ادعمنا بالإعجاب

إبدعات علماء كيرلا في اللغة العربية في الماضى والمستقبل

Shahad moorkkan , Degree student , Jamia Millia Islamia University, New Delhi, Mob: 90208258889, 9946054686 ,Shahadmoorkkanmampad@gmail.com 

مسهمات علماء كيرلا لنشر اللغة العربية

يتيقن الباحث عن مساحمات علماء كيرلا للغة العربية: أن ضوء الإسلام قد وصل إليها في أول عهده، وأن شذرات اللغة العربية وأدبها قد دخلت بها قبل ذلك بقرون. يشهد بذلك ما كان بينها و بين بلاد العرب من العلاقات التجارية القديمة ولا شك أن هذه العلاقة تكون سببا لانتشار ودافعة قوية لتأثر بالعادات وإختلاط اللغات وامتزاج اللهجات وتصنيف الكتب في اللغة العربية. 

سطوع فجر الاسلام في ديار كيرلا 

و من الحقائق الثابتة تاريخيا ان ضوء الاسلامي وصل إلى شبه قارة الهندية خاصة الى ولاية كيرلا في العهد النبوي الكريم. هناك من الأدلة على هذه الحقيقة ما يبلغ العشرات, فقد روى الحاكم في مستدركه عن ابى سعيد الخذري رض قال: اهدى الملك الهندي إلى رسول الله جرة فيها زنجبيل فأطعم أصحابه قطعة قطعة واطعمني منها قطعة. و غالب الظن ان هذه الهدية وصلت اليه صلى الله عليه وسلم من أحد ملوك كيرلا حيث إن الزنجبيل كان معروفا في ولاية كيرلا و محببا الى اهلها كما انه كان نادر الوجود في جزيرة العرب. كما أن المقبرة القديم الموجودة في نيلاموتم _قرية في شمال كيرلا_ من أدل الشاهد على أن الأسلام وصل إلى ديارنا في عهد الصحابة فقد توجد في هذه المقابر لوحات منقوشة بالحروف العربية الخالية عن النقط والشكل التي كانت مستخدمتا في عهد الصحابة والتابعين.بعض المؤرخين والعلماء يرجحون وصول الإسلام إلى المنطقة في عهد الرسالة ويزعمون أن الملك شيرمان فيرومال إرتحل الى مكة المكرمة يرافق الوفد العربي المسلم الذين كانو يعودون الى وطنهم بعد إنتهائهم من زيارة آثار قدم أبينا آدم عليه السلام الواقعة بجبل آدم بسرنديب. أن كثيرا من العرب كانو ينزلون كيرلا في سفرهم إلى سيلان، هندونيشا والصين ورجوعهم منها. فقد إنتشرت في أوساط المسلمين بكيرلا.  كما ان الدعاة النازحين الى كيرلا منذ عهد الصحابة الى قرون عديدة ساهموا في نشر اللغة العربية في هذه الديار  وبذلوا أقصى جهدهم  في انشاء اجيال جديدة مثقفة بالثقفات الاسلامية والبيئة العربية و عريقة في اللغة العربية و دقائقها وبلاغتها، ولا شك ان ميزة اللغة العربية بانها لغة الإسلام عامة، ولغة القران وحديث النبوي والكتب الشرعية خاصة ساهمت في اقبال الناس اليها وتعظيمهم اياها تعظيما منبثقا من خلوص الإيمان.

خمول علماء كيرلا عن صفحات التاريخ 

ولاكن للاسف _ان اسهامات علماء كيرلا لم تحظ بعناية تستحقها من قبل المورخين والمؤلفين في تاريخ الأدب العربي في شبه القارة الهندية_، يشهد له ان الشيخ عبد الحي الحسني في كتابه القيم النزحة الخواطر لم يذكر الا تراجيم اشخاص معدودين بالانامل من هذه المنطقة رغم ان الكتاب يحتوي على تاريخ آلاف من علماء الهند، يقول السيد عبد الرحمان الهيدروسي الأزهري في كتابه ( من نوابغ علماء مليبار) : " قد افرغ المؤلف فيه جهده وكفاحه حتى أخرجه في ستة اجزاء كبار تحتوي على تاريخ اربعة الاف وخمسمائة شخص مع نسبهم وقدر علمهم واثارهم، واستغرق جمعه و ترتيبه مدة ثلاثين سنة كما ذكر في مقدمته، ولكن ينقصه تاريخ علماء مليبار، ولا غرو فإن البعد بين القطرين شاسع والمواصلات بينهما غير متيسرة في الزمن القديم".

ومما زاد التراب بلّة ان كثيرا من العلماء الجهابذة في هذه المنطقة ما كانوا حريصين على التأليف مثلما كانوا مولعين بالتدريس والتعليم. ولا شك ان للتأليف دورا هاما في تعريف العلماء بعضهم من بعض في شتى انحاء العالم، فالتخلف في مجال التصنيف والتأليف_ خصوصا باللغةالعربية_  تسبب للتوتر بين وعلماء كيرلا علماء شمال الهند، إضافة الى إختلاف مذاهبهم، حيث كان المنتشر في شمال الهند هو المذهب الحنفي حينما كان أهل كيرلا على المذهب الشافعي. 

وليس  هذا انكارا لما صدر من كثير من علماء كيرلا من التأليف والتصانيف النافعة في شتى الفنون، فعندما نرجع إلى المكتبات الخاصة للعلماء السابقين في كيرلا، والمثرات للكتب القديمة القيمة نجد ان لكثير منهم مؤلفات نافعة في اكثر الفنون إلا انها لم تنشر ولا تزال مخطوطة، مما يدل على أنهم لم يهتموا بنشرها ونسخها لكونهم مشغولين بمهام أخرى ولقلة جدوى ذلك في تلك الظروف، وربما للضغطة المالية أيضا والله أعلم.


 إسهامات علماء كيرلا في النشر اللغة العربية 

وبدءا من حلقات الدروس اللتي قام بها النازحون إلى كيرلا من العلماء العرب إنتشرت اللغة العربية في هذا المنطقة حتى وصلت إلى المدارس الدينية التى ترعاها شتى الجمعيات الدينية لكيرلا وإلى إنشاء جامعات وكليات ومعاهد دينية تهتم بتعليم اللغة العربية، ولا يزال هذا المجال يتقدم وينمو يوما بيوم.

كما ان علماء كيرلا خدموا اللغة العربية وساهموا في نشرها بتأليف المؤلفات القيمة في فنون المتعددة، فهي إن كانت فاقدة الحصر إلا أن من اهمها. 

اولا: المؤلفات الفقهية

فمن أهم الكتب التي ألفها علماء كيرلا في الفقه كتاب فتح المعين بشرح قرة العين الذي ألفه السيخ زين الدين بن محمد المخدوم المعبري الفناني، والذي لا يزال عمدة الفتوى والتدريس في المذاهب الشافعي، ليس في كيرلا فحسب بل في البعض المناطق العربية كالأحساء بالسعودية، وأزهر في القاهرة، والذى اعتناه العرب بشرح والتوضيح، وأقره بعض الجامعات في كتب المنهج الدراسي. وله شروح معروفة، ونظمه في العصر الراهن الشيخ أنور عبد الله بن عبد الرحمن الفضفري المقيم في الرياض_ في ألف بيت سمّاه اللنظم الوفي في الفقة الشافعي.

ومن مصنفاتهم في الفقة أيضا " احكام أحكام النكاح"  لصاحب فتح المعين، و"مقاصد النكاح" للقاضي عمر البلنكوتي، و"الفية الفرائض" للشيخ أحمد البرودي، و"عقد الفرائد" للسيد فضل بن السيد علوي المنفرمي، و"الفتاوى الأزهرية" للشيخ أحمد كويا الشالياتي، و"ماذا وظيفة الفقهاء" للشيخ ميران كوتي مسليار. ومن الجدير بالذكر من الكتب المعاصرين "المأوية الفضفرية في المسائل الفرضية"، و "النظم الجلي في الفقه الحنبلي"، و"القلائد الجلية في القواعد الفقهية"، و الثلاثة  للشيخ  أنور عبد الله الفضفري السابق ذكره.

ثانيا: المؤلفات التربوية

قد أكثر علماء كيرلا من التصنيف في فن التصوف والموعظة، والتزكية والتربية،لما عرف من دورهم في مجال التصوف ونشر طرئقها العديدة، وللعلماء المخدومين في هذا المجال القدح المعلى،فمن أشهرها كتاب "إرشاد العباد" لصاحب فتح المعين، و"مرشد الطلاب"، و"هداية الأذكياء إلى طريقة الأولياء"، و"سراج القلوب وعلاج الذنوب"، ثلاثتها للشيخ زين الدين بن علي المخدوم، و"ذخائر الإخوان" لأحمد بن زين الدين المخدوم إلى غير ذلك.

ومما يجدر الذكر ويلفت النظر في هذا المقام, ما نسجته أيدي علماء كيرلا من الموالد والمناقب التي ربما تتجاوز العشرات وتبلغ المئات. والموالد عموما على نبذة من سير ومدائح وأوصاف النبي صلى الله عليه وسلم  (ومن أشهرها في ديار مليبار المولود المنقوص للشيخ زين الدين المخدوم الكبير) أو بعض الصحابة (ومما اشتهر من ذلك في ديارنا مما ألفه علمائنا مولد أبي بكر الصديق ،ومولد الفروق ومولد علي بن أبي طالب ومولد بن حمزة بن عبد المطلب  رضي الله عنهم ) أو الشهداء _ كشهداء بدر وأحد_ أو السلف الصالحين _كالسيدة نفيسة المصرية أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو الشيخ أحمد الكبير الرفاعي _، هناك موالد في مناقب الشهداء الذين اشتشهدوا في بعض المعارك الواقعة بين المسلمين والهندوس في مناطق مليبار _كمولد الشهداء اومانور وكمولد شهداء ملابرم وكمولد شهداء جيرور_. 

وكتب الموالد كتب ذات أوجه عديدة، لأنها تحتوى على فنون مختلفة فهي كتب أدبية و عقدية وتاريخية وتربوية معا، لأن اصالبها أدبية تشتمل على ابدع التشبيهات و الإشتهارات وعلى أبرع أنواع المحسنات اللفظية والمعنوية، كما أنها تحتوي على آيات وأحاديث وأقوال السلف مما يحرض على التقوى وإمتثال اوامر الشرع واجتناب نواهيه. وفي الوقت نفسه هي تعطينا نبذا من سير السابقين ممن لهم مزايا دينية وعناية ربانية.

ثالثا: المؤلفات اللغوية والأدبية 

من أهم ما قدمه علماء كيرلا في علوم العربية "شرح ألفية ابن مالك" للشيخ زين الدين المخدوم، وهذا الشرح يعتبر من أدق وأوسع شروح الألفية فيما وجد_ رغم أنه غير مشهور لدى العرب_ ، هذا الشرح أدل شاهد على رسوخ قدم علماء كيرلا في علم النحو، فقد جمع فيه من المسائل والشواهد ما يغني عن غيره، وذلك في اسلوب مختصر جذاب، وما أصدق قول الشاعر: " كثرت شروحهم على الألفية، أضوائها كالأنجم الدرية لكنها تجلت شمسها، بالطبع فالأضواء إذا مخفية" فلا يخفى ما لهذا الكتاب من الدور الملاحظ في جعل علماء كيرلا متمكنين في علم النحوي والصرف متظلعين بهما.

من المؤلفات في علم النحو أيضا "شرح تحفة ابن الوردي" للشيخ زين الدين أيضا و"شرح قطر الندى "للشيخ عثمان بن جلال الفناني_  وهو خلاصة شرح ابن هشام صاحب المتن عليه مع إضافات _ و"حاشية التحفة" للشيخ محمد بن علي الفناني. ومن كتب المعاصرين في علوم العربية "العرب والعربية وتاريخ النحوي وتطوره" للسيد عبد الرحمن الهيدروس والأزهري، و"الإستثنائات من القواعد العربية" للشيخ الفضفري المذكور سابقا.

رابعا: المؤلفات الأخرى  

ولعلماء كيرلا مؤلفات في أكثر الفنون، ففي التاريخ ألف الشيخ زين الدين بن علي المخدوم الأول كتابه المشهور: "تحريض اهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان"، كما ألف الشيخ زين الدين بن محمد المخدوم الثاني كتابه المشور: "تحفة المجاهدين في بعض أحوال البرتغاليين"، والتي ترجمت الى أكثر من خمسين اللغة، و"كتاب الفتح المبين" للقاضى محمد بن عبد العزيز الكالكوتي، وفي فن العقيدة ألف القاضي عمر البلنكوتي كتابه المشهور "نفائس الدرر"، و"حلل الأحسان لتزيين الأنسان" للسيد فضل بن علوي، كما ان هناك بعض المؤلفات في فن التجويد مثل "تجويد القرآن" للعلامة شجاعي مويدو مسليار و"شرح البسملة" للشيخ محمد بن علي الفناني غيرهما إلى عير ذلك من المؤلفات، ولعل كثيرا منها لا يزال مخطوطا.

دور علماء كيرلا في مجال شعر العربي 

وفي مجال الشعر العربي باع طويلة وقدم راسخة للعماء كيرلا، وكانت أكثر قصائدهم في المناقب والمدائح والمراثي، إضافة إلى الموالد المزدوجة بين النثر والنظم. ومن المتعذر سرد أسماء جميع الشعراء الماضين والمعاصرين، واما ايراد قصائدهم فهو أشد تعذرا، ولكن من اشهرهم _بعد المخدومين الأول والثاني_ القاضي محمد بن عبد العزيز الكالكوتي، والقاضي عمر البلنكوتي، والقاضي محي الدين الكالكوتي،والشيخ عبد القادر الفضفري، الشيخ محمد ابو الكمال الكاديري، والشيخ أحمد الشعراني، وأبو ليلى محمد بن ميران، ومحمد الفلكي الجمالي، والشيخ عبد الرحمن الأريكلي رحمهم الله. وهناك من المعاصرين شعراء بارزون في الشعر العربي كالشيخ أنور عبد الله الفضفري والفاضل علوي كوتي الكودوري وغيرهما. 

ومن أهم مؤلفات علماء كيرلا وأشهرها في فن الشعر كتاب "جواهر الأشعار" للشيخ عبد القادر بن يوسف الفضفري السابق ذكره، وقد أتى فيه بالعجب العجاب، وبكلّما يستطاب، كما أن من أشهر القصائد لشعراء كيرلا كتاب "هداية الأذكياء" و "تحريض اهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان" كلاهما للشخ زين الدين المخدوم الأول، القصيدة المعروفة ب"صلى الاله" وقصيدة "نفائس الدرر" كلاهما للقاضي عمر البلنكوتي.

كما أن بعض علماء كيرلا لعبوا دورا في الصحافة العرب، فقد أصدروا بعض المجلات في اللغة العربية إلا أن أكثرها توقفت بعض سنوات، لا شك أن المجلات العربية من الجامعات ودور العلم في الكيرلا قد أثرت في ترقية اللغة العربية تأثيرا بالغا حيث إن طلاب الكليات الإسلامية يقرئونها لترقية مهاهبهم وقدراتهم في اللغة العربية، ويظهر من الملاحاظات أن هذه المجلات نتيجة لرسائل قلمية تنشر من الكليات العربية  وأول مجلة عربية في كيرلا يقال إنها مجلة بشرى في عام 1963م، أسسها المولوي محمد ك.و. وتوقف إصدارها بعد سنة من نشأته في 1964. ولا يسعني المجال لتفصيل ذلك. ومما يزيدنا فرحا و سرورا أن الجيل الجدية الذي يتخرج من الكليات والمعاهد الدينية أكثر احتمالا في اللغة العربية وآدابها، وبالأشعار العربية ، وأتمنى الله ان يجعلهم ممن يقود عجلة التطور في ديار كيرلا، وهو الموفق لكل خير. 

وفي الجملة أن الدعوة الإسلامية منذ زمن وطئت قدم الإسلام في هذه الأرض المباركة المفعمة بأنواع من النعم مثل تصانيف الكتب باللغة العربية لم تتوف في أية فترة تاريخها، إلا أن تاريخ بعض القرون مجهول، بل إستمر تصنيف الكتب في اللغة العربية إما بنفود الملوك و إما بعبقرية العلماء والزعماء أما تشكيل الجمعيات والكليات قد بزعت في أوائل القرن العشرين. ولله الحمد أنّه أوفر للجاليات الإسلامية مرافق وافرة للتصنيف الكتب باللغة العربية وغيرها. تقبل الله من المؤلفين والمصنفين المخلصين و الدعاة والزعماء سعيهم وجزى الله عنهم وعنّا جزاء حسنا آمين


مواضيع ذات صلة
أدب كيرالا, تراث الهند،, دراسات أدبية, كيرالا,

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. أحد أبرز صحابة رسول الله، وأحد أهم الشخصيات في تاريخ الإسلام. تميز بشجاعته وكرمه، وكان من أشد المدافعين عن الإسلام والمسلمين للتعرف عليه تابع المقال

    ردحذف

أكتُبْ تعليقا