ادعمنا بالإعجاب

تجربة المديح النبوي عندالشاعر عبد الرحمن بن صالح العشماوي

محمدعلي الوافي
الشاعر عبد الرحمن بن صالح العشماوي شاعر عربي مسلم من المملكة العربية السعودية.. ولد في قرية عراء احدى كبريات قرى بني ضبيان غامد في منطقة الباحة بجنوب المملكة عام 1956م وتلقى دراسته الابتدائية هناك وعندما أنهى دراسته الثانوية التحق بكلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليتخرج منها 1397 للهجرة ثم نال على شهادة الماجستير عام 1403 للهجرة وبعدها حصل على شهادة الدكتوراة من قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي عام 1409 للهجرة.

تدرج العشماوي في وظائف التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى أصبح أستاذاً مساعداً للنقد الحديث في كلية اللغة العربية في هذه الجامعة.. وعمل محاضراً في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي حتى تقاعد قبل سنوات.عبد الرحمن العشماوي صاحب القصائد التي تدعو إلى بزوغ فجر جديد في الأمة وهو صاحب أسلوب حماسي. كتب أشعاره ومقالاته في البوسنة والشيشان ولبنان و أطفال الحجارة وفي أحوال الأمة وفي الخير والشر وفي أهوال يوم القيامة وغير ذلك. وله مقالاته الدائمة في الصحف السعودية و مشاركات في الأمسيات الشعرية والندوات الأدبية، وله حضوره الإعلامي من خلال برامجه الإذاعية والتلفازية مثل (من ذاكرة التاريخ الإسلامي، قراءة من كتاب، وآفاق تربوية)، بالإضافة إلى دواوين وقصائد ومقالات تنشر بشكل دائم في الصحافة وعلى شبكة الإنترنت.
يُعدّ الشاعر عبد الرحمن العشماوي من أكثر الشعراء غزارة في الإنتاج الشعري، فقد أصدر ديوانه الأول إلى أمتي في العام 1400ه، ثم تتالت إصداراته الشعرية حتى بلغت 23 ديوانا شعريا حتى العام 1428ه، فإذا أضفنا إليها إصداراته النثرية البالغة اثنتي عشر إصدارا، تبيّن لنا حجم الوفرة الغزيرة في إنتاجه قياسا بعمره الزمني وعمره الإبداعي[1].
مؤلفاته الشعرية
إلى أمتي ط1، (2002م)، صراع مع النفس ط2 (2002م)، بائعة الريحان ط3 (2002م)، مأساة التاريخ ط2 (2002م)، نقوش على واجهة القرن الخامس عشر، ط2، (2002م)، إلى حواء، ط3، (2005م)، عندما يعزف الرصاص، ط2، (2002م)، شموخ في زمن الانكسار، ط1، (2002م)، يا أمّة الإسلام (2002م)، مشاهد من يوم القيامة، ط2، (2003م)، عندما يئن العفاف، ط1، (2003م)، القدس أنت، ط1، (2003م)، كلّا، ط1، (2004م)، خارطة المدى، ط1، (2004م)، حوار فوق شراع الزمن، ط1، (2003م)، حليمة الصوت والصدى، ط1، (2005م)، رسائل شعرية، ط1، (2005م)، هي أمي، ط1، (2007م)، قصائد إلى لبنان، ط2، (2002م)، مراكب ذكرياتي، ط3، (2005م)، يا ساكنة القلب، ط2، (2005م)، جولة في عربات الحزن، ط2، (2005م)،عناقيد الضياء، ط2، (2003م).
مؤلفاته النثرية
بلادنا والتميز، وقفة مع جرجي زيدان، إسلاميّة الأدب لماذا؟ وكيف؟، علاقة الأدب بشخصية الأمّة، المكابرون، لا تغضب ’مناقشات هادئة‘، كتاب بشّروا ولا تنفّروا، رواية ’في وجدان القرية‘، الاتجاه الإسلامي في آثار علي أحمد باكثير، من ذاكرة التاريخ الإسلامي، قطار التاريخ، صاحبة الحرير الأخضر.
خصائص شعر العشماوي
عبد الرحمن بن صالح العشماوي، هو أحد شعراء الاتجاه الإسلامي، لم يتخذ الشعر سبيلا للصيت والشهرة، بل صاغ شعره من نفس مؤمنة بربها ترى قدرة الخالق في عجائب المخلوقات، وصوّر أحزان أمته وأفراحه في أسلوب رشيق بصبغة إسلامية رائعة. والشاعر العشماوي يريد أن يُحمل في طيّات شعره رسالة إسلامية سامية، فعالج في قصائده قضايا أمته،دينية كانت أو دنيوية، سياسية كانت أو اجتماعية، روحية كانت أو عاطفية. والشعر عنده ليس شعر الغزل، بل إنما هو شعر إسلامي الاتجاه.
والمواضيع التي اتخذها الشاعر في قصائده أيضا تتسم باتجاهها الإسلامي، لأنه جعل قصائده ودواوينه وسيلة للتعبير عن الأمة الإسلامية في حزنها وسرورها وقلقها ورجائها، فإن كانت قصيدته في المدح فإنما في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم من رجال الدين، وإن كانت في الرثاء فلمن استشهد منهم في المعارك الإسلامية، وفي الفخر من أمجاد الأمة ورجالها الأفذاذ وأماكنها المقدسة، وفي الهجاء على الصهيونية وأعداء الإسلام والمسلمين. 
 تجربة المديح النبوي صلى الله عليه وسلم في شعر العشماوي:
المدائح النبوية مجالّ واسع تَوجّه إليه الشعراء منذ فجر التاريخ الإسلامي، وحب الرسول عليه السلام والتعلق بسيرته العطرة والإحساس بأن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة للإنسان جمعاء، من أبرز عوامل نشوء هذا النوع من المديح. وأعجب الشعراء المسلمون بشخصية الرسول ذات الجوانب النيرة، فاتخذوا من سيرته وشمائله ومن أخلاقه وأعماله ومن سمو رسالته وقيمه صورا لشعرهم وخلّدوها بما أودعه الله في مشاعرهم وعواطفهم من الشاعرية، ومثّلها صالحة لكل زمان ومكان، فهذه الثروة المعنوية والعاطفة المشبوبة تحمل في طياتها حرارة الإيمان وحلاوة القول وأريج السيرة العطرة.
ومما يبدو من دراسة الشعر السعودي أن المدائح النبوية عند شعراء المملكة خالية تماما من المزالق والزلات التي شوّهت جانبا كبيرا منها عند بعض الشعراء في بعض الأقطار الإسلامية، والسبب في ذلك يرجع إلى خلو المجتمع السعودي من النزاعات الصوفية والعصبية، فإسهام الشاعر السعودي في هذا المجال ملتزم بالمقتضى الإسلامي ومتسم بالموضوعية الجادة، وجدير بالذكر في هذا الصدد أن الشاعر السعودي قد يتخطى موضوعه الرئيسي أثناء مدح النبي الأمين صلى الله عليه وسلم ويصل إلى موضوعات أخرى تهمه وتمس حياة أمته وقضياها في مختلف أصقاع العالم، ومن هنا اتسعت دائرة المدائح النبوية عند الشعراء السعوديين.[2]
وما من شك في أن مدح المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، هو أصدق المدح، وذلك لأنه يتدفّق من مصدر مفعم بالحب والإيمان، وبعواطف تفيض بالصدق والوفاء، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم أساس، لا قوام للدين إلا به، إذ قال الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده ولده والناس أجمعين"[3].
والشاعر العشماوي يجسّد حبّه العميق للنبي صلى الله عليه وسلم، فحبه في قلب الشاعر كشجرة وارفة ظلالها، جماعات الطير يغرد فيها حبا وجمالا، ذلك الحب الرائع جعل قلب الشاعر المحب يلتهب شوقا للقاء المحبوب ورؤية وجهه الكريم، ويفرّد في هذا الموضوع ديوانا باسم قصيدة يمدح بها النبي صلى الله عليه وسلم، فهي قصيدة عناقيد الضياء[4]. ونرى شاعريته الجياشة تبتهج فرحا بقدوم المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويعطي لمولده أجمل صورة، فيجعل الشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في صورة الهلال الذي ينوّر الطريق لمن يحارُ في الطريق ويضلّ عن سوائها، ويدعو الشاعر الصبح والطيور والأشجار للمشاركة بالفرح والسرور، ويعطي لنا الشاعر صورة البستان الجميل الذي يُرى فيها أنواع الطيور ومختلف الأشجار التي يفوح من زهراتها العطر والبخور،ويتغنى الشاعر مع الطيور ويبدأ قصيدته ’عناقيد الضياء‘ قائلا:
 هـلّ الهـلال فكـيـف ضــلّ الـسـاري                          
وعـــلام تـبـقــى حــيــرة الـمـحـتـارٍ

ضحك الطريق لسالكيـه فقـل لمـن                        
يـلـوي خـطـاه عــن الطـريـق حــذارِ

وتنفس الصبـح الوضـيء قـلا تسـل           
عــن فـرحــة الأغـصــان والأشـجــارِ

غـنّــت بـواكـيـر الـصـبــاح فـحـرّكــت
شـجــو الـطـيـور ولـهـفــة الأزهــــارِ

غــنّــت فـمـكّــة وجـهـهــا مـتــألــق
أمــــلا، ووجــــه طـغـاتـهـا مــتـــواري 5 
ثم يجسّد حبّه للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك البستان الجميل الغناء في دوحة ـــ فهي الشجرة العظيمة المتشعبة ذات الفروع الممتدة ــ ويصفها بأنها صداحة الأطيار، لأن الأبيات وما يضمنه من المعاني والعواطف، مثل الطيور التي تتغنى بأروع الأغاني وألين الأراجيز. ومع ذلك يرى الشاعر عجز الكلمات عن وصف ما يختلج في خواطره من الصور الخلابة، لأن الشوق الذي يحسّ الشاعر في سرائره إنما هو جذوة نار، لا يمكن للكلمات أن تصفها:
يـــا سـيــد الأبـــرار حــبــك دوحــــة

                        فـــي خـاطــري صـدّاحــة الأطــيــارِ

والـشــوق مــاهــذا بــشــوق إنــــه

                        فــي قلـبـي الـولـهـان جـــذوة iiنـــارِ

حـاولـت إعـطـاء المـشـاعـر صـــورة
                        فتهـيـبـت مــــن وصـفـهــا اشــعــارِ6




والشاعر لا يزال يتقدم في تنميق البستان المخيل في ذهنه، ووصف ما فيها من الأشجار والطيور والأزهار، وطبعا يحتاج البستان إلى منهل الماء الذي يرِد إلى شطّه الطيور والحيوانات لكي ترتويوترتاع وتتنزه. فجعل من حبه الذي يسيل في دمه وعرقه منبع نهر يسبَح فيه عواطفه ومشاعره. ويرى الشاعر في بستانه الأمطار الإيماني الذي يسقيه من لجين الماء الذي لا يشوبه كدر ولا عكر، وفيه يقول الشاعر:
ياسـيـد الأبــرار حـبـك فــي دمـــي
          
                نـهـر عـلـى أرض الصـبـابـة جـــاري


يـامـن تـركـت لـنـا المحـجـة نبعـهـا

                        نــبــع الـيـقـيــن ولـيـلـهــا كـنــهــارِ


سُحـب مـن الإيمـان تنعـش أرضنـا

                        بالـغـيـث حـيــن تـخـلــف الأمــطــارِ


لــــك يـانـبــي الله فــــي أعـمـاقـنـا

                        7قــمــم مــــن الإجـــــلال والإكــبـــارِ


فلم يستطع الشاعر أن يكفّ لوعته في تدهور حال الأمة المحمدية التي حررها النبي صلى الله عليه وسلم من عبودية الجاهلية، وغسّلهم النبي صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الراذئلية، ورفعها بالقرآن فجعلها سادة الأرض، بل أعلى مرتبتَهم إلى نجوم السماء لمن يريد الهداية. ثم يعطي الشاعر صورة المسلم اليوم باكيا على انحطاطه ويعرِّف حاله للنبي صلى الله عليه وسلم بأبياته التالية:
يـاسـيــد الأبــــرار أمــتـــك الــتـــي

حـررتـهــا مــــن قـبـضــة الأشـــــرارِ


وغسلـت مــن درن الرذيـلـة ثوبـهـا

وصـرفــت عـنـهـا قـســوة الإعـصــارِ


ورفــعــت بـالـقــرآن قــــدر رجـالـهــا

وسـقـيـتـهــا بــالــحــب والإيـــثــــارِ



يـاسـيــد الأبــــرار أمــتــك إلــتـــوت

فــي عصـرنـا ومـضــت مـــع الـتـيـارِ


شربـت كـؤوس الـذل حيـن تعلقـت

بـثـقــافــة مـسـمــومــة الأفـــكــــارِ


إنـي إراهــا وهــي تسـحـب ثوبـهـا

مخـدوعـة فــي قبـضـة السـمـسـارِ


إنــي إراهــا تستـطـيـب خضـوعـهـا

8     وتــلــيــن لـلــرهــبــان والأحـــبــــارِ


ومن هنا ينصح الشاعر الأمة للحب الصحيح للنبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يكون حب الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وفي رأي الشاعر إن تفعيل حب القلب للرسول صلى الله عليه وسلم وتحويله إلى الواقع، هو بالتمسك بشريعة الإسلام في أعماله الظاهرية والباطنية، إضافة إلى هذا الاقتداءُ بالرسول صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته، حتى يُحيِي سنّتَه العطرة في سطح الأرض، ويردّ الشوائب عن سيرته حتى يُرَى أثره في الأفكار والآثار:
حــب الـرسـول تـمـسـك بشـريـعـة
                        غــــرّاء فــــي الإعــــلان والإســــرارِ

حـــب الـرســول تـعـلــق بـصـفـاتـه
                        وتــخــلــق بــخــلائـــق الأطـــهــــارِ

حــب الـرسـول حقيـقـة يحـيـا بـهـا
                        قــلــب الـتـقــي عـمـيـقــة الآثـــــارِ

إحــيــاء سـنـتــه إقــامــة شــرعـــه
                        فــي الأرض دفــع الـشــك بـالإقــرارِ

إحــيــاء سـنـتــه حـقـيـقــة حــبـــه
                        في القلب في الكلمات في الأفكارِ

ويقدم الشاعر العشماوي أبياتا يثري بها النبي صلى الله عليه وسلم، هو مدح يليق بجماله وكماله، لأن الشمس والقمر وكل الأجرام المضيئة في السماء إنما تستقي أنوارَها من نور النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه نور فوق نور، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صار منبع نورٍ وهدى لمن لا يرى الطريقَ المضيءَ،وقد طلعت شمس الهدى عندما ضاعت مكارمُ الأخلاق في الظلمة الجاهلية، وبعد طلوعها صارت الفضائل متناسقة في هذا البستان الذي يراه الشاعر في مشاعره. ولما بيّن هذه الأخلاق الفاضلة ومكانتها في الحياة الإنسانية، لمن يكادون ينحرفون عن سواء السبيل، استمع إليه الثقلين، بل صاروا مبتهجين ومستبشرين برؤيته والاستماع إليه، لأن مكانته مكانة عالية، لأنه خير من سار بالقدم، والشمس تشتاق إلى نور محيّاه، والنهار يفرح ويبتهج برؤيته. وقد ثبت في الحديث أن الشمس قد ضاع رونقها وجمالها في يوم رحلَ فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى:
مـــن نـبــع هـديــك تسـتـقـى الأنـــوار
والـــــى ضـيــائــك تـنـتـمــى الأقــمـــار

رب الـعـبــاد حــبـــاك أعــظـــم نـعــمــة
ديــــنــــا يــــعــــز بــــعــــزه الأخــــيــــار

حـفـظـت بـــك أخـــلاق بـعــد ضيـاعـهـا
وتسـامـقـت فـــى روضــهــا الأشــجــار

وبـعــثــت للـثـقـلـيـن بــعــثــة ســـيـــد
صـــدقـــت بــــــه وبــديــنــه الأخـــبــــار

أصـغــت الـيــك الـجــن وانـبـهـرت بــمــا
تـتــلــو وعـــــم قـلـوبـهــا اسـتـبــشــار

يـا خـيـر مــن وطــئ الـثـرى وتشـرفـت
بــمــثــيــره الــكــثــبـــان والأحــــجـــــار

يـامـن تـتـوق الـــى مـحـاسـن وجـهــه
شــمـــس ويــفـــرح أن يــــــراه نـــهـــار[9]
 
وانتقل الشاعر يمدح النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول إن من إمكان أي شيء في الكون أن يمدح النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا يبرز الشاعر خياله الناضج، بحيث يجعل للكون القدرة للكلام والمدح، لأنه يرى في الكون مخلوقات عجيبة تمتلك الفصاحة والبلاغة باختلاف أنواعها، لأن هفيف الأشجار وخرير الماء وزقزقة العصافير أنواعُ هذا المدح الذي يرى الشاعر في الكون،فكل هذه الأصوات إنما هي أشعارها في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهذا الكون الذي يمتلك قدرة الكلام يجيب بقوله : "هو المختار" على السائل الذي يسئله عن خير العباد. لأن النبي صلى الله عليه وسلم شمس هذا الكون وقمره، وينوّر أفاقه مهما يسودّ جوّهويشتدّ غباره:
لــو أطـلـق الـكــون الفـسـيـح لـسـانـه
لــســرت الــيـــك بـمــدحــه الأشــعـــار

لــو قـيـل: مــن خـيـر العـبـاد، لــرددت
أصــوات مــن سمـعـوا: هــو المـخـتـار

لــم لا تـكـون؟ وأنــت أفـضــل مـرســل
وأعــز مــن رسـمـوا الـطـريـق وســـاروا

مــا أنـــت الا الـشـمـس يـمــلأ نـورهــا
آفــاقــنـــا، مــهــمـــا أثـــيــــر غــــبــــار

مـــا أنـــت الا أحـمــد المـحـمـود فــــى

[10]  كـــل الأمــــور، بــــذاك يـشـهــد غــــار

ويدافع الشاعر الأعداء بقوة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منافحا عن مكانته، مظهرا حبه العميق له، فحين ظهرت تلك الرسوم الكاريكاتور(Caricature) على صفحات بعض الصُحف في الدنمارك،تحاول الإساءة إلى مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وتحرش المسلمين، يتسائل الشاعر محتقرا الحكومة الدنماركية التي لم تحجز تلك الصحيفة ولم تمنع رجالها، وهنا يجاهر الشاعر لأهل الدنمارك بالمكانة النبوية بقوله، فما الدنمارك إلا رعاة بقر، ثم يعلي الشاعر مكانة البقر لأنه جعلها فوق رعاتها في الفهم والفكر. ويحطّ الشاعر مكانة دولتهم وأهلهم، لأنهم حاولوا النيل من قدر الرسول صلى الله عليه وسلم وكرامته، برسومٍ رسمَها سفهاؤهم وأشادها معظمهم باسم حرية التعبير، ولكنها تأتي من روح غربية حاقدة على النبي صلى الله عليه وسلم ودينه وأمته، ونرى حب الشاعر العميق في الأبيات التالية حيث يرى أن ما صنع الأعداء كلها دنيء وفكرهم دنيء مقارنةبالمكانة العالية المحمدية، ومع ذلك حبه وغيرته تمنعه من الجلوس فيكتب فيها محتقرا أهل الدنمارك ومن يشجعهم في نشر العداوة بين الناس:
مــا (دنمارك)الـقـوم ومـــا (نرويـجـهـم)؟
يـصــغــى الــرعـــاة وتـفــهــم الأبــقـــار

مــا بالـهـم سكـتـوا عـلـى سفهـائـهـم
حــتــى تــمـــادى الــشـــر والأشـــــرار

عـجـبـا لـهــذا الـحـقـد يـجــرى مـثـلـمـا
يجرى (صـديـد) فــى الـقـلـوب، و(قـــار)

يــا عـصـر الـحـاد العـقـول ،لـقـد جـــرى
بـــك فـــى طـريــق الـمـوبـقـات قــطــار

قـربــت خـطــاك مــــن النهاية، فـانـتـبـه
فــلــربــمـــا تــتــحــطـــم الأســــــــــوار

إنـــــى أقـــــول ، ولـلــدمــوع حــكــايــة
عـــــن مـثـلـهــا تـتــحــدث الأمـــطـــار:

إنـــــــا لـنــعــلــم أن قــــــــدر نــبــيــنــا
أســمـــى، وأن الـشـانـئـيـن صـــغـــار

لــكــنـــه ألـــــــم الــمــحـــب يـــزيــــده
شـرفــا، وفــيــه لــمــن يــحــب فــخــار

يشـقـى غـفـاة الـقـوم مــوت قلوبـهـم
[11] ويـــــذوق طــعـــم الـــراحـــة الأغـــيـــار
وهكذا جاء شعر العشماوي يمدح المصطفى صلى الله عليه وسلم تعبيرا صادقا عما يختلج في قلبه من المحبة. وعبر الشاعر معظم حوادث سيرته بعاطفة صادقة مخلصة تجاه النبي صلى الله عليه وسلم، حبا له ودفاعا عنه وإبراز للشمائل المحمدية وحثا على الاقتداء به ونشرا لمحاسن الإسلام التي ظهرت في طيات تاريخه العطرة.



[1] صفحة 10، تجربة عبد الرحمن العشماوي الشعرية لفهد فريح الرشيدي.
[2]صفحة 391 الاتجاهات الإسلامية في الشعر السعودي الحديث خلال القرن العشرين، الدكتور عرفات ظفر.
[3] متفق عليه.
[4] عناقيد الضياء، مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى 2002 م.
[5] صفحة 5، عناقيد الضياء
[6] صفحة 11، عناقيد الضياء.
[7] صفحة 16، عناقيد الضياء.
[8] صفحة 12، عناقيد الضياء.
[9] قصيدة هو المختار للعشماوي، www.awfaz.com
[10] صيدة هو المختار للعشماوي، www.awfaz.com
[11] قصيدة هو المختار، www.awfaz.com

مواضيع ذات صلة
أدبيات, الأدب العربي العالمي, دراسات,

إرسال تعليق

0 تعليقات