الدكتور آفتاب احمد، الأستاذ المساعد، المركز الثقافي العربي الهندي، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي
إن التاريخ الإسلامي حافل بأسماء ممتازة مرتبطة
بمختلف العلوم و الفنون و الحركات الدينية و الإجتماعية و السياسية في جميع أنحاء
العالم. كما نجد في الهند أن العلماء قاموا بخدمات جليلة في نشر و تطوير الدراسات
العربية و الإسلامية عبر العصور. و من المعلوم أن الهنود رحبوا بهذا الدين الجديد
ترحيبا حارا حينما طلع شمس الإسلام في جزيرة العرب، و توجه المسلمون إلى شبه
القارة الهندية. وكان التجار العرب واسطة الصلات التي كانت قائمة بين الهند والبلدان
العربية، لأن البلدان العربية قريبة من الهند، تقع على شواطئ البحر العربي كما تقع
الهند، وسفنهم هي التي كانت تقوم بنصيب هام في نقل التجارة بين الهند و البلدان
العربية.
إن سماحة
الشيخ القاضي مجاهد الإسلام القاسمي (2002م-1936م)، كان واحدا من أبناء الهند
الأفذاذ الذين خاضوا معركة الحياة رغم قلة الموارد، و قاموا بخدمات جليلة لا يمكن
للأمة المسلمة أن ينساها مهما كانت في الحياة العلمية و الثقافية و السياسية، و كان
من العلماء البارزين في تاريخ الهند المعاصر الذي قاد المسلمين في الوقت الذي كان
وضع الهند السياسي و الإجتماعي ليس ملائما، و كان أحوال المسلمين الشخصية في الهند
على وشك ضعفها. "وكان
القاضى مجاهد الإسلام القاسمى رحمه الله تعالى، ثانى الفقيهين الكبيرين والعالمين
المتعمقين فى مجال الإفتاء والقضاء وقياس الفروع على الأصول واستخراج أحكام
الأشباه والنظائر المستجدة فى ضوء المبادئ والقواعد المقررة فى الشريعة، المضبوطة
من قبل العلماء والأئمة، حيث لم يكن نظيره ونظير أخيه فضيلة الشيخ العلامة محمد
تقى ابن المفتى الأكبر محمد شفيع العثمانى الباكستانى فى التضلع من الفقه الإسلامي
فى شبه القارة الهندية كلها، بل كانا يشكلان بالمجموعة قمة التعمق فى علوم الشريعة
على مستوى العالم كله".[1]
و مما لا شك فيه أن الشيخ القاضي
كان له خبرة واسعة في مختلف المجالات الحياتية بما فيها علم الفقه و أصوله، والقضاء
الإسلامي، و القيادة الإسلامية، والخطابة وغيرها من العلوم والفنون. إنه كان قاضيا
موهوبا، و خطيبا بارعا، و قائدا كبيرا للأمة المسلمة الهندية. و في هذه الورقة
البحثية، سوف أحاول إلقاء الضوء على مساهمة الشيخ القاضي مجاهد الإسلام القاسمي في
نشر و تطوير الفقه الإسلامي في الهند من خلال كتاباته و إنشاء مجمع الفقه
الإسلامي. و في الصفحات التالية، سوف أخاطبه بـ"الشيخ القاضي"، كما كان
يعرف في حياته بإسم "قاضي صاحب" بين العلماء و عامة الناس على السواء.
الشيخ القاضي و حياته العلمية و
الإجتماعية
بدأ الشيخ القاضي حياته العلمية و
الإجتماعية، كما يبدأ المتخرجون من المعاهد الإسلامية في الهند عادة. و بعد التخرج
من دارالعلوم ديوبند عام 1955م، قام الشيخ القاضي بالتدريس في مدرسة بمدينة
مونجير، إحدى مديرية ولاية بيهار. "بعدما تخرج في دار العلوم- ديوبند، عمل
أستاذا- على إيماءة من شيخه الكبير وأستاذه العظيم الشيخ السيد حسين أحمد المدني
رحمه الله تعالى- بالجامعة الرحمانية بمدينة مونجير في ولاية بيهار، و حينما دخل
الشيخ القاضي في المدرسة للتدريس، ظن بعض الطلبة أنه جاء لأن يلتحق بالمدرسة كطالب
علم، ولكن جوهره العلمي بدأ يظهر من شخصيته، فقام بتدريس الطلاب في الفصول
العلياء، و في وقت قصير، ذاعت شهرته العلمية، و أصبح من أهم المدرسين و أحسنهم".[2]
و تولى الشيخ القاضي منصب القاضي في الإمارة
الشريعة لولايتي بيهار و أوريسة (الآن أوديشة)، بإيماءة الشيخ منت الله الرحماني
في فبراير عام 1961م، لأن الشيخ منت الله الرحماني أدرك في شخصيته الجامعية،
الإعتدال والتسامح و رحابة الصدر و التواضع و الإخلاص و الصدق و الوفاء و التفقه
في الدين و التمسك بأوامر الدين و الإلتزام بشعائره، ورأى فيه مواهب وكفاءات تؤهله
للقضاء و الإفتاء، حيث ظل يعمل بها لحين وفاته يوم الخميس 4-أبريل 2002م.[3] و
نفخ الشيخ القاضي فيها روحا جديدا و أثبت كفاءته منقطعة النظير تجاه تنفيذ الشريعة
الإسلامية و تطبيقها في المجتمع الإسلامي، و أدى واجباته أحسن أداء في مجال القضاء
حتى عرف بلقب "القاضي"، و أصبحت كلمة القاضي جزء لا ينفك من إسمه بل غلب
على إسمه الاصلي، و تقدمت الإمارة الشرعية و تطورت و ازدهرت و أصبحت بمثابة شجرة
طيبة أصلها ثابت و فروعها في السماء، و ذاع صيتها خارج ولايتي بيهار و أديشه. و
لقد وهب نفسه للإمارة و ظل يخدم كقاضي القضاة و نائب أمير الشريعة لولايتي بيهار و
أوديشه بالإلتزام من عام 1961م إلى آخر أنفاسه.[4]
تم تعيين الشيخ
القاضي رئيسا لهيئة الأحوال الشخصية لعموم الهند (All
India Muslim Personal Law Board) في عام
1999م. و قد تم اختياره بسسب فراسته الإيمانية و الذكاء و الإنفتاح الذهني و
البصيرة التامة بأوضاع العصر و ظروفه. "ساير الشيخ القاضي حركة هيئة الأحوال
الشخصية لعموم الهند منذ تأسيسها و بذل مجهوداته الجبارة العلمية و النفسية لتنمية
هذه الهيئة. وكان مستشارا قانونيا لها، و مرجعا وحيدا في أوقات حدوث المشاكل
القانونية، لأن الشيخ القاضي كان له باع طويل في فهم كنه القوانين الدينية و
العالمية على حد سواء. و قد رزق حظا موفورا من التفقه في الدين و فهم روح الشريعة
الإسلامية الغراء، و قدرة تامة لتفهيم القوانين العائلية و مقدرة خارقة على إقناع
المحامين و الحقوقيين بموقف الإسلام و المسلمين".[5]
وقد ثبتت هيئة الأحوال الشخصية لمسلمى الهند له،
المنبر الثانى الذى تحرك منه الشيخ القاضي تحت توجيه ورعاية الشيخ الرحماني و بعمل
استراتيجى وتخطيط فكرى وتحضير عملى من قبل الشيخ القاضي. ولقد ظل هو حقا منذئذ
ليوم وفاته العقل المفكر فى الهيئة من وراء جميع المواجهات التى كانت الهيئة تواجه
بها التحديات التى كانت تعترض طريقها فى سبيل الكفاح من أجل الدفاع عن القوانين
الإسلامية التى تأتى ضمن الأحوال الشخصية للمسلمين، والأحكام الأخرى التى يشكل
الاحتفاظ بها احتفاظا بالهوية، عندما اختاروه رئيسا للهيئة بعد وفاة رئيسها الثانى
سماحة الشيخ السيد أبى الحسن على الحسنى الندوى.[6]
و من أهم أعمال الشيخ القاضي في توحيد صفوف
المسلمين في الهند، هو تأسيس المجلس الملي لعموم الهند(All India Milli Council) ، لا شك في أن وجدت هناك عدد لا يحصى من المنظمات الإسلامية في
الهند التي قامت بدورها في مختلف فروع الحياة الإنسانية و الإجتماعية، ولكن ماكانت
هناك منظمة تعمل في توحيد صفوف المسلمين و تحسين الأوضاع التعليمية و الثقافية و
الإقتصادية للمسلمين الهنود. "فأسس الشيخ القاضي المجلس الملي لعموم الهند في
عام 1992م، و ظل رئيسا له لحين وفاته. و أقام المجلس الملي فروعا له في أرجاء
الهند كلها، و عمل من أجل رفع مستوى المسلمين التعليمي و الإجتماعي، و وقف بجانبهم
من أجل الحصول على الإنصاف من الحكومة و أجهزتها في الإضطرابات و شتى حوادث الفتن
و الإضطرابات".[7]
الشيخ
القاضي و منهجه في القضاء
و الشيخ القاضي كان من أهم القضاة
و المفتيين الذين أنجبتهم الهند في القرن العشرين، و علماء الدراسات الإسلامية في الهند
قد تعرفوا على دور الشيخ القاضي في ترويج نظام القضاء الإسلامي في الهند بإنشاء
دور القضاء و الإفتاء في مختلف أنحاء البلاد. "كان قاضي القضاة الشيخ مجاهد
الإسلام القاسمي بارعا في علوم القضاء و الإفتاء، و نابغا فيه، وسيع النظر على
قضايا النبي صلى الله عليه و سلم و خلفائه الراشدين و أصحابه المهتدين، و كان
مطلعا على قضايا الأئمة التابعين و تابعيهم من القضاة المسلمين، علو الكعب في
أصوله و فروعه. و كان ميدانه الأصلي، و مرمى فكره و سعيه هو القضاء، و كان جديرا بأن يسمى وارثا صادقا للقضاة
المسلمين، و وكيلا و ترجمانا لعلومهم و أفكارهم، و إن قضاياه تمثل أمامنا القاضي
الشريح رحمة الله عليه و القاضي أبا يوسف، و وكيع بن جراح رحمة الله عليهم و
تذكرتهم".[8]
و من أهم ميزات الشيخ القاضي في
تبنى المنهج في القضاء و الإفتاء، أنه كان سليم الفكر، كان يتخذ سبيل الوسط و
الإعتدال و يتجنب عن الشذوذ و التفرد و يراعي تبديل الظروف و الأوضاع و العرف و
العادات السائدة، و يقوم بالتحقيق و البحث و التطبيق بين آراء الفقهاء. و من المهم
أنه كان يقوم بالإجتهاد في القضايا الجديدة المعقدة. و من أهم نقاط المنهج الفكري
للشيخ القاضي هي التقليد، و درجة الإجتهاد، و الإجتهاد التجزئي، و التفكير
الإجتماعي، و التجنب عن الشذوذ، و الحكم على أساس اختلاف الزمن، و العدول من فقه
إلى فقه أخرى، و حكم التفليق، و إصدار الفتوى على القول الضعيف على حسب الضرورة، و
مقاصد اليسر، و أهمية الأصول و القواعد، و الإعانة من الخبراء.
كتابات الشيخ القاضي في مجال الفقه الإسلامي
إن حياة الشيخ القاضي مملؤة من
الخدمات الجليلة المتعلقة بالتأليف و التحقيق و التعليق، التي يعتز بها العلماء
الهنود خاصة و العلماء العرب عامة. لا شك فيه أن الشيخ القاضي قام بتأليف عدد كبير
من الكتب في الفقه الإسلامي رغم أن حياته كانت مزدحمة بالأعمال القضائية و
الإفتائية والقيادية و الفكرية. وكتاباته تشتمل على المواد الإسلامية في صورة
الكتاب، و منشورات المؤتمر، والقرارات و التوصيات و الفتاوى و الخطب و ما إلى ذلك،
و معظم كتاباته توجد في اللغة الأردية بكونها لغة المسلمين الهنود، كما قام بتصنيف
و تحقيق عدد ملحوظ من الكتب باللغة العربية التي ذاعت صيتها في البلدان العربية لكونها
كتبا مهمة في الفقه الإسلامي بما فيها التعليق على كتاب "صنوان القضاء و
عنوان الإفتاء" في أربع مجلدات، و "الذبائح: أنواع الذبح و
أحكامه"، و "فقه المشكلات"، و "الوقف"،
و "بحوث فقهية من الهند"، و غيرها.
صنوان القضاء و عنوان الإفتاء
إن تعليق الشيخ القاضي على
مخطوطات "صنوان القضاء و عنوان الإفتاء" للشيخ القاضي عماد الدين محمد
بن محمد اسماعيل بن محمد الخطيب الأشفورقاني (ت1248م)، و تنقيحه و ترتيبه، يعد من
أهم الأعمال العلمية باللغة العربية في الهند. هذا كتاب مهم في القضاء وآداب
القضاء و نظامه، يشتمل على أربع مجلدات. قام الشيخ القاضي بتحقيق هذا الكتاب حينما
وجد أربع مخطوطات لهذا الكتاب في مختلف المكتبات الهندية، "قد وجد الشيخ
القاضي مخطوطتين في مكتبة خدا بخش الشرقية العامة في باتنا، و مخطوطة في المكتبة
الآصفية بحيدرآباد، و المخطوطة الرابعة تم الحصول عليها في مكتبة دارالعلوم
ديوبند".[9]
و يوضح الشيخ القاضي ضرورة تحقيق
هذا الكتاب في مقدمة الكتاب، فهو يقول "و إسهاما في خدمة الشريعة الإسلامية،
و تقديما لتشريعاتها بأساليب متنوعة تتابعت المصنفات الجليلة و الكتب القيمة في
مختلف مجالات المعرفة و أصبح التراث الإسلامي حافلا بروائع فريدة من التشريعات و
النظم لشتى شعب الحياة، ولكن تراثنا الإسلامي الرائع هذا بقي قسم كبير منه مخفيا
في خزائن المخطوطات، و لم ير نور الطباعة، و من الواجب العلمي على الأمة الإسلامية
بذل جهودها لإخراج هذه الثروات العلمية القيمة إلى أيدي القراء. و من هذه الكنوز
المخفية في المكتبات "صنوان القضاء و عنوان الإفتاء" للقاضي عماد الدين
محمد بن محمد اسماعيل بن محمد الخطيب الأشفورقاني، و هذا الكتاب الذي مضت على
تأليفه مدة مديدة تتمثل في سبعة قرون و نصف قرن، لم يتحل بالطباعة لهذه الآونة
فيما نعلم، و المصنف الذي نصب رئيس هيئة القضاة في دلهي عاصمة الحكومة الهندية عام
1241م في عهد الملك علاء الدين مسعود شاه بن ركن الدين فيروز شاه بن شمس الدين ألتتمش،
ألف الكتاب في حقبة من الدهر عصيبة، و إذا كانت أمتنا الإسلامية تمر وقتذاك بأهلك
ظروفها في التاريخ الإسلامي جراء فتنة التتار المبيدة، و اكتوى المصنف بنارها التي
اندلعت في بلاد خراسان و ماوراء النهر، فغادر وطنه ونزل بدلهي حيث ابتدأ بإملاء
هذا الكتاب في سنة 1243م".[10]
إن المصنف رحمه الله ضمّن كتابه
المسائل التي تكثر الحاجة إليها في باب القضاء، و الحوادث التي يحتاج إليها القضاة
و المفتون في المشكلات اليومية. و يصرح المصنف بذلك قائلا: "واصطفيت المسائل
الدوارة على باب القضاء، متجددة وقعتها متكررة خصومتها شهرا فشهرا بل أسبوعا
فأسبوعا". و يقول "وهذا الكتاب في صنعة القضاء و الإفتاء زبدة الأحقاب،
و تمرة الغراب، و مجال الجلة و طراز الحلة، و مركز الدوائر و أساس البطائن و
الظهائر، و هو كتاب ينتفع به المفتي كما ينتفع به القاضي و هو نعم العون لكتبة
ديوان القضاء في كتابة المحاضر و السجلات و للوكلاء في الدعاوي و الخصومات، و
للشهداء عند أداء الشهادة، و أما المتوسط فمضطر إليه عند المصالحة، و المزكي عند
التزكية، و الحكم عند قطع الخصومة".[11]
قام الشيخ القاضي أثناء التعليق
على هذا الكتاب بمقابلة النص مع النسخة الخطية الأخرى المتوافرة لديه، و إذا وجد
الفرق، فاختار الكلمة التي غلب الظن لكونها أصح، و أثبت الفروق في الهوامش و قام
بمراجعة المقتبسات من الكتب الأصلية. و ذكر ترجمة الأشخاص الوارد ذكرهم في الكتاب
مع بيان مصادر تراجمهم، وقام بذكر تعريف مختصر للكتب التي ذكرها المصنف. "و
من أهم ميزات هذا الكتاب، أنه تم تصنيفها في القرن الثالث عشر الميلادي، وبكونه
قديما، يزداد أهميته، و ميزته الأخرى أن المصنف قد استفاد من المراجع الأولية
للفقه الحنفي، و قام بتقديم المسائل
الجزئية المتعلقة بآداب القضاء".[12]
و هناك عدد من الكتب الأخرى
المهمة التي قام الشيخ القاضي بتصنيفها و تعليقها باللغة الأردية، و من أهمها كتاب
"اسلامي عدالت"، و "مباحث فقهيه"، و"فتاوى الإمارة
الشرعية"، و غيرها، و هذه الكتب تعتبر المرجع الأساسي بين علماء الدراسات
الإسلامية عامة و بين رجال الفقه الإسلامي خاصة. و الجدير بالذكر أن كتاب
"اسلامي عدالت" كتاب مهم جدا في تسهيل تطبيق النظام الشرعي والنظام
القضائي الإسلامي في بلد غير إسلامي مثل الهند. لا شك في أنه بعد قيام دور القضاء
و الإفتاء في مختلف أنحاء البلاد، كان هناك إحتياج كبير لكتاب، يهدي القضاة خلال
أداء واجباتهم إلى دراسة النظام القضائي بشأن حل المشاكل الإدارية والتنظيمية من
المنظور الإسلامي. و الكتاب يعتبر موسوعة فقهية حول أدب القضاء، و خاصة فيما يرتبط
بمناهج البحث العلمي والمعايير والتفاصيل الأخرى اللازمة للقضاة و المفتيين.
اسلامي عدالت (مجموعة قوانين
الإسلام العدلية) الجزء الأول
و قام الشيخ القاضي بتقديم تاريخ
موجز للعدالة الإسلامية مع ذكر المثل الأعلى من الخلفاء الراشدين المهديين في هذا
الكتاب، و اعتمد على آراء الأئمة الأربعة و غيرهم من الأئمة المجتهدين، وفي بعض
الأحيان، قد عدل المصنف القدير عن المذهب الحنفي مراعيا للظروف و الأحوال و
الضرورة، و كذلك اعتمد الشيخ القاضي على آراء غير الأئمة الأربعة من الفقهاء
المجتهدين لتسهيل الأمور حسب مقتضيات العصر. و من أهم ميزة الكتاب أنه قام بضبط
قوانين الإسلام القضائية على المنهج الجديد، ورتبها على حسب الفقرات و البنود
بمقتضيات القوانين العصرية.
هذا الكتاب يُعّد من أهم تصنيفات
الشيخ القاضي، ظهر عام 1988 لأول مرة، و بعد ذلك تم طبعه لأربع مرات. و يشمل
الكتاب مقدمة علمية قيمة حول موضوع القضاء و ما يتعلق به. كما أشار إليه المصنف
أنه رتب الكتاب حسب الفقرات و البنود، فنحن نجد أنه وزّع الكتاب على 739 بندا. و
في ختام الكتاب، قدم المصنف القدير قائمة بالمراجع و المصادر التي اعتمد عليها
أثناء تأليف الكتاب. و بصفة كونه كتابا منفردا في موضوعه، قام الشيخ نورالحق
الرحماني، مدرس في المعهد العالي للتدريب في القضاء و الإفتاء، بفلواري شريف،
باتنا، بترجمة الكتاب في اللغة العربية لكي يستفيد العلماء العرب منه. قد تم نشر و
طبع النسخة العربية للكتاب من دارالكتب العلمية، بيروت عام 1999م.
أما محتويات الكتاب، فيشير إليه
المصنف نفسه قائلا، "لابد من تأليف كتاب في القضاء لتوفير السهولة للقضاة في
عملية القضاء و ذلك في ضوء الكتب الفقهية المعتبرة المتداولة، يجمع فيه مسئوليات
القاضي واختصاصاته و فرائضه و الأصول الشرعية للشهادة في القضايا، وطرق فسخ النكاح
و الخلع ووجوههما، والمسائل المتعلقة بهما، و يجمع فيه كذلك القضايا عهد الرسالة و
عهد الصحابة و قضايا مشاهير قضاة الإسلام كنظير و مثال حتى يستفيد منه القضاة في
فصل الخصومات".[13]
كان هناك احتياج كبير لمثل هذا
الكتاب و خاصة بعد إنشاء الإمارة الشرعية الهندية لتطبيق النظام الشرعي والنظام
القضائي الإسلامي بكامله في الهند. كما يشير إليه مصنف الكتاب قائلا، "يناسب
لي الإشارة إلى تلك الأحوال التي أرغمتني على تأليف الكتاب حول النظام القضائي، أولها،
هو بذل الإمارة الشرعية الهندية الجهود لتطبيق النظام الشرعي والنظام القضائي
الإسلامي بكامله في الهند، وبهذا الصدد، قامت الإمارة بتوسعة دوائر نظامه القضائي
بمختلف الولايات من تعيين القضاة وتقليدهم المسئولية لأداء الواجب الشرعي بين
المجتمعات الإسلامية، فاحتاج القضاة خلال أداء واجباتهم إلى دراسة النظام القضائي
بشأن حل عديد من المشاكل الإدارية والتنظيمية ولتفعيل هذا النظام وتنشيطه في
المنظور الإسلامي. وثانيها، عناية الإمارة الشرعية ورغبتها واهتمامها بتأليف مثل
هذه الكتب حول أدب القضاء خاصة فيما يرتبط بمناهج البحث العلمي والمعايير
والتفاصيل الأخرى اللازمة".[14]
و قال سماحة الشيخ أبو الحسن علي
الحسني الندوي عن الكتاب، قام الشيخ القاضي بسدّ فجوة كبيرة مع تأليف هذا
الكتاب، وأما تصنيف مثل هذا الكتاب كان من أهم المقتضيات و المتطلبات التي تنتظرها
دور القضاء الشرعية بسبب توسع نطاقها ولفائدة
القضاة، و كان يتوقع أن يظهر كتاب في أقرب وقت ممكن، يسلط الضوء على جميع نقاط
القضاء التي يحتاج إليها القضاة".[15] و
قد عبر الشيخ منت الله الرحماني انطباعاته عن الكتاب قائلا، "إن تأليف هذا
الكتاب هي تصديق لرؤيائي التي رأئيتها قبل ثلاثين عاما، و أستطيع القول أنه لا
يوجد اي كتاب في اللغة الأردية مثله في ضوء معرفتي المتواضع".[16]
إنشاء مجمع الفقه
الإسلامي (الهند)
لا شك فيه أن الشيخ
القاضي كان عالما من العلماء العباقرة و فارسا من فرسان مجال الفقه الإسلامي و
القضاء و الإفتاء في الهند، إنه كان يهتم كثيرا بالحفاظ على الشريعة الإسلامية و
تطبيقها على المسلمين تطبيقا صادقا، لأن تطبيق الحكم الشرعي على قضية لا بد من أن
تسبقها دراسة شتى أبعاد هذه القضية ومراعاة ظروف عصرها واعتبارات أخرى تحقيقاً
لهدف الشريعة منه، الأمر الذي يجعل ذلك في غاية الأهمية والخطورة، ويتطلب حشد
الكفاءات الفائقة التي تجعل القضاة قادرين على استنباط الحكم الشرعي.
وكان يشعر بحاجة ملحة
لإنشاء منظمة علمية وبحثية لدراسة الفقه الإسلامي في الهند، فقام الشيخ القاضي
بإنشاء المجمع الفقه الإسلامي عام 1989م."تم إنشاء مجمع الفقه الإسلامي حسب
خطة واضحة وضعها ورسمها القاضي مجاهد الإسلام القاسمي رحمه الله بيده، و نصره كبار
علماء الهند مثل الشيخ أبي الحسن علي الندوي، و الشيخ منت الله الرحماني، و الشيخ
المفتي نظام الدين الأعظمي، و الشيخ أبي سعود و غيرهم رحمهم الله أجمعين".[17]
"ولبحث القضايا المستجدة وحل المسائل
الطارئة بشكل جماعي، أسس الشيخ القاضي مجمع الفقه الإسلامي بالهند، الذي لم يكتف
بالنظر في القضايا التي يفزرها كل يوم بالتقدم العلمي والاكتشافات الحديثة، وإنما
عمد إلى الجيل الجديد من علماء المدارس والجامعات الإسلامية الأهلية بالهند، الذين
لم يتعودوا إلا النظر في الكتب الدراسية المعدودة والحواشي المحدودة، والإخلاد في
الأغلب إلى الدعة ضمن اجترار المعلومات التقليدية البالية التي لا تدفع إلى التفكير
في شأن المتغيرات التي تواكب ركب الحياة السيار ومسيرتها السريعة الدائمة، فوضعه -
هذا الجيل من العلماء - على درب الدراسة والبحث، ورغّب إليه عناء التحقيق
والاجتهاد، وأشرب في قلبه حب الكتابة والتأليف والنظر والنقاش في تطورات الحياة في
ضوء الشرع الإسلامي؛ فصار يركض على جادة البحث والتأليف، فأصبح المجمع بذلك جامعة
تخرج ولا يزال فيها بحاثون يعنون بالإفتاء والاجتهاد في القضايا التي يطرحها
العصر".[18]
التعريف بالمجمع و أهدافه
و يهدف مجمع الفقه
الإسلامي بالهند التوصل إلى حلول المشكلات الناجمة عن التغيرات الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية والصناعية، والتطورات الحديثة، وفق الأطر الإسلامية اهتداء
بالكتاب والسنة وآراء الصحابة وأقوال علماء السلف، والبحث عن الحلول لمستجدات
العصر الحديث، ولما دعت تغيرات الظروف إلى استيناف البحث والدراسة فيه من القضايا
القديمة في ضوء أصول الفقه الإسلامي عن طريق التحقيق الاجتماعي، و إجراء
الدراسة لمصادر الفقه الإسلامي وقواعده وكلياته والنظريات الفقهية شرحاً وتأويلاً
وتطبيقاً في العصر الراهن. كما يهدف المجمع لعرض الفقه الإسلامي وشرحه في أسلوب
حديث ومعاصر، و إجراء الدراسة والتحقيق في الموضوعات الفقهية في ضوء
المقتضيات العصرية، و الحصول على فتاوى وآراء العلماء المحققين
المعاصرين والمؤسسات الدينية الموثوق بها في القضايا المستجدة، ثم نشرها في
أوساط جماهير المسلمين.
و من أهداف المجمع هو إيجاد الصلات مع جميع المؤسسات الفقهية
والبحثية الأخرى داخل الهند وخارجها، وتبادل المعلومات عن الإنجازات العلمية،
واختيار الفتاوى الصادرة من العلماء والمؤسسات الموثوق بها، المطبوعة منها وغير
المطبوعة التي هي بمثابة تراث فقهي وعلمي مهم، وتهذيبها وعرضها في أسلوب عصري لفائدة
الأجيال القادمة، وإطلاعهم على نتائج الدراسات والتحقيقات التي تتم حولها. و
المجمع يهدف لإستعراض الأحكام الصادرة عن المحاكم في داخل الهند وخارجها حول شرح
وتطبيق القوانين الإسلامية ونشر نتائجها.
ويهدف المجمع أيضا لإعداد الكتب حول الأسئلة الجديدة والتحديات
المواجهة للإسلام في أسلوب يوافق العصر، و يشجع العلماء الشبان المتفوقين،
وإعدادهم ليكونوا باحثين و محققين، والاتصال بالعلماء ليساهموا في إعدادهم عن طريق
ربطهم بمركز بحث موحَّد، ولإعداد الفهارس في شتى الموضوعات الفقهية. و يبذل المجمع
الاهتمام اللازم بتزويد المتفوقين من خرِّيجي المعاهد الدينية بمبادىء ضرورية للعلوم
العصرية، وكذلك بتثقيف أذكياء متخرجي الجامعات العصرية بمبادىء العلوم الفقهية
والدينية، وكل هذا يهدف إلى تكوين الشخصيات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية
والواعية بمقتضيات العصر. وتحقيقاً للأهداف المذكورة يهتم المجمع بعقد المؤتمرات
والندوات، وتشكيل لجان الدراسة، وإنشاء المؤسسات العلمية والبحثية، واستخدام كل ما
يحقق الأهداف حسب الإمكانيات المتوفرة.[19]
الندوات الفقهية و المخيمات
التدريبية
قد تمكن المجمع من توفير مسار
موحد لعلماء شتى المذاهب الفقهية، و تقديم الحلول لأكثر من مأة موضوع جديد، و قام
بعقد عدد من المخيمات التربوية للطلاب المتخرجين من المدارس الإسلامية، و تحقيق
المخطوطات الفقهية، و تقديم إصدارات قيمة في شتى اللغات المحلية و العالمية
المختلفة. و الجدير بالذكر أن المجمع ينعقد ندوة فقهية كل عام لمناقشة الموضوعات و
القضايا التي تطرحها متغيرات و متجددات العصر والتوصل للحلول الناجحة لها.
خلال الأعوام الماضية، قام المجمع
بعقد أربعة و عشرين ندوة فقهية عالمية في مختلف البلدان الهندية، حيث ناقش المندوبون
على كثير من الموضوعات و القضايا الطبية و الإجتماعية و الإقتصادية و التجارية و
غيرها. و من أهم ميزات هذه الندوات، أن العلماء البارزين في مجال الفقه الإسلامي،
قد اشتركوا فيها من البلدان الأجنبية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، و باكستان،
و جمهورية مصرالعربية، و المملكة العربية السعودية، و بنغلا ديش، و العراق، و
الكويت، وبريطانيا، وسوريا، و موريتانيا، و قطر، و الإمارات العربية المتحدة، وايران،
وبرونائ، و بحرين، و سري لانكا، و ماريشش، و الأفريقيا الجنوبية، و الجزائر، و
تركيا، و أفغانستان و غيرها من البلدان الأخرى.
و هكذا قد نظم المجمع عددا من
الورشات الفقهية و الدورات التدريبية و المخيمات التربوية في مختلف المدن الهندية
لتدريب خريجى المدارس الإسلامية في مجال القضاء و الإفتاء وقفا لظروف العصر و
الوسائل الحديثة، و تشجيع العلماء الشبان و إعدادهم ليكونوا باحثين محققين. تم
إنعقاد 21 ورشة علمية و 14 دورات تدريبية حتى الآن على الموضوعات المختلفة مثل
"مقاصد الشريعة الإسلامية"، و "قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة
الإسلامية"، و "فقه الأقليات"، و "فقه الطب المعاصر"، و
"الإقتصاد الإسلامي و تطبيقاته العلمية" و غيرها من الموضوعات الأخرى.
ترجمة الموسوعة الفقهية الكويتية
و من أهم إنجازات المجمع هو إتمام
ترجمة الموسوعة الفقهية الكويتية إلى اللغة الأردية، و هذه الموسوعة محتوية على
خمسة و أربعين مجلدا، و تحلى بالطباعة 12
مجلدا من الموسعة الفقهية الأردية. قد تم تدشين "الموسوعة الفقهية
الأردية" على يد الضيف الرئيسي الكريم فخامة نائب رئيس جمهورية الهند، محمد
حامد الأنصاري في دلهي. وبهذه المناسبة، قال الشيخ خالد سيف الله، الأمين العام
للمجمع، "إن هذا اليوم الذي اجتمعنا فيه معا لهو يوم مشهود يشهد العالم فيه
أكبر إنجاز علمي في دنيا الثقافات و العلوم و الموسوعات ألا و هو الإحتفال باكتمال
ترجمة الموسوعة الفقهية إلى الأردية، و المجمع إذا يقدم إليكم هذه الموسوعة
الفقهية لسعيد جدا بهذا الإنجاز العظيم، فهو أكبر إنجاز لهذا القرن
الحالي".[20]
كما أتم المجمع ترجمة أكثر من أربعين كتابا حتى
الآن، منها خمسة عشر كتبا من العربية إلى الأردية، و اثني عشر كتابا من الأردية
إلى اللغة العربية، و 11 كتابا من الأردية إلى الإنجليزية، و خمس كتب من الأردية إلى
اللغة الهندية. قام المجمع بنشر و إصدار أكثر من مأة كتاب حتى الآن، و هي متضمنة
من المجلات الفقهية الإسلامية التي تحتوي على البحوث، قدمت في الندوات، و كتب
عديدة مترجمة و بعض كتب الفتاوى، و هناك عشرات من المسودات و البحوث الفقهية
الأردية جاهزة للطباعة.
تحقيق المخطوطات الفقهية
إن المجمع قام بتوسيع دائرة
نشاطاته و ركز جهوده على مجال التحقيق و الدراسة و البحوث الإجتهادية، فأصدر
المجمع بعض الكتب بعد تحقيقها و ترتيبها. و من أهم الكتب هي "صنوان القضاء و
عنوان الإفتاء" للقاضي عمادالدين الأشفورقاني السمرقندي، و "مختارات
النوازل" للعلامة برهان الدين المرغيناني، و "علاقات المسلم مع غيره في
ضوء التاريخ الهندي"، و "قوانين العلاقات الدولية في ضوء اجتهادات
الشيباني و الأوزاعي"، و غيرها. و لتعزيز العلاقات العلمية و تدعيم أسس
التعاون العلمي المشترك في مجال البحث و التحقيق و الدراسة، و تبادل الخبرات و المهارات
و التجارب و المعلومات المفيدة، قام المجمع بتوقيع الإتفاقيات و المعاهدات مع عديد
من المؤسسات و المنظمات و المعاهد العلمية و الفكرية في العالم بما فيها دارالإفتاء
المصرية، بجمهورية مصر العربية، و المجمع العالمي للفتاوى، بجامعة العلوم
الإسلامية، ماليزيا، و أكاديمية الشريعة، الجامعة الإسلامية العالمية، باكستان، و مركز
جمعه الماجد، الإمارات العربية المتحدة، و المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و
الثقافة، المملكة المغربية، و مجلس الشريعة، بريطانيا، و مركز التميز البحثي
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.[21]
إنطباعات العلماء الهنود و العرب عن
المجمع
إن المجمع لا يحتاج إلى اي تعريف
في المجتمع العلمي و خاصة في مجال الفقه الإسلامي على المستوى القومي و العالمي. و
من المعروف أن عددا كبيرا من العلماء البارزين من مختلف أنحاء العالم شاركوا في
الندوات و الورشات الفقهيه المنعقدة في الهند، و قدموا بحوثهم العلمية و الفقهية،
و ناقشوا حول المحاور بكل الجدية. و هكذا قد شرف عدد كبير من كبار العلماء العرب و
كرموا المجمع بقبول عضوية الشرف مؤيدين لجهود المجمع و مشجعين مسيرته العلمية و
الفقهية متعاونين في سبيل العلم و الدين و الدراسة و الإجتهاد. و هناك عدد كبير من
العلماء الذين زاروا هذا المعهد خلال السنوات الماضية من البلدان الأجنبية و خاصة
من العالم العربي و الإسلامي، و أعربوا عن إعجابههم بالمجمع.
"مجمع الفقه الإسلامي في
الهند مؤسسة أكاديمية ذات أهمية بالغة لما تضطلع به من مهام شرعية تهم الوجود
الإسلامي في داخل الهند و خارجها. بالمجمع الفقهي يقوم بالإجابة على تساؤلات
المسلمين الطارئة في الحياة المعاصرة".
(الدكتور طه جابر العلواني،رئيس
المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية)[22]
"وقد تبنى المجمع منهجية
التفكير الجماعي لمناقشة مختلف القضايا و التوصل إلى الحكم الشرعي فيها. و أهداف
المجمع تبين سعيه الحسيس إلى مواكبة العصر، كما أن منهجية المجمع وحدة الأمة
الإسلامية مع اختلاف المذاهب الفقهية و المدارس الفكرية
(أ. د . علي جمعة، مفتي الديار المصرية)[23]
"فإني
أشهد بأن مجمع الفقه الإسلامي بالهند، مشهود له بخدماته الجليلة، وله مرجعية دينية
في الهند في مجال تقديم الحلول الشرعية للمشكلات المستجدة منذ سبعة عشر عاماً
بالتواصل والاستمرار عن طريق استخدام آلية الاجتهاد الجماعي وتعاون علماء الهند
وفقهائها. وهو يقوم بالخدمات العلمية على نطاق واسع، ويلعب دوره الفعال في ميدان
الدراسة والبحث والتحقيق وإعداد الكوادر القيادية وتدريب العلماء الشباب، وله جهد
مشكور في الساحات التي يختص بها".
(الدكتور
خالد عبد الله المذكور، رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال
تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، بدولة الكويت)[24]
"ولا
يفتني في هذه المناسبة الكريمة التاريخية أن أنوه في تقدير واعتراف وإعجاب بتكون
مجمع الفقه الإسلامي (الهند), فكان خطوة مباركة جاءت في أوانها ومكانها، وكان
انتصاراً كبيراً للاتجاه العلمي الفقهي الجادّ البنّاء، فتح آفاقاً جديدة واسعة
مفسرة في مجال تكوين مكتبة فقهية جديدة ومنتديات ناجحة مثمرة، نرجو أن تدوم
وتتواصل بإذن الله".
(الشيخ
السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي، الرئيس الأسبق لهيئة الأحوال الشخصية لمسلمي
الهند، والمدير الأسبق لدارالعلوم ندوة العلماء بلكناؤ)[25]
الخاتمة
لا شك فيه أن الشيخ القاضي كان أكبر فقيه أنجبته
الهند في القرن العشرين، و كانت شخصيته شخصية شاملة و عالمية، وكان متطلعا على
الأحوال العالمية، حيث سافر عددا من البلدان العربية و الإسلامية لكونه الفقيه
الكبير في عصره للمشاركة في المؤتمرات و الندوات الفقهية. و حصل الشيخ القاضي على
إعجاب العلماء و المفكرين و الدعاة بعمقه العلمي و
ذكائه الفريد، و استفاد العلماء الأجانب من خبراته و تبادل الآراء معه في القضايا
العلمية و الدعوية، و لا سيما فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية و تطبيقها. و
هكذا قام العلماء المعاصرون بإعتراف القدرة الفائقة التي كان يمتاز بها الشيخ
القاضي في الفقه الإسلامي و حساسيته الفطرية للقضايا الطارئة في المجتمع الإسلامي
الهندي.
إن كتاباته في الفقه الإسلامي
نالت قبولا واسعا بين أصحاب العلم و المعرفة و خاصة بين الفقهاء و المفتيين الذين
يهتمون بالقضاء الإسلامي و يشتغلون بإصدار الفتاوى في دور القضاء و الإفتاء في
الهند. و هكذا قام مجمع الفقه الإسلامي
الذي هو فريد من نوعه في الهند، بخدمات جليلة في مجال الفقه الإسلامي و خاصة في
حلول المشاكل الناجمة عن التغيرات الإقتصادية
والإجتماعية والسياسية والصناعية، والتطورات الحديثة، وفق الأطر الإسلامية اهتداء
بالكتاب والسنة وآراء الصحابة وأقوال علماء السلف، والبحث عن الحلول لمستجدات
العصر الحديث ولما دعت تغيرات الظروف إلى استيناف البحث والدراسة فيه من القضايا
القديمة في ضوء أصول الفقه الإسلامي عن طريق التحقيق الاجتماعي. و إجراء
الدراسة لمصادر الفقه الإسلامي وقواعده وكلياته والنظريات الفقهية شرحاً وتأويلاً
وتطبيقاً في العصر الراهن.
[1] .
العلامة نور عالم خليل الأميني، الفقيه الهندي الفريد القاضي مجاهد الإسلام
القاسمي ، مجلة الداعي، العدد 3-4، السنة 26، (مايو-يوليو 2002، دارالعلوم ديوبند، ص 55
[2] .
السيد آفتاب عالم الندوي، مولانا قاضي مجاهد الاسلام قاسمي: فقهي أفكار و فقهي
خدمات، دارالعلوم فرقانيه سهسرام، روهتاس، بيهار، 2011، ص28
[3] .
نفس المصدر، ص28-29
[4] .
محمد قطب الدين الندوي، أكبر فقيه إسلامي فقدته الهند، ثقافة الهند، المجلد 53،
العدد 1، المجلس الهندي للعلاقات الثقافية، نيودلهي، 2002، ص 122-123
[5] .
نفس المصدر، ص 125
[6] .
الدكتور محمد أبرارالحق، الدراسات العربية
في و لاية بيهار في القرن العشرين، مؤسسة براؤن بوك للطباعة و النشر، نيو دلهي،
2014، ص 260
[7] .
العلامة نور عالم خليل الأميني، الفقيه الهندي الفريد القاضي مجاهد الإسلام
القاسمي ، مجلة الداعي، العدد 3-4، السنة 26، 2002، دارالعلوم ديوبند، ص63
[8] .
المفتي نسيم أحمد القاسمي، العلامة مجاهد الإسلام القاسمي كقاضي، فكر اسلامي
الفصلية، (عدد ممتاز عن الشيخ مجاهد الإسلام القاسمي)، بستي، اوترا براديش، ابريل
2002، ص 36
[9] .
خالد سيف الله رحماني، بحث و نظر(عدد خاص عن الشيخ القاضي بإسم فقيه العصر حضرت
مولانا قاضي مجاهد الإسلام قاسمي: حيات و خدمات، افكار و آثار)، بيت العلم 2-36،
كوتا بيت، بالابور، حيدرآباد، 2002، ص 701
[10] .
القاضي عماد الدين محمد بن محمد اسماعيل بن محمد الخطيب الأشفورقاني، صنوان القضاء
و عنوان الإفتاء، المجلد الأول، وزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية، دولة الكويت،
2001، ص5-6
[11] .
نفس المصدر، ص 48-49
[12] .
مولانا صفدر زبير الندوي، صنوان القضاء و عنوان الإفتاء: عمل الشيخ القاضي البحثي،
في كتاب مولانا خالد سيف الله رحماني، فقيه العصر حضرت مولانا قاضي مجاهد الإسلام
قاسمي: حيات و خدمات، افكار و آثار (عدد خاص عن القاضي مجاهد القاسمي لمجلة بحث و
نظر)، بيت العلم 2-36، كوتا بيت، بالابور، حيدرآباد، 2002 ص 702-703
[13] . القاضي مجاهد الإسلام
القاسمي، النظام القضائي الإسلامي، الطبعة الأولى، دارالكتب العلمية، بيروت
لبنان، 1999، ص-17
[14] . نفس المصدر، ص-15-16
[15] .
القاضي مجاهد الإسلام القاسمي، اسلامي
عدالت، معهد الدراسات الموضوعية، نيو دلهي، 2016، ظهر الكتاب (الورق الأخير)
[16] .
نفس المصدر
[17] . قرارات و توصيات، مجمع الفقه الإسلامي الهند،
161_ايف جوغا بائي، ص. ب: 9746، جامعه نغر، نيودلهي، 2014، ص7
[18] .
أبو الخسين آل غازي، فقثه الهند مجاهد
الإسلام القاسمي، (المقالة موجودة على
الإنترنيت)
[19] . مجمع الفقه الإسلامي الهند: تعريفه و
أهدافه و أنشطته، 161_ايف جوغا بائي، ص. ب: 9746، جامعه نغر، نيودلهي، 2014،
ص13-15
[20] . نفس المصدر، ص66
[21] .
نفس المصدر، ص117-118
[22] . مجمع الفقه الإسلامي الهند: تعريفه و أهدافه و
أنشطته، 161_ايف جوغا بائي، ص. ب: 9746، جامعه نغر، نيودلهي، 2014، ص140
[23] .
نفس المصدر، ص 137
[24].
نفس المصدر
0 تعليقات
أكتُبْ تعليقا