ادعمنا بالإعجاب

قصيدة: الجوهر المنظم في سيرة النبي المكرم لعبد الرحمن الاريكلي : الجزء 2، من عرض قريش لمطالب عليه صلى الله عليه وسلم الى هجرة الصحابة إلى المدينة

عرض قريش لمطالب عليه صلى الله عليه وسلم
وَهُمْ فَتَحُوا بَابًا جَدِيدًا أَمَامَهُ
 لإِطْفَاءِ نُورٍ بَاهِرٍ مُتَضَرِّمِ


فَأَزْمَعَتِ الْكُفَّارُ عَرْضَ مَطَالِبٍ
عَلَيْهِ وَمَهْمَا يَرْضَ مِنْهَا يُسَلَّمِ

فَوَافَاهُ عَنْهُمْ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةٍ
وَقَدْ سَرَّهُ إِيثَارَهُ لِلتَّكَلُّمِ

فَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ تَطْلُبُ بِالَّذِي
أَتَيْتَ بِهِ مُلْكًا نُمَلِّكَ تَنْعَمِ

 أَوِ السُّؤْدُدَ الأَعْلَى عَلَيْنَا جَمِيعَنَا
نُسَوِّدْكَ فِي الْبُلْدَانِ أَسْمَى مُحَكَّمِ

 أَوِ الـْمَالِ نَمْنَحَكَ القَنَاطِيرَ جُمْلَةً
فَتُصْبِحَ أَثْرَانَا وَأَرْخَى مُنَعَّمِ

وَإِنْ كَانَ هَذَا اللَّذْ يَجِيئُكَ تَابِعًا
مِنَ الْجِنِّ أَحْضَرْنَاكَ عِنْدَ مُعَزِّمِ

 فَقَدْ يَغْلِبُ الإِنْسَانَ جِنِّيُ نِ اعْتَرَى
وَيَذْهَبُ إِن يَعْزِمْ عَلَيْهِ وَيُقْسِمِ

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ إِنْ كُنْتَ فَارِغًا
مِن العَرْضِ فَاسْمَعْنِي سَمَاعَ تَفَهُّمٍ

 فَأَسْمَعَهُ مِنْ بَدْءِ سُورَةِ فُصِّلَتْ
إِلَى بِضْعِ آيَاتٍ شِدَادِ التَّوَقُّمِ

فَنَاشَدَهُ بِالرَّحْمِ كَفَّ الـْمُضِيِّ فِي ال
تِلَاوَةِ إِمْسَاكًا عَلَى جَانِبِ الفَمِ

فَعَادَ إِلَيْهِمْ عُتْبَةٌ قَائِلًا لَقَدْ
أَتَانِي بِقَوْلٍ بَعْدَ عَرْضِي الـْمُتَمَّمِ

فَوَاللهِ إِنِّي لَمْ أَجِدْ مِثْلَهُ وَمَا
هُوَ الشِّعْرَ أَوْ سِحْرًا وَقَوْلَ مُعُزِّمٍ

 أَرَى أنْ تُخَلُّوُوا بَيْنَ ذاكُمْ وَبَيْنَ مَا
يُرِيدُ فإِنْ يَظْهَرْ عَلَى العُرْبِ يُكْرَمِ

 فَعِزَّتُهُ عِزٌّ لَكُمْ شَامِخٌ وَإِنْ
                                    عَلَوْهُ أَرَاحُوا كُلكُمْ فَالْيُبَرّمِ

فَقَالُوا لَهُ أَغْوَاكَ سِحْرُ مُحَمَّدِ
فُتِنْتَ بَهَ حَتَّى عَنِ اللَّوْمِ تَحْتَمِي

 فَقَالَ اصْنَعُوا فِي اَمْرِهِ مَا بَدَا لَكُمْ
وَخَيْرٌ لَكُمْ إِيثَارُ رَأيِي المُقَدَّمِ

وَقَدْ رَدَّ خَيْرُ الْخَلْقِ جَمْعًا أَتَوْا بِمَا
أَتَى عُتْبَةٌ كَيْ يَسْتَمِيلُوهُ فَاعْلَمِ

 وَكلّ حِسَابٍ كَانَ مِنْهُمْ بِضِدِّهِ
بَدَا غَلَطًا مَهْمَا يَكُنْ مِنْ تَوَهُّمِ

وَجَاؤُوا رَسولَ اللهِ يَرْجُونَ مِنْهُ أَنْ
يهابيهم في الدّين رَوْمَ التلأمِ

فَقَالُوا لَهُ اعْبُدْ مَا عَبَدْنَاهُ نَوْبَةً
فَنَعْبُدَ أُخْرى رَبَّكَ اللهَ نَلْئَمِ

 فَأَنْزَلَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَنْ
يُخَيِّبَهُمْ مِنَ مِثْلِهِ كُلَّ معسم

انشقاق القمر
وَبَعْدُ فَهُمْ قَدْ طَالَبُوهُ بِآيَةٍ
لإِظْهَارِ تَعْجِيزٍ لَهُ مُتَوَهّمٍ

فَقَالُوا لَهُ اشْقُقْ ذَلِكَ الْبَدْرَ طَالِعًا
عَلَى الْجَبَلَيْنِ فِلْقَتَيْنِ فَنُسْلِمِ

فَأَعْطَاهُ هَذِي الآيَةَ اللهُ رَبُّهُ
كَمَا طَلَبُوا حَتَّى رَأَوْهَا كَأَعْجَمٍ

 فَلَمْ يُؤْمِنُوا بَلْ طَالَبُوا أَنْ يَجِيئَهُمْ
بِأَشْيَاءَ سَالُوهَا  سُؤَالَ تَحَكُّمِ

وَلَمْ يَكُ لِاسْتِظْهَارِ رَضْخٍ خَفِيَّةٍ
حَقيقته أَوْ لاسْتِبَانَةِ مُبْهَمٍ

وَمَا مَعَهُمْ إِلَّا الْعِنَادُ وَمَا بِهِمْ
مِنَ الْعَقْلِ وَالِانْصَافِ مِثْقَالَ دِرْهَمٍ

 وَهُمْ دَعَوُا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ دِينُهُ
هُوَ الحَقَّ مِنْ رَبِّ الْوَرَى اللهِ الْأَعْظَمِ

 فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا مِنْ سَمَاكَ حِجَارَةً
أَوِ ائْتِ وَخُذْنَا بِالْعَذَابِ الـْمُؤلِّمِ

 وَلَمْ يَذْكُرُوا  اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ مُوحِيًا
بِهِ فَاهْدِنَا هَذَا وَإِلَّا فَذَا احْسِمِ

 فَهَلْ تَنْفَعُ الآيَاتُ قَوْمًا تَعَوَّدَتْ
عِنَادًا مَعَ الوَغْمِ الشَّدِيدِ التَّضَرُّمِ

 فَلَوْ أَنْزَلَ الآيَاتِ وَفْقَ اقْتِرَاحِهِمْ
فَلَمْ يُؤْمِنُوا لَمْ يُمْهَلُوا فِي تَرَوُّمِ

بِكَمْ مُعْجِزَاتٍ بَاهِرَاتٍ جَلِيَّةٍ
أَتَاهُمْ فَصْفحًا أَعْرَضُوا فِي تَعَظُّمِ

 وَكَانَ أَبُو جَهْلٍ رَأَى مِنْ صُنُوفِيهَا
                        كَثِيرًا فَلَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَتَفَهَّمِ

 فَيَوْمًا رَسُولَ اللهِ حَالَ سُجُودِهِ
بِفِهْرٍ أَتَى رَضْخًا لِرَأْسِ الـْمُكَرَّمِ

 فَلَمَّا دَنَا مِنْ رَأْسِهِ فَرَّ مُدْبِرًا
عَلَى فَزَعٍ وَالْفِهْرُ مِنْ كَفِّهِ رُمِي

 فَقِيلَ لَهُ مِمَّ انْهَزَمْتَ فَقَالَ إِذْ
أَتَيْتُ إِذًا بِالْقُرْبِ فَحْلٌ كَأَعْظَمِ

 وَقَدْ هَمَّ ذَاكَ الْفَحْلُ بِي أَنْ يُطِيحَنِي
 وَيأْكُلَنِي لَمْ أَنْجُ لَوْ لَمْ أُكَلْصِمِ

 وَجَاءَ الْأَرَاشِيُّ النَّبِيَّ اسْتِغَاثَةً
عَلَى أَخْذِ حَقٍّ مِنْ أَبِي جَهْلٍ نِ الْكَمِي

 فَرَاحَ نَبِيُّ اللهِ مَعْهُ لِدَارِهِ
                        وَقَالَ لَهُ ابْذُلْ حَقَّ هَذَا وَسَلِّمِ

 فَبَادَرَ يُعْطِي الْحَقَّ غَيْرَ مُمَاطِلٍ
 وَكَانَ مِرَارًا مَاطِلًا بِتَهَكُّمِ

فَقِيلَ بِمَ اسْتَعْجَلْتَ تَقْضِيهِ قَالَ قَدْ
ذُعِرْتُ بِفَحْلٍ مَعْهُ يَرْجُو تَطَعُّمِي
التّحدّي بالقرآن

تَحَدَّاهمُمُ الْهَادِي بِأَقْصَرِ صُورَةٍ
مُنَزَّلَةٍ مِنْ رَبِّهِ اللهِ الْأَعْلَمِ

 وَقَدْ أَمَرَ الْبَارِي بِهِ فِي كِتَابِهِ
وَأَلْزَمَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا  بِالتَّلَمْلَمِ

فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَجِيئُوا بِمِثْلِهِ
وَلَا بِقَرِيبٍ مِنْهُ فِي رَأْيِ صَيْرَمِ

عَلَى أَنَّهُمْ أَهْلُ الْبَلَاغَةِ وَالنُّهَى
وَفُرْسَانُ مَيْدانِ الكَلَامِ الـْمُقَسَّمِ

بَلِ انْتَقَلُوا مِنْ مَعْرَكِ الْقَوْلِ خَيْبَةً
إِلَى مَعْرَكٍ يُفْضِي لِإِهْرَاقَةِ الدَّمِ

وَعَنْ أَحْرُفِ فَرُّوا إِلَى أَسْيُفٍ وَهُمْ
مُقِرُّونَ بِالرُّجْعَى عَنِ الرَّدِّ بِالفَمِ

وَمَا عَجْزُهُمْ إِلَّا لِكَوْنِ الَّذِي بِهِ
تَحُدُّوا كَلَامَ اللهِ أَبْلَغَ مُحْكَمِ

وَلَمْ يَكُ قَوْلًا قَالَهُ وَافْتَرَاهُ مِنْ
لَدُنْهُ وَلَا نَقْلًا لِتَعْلِيمِ أَعْجَمِي

وَإِعْجَازُهُ أَقْوَى دَلَائِلَ أَنَّهُ
رَسُولٌ وَمُخْتَارٌ مِنَ اللهِ الْأَحْكَمِ

وَمُعْجِزَةُ الْقُرْآنِ تَبْقَى مَصُونَةً
عَلَى حَالِهَا حَتَّى الْقِيَامَةِ فَاعْلَمِ

فَمَا زَالَ دِينُ اللهِ يَعْلُو فَرَاعَهُمْ
تَثَبُّتُهُ فِي هُوِّ سَيْلٍ مُحَطَّمٍ

وَيَعْلُو يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فُرُوعُهُ
وَيَخْتَارُهُ مِنْ بَيْنِهِمْ أَهْلُ مَكْرُمِ

وَأَنْ أَظْهَرَ الإِسْلَامَ حَمْزَةُ عَمُّهُ
بَسُولَ بَنِي فِهْرٍ وَلَيْثُهُمْ الْكَمِي

فَرَشُّوا عَلَى مَنْ أَسْلَمُوا مِنْ فُوَيْقِهِمْ
قَنَابِلُ تَحْطِيمٍ بِوَغْمٍ مُضَرَّمٍ. 
الهجرة الأولى إلى الحبشة

فَإِذْ عِيلَ صَبْرُ الـْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ
بِهِمْ قُوَّةٌ قَالَ اتْرُكُوا اللَّبْثَ فِيهِمِ

وَمِنْ مَكَّةَ اجْلُوا والأَرَاضِي كَثِيرَةٌ
مُشِيرًا إلَى إِثْيُوبِيَا أَرْضِ أَسْحَمِ

فَهَاجَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ الغُرُّ فِرْقَةً
إِلَى الْحَبَشَةِ الْقُصْوَى بِغَيْرِ تَبِرُّمِ

فِرَارًا بِدِينِ اللهِ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ
فُتُونِ قُرَيْشٍ رَاكِبِي مَتْنِ هَيْقَمٍ

وَعِدَّتُهَا اثْنَا عَشْرَ رَجُلًا وَأْرْبَعٌ
مِنَ الَّلاءِ فِيهِنَّ ابْنَةٌ لِلْمُكَرَّمِ

وَفِي جُمْلَةِ الذُّكْرَانِ عُثْمَانُ زَوْجُهُ
فَحَلُّوا لَدَى الْقَيْلِ النَّجَاشِي الـْمُفَخَّمِ

فَكَانَ بِهِمْ يَحْفَى وَيَرْعَى جِوَارَهُ
لَهُمْ وَهُوَ مِنْ أَتْبَاعِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمٍ

وَبَعْدَئِذٍ جَاءَ النَّبِيَّ مُصَدِّقًا
لَهُ عُمْرُ العَالِي عَلَى كُلِّ ضِرْغَمِ

 وَكَانَ شَدِيدًا  جَاهِليًّا يُحَادُّهُ
وَمُجْتَهِادًا فِي قَتْلِهِ مُهْرَقَ الدَّمِ

فَذِلِكَ إِذْ مَا شَاعَ إِسْلَامُ أُخْتِهِ
وَقَيّمِهَا وَافَاهُمَا فِي تَأَجُّمِ

فَشَجَجَهَا ضَرْبًا فَسَالَتْ دِمَائُهَا
فَرَقَّ لَهَا قَلْبُ الْأَخِ الـْمُتَحَدِّمِ

فَقَامَ إِلَيْهَا مُعْتِبًا ثُمَّ سَالَهَا
صَحِيفَةَ آيَاتِ الْكِتَابِ الـْمُعَظَّمِ

فَلَمَّا تَلَاهَا اسْتَبْصَرَ الْحَقُّ وَاهْتَدَى
فَجَاءَ رَسُولَ اللهِ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ

فَأَبْدَى لَهُ إِسْلَامَهُ صَادِقًا فَمِنْ
سُرُورٍ بِهِ مَنْ ثَمَّ كَبَّرَ فَاعْلَمِ

وَمَنْ هَاجَرُوا قَرُّوا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ
لَدَى الْقَيْلِ حَتَّى جَائَهُمْ خَبَرٌ نًمِي

وَذلِكَ أَنْ كُفَّارُ مَكَّةَ أَسْلَمُوا 
وَاَنْ كَفَّ عَنْ خَيْرِ الْوَرَى كُلُّ مُجْرِمِ

 وَلَكِنَّهُ بُطْلَانُ ذَاكَ بَدَا لَهُمْ
خِلَالَ مَسِيرِ الْعَوْدِ لِلْمَوْطِنِ السَّمِي

فَلَمْ يَدْخَلُوهَا غَيْرُ مَنْ كَانَ لَاجِئًا
لـِمُؤْوٍ لَهُ أَوْ مَنْ تَدَخَّلَ يَكْتَمِي

حَدِيثُ الغَرَانِيقِ الَّذِي دَلَّ أَنَّهَا
شَفَاعَتُهَا تُرْجَي يُرَى كَالـْمُرَجَّمِ.
شكاية قريش الثالثة إلى أبي طالب
وَعَادَتْ قُرَيْشٌ ثَالِثًا لِكَفِيلِهِ
أَبِي طَالِبٍ يَشْكُونَهُ فِي تَحَدُّمِ

يَقُولُونَ هَا قَدْ سَائَنَا الأَمْرُ بَالِغًا
نِهَايَتَهُ لَا رَيْبَ فَافْصِلْ وَأَبْرَمِ

فَخَلِّ لَنَا ابْنَ اللصِّنْوِ وَأْخُذْ مَكَانَهُ
فَتًى أَيّدًا مِنْ بَيْنِنَا وَتَخَدَّمِ

وَقَدْ أَحْضَرُوهُ ابْنَ الوَلِيدِ عُمَارَةً
يَقُولُونَ خُذْ هَذَا وَذَلِكَ اَسلِمِ

فَقَالَ لَهُمْ وَيْ أَنْ أَرُبَّ ابْنَكُمْ لَكُمْ
وَأَتْحِفَكُمْ بَابْنِي لإِهْرَاقَةِ الدَّمِ

وَغَاظَ قُرَيْشًا أَنْ يَقُومَ مُحَمَّدٌ
عَلَى سَاقِهِ فِي فَرْعِهِ الـْمُتَبَرْعِمِ

وَيَعْتَنِقَ الإِسْلَامَ مِنْهُمْ أَكَابِرُ
فَبَالَغَ فِي إِنْكَارِهِ كُلُّ مُجْرِمٍ

وَيَلْتَزِمَ العَمَّ الكَفِيلَ الدِّفَاعَ عَنْ
رَسُولِ الْهُدَى وَالنَّصْرِ دُونَ تَبَرُّمِ

فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ يُجْمِعُوا أَنْ يُقَاطِعُوا
بَنِي هَاشِمٍ مَا دَافَعُوا عَنْ أَخِيهِمِ

فَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُنَاكِحُهُمْ وَلَا
يَبِيعُ وَلَا يَبْتَاعُ مِنْهُمْ بِدِرْهَمِ

وَهُمْ سَجَّلُوا مَشْرُوعَهُمْ فِي صَحِيفَةٍ
تُعَلَّقُ فِي الْبَيْتِ الْعَتِيقِ الـْمُحَرِّمِ

دَعَا الـْمُصْطَفَى الْهَادِي عَلَى الرَّجُلِ خَطَّهَا
يُسَمَّى بَغيضًا وَهْوَ أَحْرَى بِذَا السُّمِ

فَشَلَّتْ يَمِينُ الرَّجُلِ ذَاكَ وَإِنَّهُ
لَأَظْلَمُ رَجُلٍ خَطَّ حَرْفًا بِمِرْقَمِ

فَأَوْطَنَ كُلٌّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لَدَى
أَبِي طَالِبٍ فِي شِعْبِهِ حَيْثُ يَحْتَمِي

سِوَى الظُّلْمِ الطَّاغِي أَبِي لَهَبٍ فَقَدْ
تَلَبَّثَ فِي أَعْدَائِهِمْ فِي تَوَغُّمِ

فَوَيْلٌ لِمَنْ فِي قَطْعِ أَرْحَامِهِمْ سَعَوْا
وَأَغْرَوْا بِأَهْلِ الخَيْرِ كُلَّ مُشَتِّمِ 

وَتَبًّا لِعَمٍّ كَانَ ظَاهَرَ يَعْتَدِي
عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الخَيْرَ يَا وَيْلَ أَظْلَمِ

فَيَا وَيْلَهُ تَبَّتْ يَدَاهُ وَذَاكَ مَعْ
رَفِيقَتِهِ يَصْلَى بِنَارِ جَهَنَّمِ

وَتِلْكَ الَّتِي أَغْرَتْهُ بِالـْمُصْطَفَى وَلَمْ
تَدَعْهُ إِلَى رِفْقٍ بِهِ وَتَرَأُّمِ 

فَمُذْ دَخَلُوا فِي الشَّعْبِ ضُرَّ بِشِدَّةٍ
بَقِيَّةُ أَتْبَاعِ النَّبِيِّ الـْمُكَرَّمِ

وَلَا سِيَّمَا مَنْ بَعْدَ هِجْرَتِهِمْ أَوَوْا
لـِمَكَّةَ تَعْلُوهُمْ رُعُودُ التَّوَقُّمِ
الهجرة الثانية إلى الحبشة
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لِلصَّحْبِ ثَانِيًا
تَفَصوا لِأَرْضِ الْعَاهِلِ الـْمُتَرَحِّمِ

فَهَاجَرَ مِنْهُمْ لِلنَّجَاشِيِّ خُفْيَةً
كَثِيرُونَ مُنْسَلِّينَ مِنْ بَيْنِ مَنْ حَمِي

فَأَرْسَلَتِ الْكُفَّارُ رَجُلَيْنِ إِثْرَهُمْ
وَأَهْدَوْا هَدَايَا لِلنَّجَاشِي الْمُفَخَّمِ

لِيَنْهَوْهُ تَأْمِينَ الصَّحَابَةِ عِنْدَهُ
فَقَالَا لَهُ ارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا وَسَلِّمِ

فَرَدَّ هَدَايَهُمْ إِلَيْهِمْ كَمَا أَتَتْ
وَرَدَّهُمَا فِي غِلْظَةٍ وَتَجَهُّمِ

وَلَمْ يُجِدِ شَيْئًا وَشْيُ وَاشِيهِمَا بِهِمْ
إِلَيْهِ بِمَا قَالُوا لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمِ

فَإِذْ سَمِعَ الْقُرْآنَ مِنْ بَعْضِهِمْ بَكَى
وَقَالَ شَبِيهٌ بِالْكِتَابِ الُمقَدِّمِ

فَوَاللهِ لَوْ أَدْرَكْتُهُ كُنْتُ غَاسِلًا
لِنَعْلَيْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَطْوَعَ خُدَّمٍ

وَقَالَ لَهُمْ أَنْتُمْ سيوم بِأَرْضِنَا
فَحَيْثُ أَرَدْتُمْ فَانْزِلُوا فِي تَنَعُّمِ

وَمِنْ بَعْدِ حِينٍ صَارَ ذَا الْقَيْلُ مُسْلِماً
وَمَاتَ مُقِيمًا أَرْضَهُ فَرْدَ مُسْلِمِ

فَصَلَّى عَلَيْهِ الـْمُصْطَفَى الْغَيْبَ بَعْدَمَا
نَعَاهُ إِلَى أَصْحَابِهِ بِتَرَحُّمِ
عيشة بني هاشم في الشعر
بَنُو هَاشِمٍ عَاشُوا ثَلَاثَ سِنِينَ فِي الْ
حِصَارِ بِإِقْتَارٍ وَأَفْقَرَ مُعْدِمِ

فَظَلُّوا خِمَاصًا لاَ هِجْرِيَّ عِنْدَهُمْ
وَبَاتُوا جِيَاعًا لَا مُعَشِّينَ فِيهِمِ

وَقَدْ عَوَّلَ الصِّبْيَانُ تَبْكِي مَجَاعَةً
وَقَدْ ذَبُلَ الْفِتْيَانُ قِلَّةَ مَطْعَمِ

وَقَدْ ضَعُفَ الْأَشْيَاخُ صَبْرًا عَنِ الْغَذَا
وَ قَدْ خَارَتِ النِّسْوَانُ مِنْ سَغَبٍ حَمِي

فَمَا رَقَّ قَلْبٌ مِنْ قُلُوبِ الْعِدَى لَهُمْ
وَلَا كَانَ مِنْهُمْ لَفْتَةٌ بِتَرَأُّمِ
نقض الصحيفة
وَلَكِنْ قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ كَانَ كَارِهًا
لِمَا فَعَلُوا مَعْ وُلْدِ هَاشِمِ نِ السَّمِي

فَشَاوَرَ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ غَيْرَهُ
فَوَافَقَهُ مِنْهُمْ رِجَالٌ كَمُطْعِمِ


وَقَالُوا نَعِيشُ الآن أَهْنَأَ عَيْشَةً
وَهُمْ بَعْدُ فِي كَرْبٍ وَضِيقٍ عَرَمْرَمِ


فَلَا بُدَّ مِنْ تَنْفِيسِ كُرْبَتِهِمْ وَإِنْ
أَبَي كُلُّ ذِي قَلْبٍ شَدِيدٍ وَأَظْلَمِ

فَقَامَ إِلَيْهَا الـْمُطْعِمُ الشَّهْمُ مَازِقًا
فَمَزَّقَهَا نَقْضًا لِشَرٍ مُبَرَّمٍ

عَلَى رَغْمِ أَقْسَى النَّاسِ قَلْبًا وَشَرِّهِمْ
أَبَي جَهْل نِ الأَحْرَى بِنَارِ جَهَنَّمِ

وَكَانَ رَسُولَ اللهِ أَخْبَرَ عَمَّهُ
بِأَنْ أَرِضَتْ  الَّا اسْمُ مَوْلَاهُ الْأَكْرَمِ

وَأَخْبَرَهُمْ مَا قَالَهُ الـْمُصْطَفَى لَهُ
وَبَانَ لَهُمْ صِدْقُ النَّبِيِّ الـْمُكَرَّمِ

وَلَكِنْ ظُهُورُ الصِّدْقِ مَازَادَهُمْ سِوَى
نُفُورٍ وَإِنْكَارٍ وَسُوءِ التَّهَكُّمِ

فَأَفْصَى مِنَ الشَّعْبِ النَّبِيُّ وَقَوْمُهُ
بَنُو هَاشِمٍ وَالحَمْدُ للهِ الأَرْحَمِ

وَرَفْعُ حِصَارِ الشَّعْبِ عَنْهُمْ وَنَقْضُهَا
لِعَاشِرِ أَعْوَامِ النُّبُوَّةِ فَاعْلَمِ
وفد نجران
وَعَامَئِذٍ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ جَائَهُ
فَرِيقٌ وَهُمْ مِنْ قَوْمِ عيسى ابْنِ مَرْيَمِ

وَكَانُو زُهَا عِشْرِينَ رَجُلًا فَآمَنُوا
بِهِ إِذْ تَلَا آيَ الْكِتَابِ الـْمُعَظَّمِ

وَذَلِكَ عِنْدَ الْبَيْتِ إِذْ كَانَ ثَمَّ مِنْ
قُرَيْشٍ رِجَالٌ فَالْتَهَوْا بِالتَّرَوُّمِ

وَزَادَ أَبُو جَهْلٍ فَسَفَّهَهُمَّ فَمَا
جَزَاءُ هَجَوْا بَلْ أَعْرَضُوا لِلتَّكَرُّمِ

وَقَالُوا سَلَامٌ لَا نُجَاِهُلُكُمْ لَكُمْ
هَوَاكُمْ لَنَا مَا نَجْتَبِيهِ وَنَعْتَمِي

وَقَدْ نَوَّهَ الْبَارِي بِهِمْ فِي كِتَابِهِ
وَهُمْ أَجْرَهُمْ يُؤْتَوْنَ مَرَّيْنِ فَافْهَمِ

فَبَعْدَ شُهُورٍ سِتَّةٍ مِنْ خُرُوجِهِمْ
مِنَ الشَّعْبِ أودَى عَمُّهُ اللّذْ بِهِ حُمِي
 
وَفِي إِثْرِهِ مَاتَتْ خَدِيجَةُ زَوْجُهُ
فَكَانَ بِحُزْنٍ فَقَدَ هذيْنِ أَعْظَمِ.
تزوج سودة والعقد على عائشة رضي الله عنها
وَمِنْ بَعْدِ مَا مَاتَتْ تَزَوَّجَ سَوْدَةً
وَقَدْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا الصَّاحِبُ السَّمِي

وَعَائِشَةً مِنْ بَعْدِ شَهْرٍ وَمَا بَنَى 
بِهَا قَبْلَ إِيطانِ الـْمَدِينَةِ فَاعْلَمِ
اشتداد أذية قريش والسفر إلى الطائف

وَكَانَتْ قُرَيْشٌ كَاعَةِ عهْدَ عَمِّهِ
عَنِ الْمُصْطَفَى إِذْ كَانَ فِي حِضْنِهِ الْحَمِي

وَكَانَ وَجِيهًا فَاضِلًا عِنْدَهُمْ تَقِي
كَفَالَتُهُ مَكْفُولَهُ كُلَّ مُجْرِمِ

فَجَسَّرَ أَعْدَاءَ النَّبِيِّ مَمَاتُهُ
عَلَى ظُلْمِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُجَشَّمِ

فَأَغْرَوْا بِهِ أَوْ بَاشَهُمْ لِانْتِهَارِهِ
مُوَاجَهَةً بِالسَّبِّ ثُمَّ التَّهَكُّمِ

فَبَادَرَ مَعْ مَوْلَاهُ زَيْدٍ مُسَافِرًا
إِلَى الطَّائِفِ النَّائِي لِيَهْدِيَ مَنْ عَمِي

وَيَطْلُبَ مِنْهُمْ أَنْ يَقُومُوا بِنَصْرِهِ
وَيُؤوُوهُ مَنَّاعِيهِ مِنْ كُلِّ مِغْثَمِ 

فَعَشْرَةَ أَيَّامٍ أَقَامَ النَّبِيُ فِي
ثَقِيفٍ يُنَادِيهِمْ إِلَى النَّهْجِ الْأَقْوَمِ

وَكُلُّ شَرِيفٍ مِنْ أُولَئكَ جَائَهُ
وَكَلَّمَهُ فِي الْأَمْرِ دُونَ تَبَرُّمٍ

فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤْوِى وَلَا نَاصِرًا لَهُ
وَلَمْ يَكُ فِيهِمْ مُقْبِلٌ بِتَبَسُّمِ

وَقَالُوا لَهُ اخْرُجْ مِنْ ثَقِيفٍ مُبَادِرَا
وَأَغْرَوْا بِهِ الْأَوْبَاشَ مِنْ كُلِّ أَظْلُمِ

فَقَامُوا لَهُ صَفَّيْنِ يَرْمُونَ نَحْوَهُ
حِجَارًا إِلَى أَنْ خَضَّبُوا الرِّجْلَ بِالدَّمِ

وَمَوْلَاهُ زَيْدٌ يَتَّقِيهِ بِنَفْسِهِ
وَشُجَّ شَجَاجًا فِي الدِّفَاعِ الْعَرَمْرَمِ

فَوَيْلٌ لَهُمْ حَيَّوْهُ بِالسَّبِّ وَالْخَنَا
وَمَا ذَكَرُوا يَا مَرْحَبًا خَيْرَ مُقْدِمِ

وَوَيْلٌ لَهُمْ مِنْ جَرْحِهِمْ رِجْلَهُ وَهُمْ
حَقِيقٌ بِهِمْ تَقْبِيلَ رِجْلَيْهِ بِالْفَمِ

فَهَلْ يُفْلِحُ الْمَدْمُونُ رِجْلَ نَبِيِّهِمْ
تَبَابًا لِقَوْمٍ قَابَلُوهُ بِمُؤْلِمِ

فَأَدْبَرَ خَيْرَ الْخَلْقِ يَشْكُو هَوَانَهُ
عَلَى النَّاسِ وَالِإذْلَالَ لِلّهِ الْأَرْحَمِ

وَيَطْلُبُ مِنْهُ العَوْذَ مِنْ سَخْطِهِ وَأَنْ
يُجَنَّبُهُ كُلَّ امْرِءٍ مُتَجَهِّمِ

فَجَاءَ مِنَ الْأَمْلَاكِ مُتَأَامِرٌ لَهُ
فَإِنْ شَاءَ يَضْغَطْ أَهْلَ مَكَّةَ يَحْسَمِ

بِتَطْبِيقِهِ الْأَخْشَبَيْنِ عَلَيْهِمُو
فَقَالَ لَهُ لَا بَلْ أُؤَخِّرُ فِيهِمِ

لَعَلَّ مُطِيعًا لِلإِلهِ مُوَحِّدًا
لَهُ خَارِجٌ مِنْ صُلْبِهِمْ بَعْدُ يَنْتَمِي

فَأَعْظِمْ بِصَبْرِ الْمُصْطَفَى عِنْدَ ضُرِّهِ
لِمَا فِيهِ مِنْ أَجْرٍ لَدَى الله أَعْظَمِ

وَكُلُّ آذِيَّاتٍ عَرَتْهُ رَوَافِعُ
لِرُتْبَتِهِ عِنْدَ الِإلهِ المُعَظَّمِ

فَلَوْ كَانَ يَعْرُو التِّبْرَ هُونٌ بِعَرْضِهِ
عَلَى النَّارِ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهَا وَتُحْجَمِ
إرسال ابنَيْ رَبِيعَة إلى ﷺ بقطف من العنب
ت
وَأَبْصَرَهُ فِي أَوْ بِهِ ابْنا رَبِيعَةٍ
حَزِينًا فَلَا نَالِينَ رَحْمٍ مُكَتَّمٍ

هُمَا أَرْسَلاَ قَطْفًا مِنَ الْعِنَبِ الّذِي
بِأَرْضِيهِمَا لِلْمُصْطَفَى بِتَرَأُّمِ

فَعَبْدُهُمَا عَدَّاسُ بِالقَطْفِ جَاءَهُ
فَسَمَّى رَسُولَ اللهِ عِنْدَ التَّطَعُّمِ

فَأَسْلَمَ إِعْجَابًا بِهَذَا وَمَا تَلَا
عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي يُونُسَ السَّمِي

جنّ نصبين
وَفِي أَوْ بِهِ أَيْضًا أَتَاهُ بِنَخْلةٍ
مِنَ الْجِنِّ رَهْطٌ فِي صَلَاةِ الْمُكَرَّمِ

هُمْ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ مِنْهُ تَعَجُّبَا
بِغَيْرِ شُعُورٍ مِنْهُ بِالْمُتَلَمْلَمِ

وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ قِصَّةُ صَرْفِهِمْ
إِلَيْهِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا قَبْلُ فَاعْلَمِ

وَفِي أَوْ بِهِ أَيْضًا أَتَى قُرْبَ مَكَّةٍ
فَأَرْسَلَ مَنْ يَسْتَأْمِنُ الْمُطْعِمَ الْكَمِي

فَلَمَّا أَجَارَ الْمُطْعِمُ انْحَازَ دَاخِلًا
لِمَكَّةَ حَتَّى جَاءَ مَسْجِدَهَا الْحَمِي

فَبَعْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ وَالْفِعْلِ سُبْحَةً
هُنَاكَ مَضَى حَتَّى أَتَى الدَّارَ يَحْتَمِي

وَرَافَقْهُ ذَاكَ الْمُجِيرُ وَوُلْدُهُ
بِأَسْلِحَةٍ مَنْعًا لَهُ كُلَّ مِغْشِمٍ

يَقُولُ أَلَا إِنِّي أَجَرْتُ مُحَمَّدًا
فَلَا يُؤْذِهِ يَا قَوْمُ مَرْءٌ وَيَظْلِمِ

فَمَا زَالَ مَعْهُمْ مُسْتَقِرًا بِمَكَّةٍ
كَمَا كَانَ قَبْلَ السَّفَرِ الْمُتَقَدِّمِ
خبر الطفيل بن عمرو الدوسي
وَجَاءَ رَسُولَ اللهِ وَهْوَ بِمَكَّةِ ال
طُّفَيْلُ بْنُ عَمْرِو اللّذْ إِلَى دَوْسَ يَنْتَمِي

وَكَانَ نَبِيلًا شَاعِرًا ذَا مَكَانَةٍ
لَدَى قَوْمِهِ دَوْسٍ وَصَاحِبُ مَكْرُمٍ

فَإِذْ سَمِعَ الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِهِ اهْتَدَى
وَأَسْلَمَ تَصْدِيقًا بِهِ غَيْرَ مُحْجِمِ

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ رُحْ أَنْتَ دَاعِيًا
لِقَوْمِكَ لِلْإِسْلَامِ دُوَن تَبَرُّمِ

وَقَالَ اهْدِ يَا أَلله دَوْسًا فَرَاحَهُمْ
فَآمَنَ جَمٌّ مِنْهُمُوا بِالْمُكَرَّمِ

وَقَدْ جَعَلَ الرَّحْمَنُ فِي رَأْسِ سَوْطِهِ
ضِيَاءً يَرَاهُ النَّاسُ مِصْبَاحَ غَيْهَمٍ
الإسراء والمعراج
نُسَبِّحُ مَنْ أَسْرَى بِخَيْرِ عِبَادِهِ
مِنَ المَسْجِدِ الأَسْمَى إِلَى الْمَسْجِدِ السَّمِي

إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الْمُبَارَكِ حَوْلَهُ
إِرَائَةَ آيَاتٍ لِمَوْلَاهُ الْأَكْرَمِ

وَأَصْحَبَهُ الرُّوحُ الأَمِينَ حَبِيبَهُ
فَسَارَ عَلى مَتْنِ الْبُرَاقِ الْمُرَسَّمِ

أَرَاهُ مِنَ الْآيَاتِ مَا عَزَّ عِلْمُهُ
وَعَلَّمَهُ فِي الْغَيْبِ مَا لَمْ يُعَلَّمِ

وَقَدْ حَضَرَ الْقُدْسَ النَّبِيُّونَ جُمْلَةً
فَصَلَّى بِهِمْ أَكْرِمْ بِذَاكَ الْمُقَدَّمِ

وَرَقَّاهُ مَعْرُوجًا بِهِ مِنْهُ لِلسَّمَا
فَمَا فَوْقُ حَتَّى سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى الْحَمِي

فَمَا شَائَهُ الْمَوْلَى فَأَكْرَمَهُ بِمَا
بِهِ مُرْسَلٌ مِنْ قَبْلِهِ لَمْ يُكَرَّمِ

وَبِالصَّلَواتِ الْخَمْسِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ
وَيَوْمٍ قَضَى الْمَوْلَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ

وَإِبْدَالُهُ الْخَمْسِينَ فَرْضًا بِعُشْرِهِ
بِلا نَقْصِ أَجْرٍ مِنْ جَلَائِلِ أَنْعُمٍ

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ يُخْبِرُ قَوْمَهُ
بِقِصَّتِهِ فَاسْتَنْكَرُوا فِي تَرَوُّمِ

فَكَمْ فِي قُرَيْشٍ مِنْ ضَحُوكٍ مُصَفَّقٍ
وَمُسْتَهْتِرٍ مُسْتَبْعِدٍ بِتَعَظُّمِ


فَيَا وَيْحَهُمْ لَمْ يَعْلَمُو أَنَّ رَبَّهُمْ
قَدِيرٌ عَلَى مَا شَاءَ بَلْ كُلُّهُمْ عَمِ
عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل
وَإِنْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ بَعْدَ الْهُدَى فَلَمْ
يَدَعْ قَطُّ صَدْعًا بِالْبَلَاغِ وَيُحْجِمِ

بَلِ اخْتَارَ عَرْضًا فِي الْمَوَاسَمِ نَفْسَهُ
عَلَى كُلِّ أَحْيَاءٍ إِلَى الْعُرْبِ تَنْتَمِي

فَعَشْرَ سِنِي الْإِظْهَارِ كَانَ مُوَافِيًا
لَدَى كُلِّ حَاجٍ حَاضِرٍ مُتَخَيِّمِ

يَقُولُ لَهُمْ إِنِّي مِنَ اللهِ مُرْسَلٌ
إِلَيْكُمْ وَهَادِيكُمْ إِلَى النَّهْجِ الْأَقْوَمِ

أَطِيعُوا لِرَبِّ الْخَلْقِ وَادْعُوهُ وَحْدَهُ
وَلَا تُشْرِكُوا بِاللهِ يَغْفِرْ وَيَرْحَمِ

أَلَا فَامْنَعُونِي وَانْصُرُونِي مُبَلِّغًا
رِسَالَاتِ رَبِّي كُلَّ قَوْمٍ وَزِمْزِمِ

يَجُولُ وَرَجُلُ يَقْتَفِيهِ يَقُولُ لَا
تُطِيعُوهُ فَهْوَ الصَّابِئُ اللَّذْ بِهِ أرْتُمِي

وَذَا الرَّجُلُ مِنْ أوْلَى الْعَشِيرِ ابْنُ جَدِّهِ
أَبُو لَهَبٍ هَلْ يُبْصِرُ الشَّمْسَ مِنْ عَمِي

 فَلَمْ يَرَ فِي جُلِّ الْقَبَائِلِ نَاصِرًا
وَلَا مُؤْوِيًا أَوْ مُصْغِيًا للتَّظَلُّمِ

بَلِ الْمُنْكِرِينَ الْهَازِئِينَ تَكَبُّرًا
وَمُنْتَفَخِي الْأَوْدَاجِ مُبْدِي التَّوَقُّمِ

يَقُولُونَ مَا وَالَّلاتِي نَحْنُ مُصَدِّقِي
رِسَالَتِكَ اللَّتْ قُلْتَهَا بِتَزَعُّمِ

فَكَيْفَ وَمَنْ فِيهِمْ تَرَبَّيْتَ أَزْمُنًا
دَرَوْا فِيكَ مَالَمْ نَدْرِ عَنْكَ وَنَعْلَمِ 

 وَهُمْ بَعْدُ كُفَّارٌ بِدِينِكَ بَلْ هُمُوا
                        أَشَاعُوا عَلَيْكَ الرَّدَّ فِي كُلِّ مَوْسِمِ

 أَلَمْ تَرَهُمْ أَهْلَ الْغِنَى وَالْعُلَى لَهُمْ
وِلَايَةُ مَحْجُوجٍ عَلَى الْأَرْضِ أَعْظَمِ

فَلَا تَحْسَبَنْ أَنَّا نُطِيعُ وَهُمْ عَصَوْا
وَصَدُّوا صُدُودًا عَنْكَ فَاكْفُفْ وَأَحْجِمِ

وَأَقْبَحُهُمْ رَدًا عَلَيْهِ قَبِيلَهُ
مُسَيْلِمَةِ الطَّاغِي إِلَى تِلْكَ مُنْتَمي

وَسَرَّ قُرَيْشًا رَدُّهُمْ وَاحْتِجَاجُهُمْ
عَلَيْهِ فَزَادُوا الظُّلْمَ دُونَ تَحَشُّمِ

وَمَا بَرَحُوا يَسْتَهْزِؤُونَ بِهِ إِذَا
يُبَلِّغُهُمْ وَحْيًا عَنِ اللهِ الْأَكْرَمِ

وَبِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ يَرَوْنَهَا
عِيَانًا مَعَ اسْتِكْبَارِهِمْ وَالتَّعَظُّمِ

وَهَمُّوا بِإِطْفَاءِ الْهُدَى نُورَ رَبِّهِمْ
بِأَفْوَاهِهِمْ كَاسُّرْجِ تُطْفَأُ بِالْفَم

وَمَا عَلِمُوا أَنْ ذَاكَ شُعْلَةُ جَمْرَةٍ
مَتَى بَالَغُوا فِي النَّفْخِ فِيهَا تَضَرَّمِ

بَلِ الله مَوْلَانَا مُتِمٌّ لِنُورِهِ
وَلَوْ كَرِهُوا أَوْ أَغْلَفُوهُ بِأَسْحُمِ

بدء إسلام الأنصار

فَقَدْ جَاءَ مَوْلَانَا لِإِعْلَاءِ دِينِهِ
بِقَوْمٍ أَعِزَّاءٍ أَلِبَّاءَ حُزَّمِ

بِحَيَّيْنِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْسٍ وَخَزْرَجٍ
بِطَيْبَةَ صَقْعٌ سَابِقًا يَثْرِبًا سُمِي

فَوَفَّقَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْعُرْبِ أَوَّلًا
لِنَصْرِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى بِالتَّلَمْلُمِ

فَإِذْ كَانَ وَافَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةَ الْتَقَى
بِسِتَّةِ أَشْخَاصٍ لِخَزْرَجَ تَنْتَمِي

فَلَمَّا أَمَالُوا سَمْعَهُمْ بِتَأَمُّلٍ
إِلَى قَوْلِهِ وَاسْتَوْثَقُوا بِالتَّوَسُّمِ

وَفِي عِلْمِهِمْ مَا قَالَهُ الْهُودُ قَبْلَ مِنْ
خُرُوجِ نَبِيٍّ بِالرِّسَالَةِ مُكْرَمٍ

وَمِنْ أَنَّهَا تَقْفُوا بِهِ حِينَ بَعْثِهِ
فَتَقَتُلَ مَعْهُ قِتْلَةً كُلَّ مُجْرِمِ

تَنَادَوْا وَقَالُوا إِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي
بِهِ أَوْعَدَتْنَا الْهُودُ فَلْنَتَقَدَّمِ

وَلَا يَسْبِقُونَا هُمْ إِلَيْهِ فَأَسْلَمُوا
وَعَادُو إِلَى الْأَوْطَانِ مَعْ خَيْرِ مَغْنَمٍ

فَأَعْظِمْ بِسَبْقٍ حَازَهُ وُلْدُ خَزْرَجٍ
مِنَ الْيَثْرِبِيِّينَ الْأَعِزَّاءِ فَاعْلَمِ

وَقَامُوا بِنَشْرِ الدِّينِ فِيهَا فَمِنْهُمُوا
كَثِيرٌ أَجَابُوا وَاعْتَلَى الدِّينُ فِيهِمِ

وَفِي الْقَابِلِ اثْنَا عَشْرَ مِنْ أَهْلِهَا الْتَقَوْا
بِهِ عِنْدَهَا يِدْعُوا إِلَى كُلِّ مَكْرُمِ

 فَبَايَعَهُ كُلٌّ عَلَى بَيْعَةِ النِّسَا
عَلَى مَا نُهَيْنَهْ فِي الْكِتَابِ الْمُعَظَّمِ

فَأَرْسَلَ مَعْهُمْ مِصْعَبًا وَهْوَ قَارٍئٌ
يُعَلِّمُهُمْ فَاسْتَغْرَقُوا فِي التَّعَلُّمِ

فَمَا زَالَ يَفْشُو الدِّينَ  فِيهِمْ وَيَعْتَلَي
رُقِيًّا وَيَجْلُو نُورُهُ كُلَّ غَيْهَمِ

وَثَالِثَ أَعْوَامِ اللِّقَا حَجَّ مَكَّةً
كَثِيرُونَ مِنْهُمْ وَانْتَدَوْا كُلَّ مَوْسِمِ

وَمِنْ بَيْنِهِمْ مَعْ مَرْأَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ
وَسَبْعُونَ أَفْصَوْا وَانْتَهَوْا لِلْمُكَرَّمِ

لَدَى الْعَقَبَةِ الْمَوْعُوُد إِتْيَانُهَا وَقَدْ
مَضَى نَحْوَ ثُلُثُ اللَّيْلِ بَعْدَ التَّحَزُّمِ

أَتَى مَعَهُ الْعَبَّاسُ مُسْتَوْثِقًا لَهُ 
وَحَاوَرَهُمْ مَعْ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْلِمٍ

فَقَالُوا عَلَيْنَا يَا رَسُولَ الْهُدَى اشْتَرِطْ
لِنَفْسِكَ وَالرَّحْمَانِ مَا شِئْتَ تُكْرَمِ 

فَعَاهَدَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ
وَلَا يُشْرِكُوا بِالْخَالِقِ اللهِ الْأَعْلَمِ

وَأَنْ يَمْنَعُوهُ الظَّالِمِينَ كَمَنْعِهِمْ 
لِأُسْرَتِهِمْ إِمَّا يَجِئْهُمْ وَيَقْدُمِ

 فَبَايَعُهُ كُلٌّ عَلَى شَرْطِهِ وَمِنْ 
أُولَاكَ الْبُرَاءُ احْتَازَ فَضْلَ التَّقَدّمِ

وَمِنْ هَؤُلَا اثْنَيْ عَشْرَ رَجُلًا قَدْ اجْتَبَى
نَقِيبًا عَلَيْهِمْ كَاجْتِبَاءِ ابْنِ مَرْيَمِ 

هجرة الصحابة إلى المدينة

فَتَمّتْ بِذِي الْمُصْطَفَى بَيْعَتَانِ مَعْ
بَنِي قِيلَةٍ أَهْلَ الْوَفَا وَالتَّكَرُّمِ

 فَإِذْ فِي قُرَيْشٌ شَاعَ إِسْلَامُ طَيْبَةِ
وَبَيْعَتُهَا هَبُّوا بِوَغْمٍ مُضَرَّمِ

فَأَذُوا بَقَايَا الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّة
وَسَاقُوا إِلَيْهِمْ كُلَّ ضُرٍّ مُحَطَّمِ

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لِلصَّحْبِ هَاجَرُوا
لِطَيْبَةَ فِيهَا الْأَمْنُ مِنْ كُلِّ  مِغْشَمِ

 فَهَاجَرَ أَرْسَالًا إِلَيْهَا كَثِيرُهُمْ
وَأَخَّرَ بَعْضًا لِانْتِظَارٍ الْمُكَرَّمِ


مواضيع ذات صلة
الأماديح,

إرسال تعليق

0 تعليقات