ادعمنا بالإعجاب

شمائل النبي عليه الصلاة والسلام


عمر الفيضي موديكود       
            
                                     فهو الذي تم معناه وصورته      
                                                     ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم
                                       منزه عن شريك في محاسنه        
                                                     فجوهر الحسن فيه غير منقسم
                                                                                    (الإمام البوصري)
إن أبرز الأبازير الإنسانية على الإطلاق هو أبو القاسم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي هو الإنسان الكامل وأفضل المصطفين الأخيار. أرسله الله تبارك وتعالى شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فهو منقذ البشرية من الضلالة والجهالة والمختوم به الرسالات السماوية ولقد خطى التاريخ بالعناية المتمايزة من الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين بحكاية صفا بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ووصف محاسنه وشمائله حتى انهم ما تركوا شيئا من أخيار المصطفى عن هيئته وسمته ولبسه وشرابه وغير ذلك لأنهم خريجو مدرسة النبوية وأشد حبا لله ولرسوله . ثم بالاهتمام البالغ من التابعين ومن بعدهم بترسيم هذه الشمائل وتدوينها ونقلها من فم إلى فم وإن كانوا عاجزين في حصر جميع ما لحضرته من الأوصاف الحميدة والخصال الطيبة حتى انه قد مضى على انتقال غضا طريا في القلوب والأسماع. أما نحن فلا يتيح لنا إلا ان نقبض قبضة من آثار هؤلاء السالفين البارزين وان نرتشف رشفة من تلك البحار الزاخرة. فعلى الله نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

يقول الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني (ر): إن في جميع شمائله قوائد مهمة فمنها:-
1.     التلدذ بصفاته العلية وشمائله الرضية صلى الله عليه وسلم
2.     التضرب إليه واستجلاب محبته ورضاه بذكر أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة وهو أفضل وأكمل من مدحه بالقصائد.
3.     التعرض لمكافأته على احسانه إلينا وانقاذه إيانا من ظلمات الضلال إلى أنوار الهدى، وهذه نعمة كبرى لا تمكن مقابلتها بشيء ولا يقدر على مكافأته عليها إلا الله تعالى.
4.     إن معرفة شمائله الشريفة يستدعى محبته لأن الإنسان مجبول على حب الصفات الجميلة ومن اتصف بها، ولا أجمل ولا أكمل من صفاته ﷺ .
5.     إتباعه والاقتداء به لمن وفقه الله تعالى فيما يمكن به الاقتداء كسخائه وحلمه وتواضعه وزهده وعبادته وغيرها من مكارم أخلاقه وشرائف أحواله ﷺ.
نسبه (ص) الشريف وطهارته
هو سيدنا محمد رسول الله عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ومن علي كرم الله وجهه ان النبي قال "خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى ان ولدني أبي وأمي ولم يصبني من سفاح الجاهلية شيء".
وعن واثلة بن الأسقع (ر) قال: قال رسول الله : ان الله اصطفى من ولد إبراهيم اسماعيل واصطفى من ولد اسماعيل بي كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطاني من بني هاشم، وأمثال هذه الروايات كثيرة متوافرة.
أسماؤه الشريفة
الأخبار والآثار الكثيرة ناطقة بأسمائه وعن حذيفة (ر) قال: لقيت النبي في بعض طرق المدينة فقال: " أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا نبي الرحمة، ونبي التوبة، وأنا المقفى، وأنا الحاشر، ونبي الملاحم".
وسماه الله عزوجل في القرآن رسولان نبيا، أميا، شاهدا، مبشرا، نذيرا، داعيا إلى الله بإذنه، سراجا منيرا، رؤوفا، رحيما، مذكرا كما قال في التهذيب وجمع الإمام محمد بن سليمان الجزولى (ر) في دلائل الخيرات من أسمائه   ماتين وواحدا وهي هذه:- 1. محمد 2. أحمد 3. حامد 4. محمود 5. أحيد 6. وحيد  7. ماج 8. حاشر 9. عاقب 10. طه 11. يس 12. طاهر 13. مطهر 14. طيب 15. سيد 16. رسول 17. نبي 18 . رسول الرحمة 19 . قيم 20. جامع 21. مقتف22. مقفى23. رسول الملاحم 24 . رسول الراحة 25. كامل          26. اكليل 27. مدثر 8. مزمل 29. عبد الله  30. حبيب الله 31. صفى الله 32. نجي الله 33. كليم الله 34. خاتم الأنبياء 35 . خاتم الرسل 36 . محي 37. منج  38. مذكر 39. ناصر 40. منصور  41. نبي الرحمة  42. نبي التوبة  43. حريص عليكم  44. معلوم  45. شهير  46. شاهد  47. شهيد  48. مشهود  49. بشير  50. مبشر 51. نذير 52. منذر 53. نور  54. سراج  55. مصباح  56. هدى  57. مهدي   58. منير 59. داع  60. مدعو 61. مجيب 62. مجاب 63. حفي 64. عفو 65. ولي 66. حق  67. قوي  68. أمين 69. مأمون  70. كريم  71. مكرم  72. مكين  73. متين  74. مبين  75. مؤمل  76. وصول  77. ذو قوة  78. ذو حرمة 79. ذو مكانة  80. ذو عز 81. ذو فضل 82. مطاع  83. مطيع  84. قدم صدق 85. رحمة 86. بشرى 87. غوث  88. غيث 89. غياث 90. نعمة الله 91. هدية الله  92. عروة الوثقى93. صراط الله 94. صراط مستقيم95. ذكر الله 96. سيف الله 97. حزب الله 98. النجم الثاقب99. مصطفى  100. مجتبى 101. منتقى102. أمي 103. مختار104. اجير 105. جبار 106 . أبو القاسم 107. أبو الطاهر 108. أبو الطيب109. أبو ابراهيم 110. مشفع 111. شفيع 112. صالح 113. مصلح 114. صادق 115. مصدق 116. صدق 117. سيد المرسلين 118. إمام المتقين 119. قائد الغر المحجلين 120. خليل الرحمن 121. بر  122. مبر 123. وجيه 124. نصيح  125. ناصح  126. وكيل 127. متوكل  128. كفيل 129. مقيم السنة 130. شفيق 131. مقدس  132. روح القدس 133. روح الحق 134. روح القسط 135. مهيمن 136. كاف 137. مكتف138. بالغ  139. مبلغ 140. شاف 141. واصل 142. موصول  143. سابق 144. سائق 145. هاد 146. مهدي 147. مقدم 148. عزيز 149. فاضل 150. مفضل  151. فاتح 152. مفتاح  153. مفتاح الرحمة 154. مفتاح الجنة 155. علم الإيمان 156. علم اليقين 157. دليل الخيرات 158. مصصح الحسنات  159. مقيل العثرات 160. صفوح عن الزلات 161. صاحب الشفاعة 162. صاحب المقام 163. صاحب القدم 164. مخصوص بالعز 165. مخصوص بالمجد 166. مخصوص بالشرف 167. صاحب الوسيلة 168. صاحب السيف 169. صاحب الفضيلة 170. صاحب الإزار 171. صاحب الحجة 172. صاحب السلطان 173. صاحب الرداء 174. صاحب الدرجة الرفيعة 175. صاحب التاج 176. صاحب المعفر  177. صاحب اللواء 178. صاحب المعراج 179. صاحب القضيب 180. صاحب البراق 181. صاحب الخاتم 182. صاحب العلامة 183. صاحب البرهان 184. صاحب البيان 185. فسيح اللسان 186. مطهر الجنان 187. رءوف  188. رحيم 189. اذن خير190.صحيح الإسلام  191. سيد الكونين 192. عين النعيم 193. عين الغر 194. سعد الله 195. سعد الخلق 196. خطيب الأمم 197. قلم الهدى  198. كاشف الكرب 199. رافع الرتب 200. عز العرب  201. صاحب الفرج .

أما كنيته المشهورة أبو القاسم وكناه جبريل (ر) أبا إبراهيم وأفضل أسمائه محمد وهو المكتوب على ساق العرش وعلى قصور الجنة وغرفها وعلى نحور العور العين وعلى أوراق أغصان شجر الجنة واستارها وعلى ورق سدرة المنتهى وبين أعين الملائكة كما روى ابن عساكر عن كعب الأحبار(ر).
خلقة رسول الله (ص) وجمالها
يقول القرطبي(ر) لم يظهر لنا تمام حسنه لأنه لو ظهر لنا تمام حسنه لما طاقت اعيننا رؤيتهﷺ.
ونحكي ههنا ما نلتقطه من أحاديث متفرقة رويت في شمائل الرسول وقد كان   حسن الجسم ليس بالطويل البائن (الظاهر طوله) ولا بالقصير ولا بالأبيض الأمهق (الشديد البياض الخالي عن الحمرة) وكان مربوعا بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس (مجامع العظام كالركبة والمنكب) ولم يكن بالمطهم (البادن الكثير اللحم) وكان سواء البطن والصدر معتدل الخلق في السمن فبدن آخر عمره وكان مع ذلك لحمه متماسكا يكاد يكون على الخلق الأول لم يضره السن وكان ينسب إلى الربعة إذا مشى وحده، ومع ذلك فلم يكن يماشيه أحد من الناس وهو ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما فإذا فارقاه نسبا إلى الطول ونسب هو إلى الربعة. وإذا جلس يكون كتفه أعلى من جميع الجالسين. وكان فخما (العظيم في نفسه) مفخما (المعظم عند غيره) أقصر من المشذب (الظاهر الطول مع تحافة) وأزهر اللون وأنوار المتجرد (المتجرد عن الشعر أو الثوب) وأبيض مشرفا بياضه بحمرة مقصدا (المتوسط بين الطول والقصر) كأنها صيع من خضة.
ويقول : "جعل الخير كله في الربعة" وتقول أم معبد في بعض ما وصفت به "أجمل الناس من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب وكان يقول: أنا أشبه الناس بآدم (ع) وكان أبي إبراهيم(ع) أشبه الناس بي خلقا وخلقا".
وكان إذا نظر في المرأة قال "الحمد لله الذي حسن خلقي وخلقي وزان مني ما شان من غيري.
رأسه (ص) وما فيه من الأعضاء والأشعار
وكان ضخما الرأس، عظيم الهامة رجل الشعر، ان انفرقت عقيقته (شعر الرأس) فرقها (ترجلها) والا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه إذا هو وفره (جعله وفرة، وهي الشعر النازل عن شحمة الأذن إذا لم يصل إلى المنكبين) وكان جعدا (من في شعره التواء) رجلا (من في شعره تكسر قليل) لا بالجعد القطط (شديد الجعودة) ولا بالسبط (مسترسل الشعر) وكان شديد سواد الشعر عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه كان أحسن الناس وجها كأن الشمس تجري في وجهه ليس بالمكلثم (المدور الوجه) وكان في وجهه تدوير (أي لم يكن شديد تدوير الوجه بل في وجهه تدوير قليل) وكان إذا سر تبرق أسارير وجهه كأنه قطعة قمر كما قالت أم المؤمنين عائشة (ر) وكان وجهه كأنه دارة قمر فكأن وجهه مرآة وكأن البدر يري في وجهه كما قال الصحابي الجليل أو الطفيل (ر) مثل الشمس والقمر وكان مستديرا كما قال جابر (ر) يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر كما قال هالة بن أبي هالة(ر) لهو عندي أحسن من القمر كما قال جابر بن سمرة (ر) حين نظر إليه  وإلى القمر في ليلة مقمرة يا بني لو رأيته لرأيت الشمس طالعة كما قالت السيدة الربيع بنت معوذ(ر) رأيت رجلا ظاهر الوضاءة حسن الخلق مليج الوجه قسيما وسيما كما وصفته أم معبد (ر).
وسأل رحل البراء بن العازب (ر): أكان وجه رسول الله مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر.
ونعته عمه أبو طالب فقال أبيض يستسقى الغمام بوجهه – ثمال اليتامى عصمة الأرامل.
وكان إذا نظر وجهه في المرآة قال: الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله وكرم صورة وجهي فحسنها وجعلني من المسلمين.
أما خده فقد كان صلى الله عليه وسلم أسيل الخدين (هو ما فيه استطالة غير مرتفع الوجنة) وسهلهما وصلتهما (وهو الأسيل).
وكان عظيم العينين أدعجهما (شديد سوادهما) وأشكلهما (الشكلة العمرة تكون في بياض العين) وأكحلهما (أسودا جفان العين خلقة) وكانت عيناه نجلاوين (واسعتين) وفيهما تمزج من حمرة، أسود الحدقة، أحمر المآقي (جمع موق) أهدف الأشفار (طويل شعر الأجفان) حتى تكاد تلتبس من كثرتهما، أزج الحواجب (مقوسها مع طول) صوابغ في غير قرن (والمراد ان حاجبيه قد سغل حتى كادا يلتقيان ولم يلتقيا أبلج الحاجبين كأن ما بينهما الفضة المخلصة بينهما مرق بدره العضب أما جبينه الكريم فقد كان واضح الجبين وهو معنى قول علي (ر) صلت الجبين وفي رواية واسع الجبين وفي رواية عظيم الجبهة وكله بمعنى واحد.
وكان أقنى العرنين ودقيقه (طويل الأنف مع دقة ارنبته أى طرفه في وسطه بعص ارتفاع) له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله اشم (مرتفع قصبة الأنف) وكان ضليع الفم (واسعه وهو ممدوح لدلالته على الفصاحة) أشنب (أبيض الأسنان مع بريق وتحديد فيها) مفلج الأسنان (متبا عدما بين الأسنان) أفلج الثنيتين (براق الثنايا) إذا تكلم ريء (رئي) كالنور يخرج من بين ثناياه وكان من أحسن عباد الله شفتين وألطفهم ختم فم.
صدره وبطنه
كان رسول الله سواء البطن والصدر عريض الصدر وأشعر أعاليه، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، دقيق المسربة (هي هذا الشعر الدقيق كأنه قضيب من الصدر إلى السرة)، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك (لم يكن على ثدييه وبطنه شعر غير مسربته) تقول السيدة أم هانئ(ر) "ما رأيت بطن رسول الله إذا ذكرت القراطيس المثنية بعضها على بعض.
عنقه وظهره
كان بعيد ما بين المنكبين إذا وضع رداءه عنهما فكأنه سبكة فضة. وكان أحسن عباد الله عنقا لا ينسب إلى الطول فلا إلى القصر ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه ابريق فضة مشرب ذهبا، يتلألأ في بياض الفضة وفي حمرة الذهب، أو كأنه عنقه جبد دمية في صفاء الفضة (الدمية صورة من الرخام ونحوه)
وكان جليل الكتد (عظيم الكاهل وما يليه من جسده) وأشعر المنكبين واسع الظهر ما بين كتفيه خاتم النبوة وهو مما يلي منكبه الأيمن، فيه شامة سوداء تضرب إلى الصفرة، حولها شعرات متواليات كأنها من عرف فرس. وكان خاتمه بين كتفيه مثل زر الحجلة كما قال السائب بن يزيد(ر) أو غدة حمراء مثل بيضة الحمامة كما قال جابر بن سمرة (ر) أو بضعة ناشزة كما قال أبو سعيد الخدري (ر) أو مثل الجمع (مجموع الأصابع إلى باطن الكف) حولها خيلان (جمع خال وهو الشامة على الجسد) كأنها الثآليل (جمع ثؤلول وهو حب يعلو ظاهر الجسد) كما قال عبد الله بن سرجس (ر) أو شعر مجتمع كما قال أبو زيد عمرو بن أخطب(ر) اوكأنه ركبة عنز (العنز شيء شبيه العكاز وركبته أعلاه) كما قال عباد بن عمرو(ر).
يده المباركة
كان رسول الله ششن الكفين ضخمهما رحب الراحة طويل الزندين أشعر الذراعين وشبحهما (عريضهما ممتدهما) وعبلهما (ضخمهما) وعبل العضدين، سائل الأطراف كأن أصابعه قصبان الفضة وكان كفه الين من الحرير وكانت رائحته كرائحة كف العطار، مسها بطيب أم لم يمسها، وكان يصافح الرجل فيظل يومه يجدر ريحها، ويضع يده على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان بريحها على رأسه ويقول أنس خادم رسول الله "ما مست ديباجا ولا حريرا لين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول جابر بن سمرة (ر): إن رسول الله مسح خده، قال: فوجدت ليده لرداو ريحا كأنه أخرجها من جؤنة عطار (شبه صندوق صغير مغشى يجلد يضع العطار فيها عطره).
رجله الميمونة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ششن القدمين (ضخمهما) ومسيحهما ينبو عنهما الماء منهوس العقبين (قليل لحمهما) خمصان الأخمصين (ضامرهما) إذا وطئ بكلها ليس له أخمص عبل الفخذين وكان في ساقبه حموشة (الدقة، وهي محمودة في الساقين) ويقول عبد الله بن بريدة(ر): كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس قدما وتقول ميمونة بنت كردم (ر): رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نسيت طول أصبع قدمه الشبابة على سائر أصابعه.
مشيته صلى الله عليه وسلم
كان رسول الله إذا مشى تكأ تكفؤا (الميل إلى سنن المشي وهو ما بين يديه كالسفينة في جريها) كأنما ينحط من صبب (المكان المنحدر من الأرض) وزال قلعا (رفع رجليه بقوة) وكان ذريع المشية (واسع الخطو خلقة لا تكلفا) ويمشي الهوينا بغير بتبختر (الهوينا تقارب الخط) ويمشى مجتمعا (قوي الأعضاء، غير مسترخ في المشي) كأنما يتوكأ (يسعى سعيا شديدا) يعرف فيه أنه ليس بعاجز ولا كسلان حتى يعرول الرجل في مشيه وراءه فلا يدركه ويقول أبو هريرة (ر): "وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله كأنما الأرض تطوى له، انا لنجهد أنفسنا، وأنه لغير مكترث (غير متكلف).
وكان يمشي حافيا وناعلا ولا يلقت وراءه إذا مشى، وكان ربما تعلق رداءه بالشجر فلا يلتفت حتى يرفعه عليه. وكان إذا مشى مشى أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة وإذا مشى في الشمس والقمر لا يظهر له ظل.
جلسته
كان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا ويمسك بيديه عليهما وفي القرفصاء تقول قيلة بنت مغرمة(ر) أمها رأت رسول الله في المسجد وهو قاعد القرفصاء، قالت: فلما رأيت رسول الله المتخشع في الجلسة ارعدت من الفرق (الخوف).
ورأى أبو داود بسند صحيح ان رسول الله كان إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء.
وعن جابر بن سمرة (ر) قال: رأيت رسول الله متكئا على وسادة على يساره وتقول عائشة (ر): كان لا يأكل متكئا ويقول آكل كما يأكل العيد واجلس كما يجلس العيد وانه كان لا يجلس في بيت مظلم إلا أن يسرج له فيه سراج. وما رئى قط مادا رجليه يضيق بها على أصحابه إلا أن يكون المكان واسعا وكان أكثر جلوسه إلى القبلة.
نظر بصره
يصفه الله تبارك وتعالى بقوله: ما زاغ البصر وما طغى. كان إذا التفت التفت جميعا وكان فض الطرف (إذا لم ينظر إلى شيء يخفض بصره) نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء جل نظره الملاحظة (النظر باللحاظ وهو شق العين مما يلي الصدغ والمراد انه لم يكن نظره إلى الأشياء نظر أهل الحرص والشرة).
وثبت في الصحيح ان رسول الله كان يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار في الضوء وكان يرى من خلق كما يرى من امام.


صوته
كان كثير السكوت طويل الصمت ولا يتكلم في غير حاجة ويعرض عمن تكلم بغير جميل يعيد الكلام مرتين أو ثلاثا ليفهم.
وكان صوته يبلغ حيث لا يبلغ صوت غيره فعن البراء (ر) قال: خطبنا رسول الله حتى أسمع العواتق في خدورهن (خصهن بالذكر لبعدهن واحتجابهن في البيوت فسماعهن آية علو صوته)
تقول عائشة (ر): جلس رسول الله يوم الجمعة على المنبر، فقال للناس "اجلسوا" فسمعه عبد الله بن رواحة وهو في بني غنم فجلس في مكانه خطب رسول الله يمنى، ففتح الله أسماعنا، حتى ان كنا لنسمع ما يقول ونحن في منازلنا – قاله عبد الرحمن لن معاذ الشمي(ر).
وتقول أم هانئ(ر): كنا نسمع قرائة النبي في جوف الليل عند الكعبة وانا على عريشي.
سروره وضحكه
كان إذا سر استنار وجهه كأنه القصر أو كأن وجهه المرآة، وكأن الجدرير شخصها فيه.
وكان جل ضحكهالتسم يقول عبد الله بن الحارث(ر): ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله وتقول أم المؤمنين عائشة (ر): ما رأيت رسول الله قط مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته.
لكن ورد في أحاديث كثيرة انه ضحك حتى بدت نواجده. وهذا أبو ذر(ر) يقول: فلقد رأيت رسول الله ضحك حتى بدت نواجده. يقول ذلك أبو ذر(ر) بعدما حكى عنه قصة رجل يكون آخر أهل النار خروجا. وهذه القصة وضحكه مروية أيضا من ابن مسعود (ر).
ويروى عن سعد بن أبي وقاص(ر) انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ضحك كل يوم الفندق حتى بدت نواجده وكان ذلك لما كان سعد (ر) لا يخطئ رميه حتى لم يخطئ في الخندق من رجل غطى جبهته بالترس.
وكان (ص) إذا افتر ضاحكا (أبدى أسنانه ضاحكا) افتر عن مثل سنا البرق إذا تلألأ، وعن مثل حب الغمام. وكان صلى الله عليه وسلم إذا حرى به الضحك وضع يده على فيه.

بكاءه صلى الله عليه وسلم
يكون بكاءه بلا رفع صوت ولا شهيق ولكن تدمع عيناه أو يسمع لصدره ازير يقول أنس خادم رسول الله : شهدنا ابنة لرسول الله ورسول الله جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان.
وعن أنس (ر) أيضا أن رسول الله دخل على ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول اللهتذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف(ر): وأنت يا رسول الله؟ فقال : يا ابن عوف انها رحمة ثم اتبعها بأخرى، فقال: ان العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول الا ما يرضى ربنا وانا يفراقك يا إبراهيم لمحزونون. وعن عبد الله بن مسعود(ر) قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت سورة النساء حتى بلغت: (وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال: فرأيت عيني رسول الله  تهملان (تسيل دمعهما).
وعن عبد الله بن الشخير (ر) قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يصلى، ولجوفه ازيز كأزيز المرجل من البكاء.
غضبه صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس غضبا وأسرعهم رضا وكان يغضب لربه عزوجل ولا يغضب لنفسه. وكان صلى الله عليه وسلم إذا غضب يرى غضبه في وجهه واحمرت وجنتاه وإذا غضب وهو قائم جلس، وإذا غضب وهو جالس اضطجع، فيذهب غضبه، يروى ذلك عن ابن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهما وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال اني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا! فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ.
وتقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فما رآه رسول الله هتكه وتلون وجهه.
حياءه صلى الله عليه وسلم
قال العلماء: حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القميح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق – النووي (ر) في رياض الصالحين وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس حياء فعن أبي سعيد الخدرى(ر) قال "كان رسول الله  أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيأ يكرهه عرفناه في وجهه- متفق عليه.
روى أبو داود والترمذي (ر) وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدا بوجهه شيء يكرهه فدخل عليه يوما رجل وعليه أثر صفرة، فلما قام قال لأصحابه: ولو أمرتم هذا أن يعسل هذه الضفرة.
ومن حيائه صلى الله عليه وسلم أنه لا يثبت بصره في وجه أحد وانه صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة ابعد ولم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض وانه صلى الله عليه وسلم استحيا أن يقول لقوم أطالوا الجلوس عنده صلى الله عليه وسلم بعد الأكل "انصرفوا" حتى نزلت آية الحجرات في ذلك "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يأذن لكم ....." إلى قوله تعالى "ان ذلكم لكان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق" وكان ذلك عند زفافه صلى الله عليه وسلم بزينب رضي الله عنها.
عطاسه صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم يكره رفع الصوت بالعطاس ويكره العطسة الشديدة في المسجد وإذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض بها صوته وحمد الله تعالى فيقال له يرحمك الله فيقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم".
قوته صلى الله عليه وسلم البدنية وشجاعته صلى الله عليه وسلم
وقد كان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أكمل وأتم في قوته البدنية وأوصاف الرجولية والشجاعة. ومما يدل على ذلك انه صلى الله عليه وسلم صرع ركانة رضي الله عنه  ثلاث مرات وركانة هذا كان رجلا بمكة شديد القوم يحسن الصراع وكان الناس يأتونه من البلاد للمصارعة فيصرعهم – رواه ابن اسحاق وغيره.
وقد صارع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة غير ركانة رضي الله عنه منهم أبو الأسود الجمعي وكان من شدته انه كان يقف على جلد البقرة ويتجاذب أطرافه عشرة لينزعوه من تحت قدميه، فيتفرى الجلد ولم يتزحزح عنه.
ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم جعل الصخرة التي ظهرت في الخندق كثيبا مهيلا ضرب عليها بثلاث ضربات بالمعول مع الصحابة رضي الله عنهم عجزوا عن إزالتها وتكسرت فيها معاولهم ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم معصوب البطن من الجوع ومضى عليه ثلاثة أيام لم يذق طعاما – رواه البخاري رضي الله عنه وغيره عن سيدنا جابر رضي الله عنه.
وروى عن مجاهد رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم اعطى قوة يضع وأربعين رجلا من أهل الجنة (وان الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مئة في الأكل والشرب والجماع والشهوة – كما روى عن زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعا).
ويقول أنس رضي الله عنه انه كان صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار؛ وهن إحدى عشرة.
وعن أنس رضي الله عنه أيضا: ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فضلت على الناس بأربع فذكر فيه صلى الله عليه وسلم الشجاعة وسئل علي رضي الله عنه عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقال: كان أشدنا بأسا.
اعتنائه صلى الله عليه وسلم ببدنه الشريف
وكان صلى الله عليه وسلم أشد عناية بجسده الطاهر ويظهر ذلك مما قاله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه "فلا تفعل: صم واخطر، وتم وقم فإن لجسدك عليك حقا وان لعينك عليك حقا ..... الحديث. قال ذلك صلى الله عليه وسلم حينما أخبر صلى الله عليه وسلم انه رضي الله عنه يصوم النهار ويقوم الليل – رواه الشيخان أو أحدهما.
ونجمل بالتالي بعض ما ورد في ذلك:-
النوم:
كان صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل، ويستيقظ في أول النصف الثاني، ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه منه، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج منه، وكان ينام على جنبه الأيمن، ذكر الله تعالى حتى تغلبه عيناه، غير ممتلئ البطن من الطعام والشراب. وكان صلى الله عليه وسلم ينام على الفراش تارة، وعلى النطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة. وكان فراشه صلى الله عليه وسلم ادما حشوه ليف، وكان له مسح (فراش خش عليظ) ينام عليه (وسائل الوصول حكاية عن المواهب).
وعن أبي قتادة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عرس بليل اضطجع على شقه الأيمن، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفيه (عرس: نزل في السفر آخر الليل) وعن حفصة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاث مرات.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال: باسم الله وضعت جنبي اللهم اغفر لي ذنبي واخئي شيطاني وفك رهائي وثقل ميزاني واجعلني في الندي الأعلى رواه أبو الأزهر الأنصاري وعن البراء رضي الله عنه "باسمك اللهم أحيا، وباسمك أموت". وعن عائشة رضي الله عنها "اللهم اني أعوذ بك من الشر ولوعا. ومن الجوع ضجيعا" وعن أنس رضي الله عنه "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي" وعن ابن عمر رضي الله عنهما: باسمك ربي فاغفر لي ذنبي" وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفت فيهما وقرأ فيهما قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من أخذ مضجعه قرأ قل يا أيها الكافرون حتى يختمها وورد أيضا انه صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى تقرأ بني اسرائيل والزمر والم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك وكان صلى الله عليه وسلم إذا تضور (تلوى وتقلب في فراشه) من الليل قال: "لا إله إلا الله الواحد القهار، رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار.
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: انه صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ قال "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور".
وكان صلى الله عليه وسلم إذا تعار (هب من نومه واستيقظ) من الليل قال: رب اغفر وارحم واهد للسبيل الأقوم".
وكان صلى الله عليه وسلم لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا استيقظ بدأ بالسواك.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة.
وكان صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه ولذلك كان صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ ثم يقوم فيصلى.
الأكل والشرب
وكان أكثر طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر والماء كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولكن لا يتورع من مطعم حلال، إن وجد تمرا دون خبز اكله وان وجد لحما مشويا أكله وان وجد خبز بر اكله أو شعير اكله وان وجد حلوى أو عسلا أكله وان وجد لبنا دون خبز أكله وإن وجد بطيخ أو رطبا أكله يأكل ما حضر ولا يرد ما وجد.
ومما ورد من مطعوماته صلى الله عليه وسلم أيضا لحم الدباج والحبارى والشاة والجمل وحمار الوحش والأرنب وداواب الحر ومن البقول الدباء والسلق والبصل والهندباء والثمر (بقلة حلوة يأكل ورقه وسوقه نيأ) والرجلة (البقلة الحمقاء التي تنبت على الطريق وفي مسيل الماء) والقثاء ومن الفواكه الرطب والتمر والبسر والبطيخ والخريز (البطيخ الأصفر) والعنب والكباث (ثمر الآراك) ومن الحبوب الحنطة والشعير ومن الصباغ الخل والفلفل والتوابل ومن الأدهان الزيت ومن منتجات اللبن الزبد والسمن والجبن والأقط (جبن اللبن المستخرج زيده) من المخلوطات الثريد (الخبز المثرود بمرق اللحم) والفالوذج (مخلوط بدقيق الحنطة والسمن والعسل) والخزيرة (صغار قطع اللحم الممزوج بالدقيق) والحيس (التمر مع السمن والأقط).
وكان صلى الله عليه وسلم يحب من الشاة الدراع والكتف ومن المطبوخ في القدر الدباء ومن التمر العجوة وكان يعجبه الثفل (ما بقي من الطعام في أسافل القدر والقصعة ونحوهما).
وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل الجراد ولا الكليتين ومن الشاة الذكر والانثيين والحيا (الفرج) والدم والمثانة والمرارة والغدد والكان صلى الله عليه وسلم يعاف الضب والطحال ولا يأكل الثوم والبصل ولا الكراث من أجل الملائكة ولكن آخر طعام أكله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بصل كما قالت عائشة رضي الله عنها (والظاهر ان هذا البصل كان مطبوخا حتى لم يبق له رائحه كريهة).
وكان صلى الله عليه وسلم يكره أن يأكل الطعام الحار حتى تذهب فورة دخانه وكان صلى الله عليه وسلم يأكل بأصابعه الثلاث وربما استعان بالرابعة ولم يكن قط بأصبعين وكان صلى الله عليه وسلم يلعق الصفحة بأصابعه ويلعق الأصابع حتى تحمر.
وكان أكثر جلوسه صلى الله عليه وسلم للأكل أن يجمع بين ركبتيه وبين قدميه الا ان الركبة تكون فوق الركبة والقدم فوق القدم ولا يأكل متكئا.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا وضعت المائدة قال "باسم الله اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعمة الجنة" وإذا قرب إليه طعام يقول: باسم الله، وإذا فرغ قال: "اللهم أطعمت وسقيت وأغنيت واقنيت وهديت واجتبيت فلك الحمد على ما أعطيت وإذا رفعت المائدة قال: "الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد الذي كفانا وآوانا غير مكفي ولا مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا (تنوعت الروايات في أذكاره صلى الله عليه وسلم قيل الأكل وبعده فلينظر في محالها).
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام أكل مما يليه وإذا أتى بالتمر جالت يده فيه.
النظافة
كان صلى الله عليه وسلم يعتنى بنظافة بدنه فقد كان يغتسل ويحافظ على غسل يديه قبل الطعام وبعده ويحرص على استعمال السواك في كل أحواله ويحافظ على تعهد أطراف بدنه بالنظافة وإزالة الأوساخ عنها من قص ساربه واطافره ونتف ابطه وحلق عانته وغير ذلك وكان صلى الله عليه وسلم دائم الوضوء.
وعن أنس رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد. وعن الفاكه بن سعد رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الجمعة ويوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان اغتسل انزل أم لا وعنها رضي الله عنها أيضا: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم غسل رأسه يخطمي واشنان ودهنه بشيء من زيت غير كثير.
وعنها رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل مقعده ثلاثا.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتسل فتح عينيه وادخل أصبعيه في سرته وعن أبي أيوب رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ استنشق ثلاثا وتمضمض وادخل اصبعيه في فمه. وعن عبد الله بن بشر رضي الله عنه انه كان صلى الله عليه وسلم يطر شاربه طرا (يطر – يقص). وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: كان صلى الله عليه وسلم يستاك من الليل مرارا.
الترجل والدهن والخضاب
تقول عائشة رضي الله عنها: كنت رجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض ويقول أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنز دهن رأسه ونستريح لحيته ويكثر القناع كأن ثوبه ثوب زيات (القناع خرقة توضع على الرأس حين استعمال الدهن لنقي العماسة يمنه) وعن أم عياش رضي الله عنه انه كان صلى الله عليه وسلم يعفى شاربه وعن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دهن لحيته بدأ بالعنفقة وكان لا يفارق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه ومشطه وكان ينظر في المرآة إذا سرح لحيته.
وسئل جابر بن سمرة رضي الله عنه عن شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان إذا دهن رأسه لم ير منه شيب. وإذا لم يدهن رئي منه شيء.
وسئل أبو هريرة رضي الله عنه هل خصب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم وأخرجت عائشة شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو أحمر مصبوغ.
وعن سلمة امرأة رافع رضي الله عنه: كان صلى الله عليه وسلم لا يصيبه قرحة ولا نكبة الا ان امرتي ان أضع عليها الحناء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: كان صلى الله عليه وسلم يكتحل قبل أن ينام بالأثمد ثلاثة في كل عين وعن عائشة رضي الله عنها: انه صلى الله عليه وسلم كان يكتحل كل ليلة ويحتحم كل شهر ويشرب الدواء كل سنة وعن أبي رافع رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالأثمد وهو صائم.
التطيب
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكة تطيب منها (السكة وعاء الطبيب) وعن ابن عمر رضي الله عنه: كان النبي يستجمر بالألوة غير مطراة وبكافور يطرحه مع الألوة (المطراة التي يعمل عليها ألوان الطيب كغير ومسك وكافور).
وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ المسك فيمسح به رأسه ولحيته ويقول أنس رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب وكان أحب الرياحين إليه (ص) الفاغية (زهر الحناء).
اللباس
وكان صلى الله عليه وسلم يلبس ما وجده فيلبس في الغالب الشملة، والكساء الخشن والبرد الغليط وكان لا يتباهي في الملابس ولا يتزين بها لأنها ليست من خصال الشرق والجلالة.
يقول القسطلاني في المواهب وكانت سيرته صلى الله عليه وسلم في ملبسه اتم وانفع للبدن وأخف عليه فإنه لم تكن عمامته بالكبيرة التي يؤذي حملها ويضعفه ويجعله عرضع للآفات، ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد وكذلك الأردية والازر أخف على البدن من غيرها، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يطول أكمامه ويوسعها.
وكان أحب الثياب إليه صلى الله عليه وسلم القميص وكان كمه إلى الرسخ. وكان صلى الله عليه وسلم يحب الحبرة (يرد يماني مزين) وكان له صلى الله عليه وسلم بردان أخضران فيهما خطوط خضر لا بحتا (لم يكن أخضر خالصا) وكان يعجب الثياب الخضر. وكان قيمة ثوبه صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم ولم يتخذ قميصين ولا رداءين ولا ازارين.
وكانت ثيابه صلى الله عليه وسلم مشمرة فوق الكعبين وكان ازاره إلى نصف الساق وكان قميصه مشدود الأزار وربما حل الازار في الصلاة وغيرها.
وكان رداءه صلى الله عليه وسلم طوله ستة اذرع في ثلاثة وشبر وكان ازاره أربعة وشيرا في عرض ذراعين وشبر.
وكان صلى الله عليه وسلم يلبس القلانس تحت العمائم وبغير العمائم ويلبس العمائم بغير القلانس وإذا عتم مبدل عمامته بين كتفيه.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له واعوذ بك من شره وشر ما صنع له. وكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم عليه الوفد لبس أحسن ثيابه وكان له صلى الله عليه وسلم ثوبان لجمعته خاصه سوى ثيابه في غير الجمعة وكان له يرد يلبسه في العيدين والجمعة مما ورد من ثيابه صلى الله عليه وسلم حلة حمراء وملاءة مصبوغة بالزعفران (الملاءة ثوب لم يضم بعضه إلى بعض بخيط بل كله تسبح واحد) وثوب قطري (نوع من البرود اليمانية تتخذ من قطن وفيه حمرة وأعلام مع خشونة) ومرط من شعر أسود (المرط كساء طويل) وجبة رومية ضيقة الكمين وحبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجاها مكفوفا بالديباج (اللبنة رقعة في جيب القميص والفرج الشتى في أسفل الثوب من خلق وإمام) وشملة (كساء صغير يؤتز ربه) وكساء ملبد (مرفع) وسراويل وبردة ملحاء (بردة سوداء فيها بطوط بيض يلبسها الأعراب) وقلنسوة بيضاء وعمامة تسمى السحاب وعمامة سوداء ومنديل.
الفراش
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فراش من آدم حشوه ليف طوله ذراعان أو نحوهما وعرضه ذراع وشبر أو نحوه (الأدم الجلد المدبوغ) وفراش قطيفة مثنية (دثار له هدب) كما افهمت لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وسئلت حفصة رضي الله عنها عن فراشه صلى الله عليه وسلم فقالت: مسح يثنى ثنتين (المسح كساء خش من صوف) وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما ينام على الحصير وحده ليس تحته شيء غير فيأثر في جنبه.
وكان له صلى الله عليه وسلم سرير مرمل بالبردي وعليه كساء أسود حشي بالبردي (مرمل – منسوج، البردي – نبات). وتغطى له صلى الله عليه وسلم بالحاف وكانت وسادته من ادم حشوه ليف.
التنعل
وكان صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتيه التي لا شعر عليها وكانت نعله صلى الله عليه وسلم مخصرة (التي لها خصر دقيق) معقبة (التي لها سير من جلد في مؤخر النعل) ملسة (التي في مقدمها طول على هيئة اللسان) وكان لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان مثنى شراكهما (القبال زمام يوضع بين الأصبع الوسطى والتي تليها وسمى شسعا اشراك السير).
واهدى له صلى الله عليه وسلم النجاشي خفين أسود بن ساذجين (لم يخالط سوادهما شيء) وكان صلى الله عليه وسلم إذا جلس يتحدث يخلع نعليه.
الخاتم
كان خاتمه صلى الله عليه وسلم من ورق وكان فصه حسيا (خرزا فيه بياض وبسواد أو عميقا) وكان صلى الله عليه وسلم يلبس خاتمه في يمينه وورد أيضا انه صلى الله عليه وسلم كان يتختم في اليسار وكان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم (محمد) سطر و(رسول) سطر و(الله) سطر.



مواضيع ذات صلة
النبويات, دراسات,

إرسال تعليق

0 تعليقات