ادعمنا بالإعجاب

نبذ من خصائص المصطفى (ص)

أبو سهيل أنور عبد الله الفضفري
قصيدة رائعة من بحر الطويل، تحتوي على نبذ من خصائص المصطفى (ص) من بين سائر الأنبياء عليهم السلام، وخصائصه دون أمته، وقد ذكر الشاعر فيها ثلاثا وستين خصلة من الخصائص بإيجاز، مما هي ثابتة في النصوص الصحيحة. قد بدأت القصيدة بذكر شيء من الغزل على عادة الشعراء ، لكن باستنكاره والدعاء الى المحبة الحقة، هذه القصيدة خمسون بيتا

صحا القلب من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ
وأنباءِ آكَامٍ   وأرجَاءِ مَحْمِلِ

وتطريز قالٍ من غوايا فُتُوّةٍ
وتطريب بالٍ من مُجُونٍ مُشًكَّلِ

ولم تُلفِ من تلك الأباطيلِ نزهةً
ولم تُجدِ تلك النّزغاتُ بِخَرْدَلِ

أَمِنْ بَعْدِ ما عزّ ابنَ دايةَ نسرُهُ
وعشَّش في وكْرَيهِ تُلْفَى بمَجْهَل(1)

تعالَ ! أقاسمْكَ المحبة لحظة
محبة مَنْ يُنْجيك من كل مُعْضل

وتهدي إلى دار الخلود بلا امترا
أَلِلْمَرْءِ إلا تلك من خير مَوئل؟

فأقبلْ إلى ذكرى الحبيب محمد
نبي الهدى، أسمى الورى،خير مرسل(2)

رسولٍ، رءوفٍ، رحمةِ الخلق، سيِّدِ
سراجٍ منيرٍ، شافعِ خيرِ مَأْمَلِ

وداعٍ إلى الله، نذيرٍ، مبشِّرِ
وصاحبِ حوضٍ، والمقام المفضَّل

مناقبه لا مُنْتَهَى لِعِدَادِها
وهل قطراتُ الغيث تحصى بِمِكْيَل؟

فما بلغ المداح معشار نعته
وما المدح إلا قطر سَحٍّ مجلِّل

فمبلغ علم المرء فيه بأنه
رسول إليهم خير خلق بأكمل

خصائصه بين النبيين جمة
أتت بالأسانيد الصحيحة فاعقل

فمنها: كتاب الله أوتي معجزا
بدون انصرام طول ماض ومقبل((3

تولى بحفظ للكتاب، وقد حوى
على الكتب الأخرى وفضل المفصَّل(4)

وآتاه من كنزٍ من العرش ربُّه
خواتيم تتلى من كلامٍ منزّل((5

وكان ختام الأنبياء، وأرسلا
إلى الثقلين كلهم رحمة تلي

وقد نصر المولى برعب العداة في
مسيرة شهر، غُنْمُهُم من محلَّل

وكل بقاع الأرض طهرٌ ومسجدُ
وخص بيوم الجمعة المتجمل

وناداه مولاه بأسمى صفاته:
                                      (  نبيٍّ)، (رسولٍ) لا اسمه المتعَقَّل

وأقسم في القرآن أي بحياته(6)
نهى أن ينادى باسمه كلَّ مقبل

وقدمه ذكرًا لدى عَدِّ رسْلِه
كما جاء في (الأحزاب) فانظُرْهُ إذ تلي(7)

وقد حرست كل السماء ببعثه
تولى الإله دافعا قول مبطل(8)

وأسرى به ليلا، فصلى بمَقْدِس
إماما لكل الأنبياء المفضل

وأُعرج من فوق السموات، واصطُفِي
نجيا، وبالرؤيا- كما قيل – قد ولِي(9)

وأُرسل أميا وأُعلم شأنه
لأهل الكتابين بوصف مفصل

قد انشق إعجازا بشقين ذا القمر
وقد فار ماء من أصابعه حلي

وسلم حقا قبل مبعثه حجرْ
وحنَّ إليه الجذع عند التحول

وأوتي من وحي مراتب عدة(10)
جوامع قول في أحاديث تنجلي

وقد أخذ الميثاق من كل أنبيا
بنصرته حقا وتصديق ذا الولي(11)

وأُولي مفاتيحَ الخزائن للدنا
وأمتُه لا استُئصلوا بمُقَتِّل(12)

وصلى النبي القبلتين وقد جعل
صلاة بألف في "المدينة" فافعل(13)

رياض من الجنات ما بين منبر
وما بين بيت فيه مدفنه الجلي

وأُتقن صونا بلدتاه[14] فلا يلج
بتينك دجال زمانَ التجول

كما حرس المولى مدينته العلا
عن الآفة – الطاعون – داء التقتل

أحلت له مكة ساعة فتحها
ومن قبلها أو بعدها لم تحلل

بعض خصائص النبي (ص) في الآخرة   

وأول من ينشق عنه الثرى، وذو
لِوَا الحمد، في الجنات أول مُدْخلِ

وأول من جاز الصراط بأمة
له كوثر، ثم الوسيلة قد ولي

ويبعثه ذاك المقام المحمدا
ويفتح إذ ذاك المحامد تنجلي

ويومَ النشور كان أكثرَ أمةً
وسبعون ألفا لا حساب لهم يلي

وأمته هم يشهدون على الورى
ويشهد بالتبليغ فيهم لدى العَلِي(15)

بعض خصائص النبي (ص) دون أمته

وألزمنا حب النبي وذكره
وعامد كِذْب والجٌ شرَّ مدخل(16)

ورائيه في الرؤيا رآه، فقد عصم
من إلباس شيطان له بالتمثل

ولا ترفع الأصوات من فوق صوته
يرى من وراء الظهر رؤية مقبل(17)

وإن نامت العينان ما نام قلبه
وأطيبُ طيب عَرقه إن تحصَّل

وخُيِّرَ بين العيشتين بمَرْضه(18)
ومقبضه مثواه أي خير منزل

وأزواجه خير النسا، أمهاتنا
فلا عقد يعروهن، نصُّ المنزَّل(19)

ومن يأت بالمعروف منهن تؤجر
جزائين(20) إكرام الرسول المبجّل

فيا ربّ يا رحمن تمحو ذنوبنا
تبوّؤنا الفردوسَ أكرم موئل

مع المصطفى والصالحين بفضلكا

دعاء الفقير الفضفري المقلل



[1] ابن داية: الغراب، والنسر: طائر معروف، عز: غلب. وغلب النسر ابن داية: كناية عن غلبة الشيب على سواد الشعر. والوكران: الرأس واللحية. والمراد: الاستنكار على المتمادي في هوى النفس بعد ما كبر وشاب.
[2] (خير مرسل) وما بعده بدل من (محمد)
[3] مقبل هنا بمعنى الزمن المستقبل، وفيما يأتي، بمعنى المتوجه إلى الرسول (ص)
[4] المفصّل: من سورة الحجرات أو سورة ‘ق’ إلى آخر القرآن. وهذا إشارة إلى قوله (ص): "أعطيت مكان التوراة السبع، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصّل" رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، والمفصّل فيما يأتي (26) بمعنى الموضّح. 
[5] المراد خواتيم سورة البقرة. الحديث رواه أحمد.
[6] وذلك في قوله تعالى: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) (الحجر:72).
[7] وذلك في قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم....) (الأحزاب:7)، وكذا في سورة النساء: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح...) (النساء: 163).
[8] وذلك أن الأنبياء السابقين كانوا يتولون الدفاع عن أنفسهم فيما رماهم به قومهم، كما قال نوح (ع) لما قالوا له: (إنا نراك في ضلال مبين). فقال: (فقال يا قوم ليس بي ضلالة....)، وأما نبينا (ص)، فقد تولى الرب تعالى الرد عنه على المشركين حين رموه بالجنون والضلال والشعر، فقال: (فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون....).
[9] الرؤيا هنا مصدر (رأى) البصرية، كما فسر قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس). (الإسراء:60)
[10] وذلك أنه جمع له أنواعا من الوحي، فيكون بالرؤيا الصادقة، وبإلقاء المَلَك في القلب من دون أن يراه، وبتمثل الملك رجلا فيخاطبه، وبمثل صلصلة الجرس، وبرؤيته الملك جبريل (ع) على صورته، وبإيحاء الله إليه ليلة المعراج، وبكلام الله له تلك الليلة بلا واسطة. 
    11] ذا الولي: أي الرسول (ص) فهو ولي المؤمنين.
   12] أي بهلاك عام يستأصلهم، فلا يقع، لدعوته (ص).
    13] المراد بالمدينة المسجد النبوي الذي بها.
    14] البلدتان: مكة والمدينة، فلا يدخل حرمهما الدجال
  15]  أي عند الله تعالى
      16] إشارة إلى قوله (ص): (من تعمد علي كذبا فاليتبوأ مقعده من النار) [متفق عليه].
[17] قال (ص): (إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يديَّ) [مسلم].
       18] لقوله (ص): (ما من نبي يمرض إلا خُيِّرَ بين الدنيا والآخرة...) [متفق عليه]، وتسكين الراء في (مرْضه) للضرورة.
[19] إشارة إلى قوله تعالى:(وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) [الأحزاب: 53]
[20] قال تعالى: (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما) [الأحزاب: 31]

مواضيع ذات صلة
الأشعار, الأماديح,

إرسال تعليق

0 تعليقات