ادعمنا بالإعجاب

أسباب وآثار تخوف الغرب من الإسلام

 د/ إسماعيل الفيضي كى كى
هذا الموضوع له أهمية كبيرة وظاهرة في الواقع الحاضر الدولي، تلك الظاهرة تدعو إلى التعجب، ألا وهي ظاهرة تخوف المجتمع  الغربي من الإسلام، ربما يشك الكثيرون من المراقبين الدوليين إنما هو التخاوف لتبرير قمع الانتفاضات الإسلامية ورفض حريات الأمة المسلمة وخنق الشخصيات البارزين منهم ، ليس الخوف الحقيقي، إلا أن الشرق يخافه وراء ستار يسميه الإرهابية الإسلامية، وذلك أن المصالح الذاتية تسمي كل التحاف إسلامي وكل تجمع على أساس ينتمي إلى أي تعليم ديني بالإرهابية. وهذا ظاهر في الواقع الشرقي بعد ما يسمى بالثورة الوردية أو بالربيع العربي، كما هو واضح من الواقع المصري الحالي والسوري، بعد أن تداعى شباب الشعب العربي والشرقي إلى تطبيق المبادئ الصادقة في مجالات الحياة، فأول من خاف هذه التداعيات ليس الحكام اليهوديون أو النصارى فقط، بل كل من يدعي أنه من حراس الشعب المسلم ومنقذوا الشعائر الدينية من الحكام والملوك والأمراء.

   إن التخوف من الإسلام الحي والدين الشامل حقيقة في الشرق والغرب قاطبة،  الإسلام الذي يتدخل في الشؤون السياسية والخصال الاقتصادية والأمور الاجتماعية هو الذي يوحد حاقدي الدين الحنيف، كانوا من الشرق أو الغرب. والرعب من الدين الحنيف ما هو إلا ما ألقى الله في قلوب الحاقدين، وما هو إلا توجهات ومواقف لمعارضة معتقدات المسلمين وممارستهم لشعائرهم والتزامهم بشريعتهم والتحامل عليهم، إلا أننا لابد لنا من أن نستمع لوجهة نظر الطرف الآخر لتفسيره لذلك الخوف. إن المتخوفين من الإسلام في الغرب يرفضون رفضًا قاطعًا انتقادات المسلمين للثقافات والمجتمعات الغربية ويعتبرون تخوفهم من الإسلام شيئًا طبيعيًا غير قابل للنقاش أو الجدل.
 ترى لماذا يخشى الغرب من الإسلام؟. ثم هل لذلك الخوف أسس وأسباب في الواقع الغربي؟ أو بمعنى آخر هل المجتمع الغربي محق  في خوفه؟ ثم هل لذلك الخوف أثر على المسلمين عامة وعلى من يعيشون في الغرب خاصة؟ أسئلة كثيرة نطرحها ونحاول العثور على الإجابات من واقع هؤلاء القوم. 
ويبدو أنه انطلاقا من الاقتران المتكرر الذي يمكن ملاحظته في مسيرة التاريخ  وكأن هناك مجال واضح للعداوة بين هذين الطرفين – بين الإسلام والغرب -  صعود نجم الحضارة الإسلامية وانحدار نظيرتها الغربية، هو السبب الرئيسي الذي أثر في  تكوني حالة الخوف التي تنتاب الغرب من الإسلام.
  وعلى سبيل المثال ، حين نلاحظ في مسيرة التاريخ، فإن انهيار سيطرة  الروم والفرس وامتداد التوسع والمد الإسلامي لقرون طويلة متلاحقة قد تسبب في العداء من ناحية الغرب؛ حيث إنه الوريث الأصلي للإمبراطورية الرومانية.
وكذلك مواقف المجابهة العنيفة بين الإسلام والغرب - والتي سجلها التاريخ متمثلة في فتح الأندلس والقسطنطينية وغيرها من الغزوات والفتوحات الإسلامية ومواقع ظهور الضعف الغربي الفاضح، وبعض الحروب التي لو انتصر المسلمون فيها لدخل الإسلام إلى باريس، كانت من الأسباب التي رسخت الخوف من الإسلام في نفوس أهل المجتمع الغربي.
ويرى الكثيرون من الغربيين أن القرآن ذلك الكتاب العظيم غذاء بلا فكر، كما أن المسلمين أي من يتخذون ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه منهجًا ما هم إلا قوم متخلفون وأشرار ومتحجرون وغير قابلين للتغيير والتطور بخلاف الديانات والثقافات الأخرى، وأنهم يستخدمون الإسلام بشكل أساسي لتحقيق أغراض سياسية وعسكرية، وقد ساهم في ترسيخ هذه الأفكار المكذوبة اليهود الذين لعبوا دورًا خبيثًا في تقديم صورة مزيفة ومشوهة وسيئة عن الإسلام والمسلمين.
وقد كان لهذا الدور الخبيث أثر كبير في تخوف الغربيين من خطر إسلامي متصاعد، وخشيتهم من الحرب الإسلامية ـ الغربية القادمة التي يدعون ويتوقعون أنها ستقع، واعتبروا أن المسلمين يشكلون تهديدًا أكيدًا للغرب المسيحي، كما يعتبرون أن التطور الشديد السرعة للأصولية الإسلامية المزعومة هو التهديد الأعظم للسلام والأمن العالميين بزعمهم.
ويعد الجهل بالإسلام وتعاليمه وأخلاقياته السبب الرئيسي للخوف منه، فمن الطبيعي أن الإنسان دائمًا يخاف مما يجهله.
 كما أن رفضهم التضحية بالمكاسب الرخيصة التي جنوها من استغلالهم الناس وإشاعتهم الفاحشة وانتشار الرذيلة وكذلك تعظيم الربح واللذة والمنفعة الخاصة، وعلى سبيل المثال حرية المقامرة، وتناول الكحول، والاشتغال بالربا وممارسة البغاء والعلاقات الجنسية المثلية، والسماح بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية، من الأسباب الرئيسة التي جعلتهم يخافون الإسلام؛ وذلك لأنهم  يعتبرون الإسلام وتعاليمه تهديدًا لهذه السلوكيات التي يعتبرونها من أساسيات الحرية التي يدعون أنهم هم الذين شرعوا قواعدها وعلموا العالم أسسها ومبادئها. وسفور المرأة وعرض جسمها وإظهار زينتها في الأسواق وترك ملابسها هي التي يورونها من أساس الحرية للمرأة، ويرون الإسلام منافيا لهذه الحرية، وهذا ما يجعلهم يعادون الإسلام ويكرهون الدين أشد الكراهة بعد التوحيد.
وهناك أيضًا الخلط بين الإسلام والواقع الذي يعيشه غالب المسلمين، فهناك دول إسلامية عديدة قد اجتاحها شبح المجاعات وافترس وحش الجوع مئات الآلاف من أبنائها, بل إن هناك أكثر من نصف مليار مسلم يعيشون تحت خط الفقر؛ وذلك بسبب انتشار الفساد وسوء الإدارة واختلال العدالة في توزيع الموارد والثروات، وعلى الرغم من أن تلك الأخلاقيات مرتبطة بالممارسات التي ينتهجها من يحسبون أنهم على الإسلام وليسوا كذلك في الحقيقة وهو من سلوكياتهم براء لأنهم لم يطبقوه في حياتهم الواقعية إما لجهالتهم أو لإثارة الفتن من ناصري الغرب ، إلا أنها أصبحت تهمة في حق الإسلام نفسه كدين من جهة الغرب.
مما سبق يتضح أن الخوف من الإسلام أمر واقع عام في المجتمع الغربي ولو ابتدعوه عمدا لإساءة وجه هذا الدين الأزكى من وجهة نظرهم التي دائما وأبدا على مدى التاريخ تأبى إلا أن تضع الإسلام والمسلمين في قفص الاتهام بهتانا وزورا.
وللأسف فإن لهذه الفرية التي هي خوف الغرب من الإسلام آثارا سلبية كثيرة على المسلمين عامة وعلى من يستوطنون تلك المجتمعات من المسلمين خاصة،  ونسرد هنا بعض هذه الآثار على سبيل الاختصار:
 الحيلولة دون تحقيق التعاون الحقيقي بين المسلمين وغيرهم من الديانات الأخرى, هذا التعاون الذي يمكن أن يساعد على توفير حل مشترك لقضايا المجتمع الإسلامي المستعصية، كما أن من شأن التخوف من الإسلام أن يحطم العلاقات الدولية والدبلوماسية والتجارية وغيرها بين دول العالم الإسلامي وغيرها من دول الغرب.
كما أنه يمثل بالنسبة للمسلمين في الغرب تهديدًا خطيرًا وارتفاعًا في نسبة البطالة، وإنكارًا للحقوق المتساوية في مدارسهم، والتفرقة على أسس دينية وعنصرية، والمضايقات والعنف والقيود على الحرية الشخصية والإحساس بالانتماء الذي يتعرض له المسلمون في الغرب لا لجريرة ارتكبوها، بل فقط لأنهم مسلمون ينتمون للدين الإسلامي، كما يحرمهم من القيام بدورهم البارز في السياسة الوطنية لتلك البلاد.
ووصل الأمر بسبب فرية التخوف من الإسلام إلى التحريض وإثارة الأحقاد الدينية، وإلى إلقاء القبض على الشبان المسلمين الأبرياء بالتهامهم الانتماء إلى الإرهابية والذي يمكن أن يشمل إهانة وتدنيس المقدسات الإسلامية وانتهاك الحرمات الدينية، والتي تمثلت أخيرًا في انتهاك حرمة نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام  كفيلم " براءة المسلمين"      (Innocence of Muslims)الذي جرى تصويره في الولايات المتحدة الأمريكية حسدًا من عند أنفسهم.
وهكذا أصبحت ما تسمى بمشكلة الخوف من الإسلام الذريعة التي يتخذها الغرب الصليبي واليهودي الصهيوني أساسًا في سياساته الحقودة ضد المسلمين في كل مكان ولإساءة المسلمين ولتلويث مقدساتهم وحبس أبرياءهم وتعطيل مدارسهم وتشكيك مساجدهم فهم الذين يستغلون الخوف من الإسلام بعد إنشاء هذا الخوف ، رد الله كيد الكافرين إلى نحورهم، وأبطل مزاعمهم ونصرنا عليهم بقوته وحوله، إنه على ما يشاء قدير.. 

مواضيع ذات صلة
دراسات, شأون الخارجية,

إرسال تعليق

0 تعليقات