ادعمنا بالإعجاب

الإسهامات العلمية والدينية للعلماء الشافعيين في شبه القارة الهندية


 (مقالة تم تقديمها في الندوة الدولية المنعقدة في الجامعة الإسلامية ببهدكل، ولاية كرنادكا)
علي كوتي المسليار الفيضي*
الشافعيون هم الذين يتبعون في الفقه الإسلامي مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه – العالم القرشي الذي ملأ طباق الأرض علما. وقد حظي مذهبه بانتشار واسع في طول العالم الإسلامي وعرضه، ويجمل الباحثون أماكن انتشار المذهب بقولهم:

ينتشر المذهب الشافعي في كل أرجاء العالم الإسلامي؛ فقد انتشر قديماً في كل مكان حط فيه الشافعي رحاله. وقد كان مقلدوه في مصر أكثر مما سواها، حيث تغلب على المذهبين الحنفي والمالكي، لكن أُبْطِلَ العمل به بمجيء الدولة الفاطمية التي استبدلت به مذهب الشيعة الإمامية، لكنه عاد مرة أخرى للعمل به في عهد الدولة الأيوبية وبعدها في عهد المماليك إلى أن أُوقِفَ العمل به في عهد الدولة العثمانية؛ التي حصر حكامها القضاء في المذهب الحنفي لأنه مذهبهم. وإذا كان المذهب الشافعي قد فقد مكانته الرسمية في مصر، إلا أنه قد بقيت منزلته لدى الشعب المصري، فإنه هو والمذهب المالكي قد تغلغلا في النفوس؛ لذا نجد أن أغلب سكان الوجه البحري (الشمال) يعملون بالمذهب الشافعي، بينما أغلب سكان صعيد مصر (الجنوب) يعملون بمقتضى الفقه المالكي. أما في بلاد الشام، فقد حل المذهب الشافعي محل مذهب الأوزاعي بتولي أبي زرعة الشافعي قضاء دمشق، وذلك عند منتصف القرن الرابع الهجري.
وفي العراق تزاحم المذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة لمكانة الأخير عند الخلفاء والحكام. وقد كان للمذهب الشافعي مكانة عالية لوجود تلاميذ الشافعي الأولين، ولهجرة كثير من أصحاب الشافعي وعلماء الشافعية إلى العراق، فكانت لهم منزلة لدى الخلفاء وإن كان القضاء عند الحنفية.
وفي بلاد خراسان وسجستان وما وراء النهر، انتشر المذهب الشافعي، وقد ساعد على انتشاره علماء من أمثال محمد بن إسماعيل الشاشي، وعبدالله المروزي، وأحمد بن سيار، ويعقوب الإسفراييني. وانتشر هذا المذهب في أقصى بلاد الشرق كإندونيسيا، وماليزيا، والفلبين، وسريلانكا، وأستراليا وبعض أجزاء من الهند. كما انتشر في اليمن وأجزاء من الحجاز، لكنه لم ينتشر في بلاد المغرب ولا في الأندلس لتمكن المذهب المالكي وغلبته فيها" ( الموسوعة العربية العالمية، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، الرياض، 1416هـ )[1]
ويتبين من استعراض المنطقة الجغرافية الواسعة التي تلقى المذهب الشافعي فيها رواجا وانتشارا أن هذا المذهب يحتل المكانة الثانية بين المذاهب الأربعة من حيث الأتباع، ويؤكد الشيخ محمد زاهد الكوثري ( ت 1371 هـ  ) هذه الحقيقة حيث يقول عن الإمام الشافعي: وهو ثالث الأئمة الأربعة باعتبار الترتيب وثانيهم باعتبار كثرة الأتباع ، ولا سيما بعد أن سعى السادة الحضارمة في نشر المذهب في جزر جاوة والسواحل الهندية وتلك الأرجاء" ( ابن أبي حاتم، آداب الشافعي ومناقبه، مقدمة الشيخ الكوثري )[2]
الشافعية في شبه القارة الهندية
علينا أن نحدد أولا مفهوم شبه القارة الهندية، ونعرف أماكن نفوذ الشافعية فيها، قبل أن نخوض في البحث عن إسهامات الشافعيين في شبه القارة الهندية. يقول الدكتور أحمد إدريس: إن مفهوم شبه القارة يكبر ويصغر. فالهند في عصورها الإسلامية لم تثبت عند حدود جغرافية بعينها، وإنما أخضعها للمد والجزر رغبة سلاطينها، وبصيرتهم الإدارية، ووضعهم السياسي، وعلاقاتهم بالدول المجاورة حبا وبغضا، وأحيانا طمعهم في الثروات، فكانت تضيق حينا وتتسع أحيانا .... ونحن في تحديدنا للمقصود بشبه القارة جغرافيا اقتصرنا على الهند وباكستان – كما هما اليوم – فصار المراد بشبه القارة هو شبه القارة الهندية الباكستانية[3]. وقد اعتمدنا على نفس التحديد في هذه المقالة البحثية.
وأما عن وجود الشافعية في شبه القارة الهندية فنجد في موقع ويكي بيديا الحر أنه يعمل بالمذهب الشافعي جماعات كثيرة في الولايات الهندية مثل ولاية كيرالا (أكثرهم من Mappilas)، وولاية كارناتاكا (بهتكل ومنجلور ومناطق Coorg)، وولاية ماهاراشترا (المسلمون الكنكانيون ) و ولاية تاميل نادو[4]
وإذا فحصنا مدى نفوذهم في المناطق المذكورة وجدنا أن تسعين في المائة تقريبا من مسلمي كيرالا مقلدون للمذهب الشافعي، ولا يستثنى منهم إلا بعض الأحناف الذين نفوذهم ضئيل جدا في الولاية، وإلا بعض أتباع الفرق التي تدعي أنها لا تقلد مذهبا معينا من المذاهب الأربعة. ومن الملحوظ أن معظم أتباع هذه الفرق أيضا يعملون بالمذهب الشافعي إلا في بعض المسائل التي جرى الخلاف فيها بينهم وبين الشافعيين السنيين، حيث إنهم حصلوا على الدراسات الابتدائية في العلوم الإسلامية من المدارس التي تجري تحت إشراف العلماء الشافعيين.
وأما في ولاية تامل نادو فكان جمهور المسلمين في مذهب الحنفية خلاف بعض الأماكن، وهي كايل باتنم وكيلا كاراي وأدرام باتنم[5]، وفي مدينة مدراس ( تشينائي حاليا ) أيضا نفوذ قوي للشافعيين، حيث إن نصف عدد المسلمين هناك شافعية.[6] كما أن معظم المسلمين الذين يسكنون في القرى المجاورة لكيرالا والذين ينطقون بلغة مليالم كلغة الأم هم أيضا شافعيون.
وأما المسلمون في منطقة كونكان (Konkan) من ولايتي كرناتكا ومهاراشترا فيحملون خصائص متميزة، يقول الدكتور عمر خالدي: الجاليات المسلمة التي ظهرت على ساحل كونكان من الهند في القرن السابع تحمل ثلاث خصائص مشتركة: الأولى هي الأصل المشترك في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج الفارسي، والثانية هي الالتزام المشترك للمذهب الشافعي، وأخيرا الأصل المشترك من البحارة والتجار العرب.  ومن بين هذه المجتمعات يستحق ثلاث مجموعات على الأقل أن تسمى بالنوائط ( Nawayats ).[7]
ويقال إن النوائط هم الذين فروا من اضطهاد الحجاج وسكنوا ساحل جنوب الهند.[8] وهناك خلاف في أصل كلمة النوائط، فكثير من الباحثين يقولون إنها مركبة من كلمتي "ناو" بمعنى الزورق، وخوذا بمعنى المالك، وكلاهما من الكلمات الفارسية القديمة. فيكون معنى الكلمة مالك الزورق. وأيا كان أصل لفظ النوائط فمن الواضح أن هناك ثلاث مجموعات من المسلمين الذين ينتسبون إلى المهاجرين العرب وذريتهم، وقد تفرقت إلى أماكن مختلفة من المناطق الجنوبية الغربية للهند. فالمجموعة الأولى من النوائط هي التي تعيش في الغالب في بلدة Bhatkal، في منطقة كانارا الشمالية في ولاية كارناتاكا. والمجموعة الثانية تعيش في تشيناي (مدراس) وحيدر أباد وفي أماكن أخرى. وهناك ارتباط وثيق بين نوائط تشيناي وحيدر أباد بالقرابة والمصاهرة. والمجموعة الثالثة التي تسكن في منطقة كونكان من ولاية مها راشترا كانت تسمى في البداية بالنوائط، ولكنهم الآن يعرفون باسم المسلمين الكنكانيين. والمسلمون من محافظات ريكاد ( Raigad ) ورتناكري ( Ratnagiri ) وتهاني ( Thane ) وسندهو درك ( Sindhudurg ) من ولاية مها راشترا ومن كووه ( Gova ) يدعون عموما بالمسلمين الكونكانيين.[9]
وكان كثير من الحضارمة قد نزحوا إلى مدينتي حيدراباد وأحمداباد وماحولهما في عصور مختلفة، وكان منهم علماء أجلاء، ولكن للأسف، لم أصل إلى مراجع وافرة حول وجود الشافعيين في تلك المناطق في هذه الأيام.
وأما سبب انتشار المذهب الشافعي في هذه المنطقة الواسعة الواقعة في ساحل الهند الجنوبي الغربي المطل على البحر العربي يعود إلى علاقاتها العريقة مع أهل الحجاز واليمن ومصر ونحوها، فكان هناك علاقات تجارية وطيدة بين هذين الجانبين بدئت قبل آلاف القرون، وبعد ظهور الدعوة الإسلامية قد تتابعت الوفود من البلاد العربية المذكورة إلى هذه المناطق الساحلية الهندية على مر الدهور، كما رحل كثير من أهالي هذه المناطق إلى الحجاز ومصر ونحوهما لطلب الدراسات العليا في العلوم الإسلامية، وكانت البلاد العربية المذكورة كلها تربة خصبة بالنسبة إلى المذهب الشافعي، فكان من الطبيعي أن ينتشر مذهبهم في هذه المناطق انتشارا واسعا، على أن معظم أهالي هذه المناطق كان يعوقهم من الاتصال بإخوانهم الحنفيين في سائر أنحاء الهند عوائق لغوية وجغرافية وتاريخية واجتماعية.
يقول السيد عبد الرحمن العيدروسي الأزهري: ومعلوم تاريخيا أن علاقات التعاليم الدينية والعربية في البلاد المليبارية كانت باليمن ومصر والحجاز من الأقطار العربية، ودعاة العرب الذين نزحوا إليها منذ أوائل القرون الفاضلة ومن بداية أيام الدعوة الإسلامية وعلى رأسهم الشيخ مالك بن دينار ورفاقه رضي الله عنهم والذين جاؤوا بعدهم ثم استوطنوا فيها نشروا التعاليم الدينية واللغة العربية وأنشأوا فيها عددا من المراكز العلمية والمعاهد الدينية وقاموا بهذه الخدمة الجليلة خير قيام، ولا يوجد لها نظير في أية مقاطعة من مقاطعات شبه القارة الهندية."[10]
وأما زمن وصول المذهب الشافعي أولا في هذه المناطق فليس لدينا دليل قطعي يدل على زمن معين. وما يدعيه البعض من أن المذهب الشافعي إنما انتشر في مليبار بعد قدوم المخدوميين فليس له أصل على ما يظهر، لأن هناك دليلا على وجود المذهب الشافعي في مليبار قبل قدوم المخدوميين بقرون، حيث إن هناك نسخة قديمة لكتاب التنبيه في الفقه الشافعي في مكتبة مسجد البركة الكبرى بتانور، كتب في أول أوراقه باللغة الفارسية وبعده ترجمتها في العربية هكذا: وكتبه الفقير محمد بن عبد الله الحضرمي الشافعي مذهبا والقادري مشربا والأزهري تعلما وسندا." ووقفه لله في مسجد البركة الكبرى الساحلي بتانور حين كان مدرسا ومفتيا فيه، وسنة الوقف كما كتب 675 هـ.[11] وأما وصول المخدومين إلى مدينة فنان فكان في أواخر القرن التاسع الهجري، على أن الشيخ زين الدين المخدوم الكبير قد تعلم في الحلقة الدرسية للقاضي فخر الدين أبو بكر بن القاضي رمضان الشالياتي[12]، وهذان العالمان كانا من العلماء الشافعيين المشاهير ومن أسرة القضاة بكاليكوت ومن أوائل الأدباء الذين قد عثر على أعمالهم الأدبية من أهل مليبار.
وعدم حصولنا على دليل حول بداية انتشار المذهب الشافعي في هذه المناطق يرجع إلى عدم قيد هذه الأدلة التاريخية بأيدي أسلافنا، وهم معذورون لعدم التسهيلات الوافرة وللأوضاع المتميزة في تلك الأزمنة. ومن الملحوظ أن تاريخ هذه المناطق إنما تم كتابته باللغة المحلية بعد ظهور أول كتاب فيه في اللغة العربية، حيث ظهر كتاب تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين في النصف الأخير من القرن العاشر الهجري، ويعتبره المؤرخون أول كتاب حول تاريخ مليبار.
ذكر إسهامات العلماء الشافعيين في هذه المناطق في الموسوعات العامة
من دواعي الأسف أن إسهاماتهم لم تحظ بعناية تستحقها من قبل المؤلفين في تاريخ الأدب العربي عموما، أو في تاريخ الأدب العربي الهندي خصوصا. يقول الدكتور أحمد إدريس في كتابه "الأدب العربي الهندي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين" بعد أن عرض صورة عامة حول الأدب العربي الهندي: ولعلك أدركت أيضا أن أبناء الجنوب والمناطق البعيدة لم يجدوا من اهتم بهم وبأعمالهم وحياتهم إلا في أقل القليل، كما أن أصحاب التذاكر ضخموا من والوهم في المذهب وإن قل شأنهم، وبخسوا من خالفهم قدرهم أو لم يذكروا عنهم ما يستحق الذكر."[13]
نضطر إلى تصديق الدكتور أحمد إدريس في ادعائه أن أبناء الجنوب لم يجدوا اهتماما يستحقونه. فهو نفسه لم يستطع إلا أن يذكر في كتابه إلا ستة من أهل مليبار، ومن هؤلاء الستة المذكورين أيضا لم يستطع أن يسرد بيانا شافيا إلا عن زين الدين المخدوم الكبير والشيخ عبد القادر الفضفري، وأما الباقون فيعتذر المصنف عن عدم سرده تراجمهم الكاملة بأنه لم يطلع عليها في المراجع التي وجدها. فعلى سبيل المثال يكتب عن القاضي محمد بن عبد العزيز الكاليكوتي: لم نجد الكثير عن حياة الشيخ محمد بن عبد العزيز الكاليكوتي المليباري سوى ما ذكره عبد الحي اللكنوي رغم شهرة الرجل في منطقته. قال اللكنوي إنه أحد العلماء المشهورين في بلاده، له الفتح المبين للسامري الذي يحب المسلمين أرجوزة في نحو خمسمائة بيت عن واقعة بين البرتغاليين والهنود سنة 903 هـ  توجد منها نسخة في مكتبة مكتب الهند بلندن. ولم يذكر تاريخ وفاته ولا شيئا عن حياته، لكنه كان معاصرا للواقعة المذكورة مما يعني أنه توفي بعدها[14]. ويكتب الدكتور أحمد إدريس عن أحمد الشعراني: لم نهتد إليه، كل ما نعرفه عنه أنه – كما مر بك – كان معاصرا لعبد القادر المليباري بينه وبينه مراسلات شعرية وأدبية. ويظهر من اسمه أنه كان شافعيا كبقية أهل ساحل مليبار.[15]
وإذا تتبعنا كتاب نزهة الخواطر للشيخ عبد الحي الحسني، وجدنا أنه لم يذكر فيه إلا تراجم بضعة أشخاص من أعلام هذه المناطق. ويكتب عنه السيد عبد الرحمن الأزهري: قد أفرغ المؤلف فيه جهده وكفاحه حتى أخرجه في ستة أجزاء كبار تحتوي على تاريخ أربعة آلاف وخمسمائة شخص مع نسبهم وقدر علمهم وآثارهم، واستغرق جمعه وترتيبه مدة ثلاثين سنة كما ذكر في مقدمته، ولكن ينقصه تاريخ علماء مليبار، فلا غرو فإن البعد بين القطرين شاسع والمواصلات بينهما غير متيسرة في الزمن القديم، فله العذر كل العذر.[16]
وفي كتاب "المسلمون في الهند" للعلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله ليس هناك إلا بضعة أسطر عن إسهامات العلماء في هذه المناطق. وليس الوضع مختلفا في كتاب "تاريخ أدب اللغة العربية" لجورجي زيدان، وفي كتاب كشف الظنون للحاجي خليفة، وفي كتاب الأعلام للزركلي، ونحوها.
وجدير بالذكر أن المؤرخ المليباري الشهير محمد علي المسليار حفيد الشيخ علي المسليار زعيم حركة الخلافة قد قام بجهد جهيد لاستكشاف تراجم أعلام مليبار وأعمالهم الأدبية، وقيدها في كتاب قيم سماه بتحفة الأخيار في تاريخ علماء مليبار، وهذا الكتاب يستحق أن يوصف بأنه "نسخة مليبارية" لنزهة الخواطر قد بين فيه تراجم نحو 2500عالم من أهل مليبار. ولكن للأسف لا يزال هذا الكتاب مخطوطا في حوزة ورثته، وهم يرغبون في نشره، ويرجون من أهل الخير والإحسان أن يبذلوا مافي وسعهم لنشر هذا الكتاب.
الإسهامات الدينية العامة للعلماء الشافعيين في هذه المناطق
كانت هذه المناطق ولا تزال مراكز نشاطات إسلامية مكثفة، ففي كيرالا مثلا كانت حلقات الدروس في المساجد أو دروس المساجد - على ما هو التعبير الشائع بين أوساط الشعب - هي الطريقة السائدة للتعليم الديني منذ زمن بعيد . وكانت المساجد تبني على طابقين بحيث تضم قاعة لإلقاء المحاضرة وغرفا لسكنى المدرس والمتعلمين كما كانت بنية المساجد على هذا الطراز في كثير من البلاد الإسلامية . وكانت حلقة الدرس التي أسسها الشيخ زين الدين المخدوم الكبير في جامع فنان قد ذاع صيتها في أرجاء العالم الإسلامي ووفد إليها الطلاب من داخل الهند وخارجها.
وأما في هذه الأيام فيوجد في كيرالا أكثر من اثني عشر ألفا من المدارس الدينية من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية العليا. وزهاء تسعة آلاف من هذه المدارس تجري تحت إشراف هيئة تعليم الدين الإسلامي التابعة لجمعية العلماء لعموم كيرالا، والبواقي تحت هيئات مختلفة. وبعد هذه المرحلة هناك مئات من الكليات التي تجمع بين القديم الصالح والجديد النافع، ومئات من دروس المساجد، وعدة جامعات. وجمعية العلماء لعموم كيرالا هي التي تشرف على حصة كبيرة من هذه المعاهد، ومن أبرز المعاهد التابعة لهذه الجمعية الجامعة النورية العربية بفيضاباد وجامعة دار الهدى الإسلامية وجامعة دار السلام الإسلامية ومركز التربية الإسلامية. وفي جنوب كيرالا هناك نفوذ واسع لجمعية علماء جنوب كيرالا، ومن أبرز معاهدها الجامعة المنانية بوركلا. وهناك مؤسسات تحت رعاية جمعية علماء أهل السنة والجماعة لعموم الهند، من أشهرها مركز الثقافة السنية، كما أن لجمعية العلماء لولاية كيرالا أيضا بعض المعاهد، من بينها الجامعة الوهبية.
إسهامات العلماء الشافعيين في هذه المناطق في الأدب الإسلامي
يقول الدكتور أحمد إدريس عن مفهوم الأدب العربي في الهند: الحقيقة أن الباحث في هذا المجال لا يستطيع أن يحصر المؤلفات العربية في شبه القارة إذا اعتبر الأدب العربي – كما فعل كثير من الباحثين قديما وحديثا وشرقا وغربا – هو كل ما كتب باللغة العربية، ذلك أنه سيواجه تلالا من المصنفات في الحديث وعلومه، وفي التفسير والفقه والتصوف والفلسفة والحكمة والكلام والمنطق والمناظرات والعقيدة وعلوم القرآن والرجال والجغرافية والطب والطبقات واللغة والإنشاء والرسائل والشعر والعروض والبلاغة والمعاجم والنحو وغير ذلك مما يحتاج إثباته إلى أسفار وموسوعات لن تخرج في النهاية عن كونها مجرد قيد وتدوين لهذه المؤلفات ومؤلفيها دون فحص لمحتويات هذا الأدب لمعرفة ما له وما عليه.[17]
وهذه المشكلة هي التي نتعرض لها حينما نحاول إعداد مقالة حول إسهامات الشافعيين في هذه المناطق. ففي ولاية كيرالا وحدها نجد زهاء 600 كتاب باللغة العربية للعلماء الشافعيين، وأما ما صنفوا في اللغة المحلية وفي لغة عربي – مليالم التي يكتب فيها لغة مليالم بالخط العربي مع بعض التعديلات، فيبلغ عشرة آلاف أو أكثر. وفي ولاية تامل ناد أيضا حضور قوي للأدب العربي الإسلامي، ولكن لم يصل إلينا أولم نصل إلى أي مرجع يميز فيه بين إسهامات الشافعيين وبين إسهامات الحنفيين. ولكن من البين أنه كان هناك علماء شافعيون في ولاية تامل نادو الذين أثروا بإسهاماتهم المكتبة الإسلامية من أمثال صدقة الله القاهري والإمام العروس رحمة الله عليهما




*   عميد الجامعة النورية العربية بفيضاباد ورئيس التحرير لمجلة النور العربية الفصلية
1      محمد بن عمر الكاف، انتشار المذهب الشافعي في العالم الإسلامي مع خريطة توضيحية، الملتقى الفقهي
2 نفس المرجع
1. د. أحمد إدريس، الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الهرم ( جمهورية مصر العربية )، 1998
3 د\ تاج الدين المناني، إسهامات تامل نادو للأدب العربي، أوراق أعمال ندوة دولية عن إسهامات الهند للأدب العربي، قسم العربية، جامعة كاليكوت، مارس 2011
4 http://imanguide.com/archives/2011/03/15/shafis-in-india-2/
[7] http://en.wikipedia.org/wiki/Konkani_Muslims Author: Dr. Omar Khalidi     
2 د. أحمد إدريس، الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الهرم ( جمهورية مصر العربية )، 1998
1 السيد عبد الرحمن عيدروسي الأزهري، من نوابغ علماء مليبار، دبي، مطبع البيان التجارية، 1993
2 نفس المرجع
1. انظر:  ك.ك. محمد عبد الكريم، المؤلف وأسرته في سطور، مقدمة تحفة المجاهدين للشيخ زين الدين المخدوم الثاني المليباري، كاليكوت، مكتبة الهدى، 1996
2. د. أحمد إدريس، الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الهرم ( جمهورية مصر العربية )، 1998
1. د. أحمد إدريس، الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الهرم ( جمهورية مصر العربية )، 1998، ص 419
2. د. أحمد إدريس، الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الهرم ( جمهورية مصر العربية )، 1998، ص 385
3.  السيد عبد الرحمن عيدروسي الأزهري، من نوابغ علماء مليبار، دبي، مطبع البيان التجارية، 1993
17 د. أحمد إدريس، الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الهرم ( جمهورية مصر العربية )، 1998

مواضيع ذات صلة
أدب كيرالا, التاريخ الأسلامي, الفقه, تراث الهند،, دراسات,

إرسال تعليق

0 تعليقات