ادعمنا بالإعجاب

القرآن الكريم وتفاسيره : مصدرا أوّلا للأدب الإسلامي

ضياء الدين الوافي
القرآن الكريم والحديث النبوي هما المصدران الرئيسيان للأدب الإسلامي، لأنهما يؤسسان للإسلام فكره وروحه ومنهجه، إذ الإسلام هو كل ما وصل إلينا عن طريق القرآن الكريم والحديث النبوي. والقرآن هو دستور الإسلام، والحديث هو بيان هذا الدستور وشرحه. ولا وجود للإسلام ـ لا لعقائده ولا لأوامره ونواهيه ـ بدونهما[1].

والمصدر الثالث للأدب الإسلامي ـ بعد القرآن والحديث ـ هو كل ما وصل إلينا من الأدب موافقا للقرآن والحديث أو على الأقلّ لا يكون معارضا لهما، شعرا كان أو نثرا، ومن أيّ عصر من العصور الأدبية يتعلق بهذا الأدب. فنجد الأدب الإسلامي في كثير من الشعر العربي منذ فجر الدعوة وحتى يومنا هذا، وفي النثر أيضا. ففي كتابات الوعاظ وقصصهم، وفي السير الشعبية، وطرائف الجاحظ، وتصانيف الصالحين وغيرهم، نرى الالتزام والارتباط بقيم الإسلام الخالدة[2].
إن الأدب الإسلامي متّسع جدا، ولا يقتصر على الأدب العربي فقط، لما يدخل فيه آداب اللغات الأخرى غير العربية، بشرط أن تكون ملتزمة بقيم الإسلام، ولا تكون متعارضة معها. لذا عدّ الأديب نجيب الكيلاني الأدب العربي جزءا من الأدب الإسلامي[3]، وأدخل في نطاق الأدب الإسلامي آداب اللغات الأخرى، مثل الفارسية والأردية والتركية والإنجليزية والفرنسية وغيرها[4].
فيتّضح مما تقدّم أهمية القرآن الكريم والحديث النبوي في الأدب العربي عامة وفي الأدب الإسلامي خاصة، لا لأنهما من أدب لا يقلَّد، بل لأنهما مقياس دخول أي أدب في نطاق الأدب الإسلامي وخروجه.
القرآن الكريم وتفاسيره:
القرآن كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة الوحي، والمنقول إلينا بالتواتر، والمتعبد بتلاوته، والمجموع بين دفتي المصحف بدون زيادة أو نقص أو تحريف أو تبديل.
أنزل الله القرآن هدًى وبشرى، وموعظة وذكرى، ودعوة إلى خيري الدنيا والآخرة، فتضمن أصول دين الله الحنيف، الذي جاء ليرسم للناس نظام حياتهم، وليقيم العلاقات بينهم على أساس من الحق والواجب والإخاء والصفاء. وكان نزوله منجما يعني مفرقا بطريق الوحي، حسب الوقائع والأحداث، و التدرج في التكاليف والفرائض، وقد دعا القرآن أولا إلى توحيد الله عز وجل توحيدا خالصا من شوائب الشرك ومشابهة المخلوقات في أي شيء، كما دعا إلى كثير من الفضائل، ورسم خطوط المجتمع الصالح[5].
ولم ينزل القرآن على النمط المألوف من كلام العرب، فلم يتخذ شكل القصيدة الجاهلية نمطا له، ولم يأت على أسلوب الخطابة ولا الوصية ولا المثل ولا الحكمة ولا المنافرة. ولكننا ـ في الوقت ذاته ـ نجد فيه القصة في أرفع أشكالها وأروع ظلالها، ونجد فيه الخيال الرفيع في ألوان بديعة من التمثيل والتشبيه والمجاز والكتابة والاستعارة، ونجد فيه البشارة والإنذار، والوعد والوعيد، ونجد أرفع الأوصاف وأجل الصور.
ولم يكن القرآن شعرا ولا سجعا، ولا مزاوجة، ولا نثرا مرسلا، ولا خطابة، ولكنه جاء على مذهب غير معهود عند العرب، ومباين للمألوف من كلامهم، يتصرف في وجوه مختلفة، من ذكر قصص ومواعظ، واحتجاج وحكم وأحكام، وإعذار وإنذار، ووعد ووعيد، وأوصاف وتعليم، وسير مأثورة، ويتردد بين طرفي الإيجاز والإطناب، كَلِمُه يضيء كما يضيء الفجر، ويزخر كما يزخر البحر.
وإن تعجب فعجب تصوير الحياة الإنسانية في القرآن ماضيها وحاضرها ومستقبلها، والنفس الإنسانية في سلمها وحربها، ولهوها وجدّها، وأملها وألمها، وكفرها وإيمانها، وكذلك في القرآن سموّ وصفاء الحكمة، والحجة الدامغة، والروحانية الصافية ما يوقظ الضمائر، ويحرك العقول ويثير النفوس.
وما أروع القرآن في فواتحه وخواتمه ومقاصده، وفي حديثه عن المعاني الدقيقة، والأفكار العميقة، والأغراض النبيلة، وفيما اشتمل عليه من دقة التصوير: وسموّ التعبير وعظمة التأثير، وروعة الإيجاز، وسحر المجاز، وبلاغة التكرار، وفصاحة التعريض، وبراعة الإشارة وفاعلية الإيماء.
إنه يصور نعيم المؤمنين، فيدعك تشعر بالروح والسعادة، السرور والحبور، ثم يصور هلاك العاصين، وشقاء الجاحدين، وعذاب الكافرين، فيجعل القلوب تكاد تنخلع، ويتركك حليف الهم والحزن، دائم التفكر والاعتبار، والألم والأمل، والخوف والرجاء.
ونجد في القرآن افتتاحات السور العجيبة، مثل: ص ، ن ، ق ، طه ، طسم ، حم … ونجد الفواصل في السورة، موقّعة الخُطا، منغمة الحروف، ونجد القصة والعبرة، والموعظة والحكمة في قالب من الجمال والبهاء، والجلال والرواء. ونجد لكل سورة اسما عجيبا مثل: البقرة ، الرعد ، الطور ، المائدة ، الكهف ، يونس ، محمد ، النور ، الضحى ، الجمعة ، العصر … وإلى غير ذلك، ونجد لكل اسم من أسماء السور قصة، ولكل قصة حدثا وعبرة[6].
كل ذلك نمط باهر معجز ببیانه وبلاغته ومخالف لأنماط البيانيين عند الجاهليين، وصورة مباينة لصورة البلاغة لدى العرب الذين نزلت فيهم معجزة القرآن. ولقد تحدى القرآن العرب مرّات، حيث أعجزهم جمیعا علی أن یأتوا بمثله، كما قال الله تعالى: "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا[7]". ثم رخّص وقال: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ[8]". وأحقرهم إلى الأبد بقوله: "قُلْ فَأتُوْا بِسُورَةٍ مِثلِه[9]". ولكنهم عجزوا، بل لم‏ يحاولوا هذه المحاولة أصلا، سوى ما روي عن بعض المتنبئين بعد الرسول الخاتم، وهي أقرب إلى الهزل منها إلى الجدّ ولا قيمة لها، كما لا قيمة لما قيل، ان الله سبحانه صرفهم عن المحاولة.
وروي[10] أن الوليد بن المغيرة سمع شيئا من القرآن الكريم، فكأنما رقّ له قلبه. فقالت قريش: صبأ والله الوليد، ولَـتَصبونّ قريش كلهم. فأوفدوا إليه أبا جهل يثير كبرياءه واعتزازه بنَسبه وماله، ويطلب أن يقول ما فيه ذمّ القرآن. قال: فماذا أقول فيه؟ فو الله ما منكم رجل أعلم مني بالشعر ولا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من هذا. والله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يُعلى عليه.
قال أبو جهل: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه.
قال: فدعني أفكر فيه، فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثر، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله ومواليه؟! وفي ذلك يقول القرآن الكريم:"إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ[11]".
ولقد ظهر أثر كل منهما في كل شأن من شؤون العرب المسلمين فكانا دعاؤهم في المسجد، ونظامهم في البيت، ومنهاجهم في العمل، ودستورهم في الدولة، كما سريا فيهم مسرى الروح في الجسد، فلا عجب أن يكونا قد أثرا في لغتهم وأدبهم تأثيرا بينا. فبدأ هذا التأثير بطيئا ولكنه فشى وانتشر بسرعة بعد ذلك.
ويقول أحمد حسن الزيات: "شغل المسلمون بالقرآن و فرغوا له فكان دعاؤهم فى المسجد، ونظامهم فى البيت ومنهاجهم فى العمل ودستورهم فى الحكومة. فأما تأثيره فى اللغة وآدابها فبأنه خالط من القوم قلوبا فألانها وطباعا جافية فأرقها. فكسب ذلك اللغة عذوبة في اللفظ، ورقة في التركيب، ودقة في الأداء، وقوة في المنطق، وثروة في المعاني، ووسع دائرة اللغة باستحداثه الألفاظ الدينية كالصلاة والزكاة والقيام والركوع والسجود والوضوء والمؤمن والكافر. واقتضاؤه علوما جديدا كالنحو والصرف والاشتقاق والحديث وأصوله والفقه والتفسير لاستنباط أحكام الشرع منه، وهو الذى ضمن بقاؤها تلك القرون العديدة مصداقا لقوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[12]". وحفظ القرآن يستلزم حفظ لغته[13]".
ولصيانة لغة القرآن إعرابا وقراءة نشأت علوم النحو والقراءات، ولفهم مضامينه ظهرت علوم التفسير وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، ولفهم إعجازه البياني وضعت علوم البلاغة، ولمعرفة أحكامه تفرّع عنه علم الفقه وأصوله. وینبغي التأکید علی أنّ العلوم الاسلامیة کلها إنما قامت لخدمة القرآن الكریم.
ومن أهم خصائصه الأسلوبية:
1. التكرار غير الممل، ومن أمثلته سورة الرحمن.
2. الإيجاز، وهو قلة الألفاظ مع أنها تحمل معاني عظيمة.
3. سهولة اللفظ ووضوح المعنى، ولهذا يسهل حفظه، كما أشار الله إليه: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر".
4. وفي الغالب تختم آياته بفواصل مسجوعة.
5. ضرب المثل (البعوضة، الذبابة، الكلب، الحمار).
6. الالتفات، وهو الانتقال من ضمير إلى ضمير، كالانتقال من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب وإلى ضمير المخاطب، وهذا يكثر في القرآن الكريم.
7. يمتاز القرآن الكريم في آياته وفي ألفاظه بالجلال والجمال[14].

تفاسير القرآن:
التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك ببيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه[15]، أي هو العلم الذي يقوم المختصون بواسطته بتفسير القرآن واستخراج الأحكام الواردة فيه. والتفسير هو أحد أقدم العلوم الإسلامية.
التفسير لغة:
اختلف علماء اللغة في مرجع كلمة التفسير إلى رأيين:
الرأي الأول: قيل هي من ‘الفَسْرُ’ بمعنى البيان والكشف، وفَسَرَ الشيءَ يَفسِره بالكسر ويَفسُره بالضم فسرا وفسَره وفسَّرَه أبانه ووضحه، وفسَر القول إذا كشف المراد عن اللفظ المشكل. وقيل ‘التفسرة’: البول الذي يستدل به على المرض، وينظر فيه الأطباء يستدلون بلونه على علة العليل ... وكل شيء يعرف به تفسير الشيء ومعناه فهو تفسرته[16].
والرأي الثاني: قيل التفسير مقلوب من كلمة ‘سَفَر’ بمعنى كشف، يقال: سَفَرَت المرأةُ سفورا إذا ألقتْ خِمَارَها عن وجهها وهي سافرة، وأسفر الصبح أضاء وأشرق، ولهذا سمي السير سفرا لأنه يُسفر أي يُظهر أخلاق الرجال[17].
ولكن القول الثاني اعترض عليه بعض العلماء أن يكون مرجع الكلمة إليه، لأن الأصل أن تكون للفظة ترتيبها، ودعوى القلب خلاف الأصل الذي وردت عليه، قال الألوسي رحمه الله: "والقول بأنه مقلوب السفر مما لا يسفر له وجه[18]". "والصحيح أنهما لفظان متغايران لمعنيين متقاربين، قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: ‘الفَسْرُ’ و‘السَّفْرُ’ يتقارب معناهما كتقارب لفظيهما لكن جُعِلَ الفسرُ لإظهار المعنى المعقول .. وجعل السَفرُ لإبراز الأعيان للأبصار، فقيل: سفرت المرأة عن وجهها، وأسفر الصبح، وسفر العمامة عن الرأس، وسَفْرُ البيت كنسه بالمِسْفر أي المكنس[19]".
وقد اشتهرت لفظة التفسير مقرونة بالقرآن الكريم، حتى أصبحت هذه اللفظة إذا أطلقت فقيل التفسير أريد به العلم الموضح لمعاني القرآن الكريم، والتفسير للمبالغة، وقد يقال فيما يختص بمفردات الألفاظ وغريبها، وفيما يختص بالتأويل، ولهذا يقال: "تفسير الرُؤيا وتأويلها"[20]، قال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا[21]".
التفسير في الاصطلاح:
تعددت أقوال العلماء في تعريف التفسير اصطلاحا بين مختصر في تعريفه على توضيح المعاني، ومعرفة مراد الله تعالى من خلال كلامه، وبين متوسع في التعريف حتى أدخل ضوابطه، ومهمة المفسر كذلك، نذكر بعضا من هذه التعريفات:
عرفه ابن جُزَيِّ رحمه الله ( ت : 741 هـ ) وقال: "معنى التفسير: شرح القرآن، وبيان معناه، والإفصاح بما يقتضيه بنصِّه أو إشارته أو نحوهما"[22].
وعرَّفَهُ أبو حيان الأندلسي رحمه الله ( ت : 745 هـ ) في مقدمة تفسيره بقوله: "علمٌ يُبحثُ فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامِها الإفرادية والتركيبيَّةِ ومعانيها التي تُحملُ عليها حالَ التركيبِ وتتمات لك"[23]. ثم قال شارحا لهذا التعريف: "فقولنا ‘علم’: هو جنس يشمل سائر العلوم. وقولنا ‘يبحث فيه عن كيفيَّة النطق بألفاظ القرآن’: هذا علم القراءات. وقولنا ‘مدلولاتها’: أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم.  وقولنا ‘وأحكامها الإفرادية والتركيبية’: وهذا يشمل علم الصرف وعلم الإعراب وعلم البيان وعلم البديع. وقولنا ‘ومعانيها التي تحمل عليها حال التَّركيب’: شمل كل ما يدل عليه النص ظاهرا أو إشارة. وقولنا ‘وتتمات ذلك’: وهو معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضيح ما أبهم في القرآن ونحو ذلك"[24].
وعرفه الإمام الزركشي رحمه الله ( ت : 794 هـ )  في البرهان بقوله: "علم يُفهم به كتاب الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه"[25].
وعرفه الجرجاني رحمه الله ( ت : 816 هـ )  في التعريفات بقوله: "توضيح معنى الآية وشأنها وقصتها والسبب الذي نزلت فيه بلفظ يدل عليه دلالة ظاهرة"[26].
وعرفه الكَافِيجِيُّ رحمه الله ( ت : 879 هـ ) بقوله: "وأما التفسير في العرف فهو كشف معاني القرآن وبيان المراد"[27]. وكشف المعاني لا شك أنه يشتمل اللغوية والشرعية ، والإفرادية والتركيبية.
وعرفه الزرقاني رحمه الله في كتابه المناهل بقوله: "علم يُبحث فيه عن أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية"[28].
وعرفه ابن عاشور بقوله: "التفسير في الاصطلاح هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع"[29].
فالراجح أن علم التفسير علم يبحث عن شرح وتوضيح معاني القرآن الكريم على قدر طاقة البشر والإفصاح بما يقتضيه بنصِّه أو إشارته، وقد أدخل أبي حيان رحمه الله علم القراءات في علم التفسير، وعلى الرغم من أهميته للمفسر. لأنّ فهم بعض المعاني متوقف على معرفة اختلاف أوجه بعض القراءات، والمعنى قد يختلف كثيرا من قراءة لقراءة وإن كانا لا يتعارضان كقراءة "تبينوا" و "تثبتوا"، وكقراءة "وإذا رأيت ثم رأيت نعيما ومُلْكًا" ـ بضم الميم وإسكان اللام ـ فإنّ معناها مغاير لقراءة من قرأ "مَلِكًا كبيرًا" ـ بفتح الميم وكسر اللام، وكقراءة "حتى يَطْهرن" بتسكين الطّاء، فإن معناها مغاير لقراءة من قرأ "يَطّهّرن" بتشديد الطّاء والهاء. لكن هنالك جزء من اختلاف القراءات لا علاقة له بالتفسير وهو ما يتعلق الخلاف فيه بجانب الأداء اللفظي من إدغام وإخفاء وإمالة وروم ونحو ذلك، وليست من مهمة المفسر بيان كيفية النطق بألفاظ القرآن الذي هو من مهمة المقرئ، وإنما مهمته بيان معاني القرآن[30].
قال ابن عاشور: "وموضوع التفسير ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه وما يستنبط منه، وبهذه الحيثية خالف علم القراءات لأن تمايز العلوم - كما يقولون - بتمايز الموضوعات وحيثيات الموضوعات"[31]. فأخرج ابن عاشور بتعريفه هذا علم القراءات من علم التفسير، وهو داخل من حيث ما يرتبط بالمعاني، غير داخل في علم التفسير فيما كان الاختلاف منحصرا فقط في كيفية الأداء اللفظي[32].
بداية علم التفسير:
وِفقا للمعتقد الإسلامي فإن محمدا صلى الله عليه وسلم هو أوّل المفسرين، إذ كشف الله إليه معاني الآيات المنزلات، وبالتالي فالمسلمين لا يجزموا بمعنى أي آية ما لم يكن قد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا النبي صلى الله عليه وسلم ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن[33].
منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان الصحابة يستفسرون منه عما أُشكل عليهم من معاني القرآن، واستمروا يتناقلون هذه المعاني بينهم لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وبذلك بدأ علم تفسير القرآن. وبعد أن مضى عصر الصحابة، جاء عهد التابعين الذين أخذوا علم الكتاب والسنة عنهم وكل طبقة من هؤلاء التابعين تلقت العلم على يد من كان عندها من الصحابة، فجمعوا منهم ما رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الحديث، وما تلقوه عنهم من تفسير للآيات وما يتعلق بها، فكان علماء كل بلد يقومون بجمع ما عُرف لأئمة بلدهم، كما فعل ذلك أهل مكة في تفسير ابن عباس رضي الله عنه، وأهل الكوفة فيما رُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه[34].
وكان لهؤلاء التابعين الفضل في تفسير القرآن للكثير من أهل البلاد المفتوحة الداخلين حديثًا في الإسلام، والذين لم يكونوا آنذاك قد أتقنوا اللغة العربية بعد، فعلّموهم أي الآيات كُشف معناها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأي الآيات كُشف معناها لاحقا بفضل الصحابة، فنسخوا النصوص الأقدم، فكان ذلك بداية علم النسخ، على أن قسما من العلماء يقول بأن لا نسخ للقرآن قد حصل[35].
ومن أبرز كتب التفاسير:
1. تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، ينسب إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، جمعه: مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، المشهور بـ‘تفسير ابن عباس’، وهو في جزء واحد.
2. تفسير الجلالين - المحلي والسيوطي للإمام جلال الدين محمد بن أحمد المحلي والإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المشهور بـ‘تفسير الجلالين’، وهو في جزء واحد.
3. جامع البيان في تأويل القرآن للإمام أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي الطبري، المشهور بـ‘ تفسير الطبري’، وهو في 24 جزءا.
4. تفسير القرآن العظيم للإمام أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، المشهور بـ ‘تفسير ابن كثير’، وهو في 8 أجزاء.
5. الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمن من السنة وأحكام الفرقان للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، المشهور بـ‘تفسير القرطبي’، وهو في 26 جزءا.
6. معالم التنزيل للإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي، المشهور بـ‘تفسير البغوي’، وهو في 8 أجزاء.
7. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للإمام شهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني الألوسي، المشهور بـ‘تفسير الألوسي’، وهو في 30 جزءا.
8. مفاتيح الغيب للإمام أبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي، المشهور بـ‘تفسير الرازي’، وهو في 33 جزءا.
9. الكشاف عن حقائق التنويل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للإمام جار الله أبي القاسم محمود بن عمرو بن أحمد الزمخشري المعتزلي، المشهور بـ‘تفسير الكشاف’، وهو في 4 أجزاء.
10. الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي، وهو في 8 أجزاء.
11. إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم للإمام محمد بن محمد العمادي أبو السعود، وهو في 9 أجزاء.
12. أنوار التنزيل وأسرار التأويل للعلامة القاضي المفسّر ناصر الدين أبي الخير عبد الله بن عمر بن علي البيضاوي الشيرازي الشافعي، المشهور بـ‘تفسير البيضاوي’، وهو 5 أجزاء في مجلدين.
13. مدراك التنزيل وحقائق التأويل للإمام أبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي، المشهور بـ ‘تفسير النسفي’، وهو في 4 أجزاء.
14. خواطري حول القرآن الكريم للشيخ محمد متولي الشعراوي، المشهور بـ‘تفسير الشعراوي’، وهو في 24 جزءا.
15. نيل المرام من تفسير آيات الأحكام لأبي الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القنوجي الهندي، المشهور بـ‘تفسير صديق حسن خان القنوجي’، وهو في جزء واحد.
16. علي هامش التفاسير تعليقات علي تفسير الجلالين للسيد اسمعيل شهاب الدين المعروف بـ‘فانور تنغل’، المشهور بـ‘تفسير فانور تنغل’، وهو في 7 أجزاء.
17. تفسير أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، جمعه وحققه عبد الله أبو السعود بدر، المشهور بـ‘تفسير عائشة رضي الله عنها’، وهو في جزء واحد.
18. زيب التفاسير في القرآن للملكة الفاضلة زيب النساء بنت السلطان محي الدين أورنك زيب عالمكير، المشهور بـ‘زيب التفاسير’، وهو في جزء واحد.
19. التفسير البياني للقرآن الكريم للأستاذة عائشة محمد علي عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطئ المصرية، المشهور بـ‘تفسير بنت الشاطئ’، وهو في جزأين.
20. نظرات في كتاب الله للداعية المربية الفاضلة الحاجة زينب الغزالي، المشهور بـ‘تفسير زينب الغزالي’، وهو في جزأين.
21. المبصر لنور القرآن للسيدة نائلة بنت هاشم صبري الفلسطينية، المشهور بـ‘تفسير نائلة’، وهو في 11جزءا.
22. تيسير التفسير للأستاذة فوقية إبراهيم الشربيني المصرية، المشهور بـ ‘تفسير فوقية الشربيني’، وهو في 4 أجزاء.
23. اللؤلؤ والمرجان في تفسير القرآن للإعلامية فاطمة كريمان عبد اللطيف محمود حمزة المعروفة المشهورة باسم كريمان حمزة ابنة الدكتور عبد اللطيف حمزة، المشهور بـ‘تفسير كريمان حمزة’، وهو في 3 أجزاء.
24. تفسير القرآن الكريم لمحمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية، المشهور بـ‘التفسير القيم’، وهو في جزء واحد.
25. في ظلال القرآن لسيد قطب، وهو 30 جزءا في 6 مجلدات.
أقسام التفسير:
اهتم علماء المسلمين بالقرآن الكريم غاية الاهتمام، وأولوه من العناية أشدها، وذلك بغية الكشف عن معانيه ومراميه، وبيان مقاصده وأحكامه. واختلفت مناهج المفسرين في تفسيره، وظهر هناك منهجان أواتجاهان في ذلك، المنهج الأول سُمي التفسير بالمأثور، والمنهج الثاني التفسير بالرأي أو المعقول. وكانت لكل منهج من هذين المنهجين ملامح خاصة، تميزه عن المنهج الآخر. ونحاول هنا التعرف على ملامح وسمات كل منهج من هذين المنهجين[36].
أولا: التفسير بالمأثور:
يُقصد بهذا المصطلح، تفسير القرآن اعتمادا على ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما نقل عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم من كل ما هو بيان وتوضيح لنصوص القرآن. ومن أمثلته تفسير قوله تعالى: "صراط الذين أنعمت عليهم[37]" فقد فُسِّر المُنْعَمُ عليهم بقوله تعالى: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين"[38]، وهذا من باب تفسير القرآن بالقرآن.
وكذلك تفسير قوله تعالى: "وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة"[39]، فقد فُسرت ‘القوة’ في الآية بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم، حيث قال: "ألا إن القوة الرّمي، ألا إن القوة الرّمي، ألا إن القوة الرّمي"[40]، ثلاث مرات، وهذا من باب تفسير القرآن بالسنة.
ومن أمثلة تفسير الصحابة، تفسير ابن عباس لقوله تعالى: "إذا جاء نصر الله والفتح"[41]، حيث فسر هذه الآية باقتراب أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في صحيح "البخاري". وقد رُويت عن التابعين في التفسير روايات كثيرة، ولا سيما ما رُوي عن تلاميذ ابن عباس رضي الله عنهما، كمجاهد، وعكرمة، وعطاء، وغيرهم رضي الله عنهم. وكتب التفاسير غنية بأمثلة هذا النوع من التفسير.
نموذج لكتب التفسير بالمأثور:
1. جامع البيان في تفسير القرآن، ومؤلِّفه الإمام الطبري، وقد اشتهر هذا التفسير باسم "تفسير الطبري".
2. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ومؤلّفه ابن عطية، وهذا الكتاب تولت وزارة الأوقاف في دولة قطر الإشراف على طبعه، ووضعه بين أيدي أهل العلم.
3. تفسير القرآن العظيم، ومؤلِّفه ابن كثير، وهو من التفاسير المشهورة بين الناس، والمتلقاة بالقبول عند عامة المسلمين وخاصتهم.
ثانيا: التفسير بالرأي:
يُقصد بهذا المنهج تفسير القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسر لكلام العرب وأساليبهم ومناحيهم في القول، ومعرفته للأَلفاظ العربية ووجوه دلالتها، واستعانته في ذلك بالشعر الجاهلي ووقوفه على أسباب النزول، ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آيات القرآن، وغير ذلك من الأدوات التي يحتاج إليها المفسر[42].
وللعلماء في اعتماد هذا المنهج في التفسير موقفان، الأول: يرى عدم جواز تفسير القرآن بالرأي. والثاني: يرى جواز التفسير بالرأي عن طريق الاجتهاد.
والمتأمل في حقيقة هذا الخلاف يرى أنه خلاف لفظي لا حقيقي، والتفسير بالرأي يُقسم بدوره إلى تفسير بالرأي المحمود وتفسير بالرأي المذموم، وبيان ذلك أن الرأي لا يُذم بإطلاق، فهناك رأي محمود، وهو ما استند إلى دليل معتبر، وهذا النوع من الرأي لا خلاف في قبوله بين أهل العلم. وهناك رأي مذموم، وهو ما استند إلى الهوى، ولم يكن له ما يؤيِّده ويسدِّده من العقل أو الشرع.
ولا شك أن الذين قالوا بجواز تفسير القرآن بالرأي لم يقصدوا تفسير القرآن بمطلق الرأي، وإنما قيدوه بالرأي المعتبر والمستند إلى الدليل، ولم يعتبروا أو يلتفتوا إلى الرأي المستند إلى الهوى. وبهذا يؤول الخلاف في هذه المسألة إلى خلاف لفظي.
والمثال لهذا النوع من التفسير، وهو ما أورده الإمام الرازي عند تفسير قوله تعالى: "من كان يريد الحياة الدنيا"[43]، قال: يندرج فيه المؤمن والكافر والصديق والزنديق. لأن كل أحد يريد التمتع بلذات الدنيا وطيباتها، والانتفاع بخيراتها وشهواتها، ثم قال: إلا أن آخر الآية يدل على أن المراد هو الكافر، لأن قوله تعالى بعدُ: "أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار"[44]، لا يليق إلا بالكفار، وواضح أن هذا التفسير للآية يعتمد على إعمال الرأي الذي يسنده الدليل ويسدده.

نموذج لكتب التفسير بالرأي:
1. مفاتيح الغيب، ومؤلفه الإمام فخر الدين الرازي، المشهور بـ‘تفسير الرازي’.
2. البحر المحيط، ومؤلفه أبو حيان الأندلسي الغرناطي.
3. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ومؤلَّفه الإمام شهاب الدين محمود الألوسي، المشهور بـ‘تفسير الألوسي’.
القرآن واللغة العربية:
إن اللغة العربیة لم تكن موحّدة قبل نزول القرآن بل کانت لهجات متعددة تغلبت علیها لهجة قریش، ولكن کانت ذات غنیً ومرونة. ولما نزل القرآن سحر العقول ببیانه، وأعطی اللغة سیلا من حسن السبك وعذوبة السجع، وعمل علی توحیدها توحیدا کاملا. ولقد قام بتخليدها وحفظها من الانقراض. وبقاء اللغة العربية حيّة إلى يومنا هذا مدين دون شك للقرآن، فلولاه لبادت هذه اللغة كما بادت اللغات الأثرية القديمة مثل الحبشية والنبطية وغيرهما.
وتوسع نطاق هذه اللغة بالتوسع في استعمال بعض ألفاظه لتتسع المعاني الدينية والفقهية، فكلمة الصلاة مثلا كان معناها في الأصل الدعاء فقط ولكن في القرآن أخذت معنى آخر جديد، وهو القيام بعملية معينة خاصة بالمسلمين، تحتوي على وقوف وتلاوة، وتسبيح، وركوع، وسجود، وتحية، وسلام. حيث يتكرر هذا العمل في اليوم والليلة عدة مرار.
کما أسهم القرآن إسهاما فعّالا في ظهور معاني لم تكن معروفة من قبل مثل: الفرقان والكفر والإیمان والإشراك والإسلام والصوم والصلاة والزکاة والرکوع والسجود. ولم یقف الأمر عند هذه المعاني فقط، بل کان للقرآن مضمونه الذي لم یكن یعرفه العرب کالدعوة إلی عبادة الله والبعث والعقاب والثواب، فشرع للناس ما ینبغي أن تكون علیه حیاتهم وما یسودهم من علاقات. وهو منبع المعاني والأساليب والمعارف التي شاعت في الأدب العربي.
لقد تأثرت اللغة العربية كثيرا بالقرآن الكريم حيث هذّب الأساليب وصقلها، وذلك من كثرة تلاوة المسلمين له في العبادة والصلوات المفروضة والنافلة، وإقبالهم على تدارسه وتفهمه لاستنباط الأحكام ومعرفة الأوامر والنواهي والآداب، لما جاء فيه من مناهج فاضلة، ودعوة إلى الخير، ومكافحة الشر والفساد. وكذلك ساعد القرآن الكريم اللغة العربية على الانتشار وترسيخها في المماليك الكثيرة المفتوحة بأيدي المسلمين، مما أدّى إلى إقبال الأعاجم عليها باعتبارها لغة القرآن والدين والعلم والثقافة.
ونستطیع القول بأنّ القرآن هذّب اللغة العربیّة من حواشي اللفظ وغریبه، وأضفی علیها لونا من الطلاوة، مع وضوح القصد والوصول إلی الغرض، فاللفظ علی قدر المعنی. ومن هذا النبع الصافي أخذ الأدباء ینهلون ویسیرون علی هدیه في خطبهم وأشعارهم وکل آثارهم الأدبیّة، فهو معجمهم الأدبي واللغوي.
تأثير القرآن في اللغة العربية:
نلخصه في النقاط التالية:
1. جمع العرب على لهجة قريش التي كانت تسود القبائل الشمالية في الجاهلية سيادة غير تامة. فقد كان الشعراء هم الذين يستخدمونها، أما قبائلهم فتتكلم بلهجاتها المختلفة. فعمل القرآن على تقريب هذه اللهجات واستكمال سيادة اللهجة القرشية.
2. حفظ اللغة العربية من الضياع، ونشرها في أقطار الأرض، وجعلها لغة حية خالدة. إذ كانت تلاوته فرضا مكتوبا على كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها على مر العصور.
3. الإسلام دين سماوي، وله مضمونه الجديد. فأحل في اللغة معاني لم تعرفها العرب، ولا كانت تعرف كيفية التعبير عنها إلا بالألفاظ التي ابتدأها القرآن ابتداءً، مثل: الفرقان والكفر والإيمان والنفاق والصوم والصلاة والزكاة والتيمم والركوع والسجود وغيرها.
4. تكونت حول القرآن علوم كثيرة اشتقها العلماء منه لخدمته: كعلم القراءات والتفسير وأسباب النزول ونحو القرآن وإعرابه وبلاغته وعلم الفقه وأصوله. وهي مما هيأ بقوة لنهضة العرب العلمية.
5. هذب القرآن اللغة العربية من الوحشية والغربة، وجعل لها أسلوبا جزلا واضحا قريبا من الأفهام، وله رونق وطلاوة. فالقرآن هو الذي ابتدع هذا الأسلوب السهل الممتع الذي تلذه الأسماع والأفواه والقلوب.
6. ألفاظ القرآن لها نسق بلاغي حير العقول وأعجز البلغاء، فما تستطيع مهما أوتيت من بلاغة أن تستبدل بكلمة واحدة من القرآن كلمة مثلهـا في بلاغتها. وعلى هذه البلاغة قام عمود الأدب العربي منذ ظهوره، فاحتذاه الخطباء والكتاب والشعراء[45].
المصادر والمراجع:
vالقرآن الكريم.
vمسلم، صحيح مسلم.
vالألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن الكريم والسبع المثاني.
vأبو حيان، البحر المحيط في تفسير القرآن.
vالأصفهاني، الراغب، المفردات في غريب القرآن.
vالزركشي، البرهان في علوم القرآن.
vالكيلاني، د.نجيب، مدخل إلى الأدب الإسلامي
vالكيلاني، د.نجيب، آفاق الأدب الإسلامي
vابن منظور، لسان العرب.
vالفيروز أبادي، القاموس المحيط.
vمجلة الوعي الإسلامي، العدد: 365
vمجلة الابتسامة، الموسوعة الإسلامية.
vمنتديات المدرسة العليا للأساتذة بوزريعة: http://ens-mustapha.mam9.com
vموقع مقالات إسلام ويب : http://articles.islamweb.net
vجامعة أم القرى : uqu.edu.sa/page/ar/158508 



[1]   : مدخل إلى الأدب الإسلامي، ص: 79
[2]   : آفاق الأدب الإسلامي، ص: 38
[3]   : نفس المصدر، ص: 34
[4]   : مدخل إلى الأدب الإسلامي، ص: 43
[5]   : أثر القرآن الكريم و الحديث الشريف في اللّغة والأدب، التاريخ: الجمعة 26 يوليو 2013م، منتديات المدرسة العليا للأساتذة بوزريعة: http://ens-mustapha.mam9.com
[6]   : كيف أثر القرآن في الصورة الأدبية ؟، مجلة الوعي الإسلامي، العدد: 365، التاريخ : 1417هـ الموافق يونيو 1996م : http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=6517
[7]   : سورة الإسراء، الآية: 88
[8]   : سورة هود، الآية: 13
[9]   : سورة يونس، الآية: 38
[10]   : القرآن الكريم تأثيره في المجتمع واللغة والأدب : http://www.farhang.gov.ir/ar/literary/literary3
[11]   : سورة المدّثر، الآية: 18 ـ 24
[12]  : سورة الحجر، الآية: 9
[13] : أثر القرآن الكريم و الحديث الشريف في اللّغة والأدب، التاريخ: 26 يوليو 2013م ، منتديات المدرسة العليا للأساتذة بوزريعة: http://ens-mustapha.mam9.com/
[14]   : الأدب الإسلامي: جامعة أم القرى : uqu.edu.sa/page/ar/158508 
 [15]  : مقدمة إلى تفسير الميزان، العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي.
[16]   : لسان العرب لابن منظور مادة ‘فسر’، ج:5 ، ص:555 . مختار الصحاح، ج: 1 ، ص: 211 . تهذيب اللغة للأزهري، ج: 12 ص: 407 .
[17]   : القاموس المحيط، للفيروز أبادي مادة ‘السفر’، ج: 2 ، ص: 113 . البرهان للزركشي، ج: 1 ، ص: 148.
[18]   : تفسير روح المعاني، للألوسي، ج: 1 ، ص:5
[19]   : المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني، ص: 239
[20]   : المصدر السابق: 382     
[21]   : سورة الفرقان، الآية: 33
[22]   : التسهيل لعلوم التنزيل لابن جُزى، ج: 1 ص: 6
[23]   : البحر المحيط ، ج: 1 ص: 23
[24]   : المرجع السابق، ص: 33 ـ 34
[25]   : البرهان في علوم القرآن، ج: 1 ، ص: 13
[26]   : التعريفات، لأبي الحسين علي بن محمد الجرجاني، ص: 67
[27]   : التيسير في قواعد التفسير للكافيجي، ص: 124 ـ 125
[28]   : مناهل العرفان، ج: 2 ، ص: 4
[29]   : التحرير والتنوير، ج: 1 ، ص: 3
[30]   : التفسير والمفسرون في العصر الحديث، لعبد القادر محمد صالح، ط: دار المعرفة بيروت، ص: 82
[31]   : التحرير والتنوير، ج: 1 ، ص: 3
[32]   : تعريف التفسير في اللغة والاصطلاح، منتدى جامعة أم القرى : http://uqu.edu.sa/page/ar/143144
[33]   : مجلة الابتسامة، الموسوعة الإسلامية، الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، http://www.ibtesamh.com
[34]   : المصدر السابق.
[35]   : نفس المصدر.
[36]   : التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي - موقع مقالات إسلام ويب : http://articles.islamweb.net
[37]   : سورة الفاتحة، الآية: 7
[38]   : سورة النساء، الآية: 69
[39]   : سورة الأنفال، الآية: 60
[40]   : أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه وذم من علمه ثم نسيه، رقم الحديث: 1917 ،
[41]   : سورة النصر، الآية: 1
[42]   : التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي - موقع مقالات إسلام ويب : http://articles.islamweb.net
[43]   : سورة هود، الآية: 15
[44]   : المصدر السابق، الآية: 16
[45]   : أثر الإسلام في تطور الأدب، منتدي جامعة أم القرى: https://uqu.edu.sa/page/ar/183736

مواضيع ذات صلة
الحديث، القرأن, دراسات,

إرسال تعليق

0 تعليقات