ادعمنا بالإعجاب

مساهمة الشيخ أبي الحسن علي الندوي في أدب الأطفال العربي في ضوء كتابيه "قصص النبيين"


سيد محمد طارق.

لقد قام علماء الهند وأعلامها من المجددين والمصلحين خير قيام تجاه إنشاء جيل مثقف عن طريق إقامة المدارس والجامعات في كل عصر ومصر منذ توافد العرب إلى الهند تجارًا أو دعاة إلى الإسلام. وركز مؤسسو المدارس والجامعات مساعيهم الجبارة على إعداد مناهج التعليم والمقررات الدراسية من جديد حتى لا يشعر الطالب الهندي بأي صعوبة وغرابة في ما يقرؤه من الكتب والبحوث ويجد فيه ما يحيط به من حياته البسيطة في الهند، فجاؤوا بقصص وحكايات كانت رائجة آنذاك في أرجاء الهند المعمورة. وبما أن إعداد المناهج الدراسية العربية في الهند كان يعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على النزعة الإسلامية فظهرت على أيديهم كتب عربية تغلب عليها النزعة الإسلامية. ومن الأعلام الذين اهتموا بإعداد المقررات الدراسية العربية للطلاب الهنود الشيخ أبوالحسن علي الحسني الندوي الذي ألف سلسلة الكتب بعنوان "قصص النبيين" في خمسة أجزاء وسلسلة أخرى باسم "القراءة الراشدة" في ثلاثة أجزاء، والأستاذ وحيدالزمان الكيرانوي الذي أعد "القراءة الواضحة"، والدكتور محمد لقمان السلفي الذي ألف "السلسلة الذهبية للقراءة العربية"، والأستاذ الدكتور شفيق أحمد خان الندوي، والأستاذة الدكتورة فرحانة صديقي، والدكتور ف. عبد الرحيم، والدكتور محمد أيوب الندوي، والدكتور حبيب الله خان، والدكتور نسيم أختر الندوي وغيرهم. وكذلك هناك مدارس ومعاهد أخرى اهتمت ولاتزال تهتم بإعداد الكتب الخاصة بتدريس اللغة العربية في الهند. ومن أبرزها دارالعلوم بديوبند والجامعة الأشرفية السلفية ببنارس وغيرها من المدارس والجامعات الهندية.


وفيما يلي دراسة استعراضية للاثنين من كتب الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي الأدبية، وهما قصص النبيين والقراءة الراشدة. وصاحب هذين الكتابين يعتبر أحد رواد الأدب العربي النشط في الهند وعلاوة على له مساهمات كبيرة في مجال أدب الأطفال العربي في الهند. وصدر له كتب عديدة تهدف إلى تنمية مواهب الأطفال وتقويتها في الأساليب المختلفة للغة العربية.
"قصص النبيين":
وأما كتابه "قصص النبيين" الذي قامت بنشر طبعه الأخير مؤسسة الصحافة والنشر بندوة العلماء الواقعة في لكناؤ، الهند عام ٢٠١٠ م/ ١٤١٣ ه، فهو يتكون من خمسة أجزاء. وألقى المؤلف الضوء على الدوافع لكتابة سلسلة قصص النبيين في مقدمة الكتاب قائلا:
"رأى المؤلف كتبا صغيرة لبعض أدباء مصر في حكايات الأسد والذئاب والقردة والدببة وحتى الخنازير والكلاب، فصيحة العبارة، قليلة المغزى، عربية الوضع، إفرنجية الروح، إسلامية اللغة، جاهلية السبك، فيها صور الحيوانات في اللباس الغربي فساءه أن لايقرأ أبناء المسلمين في العربية أيضا إلا قصص الحيوانات والأساطير والخرافات فكتب لهم قصص الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام بأسلوب سهل يحاكي أسلوب الأطفال وطبيعتهم من تكرار الكلمات والجمل وسهولة الألفاظ وبساطة القصة وزين الكتاب بصور الطبيعة والأبنية المقدسة" [1]
و"يحتوي هذا الكتاب على قصص وحكايات دينية مقتبسة من الكتب الدينية الإسلامية والتاريخية".[2]ومجموعة قصص النبيين، كما ينم اسمها، تشتمل على قصص الأنبياء والمرسلين من سيدنا إبراهيم وإسمعيل ويعقوب ويوسف ونوح وهود وثمود وصالح عليهم الصلاة والسلام وسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وسيدنا شعيب وداوود وسليمان وأيوب ويونس وزكريا ويحيى ومريم وعيسى عليهم الصلاة والسلام وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن حيث المجموع، فقد اختار المؤلف أسلوبا سهلا أنيقا ونقيا من التعقيد اللفظي والمعنوي. ولكن الأجزاء الثلاثة الأولى للكتاب أكثر سهولة من الجزء الرابع، لأن المؤلف أتى في الجزء الرابع بالجمل الطويلة والتعبيرات التي هي أقرب إلى التعقيد من قربها إلى السهولة. وأما الجزء الأخير أي الخامس فهو في أسلوب قصصي سهل.
واستفاد المؤلف لإعداد هذه السلسلة من القرآن الكريم ثم الأحاديث الشريفة. وبالجملة، أسلوب هذه المجموعة أسلوب قرآني بليغ في سهولة الكلمات وتكرارها وترابط الموضوعات ونظمها حتى لايختلط الأمر للقارئ. "قصص النبيين" للشيخ أبي الحسن علي الندوي هذه المجموعة تشتمل على خمسة أجزاء وكل جزء يتمركز حول حياة نبي من الأنبياء والرسل بدءا من سيدنا إبراهيم عليه السلام حتى وصل الذكر إلى حياة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهنا حاولت دراسة هذه المجموعة ومقارنتها مع الكتب العربية المختصة للأطفال حول ثلاثة أمور من:
١. اللغة والأسلوب
٢. المحتويات
٣. الأهداف والأغراض
اللغة والأسلوب
بما أن المؤلف أعد هذه المجموعة للأطفال الهنود لكي يتعلموا العربية من خلال القصص التي وردت في القرآن الكريم فإنه استخدم الكلمات العربية التي هي متواجدة في الأوساط الهندية في إحدى أشكالها. مثلا:
"قبل أيام كثيرة، كثيرة جدا.
كان في قرية رجل مشهور جدا.
وكان اسم هذا الرجل آزر.
وكان آزر يبيع الأصنام.
وكان في هذه القرية بيت كبير جدا.
وكان في هذا البيت أصنام، أصنام كثيرة جدا.
وكان الناس يسجدون لهذه الأصنام.
وكان آزر يسجد لهذه الأصنام.
وكان آزر يعبد هذه الأصنام" [3]
إن كثيرا من الكلمات المستخدمة في هذه القصص من نحو "كثيرة" و"قرية" و"مشهور" و"اسم" و"رجل" و"الأصنام" و"كبير" و"الناس" و"يسجدون" و"يعبد" رائجة في اللغة الأردية ومفهومة في الحوار العادي. وهكذا يسهل للطفل الصغير فهم كلمات اللغة الأجنبية بدون أي مشكلة. وإلى ذلك أعاد المؤلف الكلمات أكثر من مرة في نفس القصة أو قصة أخرى في المجموعة كما هو الحال في نموذج جاء آنفا.
وفي هذه المجموعة اتبع المؤلف أسلوبا قائما على العقلانية فهو يذكر حادثة وأثره الإيجابي أو السلبي على من مر بالحادثة. مثلا هو يكتب في قصة سماها "من ربي":
"وذات ليلة رأى إبراهيم كوكبا، فقال هذا ربي. ولما غاب
الكوكب، قال إبراهيم: لا! هذا ليس بربي.
ورأى إبراهيم القمر فقال: هذا ربي.
ولما غاب القمر، قال إبراهيم: لا! هذا ليس بربي!
وطلعت الشمس، فقال إبراهيم: هذا ربي هذا أكبر.
ولما غابت الشمس في الليل قال إبراهيم: لا! هذا ليس بربي.
إن الله حي لا يموت.
إن الله باق لا يغيب.
إن الله قوي لا يغلبه شيء.
والكوكب ضعيف تغلبه الشمس.
والشمس ضعيفة يغلبها الليل ويغلبها الغيم.
ولا ينصرني الكوكب لأنه ضعيف.
ولا تنصرني الشمس لأنها ضعيفة.
وينصرني الله.
لأن الله حي لا يموت.
وباق لا يغيب.
وقوي لا يغلبه شيء" [4]
ففي هذه القصة يساعد المؤلف القارئ الصغير في فهم الأشياء المختلفة ومزاياها وتحليلها لكي يصل إلى نتيجة، ربما تكون هذه المعلومات أصح مما جاء إلى ذهنه.
وبما أن المؤلف يريد تعليم القارئ الصغير الأشياء الجديدة فهو يجيء بعدة جمل قصيرة ويأتي لها بأوصاف متنوعة، ففي قصة يُعرّف المؤلفُ الطفلَ سيدنا إسماعيل في مكة في عهد إبراهيم حينما لم يكن فيها حي قبل وصول إبراهيم إليها كما جاء في القرآن ’واد غير ذي ذرع‘ وهو يكتب:
"وخرج إبراهيم من بلده وودع والده.
وقصد إبراهيم مكة ومعه زوجه هاجر.
وكانت مكة ليس فيها عشب ولا شجر.
وكانت مكة ليس فيها بئر ولا نهر.
وكانت مكة ليس فيها حيوان ولا بشر.
. ووصل إبراهيم إلى مكة ونزل فيها" [5]
وفي قصة سماها ب"الرسول" شرح المؤلف شخصية الرسول وسبب بعثة الرسول من جنس الإنسان نفسه والهدف الذي بعث لأجلها :
"وأراد الله أن يرسل إليهم منهم رسولا يكلمهم وينصح لهم.
إن الله لا يكلم واحدا واحدا، إن الله لا يخاطب كل أحد يقول له، افعل كذا، افعل كذا. إن الملوك لا يكلمون واحدا واحدا.
إن الملوك لا يذهبون إلى كل أحد يقولون له، افعل كذا، افعل كذا.
والملوك بشر كالبشر، يقدر كل أحد أن يراهم ويسمع كلامهم، ولا يقدر أحد أن يرى الله ويسمع كلامه ويكلمه، ولا يقدر على ذلك إلا من أراد الله، إذا أراد الله.  
فأراد الله أن يرسل إلى الناس رسولا يكلمهم وينصح لهم" [6]
وأراد الله أن يكون هذا الرسول بشرا، وأن يكون واحدا من الناس، يعرفه الناس ويفهمون كلامه، وإذا كان الرسول ملكا قال الناس: ما لنا وله؟ هو ملك ونحن بشر!
نحن نأكل ونشرب ولنا أهل وذرية فكيف نعبد الله؟
وإذا كان الرسول بشرا قال: أنا آكل وأشرب، ولي أهل وذرية، وأنا أعبد الله فلم لا تعبدون الله؟
وإذا كان الرسول ملكا قال الناس: إنك لا تعطش ولا تجوع، وإنك لا تمرض ولا تموت فتعبد الله وتذكره دائما!
ونحن بشر نعطش ونجوع، ونمرض ونموت. فكيف نعبد الله ونذكره دائما؟!
وإذا كان الرسول بشرا قال: أنا مثلكم أعطش وأجوع وأمرض وأموت وأعبد الله وأذكره، فلماذا لا تعبدون الله ولا تذكرونه .
فينقطع كلام الناس ولا يجدون عذرا" [7]
وفي النموذج المذكور أعلاه ألقى المؤلف الضوء على الحاجة إلى بعثة الأنبياء والرسل وسبب اختيار الإنسان رسولا. فكتب في أسلوب شيق جميل يحض الصغار على قراءة القصة في لغة ليست هي لغتهم الأم.
إن أباالحسن علي قد حكى الحكايات القرآنية بأسلوب بليغ ومزيج من الأسلوب القرآني البياني وبساطة الكلمات وترابطها حتى لاتصبح الحكاية مزعجة ومملة لمن هو حديث العهد باللغة العربية فهو يكتب عن وصول سيدنا موسى إلى فرعون عدو موسى وعدو قومه اللدود في قصة سماها "في قصر
: فرعون" [8]
"كان فرعون له قصور على شاطئ النيل.
وكان يتنقل من قصر إلى قصر، ويتنزه على شاطئ النيل.
وكان يوما جالسا على شاطئ النيل يتنزه ويرى إلى النهر يجري تحت رجليه.
وكانت معه ملكة مصر تتنزه مع الملك وترى إلى النيل يجري، وبينما يتنزهان إذ وقع بصرهما على صندوق وتلعب به أمواج النيل كأنما تقبله.
هل ترى يا سيدي ذلك الصندوق؟
أين الصندوق في النيل ؟ إنما هي خشبة سقطت في النيل.
لا يا سيدي إنما هو صندوق!
وقرب الصندوق، فقال الناس: نعم هذا صندوق !
وأمر الملك أحد الخدم، وقال: إليك هذا الصندوق!
وذهب الخادم وأخرج الصندوق!
وفتح الصندوق فإذا فيه غلام جميل يبتسم.
وتحير الناس، كل يأخذه ويراه.
وتحير فرعون ورآه.
قال بعض الخدم: إن هذا الغلام إسرائيلي، ولابد للملك أن يذبحه.
ورأته الملكة، ودخل حبه في قلبها فضمته إلى صدرها وقبلته.
وشفعت له عند الملك وقالت: وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ  [9]
وهكذا دخل موسى بن عمران قصر فرعون، وعاش على رغم فرعون وشرطته.
ولم يهتد الشرطة إلى هذا المولود الإسرائيلي، ولهم عيون الغراب وشامة النمل.
وأراد الله أن يربي فرعون (عدو الأطفال) طفلا يذهب ملكه على يده.
مسكين فرعون! لقد أخطأ في شأن موسى.
وقد أخطأ معه وزيره هامان وجنوده.
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ[10]
وهذه المجموعة كالكتب الأخرى لا تخلو من الأخطاء المطبعية ولكنها أقل بكثير من أي كتاب آخر قمت باستعراضه في هذه الأطروحة.
المحتويات
إن هذه المجموعة تشتمل على الحكايات والقصص التي وردت في القرآن الكريم. وهي تدور حول حياة الأنبياء والرسل والأقوام والملل التي بعثوا فيها، من سيدنا إبراهيم إلى خاتم الأنبياء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. واتخذ المؤلف عناوين متنوعة لبيان القصص، وهكذا قسم مراحل حياة الأنبياء وتجاربهم إلى الموضوعات الفرعية حتى يبدو أحيانا كأن كل قصة مستقلة في غرضها وموضوعها فمثلا قصة "بئر زمزم":
"وعطش إسماعيل مرة، وأرادت أمه أن تسقيه ماء ولكن أنى الماء؟ ومكة ليس فيها بئر، ومكة ليس فيها نهر! وكانت هاجر تطلب الماء وتجري من الصفا إلى المروة ومن المروة إلى الصفا.
ونصر الله هاجر ونصر إسماعيل، فخلق لهما ماء، وخرج الماء من الأرض وشرب إسماعيل وشربت هاجر وبقي الماء فكان بئر زمزم، فبارك الله في زمزم، وهذه هي البئر التي يشرب منها الناس في الحج، ويأتون بماء زمزم إلى بلدهم. هل شرب َ ت ماء زمزم؟" [11]
الطفل الهندي الذي هو على بعد آلاف أميال من أرض مكة، يتعرف على بدء بئر زمزم ومحل وقوعه من خلال قصة كلماتها سهلة وأسلوبها عذب وربما – بعد قراءتها - سوف يحن إلى زيارة تلك البئر. الأهداف والأغراض
وبناء على المفاهيم الإيجابية والأهداف النبيلة المرتبطة بالنصح وتربية الطفل وتعليمه، صنف المؤلف العناوين المختلفة لكي يتعلم الطفل ما هو ينفعه ويحثه على الخيرات، كما قص قصة تحت عنوان "نصيحة صالح":
"ولم يزل ينصح لقومه ويدعوهم إلى الله بحكمة ورفق.
يقول: يا إخواني! أتظنون أنكم هنا إلى الأبد؟
أتظنون أنكم تسكنون في هذه القصور دائما؟
أتظنون أنكم لا تزالون في هذه البساتين والأنهار؟
وأنكم لا تزالون تأكلون من هذه الزروع والأشجار؟
وأنكم لاتزالون تنحتون من الجبال بيوتا؟
أبدا! أبدا! إن ذلك لا يكون! إن ذلك لا يكون! فلماذا مات آباؤكم يا إخواني؟!
كانت لهم قصور، وكانت لهم كذلك بساتين وعيون.
وكانت لهم زروع ونخيل، وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا يسكنون فيها.
ولكن كل ذلك لم ينفعهم! ولكن كل ذلك لم يمنعهم؟
ووصل إليهم ملك الموت ووجد إليهم سبيلا! كذلك تموتون أنتم . أيضا، ويبعثكم الله، ويسألكم عن هذا النعيم" [12]
وعلى نفس المنوال حكى المؤلف حكاية أخرى وعنونها "نصيحة الرجل":
"ووعظ الرجل قومه وبذل لهم وده ونصيحته.
وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ[13]
وعلم الرجل الرشيد أن القوم في سكرة من الحياة الدنيا. وأن فرعون مغرور بملكه وقوته.
ولكن هذه الحياة حلم من الأحلام وأن الدنيا ظل زائل.
وعرف الرجل ما يمنع القوم من اتباع موسى، ذلك بأنهم سكارى  بسكرة الدنيا.
والسكران ما يسمع ولايشعر.
ذلك بأنهم حيث لا يسمعون صوت موسى.
فأراد أن ينبههم من غفلتهم فقال

يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ [14]
وفي كلتا الحكايتين -’نصيحة صالح‘ و’نصيحة الرجل‘- لفت المؤلف أنظار الصغار الذين سيصبحون أصحاب الرأي غدا إلى أن هذه الحياة التي يحياها الإنسان حياة لتزول وأما الدوام فهو لحياة تتلوها وتسمى بالحياة الأخروية. إن فهم الصغار هذا المفهوم وجعلوها أساسا لكل ما هم فاعلوه، فهل تبقى أي جريمة في الأرض وهل لا تتغير الأرض جنة يتمناها الإنسان؟
"حلف الفضول"
"وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف الفضول، وكان أكرم حلف سمع به، وأشرفه في العرب، وكان سببه أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل أحذ أشراف قريش، فحبس عنه حقه، فاستعدى عليه الزبيدي أشراف قريش، فأبوا أن يعينوا على العاص بن وائل لمكانته، وانتهروه، واستغاث الزبيدي أهل مكة، واستعان بكل ذي مروءة.
وهاجت الغيرة في رجال من ذوي المروءة والفتوة، فاجتمعوا على الظالم، حتى يؤدي إليه حقه، فسمّت العرب ذلك الحلف "حلف الفضول" وقالوا: لقد دخل هولاء في فضل من الأمر، ثم مشوا إلى العاص بن وائل، فانتزعوا منه سلعة الزبيدي، فدفعوها إليه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مغتبطا بهذا الحلف، متمسكا به، حتى بعد البعثة يقول: لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها، وأن لا يعز ظالم مظلوما" [15]
ومن خلال هذه القصة لقد حث المؤلف القارئ على اتخاذ الموقف الصارم ضد الظلم والعدوان. وبدون اتخاذ مثل هذا الموقف قد تصبح الحياة ضنكا.
وفي قصة سماها المؤلف ب"على خزائن الأرض" يحكي حكاية كما يلي:
"وكان يوسف يعلم أن الأمانة قليلة في الناس.
وكان يوسف يعلم أن الخيانة كثيرة في الناس.
وكان يوسف يرى أن الناس يخونون في أموال الله.
وكان يرى أن في الأرض خزائن كثيرة ولكنها ضائعة.
إنها ضائعة لأن الأمراء لا يخافون الله فيها. فتأكل كلابهم ولا يجد الناس ما يأكلون. وتلبس بيوتهم ولا يجد الناس ما يلبسون. ولا ينصح الناس بخزائن الأرض إلا من كان حفيظا عليما.
ومن كان حفيظا وما كان عليما لا يعلم أين خزائن الأرض وكيف ينتفع بها.
ومن كان عليما وما كان حفيظا يأكل منها ويخون فيها.
وكان يوسف حفيظا عليما.
وكان يوسف لا يريد أن يترك الأمراء يأكلون أموال الناس.
وكان يوسف لا يقدر أن يرى الناس يجوعون ويموتون.
وكان يوسف لا يستحي من الحق.
فقال للملك: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [16]
وهكذا كان يوسف أمينا لخزائن مصر.
واستراح الناس جدا وحمدوا لله." [17]
وفي هذه القصة نصيحة لمن يشعر أنه يقدر على تحمل المسؤولية، فعليه أن يتقدم ويتحمل المسؤولية ولا يجوز له أن يقع في حرج ومرج، لأن أداء المسؤولية بكل أمانة أمر يجعل حياة عامة الناس وخواصهم مريحة كما أن مساعدة الآخرين في الحصول على حقوقهم الشرعية وتحقيق مناهم المباحة عمل يميز الأخيار من الأشرار.
إن مؤلف المجموعة حاول في مجموعته القصصية محاكاة الأسلوب الإيقاعي من حيث الكلمات والجمل كليهما، فهو يقص قصة أو يحكي حكاية ثم يأتي ببعض من آيات القرآن وفقا لمضمون الحكاية والقصة، ولم يكتف بهذا بل هو، أحيانا، يلفت الأنظار إلى النتائج السلبية والإيجابية، وهكذا أصبحت هذه المجموعة القصصية أكثر نفعا مما قدمه المؤلفون في بلاد الهند من الكتب العربية الهادفة إلى تعليم الصغار اللغة العربية من خلال القصص والفكاهيات الممتعة والشيقة.
 ١. القراءة الراشدة:
القراءة الراشدة كتاب آخر ألفه الشيخ أبو الحسن علي الندوي وقامت بنشر طبعه الأخير مؤسسة الصحافة والنشر بندوة العلماء لكناؤ الهند عام ٢٠٠٩ م/ ١٤٣٠ ه، وهذا الكتاب في ثلاثة أجزاء. وأعرب المؤلف عن دوافع تأليف سلسلة القراءة الراشدة قائلا:
"رأى المؤلف أن كل ذلك (أي سلسلة قصص النبيين ومختارات من أدب العرب) لا يسد مسد سلسلة القراءة التي تشتمل على مواد في اللغة والأدب متنوعة بأسلوب تدريجي ملائم لذوق الناشئة المسلمة الهندية. ونشء  البلاد الإسلامية عامة" [18]

سلسلة القراءة الراشدة المتكونة من ثلاثة أجزاء تشتمل أساسا على ٨٥ درسا. ومنها ما يتعلق بالتاريخ الهندي ومنها ما تكلم فيها المؤلف عن الآثار التاريخية المسلمة في الهند والأخرى تعرض نبذة عن الحياة الإسلامية والآداب المحمدية. فهي كما يلي:
"كيف أقضي يومي؟" و"لما بلغت السابعة من عمري" و"النملة" و"في السوق" و"الطائر" و"نزهة وطبخ" و"من يمنعك مني؟" و"سفر القطار" و"ماذا تحب أن تكون؟" و"مسابقة" و"الساعة" و"الفطور" و"الأمانة" و"الصيد" و"مأدبة" و"برالوالدين" و"فضيلة الشغل" و"ترنيمة الولد في الصباح" و"أصدقائى" و"قريتي" و"ترنيمة الليل" و"مسابقة بين شقيقتين" و"جزاء الوالدين" و"أدب الأكل والشرب" و"شروخير" و"يوم مطير" و"البريد" و"من يضع الحجر؟" و"يوم العيد[19] " و"شهامة اليتيم" و"كسرة من الخبز" و"عيادة المريض" و"الكيمياء" و"يوم صائف" و"النظافة" و"الحنين إلى الشهادة" و"كن أحد السبعة" و"العين" و"أدب المعاشرة" و"عيد المعاشرة" و"تاريخ القميص" و"الأسد" و"غرور الدنيا" و"رسالة إلى رسول الله (ص)" و"حادثة" و"فتى الإسلام" و"الرماية" و"الجمل" و"أنا هنا فاعرفوني" و"سفينة على البر" و"الخليفة عمر بن عبدالعزيز" و"في بين أبي أيوب الأنصاري" و"الإمام مالك بن أنس" و"القاطرة" و"جسم النبات" و"الببغاء" و"الحجاج والفتية" و"أنا تراب" و"السلطان محمود بن محمد الكجراتي" و"الباخرة" و"جسم الطيور" و"شير شاه السوري[20] " و"المنارة تتحدث" و"عمر بن الخطاب وأم البنين" و"الإمام أبوحامد الغزالي" و"بين والد جندي وولد فقيه" و"فاكهة الهند" و"حديث القمر" و"السلطان مظفر حليم الكجراتي" و"رسول المسلمين عند قائد الفرس" و"الجامع الأزهر" و"أدب القرآن" و"شيخ الإسلام الحافظ ابن تيمية" و"كيف
تعلمت الإسلام في الأندلس النصرانية" و"وصف قلم" و"عالمكير بن شاه جهان سلطان الهند" و"تجارة رابحة" و"الشيخ نظام الدين اللكهنوي" و"من الشنق إلى النفي" و"الشيخ عبدالعزيز الدهلوي" و"دارالعلوم ديوبند ومدرسة مظاهرالعلوم" و"من النجوم إلى الأرض" و"رثاء الأندلس" و"ندوة العلماء" و"على لسان الندوة [21].
الميزة التي تميز هذه السلسلة عن الكتب العربية الأخرى الهادفة إلى تعليم الهنود العربية هي أن المؤلف لم ينس أنه يؤلف السلسلة للطلاب الهنود الذين يحتاجون إلى تعلم اللغة العربية وفي نفس الوقت هم في حاجة قصوى للتكيف مع ما وجد ويوجد في محيطهم الجغرافي. وفي بعض الدروس قدم المؤلف الحوادث التاريخية عن طريق فلسفي، فهذا قد يؤدي إلى إزعاج النشء الهندي الحديث العهد باللغة العربية. أما الكلمات والجمل فهي تدل بكل صراحة على أن المؤلف راعى مستوى القارئ فأتى بما هو سهل الفهم وقريب الإدراك. وقد تم تصنيف الدروس حسب الأغراض العديدة، فمنها ما تتعلق بالأشياء المهمة في الحياة من الخبز والعين والتراب، والدروس الدينية والخلقية، والدروس المأخوذة من الحياة الاجتماعية، والدروس التي تحكي حكايات الحيوانات والنبات، والدروس المتعلقة بالمختبرات الحديثة، والدروس المأخوذة من الشعر والملح، والدروس من التاريخ الإسلامي وتلخيص التاريخ الإسلامي وتلخيص التاريخ الهندي الإسلامي ورجال التاريخ الإسلامي والمعاهد الدينية.
اللغة والأسلوب:
وبما أن الشيخ أباالحسن كان له علاقة وطيدة بالتاريخ وبالخصوص تاريخ المسلمين في الهند وفي البلدان الإسلامية فذكر في هذه المجموعة قصصا وحكايات شخصية وتاريخية في أسلوب سهل وشيق. والحكاية الأولى في الجزء الأول للكتاب تدور حول قضاء يوم في حياة الطفل المسلم بعنوان ’كيف أقضي يومي‘ هو يكتب:
"أنام مبكرا في الليل وأقوم مبكرا في الصباح، استيقظ على اسم الله وذكره، استعد للصلاة ثم أذهب مع والدي إلى المسجد، والمسحد قريب من بيتي، فأتوضأ وأصلي مع الجماعة وأرجع إلى البيت وأتلو شيئا من القرآن الكريم، ثم أخرج إلى البستان وأجري، ثم أرجع إلى البيت فأشرب اللبن واستعد للذهاب إلى المدرسة، وأفطر إذا كانت أيام الصيف، وأتغدى إذا كانت أيام الشتاء، وأصل إلى المدرسة في الميعاد.
وأمكث في المدرسة ست ساعات، واسمع الدروس بنشاط ورغبة، أجلس بأدب وسكينة، حتى إذا انتهى الوقت وضرب الجرس خرجت من المدرسة ورجعت إلى البيت." [22]
وفي هاتين الفقرتين يقص المؤلف كيف يبدأ الطفل الصغير يومه وكم ساعة يقضيها في المدرسة وماذا يفعل بعد انتهاء الدروس. وكل هذا في أسلوب يشوق الصغار للمزيد من القراءة وهذا هو المقصود الأول من القصص والحكايات.
والنموذج الثاني من حكاية سميت ب"مأدبة":
رجع أخي من الحج، ففرح أهل البيت كثيرا وفرحت أمي جدا، وصنعت أمي طعاما ودعت إليه الأقارب والأصدقاء وكثيرا من أهل القرية.
وفرحنا جدا، وفرشنا فراشا نظيفا أمام البيت وكانت أيام صيف، ووضعنا أباريق، فيها ماء لغسل الأيدي، ووضعنا صابونا ومنشفة وبسطنا سفرة واسعة، حضر الناس في المساء، فاستقبلهم أخي وقلنا: مرحبا! وجلسوا قليلا وحضر الطعام، فجلس الضيوف حول السفرة، وقدمنا الرغيف الحار واللحم والرز في صحون، والرائب في أقداح، فسموا الله وأكلوا.
وكنا قائمين نلاحظ الضيوف، ونقدم لهم الخبز والطعام ونسقيهم الماء المثلوج، وأصاب الناس من كل نوع من الطعام وأكلوا برغبة وحمدوا الله". [23]
وفي بعض الحكايات استخدم المؤلف كلمات تحتاج إلى ذكر معناها المقصود لأن المجموعة أُلفت للهنود لا للعرب، فالصغار الهنود قد يواجهون المشكلة في الوصول إلى المعنى المقصود للكلمة والتمييز بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، فعلى سبيل المثال ذكر المؤلف كلمتين "المجلي" و"المصلي" في حكاية سماها "مسابقة" كما يلي:
 ". . . فطار الأولاد لا يدري أحد من السابق، حتى برز محمد وهتف الأولاد باسمه وقالوا: محمد محمد وصاحوا: مرحى مرحى، وكان هو المجلي، ولحقه إبراهيم فكان هو المصلي." [24]
كما حاول المؤلف في كتابه تقديم حكايات تمتع الصغار وفي نفس الوقت توفر لهم المعلومات المهمة عن موضوع خاص. فعلى سبيل المثال، في قصة معنونة ب ’كسرة من الخبز‘ ذكر المؤلف المراحل المختلفة التي تمر بها كسرة من الخبز قبل وصولها إلى فم الآكل. وكل هذا وصف بسيط لا يزعج الصغار ولا يملهم بل يشوقهم ويحثهم على تحميد خالقها وتمجيدها. وهي كما يلي:
"مرة أخذت كسرة من الخبز لآكلها فقالت: مهلا يا سيدي! إنك غير جائع، وقد أكلت أخواتي، أفلا تحب أن أقص عليك قصتي، فإنها غريبة وإنها لذيذة.
قلت: بلى! أريد أن اسمع قصتك، فلا آكلك حتى اسمع منك.
قالت: هل تظن يا سيدي! أني خلقت هكذا؟ هل سمعت أن الخبز
ينبت في الحقل أو ينزل من السماء؟ إنك تأكل مستريحا يأتيك
رزقك رغدا، ولكني لم أزل أتحمل المشاق لأجلك، وأخرج من مصيبة إلى مصيبة، ومن محبس إلى محبس حتى وصلت إلى يدك.
كان من خبري أني كنت حبة حنطة مع شقيقاتي في غرارة،
فجاء إلينا رجل، فأخذني مع رفيقاتي، فبذرنا في التراب......................... ثم أصبحت سنبلة صفراء في حرارة الشمس................. وما طالت تلك المدة فقد جاء رجال يحملون المناجل، فحصدوا وحملوا، وانتقلت إلى بيدر،
ومكثت أياما................ فقد جاء ثيران فداستنا بأقدامها................. ثم أخذنا رجال وذرونا في الريح فطار القشر وبقي القمح.
..........أن رجلا حملني إلى شيء مدور من الحجر، فيه ثقب،.......................... ذلك هو الطاحون. فلما صرت دقيقا أخذني الخباز ووضعني في معجنة وغمزني بالماء النقي................ هنالك جاءت المصيبة، فقد دحاني على حديد محمى تسمونه الطابق............ لا تسأل يا سيدي! عن ألمي واحتراقي فقد التويت وانكمشت، ولكن الخباز لم يرحمني ولم يرق لي، حتى كنت رقاقا.
كل ذلك في سبيلك يا سيدي............. أفلا يحسن بك أن تقول: الحمد لله الذي أطعمني وسقاني وجعلني من المسلمين" [25]
وهكذا، متنقلا من مرحلة إلى أخرى، قص الخبز على الطفل المصائب والمشكلات التي واجهها لكي يعين الطفل في جوعه، وهذا من نعمة الله فعليه أن يشكره ويحمده قائلا ما روي عن رسوله المختار صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أطعمني وسقاني وجعلني من المسلمين".
وأسلوب المؤلف يتميز بالإيقاع اللفظي مع أنه أحيانا يقع في مأزق السجع والقافية فهو يكتب في وصف الباخرة في الجزء الثاني للمجموعة:
"إنه يصل في شهر أو عام، فإنه يسافر في ظلمات البحر، وكان دودا على عود، لا يدري أيموت في الطريق أم يصل سالما ويعود." [26]
ففي هذه العبارة استخدم كلمات متماثلة في الصوت والبنى وهذا هو ما يقرب نثره إلى الشعر. والصغار يحبون الاستماع إلى كل ما يروق سمعه وأما المعنى والغرض فكل منهما يأتي في درجة ثانية لهم.
 وفي بعض الأماكن في هذه المجموعة يبدو كأن المؤلف حاكى أسلوب القدماء الذي اتبعه بعض من أدباء العصر الحديث أيضأ من عبدالرحمن رأفت الباشا صاحب صور من حياة الصحابة، فهو يكتب في واصف الشيخ عبدالحق المحدث الدهلوي:
"وكان طويل القامة، نحيف البدن، أسمر اللون، أنجل العينين، كث اللحية" [27]
والمشكلة العظمى في كتابات المؤلف المختصة للصغار هو أنه يقضي وقتا طويلا في التمهيد والتوطئة. ولا ريب في أن لكلمات التمهيد والتوطئة فوائد جمة ولكن لكل مقال مقام. إن مجموعة القراءة الراشدة، وفقا لقول المؤلف[28] ، يقصد منها تعليم الصغار اللغة العربية. فهل يتحمل الصغار قراءة قصة أو حكاية تبدأ بتمهيد فلسفي علمي؟ كلا. وعلى سبيل المثال، كتب المؤلف عما مضى في تاريخ المسلمين العالمي تحت عنوان "من النجوم إلى الأرض" واستأنف الكلام بتمهيد يمتد على صفحتين كما يلي:
"درست في المدرسة أمس أن النور يقطع مائة ألف وستة وثمانين ميلا في ثانية، وأنه يمكن له أن يطوف حول خط الاستواء سبعة أشواط في أقل من ثانية.
وسمعت أن من النجوم مالا يصل ضوءه إلى الأرض إلا في ألفي عام، ومنها ما لا يصل ضوءه إلا في أكثر من ذلك، وأن ضوء بعض النجوم منذ طلعت لا يزال في طريقة إلى الأرض ولما يصل إليها.
لي غرام شديد بالتاريخ، لا أزال أطالعه برغبة عظيمة، وأتمثله أمام عيني، كأن الحوادث واقعة، والأشخاص أحياء، ولا أزال أتأسف على ما فاتني من مشاهدة الحوادث في ساعتها، ومن زيارة رجال من عظماء التاريخ في زمانهم، ولم أزل من صباي أقول لوالدي وأصدقائي: يا ليتني ولدت في الزمن الماضي، فشاهدت كذا وكذا من الوقائع، وزرت فلانا وفلانا من الرجال، لقد غاب عني طوفان نوح، ومحنة إبراهيم، وخروج بني إسرائيل، وسبقتني بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام بأكثر من ألف عام، وفاتني عهد الخلافة الراشدة، وفاتتني حضارة بغداد، وعهد قرطبة وغرناطة، وفاتني، وفاتني، وفاتني. . .
وكنت أعد الحوادث الكبيرة، والرجال العظماء، وأقول في حزن وأسف: لقد تأخرت كثيرا، فليت الزمان يعود، وليت البشر يستأنفون السفر، وليت العالم يرجع القهقري، وليت التاريخ يرد على أعقابه، فأشاهد ما مضى، وأعاشر من سبق" [29]
ولا غرو في أن هذا الأسلوب يستولي على كتب المؤلف، لأنه وليد عصر شهد مرحلة الانتقال في عالم الأدب العربي. وإنه عاش في عصر كان الناس فيه يعترفون بفضلهم وعلوهم ومكانتهم في مجال العلم والمعرفة، بكتابة شرح الشروح والتعليقات والحواشي والسجع والقافية. وهذا هو أمر غير يسير أن يترك الإنسان أسلوبا فجأة ويبدأ الكتابة في أسلوب غير أسلوب تأثر منه. ومن حيث المجموع، يمكن تقسيم أسلوب المؤلف إلى ثلاثة أنواع:
أ. أسلوب قصصي، اختاره المؤلف لنقل الحوادث التاريخية
ب. أسلوب حكائي، اختاره المؤلف في الجزء الأول، فإن فيه حكايات مبنية على ما رأى المؤلف وشاهده في حياته وعلى وجه الخصوص أيام طفولته وأوائل شبابه.
ت. أسلوب حوار، يقل تواجده في المجموعة واستخدم المؤلف هذا الأسلوب خلال نقل بعض القصص الإسلامية المأخوذة من حياة الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين.
المحتويات:
تحتوي المجموعة على نصوص شعرية عددها ١٣ وأما النثر فهو يتكون من ٧٢ قصة. وهكذا حجم النثر في هذه المجموعة يكبر من حجم الشعر فيه. وأما الشعر فسبعون في المئة منها تقريبًا للشعراء العرب والبقية أي ثلاثون في المئة للشعراء الهنود من الشيخ ذوالفقار علي الديوبندي الذي قرض "فاكهة الهند" والأستاذ ناظم الندوي الذي نظم "وصف القلم" والشيخ أحمد بن عبدالقادر الكوكني الذي نظم "على لسان الندوة". وأما النثر فكله من كتابة الشيخ أبي الحسن علي إلا بعض المقتبسات القرآنية التي نقلها في الأجزاء الثلاثة في شكل قصة أو نصيحة.
أنواع النصوص:
هذه المجموعة تشتمل على ثلاثة أنواع من النصوص فهي:____
١. النصوص التي تستهدف تهذيب الصغار وتثقيفهم، ومن نحوها ما كتبه المؤلف تحت عنوان "كيف أقضي يومي؟" في الجزء الأول فهو يكتب:
 "أنام مبكرا في الليل وأقوم مبكرا في الصباح، أستيقظ على اسم الله وذكره، أستعد للصلاة ثم أذهب مع والدي إلى المسجد، والمسجد قريب من بيتي، فأتوضأ وأصلي مع الجماعة وأرجع إلى البيت وأتلو شيئا من القرآن الكريم، ثم أخرج إلى البستان وأجري، ثم أرجع إلى البيت فأشرب اللبن وأستعد للذهاب إلى المدرسة، وأفطر إذا كانت أيام الصيف، وأتغدى إذا كانت أيام الشتاء، وأصل إلى المدرسة في الميعاد.
وأمكث في المدرسة ست ساعات، وأسمع الدروس بنشاط ورغبة، أجلس بأدب وسكينة، حتى إذا انتهى الوقت وضرب الجرس خرجت من المدرسة ورجعت إلى البيت." [30]
وفي الوهلة الأولى يبدو كأن هذه الحكاية أنشودة يتلذذ بها الطفل ويغنيها ويخبر عما يفعله منذ طلوع الشمس إلى غروبها. وفيه يتعلم الطفل النظام الذي لا يمكن ضبط الحياة بدونه.
والنموذج الثاني هو حكاية سميت ب"الأمانة"[31] . وهذه الحكاية تخبر عما حدث بين شخص وأجيره، وماذا فعل ذلك مع أجرة الأجير التي تركها لديه وكيف رد للأجير أجرته والأموال التي اكتسبها من التجارة. هكذا يتعلم الطفل أهمية الأمانة في الحياة وفوائدها.
والنموذج الثالث هو ما حكاه المؤلف للأطفال تحت عنوان "مسابقة بين شقيقتين"[32]. وفيه بيان فضل التسابق إلى الخيرات والتشويق للحسنات والحث على ما ينفع في الدنيا والآخرة.
وفي حكاية أخرى نقلها المؤلف من كتب الحديث وعنوانها "أدب الأكل والشرب" [33] ذكر قصة عمر بن أبي سلمة وهو كان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم الأمور التي لها أهمية وقت الطعام. وعلى نفس المنهج كتب المؤلف القصص والحكايات التي تشكل أثرا إيجابيا على حياة الأطفال – إن شاء الله.
٢. الحكايات والقصص التي يقصد منها تعليم الصغار الأشياء التي قد أصبحت جزء حياتهم فمثلا القطار والبريد والساعة والقاطرة والباخرة وفاكهة الهند. وفي حكاية "الساعة" حوار دار بين الولدين حارث وسعيد وهو كما يلي:
حارث: كم الساعة يا أخي؟
سعيد: الساعة عشر وربع، أليس عندك ساعة؟
حارث: بلى! ولكن ساعتي واقفة.
سعيد: لعلك ما ملأتها.
حارث: نعم! نسيت أن أملأها البارحة، أنا أملؤها في الساعة
العاشرة في الليل ولكني غلبتني عيني البارحة فقد كنت
تعبا جدا فما ملأتها." [34]
هذه الحكاية ممتعة ورائعة ولكنها لا تفيد أطفال يومنا هذا لأن الساعات قد تطورت. فلا حاجة اليوم لملء الساعة ويكاد الأطفال لا يفهمون معنى "ملء الساعة" ومدلوله. وعلى نفس الأسلوب كتب المؤلف حكاية سماها القاطرة فهو يكتب:
"انظر يا رشيد! إلى هذا الموقد في القاطرة، يلقي فيه الرجل الفحم الحجري، وفوق هذا الموقد حوض من ماء متين جدا وفيه أنابيب عديدة، يسخن هذا الماء بالنار ويتحول بخارا، وينتقل هذا البخار إلى الأنابيب" [35]
وللمؤلف عذر لأنه كتب هذه المجموعة قبل زمان، وعلى الجدد أن يتحملوا المسؤولية لتجديد المعلومات وتقديمها في قالب عربي حديث.
وفي حكاية سماها المؤلف "البريد" [36] ووزعها على فصلين، قص عملية إيصال المراسلات ونقلها من مدينة إلى أخرى ودور نظام البريد ومكاتبه المتواجدة في جميع المناطق. وهذه الحكاية ممتعة ونافعة ففيها معلومات جديدة ومهمة للأطفال في شكل أدبي بسيط لا يمل ولايضل.
وفي حكاية سماها المؤلف ’الباخرة‘ قد استوعب النواحي العديدة لحياة الباخرة من مجيئها إلى حيز الوجود حتى مراحل تطورها المختلفة، وفيها جميع المعلومات الأساسية لمن يهمه معرفة نشأة الباخرة وتطورها وفوائدها الجمة.
والنموذج النهائي في هذا الضمن هو ما نقله المؤلف عن الأنبج وسماه "فاكهة الهند". وللأنبج تاريخ حافل لنشأته وتطوره ونشره في أقطار البلاد  أولا ثم العالم كله. وهي قصيدة نظمها الشاعر الشيخ ذوالفقار علي الديوبندي في وصف الأنبج وهي كما يلي:
إن كنت تبغي أطيب اللذات               فعليك صاح بأنبه الثمرات
في حسن مرأي في نباهة سيرة                         في لطف ذات في سمو صفات
يا حسن حمرتها وخضرتها وصفر       تها على الأشجار في الروضات [37]
٣. والنوع الثالث هو أخبار الماضي التي تعين الصغار في فهم عملية تغير الزمان وتعدهم إعدادا كاملا لمواجهة المصائب، فهذا النوع يشتمل على الدروس من "من يضع الحجر" [38] و"الخليفة عمر بن عبدالعزيز" [39] و"السلطان محمود الكجراتي" [40] و"شير شاه السوري" [41] و"المنارة تتحدث" [42] و"السلطان مظفر الحليم الغجراتي" [43]و "من النجوم إلى الأرض" [44]
الأغراض
قد هدف المؤلف – كما يتجلى في النصوص – إلى أغراض سامية من خلال الحكايات والقصص والنصوص القرآنية التي قدمها في هذه المجموعة. ومن تلك الأغراض:
١. الحث على كسب الحلال. كتب المؤلف تحت عنوان "الحياة في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم":
"هاهو ذا قد أسفر النهار، والناس راجعون من المسجد النبوي في سكينة ووقار، ولكن في خفة ونشاط، وهنا دكان يفتح في السوق، وهنالك سكة تمشي في الحقل، وهذا بستان من النخيل يسقى، وذلك أجير يشتغل في حائط على أجرة يأخذها في المساء، قد اندفعوا إلى أشغالهم بما سمعوا من فضيلة كسب الحلال، وطلب مرضاة الله بالمال". [45]
ربما تفكر المؤلف قبل كتابة السطور المذكورة في ما جاء في القرآن الحكيم: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ،[46]  وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ[47]
٢. بيان أهمية النظام. وفي حكاية ’منارة تتحدث‘ كتب المؤلف:
"واجتهد الأمراء مرة ثانية، واجتمع مير قاسم ختن مير جعفر، أمير "مرشدآباد" وشاه عالم ملك دهلي والنواب شجاع الدولة، أمير "أوده" بجنوده الكثيفة، وقاتلوا الإنكليز، وهم أقل منهم عددا، ولكن أحسن منهم نظاما، فانهزم الهنديون، وانكسروا في ساحة "بكسر" سنة ١١٧٨ ه/ ١٧٦٤ م فكان برهانا على أن النظام يغلب الزحام" [48]
٣. التشجيع للتركيز الحاد على الدراسة. نقل المؤلف حادثة حدثت في حياة الإمام أبي الغزالي حينما كان يرجع إلى بلده بعد تحصيل العلم وهي كما يلي:
"قال الغزالي: قطعت علينا الطريق، وأخذ العيارون جميع ما معي، ومضوا، فتبعتهم،
فالتفت إلي مقدمهم وقال: ارجع ويحك، وإلا هلكت،
فقلت له: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد علي تعليقتي فقط، فما هي بشيء تنتفعون به،
فقال لي: وما هي تعليقك؟
فقلت: كتب في تلك المخلاة، هاجرت لسماعها، وكتابتها، ومعرفة علمها،
فضحك وقال: كيف تدعى أنك عرفت علمها وقد أخذناها منك، فتجردت من معرفتها، وبقيت بلا علم؟! ثم أمر بعض اصحابه فسلم إلي المخلاة.
قال الغزالي: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني به في أمري، فلما وافيت "طوس" أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين، حتى حفظت جميع ما علقته، وصرت بحيث لو قطع علي الطريق ثم أتجرد من علمي" [49]
٤. تقريب أذهان الصغار إلى العلوم وتغيرها وتطورها يوما فيوما. يكتب المؤلف في حكاية سماها "حديث القمر":
"هذا ما وصل إليه الإنسان وانتهى إليه علمه إلى هذا الوقت، ومن يدري؟ لعله يثبت خلاف ذلك غدا! فإن علم الإنسان ناقص، وهو كالكوكب السيار يتحول ويتغير.
فقد نقض العلم الحديث العلم القديم ومن يقدر أن يقول: إنه لا ينقض هذا الحديث أحدث منه وأحكم منه؟ فالآلات تتحسن وترتقي والإنسان في اكتشاف واختبار.
فالأمس كان الناس يعتقدون أن الشمس تدور حول الأرض وأن الأرض ساكنة مسطحة، ويستدلون على ذلك بكل شيء، ثم أثبتوا بالدلائل والاختبار أن الأرض مستديرة كروية الشكل تدور حول الشمس، وإذا خالف ذلك إنسان نظر إليه الناس شزرا، وظنوا أنه من رجال القرون الماضية" [50]
وقراءة مثل هذه الفقرات تدعو ذهن طفل صغير إلى التفكر فيما يدور ويحدث حوله. وهكذا يمهد له المؤلف الطريق إلى الامتثال بما جاء في القرآن الكريم: لَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [51]
٥. الحض على إقامة العدل حتى إذا كانت المحاكمة ضد الحاكم. نقل المؤلف في رواية سماها "السلطان مظفر حليم الكجراتي" قصة عن عدل القاضي ضد السلطان وفرح السلطان بما حكم عليه القاضي وتشجيعه:
"قال الآصفي: إنه وصل إليه (السلطان مظفر حليم الكجراتي) يوما من القاضي بجانبانير رسول الطلب وقد تظلم منه تاجر خيل، فكما بلغه وعلى ما كان عليه في حال الخلق أجاب الرسول وخرج ماشيا إلى مجلس القاضي، وجلس مع خصمه بين يديه، وادعى التاجر عليه أنه لم يصله ثمن أفراسه وثبت ذلك، وأبى التاجر أن يقوم من مجلسه قبل أداء الثمن، وحكم القاضي به، فمكث السلطان مع خصمه إلى قبض التاجر الثمن، وكان القاضي لما حضر السلطان في المحكمة وسلم عليه لم يتحرك من مجلسه وما كفاه ذلك حتى إنه أمره أن لا يترفع على خصمه ويجلس معه، والسلطان لا يخرج عن حكمه، ولما قبض التاجر الثمن وسأله القاضي هل بقيت لك دعوى عليه وقال لا، عند ذلك قام القاضي من مجلسه وسلم على عادته فيه ونكس رأسه في ما يعتذر به، وأجلسه (السلطان) في مجلس حكمه كما كان، وجلس إلى جنبه، وشكره على عدم مداهنته في الحق حتى إنه قال: لو عدلت عن سيرتك هذه رعاية لي لانتصفت للعدالة منك وأنزلتك منزلة آحاد الناس لئلا يأتي بعدك غيرك بما أتيت" [52]
إن هذا الكتاب مفيد لمن يود تعلم التاريخ الهندي الإسلامي ومزاياه وعطاياه وآثاره الخالدة النيرة وهو منارة علم لطالبي الحق من الأطفال والصغار في أسلوب مزدوج بين القديم الصالح والجديد النافع. وكل هذا علاوة على المنافع التي تتحقق في مجال تعليم اللغة العربية في مكان ناء من العالم العربي كالهند. والثناء لله أولا وآخرا.




[1] الشيخ أبو الحسن علي الندوي- قصص النبيين، الجزء الأول، ( طبع  ١٩٨٩ م/ ١٤١٠هـ) ص:- ١-١١
  الدكتور أشفاق أحمد الندوي:مساهمة الهند في النثر العربي خلال القرن العشرين، الطبعة الأولى) ٢٠٠٣ م/ ١٤٢٣ ه، ص: ١١(
[3] قصص النبيين – للشيخ أبي الحسن علي الندوي، ج: ١ ص: ٧
[4] المصدر السابق، ج: ١ ص: ١٢ و ١٣
[5] المصدر السابق، ج: ١ ص: ١
[6]  المصدر السابق، ج: ٢ ص: ١٣ و ١٤
[7] المصدر السابق، ج: ٢ ص: ١٤ و ١٥
[8] المصدر السابق، ج: ٣ ص: ٢٥ و ٢٦
[9] سورة القصص: ٩
[10] ١ سورة القصص: ٨
[11]  قصص النبيين – للشيخ أبي الحسن علي الندوي، ج: ١ ص: ١٩
[12] المصدر السابق، ج: ٢ ص: ٧ ٤ و ٤٨
[13]  سورة غافر: ٣٨
[14] سورة غافر 39
[15] ١ المصدر السابق، ج: ٥ ص: ٢٤ و ٢٥
[16]  سورة يوسف: ٥٥
[17] ٢ قصص النبيين – للشيخ أبي الحسن علي الندوي، ج: ١ ص: ٤١ إلى ٤٣
[18]  ابوالحسن علي الندوي – القراءة الراشدة، الجزء الأول، (طبع ٢٠٠٩ م/ ١٤٣٠ ه)، ص: ٩- ١٠
[19] المصدرا لسابق ج 1ص 95-96
[20] المصدر السابق، ج: ١ ص: ١٢٧-١٢٨
[21]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ١٨٣-١٨٤
[22]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ١١
[23]  المصدر السابق، ، ج: ١ ص: ٥٢
[24]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ٣٩
[25]  المصدر السابق، ج: ٢ ص: ٧ إلى ١٠ ، بتغيير بسيط
[26]  المصدر السابق، ج: ٢ ص: ١١١
[27] المصدر السابق، ج: ٣ ص: ١٣٠
[28]  المصدر السابق، ج: ١، مقدمة المؤلف
[29] ١ المصدر السابق، ج: ٣ ص: ١٤٤ ، ص: ١٤٥
[30]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ١١
[31]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ٤٦
[32]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ٦٧
[33]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ٧٢
[34]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ٤٠
[35] المصدر السابق، ج: ٢ ص: ٨٩
[36]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ٧٩
[37]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ٤٤
[38]  المصدر السابق، ج: ١ ص: ٨٦
[39]  المصدر السابق، ج: ٢ ص: ٧٤
[40]  المصدر السابق، ج: ٢ ص: ١٠٥
[41]  المصدر السابق، ج: ٢ ص: ١٢١
[42]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ١٠
[43]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ٥٧
[44]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ١٤٤
[45]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ٣
[46]  سورة الجمعة: 10
[47]  سورة القصص: 77
[48]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ٢٤ و ٢٥
[49]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ٣٦
[50]  المصدر السابق، ج: ٣ ص: ٥٢
[51]  سورة آل عمران: 191
[52]  القراءة الراشدة - للشيخ أبي الحسن علي الندوي، ج: ٣ ص: ٥٩ إلى ٦٠

مواضيع ذات صلة
الأعلام،, الندويات, دراسات, نداء الهند،,

إرسال تعليق

0 تعليقات