العنوان: الشعر والشعريّات في الهند القديمة
الكاتب: . ترجمة : محمود منقذ الهاشمي
المصدر: مجلة الآداب الأجنبية
الناشر: اتحاد الكتاب العرب
المؤلف الرئيسي: اليازجي، ندرة (مؤلف)
رقم العدد: س 15, 54-55
محكمة: نعم
الدولة: سوريا
تاريخ الإصدار:1 يناير 1988
(هذا البحث ترجمة لما هو منشور حول هذا الموضوع في :
Princeton Encyclopedia of Poetry and Poetics (Enlarged Edition), ed. by Alex Preminger, Princeton University, Princeton, New Jersey, 1974.
الفيداويون : ج فيداوي Vedic منسوب الى الفيدا Veda وهي كتب الهندوس الدينية الاربعة . ( المترجم )
الشعريات الهندية
ان الرائين الفيداويين ، اذ هم شعراء يتمتعون بوعي قدموا الملاحظات حول فنهم : فتحدثوا عن الكلام مغريلا في أفكارهم ، كالدقيق في المنخل ، وقد أضفي عليه الجمال وهو في أبيات موزونة ، هذا البحث ترجمة لما هو منشور حول هذا الموضوع في : كقطع الخشب المحفورة في مركبة الخيل . وقالوا ان عروس الشعر اختارت أن تهب نفسها للمصطفى ، كما تهب الزوجة نفسها للزوج . وكانوا في حالة الوحي ، في تسبيح الشخصية ، يطلقون تراتيلهم التي يقيمون بها صلتهم بمعبوداتهم من الآلهة . وكان الشاعر الفيداوي الرائي يدعى ( رشي ) و كفي » Kavi ، اي «الرائي» و «الصانع»
وذلك يعني حسب تعبير الناقد الكشميري توته من القرن التاسع أن الشعر يعتمد على كل من ( الرؤية » و « التعبير » . وكانت الترتيبة تدعى » رزه » Rasa ، أي ) الجوهر أو الشيء الابهج » ، وقد قال الابنشد the Upanishad ان ما صنع على نحو جيد وكامل انما هو الشيء الابهج ) رزه ) . وههنا يمكن ان يبين مفهوم ) رزه ) الذي سيصبح جوهر الجماليات الهندية فيما بعد وفي الملاحم يشار الى الخصائص الادبية كالحلاوة ، والجمال ، وغنى الفكر ، والقدرة على جعل الماضي يحيا من خلال السرد المكتوب والملحمة ( الراماينة » the Ramayana قصة عن أصلها تلعن فيها أنه كان ثمة انفعال ) رزه ) ، في حالة مثيرة للشفقة ، هو الذي اصبح شعرا.
وأقدم بحث باق في النظرية واكمله هو « ناتیه ساستره » Natya Sastra لـ « بهرته » Bharta الذي يعالج الفن المسرحي في كل وجوهه ويتضمن جوانب من الشعريات ، والله ، والوزن ، واشكال الكلام ، وفوق كل ذلك الانفعالات (رزه) ، التي لولاها ، كما قال بهرته ، لما تحرك شيء في المسرحية . وقد حللت قصة المسرحية بدقة ، واقيمت العناصر الخمسة ، والمراحل ، والمفاصل لنمو الحبكة التدريجي . وعلى هذا النحو درست كذلك أنماط الشخصية ووصفت الانماط العشرة من المسرحية ، الا من شأن كل ذلك أن يساعد على الفرض الرئيسي وهو اثارة الاستجابة الانفعالية . ومن الانفعالات أكدت ثمانية انفعالات أو تسعة : الحب ، والبطولة ، والشفقة ، والضحك ، وهلم جرا . وكل رزه قد نمت من مزاج اساسي يلازم كل القلوب البشرية بوصفه عزيزة دائمة غذاها عدد من المشاعر الثانوية - كالاشتياق ، والكآبة ، والحسد ، وما الى ذلك - يشترك فيها اكثر من مزاج . وعندما كان البطل والبطلة أو البطل وعدوه يعرضضان آثار انفعالاتهما كانت الاستجابة الانفعالية تثار في قلب المشاهد بطريقة ممتعة . وأعلن بهرته أن أفضل مشاهد هو من يستطيع أن يدخل المسرحية ويشعر بالقبطة بينما تكون الشخصية فرحة أو حزينة وهو مترع بالحزن . وعرف بهرته المسرحية بأنها محاكاة ، أو كما فسرها المعلق على بحثه ابهنه ففبته Abhinavagupta بأنها تمثيل للرجال والنساء في احداث واحوال شعورية مختلفة .
وتطورت الشعريات عن نظرية بهرته ، الا أن أوائل البلاغيين قد تمسكوا بأن الانفعالات تخص المسرحية في الدرجة الاولى ، وفي الشعر القصصي ليس بالامكان اظهارها الا على نحو غير مباشر من خلال الوصف. ولقد عرف بهامهه ) Bhamaha و « دندن » دندن » Dandin ( زهاء ۷۰۰ م ) وكذلك « فامنه » ) زهاء ۸۰۰ ) الشعر بأنه كلمة ومعنى في انسجام وقد وهبا الجمال : وهذا الجمال هو نتيجة اختيار الكلمات والتراكيب المناسبة ، وتجنب العيوب الادبية ، واضافة الخصائص الاسلوبية واشكال الصوت والمعنى والانفعالات وقالوا بأن الانفعالات ايضا لا تقوم الا بتزيين التعبير في الشعر ، ومن ثم فان هؤلاء النقاد القدامى الذين أكدوا ) الشكل » من الممكن أن نطلق عليهم التعبيريين على انه في مطلع القرن التاسع الميلادي بدأت تحرز التقدم الفكرة القائلة بأن الانفعالات هي مركز الاعجاب في القصائد ايضا ، وسرعان ما ظهر في كشمیر ابرز عالم جمال هندي وهو ( اننده فرد هنه » anandavardhana ( القرن التاسع ( الذي وحد النقد بتناوله المسرحية والشعر معا وطبق مبادىء التحليل والتقويم نفسها على كل اشكال التعبير الادبي - المسرحية ، والقصيدة ، والقصيدة الغنائية ، والشعر المتفرق وهو اذ اتخذ موقفه من الانفعال ، الذي عاد فأكده بوصفه روح الشعر ، وجه بحثه الرئيسي الى المسألة الخادعة حول كيف ينقل نص القصيدة هذا الانفعال ويدركه القارىء أو المشاهد . ومن البين أن الذكر الواضح للانفعال لا يمكن له أن يثير الاستجابة الانفعالية . فليس في وسع الخبرة الانفعالية أن تكون جزءا من المعنى المباشر للكلمات والجمل ، أو من دلالاتها الثانوية فبين النص والانفعالات لا يمكن أن تنعقد الا صلة الايحاء ، أو الابداء ، أو الالهام - ( دهفني ( Dhvani او « فینجانه » Vyanjana او برکاسه » Parkasa . والايحاء عملية فريدة يمكن أن تنطيق حتى على الميادين التي تكون فيها القدرات الأولية أو الثانوية للكلمات كافية لنقل الفكرة . وحتى الارقام يمكن ان ينقلها الايحاء على نحو اشد جاذبية ، والحقيقة ان الايحاء قد أضاف الى الكلام بعدا جديدا ، وزاد قدرة الوسيلة المحدودة في اللغة . وانه بفضل رمزية الايحاء كان الشاعر ينقل رسالة عمل بكامله . وهكذا اكد اننده فردهنه المضمون أو الانفعالات مقابل الملامح الشكلية ، والاسلوب ، والصورة ، وما الى ذلك اي كل ما وضعه في مقام ثانوي. وكانت الملامح الشكلية تقوم بانها جيدة أو رديئة ، لا بحد ذاتها ، بل في صلتها بالانفعال الذي توحي به ، وسميت هذه القيمة النسبية للتعبير ) أو تشتيه ( Auchitya ( التكيف أو الملاءمة ) وقد طورها ( کشمندره » Kshemendra القرن الحادي عشر) تكملة أحيت مبدأ الايحائية الانفعالية وما زالت ثمة مسألة تتطلب النقاش : كيف امكن لانفعال المرء ، الممثل أو الشخصية الادبية ، أن يستسيغه الآخر ، المشاهد ، لان انفعال المرء في الحياة ينتج بين النظارة ردود فعل متفاوتة متباينة لقد قام ناقد بارز آخر من كشمير في القرن العاشر هو « نایکه » Nayaka بتقديم الحل وهو أن الوسيلة الفنية في الشعر تعمم الانفعال أو تجرده من مراجعه السياقية ، وهذا يتيح للانفعال بحد ذاته ، لا بوصفه انفصال شخص معين ووضع خاص ، أن يلامس الانفعال الذي يوازيه في قلب المشاهد . ولم يوافق نایكه على أن الايحاء هو كل شيء في الشعر ، رغم أنه أقر بأنه مصدر من مصادر كثيرة تحت تصرف العبقرية الشعرية وأكد هو ومعاصره الاصغر منه كنتكه Kuntska أن الطريقة الفريدة «كفي لعبقرية الشاعر هي المبدا الاساسي في وحين قارن نایكه التعبير الشعري بالقانون والكتاب المقدس من جهة ، وبالقصة والاخبار من جهة ثانية ، قال انه في المثال الاول يهمنا الحرف ، وفي الثاني لا يهمنا الا الجوهر ، وفي الشعر فان الطريقة التي قيل فيها الشيء أو أبلغ هي كل شيء .
ووافق الفيلسوف والناقد الكشميري ابهنه ففبته Abhinavagupta ( زهاء ۱۰۰۰ م ) على نظرية نايكه في تعميم الانفعال ( سادهارین کنره ) Sadharanikanara واشار الى أن الخبرة الجمالية مقولة فريدة ، لا تشبه أية عملية ابتسيمولوجية معروفة - كالادراك الحسي ، والاستدلال ، والتذكر ، وما الى ذلك . وهي تتجلى في حضور المثير الفني الذي يشترط امدها، وتبدأ بالشاعر والقصيدة وتتم نفسها في قلب الخبير الذي اصبح بالنشاط الادبي المستمر ، متناغما مع الشاعر حتى أطلق عليه « سه - هر دده Saridada ( الفرد الذي له القلب نفسه » . وليست المتعة الجمالية فرحا بأي عنى من المعاني الدنيوية ، وذلكم أنها راحة الفؤاد انها التوازن ، أمن الروح واتزانها ، وتعكرها على الدوام المشاغل الدنيوية وتعيدها الى المناسبة الحاضرة . وكان جغنائه Jaganatha ) من القرز السابع عشر ( ، بتبنيه الأوضح لفلسفة سنكره من رأي في النفس قد فسر نظرية النعيم الجمالي بتجلي النور الداخلي وتأثير الفن الذي يمزق القشور فينقشع الظلام عن سعادة الذات. ووفاقا لذلك عرف الشعر بأنه تعبير بالوسيلة اللفظية يؤدي التأمل فيه الى السعادة العلوية . وكان هذا النموذج السائد من النقد منذ ذلك الحين ، الا أنه حدث في القرن الحادي عشر أن الملك موسوعي الثقافة بهوجه من دهر قدم نظرية غيره مألوفة تقول بأن الانا الداخلي المتسامي أو الوعي الذاتي او حب الذات عند الناس هو « رزه » أو انفعال يساوي التفوق وهو ليس الاساس لكل الانفعالات البارزة وحسب، بل كذلك يقع في جذر الفن الخلاق والنشاط الثقافي الاعلى و خدمت النظريات السنسكريتية الشعرية : الاشكال ، والاساليب و رزه » كل الآداب الهندية بما هي نظرية شعرية . وشأن «رزه » کشان دهرمه » Dharma في انهما من الكلمات المفتاحية في الثقافة الهندية ،
يتميز كل منهما بجانبه الجمالي . ولقد استخدم النقاد الحديثون مصطلحات النقد الانكليزي ، الا أن أشد الاصوات اصالة من أمثال طاغور قد اكدوا من جديد المقاربة التقليدية ، معبرين بتشديد عن توجههم الفيدانتي * ، أي أن الفرح الجمالي هو توقع الادراك الروحي وان الفن كله هو على هذا النحو معونة روحية ( سادهنه ( Sadhana . ويمكننا الآن كذلك أن نلاحظ أصداء النظريات الهندية حول الايحاء و « رزه ) واضحة في كتابات النقاد الغربيين من امثال آبركرومبي ويتشاردز وإليوت .
الشعر الهندي :
السنسكريتي . يمثل الشعر الهندي نشاطا أدبيا متواصلا وغزيرا ، يشمل في امتداده الزماني والمكاني / ٤۰۰۰ / سنة وتهاد عشرين لغة مصقولة من زمرتين لغويتين رئيسيتين ، هما الهندية الآرية والهندية الدر فيدية Indo - Dravidia وكان ثمة ادب سنسكريتي سائد خلال ثلاثة آلاف سنة ، وله اسهام اضافي في الاشكال الشعبية من السنسكريتية وهي البالية Pali ، والبر قريطية Prakrit ، والانبهر مسية
Apabhramsa . وشهدت السنوات الالف الاخيرة نمو اللغات والآداب الهندية الحديثة . وكان الادب الهندي الشعبي التعبدي والديني عموما اول شكل من الاشكال التي استخدمت لها هذه اللغات الدينية ، بالاضافة الى أن ماكيف وترجم عن الاصول السنسكريتية قد برز فيها كذلك وكانت اللغات المحكية في بحثها عن الادب الفلسفي والتقني الرفيع تتطلع الى اللغة السنسكريتية التي استمرت في سن المعايير . وان الوحدة الضمنية للاداب الهندية هي الى اليوم ما أعطاه لها التراث السنسكريتي المشترك .
ويبدأ الشعر الهندي بالطور الاول من اطوار تلك اللغة ، بـ « رغفده » وهي مجموعة من التراتيل الشعرية ينشدها الحكماء في الثناء على الآلهة التي يعبدونها . واستخدام الشاعر الفيداوي الوزن ببراعة ، وأضاف اليه التأثيرات الصوتية والايقاعات الختامية وأعطى أوصافا متألقة للآلهة ، التي كان الكثير منها تشخيصا للظواهر الطبيعية كالشمس والفجر ، والريح ، وما الى ذلك . ووجد الشاعر الرغفدي متعة بالغة في التشبيهات وتمكن من اعطاء الاوصاف الطبيعية الحية وكانت له موهبته في تجسيد التأملات المجردة في كلمات سامية .
وهكذا كانت الفيدا أساس الشعر الهندي ، وليست مجرد دین و فلسفة هنديتين. ولم تكن أوزان الاعمال السنسكريتية الكلاسية غير تطور للأوزان الفيداوية . ففي الفيدا كذلك تراتيل تمجد الرعاة والملوك الابطال ، ومحاورات ، وأساطير ، وخرافات ، وفي الاقسام الاخيرة أمثلة من الادب القصصي . وهذه كلها قد وفرت الموضوعات للادب اللاحق ، وعن الاناشيد البطولية التي ينشدها الشعراء القبليون نشأ الطور الهام الثاني من الشعر الملحمي الذي صيغ بلغة أكثر شعبية . ولسوف يوضح الاسلوب الفيداوي الوصف التالي للفجر في الـ «رغفده » :
adhi pesàmsi vapate nrturivà pornute vaksha usreva barjaham
jyotir visvasmai bhuvaya krnvati
gavo na vrajsm vyshà à vartamah
الاشكال الجميلة ارتدتها كراقصة ؛
وعرت صدرها، كالبقرة الحلوب تقدم ثديها ؛
والنور الممتد على ارجاء الكون ،
كالبقرات تعود الى الحظيرة ) إنها تعود الى الشرق ) .
هكذا بددت [ قامة ] الفجر الظلام
( Rigveda 1.92.4)
ان الملحمتين العظيمتين في الهند هما « راماینه » لـ « فالميكي ( Valmlki و ( مهابهارته ( J Mahabharata « فياسه » Vyasa ، اللتين كانتا عيني الامة ؛ وقد صيغت فيهما المثل التي يؤمن بها الامة بكاملها وكانتا في سيطرتهما على الشعوب والحركات الدينية التي نشأت عنها سببا في النمو السريع للخاصية الادبية الخالصة راماینه » تتألف من / ۲٤۰۰ / دوبيت والـ مهابهارته ) من Sloke دوبیت، و كلتاهما منظومتان على البحرين الملحميين « سلوكه » و « أبجي ) upajati . وفي الاولى وحدة في التأليف أشد على حين ان الثانية تدمج في هيكل قصتها الرئيسة الكثير من الاناشيد القديمة والمحاورات التهذيبية والخطابات الفلسفية والاخلاقية . وفالميكي مولع بالتشبيهات ، كالشعراء الفيداويين، وفي تصويره للانفعالات البشرية لم يقتصر على الحب العظيم الذي كابده رامه ( Rama نحو ( سيتا » Slta والالم الشديد الذي قاسته سیتا ، بل صور كذلك البواعث الاساسية كانفعالات الصداقة ، والحب الاخوي ، وفوق كل ذلك حب الاب لابنه . وفي بطله رامه قدم فالميكي تجسيدا للحقيقة والصلاح ، اذ كان في مقدوره أن يضحي من أجل هذين المبدأين بأعز الناس اليه . وكانت الـ ( رامانية » تدعى أولى القصائد Adi - kavyan ، فقد رسم فيها فالميكي الدرب بحق الشعراء الكلاسيين اللاحقين ، بال ملامح الشكلية ، ونمو الموضوع ، وتصوير الشخصية والانفعالات وصور فياسه في بطله » يد هشتره » Vudhishthira مثال الصلاح نفسه ؛ والـ « مهابهارته ( هي قصة العداء وحرب الاخوة بين ابني العم كورفس » Kauravas و « بند فس » Pandavas ، التي كان فياسه يسعى من خلالها أن يؤكد تفاهة الممتلكات الدنيوية وعبث الحرب من أجلها ومن القصص القديمة التي انطوت عليها هذه الملحمة العظيمة ، كقصة « تله » و « دَمينتي » Nala and Damayanti قصص رائعة لبساطتها ورشاقتها وتأثيرها العاطفي ؛ ومن المحاورات والخطب فيها ، كمحاورة لورد كريشنا Lord Krishna وارجونه Arjuna عشية المعركة و « بهفقد جيتا » Bhagavad Gita ، ما ترجم اليوم الى كل لغة في العالم .
والانتقال من الملحمة الطبيعية الى القصيدة الملحمية القصيرة المصطنعة قد أخفاه فقدان الإبداع عند الشعراء الكلاسيين الأوائل فالملحمتان وفرتا الموضوعات التي كتب عليها الشعراء النمط الشعري الرئيسي الذي يدعى «مها - كافيه ) Maha - kavya ويمتد من / ٨ / الى / ٢٠ / قسما ، والنمط المسرحي الرئيسي وهو الـ « ناتکه » the Nataka من / ٥ / الى / ۱۰ / فصول . والى جانب الملحمتين كان المخزن الكبير من القصص الشعبية ، والخرافات ، والحكايات الفروسية ويدعى « برهتكتا ( Brihatkatha ) القصة الكبيرة ) ، وقد غدا مصدرا للمسرحيات والقصص الغرامية. وفي الشعر ظهر تنويع بسيط في القصيدة القصيرة ( مجموعات الاشعار » على موضوعات وصفية وتأملية خاصة ، وظهرت الحكايات الفروسية النثرية ، والقصص والغنائيات، والكتابات التعليمية والمأثورة ، والقصائد التاريخية ، ونوع ادبي جديد يُدعى « تشمبو » Champu ويمتزج فيه النثر بالشعر وفي المسرحية ، كانت الى جانب ) الناتكه ( البطولية » البركرته ) Prakarana الاجتماعية و ( الناتكه ) Natika وهي نمط مطعم منبثق عن النوعين السابقين . وكانت الى ذلك تسعة أنواع تطور اثنان منها على نحو منظم وهما « المهزلة » و « مناجاة الحبيب » ، ونمت المسرحيات المجازية والفلسفية ، والمؤلفات المسرحية غير القياسية ، والمؤلفات الموسيقية التي تقوم على الغناء والرقص ، والاخيرة تستمد الهامها ومادتها من الشعبية المحلية كذلك الاشكال
لقد جعل الشعر والمسرح السنسكريتيان هدفهما عرض الانفعال أو رزه » واثارته واخضعا له الشخصية والحبكة . وكان الشعراء يستخدمون الاوزان المتنوعة المثيرة . واللغة السنسكريتية غنية بموسيقاها الرنانة وكان الشاعر خبيرا بجعل الصوت صدى للمعنى . وكان في الاوصاف الطبيعية رساما منمنما مقتدرا . ولقد رأى بخلفيته الفيدانتية الحياة الواحدة تنبض في الانسان ، والحيوان ، والشجرة ، والحشرة ، ومن ثم فان اتحاد الانسان بالطبيعة هو الذي شكل بطانة شعره . وفي المسرحية كان الشاعر تحركه أولا فكرة تقديم الـ « رزه » . وأوضح ملمح في المسرحية السنسكريتية انما هو ثنائية اللغة فيها ، التي هي جزء من الملامح الواقعية ، فضلا عن مزجها النثر بالشعر . ولم تكن تلح على وحدة الزمان والمكان ، بل كانت تصون بحماسة وحدة الانطباع الانفعالي . وكان المسرحي يركز في المشاهد الرئيسة على السمات المبجلة ، والعذبة ، والانفعالية في القصة تاركا البقية تنتقل في الفصول الاضافية . وعلى حين ان عناصر التعقيد المأساوي ، والتعارض ، والتشويق كانت تقدم كما ينبغي ، فان الهنود لم يؤيدوا المأساة بالمفهوم الاغريقي أو الغربي ، لان الموقف الهندي لم يقبل الانتصار النهائي للشر وتمسك بأن على المسرحية أن تظهر أن الفضيلة هي الظافرة الاخيرة . والمسرحية عندهم تفتتح بالمقدمة الانبائية الايحائية التي اقتبسها غوته في مسرحيته « فاوست » .
و للتمثيل على الخصائص المذكورة أعلاه نشير الى الانتاج الضخم للقصائد والمسرحيات السنسكريتية الكلاسية التي تعود الى تهاد / ٥٠٠ / ق . م . ومعظم النماذج مفقود الا أن قد سلم من المسرحيات الاولى اكثر مما سلم من الشعر الباكر . وفي العقد الثالث قبل الميلاد كتب الوزير الموري Mauryan سند هو Subandhu مسرحية غير مألوفة الى حد ما، تدخل الفصل في الفصل وتوحد حكاية الملك أدينه Udayana الغرامية مع مكائد القصر مكائد القصر . ومن المحتمل أنه بعد سبند هو جاء بهاسه Bhasa الذي كتب عددا من المسرحيات اتسمت بالبساطة ، ولم تسمح للشعر ان يهيمن على الحدث . اما الفترة الواقعة بين العقد الثاني قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي فهي فترة الكرونولوجيا الادبية غير المستقرة ، ولكنها كذلك الفترة التي ازدهر فيها الشعراء والمسرحيون السنسكريتيون البارزون الثلاثة وهم كالداسه Kalidasa و «اسفاغوشه» Asvagosha و سور که « Sudraka سودر که « Sudraka . وكان أسفاغوشه هو الشاعر البوذي الرائد في تسخير الشعر والمسرح لخدمة دينه الجديد ؛ وقد كتب قصيدتين ومسرحية حول بوذا .
وكان كالداسه بحق أروع ازدهار للثقافة الهندية ، فهو الجمالي الاسمى الذي عكست اعماله ، في الوقت نفسه ، الصورة المكتملة للمواقف والمثل الهندية في الحياة ، أي السعي المتوازن وراء الفضيلة ، والكسب ، والمتعة ، وفوق كل ذلك الانعتاق الروحي الذي صلى له عندما وضع قلمه على نهاية عمله الفائق الـ ) ساكونتله » the Sakuntala . وفي تصويره للحب ، وكان أستاذه الفذ ، استخدم فكرة الفراق والالم وقدم الطفل كذلك وسيلة لتطهير الحب وترسيخه في وحدة روحية دائمة . وان توفيق کالداسه بين » الآن » والـ « بعدئذ « ما جعل غوته يتحدث فيما بعد عن اتحاد السماء والارض ، والزهرة والثمرة في ) ساكونتله » ويتسم اسلوبه بالتناسق ، والاقتصاد في التعبير ، والايحائية . وكالداسه كـ فالميكي » والشعراء الفيداويين مشهور بالتشبيهات ، وقد كتب أربع قصائد وثلاث مسرحيات . وفي اولى محاولاته وهي » رتسمهاره » Ritusmhara ( دورة الفصول ( انشد لفصول السنة الستة قصيدة وصفية غنائية تنضح بالحب . وفي القصيدة القصيرة الثانية ( مفهد وته » Meghadata (رسول) السحاب ( يسلم المحب المهجور رسالة حب الى حبيبته البعيدة من خلال سحابة طافية . وهذه الغنائية هي خير تقدمة اصالة كالداسه ، وبراعته الخلاقة ، وغنى خياله ، وسحره الذي أثمر ما لا يحصى من أعمال المحاكاة له . واطول قصائده قصيدة رغقسمه» وهي حول الملوك من السلالة الشمسية ) وبينهم تجسد— الإله بوصفه رامه ) . انها في / ۱۹ / قسما وتعكس كل الجوانب من ذهن الشاعر .
وفي قصيدة اقصر مؤلفة من ثمانية اقسام اسمها « كماره سمبهقه « Kumara - sambhava ( ولادة إله الحرب كماره ) يصور الشاعر أم الكون وأباه ) ديفي ( Devi و سیفه ( Siva ، حيث يشتاق كل منهما الى الآخر ، وفيها يقدم بطريقة فريدة تعبيرا عن مثاله في الحب السامي . وكتب الشاعر ثلاث مسرحيات أيضا : « مالفيكا واغنمتره » Malavik-agnimitra وهي حكاية تجري في جناح الحريم عند الملك اغنمتره من سلالة ستفه Sunga ، وحبكتها مليئة بالمؤثرات المشوقة والجذابة من الرقص والرسم وما الى ذلك . وفي مسرحيته الثانية فكرم أنفسيه ) Vikramorvasiya ) الشجاعة تصل الى أورفسي )، يظهر الشاعر تأثير الطبيعة في القلب المحروم من الحب . وهنا كما في عمله المسرحي الفائق ) ساكنتله ( Sakuntala يقدم الشاعر الفراق للحب الطاهر والطفل لاحكام رابطة الحب في اتحاد لا ينفصل . وبعد كالداسه ، فان كل المسرحيات من نوع ) ناتكه » او « ناتکه » تسير على منوال ) مالفيكا وأغنمتره » أو « ساكنتله »
واذا كانت ساكنتله هي النموذج البارز للمسرحية المثالية ، فان مر کشته کتکه » Mirchakatika ) عربة الصلصله الصغيرة ) لـ سودرکه » Sudraka هي أبرز انجاز هندي في حقل المسرحية الاجتماعية. وكان يطلق على المسرحية الاجتماعية اسم ) بركرته » Prakrana التي تعرض مرآة الحياة وتبرز الشخصيات المستمدة من الطبقات العامة وفيها تأخذ التطورات المأساوية والمؤلمة الحيز الاكبر . ويظهر سودر که امكانات هذا النمط الى اقصى حد في انتاجه أهم المسرحيات الهندية التي اشد اثارة للجمهور الحديث بسبب التنوع في تشويقها ، وقصتها ، و تشخيصها ، وفكاهتها واتبع كالداسه شاعران مهمان انتجا الملحمة المصطنعة بنجاح : هما « بَهَارَ في » Bharavi كاتب « كيراتا جونيه » ( شيفه * صيادا وارجونه ) ، و » مفهه » كاتب » سيسنبا لفدهه » ( مقتل سيسباله ) ، وكلا الشاعرين يتمتع بمواهب شعرية لا تنكر ، وقد خلف مقاطع فاتنة في الحب والحياة وأوصاف الطبيعة، ولكن معهما بدأ الميل الى تحميل القصيدة ما لا تحتمل من الاستطراد الوصفي وتقديم الافكار العلمية وابراز البراعة في أن يؤلف الشاعر الابيات الصعبة ذات المقاصد التزيينية . وحتى الكتاب الموهوبين فقد سمحوا لانفسهم أن تهيمن عليهم هذه العروض العلمية والعويصة ؛ وشرعوا يحشرون موضوعين في قصيدة واحدة بتورية طويلة الامد ، ويؤلفون القصائد التي توضح فواعد النحو أو المظاهر الصوتية المستمرة المختلفة أو المقاصد التزيينية .
وعلى حين كانت هذه التطورات غير المرغوب فيها تأخذ مكانها في الملحمة المصطنعة ، فقد كان ثمة بعض الانطلاقات الصحية في موضوعها .
اذ أخذت القصيدة التاريخية تعالج الملك المعاصر أو أسرة من الملوك والمثال البارز على ذلك هو « نهر الملوك ( Raja - tarangini ، وهي قصيدة ذات قيمة بالنسبة الى تاريخ كشمير . وكانت هناك قصائد تاريخية حول كل السلالات الحاكمة تقريبا ابتداء من زهاء القرن الحادي عشر الميلادي الا أن لهذه القصائد عموما دفقات شعرية ورومنتية قلصت قيمتها ) وهيمن على النثر السنسكريتي الكلاسي ) سنبندهو » واستاذان بارزان هما « بانه » Bana ) القرن السابع ) و ( دندن » Dandin ) زهاء ۷۰۰ م ) . وقد ضاعت النماذج الاولى . وكتب بانه قصة نثرية رومنتية تدعى كاد منبري » Kadambari التي يجتاز فيها عاشقان أكثر من ولادة ويظفران ببعضهما والـ «هر شه تشریته the Harshacharita التي سرد فيها قصصا عن نفسه وعن راعيه الملكي - الملك هر شه فردهنه من كاناوج . وبانه بمعرفته الموسوعية هو كذلك استاذ الكلمات الموسيقية الشفافة التي تخلق فترة بهجة لا تنتهي عند القارىء الهندي الحساس . وتبنى دندن، وهو موسوعي المعرفة كذلك ، اسلوب البساطة والرشاقة ؛ وقصة « الامراء العشرة » Dasa - kumara - charita قصة واقعية تعرض مرآة الحياة ولا سيما في العالم السفلي .
وعندما استثمر النثر والشعر على أتم ما يكون ، استنبط الشعراء شكلا جديدا سموه ) تشمبو ( champu ، وهو مزيج من النثر والشعر عالجوا به الموضوعات التقليدية . والموضوع المبتكر الذي كتب على هذا النمط هو الشاعر هندي جنوبي من القرن الثامن عشر قدم في عمله «مرآة لمميزات الكون ( Visvaganadasa الحجج المؤيدة والمعارضة لكل شيء من خلال مستعرضين للعالم ، أحدهما ناقد معجب والآخر قاس .
واصبحت خطوط التطور تسير على الاغلب في القصيدة القصيرة والكتابة التأملية ، ومجموعات الملاحظات المتفرقة أو القصائد الصغيرة ذات الموضوع الواحد ، والفنائيات ، والكتابات التعليمية ، وما الى ذلك . وأشهر مجموعة من هذا النمط هي مجموعة المئويات الثلاث من الاشعار حول السلوك المميز ، والحب ، والنزاهة لـ « بهر ترهري » Bhartrihari الذي يعد كاتبا وفيلسوفا ملكيا ، وظهرت فيما بعد عدة مجموعات من الاشعار حول هذه الموضضوعات ، ومنها مثلا ) في السلوك المميز » وهي / ١٢٠ / قصيدة منسوبة الى سندر بنديه Sundrapandya تعد مجموعة ممتازة في الحكمة ، و ( في الحب » وهي مجموعة أمروكه Amaruka التي من اليسير أن تعد خير مجموعة في كل العالم السنسكريتي . وكان للشعر الغنائي عند السنسكريتيين درتان هما ) رسول السحاب » لـ كالداسه » المذكور آنفا ، وقصيدة درامية تدعى « جيتفو فنده » ) انشودة الرب وفنده Govinda ( حول الحب بين « کرشنه» Krishna و رادها « Radha ، من تأليف « جيديفه « Jayadeva ( زهاء ۱۲۰۰ م ) ، الذي هو كسابقه أصيل الخيال وحوكي الى ما لا نهاية ، وقد ادت القصيدة الموسيقية - الدرامية كذلك وظيفة الإلهام الديني للفيشنفيين Vaishanvites و كانت نموذجا للمؤلفات الموسيقية والمسرحية الراقصة وتقاليدها في كل انحاء الهند . ويشمل الشعر الغنائي كذلك مقداراً كبيراً من الصلوات ، والمدائح ، والترانيم المقدسة التي كتبها الشعراء الدينيون ، والفلاسفة وبين المجموعات الكثيرة من الأشعار ذات القيمة التأملية ، والتعليمية ، والأخلاقية التي يمكن أن يستسلم لها التعبير المحكم في السنسكريتية على نحو رائع ، فان الأنيا بديسه » Anyapadesa صنف يقدم نقد الحياة والتأملات في عالم الناس وفضائلهم ورذائلهم من خلال مدح الحيوانات والطيور وما الى ذلك او لومها ، وهناك عملان رائعان في هذا الباب هما مجموعتا بهاتا Bhallata الكشميري ) من القرن التاسع الميلادي ) ونیلگنته دیکشته Nilakantha Dikshita الهندي الجنوبي ) من القرن السابع عشر الميلادي ) ؛ وكان الثاني ذا ميل الى الهجاء والسخرية وترك قصائد صغيرة أخرى في النقد المباشر للمشعوذين المحترفين ، والغشاشين ، والأشخاص المزعجين ، والطفيليين ، وما الى ذلك ؛ ولكن قبل نيلكنثه كان الكشميري الموسوعي كشمندره ) من القرن الحادي عشر ( الرائد في خط الهجائيات بالكثير من القصائد الصغيرة .
ومن أهم فروع الأدب السنسكريتي التي أكسبت الهند شهرة عالمية واسعة في الأزمان القديمة ادب الخرافة الحيوانية « ينسشتنترة » Panchatantra ) الحيل الخمس ) و « هيتوبديسه » ) النصيحة المفيدة ) ( نثراً وشعراً ) ، ومن الممكن ان كل الخرافات الحيوانية في العالم قد سارت جوهرياً على منوال هذه الخرافات . وفي باب القصص أنتج عديد من الأعمال، إلا أن أهم هذه الأعمال هو المخزن القديم للقصص الـ ) بهتكته ) the Bihatakatha ، التي كتبت اصلا باللهجة البيسيتشية ، ولكنها الآن متيسرة في ثلاث ترجمات سنسكريتية متأخرة .
وكان لا بد لحقل المسرحية من أسماء متميزة تخلف كالداسه وسو در که . فقد كتب الملك هر شقندهنه من كناوج )من القرن السابع ( ثلاث مسرحيات منها » تفنندا » Nagananda ) ابتهاج الأفاعي ( التي تدور حول موضوع فريد هو تضحية البطل بنفسه لينقذ الأفاعي من الإبادة . وفي العصر نفسه استطاعت الهند الجنوبية أن تتباهى بمسرحي ملكي هو مهندر قرمه بلاقه من كانتشي Mahendravarma Pallava of Kanchi الذي انتج مهزلتين متألقتين ، استخدم في إحداهما العمل اليوغي الفد في دخول جسم آخر ليجعل إحدى المحظيات تتكلم الفلسفة وتتحول المغناج الى زاهدة مع التلميذ وحاول به Bhavabhuti ) زهاء م ( المسرحية الاجتماعية والمسرحية البطولية ، إلا أن نجاحه كان في الثانية ، حيث هنلل له سيداً للرثاء المسرحيته حول حياة رامه الأخيرة وتنازل سيتا ؛ ويتمتع تعبير بهفبهوتي بالغزارة ، وهو أستاذ للموسيقى في السنسكريتية ، شأن بانه . وانتج فساد Visakhadatta ، وهو عضو في البيت الملكي ( زهاء القرن الثامن الميلادي ) ، إبداعين رئيسين في المسرحية السياسية : مدرارا کشسه » Mudrarakshasa الخاتم المنقوش صان راکشسه من الخطر ( حول الامبراطور الموري تشندر مغوبته Chandra - gupta ووزيره المشهور كاوتليه تشانکیه Kautila Chanakha ، مؤلف الرسالة الشهيرة في السياسة الـ «ارته ساسترة the Artha Sastra ومسرحية ( الملكة وتشندره غوبته » حول القصة الداخلية عن الملك الهندي القديم تشندره غوبته الثاني فكر قديته من سلالة غوبته . وفي المسرحيات الصغيرة أعطت مناجاة الحبيب الفرصة للهجاء والفكاهة ، كما هو الأمر في المهزلة ؛ وقد نشرت أربع نماذج قديمة من هذا الصنف تحت عنوان ) البهانات الأربعة The Four Bhanas ، والكثير من النماذج الجيدة التي أنتجت في الجنوب خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إنما هي نماذج معروفة . ومن الأعمال المسرحية الفائقة والمفقودة مسرحية اجتماعية نفيسة هي بشنبدو شتگه Pushpadushitaka يصور فيها الكاتب ربة منزل فاضلة ، تصبح الأسباب عَرَضية مطعونة في طهارة شخصيتها وظهرت أرض جديدة للمسرح عندما أصدر شاعر كشمير العالم بالمنطق ) في القرن التاسع ( مسرحيته حول المدارس الفلسفية المختلفة وهي تجادل بعضها . وفي ذلك الحين أصدر أسفاغوستا Asvagosta بعض المجموعات قبل مسرحية بوذية له ذات شخصيات مجازية . وكان كوشتنه میستره Krishna Misra ) في القرن الحادي عشر ( الكاتب الذي انجز المسرحية المجازية لتدعو الى مدرسة الدقيته advaita في الفلسفة وجرت بعدئذ محاكاة هذا النمط من الشعراء أصحاب القضايا في مختلف مدارس الفلسفة والدين ، وحتى في علم الطب والفلك .
وفي الأبواب المختلفة الموصوفة أعلاه، استمر الإنتاج الغزير في القصائد والمسرحيات والقطع الأدبية الصغيرة يظهر عبر القرون . وكان العدد الذي لا يحصى من الشعراء يضم أكثر من ثلاثين امرأة . وشهد العهد الإسلامي بعض الترجمات عن الفارسية وشيئا من العناية بالإبداع السنسكريتي والأدبي من جانب المسلمين . وبمجيء البريطانيين والاحتكاك مع الأدب الغربي ، بدات السنسكريتية تتبنى بعض النزعات الغربية : القصائد الصغيرة ، والروايات ، والمسرحيات ، والسير ، والمقطوعات الهجائية ، وما شابه ذلك من الاشكال الحديثة. والهمت حركة الاستقلال الهندية الكثير من القصائد الصغيرة ، بالإضافة الى القصائد الطويلة والأعمال النثرية حول الزعماء السياسيين أمثال غاندي وتيلاك وسواهما . وظلت السنسكريتية التي هي إحدى اللغات التي تعدد في تكوين الهند الحرة تستخدم اليوم للإبداع الشعري والمسرحي وقد حظي الكاتب الحاضر حديثاً بلقب البطولة للقصيدة السنسكريتية الطويلة التي يكتبها حول حياة قديس موسيقي شهير في الهند الجنوبية .
البراقريطية (*) :
كانت اللهجة التي تدعى مهارا شتري Maharashtri في « دكن » Dekkan من أقدم الأشكال البراقريطية أو الشعبية السنسكريتية ، وقد تكرست للشعر وأقدم أدب فيها مقتطفات أدبية مختارة تدعى « غانا - سبتستي » Gatha - Saptasati وتضم / ۷۰۰ / قصيدة غنائية في الحب وأشعاراً وصفية متفرقة جمعها الملك هالة ساتفهانه Hala Satavahana في القرن الثاني أو الثالث للميلاد .. وتشبهها الشعر والشعريات في الهند القديمة ]مجموعتان آخریان هما ) فاجالاغه » Vajjalagga و «غشکوسه » . وهذه الأشعار البرافريطية إنما هي أمثلة على الأسلوب الحلو ، وهي تدور حول موضوع الحب ، وقد شكلت مصادر اجتذبت اليها الشعراء الغنائيين اللاحقين. وفي رومانس الملك هاله نفسه قصيدة قصصية بالبرا قريطية تدعى ( ليلفلتي » Livalti . ومن خلال البراقريطية انتجت كذلك الملاحم الاصطناعية السنسكريتية ، وأفضل مثال عليها « بناء الطريق » . وفي المسرحية حيث كانت تستخدم البراقريطية دائما ، كان النمط الشامل في البراقريطية يدعى « ستاكه » Sattaka وقد تطور فيما بعد .. وانتج اليانيون ( بعض الأعمال الدينية القيمة والكبيرة بالبراقريطية ، ومنها « كو فليمالا » Kuvalaymala ( في القرن الثامن
وفي البراهمية ، وهي التطور اللغوي الشعبي التالي ، ظهرت اعمال على طراز القصائد السنسكريتية والبراقريطية وكان إسهام اليانيين بوجه خاص كبيراً في هذا الأدب . وبقطع النظر عن البراهمية فان اللغات العامية الهندية الآرية الحديثة في الشمال بدأت بالظهور منذ القرن الحادي عشر الميلادي وما بعد : المرتبة في الجنوب ، والكشميرية والبنجابية والرجستانية والسندية والفجراتية في الشمال والغرب ، واللهجات الهندية المختلفة في الوسط ، والبنغالية والبهرية والأورية في الشرق . وتنتمي اللغات المصقولة في الجنوب وهي التميلية والتيلوغوبة ، والكنادية ، والملايلمية الى الأسرة الدرفدية ولها ادب قديم ، ولا سيما منها التميلية
إن الجهود الأدبية في كل هذه اللغات أخذت شكل الآثار المترجمة والمعدلة عن السنسكريتية أو الأعمال الأصلية التي تدور حول موضوعات من الأدب السنسكريتي ؛ فأدب هذه اللغات إذن هو توسيع للسنسكريتية. ولا توجد بين هذه اللغات لغة ليست عندها « راماينه » و « مهابهارته » خاصتان بها أو أعمال بنية عليهما ، والواقع أن بعض الراماينات العامية يستحق من الحب ما يستحقه الأصل السنسكريتي ؛ ومنها مثلا رامانيه كمبر » بالتميلية و « رامانيه تلسداس » بالهندية . وخضع الأدب في كل هذه اللغات لثورة منتظمة بتأثير من الاحتكاك بالغرب : فنشأت أولى الأشكال الجديدة في الشعر والمسرحية على الطراز الغربي في كل الآداب . وتعرفت الآداب الهندية الى الشعر المرسل ، والسونيتة ، والقصيدة الغنائية القصيرة . ثم تأثرت الكتابة بالأفكار الجديدة للإصلاح الاجتماعي ؛ فظهرت المسرحيات الاجتماعية والتمثيليات الهزلية والمقطوعات الهجائية . وبنشوء القومية والصراع من أجل الحرية أصبح حب الوطن ملهماً وأعيد اكتشاف الماضي وروح البلد ؛ والأيديولوجيات السياسية التي تدعو الى المساواة وتكتسح الغرب هيمنت على الهند كذلك ، وظهر بين الكتاب الشباب نوع جديد من الكتابة التقدمية أخذت تنهار امام هجومه النماذج التقليدية والمثل القديمة . وهذه ، على أية حال، نزعة جديدة وما يزال مبكراً جداً تبيان أهمية هذا النشاط الأدبي الهائج المعاصر أو التنبؤ بأمكان أن ينشأ عنه تناغم هندي أصيل ومتميز . ومن الأشكال الأدبية أصبحت القصة القصيرة شعبية الى اقصى الحدود ؛ وتأتي الرواية بعدها . وفي الشعر والمسرحية، كان نجاح الشعر أكبر ، رغم أنه لا يمكن القول إن الشعر العظيم وافر . اما المسرحية ، التي واجهت الشلل امام السينما ، فانما ترعاها الآن الإذاعة والأكاديميات وقد تسترد العافية .
0 تعليقات
أكتُبْ تعليقا