ادعمنا بالإعجاب

الهند وثقافتها في كتابات علي الطنطاوي

تفاصيل عن المقالة

 العنوان: الهند وثقافتها في كتابات علي الطنطاوي 

 إعداد : د. محفوظ الرحمن  (أستاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي، الهند )

المصدر: مجلة الهند 

تصدر عن :مولانا آزاد آئيديل إيجوكيشنال ترست / بولفور، بنغال الغربية

رقم العدد:١

ISSN: 2321-7928

أرقام الصفحات: ٣٢١-٣٣١

المجلد : ١٠

السنة: ٢٠٢١

الدولة: الهند

تاريخ الإصدار:١ يناير ٢٠٢١

رئيس التحرير:  د. أورنكزيب الأعظمي

ملخص المقال 

يتناول هذا المقال حياة الأديب الإسلامي الأستاذ علي الطنطاوي وأسرته بالإيجاز وما  سجله  من انطباعات ومشاهدات عن الهند وثقافتها في كتابه الشهير "ذكريات" وكتبه الأخرى. زار الأستاذ علي الطنطاوي الهند مرتين في حياته وسافر إلى مدنها المختلفة وشاهد فيها المعالم الأثرية والأشياء الأخرى. فيلقي هذا المقال الضوء على ما كتب علي الطنطاوي عن حكومات المسلمين عبر العصور والأحداث التي وقعت في الهند بعد سيطرة الاستعمار البريطاني على الهند وظلم الإنجليز على المسلمين وجهودهم البلاد وبالإضافة إلى ذلك يتناول هذا المقال وصف المدن والآثار التاريخية والملابس الهندية التي تلبس المرأة الهندية في المجتمعات المختلفة والأشياء الأخرى التي وصفها   الأديب في كتابه "ذكريات"، وبعض الشخصيات الهندية البارزة في بعض مؤلفاته.
 

المدخل: 

إنّ العلاقات بين الهند والعرب قديمة جدًا، فقد عرف العرب الهند قبل ظهور الإسلام من أجل رحلاتهم التجارية، ثم تحولت التجارة إلى تبليغ الدين الحنيف، والدعوة إلى الله، ومن ثم إقامة الحكومة فيها، وحتى برزت في شكل الزيارة للآثار التاريخية الموجودة فيها. 

ولقد وجدنا كثيرًا من الرحالة والكتاب العرب الذين زاروا الهند ووصفوها في كتاباتهم من مثل السيرافي وابن بطوطة. وكذا قام العديد من أدباء العرب في العصر الحديث بيارة بلدنا العزيز وكتبوا عنها، وفي مقدمتهم معالي الشيخ محمد بن ناصر  العبودي وسعادة الأستاذ عبد الله بن الحقيل. 

ومن بين هؤلاء الزوار العرب نجد اسماً لامعاً كان جامعا بين الأدب والدين  وصدرت من قلمه كتب ورسائل عديدة وسار بذكره الركبان في مختلف أنحاء العالم على الطنطاوي الذي زار كثيرًا من البلدان وسجل  الإسلامي ألا وهو الأستاذ علي مشاهداته في كتابه "ذكريات". ويشتمل هذا الكتاب على ثمانية مجلدات، وهو كموسوعة مترامية للأماكن المختلفة، في الشرق والغرب، جامعا بمختلف القارات والمدن والقرى والجوامع والمساجد والجامعات والمدارس والدور والمنازل والأنهار والبحار والبحيرات والشوارع والحدائق وغيرها، ولقد تحدث الأستاذ على الطنطاوي في ذكرياته هذه عن الأماكن الهندية وبعض مدنها وأبرز شخصياتها. وكذا شرف الأستاذ الطنطاوي شخصياتنا الجليلة بذكر جميل في كتابه التاريخي "رجال من التاريخ". فنود في هذا المقال الوجيز أن نذكر نتفا من أخبار حياته كما نقتبس أقواله وانطباعاته  وأوصافه للهند وأهاليها وما تميزت به. 

ترجمة موجزة للأستاذ الطنطاوي: 

ولد الأستاذ علي بن مصطفى الطنطاوي في دمشق (سوريا) سنة 1327هـ/ 1909م في أسرة علمية أصلها من مدينة طنطا في  1327هـ/1909م  مصر وهي تتميز بالتمسك بالدين والسنة، ونشأ وترعرع على الصلاح والتقوى، وحصل على العلوم الإسلامية، وبرع فيها، ولاسيما في اللغة العربية وآدابها. (مجلة الأدب الإسلامي، 34/9، ص 132. ) 

وكان جده الشيخ محمد بن مصطفى عالماً أزهريًا وخبيرا في الفلك والرياضيات. وقد انتقل بعلمه من مصر إلى ديار الشام في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. أما أبوه الشيخ مصطفى فكان أمينًا للفتوى ، ثم رئيسا لمحكمة النقض في دمشق. 

عاش الطنطاوي حياة حافلة مديدة زادت على تسعين عاما، ومارس مهنا متعددة منها التجارة والتعليم وإمامة المسجد والصحافة والقضاء ثم انتهى إلى التدريس الجامعي. وترك لنا أكثر من أربعين كتاباً حول الموضوعات المختلفة. 

كتابات الأستاذ الطنطاوي عن الهند وحكم المسلمين فيها:

 كتب الأستاذ علي الطنطاوي عن سكان الهند وتاريخ حكومات المسلمين فيها والهجموم عليها عبر التاريخ من قبل الملوك فيقول عن الهند: "هذه القارة التي يعيش فيها خمس سكان الأرض والتي تحوي من الأديان واللغات ضعف ما في أوربا وأمريكا، وقارة الهند بلد الماضي البعيد الحافل بالأحداث، وبلد الحضارات والمجد التالد، بلد العجائب لقد فتحنا ثلاث مرات مرة على يد القائد العربي الشاب محمد بن القاسم، ومرة على يد الملك الافغاني السلطان محمود الغزنوي، والثالثة على يد الفاتح المغول المسلم بابر حفيد تيمور لنك".(2 ذكريات، 202/5) 


مما لا شك فيه أنّ الأستاذ علي الطنطاوي كاتب إسلامي يعتبر الهند أندلسا كبرى بعد انتهاء دور حكومات المسلمين منها ويتحدث في أسلوبه القصصي أن كيف يقضي مسلمو الهند حياتهم في هذا البلد، ويشعرون بالقلق واليأس والحزن بعد مشاهدة الآثار التاريخية التي بناها ملوكهم في العصور المختلفة في مدينة دلهي والمناطق الأخرى للبلاد فيقول: "إن الراية الإسلامية انطوت بعد ما ظلّلت الهند أكثر من ثماني مأة سنة، إن للإسلام في الهند أندلسا كبرى يقف المسلم في آثارها، في دهلي ولكنؤ وعليغراه ... وعلى المساجد التي لم يعد يسيطر عليها أهلوها، على القلاع التي خلت من جنودها، على العروش التي غاب عنها أصحابها، على الآثار الإسلامية الضخمة، على مسجد قبة الإسلام الذي يدعونه مسجد قوة الإسلام على منارة قطب، على القلعة الحمراء، على المسجد الجامع ... وكل ذلك في دهلى، على تاج محل القريبة من دهلي، يقف المسلم على ذلك فيحس أنه يعصر قلبه دموعاً ويزلزل جوانحه أسى". 

ويكتب الطنطاوي عن دخول الاستعمار البرطاني أرضَ الهند، فيقول إن الاستعمار البريطاني بدأ منذ أن قام البريطانيون بتأسيس "شركة الهند الشرقية" ويعتبر الطنطاوي هذه الشركة دكانا صغيرًا ومرضا خطيرًا يترك جسد الإنسان بلا حركة بل هذا المرض جرثومة لا يستطيع الإنسان أن يراها ويلمسها: "بدأ الاستعمار الإنكليزي بمخزن صغير، بدكان جاؤوا صاغرين يستأذنون إمبراطور الهند المسلم بافتتاحها . فما زالت هذه الدكان تتسع، وتتسع، وتتسع حتى وصلت جدرانها إلى حدود الهند فإذا البلاد كلها قد دخلت فيها" . 

وكما يتناول الكاتب في كتابه "ذكريات" حرب 1857م والتي قادها الملك المغول بهادر شاه ظفر وأبرز الطنطاوي ظلم البريطانين على أسرة المغول خاصة وعلى المسلمين عامة وقدّم منظر حبس الإمبراطور بهادر شاه ظفر والسلوك معه في السجن والذي بلا طعام وهو كان يصبر حتى إذا عضه الجوع طلب ما يأكل، فجاء البريطانيون بصحن مغطى، فلما كشفه وجد رؤس أبنائه الثلاثة قد قطعت وهي تقطر دما. ثم ذكر الكاتب أحوال المسلمين في ذلك الوقت وما واجهوا من قبل ظلم البرطانين فيكتب: "دمروا دهلي المسلمة وقتلوا أهلها قتلا عامًا، حتى غدت خرائب وأطلالا وقد كانت أعظم بلاد الهند. وتتبعوا المسلمين إلى القرى والدساكر يقتلونهم، وكانت تكفي إشارة من هندوسي إلى المسلم حتى يعلق بغصن شجرة مشنوقاً أو يذبح بسكين كما تذبح النعاج، وكان شيء لا يوصف".3 

وذكر الكاتب في كتابه "ذكريات" تاريخ انتهاء حكومة المسلمين من الهند ثم كتب عن السير سيد أحمد خان وجامعة عليكره ومحاولة السير سيد أحمد خان لتعليم المسلمين، وكذا تحدث عن تأسيس حزب المؤتمر، وحزب الرابطة المسلمة. 

وكتب الأستاذ الطنطاوي عن الأحداث وظهور الخلاف بين المسلمين والهندوس في الهند وخاصة في منطقة بنغال التي انقسمت في شرق بنغال (أي منطقة بنجلاديش اليوم) وغرب بنغال (أي ولاية بنغال في الهند اليوم) فيقول: 

" وتوالت الأحداث واتسعت شقة الخلاف بين المسلمين الذين تنبهوا قليلا وبين الهندوس، وعاد إليهم الثقة بأنفسهم وجاءت سنة 1905 ميلادية، وظهر الخلاف على أشده في البنغال التي يعمر شرقيها ) أي منطقة بنجلاديش اليوم) المسلمون، ويسكن غربيها الهندوس، واستجاب الإنجليز للواقع فقسموها إداريا بين الطرفين". 

وكذا تناول الكاتب تاريخ الخلافة في الهند بالإيجاز التي قامت بدور كبير في استقلال البلاد من الاستعمار البريطاني، وذكر تاريخا مؤجزًا لتقسيم البلاد. 

وصف الأماكن والمدن الهندية في كتابات علي الطنطاوي: زار علي الطنطاوي أربع مدن للهند في عام 1954م وهي ممبئ وكولكاتا ودلهي ولكناؤ. وكتب عن بعضها في كتابه وحينما نقرأ نجد أنّ الكاتب يبين تاريخ المدن وجغرافيتها ويبدو أننا نشاهدها أمام عيوننا. لما جاء الطنطاوي مدينة دلهي طاف المدينة كلها وشاهد الآثار التاريخية، ثم كتب عن مدينة دلهي تحت عنوان "دهلي: الفردوس الإسلامي المفقود". فيذكر تاريخها ورجالها وعلمائها وشوارعها والملوك المسلمين الذين تركوا آثارا تاريخية فيها بأسلوب قصصي بديع: "إنها دهلي كما كتبت لا دلهي كما يقول الناس، ولقد زرتها وبقيت فيها أمدًا، وجلت في شوارعها وحارتها، ولقيت من رجالها وعلمائها، وقرأت الكثير عنها ... إنها المدينة التي لبثت ثماني مئة سنة وهي دارة السلام، وسدة الملوك المسلمين الذين ملؤوا الهند مصانع وآثارا، وأترعوها مساجد ومدارس وقبابا، والتي أقاموا فيها صرخ مجد أرسوه على جذور الصخر، وساموا به شم الذرى، وباروا به الزمان في طريق الخلود. المدينة العظيمة التي عاش فيها أبطالنا حاكمين، ثم ثووا ثراها خالدين". 

وكذا نجده يقارن بين نيودلهي ودهلي القديمة وما يوجد فيهما من الآثار والأماكن والأشياء الأخرى فيقول: "دهلي التي تجمع الزمان من طرفيه والأرض من جانبيها: ففيها القديم والحديث، فيها الشرق والغرب جميعا، فهي من هنا المدينة الأسوية التي تحتجب وراء الأسوار العالية وتتواري خلال الأزقة الضيقة. وهي من هناك المدينة الأوروبية السافرة المتبرعة. ففي دهلي القديمة سحر الشوق وروحانيته، وفي دهلي الجديدة روعة الغرب وحضارته " . 

ومما لا شك فيه أنّ التاريخ عند الأستاذ الطنطاوي هو أكثر مواد ارتباطًا بالمكان في بضع صفحات ففي حديثه عن تاج محل يشير إلى عهد الإمبرطور شاهجهان الذي قام بتأسيس كثير من الآثار التاريخية والمساجد فيقول: 

"ولئن عرف التاريخ رجالًا ملك الحب قلوبهم، بل منهم من ذهب بعقولهم، وعرف عباقرة من الشعراء العشاق خلدوا عواطفهم بقصائد بقيت وستبقى على طول الزمان فإنّ حبّ شاهجان لزوجته ممتاز محل قد خلّده بقصيدة من الرخام كلماتها من المرمر، طوع له الحجر اليابس حتى لان في يده فكان قصيدة ناطقة، تنافس بجمالها خوالد القصائد في آداب الأمم". 

وكما وصف الطنطاوي المسجد الجامع لدلهي وروعته وجماله ودرجه وسوره العالية  وأبوابه وصحنه الكبير وشبهه الكاتب بصحن الجامع الأموي في الشام. 

وحينما نقرأ كتبه نجد فيها التاريخ والجغرافيا والمعلومات المفيدة عن الأماكن والدور والشخصيات الذين قاموا بدور مرموق في إنشاء المباني التاريخية وتطور بلادهم. ويتخذ الأستاذ الطنطاوي بعض الأماكن منطلقًا للنقد الاجتماعي. فيتحدث، مثا، عن مدينة دلهي وجمالها وآثارها التاريخية ويبكي على الأشياء التي ترك الملوك المسلمون فيها هو يمر ذات يوم بمعبد حيث كان الناس يجتمعون للعبادة وللقيام بطقوسهم الدينية فكتب: "وسمعت مرة أجراسًا قوية تجلجل بصوت حاد يكاد يثقب طبلات الآذان، فتتبعت الصوت فإذا أنا أرى بيتا في وسطه غرفة، على بابها أصنام قبيحة النحت لها بدل اليدين أزواج كثيرة من الأيدي وكلما دخل البيت داخل صُبّ الماء على رأسه حتى صارت أرض البيت كالبركة، ثم وقف الناس صفين عن طرفي الغرفة، وأنا أراهم من خارجها وأسمعهم يتبادلون الصياح العجيب بأصوات عالية، والأجراس تُقرع بشدة وعنف. فسألت فقالوا: إنّ البيت معبد وهذه هي صلاة القوم فيه". 

وصف الملابس الهندية في كتابات على الطنطاوي:

 تعتبر الملابس من أهم مظاهر الحياة اليومية في أي مجتمع من المجتمعات وتظهر منها العلاقات والتقاليد والثقافة. ولذلك وصف الكاتب الملابس الهندية في كتابه "ذكريات" حينما كان يجول الكاتب في أسواق دلهي فيقول: "وهي كمدن الهند جميعا، معرض عجيب لكل ما يتصور الإنسان ألبسة وأزياء، فأنت ترى امرأة قوية مسلمة قد لبست كيسا كيسًا حقيقيا معلقًا برأسها، يُخفي كلّ شيء من جسمها حتى يديها، ويمس وجه الأرض فيستر قدميها، وأمام عيونها كوتان بمقدار العين قد أسدل الكيس عليهما، وأخرى تلبس الزي ،البنجابي وهو الزي الشائع للمسلمات ولا سيما في باكستان، وهو مؤلف من سروال طويل كسراويل المنامة (البيجامة)، فوقه قميص إلى الركبتين ومنديل (خمار) من قماشه يستر الرأس، وثالثة تلبس الساري، وهو قماش غير مخيط يلف لفا على الجسد ليستر إحدى الكفتين وأكثر الظهر ويترك البطن حول السرة مكشوفا، ويُعرف بالزي البنغالي. وهو في الأصل لغير المسلمات، ولكنني رأيت بعض المسلمات يتخذنه. والساري أنواع منوعة وأشكال مشكلة، ومنه ما يبلغ ثمنه الآلاف". 

وكذلك ذكر الأستاذ الطنطاوي ألبسة السيخ وعلماء الهند أيضًا.

 زار الأستاذ علي الطنطاوي أربع مدن هندية في رحلته إلى الهند وكانت من بينها مدينة لكناؤ مدينة صديقه سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي ولكن لما وصل الطنطاوي إلى لكناؤ فما وجد أحدا لاستقابله على المطار لأن صديقه وأصحابه كانوا ينتظرونه في المحطة ولم يقدروا أن يأتي الشيخ الطنطاوي بالطائرة، ولا يعرف الأستاذ الطنطاوي ومن كان معه اللغة الأردية والهندية فإنهما وقفا في فندق في مدينة لكناؤ حتى خرج الطنطاوي من الفندق والتقى بطالب لدار العلوم لندوة العلماء ثم وصل إلى ندوة العلماء ووصف الكاتب مناظر الفندق قائلا: "وبلغنا الفندق، وكان من الفنادق الكبيرة، وله غرف واسعة جدا وأمامها سطح أوسع منها يُطل على منظر من أجمل المناظر التي رأيناها تظلّله أشجار من أضخم ما رأيت في عمري من الأشجار، والقردة تلعب على أغصانها وتمرح فيها. ومن عجائب المناظر أن الوليد منها يتعلق ببطن أمه ثم تقفز به القفزة الهائلة من غصن إلى غصن". 

حب الأستاذ علي الطنطاوي لأرض لكناؤ:

 كان الأستاذ علي الطنطاوي يحبّ مدينة لكنؤ فقال في مقابلته التليفزينونية: 

"كنت مرة في مقابلة إذاعية في الرائي (التليفزيون) فسألني المحدث (وأحسبه كان الأستاذ ماجد (الشبل عن المكان الذي أتمنى أن أقضي فيه بقية أيامي، قلت: إن لم أستطع أن أعود إلى بلدي، وبلدي دمشق، ولم أقدر أن أبقى بجوار بيت الله هنا في مكة، فإنّ أحبّ مكان إلي هو لكنؤ، أن أقيم في معهد ندوة العلماء، فأجمع فيها بين الظل والماء وصحبة العلماء". 

شخصيات الهند الكبيرة في كتابات علي الطنطاوي: 

كتب الأستاذ علي الطنطاوي عن عديد من الشخصيات الهندية بمن فيهم الملوك والعلماء الصالحون والكتاب الكبار في كتابه "ذكريات" كما تناول بعض الشخصيات بالوصف في كتابه "رجال من التاريخ" فمن الرجال الذين كتب عنهم في كتابه "رجال" من "التاريخ" في مقدمتهم الملك الصالح الحليم مظفر الكجراتي الذي كان من ملوك ،أحمد آباد، فتحدّث عن إخلاصه وعدله، وذكر في هذا الكتاب الإمبرطور المغول أورنك زيب وكتب في الجزء الثاني لهذا الكتاب عن السلطان قطب الدين أيبك والسلطانة رضيه التي ملكت الهند لأربع سنوات. 

وألف الأستاذ على الطنطاوي كتاباً صغيرًا عن حياة أحمد بن عرفان الشهيد وجهوده في الدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله . فيقول في كتابه: "كان السيد أحمديريد جهاد الكفار والحرب لإعلاء كلمة الله، لعلها تكتب له الشهادة، وما كل قتال جهادًا، ولا كل موت في المعركة شهادة، إنما المجاهد من حارب بقصد إعلاء كلمة الله، والشهيد من مات في هذا الجهاد، فلما رأى مير خان يحارب للغلبة والغنائم تركه".

ويكتب الأستاذ علي الطنطاوي عن دعوته في البلاد بعنوان "بريلي ولكنؤ" يقول: "أقام مدة في بلدته (رائ بريلي) وكان معه الشيخ إسماعيل والشيخ عبد الحي وخلق من العلماء والمشايخ يمشون معه، ويحضرون مجلسه، ويدعون دعوته. ثم رحل إلى لكنؤ، فتابعه الناس فيها أفواجًا، وأقبلوا عليه وتلقاه الوزير معتمد الدولة بالترحيب والإكرام وضيفه وعرض عليه خمس آلاف دينار فأباها". 

وخلاصة القول: 

ظهر من هذه الدراسة الوجيزة للغاية أنّ العرب تجارا كانوا أم رحالة أم دعاة وحاكمين قد شغفوا حبا ببلادنا العزيزة (الهند) فزاروها وسجلوا تاريخها وصفوا آثارها وأطروا رجالها وفي قليل من الأحيان اعتبروها وطناً لهم أحبّ غليهم من مسقط رؤوسهم. وأما الأستاذ الطنطوي فقد خلف من خلال كتبه ورسائله صوراً جميلة من تاريخ الهند وأماكنها التاريخية وشخصياتها البارزة وملابسها وثقافاتها بأسلوب أدبي ممتع للقارئ، وهي تدلّ على مهاراته الفنية وجدة أسلوبه كما توفّر معلوات مفيدة لمن يود الحديث عنها أو زيارتها. 

المصادر والمراجع 

1. أحمد بن عرفان الشهيد لعلي الطنطاوي، دارالفکر، دمشق، سورية، ط3، 1997م 

2. ذكريات لعلي الطنطاوي، الجزء الأول، دار المنارة للنشر والتوزيع، جدة، ط1، 1985م 

3. ذكريات لعلي الطنطاوي، الجزء الثامن دار المنارة للنشر والتوزيع، جده، د.ت. 

4. ذكريات لعلي الطنطاوي، الجزء الثاني، دار المنارة للنشر والتوزيع، جدة، ط1، 1985م 

5. رجال من التاريخ لعلي الطنطاوي، المجلد الثاني، دار المنارة للنشر والتوزيع، جده، د.ت. 

6. روائع الطنطاوي لإبراهيم مضواح الألمعي، دار المنارة للنشر والتوزيع، جده، .2000 1b 

7. صور وخواطر لعلي الطنطاوي، دار المنارة للنشر والتوزيع، جده، ط4، 1998 

8. مجلة الأدب الإسلامي، المجلد التاسع العدد الرابع والثلاثون والخامس  والثلاثون، 1423هـ - 2002م. 

9. مجلة البعث الإسلامي، المجلد الرابع والأربعون، العدد الثامن، جمادى الأولى 1420هـ - أغسطس 1999مـ



مواضيع ذات صلة
الأدب العربي الهندي, تراث الهند،, دراسات أدبية,

إرسال تعليق

0 تعليقات