ادعمنا بالإعجاب

مساهمات علماء كيرالا في مدح النبي ﷺ

مجلة ملبار مجلة عربية سنوية تصدر عن قسم اللغة العربية في كلية السيد بوكويا التذكارية الحكومية، بيرنتالمنا كيرالا، الهند: 679322 البريد الإلكتروني: majallamalabar@gmail.com

 بقلم: شهاب الدين يَدَوَنَّبَّارَا

ملخص البحث
إن المدائح النبوية مجال برع فيها علماء كيرالا وكانت هذه المدائح مكتوبة في مولد النبي ﷺ ومناقب الشهداء والصلحاء، مختلطة بالنظم والنثر. وقصائد شعراء كيرالا فى مدح النبي ﷺ تعادل أشعار العرب الخلص في جودة النظم والسبك وتفنن المعاني وعذوبة الألفاظ وحلاوتها، وكذا في تخلّق معانيَ مبتكرة وإمالة القلوب إلى خيالات رائعة وتصورات فائقة. وذلك أن علماء كيرالا كلَّهم من أهل السنة، فمحبة النبي ﷺ وعشقه ممزوجة في عروقهم ودمائهم، واعتقدوا أن محبة النبي ومدحَه ﷺ من أعظم القربات والوسائل إلى لقائه وشفاعته في دار الآخرة. وكتبوا فيها عديدًا من القصائد وحفظوها وأنشدوها في الأعياد والمناسبات والمجالس الدينية. وهناك كثير من الشعراء الذين مدحوا النبي ﷺ في أشعارهم مثل الشيخ فخر الدين القاضي أبى بكر بن رمضان الشالياتي المتوفي سنة 885هـ  والشيخ عبد القادر بن يوسف الفضفري المتوفى سنة 1374 هـ والقاضي أبو بكر كنجي بن القاضي محي الدين الكاليكوتي المتوفي سنة 1301 هـ  وأبو الرحمة محمد بن محي الدين الفيئ المتوفي سنة 1363هـ وعبد الرحمن بن محمد الكنياتي المتوفي سنة 1380هـ، والقاضي أبو بكر كنجي بن القاضي محي الدين الكاليكوتي المتوفي سنة 1273هـ. ومن أعظم شعراء كيرالا وأجلهم عمر القاضي البلينكوتي المتوفى سنة 1852م الذي ألف "صلى الإله" واسمها " القصيدة العمرية فى المدائح النبوية". وله أيضًا مساهمات عديدة في مدح النبي مثل قصيدة "لاح الهلال" وقصيدة " الّف العاصي" وقصيدة نظمت بالحروف المعجمة وقصيدة نظمت بالحروف المهملة. وله قصائد أخرى في موضوعات مختلفة مثل الرثاء والمدح والثناء وغيرها. ويستحق شعراء المدائح النبوية بكيرالا أهمية بالغة من بين الدراسات الأكادمية ولكن من سوء الحظ أنه لم ينالوا مكانة جديرة بهم في مستوى الدراسات. فمن الواجب دراسة تحليلية عن المدائح النبوية لشعراء كيرالا وهذه الورقة تقدم دراسة عامة عن الشعراء ومساهماتهم في مدح النبي ﷺمع ذكر القصائد المألفة.
مقدمة
إن مدح النبي محمد ومحبته وتعظيمه جزء من الإيمان وعمل من الأعمال الواجبة على كل مسلم. وذلك لقوله سبحانه وتعالى: "إنّ الله وملئِكته يصلّون على النبي يأيّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما". ولذا بذل الأئمة والعلماء سعيهم القيم في تصنيف عدة كتب في مدح النبي نظمًا ونثرًا. كان العلماء يعدّون قرض الشعر وإنشاده جليلة لسعادة الدارين؛ لأن المدائح النبوية من الفنون الشعرية التي أذاعها التصوف، وهي لون من ألوان التعبير عن العواطف الدّينية وباب من الأدب الرّفيع.
وقد ألف علماء كيرلا في مدح النبي قصائد جميلة خلابة وإنتاجات أدبية رائعة تنشئ في قلوب القارئين عشق الرسول النقي والمحبة الصافية. وقصائد علماء كيرالا في مدح النبي تعادل أشعار العرب في حسنها وبراعتها؛ لأنهم كانوا من أهل السنة، فمحبة النبي وعشقه ممزوجة بدمائهم وعروقهم واعتقدوا محبة النبي ومدحه وقرض الأشعار في مدحه وسيلة إلى نجاة الدارين. ولذا برع علماء كيرالا في هذا المجال حتى ذاع صيتهم في البلاد العربية والعجمية.
ومن العادة الكريمة لأهل كيرالا أنهم يحفظون القصائد وينشدونها في الأعياد والمناسبات والمجالس خاصة في شهر ربيع الأول. وهنا كثير من الشعراء الذين مدحوا النبي محمدًا في أشعارهم ومن أقدمهم الشيخ فخر الدين القاضي أبو بكر بن رمضان الشالياتي المتوفي سنة 885هـ، إنه قرض سنة 875هـ، قصيدة مخمسة لقصيدة البردة للإمام البوصيري رحمه الله المتوفي سنة 704هـ  باسم "الوردة الذكية في تخميس قصيدة البردة". وبعده ألف قصائد كثيرة جميلة رائعة التي تلقاها الناس في مشارق الأرض ومغاربها بالقبول والإجلال.
وهناك كثير من القصائد مثل "سمرالسرى في مدح خير الورى" للشيخ عبد القادر بن يوسف الفضفري، و"الهمزية النبوية" و"التشوف إلى زيارة الروضة المشرفة" للقاضي أبي بكر محي الدين الكاليكوتي، و"الرسول الأمين" و"المسك المعطر في مدح الرسول المطهر" لأبي الرحمة محمد بن محي الدين الفيئي، و"المخمسة لقصيدة للسيوطي" لعبد الرحمن بن محمد الكنياتي، و"قصيدة المناجاة" للقاضي أبي بكر كنجي بن القاضي محي الدين الكاليكوتي.
ومن أشهر المدائح النبوية لأهل كيرالا قصيدة "صلى الإله" للقاضي عمر البلنكوتي المتوفى سنة 1273 هـ واسمها " القصيدة العمرية فى المدائح النبوية" . وهي تحتوي على 24 مخمسات رائعة أنشدها عند باب الروضة المشرفة حينما رآه مغلقا، وهذه القصيدة فاضت من قلبه الحزين ومن حبه الجياش للقاء حبيبه المصطفى . وله أيضًا قصائد أخرى في مدح النبي مثل قصيدة "لاح الهلال" وقصيدة "الّف العاصي" وقصيدة نظمت بالحروف المعجمة وقصيدة نظمت بالحروف المهملة.

القاضي الشيخ فخر الدين أبو بكر بن رمضان الشالياتي 
إن القاضي أبو بكر الشالياتي هو أول شاعر معروف وصلت إلينا أشعاره. ولد في شاليم (chaliyam) سنة 834هـ / 1429م، وكان من نسل حبيب بن مالك رحمه الله. وبعد التعلم الابتدائي من أبيه القاضي رمضان بن موسى، سافر إلى الحجاز للنبوع في المعارف الدينية والمعلومات اللغوية وقرأ على العلامة جلال الدين المحلي المتوفي سنة 864هـ/1459م وغيره. وبعدما رجع منها ألقى درسه في الجامع الكبير بكاليكوت المعروف بجامع كوتيشيرا وإليه تنسب السلسلة الفخرية في مناهج دروس المساجد. وكان قاضيًا وعالمًا كبيرًا وخطيبًا مصقعًا، وشاعرًا مجيدًا. إن أول منظومة عرفت لأهل كيرالا هي “الوردة الذكية في تخميس قصيدة البردة” للإمام البوصيري، وله أيضًا “راحة الفؤاد في تخميس بانت سعاد” لكعب بن زهير. وتوفي الشالياتي سنة 885هـ / 1480م [1].
الوردة الذكية في تخميس قصيدة البردة
وهذه كما يدل عليه اسمها مخمسة لقصيدة البردة للإمام البوصيري رحمه الله المتوفي سنة 704هـ/1295م. أشعارها رائقة وفائقة إلى مستوى قصيدة البردة والمخمسات من أشق الأشعار قرضًا وتركيبًا؛ لأن الشاعر فيها مقيد بالقيود الملائمة بالمعاني والأسلوب والقافية للأبيات الأصلية، ولكنه لا يرى في تخميس البرة للشالياتي أيّ شيئ من التصنّع والتكلف. وقرض هذه المخمسة سنة 875هـ/1470م. 
ومن قصيدته:
رفقا بنفسك يا من بات ذا ألـم


كم ذا التأوه في بحلولك الظلم

ما لي أرى حمرة في الخد كالعنم


أمن تذكر جيران بذي سلم

مزجت دمعًا جرى من مقلة بدم

الله أكبر ما أحلى شمائله


بالحلم حمله بالعلم كمله

من ذا الذي في الورى يحصي فضائله


فإن فضل رسول الله ليس له

حد فيعرب عنه ناطق بفم[2]

                
القاضي أبوبكر بن محي الدين الكالكوتي
ولد القاضي أبوبكر في أسرة قضاة الكالكوت وحصل على التعلم الابتدائي من أبيه محي الدين بن علي وأخيه محمد بن محي الدين. ثم قرأ على الشيخ زين الدين المعبري والشيخ عمر بن علي لبا القايلي. وكان ذكيًا وماهرًا ومن أجل هذا كان الملك السامري بكاليلوت يستشير إليه في بعض الأمور السياسية. وله أشعار كثيرة ومن أشهرها "الهمزية النبوية" و"التشوق إلى زيارة الروضة المشرفة" و"معارج السالك إلى مالك الملوك والممالك" و"قصيدة في وداع رمضان" ومرثية على أبيه القاضي محي الدين" و"مرثية على أستاذه عبد القادر بن عمر لبا القايلي" و"مرثية على أخيه محمد بن محي الدين" و"رسالة إلى أحمد دحلان" و"رسالة إلى أستاذه عبد القادر" وغيرها.[3]
الهمزية النبوية
وهذه القصيدة تحتوي على 58 بيتًا على ترتيب الحروف الهجائية وسمي هذه القصيدة الهمزة النبوية؛ لأن قافيتها الهمزة وكل بيت يوافق بالحروف الهجائية في بداية الصدر والعجز ونهاية الصدر. وبهذا الاعتبار ينظر الشاعر إلى المحسنات اللفظية ولكنه قد اعتني بوفور المعاني التامة. والشاعر يمدح النبي بأبدع الأوصاف الرائعة ويمثله خير تمثيل.
يبتدأ القصيدة بالحمد والصلاة ويقول:
أزكى الثناء لمن أنبا بإسراء


أسرى بعبد ليلا كل سراء

باهى به الرسل والأملاك بالطرب


باهى المحيا فمنه كل أبهـــــاء

باهى النهار بشمس حار ذا عجب


بدر وعرش وكرس كل لمعاء

التشوف إلى زيارة الروضة المشرفة: 
وهذه قصيدة في إظهار تشوق الشاعر إلى زيارة روضة المشرفة وحبه لرسول الله . تحتوي هذه القصيدة على 41 بيتا. وفي هذه القصيدة يفتح الشاعر قلبه ويبدي ما فيه من غرامته و شوقه في رؤيتها ويبدعها بأحسن الأساليب والخيالات الجميلة الرائعة. ويرسل الشاعر تحيته وسلامه إلى النبي بأيدي ريح الصبا.
ويقول:
بمسك المحبة طيبتها


بكافور شوق عليها نثر

وعطور منقوقها بالشجا


ومفتاحها ذكر خير البشر

ناديت ريح الصباعندما


هبت بهيحان عزم السفر

أبو الرحمة محمد بن محي الدين الفيئي
ولد أبو الرحمة محمد الفيئي في قرية نليكوت (Nellikuth) القريبة من منجيري سنة 1322هـ / 1901م. وجده الثالث إسماعيل ممن استوطن في مليبار من البلاد العربية. والتحق بالدروس المساجدية وبالكلية الجمالية وتعلم في الباقيات الصالحات بويلور وحصل الشهادة "الباقوي" ثم عمل مدرسًا في جامعات مختلفة في ولاية كيرالا. وكان قديرًا باللغة العربية وماهرًا في العلوم المختلفة، وله مؤلفات كثيرة وخدمات شعرية ذات قيمة وتقدير. وخاض هذا الميدان في باكورة القرن العشرين. كان قادرًا على تكلم اللغات المختلفة خاصة الألسن الهندية المتعددۃ والأجنبية وكان يراسل كثيرًا من أصدقائه في الشعر، ولكن  معظم مؤلفاته لا تزال مخطوطة. وكان الفيئي يتعمق إلى بواطن الأمور فيخرج لبها إلى الناس ويبديها في أشعاره  تتميز بالعروبة الكاملة، ولا يطيل الكلام بالمدح والثناء، وإنما يكتفي بالإشارات والرموز إلى الوقائع والحوادث. وهو أول من قام بالنهضة الحديثة في القرن الحاضر في الشعر العربي في كيرالا. وله أشعار في الوجدانيات والرسائل والتهاني والمدائح، ومراسلاته من أحسن المراسلات الشعرية، وهي مقطعات شعرية نبعت من عروبة أصلية، ومراثيه من أبدع المراثي العربية. من أشهرها "الرسول الأمين" و"المسك المعطر في مدح الرسول المطهر". وتوفي الفيئي سنة 1363هـ / 1942م وهو ابن واحد وأربعين.[4]
الرسول الأمين
وهذه قصيدة يمدح فيها الشاعر النبي الأمين محمد وتحتوي هذه القصيدة على 25 بيتاً. يصف الشاعر الحالة السيئة التي كانت في الجزيرة العربيية. فولادته ونجاة للأمة البشرية وصارت العرب الذين كانوا في نزاع دائم أصدقاء مخلصين رحماء بينهم. ويصف الشاعر النبي بأوصاف نبيلة ومن أغلاها قيمة العفو والجود اللذين ليس لهما مثال في أحد غيره.
يبدأ القصيدة قائلا:
صلاة الله رب العالمينـــــا


على خير الخلائق أجمعينا

به ضاء الوجود وكان قبلا


ظلاما خالصا للناظرينــا

ومنها شركهم بالله خلقــــا


ووأد للبنات مجاهرينــا

فكم وأدوا بنات باكيــــات


وما رقت قلوب الوالدينا

ويقول:
وكان الكون يخلو من أناس


فأرسل ربهم نورا مبينا

إلى أن ضاء ما عجزت شموس


وأقمار أضاءته سنينا

المسك المعطر في مدح الرسول المطهر
وهذا مولد في مدح النبي وكتبت أحاديث وقصائد كلها بالحروف المهملة. وهذا يدل على مقدرة الفيئي في اللغة العربية وذكائه. وفيه ثلاث قصائد في مدح النبي، فأما القصيدة الأولى في مدح النبي في وجود المسرة عند ولادته، والقصيدة الثانية تصف الإسراء والمعراج، وفي القصيدة الثالثة يقول عن بعض شمائله. وإن كان الشاعر يعتني بالحروف المهملة فهو اعتنى معها المعاني العزيرة أيضًا.
يقول الشاعر في القصيدة الأولى:
مرواح روح الله روح دائما


لروح رسول الله والمسك عاطر

ألا وهو هاد للعوالم أصلهم


ولولاه ما لاح الهلال ودائر

لمولده صار السماء ملمعا


له والأملاك للأم سامروا

يقول الشاعر في القصيدة الثانية:
مولاه أسراه مسرورا لما حصلا


له العلو السماء وهو مسدول

أراه مولاه كلا وهو مكرمة


أعطاه كلا مراح وهو مسأول

يقول الشاعر في القصيدة الثالثة:
ود الممالك والولائد كلهم


ولسائل ما رد إلا أمددا

آه لهم ما أسلموا لرسولهم


حسًدا له مع علمهم محمدا
الشيخ عبد القادر بن يوسف الفضفري
ولد الشيخ عبد القادر الفضفري في قرية فضفرم سنة 1313ه/1995م. و بعد ما حصل التعلم الابتدائي التحق بالباقيات الصالحات بويلور وتعلم هناك سنتين ثم التحق بالمدرسة القاسمية بتنجافور في بلاد تملناد وعمل بها مدة ثلاث سنوات. وله ديوان باسم "جواهر الأشعار" وقد جمع فيه أشعاره وأشعار معاصريه.[5]
سمر السرى في مدح خير الورى
وهذه مخمسة كتبها الشاعر لقصيدة أخري وقد أضافها إلى دوانه "جواهر الأشعار".  واعتنى أن يكون أول كلمة كل بيت منها صدرا وعجزا اسم محمد ﷺ. وقرضه في سنة 134هـ/1928م.[6]
ويقول الشاعر:
محمد أفضل المخلوق ذو العصم


محمد صاحب القرآن والحكم

محمد قاسم الأموال والنعم


محمد أشرف الأعراب والعجم

محمد صادق الأفعال والكلم
محمد راحة الدنيا و ضرتها


محمد أمة أهدى لنهجتها

محمد عروة وثقى وحجتها


محمد زينة الدنيا وبهجتها

محمد كاشف الغمات والظلم
عبد الرحمن بن محمد الكنياتي
ولد عبد الرحمن الكنياتي بقرية كنيات قريية من كتيكاتور بكاليكوت سنة 1320ه/1900م. وبعد الدراسات الابتدائية وحفظ القرآن، التحق بدروس المساجد ومعظم دروسه في المسجد بترورنغادي ثم التحق بالمدرسة اللطيفية بويلور. وله قصائد كثيرة، ومن أشهرها "مخمسة لقصيدة للسيوطي"، و"القصيدة الهمزية في أصول خير البرية" و"القصيدة الرحمانية في الواقعة الفرقانية". وتوفي الكنياتي 26 شعبان سنة 1380هـ.[7]
مخمسة لقصيدة للسيوطي
وهذه كما يدل عليه اسمها مخمسة لقصيدة البردة للإمام البوصيري رحمه الله المتوفي سنة 704ه/1295م تحتوي على 28 مخمسة. والمخمسات من أحسن الأساليب اجتذابا للسامعين ولذا كتب كثيرًا من الشعراء الكيراليين في تلك الأسلوب من القاضي أبي بكر بن رمضان الشالياتي إلى عصرنا هذا.
القاضي أبو بكر كنجي بن القاضي محي الدين الكاليكوتي (تامارا شيري)
ولد أبوبكر محي الدين بقرية واواد القريبة من تامرشيري بمقاطعة كاليكوت. وبعد ما حصل التعليم الابتدائي التحق بدروس المساجد ثم التحق بدار العلوم وازكاد. كان شاعرًا كبيرًا، وله قدرة فائقة  في اللغة العربية، ونظم بعض الأبيات. ومن أشهر قصائده "قصيدة المناجاة".
قصيدة المناجاة
وله قصيدة في مدح النبي محمد ينتهي كل بيتين منها بالصلاة على النبي . وكتبها الشاعر موازنة للقصيدة العمرية ورغم أنها مخمسة وهذا مربعة.
يمدح الشاعر النبي بأوصاف جميلة قائلا:
لولاك لم توجد الأفلاك من عدم


كنا عن الحق محجوبا بلا علم

أنت السراج المنير شافع الأمم


صلى عليك وسلم يا رسول الله ﷻ

القاضي عمر بن علي البلنكوتي (1179هـ / 1757م – 1273هـ/ 1852م)
ولم يشهد ولاية كيرالا شاعرًا كبيرًا مثله. ولد القاضي عمر في بلينكوت القريبة من فناني. وبعد ما حصل التعليم الابتدائي، قرأ على الشيخ ممي كوتي مسليار. كان رجلاً تقيًا ومتمكنًا من اللغة العربية وشاعرًا ممتازًا وعالمًا بارعًا في العلوم المختلفة مثل علم الأفلاك وعلم الهيئة. كان يراسل أصدقاءه في الشعر العربي، وله تأليفات عديدة في الفقه والتصوف والحكم ومدح الرسول، وقام بمظاهرات عنيفة ضد الاحتلال البريطاني وحرض الناس على منع الضرائب للحكومة البريطانية. وله منظومات مشهورة، منها منظومة مقاصد النكاح في بيان أحكام النكاح ومسائله، وقصيدة نفائس الدرر، وقصيدة في بيان سور القرآن، وقصيدة في نحس الأيام، ومن قصائده في مدح الرسول "صلى الإله", "عم البشرى", "لاح  الهلال", "نبي نجي".[8]
صلى الإله
تعرف هذه القصيدة أيضا باسم "القصيدة العمرية في المدح النبوية". وتحتوى على 34  مخمسات رائعة، أنشدها عند باب روضة النبي المشرفة حينما رآه مغلقا، والحراس منعوه من فتحه حسب القوانين الرسمية، وهذه القصيدة فاضت من قلبه الحزين ومن حبه الجياش للقاء حبيبه المصطفى والدموع يسيل من عينيه. لما فرغ من إنشاده، فتح له أبواب الروضة. يبتدأ الشاعر القصيدة بالصلاة والسلام المتضمنة أوصاف النبي وبعده يظهر الشاعر قصده من أنه جاء راجيًا زيارة النبي وقلبه مشغوف إلى زيارتها. وينتهي كل بيتين منها بالصلاة على النبي ﷺ. وقصيدته العمرية في مدح الرسول شهيرة جدا، ومطبوعة في كيرالا وفي مصر وغيرها.
ويقول الشاعر:
يا أكرم الكرما على أعتابكــــــم


عمر الفقير المرتجى لجنابكم

يرجو العطاء على البكاء ببابكم


والدمع من عينيه سال سجيما

صلوا عليه وسلّموا تسليما
لا من كريم مثلكم للمرتجى


فيمن مضى قبل ولا فيمن يجئ

وأنا اللهيف فكربة لي فرج


حيران من ذنبي أسفت كظيمــا

صلوا عليه وسلموا تسليما
ما جف دمع سال من عينين


لكنه يجري على خديــــــــــــن


من حب قلبي سيد الكونيـن


حيا وميتا في التراب رميمــــا


صلوا عليه وسلموا تسليما[9]



قصيدة "لمّا ظهر"
وهذه قصيدة في مدح النبي رائعة ومركبة من المحسنات اللفظية والمعنوية تحتوي على 34 بيتاً. ويقول فيها الشاعر بعد ذكر حالة ولادته يمدح النبي كثيرا ويشير إلى بعض الواقعات التي تدل على معجزته.
ويقول الشاعر:
لما ظهر عم البشري
ضاء البصري كسرى انكسرا

فاضت ساوة غاض سماوة
أهل عداوة نادوا حذرا

زان الجنة صاح الجنة
جاء المنة تترى تترى

سيد عدنان ماحي الأديان
كل الأكوان منه افتخرى



ألف العاصي
وهذه قصيدة بديعة أسلوبا. اعتني الشاعر فيها الألفاظ الملائمة للاستماع كالموسقي الجميل كانها أجتدب الناس اليها. وهي مرتبة وفق الحروف الهجائية يتفقها في بداية الصدر والعجز. وهذه القصيدة يتغنون في الحفلات الإجتماعية في كيرالا خاصة في الشهر الربيع الأول.
ويقول الشاعر:
ألف العاصي الذي في الكبر والآصال صال


انظما في مدح من هو في ذي المعال عال

لاح الهلال
وهذة قصيدة في مدح النبي نظمت بالحروف المهملة وهي تدل علي قدرة الشاعر في اللغة. وتحتوى على 25 بيتا.
يقول الشاعر:
لاح الهلال هلال لامع العلم
لله داع رسول الله للامم

الحاكم العادل الصدر المعدله
كل المكارم سمع واسع الكرم

مدعوّ كل هو المأمول موعده
حال كلاما وصول واصل الرحم

محمد أحمد مكرّم علم
مؤمل كامل مسدّ د الكلم





نبي نجي
وهذه قصيدة في مدح النبي نظمت بالحروف المعجمة.
يقول الشاعر:
نبي نجي فيض غيض بذي شجا
شفيق ينجي ضيق ضيق يفتق

جنيت ففي ذنبي تقضت شيبتي
قني خيفتي في ضجة بي تضيق
اسمه ابو محمد عبد الرحمن بن احمد بن محمد المعروف بعبد الرحمن المسليار الأريكلي. ولد يوم الثالث عشر من يوليو سنة 1938م في أريكل. لقي الأستاذ العلوم الإبتدائية من أبيه الشيخ أحمد مسليار ثم التحق بدروس المساجد. ثم التحق بكلية دار العلوم العربية بوازاكاد. قد قرض الأستاذ أشعارا عديدا منذ صغره ومن أشهرها "الدر المنظم في مناقب غوث الأعظم" و"الشمائل المحمدية" و "نظم قرة العين لفتح المعين". توفي أستاذ يوم السبت الثامن عشر من ستمبر 2005م.[10]  
هذه قصيدة طويلة من بحر "الطويل" تحتوي على ذكر هجرة النبي من مكة المكرمة الى المدينة المنورة كما انها تشتمل بيان أحوال النبي مع قومه خلال اقامته بمكة المكرمة بعد ما أكرمه الله سبحانه وتعالى بالنبوة وامره بالصدع للدعوة إلى الإسلام. وتحتوي هذه القصيدة ايضا في مدح النبي بصفاته الجميلة.
يبتدأ الشاعر قصيدته بالحمد والصلاة والدعاء ويقول بعده:
لك الحمد يا رحمان ابلغ محمد
ولاء على افضالك التجدد

صلاتك والتسليم منك بلا انقضا
على المصطفى خير البرية أحمد





مولد النبي
وقد قرض هذا المولد الأستاذ محي الدين بن كنّي محي الدين. ولد في بيت "ترورا" (Taruwara)  في قرية "نديروبّْ" (Nediyirupp) من ضلغ ملابرم سنة 1249هـ. وحصل تعليم الابتدائي من الأستاذ زين الدين مسليار ترورنغادي (Tirurangadi) وبَاوَا مسليار فنّاني (Ponnani). وكان قاضيًا في نديروبّْ. وتوفي سنة 1320هـ. وله قصائد عديدة ومن أشهرها "أشرف الأنام في مدح خير الأنام"، "سر الأسرار في مدح النبي"، "مناقب غوث الأعظم عبد القادر جيلاني"، ومناقب سيد علوي منفرمي".
و"مولد النبي" من قصائد غير مطبوعة وقد وجد نسخته المخطوطة عند ابنه د. محمد بن محي الدين. يبتدأ القصيد بحمد الله الذي أكرم جميع الخلائق بإرسال النبي ويذكر أن نور النبي كان مخلوقا قبل كل الخلائق. يصف الشاعر النبي صلى الله عليه وسلم بأوصاف عالية بذكر معجزاته المتعلقة بولادته و يمدح شخصيته وأخلاقه بلغة فصيح بالغ[11].
مواليد المهملات والمعجمات
هذه ديوان يتضمن أربع قصائد عن النبي ومقرضه أيضًا الأستاذ محي الدين كنّي محي الدين. وهذه أيضًا غير مطبوعة ونسخته المخطوطة موجودة عند ابنه د. محمد بن محي الدين. أسلوب هذه القصائد مختلف جدًا، وهي تتضمن من نظم ونثر بأحرف المعجمة والمهملة. وفيها قصائد بحروف مهلمة ومعجمة وكذلك النثر فيها يوجد بالحروف المهملة والمعجمة[12].
مولد النعمة مختصر مولد الرحمة
قرض هذا المولد محمد بن حسن المعروف "بمحمد حاجي أركّل" المتوفي سنة 1393هـ. وله قصائد كثيرة، ومن أشهرها "منظومة فرائد منهاج المحلي"، "الإملاء في مصالح ردِّ أولي الأرحام". وقد طبع "مولد النعمة" من مكتب محكي الغرائب في فنّاني[13]. ويتبين أنه مختصر للمولد الرحمة ولكن هذا المولد لم يوجد في نظر الباحث.
منقول من مدح الرسول
وهذا كتاب في مولد النبي ألفه الأستاذ محمد كي. تي. مانو مسليار والذي كان أمين العام للجنة التعليم الإسلامي لعموم كيرلا. وكان عالمًا نحريرًا فائقا بعبقريته. ولد في قرية كرواراكوند من ضلغ ملابرم سنة 1349هـ. وحصل على التعليم من مدرسة حكومية في قريته، ومن جامع كرواراكوند ثم التحق بكلية الباقيات الصالحات بويلور في تاملناد. وكان رئيسًا لنشاطات متنوعة في المجالات العلمية والدعوية والتربوية في ولاية كيرلا وخارجها. وتوفي الأستاذ سنة 2009 م
وهذا مولد في مدح النبي يتضمن على عشرة أحاديث[14] وعشر قصائد حول الحوادث والوقائع المتعلقة بالنبي معتمدا على الآيات القرآنية وصحاح الأحاديث النبوية.
يقول الشاعر:
فكل يصلون على خاتم الرّسل


وصلّوا عليه سلموا مع نزاهة

صلاة من الله العظيم سلامة


على أحمد المختار ختم النبوة[15]


خاتمة
هذه دراسة مختصرة حول مساهمات علماء كيرالا في مدح النبي . وقد ألف علماء كيرالا في مدح النبي عديدا من قصائد جميلة خلابة تنشئ في قلوب القارئين عشق الرسول النقي والمحبة الصافية. وهذه القصائد تعادل أشعار العرب في حسنها وبراعتها. ولم يخل شعراء كيرلا في مدح النبي منذ بدئها إلى يومنا هذا. نظروا في كل واد يمكن منها أن يبالغ في المدح والثناء. وقد مدحوا النبي والخلفاء وساداتهم وزعماءهم في الدين والسياسة، ولكن كان جل اهتمامهم في مدح الرسول لأنهم كانوا كلَّهم من أهل السنة فتعظيم النبي ومحبته وعشقه ممزوجة في عروقهم ودمائهم، واعتقدوا أن محبة النبي ومدحَه ﷺ من أعظم القربات والوسائل إلى لقائه وشفاعته في دار الآخرة. وكتبوا فيها كثيرا من القصائد وحفظوها وأنشدوها في الأعياد والمناسبات والمجالس الدينية. وإن زين الدين المخدوم وأبياته الشعرية في مدح النبي المعروف باسم "منقوص" لا تزال متداولة في أشفاه عامة الناس هنا وجعلوها وردًا ليومهم وفضلا في مجالسهم وذكروا في محاسنهم ودورًا في تعاليمهم خاصة في شهر ربيع الأول.   وفي الجملة، هناك كثير من الشعراء الذين مدحوا النبي ﷺ في أشعارهم لا يسع هذه المقالة حصر كلها، وهذه نبدة من مساهماتهم في هذا المجال.
مراجع
·         الدكتور الشيخ محمد ك. (2012). اللغة العربية في كيرالا. كاليكوت: يديومارت.
·         القاضي عمر البلينكوتي. (1947). القصيدة العمرية في مدح خير البرية. مصر: شركة مكتة ومطبعة مصطفي الناتي الحلبني وأولاده.
·         ويران محي الدين ك وي. الشعر العربي في كيرالا- مبدأه وتطوره. رسالة دكتوراه غير منشورة.
  • الشيخ عبد الرحمن محمد أحمد الأريكلي المليباري.(2013). الجوهر المنظم في سيرة النبي المكرم. بيروت : دار الفكر.
  • الأستاذ كي. تي. مانو مسليار.(2008). منقول من مدح الرسول . تشيلاري: مكتب النشر المعلم.
Dr. C.K. Kareem (Cheif Editor). (1991). Kerala Muslim History, Statistics and Directory (Malayalam). Edappally: Charithram Publications.
Muhammad Saddam Chaliyam. (2013). Chaliyathinte Charithra Chalanangal (Malayalam). Chemmad: Majlis Offset Printers.
Prof. K.M. Mohamed. (2005). Arabi Sahithyathinu Keralathinte Sambhavanakal (Malayalaym). Tirurangadi: Ashrafi Book Centre & Tirurangadi Printers.
UmerKhazi (Biography) (Malayalam). (1993). Veliyankode: Veliyankode Mahallu Juma-ath Committee.




Muhammad Saddam Chaliyam, Chaliyathinte Charithra Chalanangal, (Chemmad: Majlis Offset [1] Printers, 2013),  P: 29.
[2] - سالدكتور ويران محي الدين الفاروقي, الشعر العربي في كيرلا- مبدأه وتطوره, "، (رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة كاليكوت، كاليكوت، 2003)، ص: 77-78.
[3] - الدكتور الشيخ محمد ك, اللغة العربية في كيرلا, (كاليكوت: يدمارد,2012), ص:77.
[4] - الدكتور الشيخ محمد ك, اللغة العربية في كيرلا, ص:91.

[5] -Dr. C.K. Kareem(Cheif Editor),  Kerala Muslim History, Statistics and Directory (Malayalam), (Edappally: Charithram Publications, 1991), Vol: 3, P:282.
[6] - K.M. Mohamed, Arabi Sahithyathinte Keralathinte Sambavanakal, (Tirurangadi: Ashrafi Book Centre& Tirurangadi Printers, 2005), P: 160.
[7] - الدكتور الشيخ محمد ك, اللغة العربية في كيرلا, ص:94.

[8] - Umerkhazi (Biography), (Veliyankode:Mahallu Juma-ath Committee, 1993) P:223-250.
[9] - القاضي عمر البلينكوتي, القصيدة العمرية في مدح خير البرية, (مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفي الناتي الحلنبي واولاده, 1947), ص: 1-5.
[10] - الشيخ عبد الرحمن محمد أحمد الأريكلي المليباري, الجوهر المنظم في سيرة النبي المكرم, (بيروت: دار الفكر, 2013), ص:83-90.
[11] - K.M. Mohamed, Arabi Sahithyathinte Keralathinte Sambavanakal, P: 104.
[12] -Ibid, P: 105.
[13] -Ibid, P: 107.
[14]  أحاديث: المراد هنا، سرد مناقب النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخه في النثر وهي تأتي بين القصائد في المولد.
[15] - الأستاذ كي. تي. مانو مسليار, منقول من مدح الرسول ﷺ, (تشيلاري: مكتب النشر المعلم. 2008), ص:

مواضيع ذات صلة
أدب كيرالا, الأدب العربي الهندي, تراث الهند،, دراسات, كيرالا,

إرسال تعليق

0 تعليقات