ادعمنا بالإعجاب

قدوم الإسلام وتطور الفقه الإسلامي في ولاية كيرالا


     محمد سفيل بن عبد الكلام تي ك

ولاية كيرالا صغيرة تقع في جنوب الجمهورية الهندية والتي تقع بساحل البحر العربي. وعلى رغم أن الولاية كائنة بعيدة عن الأقطار العربية إلا أن لها علاقة عريقة عميقة باللغة العربية وحضارتها وثقافتها منذ قرون طويلة من حيث إن علاقتها علاقة تجارية بين العرب وولاية كيرالا. وأوراق التاريح تنبئنا عن الخدمات المشهورة بين العلاقة من تناول العقائدات والثقافات والعبادات. والمعرفة على نشأة الفقه وتطوره موقوفة على قدوم الإسلام وتطوره إلى ولاية كيرالاحسب الأنباء المأخوذة من نحو تحفة المجاهدين للشيخ زين الدين المخدوم والعرب والعربية للسيد حيدروس ورحلة بطوطة وغيرها من الكتب التاريخية والرحلات.
قدوم الإسلام ونشأة الدروس والحلقات الدينية
وإن دعاة الإسلام قدموا إلى ولاية كيرالافي حياة النبي صلى الله عليه وسلم على طريق الإجمال وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم على التفصيل ثم ازدهرت الأعلام الإسلامية في بقعات كيرالاقبل القرن السابع الهجري. واستثمرت دعوات الإسلام معيارا لانتشار العلوم الإسلامية. وقد صار المسلمون أمة مستقلة في القرن التاسع للميلادي. وشهدت القرون القادمة المتعاقبة مزيدا من استيطان القبائل العربية من البافقيهية والمخدومية والجفرية في أنحاء مختلفة من كويلاندي وكاليكوت[1].
فالمؤرخون ينظرون أن ملكا من أسرة جيرا المسمى جنكا فرمال أو شنكو فرمن اعتنق بالإسلام في  بداية انتشاره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مطمارا لرسائل الإسكندرية المقدوني(356-324م)[2]. ولكن هذه الصفحات من التاريخ قابلة للخفاء وغير الوضوح. وقد كان  اعتناق الملك الأخير من هذه الأسرة المسمى بجيرمان فرمال الإسلامَ في القرن الثاني من الهجرة  وهذ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. فالأول على وصيلة سهر الدين بن تقي الدين الصحابي بلقائه في كدنغلون بعد زيارته جبل آدم[3]. فسافر الملك معه إلى حجاز فاعتنق بالإسلام باسم تاج الدين وانتقل إلى رحمة الله في رجوعه إلى بلده في السنة العاشرمن الهجرة. وبعد وهذه الواقعة انتشرت دعوة الإسلام بقدوم مالك بن دينار وشرف بن مالك ومالك بن حبيب وغيرهم إلى ساحل مليبار[4]على وصية من الملك المتوفي. واتخذوا كدنكلور مركزا للدعوة الإسلامية. ثم سافر مالك بن دينار مع رفقائه إلى كولم وتوطنوا فيها غيرمالك بن دينار[5]. فصارت بعد، عاصمة للعلوم الإسلامية وتحلت بمراكز علمية وتجلت بحلقات إسلامية. فالمسلمون يعلمون أولادهم أولا دراسة القرآن والأحكام الدينية. وصارت المساجد حلقات العلوم ومحاور الفنون. وبعد ازدهارها مراكزا للعلوم وسميت بالدروس المساجدية[6].
وثانيا زيارة تشميران فرمال في القرن الثاني من الهجرة. واعتنق بالإسلام باسم عبد الرحمن وكانت رحلته في سنة 825 الميلادي على نظر فيلم لوكن وكندرت[7]. واشتهرت المساجد المشهورة من نحو عشرة تحت رئاسة علماء العرب وازدهرت المسائل الدينية من بين أعماد هذه المساجد وأفراد هذه الحلقات تحل الأمور العصرية والفردية والإجماعية. وبعد هذه، قدمت من الدول العربية آلاف من العلماء إتقانا للدعوة الإسلامية على عبر القرون. وسافر من هذه الولاية نجباء إلى الدول الأخرى لاستثمار العلوم والحكوم.
فقد تشرفت ولاية كيرالاخلال القرون المتعاقبة بخدمات علماء نجباء على العلوم الإسلامية والدينية فمنهم من  اشتهروا على العالم حد الكمال. فتربتها قد شاهدت لتراث جيد وميراث نير حيث رضعت من حجرها علماء عديدة ولعبت في ميدانها نجباء عظماء ونامت في مهدها عقلاء فخامة. ولها عزة بأنها معركة المعرفة والحكمة ومحراب العلوم والفنون حيث تطورت هذه الولاية بالدرجة الامتيازة نسبة إلى الولايات الهندية  في موقع الدراسة والكتابة. فانبلج من بطونها عقلاء يحلون المسائل الدينية مناسبة الزمان ويؤدون الأجوبة على وفق المكان. وانحدر من ألسنتهم خطبات ذات حلاوة وسلالة وانفجر من أنملتهم كتابات ذات لذة وجودة. وقد ذكر ابن بطوطة في رحلته عن هذه الثورة العلمية الدينية في مليبار في القرن الرابع عشر ميلادي[8]. 
وصنفت الكتب في اللغة العربية والمليبارية على حسب الحال. القيد الجامع وهو أقدم كتاب صنفه رجل كيرالي اسمه حسين بن أحمد قبل ست مائة سنة،[9] وبعد تطورت مجال التأليف على أيادي علماء كيرالا، وكان للشيخ الإمام فخر الدين أبو بكر بن رمضان قاضي كاليكوت المتوفي سنة 775 الهجري كتابان في النظم وهما تخميس البردة، وتخميس بانت سعاد. والشيخ المخدوم الكبير زين الدين بن علي بن أحمد المعبري الفناني (782-928ه)[10]فهو عالم كبير وفقيه جليل بلغ شهرته حد السماء، وله مصنفات كثيرة من مرشد الطلاب، وسراج القلوب وعلاج الذنوب، وتحفة الأحباء وحرفة الألباء وغيرها من نحو تسع عشرة. وتوافق قديمه في مجال التأليف العلماء من أسرته مثل أحمد زين الدين الصغير من حيث له تأليفات ذات صيت وشهرة من قرة العين وتحفة المجاهدين.
وانتشرت الدروس المساجدية والكتاتيب جوار المعابد وحوالي المساجد. وازدهرت الفقه والتفسير والحديث وغيرها من العلوم الدينية في تربة كيرالاعبر القرون. وتنورت تناول العلوم والحكوم بين العرب والعجم. حتى وصل إليها نجباء العصر ونبلاء المصر من مليشيا واندونيشيا وباكستان وبنغلاديش وغيرها من البلاد لخارجية.[11] وانتقلت الدروس الإبتدائية إلى مباني خاصة بجنب تلك المساجد. وكانت هذه المباني تعرف بالكتاتيب. وارتفعت في كثير من القرى مباني خاصة للمدارس الدينية حسب طاقة أهلها. حتى كانت الولاية مثيل في التربية والتدريس في أية ولاية من ولايات الهند.

نشأة الفقه الإسلامي في ولاية كيرالا
تاريخ قدوم الإسلام إلى ولاية كيرالاوهو أيضا مبدأ تاريخ الفقه الإسلامي في تربة كيرالا. من حيث نشأ الفقه الإسلامي في العالم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي أوائل الإسلام كان الفقه والعقيدة ممزوجة بين بين. وبعد انتشار الإسلام إلى البلاد المختلفة تفرق الفقه والعقيدة وتطورت علوم الفقه وفق المذاهب الأربعة.
والولاية شهدت لتنمية العلوم الفقهية قبل المذاهب على أيدي مالك بن دينار وأصحابه ومن حكومتهم المسجدية والحكومة القاضية على اتحاد علماء كيرالاوتعاون الناس وأهالي كيرالاعلى إتقان دعوة الإسلام ببناء المساجد والدروس على أوضاع جادة كما تحققنا من أوراق تحفة المجاهدين ورحلة ألبروني وابن بطوطة من المؤرخين المتقنين. كانت الدراسات والحلقات توقد مصابيح العلوم والفنون بأشعة ربانية. كثر المجتمعون المجتهدون حولها. والمدرس يعلمهم القرآن ويبين لهم أساس الإسلام وأحكامه[12].
المذهب الشافعي في كيرالا
على أساس أن ولاية كيرالالها علاقة عميقة لعلماء يمن أن هناك نشأة تأثيرية للمذهب الشافعي عن المذاهب الثلاثة. لأن أول نهضتها الإسلامية تقع على أيادي علماء يمن من مالك بن دينار وأصحابه رحمهم الله تعالى. وأشار ابن بطوطة في رحلته من الشعائر الإسلامية الباقية بالفقه الإسلامي في سنة 1432 الميلادي برعاية خاصة مع ذكر بدر الدين المعبري الشافعي والقاضي فقيه حسين[13].
ونجد من أوراق التاريخ عن الحلقات المساحدية فإنها منظمة على أصول الشافعي. حلقات مسجد مسقال، وكتجرى، ومجندي تجري تحت رئاسة الشيخ زين الدين رمضان الشالياتي الشافعي في سنة 785 الهجري. ودروس أبي عبد الله الحضرمي في تانور ودروس الشيخ فريد الدين بن عبد القادر في فنان في القرن الثامن الهجري منظمة على المذهب الشافعي. ومرتبة على القواعد الشافعية حتى كانت الولاية محور العلوم طار إليه الطالبون من عراق ومصرويمن وحجاز وحضرموت وغيرها. وصارت المساجد منار النهضة والتجديد. وبقعات كاليكوت وفنان وتانور تنورت بلمحات الفقه الشافعي من حيث إن كلها مؤسسة تحت رئاسة علماء حضرموت[14].
المذهب الحنفي في كيرالا
والمذهب الآخر على قلة الشهرة وهو المذهب الحنفي. وهو منتشر في جنوب كاسركود وبعض بلاد في مقاطعة فالكاد. وأيضا في بعض أقطار البلاد الشمالية. وقد اضمحلت أشعة هذا المذهب في العصر الحديث منحصرة في بعض بقعات شمالية. وانتشار هذا المذهب في الولاية على نظائر المؤرخين بقدوم حيدرعلي من مملكة ميسور إلى ولاية كيرالا. وعلى نظر صحيح حول التاريخ نحقق أن الملك المذكور تقدم بجيش من إيران في سنة 1755 الميلادي[15]. ولكن بعد رجوعه إلى مملكته بقي كثير من جنده في بقعات شمالية نحو فالكاد وكاسركود من ولاية كيرالا.
ومن التاريخ نجد بأن مسجد فدالا فلي من مقاطعة كاليكوت جاري على المذهب الحنفي حتى في سنة 1941. وأيضا نجد في هذا العصر الجديد في مقاطعة ملابرم في مدينة فاريندلمنا المسجد الجامع على المذهب الحنفي. وفي الولاية أسر عريقة نحو راوتار وموتمار التي حفظت شعائر المذهب الحنفي والتراث الحنفي.
بداية التأليفات الفقهية في كيرالا
نبعت التأليفات الفقهية في أول بدايتها بعد انتشارها في العالم الإسلامي معارضة على العقائد الباطلية من الجمعيات الإصلاحية من حيث بعض التأليفات على الإكمال بجميع أبواب الفقه وبعضهن على الاختصار بأبواب مختصة وأيضا على مجموع الفتاوى. فأول الكتاب إكمالا في الفقه الإسلامي هو كتاب صنفه الشيخ زين الدين بن محمد العزالي المتوفي سنة 1028 وإن كان قبله كتاب محصور بأبواب مختصة مثل القيد الجامع اللذي ألفه الشيخ الفقيه حسين[16] عن أحكام النكاح وما يتعلق بها من الشروط والشهود قبل ست مائة سنة من الهجرة. المزيد من المعرفة عنه غير واضح في التاريخ إلا أن المؤرخ ابن بطوطة ذكر نبذة صغيرة عنه في رحلته. وإن وقعت قبله تأليفات  نادرة غير واضحة في التاريخ. المشهور عند العلماء هو كتابه المسمى بقرة العين بمهمات الدين ثم بعد، شرحه بنفسه وسماه فتح المعين. ويشتمل هذا الكتاب على إيجاز الألفاظ بل على إطناب المعاني حاويا كل أبواب الفقه وكتبه. ثم نشأت مصاحبا عنه تأليفات عديدة شروحا وحواشيا له وغيره من أبواب متفرقة من نثر نحو قول الحق والسلامةللقاضي محي الدين بن علي وإحكام أحكام النكاح للشيخ أحمد زين الدين المخدوميوالمنهج الواضح أيضا له،ونظم نحو مقاصد النكاح للقاضي محمد بن عبد العزيز والفرائض الملتقط للقا ضي محمد بن عبد العزيز الكاليكوتي وكفاية الفرائض للشيخ زين الدين مخدوم الأول ومنظومات فرائض فتح المعين لمحمد مسليار بن حسن. فلا يخفى على من له عقل ومعرفة خدمات العلماء اليمانية أولا لتنمية الفقه الإسلامي وتطوره من غير كتابة بل على سبيل الخطابة قاضيا لهم وحاكما.
وعلى مرور الزمان توافقت الأسر على التأليفات نحو الأسرة المخدومية وأسرة القاضي الكاليكوتية والأسرة الفضفرية والأسرة التشجيرية حتي صاروا معدن الأحكام ومنبع العلوم. واشتهرت بهذه النهضات مواقع عديدة مثل فونان وتانور وكاليكوت وترورنغادي. وفاق بهذه مائاة بل آلاف من الأعيان المشهورة نحو المخدوميين والفضفريين والقاضي محي الدين والقاضي محمد وأحمد كويا شالياتي وغيرهم قديما وحديثا.




 اللغة العربية في كيرالا للدكتور أحمد كوتي ص 3.[1]
 اللغة العربية في كيرالا للدكتور الشيخ محمد ص 31.[2]
[3] Keraliya karmashastram By Dept. of Fiqh, DHIU, page14.
الإسلام في كيرالا للسيد محي الدين شاه ص 26.[4]
 تحفة المجاهدين للشيخ زين الدبن المخدوم  ص 208.[5]
 المسلمون في الهند لنفيس أحمد ص 19.ِ[6]
[7]Keraliya karmashastram By Dept. of Fiqh, DHIU,page15.
 اللغة العربية في كيرالا للدكتور الشيخ محمد ص 66.[8]
اللغة العربية في كيرالا للدكتور الشيخ محمد ص67.[9]
 اللغة العربية في كيرالا للدكتور الشيخ محمد ص 67.[10]
 اللغة العربية في كيرالا للدكتور الشيخ محمد ص 55.[11]
 الإسلام في كيرالا للسيد محي الدين شاه ص 48.[12]
[13]Keraliya karmashastram By Dept. of Fiqh, DHIU,page18
[14]Keraliya karmashastram By Dept. of Fiqh, DHIU,page19
[15]Keraliya karmashastram By Dept. of Fiqh, DHIU,page20
 اللغة العربية في كيرالا للدكتور الشيخ محمد ص 67.[16]



مواضيع ذات صلة
تراث الهند،, ثقافة كيرالا, كيرالا,

إرسال تعليق

0 تعليقات