publications نيودلهي ٢٠٠٥، ص. ١٨. 

13- Chandra, Bipan: "India's Struggle for Independence", Penguin Books, New Delhi, 1988, pp. 44. 

14- عجلان ، عبد الله ابن محمد: "حركة التجديد والاصلاح في نجد في العصر الحديث"، ط. مكة ۱۹۹۲، ۱۱۳. 

15- عبد الوهاب خليل الرحمان: "الحركة السلفية في الهند"، لاهور ۱۹۸۳، ص. ۳۰ 

16- أحمد صلاح الدين مقبول : " دعوة شيخ الإسلام إبن تيمية وأثرها على الحركات الإسلامية المعاصرة ومواقف  الخصوم منها"، در ابن الأثير، القاهرة ١٩٩٦، ص ٢٥٣. 

17- شرح النووي على مسلم (٦٧/١٣) 

18-  مجموع الفتاوى: ٢٦/٤ 

19- ابو المكرم بن عبد الجليل: "دعوة الامام محمد بن عبد الوهاب في شبه القارة الهندية بين مؤيديها ومعانديها" ط.  مكتبة السلام الرياض، ٢٠٠٠، ص. ١٤٨. 

20- الفريوائي ، عبد الرحمان: جهود مخلصة في خدمة السنة المطهرة، جامعة السلفية بنارس ۱۹۹۰، ص ۲۱۰. . 

21- عبد الباقي محمد فؤاد: "مفتاح كنوز السنة"، في مقدمته أعرب رشيد رضا عن رأيه حول علماء الهند وخدماتهم. 

22-  أحمد أمين: "زعماء الإصلاح ص. ١٦٤. 

23- مهر ، غلام رسول: "تراجم أهل حديث"، لاهور ۱۹۷۷، ص ۱۳۸-۱۳۹۰ 

24-  الفريوائي ، عبد الرحمن: "جهود مخلصة ، ص. ٦٠ - ٦٢ وسيالكوتي: "تاريخ أهل حديث"، ص. ٤٥ 

25- الحسني ، عبد الحيء: "الثقافة الإسلامية في الهند، دار عرفات رائ بريلي، ص. ١٩٧٩، ص. ١٠٥ 

26-  نوشهروي: تراجم علماء أهل الحديث"، ص. ٢٢٧. 

27- نو شهروي: "علماء أهل حديث كى تصنيفي خدمات"، ص. ١٤٥.

28-  أجمل ، محمد: "الشيخ نذير حسين المحدث الدهلوي ومآثره العلمية"، ط. روز وورد بوك، نيودلهي ٢٠١٢، ص. ٥٨. 

29- المصدر السابق: ص. ٦٠.٥٩ 

30-  الفريوائي، عبد الرحمان: جهود أهل الحديث في خدمة القرآن الكريم، جامعة السلفية بنارس ۱۹۹۲، ص. ٣٩ 

31- الندوي ، سيد سليمان: "مقدمة" نوشهروي: تراجم أهل حديث، ص. ۷. 

32- السلفي ، محمد مستقيم: "جماعة اهل حدیث کی تصنیفی خدمات"، ط. الجامعة السلفية بنارس ٢٠٠٢٠ 

33-. سيالكوتي ب محمد إبراهيم مير: "تاريخ أهل حديث"، ص. ١٢١. 

34- انجينير ، أصغر علي : "They too fought for India's freedom: The role of minorities، ص ۲۰

35-  نفس المصدر: ص. ۲۰. 

36-  شیخ محمد اکرام "آب" كوثر"، ط. ادبي دنيا ماتيا محل دلهي، ١٩٩٨، ص. ١٣٥ 

37- مكي ، الدكتور مختار أحمد: تحريك آزادي اور هندوستاني "مسلمان" ط. قاضي Publishers and distributors دلهي، الطبعة الثانية ٢٠٠٣، ص. ٦٧ - ٦٨. 

38-Ahmad, Moinuddin: "A History of the Fraidi Movement in Bengal", 1987. P. 11 

39- Gopal, Ram: "Indian Muslims", (A Political History), Bombay, pp. 22-23." 

40-. فاروقي ، زبير أحمد: "مساهمة دار العلوم ديوبند في الأدب العربي، دار الفاروقي نيودلهي ۱۹۹۰، ص۱۸. 

41- .Desai, Z. A.: "Centres for Islamic Learning in India", Publications Division, Ministry of Information and Broadcasting, Government of India, New Delhi, 1978, pp. 174-175. 

42- .Barbara Daly Metcalf: "Islamic Revival in British India- Deoband-1800-  1900" Princeton University Press, New Jersey, 1982. P. 48 

43- گيلاني ، مناظر أحسن : "سوانح قاسمي ط. مكتبة دار العلوم ديوبند ١٩٩٣. ص. ٢٤ 

44- رضوي، سيد محبوب : تاريخ دار العلوم ديوبند ، مكتبة دار العلوم دیوبند، ١٩٩٢، ط. ١٦. 

45- الأسعدي، عبيد الله : دار العلوم ديوبند مدرسة فكرية توجيهية، حركة إصلاحية دعوية، مؤسسة تعليمية تربوية"، ط. أكاديمية شيخ الهند دیوبند ۲۰۰۰، ص. ۲۸. 

46- Barbara: Islamic Revival, p. 241." 

47- رضوي، سيد محبوب ، مقال له قام بترجمته وتعليقه إلى العربية الأستاذ عارف جميل القاسمي نشرته مجلة الداعي  الشهرية في عددها الصادر ٨ في شهر حزيران/يونيو ٢٠١٣، ص. ٥٥. 

48-  الحسني ، عبد الحي: نزهة الخواطر، ج۸، ص. ٥٥٠. 

49- أسعدي، محمد عبيد الله : "دارالعلوم ديوبند مدرسة فكرية توجيهية"، ص. ٦١ . 

50-  رضوي، سيد محبوب مقال له ترجمه إلى العربية بعنوان "افتتاح الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند" الأستاذ عارف جميل القاسمي نشرته مجلة الداعي الشهرية في عددها الصادر -۱-۲ في شهري نوفمبر / ديسيمبر ٢٠١٣، ص. ٤٥ . 

51- Sarkar, Sumit: "Modern India (1855-1947), Mcmilan India Limited, New Delhi, 1995, .` gth Ed., p. 78. 

52- الحسني ، ابو الحسن علي: "الدعوة الإسلامية في الهند وتطوراتها" ط. المجمع الاسلامي العلمي لكناؤ ١٩٨٦، ص ۲۱۰ - ۲۲ 

53- Eliade, Mircen (ed): "The Encyclopedia of Religion", Mcmilan Publishing Company, New  York & London, vol. 7, P.57 

54- مظهر حسين : "علي كرهـ تحريك"، انجمن ترقي أردو، دلهي ١٩٨٢، ص. ٤٤-٤٥ 

55- Barbara Daly Metcalf: "Islamic Revival in British India- 1982. P. 324. 

56- أحمد أمين: زعماء الإصلاح في العصر الحديث"، ط. كلمات عربية للترجمة والنشر، جمهورية مصر العربية، ۱۹۹۲، ص ۱۳۲. 

57- Mohammad, Shan: “Successor of Sayed Ahmad Khan", Idara Adabiat, Delhi. 1981. P. 16-17. 

58- الحسني ، عبد الحي: "نزهة الخواطر"، ج ۸، ص. ۳۹. 

59- نظامي ، خليق احمد: سرسید اور عليكرهـ تحريك"، ١٩٨٢، ص. ٤٥ . 

60- Gopal, Ram: "Indian Muslims", p. 47

61-  Metcalf: "Islamic Revival in British India", P. 32 r

62- القاسمي، عطاء الرحمن: "ألواح الصناديد"، مولانا أبو الكلام آزاد أكادمي دلهي. ١٩٩٠، ص. ٥٤ 

63- . عبد الحق شجاعت علي: "الدراسات العربية في الجامعات الهندية الشمالية بعد استقلال ١٩٤٧"، المعهد الديني دلهي ١٩٨٩، ص. ١٤

64-  الأميني نور عالم خليل، مقال له نشرته مجلة الداعي الشهرية تصدر عن مدرسة دار العلوم بديوبند في عددها الصادر ٥ سنة ٣٧ لشهري مارس وأبريل ۲۰۱۳ 

65- الحسني ، محمد الرابع: "ندوة العلماء: فكرتها ومنهاجها"، ط. مؤسسة الصحافة والنشر، لكناو الهند ٢٠٠١، ص. 

66-  القرضاوي، يوسف: "ندوة العلماء بالهند ودورها المعاصر"، ط. مكتبة وهبة، القاهرة، ۲۰۱۲، ص. ۱۲. 

67- الحسني ، ابو الحسن علي: "أضواء على الحركات والدعوات الدينية والإصلاحية المجمع الإسلامي العلمي، ١٩٩٥، ص. ٤٢ 

68- Metcalf: "Islamic Revival in British India", P. 452. .' 

69- الندوي ، عبد الحليم "مراكز المسلمين التعليمية والثقافية والدينية في الهند، ط. مطبعة موري المحدودة، مدراس ١٩٨٦، ص. ٣٥. 

70-  الحسني ، أبو الحسن علي : المسلمون في الهند ص. ١١٣. 


مواضيع ذات صلة
البحث التاريخي, تاريخ الهند, تراث الهند،, دراسات تاريخية,

إرسال تعليق

0 تعليقات