العنوان: الطاف حسن هالي، وفكرة إليوت عن التراث
الكاتب: .م . وَسيم .
ترجمة : مسرة الأمير
المصدر: مجلة الآداب الأجنبية
الناشر: اتحاد الكتاب العرب
المؤلف الرئيسي: اليازجي، ندرة (مؤلف)
رقم العدد: س 15, 54-55
محكمة: نعم
الدولة: سوريا
تاريخ الإصدار:1 يناير 1988
عمم ت س. اليوت مفهوم التراث ، و ( حساسيته الموحدة » المترابطة . فالتراث ، في رأيه ، هو تناول الطراز المتميز للشعور ونمط التفكير وطريقة الحياة لدى مجموعة من الناس ، الطراز الذي بدأ في زمن ماض غير معروف ، وبعيد جدا قبل ظهور المسيحية . وهذا التراث يجري مندفعا الى الامام ، النهر يجرف اثناء الفيضان كل ما علق على ضفتيه وينبغي على الفنان أن يستسلم كليا لهذا التراث أو الى افضل جوانبه لكن استسلامه هنا لا يعني الاستسلام دون تفكير بل تحكيم عقله في العمل الفني كما يفعل المتصوف . ويرتبط بهذا التحكم مفهوم اليوت للحساسية الموحدة . فالحساسية هي طريقة استجابة الفرد العقلية والعاطفية للعالم وحتى مطلع العصور الوسطى كانت الحساسية الاوربية موحدة حسب رأيه ، أي أن الشعراء ، حين كانوا يستحسون للعالم ، لم يكونوا منفصلين عن الخبرة .. ومع بداية عصر النهضة انفصل العقل عن العاطفة وأضحى الشعر مسألة عواطف فقط اطف فقط . ويرتبط هذا التجزؤ في الانسان بالتجزؤ السياسي والديني والاجتماعي في اوربا ، الذي كان موحدا حتى نهاية العصور الوسطى . وقد حاول اليوت من خلال شعره وكتاباته النثرية ان يستعيد وحدة العقل الاوربي .
كان هالي، على غرار اليوت ، ناقدا ، ادبيا ، عظيما، ومفكرا دينيا واجتماعيا ومؤمنا تقيا . قدم هالي في شعره أسلوبا مميزا ومحتوى اجتماعيا جديدا مثل اليوت برغم عدم معرفته به ، وحتى امكانية التعرف اليه لان هالي توفي قبل سنوات قليلة من ظهور القصائد الاولى للشاعر الانكليزي . لم يكن هالي يستطيع قراءة الانكليزية أو يتصل بالعلماء البريطانيين ، وما عرفه من الشعر الانكليزي كان عاديا جدا وقديما وغير فجاءت ثقافته وخياله ومصادره من منابع شرقية خالصة . ومع ذلك حاولت ان انشيء علاقة بين الشخصيتين الادبيتين البارزتين . بيد أن هذا البحث لايمت بصلة الى ما يدعى من الادب المقارن بـ « الادب العالمي» الذي يخلق روابط بين آداب لا صلات تاريخية بينها . وفي الحقيقة قد يتصل هذا البحث بمبدأ ) المثاقفة ( الذي يتناول تأثير حضارة على اخرى ويسعى الى تبيان مدى دقة تأثير الغرب على آدابنا وسريانه وحتى نفاذه .
وربما كان من المناسب لي أن أستشهد بقول المؤرخ بريطاني كتبه عام ١٩٤٩ : ( منذ مئتي عام مضت كانت دلهي قد عاشت قرنا من الزمن مدينة ملكية عظيمة . لم تكن أكبر المدن وأشهرها في الهند فحسب بل في جميع أرجاء الشرق من القسطنطينية حتى كانتون . بلاطها كان متألقا ، مساجدها وكلياتها متعددة، وشهرتها الفنية والادبية كانت تضاهي سمعتها السياسية الرفيعة . وفي غضون خمسين عاما اختفت اقاليمها ، ونهبت ثروتها وأصاب العمى امبرطورها ، فتقلصت المدينة لتصبح عاصمة اقليمية. وليس بامكان المرء ان يدرك عظم التغيير الذي طرأ لان دلهي لم تعان من خطر المغول )
ولد هالي في بلدة قرب دلهي من عائلة اقطاعية من طبقة متوسطة دينا . وما أتم ربيعه العشرين حتى أصابت دلهي كارثة عام ١٨٥٧ حيث كان يقطن منذ عامين باحثا عن العلم والمعرفة فكان عليه ان يعود الى بلدته يائسا بعد فشله في العثور على مدرسة جيدة ، اذ لم يتمكن من الالتحاق بكلية دلهي التي اصبحت تتبع الطراز الانكليزي ، وذلك بسبب العداء المستفحل ضد الانكليز . وهكدا اضحى تعلمه - كما قال عن - دون هدف وكيفما اتفق . بيد أن حساسيته المفرطة جعلته يدرك اسباب الثورة الكبرى ونتائجها . وعند بلوغه الاربعين عاما جاءت مقابلته مع السير ( سيد ( لتدفعه الى الافصاح عن فكره وعواطفه تجاه معاناة المسلمين الهنود .
تولع السير ( سيد » بالجدل الديني الذي لم يستسفه هالي ، بيد ان هالي اضطر فيما بعد للقول بأنه من الضروري احيانا الكتابة حول الدين لان المسلمين الهنود يبحثون عن وازع ديني لكل عمل ولان الوضع السياسي للمسلمين شديد الصلة بالدين . لم يثر قلق هالي حملة التبشير المسيحية التي لم تكن فعالة بقليل أو كثير بين المسلمين ، وأزعجه دخول العلوم والتقنية كعناصر تهديد محتملة للايمان . وقد رحب بالحكم الانكليزي في الهند لانه على زعمه وجد فيه الديموقراطية وتحرير البلاد من مساوىء الاتو قراطية ( حكم الفرد المطلق ) ، والتي هي نمط للحكم افسد الحياة في كل انحاء العالم . وعليه أصر هالي على الاصلاح من الداخل .
وفي مقاله » الدين يسر » أورد هالي شواهد كثيرة من القرآن والحديث ومن مصلح هندي يدعى شاه ولي الله ( ۱۷۰۲ - ٦۲ ) ، ليثبت ان الاسلام افضل من اديان أخرى، ليس لكونه الدين الوحيد الموحى به فالله قد بعث رسله في كل أمة - بل لعدم قدرة الاديان الاخرى على حفظ كلمة الله . فالاسلام هو الدين الوحيد العملي والمجرد . انه لا يفرض قيودا على العواطف الخالصة ولا على حرية الانسان . لا يحتوي مفاهيم غير منطقية مثل « الثالوث » ولا يسمح بالتبتل وحياة الرهبنة . ولكن مع مرور الزمن اصبح المسلمين فريسة للفساد كما في ديانات ما قبل الاسلام ، ودخلت البدع والتقليد الأعمى والتفسير الغريب والطقوس الوثنية والاحتفالات لتطمس معاني الكتاب المقدس . رغب هالي في العودة الى نقاء القرن الاول للاسلام وصفائه ، لكنه لم يكن رجعيا . ويرمي الى القول بان التهديد اليوم للدين هو أعظم مما كان عليه في الاوقات التي انتشرت فيها الفلسفة اليونانية بين المسلمين واستنبط سلاح علم الكلام . وذلك يبين » لماذا مصير هالي على أن تفسير القرآن لن يكون كاملا ، وأن محاولات تفسير الآيات ينبغي ان تشجع »
وفي خطابه الموجه الى الاجتماع الاول لندوة العلماء ، المتميزة بتعليم الادب العربي والتدرب على اللغة العربية العامية ، قال : ينبغي على العلماء الا يخشوا تعليم علم الجيولوجيا والنجوم ، فالمؤمن الحق يجب ان يقبل الحقيقة التي تقول بأنه اذا كان العلم الحديث صحيحا فلا يمكن ان يكون غير اسلامي ، وان جاء ضد مبدأ الاسلام فهو غير صحيح . ولكن حتى نتبين مدى صحته من خطئه يصبح ضروريا أن ندرسه
وجاء موقف هالي من الشعر تبريرا لموقفه من تاريخ الدين الذي فسد بمرور الزمن ، وهذا ما وجده ايضا في تاريخ الشعر . وفي مقدمته لـ « شعر وشاعري » التي كانت أولى كتاباته النقدية الادبية باللغة الاردية ، يسلم بأن الشعر يعطي الانسان متعة بيد انه يفضل الشعر الذي يقود الى عمل سياسي واجتماعي . وهنا يستشهد حرفيا بمقاطع من الشعر العربي ليعبر عن اعجابه الشديد بشعر احتل مكانة مرموقة جدا بين الناس ، والذي كان واقعيا مخلصا وعفويا ، جماعيا أكثر منه فرديا وفوق كل ذلك استطاع أن يستثير مشاعر قوية . بيد أن هذا الشعر لم يعد ، مع نمو الملكية ، التعبير المخلص والجريء لافكار الشعب بمجموعه بل اصبح التملق ، مع تزايد عدد القصور ، نظام الحياة اليومية ، ويبقى للشعراء غرضان فقط المديح والغزل . حتى هذان الفرضان فقدا سحرهما أيضا بعد فترة قصيرة وانحدار الشعراء الى درك الهجاء والغزل المكشوف . وبالتالي كان الشعر الذي بدا وازدهر في الجزيرة العربية قد لاقى الحلاله الاخير في الهند لذا ينصح هالي الشاعر الحديث بعدم اهمال الماضي والتمسك بالتراث في المضمون وفي استخدام الاسلوب الشعري وعلم البيان . فالشعراء الاوائل قد تناولوا فقط جوانب معينة من الواقع ، وعلى الشاعر الحديث ان يكتشف الجوانب غير المطروقة من قبل اسلافه . واذا كان هالي يقترح بأن الشاعر ، في كل عصر ، ان يتمسك بالواقعية ، فالناقد الادبي يقترب جدا من المفكر الديني الذي يصر على أن لكل عصر الحق في تفسيره الخاص ) لكلام الله ) .
واذا تركنا جانبا ، وللحظة ، الهرطقة المحتملة والمتضمنة في هذا الكلام ، يمكننا القول بأنه يوجد انتظام في فكر هالي عن الدين والشعر وعلينا الآن ان ننظر الى العلاقة بين هالي المفكر وهالي الشاعر الواقعي وكأي شاب آخر في زمنه جرب هالي قلمه في الغزل ، لكنه قضى بنفسه على تلك المواضيع الغزلية بالاسلوب المصطنع . كتب ايضا عددا القصائد التعليمية القصيرة واللا تقليدية بناء على طلب رجل انكليزي كان يبحث عن قصائد مناسبة لكتب مدرسية . اما رائعة هالي الادبية فهي مد و جزر الاسلام » ) ، وقد استحوذت على عقول المسلمين الهنود لاكثر من نصف قرن . وقال السير ( سيد ) . الذي كتب هالي قصيدته تلك بناء على اقتراحه : - ) عندما يسألني الله اي عمل مجيد
قمت به لاجل خلاصي اجيب اني جعلت هالي يكتب هذه القصيدة » تسرد القصيدة تاريخ المسلمين ، الموصوف اعلاه ، وشروط الحياة في عصر الجاهلية ، ومن ثم المجد الذي أتى به النبي ؛ انها تحكي عن تفوق المسلمين في العلم والفلسفة وعن انحدارهم التدريجي الذي ادى الى اقول تلك الثقافة في الهند . وقد تجنب الشاعر متعمدا الاسلوب الشعري السائد وإستخدام الطريقة التعليمية البسيطة والمباشرة . وكانت المقاطع المترجمة من القرآن والحديث هي الأكثر تأثيرا . وربما يستسيغ قراء « الارض اسباب » ، بشكل خاص ، صورة الغيمة المتجمعة التي بشرت بمولد النبي ، وقد اقتبسها هالي من كلام القرآن واستشهد بأيات منه في أمكنة شتى بنص آخر ، » انه كمن يرسل المطر ويمنح بركاته عندما يصبح الناس قانطين » ؛ لكنه يعود في نهاية القصيدة ليقول بأسى عظيم ( انه لا يوجد) وفقا لتسميتها بالعربية .
غيوم ولا مجرد امل لهم » . ان مقدمة القصيدة هي نظم للكلام القرآني باللغة الأردية . » لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم » ، بيد ان القصيدة تنتهي بملحوظة متشائمة جدا عن غرور كل الانجازات البشرية مستشهدة بكلام القرآن ) كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك . » . أدرك هالي شدة تشاؤم قصيدته فأضاف اليها بعد سنوات قليلة ملحقا ليبهج قراءه . لكن ذلك لم يرضه أيضا وكتب نعتا ) Naat ( مؤثراً متوسلا فيه الى النبي من أجل شفاعته ، والحقه فيما بعد بكلمات قليلة تتضمن نظرته الى « التسيير والتخيير » . وسنبحث الآن العلاقة بين الكفر والعاطفة في القصيدة . انجرف هالي في قصيدته مع العاطفة ، اذ لم يكن العقل قادرا على السيطرة ، فكانت الإستجابة العاطفية في اهداف متضاربة مقاصد فكرية معلنة مع و تعطي المواضيع الثلاثة القصيدة والملحق والنعت مثالا على المضمون الحسي غير الموحد والمفكك . شعر هالي بهذا التناقض مخول زلته الى حالة عامة تشمل الشعر كله ، وقال ان الشاعر ينظر فقط الى جانب واحد من الواقع في زمن ما ، ويتوقع الناس منه أن يعبر في شعره عن أمزجة متبانية مختلفة ، لا يتوقعون منه ان يكون منطقيا ، مستقرا وواسع الادراك مثل أي مفكر
ونعود الى اللغة المستخدمة في القصيدة فنجد ان هالي قد تبنى الطريقة المباشرة والبسيطة في التوجه الى عدد كبير من الناس الذين هم اكثر ميلا للإصفاء الى طريقته ان لم يشاركوه ذوقه الادبي . وكان ما ربحه انتشار وشعبية خسره في الغوص والتعمق . فالقصيدة نادرا ما يقرأها الناس من أجل المتعة فقط ، ، وهي على اسوا الإحتمالات ، سرد غير مترابط لوقائع تاريخية ، وطريقتها مجردة من كل بلاغة محببة . ولكي نتذوق موقفه موقفه من اللغة في الشعر بشكل أفضل ، علينا أن نقارن بين قطعة مقتطفة من شعره بأخرى من شعر صديق له ، اسد الله خان غالب . وفي الابيات الشعرية التالية التي كتبها عن دمار دلهي ، يكون الشكل الوحيد الذي استعمله هالي من علم البيان هو الإستعارة :
رجاء لا تتحدث عن دلهي الميتة المباركة . اني لا استطيع حمل النفس على سماع قصتها
أيها الطائر يا عذب الحنجرة ، لا تغني زهرة الخريف لأنك ستقلب راحتي الى شفاء .
لم يبق شيء ليمحى حتى آثار المحو قد تلاشت
مهمة الليل قد تمت و (انبزم ) في اضطراب كامل لن ترى المسرات الليلية ثانية
وكانت قطعة غالب المشهورة حول الموضوع نفسه ، دمار دلهي بيد ان الاسلوب اللغوي المستخدم وعلم البيان تقليديان وبناءها فارسي الى حد كبير . وخلافا لهالي ، كان أعظم شاعر اردي ، غالب ، نتاج عصر الإنحطاط :
أيها القادم الجديد الى فسحة رغبة انقلب ، إحذر !
ان جئت بهوى نلناي وانقدح
انظر إلي ان كان تك عينان تجيدان تعلم انعبر ،
إصغ اني ان كان لك أذنان تجيدان سماع النصح .
الساقية ، بهيئتها ، تفسد الإيمان والعقل
عازمة القيتار ، بلحهنا ، تنهب احترام الذات والعزم
في المساء كل زاوية من الفسحة كانت منزرا تجامعة الزهر
وراحة كف لفانية الزهر
ان كان المرح النشوان للساقية فردوسا للنظر
فتمام الحان عازفة القيثار ، يعلو بك سماء النعم
ورجوعا الى انبزم صباحا ، الوليمة
والضوضاء والموسيقى كلها قد اختفت
حاملا جراعات الرحيل المؤسف وتبقى الشمعة
وحدها الان ولكنها صامتة أيضا
ربما جاء تفاعل غالب مع الواقع تفاعلا ذاتيا كاملا ، لكنه يترك لنا مجالا للتأمل ، فقد يكون صلة الوصل بين القصيدتين الموضوع ، عن سقوط دلهي ، والصورة الشعرية للبزم وقت الشروق . لكن ) غالب ) توصل ، من خلال استخدام الاسلوب التقليدي والصور ، الى ما يصبو اليه كل شاعر وهو تحويل الذاتي والمؤقت الى شيء عالمي وثابت . وذلك ما يعنيه اليوت بالإستسلام للتراث
يربط هالي نوعية الشعر بالشروط الاجتماعية في عصر معين الشروط التي يمليها ماضي يعود الى عصر ذهبي لمفكري العصور الوسطى . وهو يود العودة الى ذلك العصر الذهبي الذي ليس بالضرورة القرن الأول للاسلام . ويعتقد ان ( كلمة الله ) او ( القانون السماوي ( قد ظهرت منذ فترة طويلة قبل الاسلام ، فترة لا يعرف المرء مداها . وتلك هي ايضا نظرة إليوت عن التراث الذي لا يترك أي أثر على الطريق في سيره الى الامام ، وقد يتفق هالي معه في نظرته تلك كناقد ، بيد انه يتنكر لإرت الاسلام ، بعد فترة زمنية معينة ، كشاعر وفي الوقت الذي تكون نظرة هالي للتراث تقليدية ، تبدو نظراته الى الطبيعة الانسانية ، والى العلاقة بين الشعر والدين ، وتأكيده على الاخلاق ، تبدو فكتورية ومتحررة .
في النظرة التحررية يكون الانسان مكتفيا ذاتيا ، ويستطيع من خلال جهوده وحدها تحقيق كل شيء . والعالم الفكتوري هو عالم انسحبت منه كل الامور الخارقة . ويبدو هالي وكأنه في تطابق تام مع تلك النظرة . وقد يمكن للمرء ادراك عدم صبر هالي على مدلول « التسيير » أو ) الجبر ) الذي عممه الشعراء والصوفيون ، مدلول ربما يعزى الى الجمود العام بين المسلمين الهنود . وفي مقال حول « التدبير ) ( الجهد الانساني ) استشهد هالي باسهاب من القرآن والحديث ليدحض ، ويختم مقاله بالتحريض على اتباع الغرب ، حيث لا شيء مستحيل ) كتب هذه الكلمات بالانكليزية ) . وربما كان هالي شديد السذاجة بحيث لم يدرك الكفر المتضمن في ملحوظته ) من الواضح انه لم يقرأ ( دكتور فاوست ) او معاصره ديستويفسكي ) . أما إليوت فقد دحض هذه النظرة المتحررة للانسان مبينا ان العمل الانساني لا يمكن ان يكون تاما دون الرحمة والمساعدة الإلهية او شفاعة القديسين
وعلى غرار معلميه الفكتوريين أكد هالي بشدة على الاخلاق والتي تمثل ، حسب رأيه ، جوهر الإسلام . اما إليوت فقد هاجم بعنف الهوس الاخلاقي ، للعقل الفكتوري وقال : ( ان الاخلاق هي فقط مسألة اولية بالنسبة للقديس ، وثانوية بالنسبة للشاعر » .
ومرة ثانية تكون نظرة هالي الى العلاقة بين الدين والشعر هي نظرة فكتورية . فالمفكر الذي يعتقد ان هدف الدين هو الاخلاق الحميدة يقول ان تشعر العرب ينبغي تعليمه في المدرسة لانه سيساعد على تذوق القرآن المنزل باللغة نفسها . يقول أيضا : ان سبب تأثير القرآن على الناس بشكل واسع يعود الى اللغة التي أنزل بها .
وفي كتابه إليوت النقدية عن الفكتوريين وعرض آرائه الخاصة عن التراث ، ينتقد أيضا هالي الذي استعار عددا كبيرا من آرائه من
الفكتوريين
. نحن في العالم الثالث ، نستطيع دراسة آدابنا الحديثة ، أما رجوعا الى خلفية التراث الذي ارتضيناه ، او امتدادا للصراعات التي يرزح تحتها العرب نفسه .
0 تعليقات
أكتُبْ تعليقا