ادعمنا بالإعجاب

تاريخ الخط العربي وأهمّيته في الفنّ والثقافة الإسلامية

بقلم: كي .في محمد عرفات الحسنوي، وانميل

الباحث في قسم اللغة العربية وآدابها جامعة دار الهدى الإسلامية، تشماد

تاريخ الخط العربي وأهمّيته في الفنّ والثقافة الإسلامية

الخط يعتبر من أهم فنون اللغات، وهو أثبت سبيل وأوثق وسيلة من وسائل الاتصال بين المجتمع، وأهم عنصر من عناصر الثقافة والتربية الإنسانية، وقد اعتنى الإسلام بالخط والمهارة فيه حق الاعتناء، حيث بينه الله عز وجل وأقسم به في محكم تنزيله أي أقسم الله بالقلم الذي هو أداة الخط، فقال الله تعالى: "ن والقلم وما يسطرون"، وبين فضيلته أيضا بقوله: "الذي علّم بالقلم"، فجعل القلم ينبوع العلم والحكمة، والقلم هو أصل الخط كما ذكر.

أصل الخط العربي والأقوال فيه

إن لدينا مجال واسع في تاريخ الخط العربي وأصله، ولكن لا ندخل إلى بيان أصالته و تدارجيه من الخطوط القديمة الأخرى كالخطوط المسمارية والمصرية والفينيقية والآرامية ونحوها الاتي تمتد إلى أبي البشر سيدنا آدم وسيدنا إدريس عليهما السلام، بل ندخل في ميدان تطور الخط العربي بعد تمام مدد تصويره من الخطوط السالفة المذكورة. 

و قد وجد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية بعض مما يشير إلى بداية الخط العربي، نحو قصة سيدنا آدم و سيدتنا حواء عليهما السلام حيث نزلت في أرض حجاز، و قصة سيدنا إدريس عليه السلام الذي هو أول من خط الخطوط بالقلم، كما ورد في حديث أبي ذرّ رضي الله عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول من خط بالقلم بعد آدم هو إدريس"[1]، و نحوها، و للمؤرخين القدماء في هذا الباب أقوال، و مختصر كلامهم كما يلي: قولهم: كان بداية الخط العربي في يمن، و بعد كرّ الأزمنة دخل الخط إلى أيادي أهل الحجاز، وكان تطوره بعد تغير في الخط الآرامية، و قول بعضهم: أول من كتب بالخط العربي "حمير بن سعد"، وكان الناس يستعملون خط المسند[2]، و قول بعض منهم: إن "مرارة بن مرة الأنباري"، هو صاحب الخط العربي و أول من خط للغة العربية، وقول بعضهم: إن أول من خط باللغة العربية هو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وقول آخر لبعضهم: إن من جاء بهذا الخط الذي يمكن أن يكتب مفردا و مضموما هو أسلم بن سمرة، و عامرة بن جذر و مرارة بن مرة، وكلهم من قبيلة طيّ، و قول بعضهم: أن جماعة من قبيلة طسم التي تستغرق ستة رجال قامت ببناية الخط العربي، كانوا في مجلس عدنان بن عدد[3]، أسمائهم "أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت"، صوروا الأحرف التي تقع في أسمائهم، و بعد أن تم تصوير الأحرف الشاملة في أسمائهم ذهبوا إلى تصوير الأحرف التي لم تشملها أسمائهم يعني ثخذ ضظغ لا وكانوا قد سموا هذه الحروف باسم الروادف[4]، و عند بعض العلماء اختلاف في ضم لا (لام ألف) في الحروف العربية.

نشأة أسلوب الخط العربي

إن العرب في بقاع الحجاز كانت لهم مهارة فريدة في الخط، حتى احتاجوا إلى أسلوب يحدّ أفكارهم ويرسم آرائهم رغم أن الأقوام التي حولهم من الروم والفارس واليونان قد تطورت حذاقتهم في الإملاء والخطوط، فاخترعوا أشكالا مختلفة تناسب بجبلاتهم وتراثهم القديم، وجعلوا لها أسماء متنوعة، حتى تداولته أزمان العرب من الجاهلية والإسلام والخلافة إلى هذا العصر الحديث، فلنورد نبذة يسيرة تبين تاريخ نشأة الخط العربي في العصور المختلفة.

الخط العربي في العصر الجاهلي

كان العرب في الجاهلية يكتبون بالمسند، ولما جاء الإسلام كان أهل مكة يكتبون بقلم خاص      بهم تختلف حروفه عن حروف المسند، وجاء بعد خط المسند الخط الإرامي المنسوب إلى قبيلة إرم، وهو الخط الذي دخل الجزيرة العربية مع دخول المبشرين الأوائل بالنصرانية، حتى أصبح فيما بعد قلم الكنائس الشرقية[5]، وكان عندهم خطوط أخرى أيضا، وهناك الخط الثمودي نسبة إلى قوم ثمود، والقلم اللحياني نسبة إلى قبيلة لحيان، والقلم الصفائي الذي عرف بالكتابة الصفائية نسبة إلى منطقة الصفاة.[6]

وكان فيهم خطاطون مشاهير من الذكور والإناث، منهم عبد الله سعد بن أبي سرح العامري، وحويطب بن عبد العزى العامري، وأبو سفيان بن حرب، وجهم بن الصلت، ومن النساء شفاء بنت عبد العدوية، وفروة بنت عائشة، وكريمة بنت المقداد وغيرهنّ.[7]

الخط في صدر الإسلام

قد انتشر الخط العربي في صدر الإسلام مع بداية كتابة الوحي و الأحاديث النبوية، وقد استعمل الخط في كتابة القرآن على الجلود والأحجار والعظام، ومع ذلك ازدادت أهميته مع حاجة رسالته إلى ملوك مختلف أنحاء العالم، فحث الإسلام تعلم الخط و تعليمه، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفاء أن تعلم زوجته حفصة الكتابة ليقتدى به المسلمون في تعليم النساء[8]، وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلم الخط ولذا جعل فدية أسرى قريش في غزوة بدر الكبرى لمن لا يستطيع أن يفدي نفسه بالمال، تعلم الكتابة لعشرة من مسلمي المدينة.[9]

وعند وقت الرسالة إلى ملوك العالم، كان عنده صلى الله عليه وسلم عدد من الكتبة الصحابيين الكرام، مثل عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعمرو بن العاص، وخالد بن سعد، وشرحبيل بن حسنة، وأبان بن سعيد، وأبو سعيد بن العاص، وزيد بن ثابت، والعلاء الحضرمي ونحوهم رضوان الله تعالى عنهم أجمعين.[10]

الخط في عصر الخلافة الراشدة

لما انتشر الإسلام في مختلف بلاد العالم في عهد الخلافة الراشدة، احتيج لكل بلد إسلامي قانون وديوان، فأوصل الأمر إلى كتابة الدواوين فاحتيج إلى محسني الخط ومتقنيه، فأنشئ أسلوب جديد لأهل الكوفة عندما أسس سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الكوفة، حتى أصبح هذا الخط متميزا لأهل الكوفة عن غيره من الخطوط، فأطلق عليه اسم كوفي كخط أهل الحجاز.[11]

وكان أول خروج الكتابة العربية من شبه الجزيرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، قد جمع المصاحف واستعمل لهذا الخطاطين الجهابذة لنسخ المصحف العثماني و رسالته إلى مختلف البلدان كالشام والبصرة والكوفة، وكان سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يحث الخطاطين على تحسين الخط و إتقانه لأنه كان يعرف المرحلة التي كانوا فيها تستدعي قوة الدولة الفتية ونهضة العلم المتمثلة في البحث والتدوين و إظهار الفن الإسلامي من خلال الخط  العربي، ولما انتشر الإسلام في مختلف بلاد العالم، قد حل الخط العربي محل اللغات المختلفة كما استبدل أهل العراق والفلسطين خطهم بالعربية و حل الخط العربي محل اليوناني والسرياني، وفي فارس قد حل الخط العربي محل الخط الفهلوي، وفي مصر قد حل محل القبطي والرومي، و في شمال أفريقيا حل محل البربري،[12] و كل هذا يدل على أن الخط العربي انتشر بنمو الإسلام و فشوه وامتداده في عصور الخلافة الراشدة و وصل في زمن قصير إلى جمال زخرفي لم يصل إليه خط آخر في تاريخ الخطوط العالمية.[13]

تطور الخط العربي في العصر الأموي

كانت كوفة مركز الخط العربي الكوفي ومصدر التجديد والنهضة في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه، حيث إنها كانت عاصمة الخلافة، ولما انتقل مركز الخلافة إلى الشام في عصر الأمويين تحول منشأ الخط العربي هناك وترعرعت فيه أشكال الخطوط المختلفة الجديدة الرائعة، وقد استظهر عدد من الخطاطين في العصر الأموي.

قطبة المحرّر: هو رائد من رواد الخط العربي، وقد تحول في أيديه الخط الكوفي إلى شكل أكثر مرونة مما كان عليه، وينسب إليه الخط الجليل، وهذا المشهور الآن بالخط الجلي الذي يكون مزيجا من الخطين الحجازي والكوفي، وينسب إليه أيضا خط الطومار، وقد اخترع خط الثلث والثلثين، وكان ذلك حوالي عام 136 من الهجرة، وخط الطومار هو خط الصحيفة الذي يسميه الأتراك بخط جلي الثلث.[14]

وكان في ذلك العصر قبولية خاصة للخطاطين لدى الأمراء والخلفاء بحيث جعلوهم في صدارة مجالسهم واستعملوهم في دواوينهم، وكان الخطاطون في العصر الأموي يكتبون في سجلات الدولة بخط الثلثين حتى اشتهر هذا الخط بخط السجلات، وخلفاء بني أمية يكتبون بخط الطومار وبالخط الشامي،[15] و قد اشتهر منهم خالد بن ابي الهياج الذي كتب عديدا من المصاحف، ومالك بن دينار، والرشيد البصري، ومهدي الكوفي، و شراشيل المصري، وأبو محمد الأصفهاني، وأبو الفرج، وابن أبي فاطمة ونحوهم.

تطور الخط في العصر العباسي

لما تأسس بغداد تحت إمارة أبي العباس السفاح، صار عاصمة الدولة العباسية و مركزا للحضارة العربية، وعظم الاهتمام بالعلم والترجمة، وفي أوائل العصر العباسي اشتهر خطاطان مشهوران بمهاراتهما في الخط، وهما الضحاك بن عجلان في عصر أبي العباس السفاح، و إسحاق بن حماد في خلافة أبي جعفر المنصور، فكان هذان الخطاطان يكتبان الخط الجليل، و اخترعا أقلاما مختلفة حتى بلغ إلى اثني عشر قلما و لكل قلم عمل خاص، و هي قلم الجليل الذي يكتب به على المحاريب و أبواب المساجد و جدران القصور و قلم السجلات و قلم الديباج و قلم الطومار و قلم الزنبور و قلم المفتح و قلم الثلثين و قلم الحرم الذي يستعمل لاستشارة الأمراء و قلم العهود و قلم القصص وقلم الخرفاج[16]، فازدهر العصر العباسي بتلاميذ هذين الماهرين و اخترعت أقلام جديدة، ومن المشاهير منهم ابن مقلة و ابن البوابة و ياقوت المستعصمي، وكان هؤلاء الثلاثة أبارع من جود الخط، و قد وضعوا قواعد في مجال الخطوط والإملاء.

ابن مقلة: هو بغدادي النشأة، ومقلة هو لقب أبيه علي، ويعد من رواد الخط وأحد مبدعيه ومجدديه في ذلك العصر، وقد ابتكر قواعد جديدة للخط العربي، وهو أطلق على قلم النسخ اسم البديع، وأضاف خط الدرج، وكتب المصحف مرتين، وهو الذي أول من بلغ بالثلث والنسخ مبلغ الكمال الذي لا يزال أثره قائما في الخطوط المعاصرة، وكان شاعرا وسياسيا مات مقتولا وقد استوزر ثلاث مرات، وقد عذب ثلاث مرات، وقد عذب في نهاية عمره، وقطعت يداه اليمنى التي ابتكر بها الأقلام المختلفة.

وابن البوابة وياقوت المستعصمي اكتشفا زخارف الخط القرآني وزينوا هوامش المصاحف وعناوين السور.

الخط في العصر العثماني

يقال إن العثمانيين أخذوا الخط عن مدرسة تبريز التي انتعشت فيه شتى الفنون، وصار الأتراك يمثلون مدرسة مستقلة ذات شهرة متميزة في خط الثلث، ولعظماء الخطاطين الأتراك مصاحف عديدة محفوظة حتى الآن في المتاحف التركية، وقد ذهبوا إلى ابتكار خط المصاحف الصغيرة التي تناسب أن توضع في الجيوب، وقد نال الخطاطون حظوة وافرة عند الخلفاء وصاروا مقربين منهم، حتى اشتهر منهم فطاحل الخط نحو الشيخ حمد الله الأماسي الذي يعتبر إمام الخطاطين الأتراك، والخطاط الحافظ عثمان الملقب بجلال الدين الذي كتب خمسة وعشرين مصحفا بيديه، و الخطاط رسا الذي خط لوحات المساجد التركية، ومساجد بلاد الشام، ومن المشاهير المتأخرين في الدولة العثمانية،  سامي أفندي 1253ه،  و عبد الله الزهدي 1296ه، و إبراهيم علاء الدين 1305ه، و حامد الآمدي 1980م.

أنواع الخطوط العربية المشهورة

وهناك ستة خطوط عربية ترعرعت في بلاد مختلفة وأنشئت في أزمنة مختلفة من حضارات وأجيال متنوعة، وكلها أصول لبقية الخطوط، وهي الخط الكوفي، والثلث، والنسخ، والفارسي، والديواني، والرقعة، وقيل هي المحقق، والريحان، والثلث، والنسخ، والرقاع، والتوقيع.

الخط الكوفي

الخط الكوفي هو أقدم الخطوط العربية وأعظمها وسمي بالكوفي لانتشاره وترعرعه في منطقة الكوفة، وقد استعمل هذا الخط على الصكوك النقدية وعلى الأخشاب، وهو يتكون معدلة من الحروف النبطية القديمة، ونشأ في أواخر القرن السابع الميلادي، في بداية الإسلام، في مدينة الكوفة في العراق، ويعتقد أن هذا الخط استعمل لنحو مائة سنة قبل تأسيس الكوفة، وقد استخدم في الكتابة وكتابة المصاحف بشكل خاص، وجميع المصاحف التي نسخت قبل القرن الرابع الهجري كتب بالكوفي، والخط المصحفي خط غير منقط.

خط الثلث

ظهور خط الثلث في القرن الرابع الهجري، وهو من أشهر أنواع الخطوط المتأصلة من خط النسخ، وسبب التسمية بالثلث، لأنه يكتب بقلم يُقطُّ مُحرَّفا بسُمْكِ ثلث قطر القلم، ولأنه يحتاج إلى كتابة كحرف القلم وسمكه، وهو من أصعب الخطوط العربية من حيث القواعد والموازين، وهو يمتاز بحسن المرونة والتركيب والتـأليف، وهو ثلاثة أنواع، هي خط ثلث مفرق، خط ثلث وسط، وخط ثلث مشبك، ويكتب بهذا الخط أسماء السور في المصحف الشريف وعدد الآيات، ويستعمل في المساجد والمحاريب والقباب وعناوين الكتب والمجلات والصحف، ويسمى هذا الخط بأستاذ الخطوط أو عملاق الخطوط أو سيد الخطوط لتمييزه بالأشكال الكثيرة المتنوعة وبالمرونة في الكتابة.

والقليل من الخطاطين من يتقن هذا الخط لدقة حروفه ومقاييس الحروف وصعوبتها، ومن مشاهير هذا الخط أبو علي محمد ابن مقلة، وجمال الدين ياقوت المستعصمي الذي لقب باسم "قبلة الكُتّاب"، والأحول المحرر، وعبد الله بن أسد القاري وغيرهم من الكبار الخطاطين.

الخط الفارسي

سمي باسم الفارس لنشأته في منطقة الفارس، وله ثلاثة أنواع، هي الخط الفارسي العادي، والخط شكسته، والخط شكسته أميز، وقد استخلص هذا الخط الخطاط حسن الفارسي من الخطوط الثلاثة، من الخط الثلث والنسخ والرقعة، ويقال أيضا خط التعليق، وقد ظهر في القرن التاسع الهجري والثالث عشر الميلادي في فارس، وقد وضع أصوله وأبعاده الخطاط البارع الشهير مير علي الهراوي التبريزي المتوفى سنة 919ه، ومن مشاهير هذا الخط مير علي الهراوي، علي رضا عباسي، سلطان علي المشهدي، وشاه محمد النيسابوري ونحوهم، والخطاطون المشهورون بعد الإيرانيين في هذا الخط هاشم الخطاط البغدادي، ومحمد بدوي الديراني بدمشق، ومن المعاصرين المشاهير، توحيدي الطبري، وجليل رسولي، وحسن مير خاني و غيرهم.

هاشم محمد الخطاط البغدادي


خط النسخ

ويقال أيضا الخط البديع والخط المقور والخط المدور، وكما يدل عليه اسمه قد كان النساخون يستخدمونه في نسخ الكتب، وأبدع هذا الخط ووضع أسسه وقواعده ابن مقلة الشيرازي، ولذلك يعود تاريخه إلى أوائل القرن الرابع الهجري، وقد انكب في تطوره عديد من الخطاطين الأتراك والعرب حتى في هذا العصر الحديث، وهو خط الكتب والصحف، وإنه يساعد الكاتب على السير بقلمه بسرعة أكثر من غيره، وكتبت به المصاحف منذ القرون الإسلامية الأولى، ومن أشهر الخطاطين الذين استعملوا هذا الخط ابن مقلة، الذي وضع قواعد هذا الخط، وجوّده بعده الأتابكة الأتراك على رئاسة الحافظ عثمان الذي وضع ميزان الحروف لهذا الخط و محمد عبد العزيز الرفاعي الذي نقل هذا الخط إلى مصر، ثم ماجد بك الزهدي الذي نقله إلى العراق، ومن الخطاطين العرب الذين برعوا في هذا محمد حسني البابا والخطاط محمد مكاوي وسيد إبراهيم ونحوهم.

الخط الديواني

قد سمي بالديواني نسبة إلى ديوان السلطان العثماني حيث كان هذا الخط يستعمله في المراسلات والدواوين السلطانية، وهو مستنسخ من خط الرقعة ويقال أيضا الخط السلطاني والخط الغزلاني نسبة إلى من وضع قواعده في البلاد العربية، مصطفى غزلان، وخط رقعة الباب العالي، وقد تفرع الخط الديواني إلى نوعين، أحدهما الديوان العادي، وهو خال من الزخرفة، وثانيهما الخط الديواني الجلي وتكثر فيه العلامات الزخرفية بين الحروف وهو يستعمل في الزخارف.

وقد عرف الخط الديواني بصفة رسمية لدى الاتراك بعد فتح السلطان محمد الفاتح العثماني القسطنطينية في عام 857هـ، وأول من وضع قواعده منهم إبراهيم منيف الذي عاش في حقبة السلطان محمد الفاتح، ثم انتهت الإجادة فيه إلى شهلا باشا، والخطاط الحافظ عثمان، ومحمد عزت،  ووضع قواعده في البلاد العربية الخطاط مصطفى غزلان، فقام بتجميله ووضع قواعده، والنسبة الفاضلة في الخط الديواني للخطاط مصطفى غزلان، وسمي لذلك الخط الغزلاني،[17] ومن كانت لهم يد في وضع كراريس لهذا الخط هم: عبد العزيز الرفاعي، مصطفى غزلان بك، محمد أحمد عبد العال، محمد عزت، هاشم محمد البغدادي، ويوسف ذنون وعبد الكريم الرمضان ونحوهم.[18]

مصطفى غزلان و أعماله


خط الرقعة

خط الرقعة ابتكره العثمانيون عام 1280 ه الموافق لعام 1863 م[19]، ويُعتقد أن خط الرّقعة مُشتق من خطّيّ النسخ والثلث وأن اسمه مُشتق من خط الرقاع القديم، بينما يعتقد آخرون أنه سُمّي الرقعة لأن الناس قديماً كانوا يكتبونه على رقاع.[20]

 ووضع قواعد هذا الخط ممتاز بك في عهد السلطان عبد المجيد خان عام 1280ه، فعُرف باسم الخط العثماني في تركيا، وكُتبت غالبية الوثائق في عهد الإمبراطورية العثمانية بخط الرقعة وذلك لسهولة قراءته وكتابته، وقد كان أيضًاً أحد أكثر الخطوط شيوعاً في تركيا في ذلك الوقت،[21] ومن مشاهير خطاطي هذا الخط علي عزّت، وهاشم محمد البغدادي، ومحمد صبري الهلالي وحسني الخطاط ونحوهم.

 السلطان عبد المجيد خان الأول

و خلاصة المقال هناك، إن للخط العربي دور مهم في نشر اللغة العربية في العالم وإثرائها ثقافة و حضارة، وللخط العربي تاريخ مزدهر بالخطاطين الكبار و الأساليب المتنوعة، فلا بد من تعلم اللغة معرفة تاريخ الخط  العربي واعتراف مناهجها المتداولة على حسب الدهور، والله الموفق.

هامش

[1] الخط العربي، جذوره و تطوره، لــ إبراهيم ضمرة ، ص 11

[2] الخط العربي أرقى الفنون و أنبلها، لــ الخطاط أحمد الذهب، ص 7

[3] الجد العشرين لرسول الله صلى الله عليه و سلم

[4] الخط العربي أرقى الفنون و أنبلها، للخطاط أحمد الذهب، ص 8

[5] رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث، لاحمد شوحان ص ١٩

[6] المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، لــ د. جواد علي ص 153

[7] فتوح البلدان، لــلبلاذري ص 477

[8] الخط الكوفي، لــ يوسف أحمد ص 10

[9] الخط العربي و تطوره في العصور العباسية في العراق،  لــ سهيلة ياسين ص 27

[10] أدب الكاتب، لــ ابن قتيبة الدينوري،  ص 34

[11] تراجم خطاطي بغدد ، لــ وليد الأعظمي،  ص 25

[12] الخط العربي و تطوره في العصور العباسية في العراق، لــ سهيلة ياسين ص 34

[13] تراجم خطاطي بغداد، لــ وليد الأعظمي  ص25

[14] من تاريخ المكتبات،  لــ خيال الجواهري  ص 67

[15] كيف نعلم الخط العربي، لــ ياقوت الحموي  ص 49

[16] تاريخ الخط العربي، لــ محمد فخر الدين  ص 18

[17] جمالية الخط الديواني، لــحبش حسن قاسم

[18] ibid

[19] مذكرة في خط الرقعة،  لــالرحمن، مختار عالم مفيض

[20] علم نفسك الخطوط العربية لــالسيد محمود مهدي

[21] رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث، لــ أحمد شوحان


مواضيع ذات صلة
دراسات,

إرسال تعليق

0 تعليقات