ادعمنا بالإعجاب

حركة تحرير المرأة في البلاد العربية



دكتور معراج أحمد معراج الندوي
الأستاذ المساعد، ورئيس قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية – كولكاتا- الهند
إن حركة تحرير المرأة حركة تم تأسيسها في البلاد العربية لغرض إعادة الحقوق المسلوبة من المرأة والقضاء على الأفكار التي تنظم المجتمع على أساس ذكوري.  والمطالبات الرئيسية لهذه الحركة هي منع الحجاب وتقييد الطلاق بحيث الطلاق يكون في المحكمة ومنع تعدد الزوجات والمساواة في ميراث بالرجل، وحق العمل مع الرجال بدون قيود كي تسير المرأة مع الرجال جنبا إلى جنب في كل مجال من مجالات الحياة. بدأت هذه الحركة في العالم الإسلامي منذ منتصف القرن التاسع عشر ونشأت بعد احتكاك الشرق بالغرب. وساعدت هذه الدعوات التحريرية حركة التنصير والاستشراق التي غزت الدول الإسلامية مبكرا بواسطة التليم والتوجيه الفكري. ظهر عدد كبير من مثقفين الذين تأثروا بالحضارة الغربية والثقافية, فدعا البعض إلى إنصاف المرأة العربية ودعم حقوقها المسلوبة في التعليم والعمل والمشاركة الاجتماعية.

بدأت النهضة النسائية الحديثة في العالم العربي خطواتها الأولى في أواخر عهد إسماعيل حيث فتح باب التعليم أمام المرأة المصرية فارتقت المرأة العربية في صعودها إلى طريق التقدم الحضاري والتحرر الفكري. ولا غرو في أن العلم هو النور الهادي يؤدي الإنسان إلى السعادة والحرية والكمال. فالعلم هو طريق الوعي والاستنارة واليقظة لحقوق المرأة العربية والتعليم في حياة الإنسان فهو حجر أساسي لحياته المدنية والثقافية. وكانت مصر ترزخ مع البلدان العربية الشقيقة تحت سيطرة الأتراك لثلاثة قرون. وفي هذه الفترة المظمة من التاريخ لا نجد أي شيئ جدير بالذكر من انتاجات فكرية وأدبية حيث كان الحكام الأتراك يستبدون بالرعية. وقد انتشر الفساد والظلم والفقر والمرض والجهل في سائر البلاد العربية. وظلت الحالة على هذا المنوال حتى طلع في أفق السماء العربي شمس النهضة الحديثة. وقد شاء القدر أن يغزو نابليون على مصرعام 1798م. فكانت حملة نابليون هزة عنيفة لمصر أيقظتها من سباتها الطويل العميق وبينت لها أنها تعيش في عالم آخر. وكان هذا الغزو غزوا عسكريا وفكريا وثقافيا خلف آثارا ساحقة على الشعب المصري. وإن الشعب المصري كان لا يعرف من قبل هذه الحملة معنى الحرية والمساواة. فإثر هذا الاقتحام تغير مجرى التاريخ وانقلب تيار المجتمع المصري. شعر المصريون بتخلفهم وتأخرهم في جميع مجالات الحياة. ولفت المصريون إلى ما أصاب الغربيون من تقدم في العلم. فقد أحس زعماء مصر أول مرة بمجدهم الغابر وصمموا أن لا يسمحوا العودة مظالم الأتراك. فكان دخول نابليون في مصر هي نقطة التحول من التخلف إلى التقدم ومن الجمود إلى الحركة. فإن نابليون لم يكن قائدا عسكريا فحسب وإنما حمل معه وسائل العلم والثقافة والمطابع والعلماء. فأنشأ نابليون مسرحا للتمثيل كانوا يمثلون فيه رواية فرنسية وفتح مدارس للأطفال الفرنسيين وأسس مكتبة عامة. وكان من أهدافه من كل ذلك تعميم التقدم الحضاري.
وما لبث نابليون في مصر إلا لمدة ثلاث سنوات ولكن في هذه المدة القليلة نظم شؤون مصر الداخلية تنظيما حسنا. وفي ذلك يقول المؤرخ الإنجليزي الجود. "لقد ترك الاحتلال الفرنسي في مصر أثرا لا يمحي. فقد ظل المصريون يعجبون بنابليون بعد خروجه من ديارهم وظلت طرق الإدارية الفرنسية مهيمنة على حكومة مصر. وظلت عادات التفكير الفرنسية تسيطرعلى الطبقة المستنيرة بمصر. وإن ما خلفته الحملة الفرنسية في مصر خلال ثلاثة أعوام لا غير، لمن اضخم ما يتسنى انجازه في هذا الأمد الوجيز.  [1]
إن بداية الاحتلال الفرنسي في مصر والاحتلال الغربي في البلدان العربية الأخرى كان شيئا مشروعا تقتضيه حالة الركود التي كان يمر بها العالم العربي. انتهزت مصر فرصة قدوم نابليون مع جماعته إليها فنهضت لكي تواكب قافلة التقدم الحضاري والثقافي والعلمي. تولى محمد علي السلطة في سنة 1805م بعد خروج نابليون من مصر. وقد قام محمد علي بإصلاحات واسعة في مجال الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فأسس عدة مدارس أثناء عهده وأرسل بعثات عديدة إلى الدول الغربية. ومن أهم أعماله تأسيس مدرسة الإدارة والألسن تحت إشراف رفاعة الطهطاوي. وبعد محمد علي تولى أسماعيل السلطة. وفي أيامه أخذت الحياة تدب إلى كل مراحل التعليم حيث تم إنعاش المدارس العالية التي كانت قد تأسست في عهد محمد علي. ومما لا مراء فيه أن المدارس التي أنشئت في عهد اسماعيل لها فضل كبير في نهضة الأدب واللغة.[2] بدأ الاهتمام بتعليم المرأة في مصر أولا إذ بدأ الشعب المصري يقبل دعوة رفاعة الطهطاوي حيث وضع كتابه الشهير"المرشد الأمين إلى تعليم البنات والبنين" الذي مهد السبيل وأنار الطريق لتعليم الفتاة العربية. وكان أول من رفع صوته في مصرداعيا إلى تعليم المرأة وأحث الناس على تعليم المرأة وأهميتها وأوضح دورالمرأة المثقفة في إعداد الجيل الصالح وفي مصالح الوطن وفي بناء المجتمع. وقد رأى أن المراة المثقفة تستطيع أن تربي النشئ تربية صالحة ، وهي بهذا التعليم تشغل عن الأباطيل التي يؤدي إليها الفراغ وتلتفت إلى النافع من الأعمال.[3]  وهو لا يذيع هذه الأراء في كتاب بل ينشرها في مجلة "روضة المدارس" فهو يذكر أن البنت المثقفة تكون صالحة للبيت وكذلك تستطيع أن تربي الأطفال بطرقة جدية. فالتعليم في نفس الوقت عبارة عن تنوير عقولها. ولا شك في أن حصول النساء على ملكة القراءة والكتابة وعلى تخليق بالأخلاق الحميدة والإطلاع على المعارف المفيدة هو أجمل صفات الكمال.[4]
أما المدرسة الأولى التي تم إنشاءها على دعوة الطهطاوي فكانت هي مدرسة "السوفية" التي تولت السيدة جشم آفت هانم الزوجة الثالثة لإسماعيل. إنها قامت بتأسيس هذه المدرسة على نفقتها الخاصة. وقد استقبلت هذه المدرسة  في عامها الأول مأتين من الفتيات ثم وصلت عدد الطلاب إلى أربعمأة في العام التالي مباشرة. وكانت مدرسة "السوفية" فاتحة قائمة مدارس البنات التي أخذت تتوالي وتنتشر بعد ذلك إذ اعقبتها في العام التالي لتأسيسها مدرسة بنات ثانية في "القريبة" ثم أسست بعض مدارس البنات في مصر والشام بإثر هذه الدعوة. وفي هذا الصدد تقول فرحانة صديقي : "وقد خطا تعليم المرأة منذ قيام مدرسة السوفية خطوات واسعة في مصر وتعددت مدارسه. وجرت مناقشات عديدة حول طريق تعليم الفتيات وأجمعت الآراء على أن تعليم المرأة ونهوضها دعامة متينة في النهضة الاجتماعية والأدبية الشاملة.[5]  
قد كافح المصلح الاجتماعي الكبير  رفاعة الطهطاوي في سبيل المرأة ونهضتها ودعم قضية المرأة العربية وأدرك معاناتها وصعوباتها في المجتمع العربي الذكوري. ثم قام أحمد فارق الشدياق ودعا إلى تحرير المرأة العربية من الجهل والتخلف فألف كتابا عن هذا الموضوع وسماه "الساق على الساق" في سنة 1855م. وقال في دعوته إلى تعليم المرأة. "فأما تعليم نساء بلادنا القرأءة والكتابة فعندي أنه محمودة بشرط استعماله على شروطه. وهو مطالعة الكتب التي تهذب الأخلاق وتحسن الإملاء".[6] وبعد رفاعة الطهطاوي ظهر بطرس البسطاني في الشام وقام بدور فعال في مجال تعليم المرأة ودعا إلى تحرير المرأة وتثقيفها. وألقى خطابه الشهير سنة 1849م طالبا إلى تحرير المرأة وارسالها إلى المدارس لتتعلم وتتثقف ولتصبح أما صالحة قادرة على إعداد جيل صالح وقارن المرأة المتعلمة بالمرأة الجاهلة في علم وثقافة ودعا أبناء البلاد أن تجنبوا الزواج بالمرأة الجاهلة حيث أن المرأة الجاهلة لا تستطيع أن تربي الجيل القادم يكون لهم شأن في مصالح الوطن.
وكانت المرأة العربية محجبة جاهلة مقيدة في بيتها لكنها لم تعتبر نفسها غضاضة في تلك الحالة لأن الفقر أو الظلم يدفع المرأة إلى بذل الجهود التخلص لتدخل في مجالات الحياة العامة. فقام هناك قاسم أمين صاحب رسالة ونصير المرأة الأكبر الذي تناول بالبحث مشكلة تحرير المرأة من الناحية الاجتماعية خاصة ودافع عن قضية المرأة العربية دفاعا صادقا. فألف كتابيه الشهيرين "تحريرالمرأة" و"المرأة الجديدة" وبذل قصارى جهوده لحل قضايا المرأة العربية حتى أصبح بطلا كبيرا لقضية حرية المرأة. أما كتابه "تحرير المرأة" فيدورحول الدعوة إلى السفور وإزالة الحجاب لأن الحجاب ليس من الدين كما يظن الناس. وإنما هو نتيجة عصور كالعادات الأخرى. إذ اقتدى المسلمون الأقوام والأمم التي كانت تصطنع الحجاب فاتخذوه تقليدا كعادة والفقهاء أنفسهم قد اختلفوا فيما يجوز كشفه من أعضاء المرأة المسلمة. ثم اهتم على مشكلة تحرير المرأة اهتماما عظيما إذ تناولها بالبحث من الناحية الاجتماعية فارتفع صوته صادقا مخلصا في الدفاع عن قضية المرأة العربية المسلمة كما أراد أن يعرف المرأة العربية ما لها من حقوق وواجبات.
انتشرت الدعوة إلى تعليم المرأة في مصر والشام وفي معظم البلدان العربية الشقيقة منذ أواخر القرن الماضي حيث وجدت المرأة العربية أنصارا لها من الرجال المثقفين المستنيرين أمثال سعد زغلول، محمد عبده، قاسم أمين، أحمد أمين وغيرهم الكثيرون الذين حاولوا أن يخرجوا المرأة من الاستبداد والتعسف والجهل ودعموا حقوق المرأة وشؤونها. وجاهد هؤلاء المؤيدين في تحسين أوضاع المرأة في المجتمع العربي. ودعا هولاء الرواد إلى تحرير المرأة العربية من التقاليد البالية وتثقيفها لأن تحرير المرأة في المجتمع العربي جزء لا يتجزأ من عملية تحرير الرجل وتحرير المجتمع من الأغلال التقاليد القديمة. ولعل مشكلة المرأة هي مشكلة المجتمع بنفسه، هي مشكلة تنوير عقول المرأة العربية وتحريرها من تقاليد المجتمع. وإن حل هذه المشاكل لا يتم إلا من خلال عملية الصراع الاجتماعي.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الفترة من التاريخ قد وجدت نفرا من الأدباء والعلماء يناصرون قضية تحرير المرأة. فنجد أن أعلام النهضة الأدبية من أمثال الشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي وشاعر النيل حافظ ابراهيم وغيرهم الذين رفعوا صوتهم بالنهضة المرأة العربية. وفي خلال الحرب العالمية العظمى أنشأ الأستاذ عبد الحميد حمدي صحيفة سماها "السفور" كما أنشا فيها كثيرون من الكتاب المعروفين فصولا يدعون فيها إلى سفور المرأة في كل شيء. وفي مقدمتهم معالي الشيخ مصطفى عبد الرازق باشا، والشيخ علي عبد الرازق معالي طه السباعي بك وصاحب المجلة وغيرهم من أنصار المرأة الذين كانوا لهم أثر بعيد في النهضة النسائية العربية. قد أيد الشيخ محمد عبده الذي كان عالما كبيرا واسع الاطلاع عميق التفكير أراء قاسم أمين في قضية المرأة تائيدا تاما وحلل المسألة تحليلا دقيقا وأوضح الفرق بين التعاليم الدينية والتعاليم الاجتماعية. وحاول أن يفهم الشعب المصري روح الدين على الوجه الصحيح. أما الأمور التي عالجها الشيخ محمد عبده من الناحية الدينية. فقد تناولها قاسم أمين نفس الشيئ من الناحية الاجتماعية. وكانت مسألة تعدد الزوجات من أهم ما عالجه الشيخ وعنى بهعناية خاصة. وكتب في ذلك مقالات كثيرة في جريدة "الوقائع المصرية". وهذه المقالات تؤيد أراء أنصار المرأة العربية الحديثة. وكان يفسر الشيخ محمد عبده للقرآن مع مراعاة المباديئ الحرة خطوة خطيرة في سبيل ارتقاء المرأة إذ مهد طريق الاصلاح أمام المصلحين وسلح المرأة المصرية بالشجاعة وروح الأقدام وحملها على المطالبة بحقوقها والعمل على تحريرها. وقد قام هؤلاء الرواد بدور بارز في حل مشكلة قضية المرأة وتطورحركتها النسائية في مصروفي البلاد العربية الشقيقة. هؤلاء الأحرار الذين أخذوا على عاتقهم أمانة الدفاع عن حق مواطناتهم في العلم وفي الحياة الكريمة. فلم يمض إلا زمن قصير حتى نشرت بعض الكتب تأييدا لحركة النسائية أمثال : "المرأة في الشرائع والتاريخ" لمحمد جميل بيهم. و"تحرير المرأة في الإسلام" لمجدي الدين ناصف. و"المرأة المصرية" و"المرأة العربية" لعبد الفتاح عبادة  و"اكليل غارعلى رأس المرأة" و"النسائيات" لجرجي نقولا باز وغيرها من الكتب ألفتها النساء دفاعا عن قضيتها.[7]  وقد لاحظنا أن فجر النهضة النسائية طلعت في العالم العربي إلا في أواخر القرن الماضي عند ما بدأت المرأة العربية دخلت في مجال التعليم وأدركت بأن لها الحق أن تساوي الرجل في كل مجال من مجلات الحياة لكي تلعب دورها الاجتماعية والثقافية والفكرية. ولها الحق أن تسلك مع الرجال جنبا إلى جنب في حياتها العامة. وكما يقول دكتور ماهر حسن فهمي "ظهرت بوادر النهضة النسائية العربية أولا في مجال التعليم حينما دعا رفاعة الطهطاوي إلى تعليم المرأة ورفع قاسم أمين لواءه في مصر يدعو أبناء أمته إلى وجوب تعليم الفتاة وتخفيف الحجاب أورفعة وتنظيم الزواج والطلاق ومنح المرأة حقوقها الاجتماعية وحريتها الطبيعية.[8]  ولعل أول بوادر إسهام المراة العربية في الحياة العامة كان في مصرحينما خرجت مجموعة من النساء من بيوتها وشاركت في ثورة 1919م لتعلن تأييدها لمظاهرات السيدات المصريات. وكذلك لم يكن نصيب المرأة المصرية في ثورة عام 1919م أقل من نصيب الرجال. ففي يوم 9/ مارس 1919م خرجت أول مظاهر تعبر عن احتجاج شعب مصر ضد الاستعمار البريطاني. وهي المظاهرة نظمها طلاب مدرسة الحقوق وانضم إليها طلاب مدارس الطب والتجارة ودارالعلوم والقضاء الشرعي. ثم انضمت إليها نساء مصر المتحمسات الغاضبات والمتعلمات يهتفن ويرفعن بمنادلهن مشجعات. وكأن هي المظاهرة للسيدات هي الشرارة التي الهبت نيراة الثورة وكأن هذه المشاركة  للمرأة العربية أدت إلى الحركة النسائية في مصر وفيما بعد في كل البلاد العربية.[9] بدأت النهضة النسائية الحديثة في هذه الظروف السياسية والاجتماعية السائدة في العالم العربي كله. وفي ظل هذه النهضة نشطت الحركة النسائية وتقدمت نحو الأمام حيث ظهرت في تلك الأيام بعض الكتب عن المرأة والحركة النسائية ثم بدأت تتسع من مصر إلى البلدان العربية الأخرى حتى دخلت في حقول العلم والاجتماع والصحافة.
الصالونات الأدبية والجمعيات:  ظهرت في هذه الفترة الجمعيات النسائية على الساحة الاجتاعية كما نرى بأن الحركة النسائية ظهرت في لبنان وسوريا في شكل جمعية علمية أدبية. وكانت تجتمع فيها النساء المثقفات حيث دارت فيهن المباحث العلمية حول أوضاعهن الاجتماعية. وقد كثرعدد الجمعيات النسائية في معجم الأقطار العربية ونشأ بين تلك الجمعيات تعاون ولقاءات ومؤتمرات متعددة فازدادت اليقظة النسائية في كل أنحاء البلاد العربية.
جمعية المرأة الجديدة: قد تمت تأسيس هذه الجمعية في سنة 1919م. وكانت ترأسها  هدية بركات وتساهم في نشاطاتها مساهمة فعالة السيدة أمينة صدقي. وكان الغرض من إنشائها في ذلك الوقت هوالنهوض بمستوى المرأة المصرية والعربية عن طريق التعليم والمهنة والثقافة. وكانت تخرج هذه الجمعية كل عام فتيات ينزلن إلى معترك الحياة ويسعين إلى الحياة الشريفة النظيفة. وكانت تستقدم أمهر صانعات الأزياء من باريس لتتعلم أعضاء هذه الجمعية من الفتيات فن التفصيل والخياطة. وفي مدة قصيرة بدأت تقدم الفتيات مصنوعاتهن الجيدة. فإن المصنوعات من أعضائها لم تكن أقل مستوى في الجودة من المصنوعات الحديثة في باريس. وتحققت هذه الجمعية نجاحا كبيرا في هذا المجال. ثم أنشأت تحت هذه الجمعية مدارس خاصة للممرضات والمربيات.[10] 
مبرة محمد علي: هي مبرة معروفة بمساهمتها الجليلة في النهضة الاجتماعية وفي تحسين المستوى الصحي في مصر. وكانت النواة  الأولى في تأسيس مستوصف الأطفال على الدعوة الأميرة. قامت هذه المبرة تحت رئاسة الأميرة أمينة حليم. فلبت لجنة من السيدات هذه الدعوة وسارعت إلى الخيرات وفي مقدمتهن هدى شعراوي. وكانت هذه المبرة تهدف إلى معالجة المرضى من الفقراء الذين لا يستطعون العلاج على نفقتهم الخاصة. كما كان هدفها الوحيد هو الرحمة والرفق بالانسانية المعذبة. فنظرا إلى النفع بها أنشأت الفروع الكثيرة في كل ناحية من نواحي البلاد تحت هذه المبرة بمساعدة الأثرياء والمتبرعين. استفاد كثيرمن الفقراء من هذه الجمعية في المعالجة.[11]    
لجنة سيدات الهلال الأحمر: أسست هذه اللجنة السيدة ناهيد سري عام 1939م. وكان من أهدافها مساعدة المنكوبين بالآلام والأسقام. وبعد تأسيس هذه اللجنة ضربت الإسكندرية بالقنابل فسلب من أهاليها كل ما يمتلكون من وسائل الحياة. فقامت هذه اللجنة بتمديد المعونة لمأة وخمسين ألف مهاجر. وفي سنة 1944م انتشرت الملاريا في صعيد مصر فسارعت هذه اللجنة سيدات الهلال الأحمر إلى انقاذ المرضى من هذا البلاء الداهم. وفي سنة 1946م شهدت صعيد مصر بانتشارالحمى الراجعة فتقدمت هذه اللجنة سيدات الهلال الأحمر إلى المناطق الموبؤة وساعدت بكل ما في لديها من الوسائل في مقاومة هذا الداء المهلك.[12]
مبرة التحرير: أنشأت هذه المبرة السيدة "سنية عنان" في عام 1942م. فكرت هذه السيدة النبيلة في إخراج سكان الضواحي من أوضاعم السيئة الذين كانوا يعيشون في الفقر والبؤس والتعاسة. ثم توسعت أعمالها حتى أصبح لها كثير من المؤسسات النافعة التي ساهمت في بناء المجتمع كمعالجة المرضى وإبعاد الفقر ومحو الأمية. 
جمعية رعاية الأحداث: هذه جمعية خيرية من الجمعيات الخيرية في مصر. اجتمت جماعة من السيدات المصريات وفكرت في الخير والإصلاح في المجتمع المصري. فخرجت هذه الجمعية رعاية الأحداث من حيز التفكير إلى حقيقة الوجود في سنة 1948م. وكانت هذه الجمعية تهدف إلى رعاية الأحداث والمعاناة. ولم يمض مدة طويلة في تأسيسها حتى فتحت هذه الجمعية المؤسسة باسم "مدرسة التربية الاجتماعية الداخلية بكوبري اللقبة" وانضمت جماعة من الخبراء الاجتماعيون بهذ الجمعية وساهموا مساهمة جبارة في بناء المجتمع الصالح
الإتحاد النسائي العربي العام: وفي هذه الفترة ظهرت هدى شعراوي رائدة الحركة النسائية وبرز دورها في صفوف الحركات النسائية السائدة في جميع الأقطار العربية. فدعيت إلى مؤتمر في سنة 1938م عقب ثورة فلسطين الدامية في القاهرة. وقد تمثلت فيه جميع الحركات والجمعيات النسائية وأيدت تأييدا لحقوق الشعب الفلسطيني. وتقول فرحانة صديقي في هذا الصدد : "ومنذ ذلك المؤتمر نظمت المرأة العربية نفسها في مختلف الأقطار العربية وانضمت في منظمة واحدة تسمى ب"الإتحاد النسائي العربي العام" وأصبح  ذلك الاتحاد الممثل للمرأة العربية في جميع أقطار العرب.[13]  
ملخص البحث: طالبت حركات تحرير المرأة بأن تحصل المرأة على حقوقها كاملة. عولجت قضايا عربية هامة في المؤتمرات والندوات تحت لواء الاتحاد النسائي العربي العام. وناقشت مشاركتها على الموضوعات الاجتماعية والثقافية والسياسية. وركزت تركيزا خاصا على قضايا المرأة العربية ووضعها وحقوقها وواجباتها. وكما تقول درية شفيق في هذا الصدد: "فلم يكن تاليف الإتحاد النسائي العربي 1923م شيئا عاديا في تاريخ البلاد بل كان كان حادثا ضخما في وسط الظروف التي سبقت تكوينه ن والظروف التي جاءت من بعده نتيجة لذلك التكوين. ولم يكن ميلاده عملية سهلة فهو  الحلقة الأربعة في سلسلة المحاولات التي قامت بها المراة المصرية في سبيل توحيد صفوفها وجمع كلمتها."أما الحركة النسائية فمعناها الصحيح هي التفاهم التام بين الرجل والمرأة لا النضال المستمر بين الجنسين. رأت حركة تحرير المرأة  أن هناك إنسانية مشتركة بين كل البشر، رجالا ونساءا. وإن هذه الرقعة الواسعة المشتركة  هي الأساس الذي نتحاور على أساسه. إن حركة تحرير المرأة فهي ثمرةٌ من ثمار الدعوة إلى الحرية لأنَّها تعتمد على أنَّ الحرية الشخصية قد أصبحت في العصر الحديث حقًّا لكل امرأة والدعوة في الوقت نفسه ثمرةٌ من ثمار الحركة التي تدعو إلى تحرير النظم والقوانين الاجتماعية. أسست هذه الحركة لغرض إعادة الحقوق التاريخية المسلوبة من المرأة، والقضاء على الأفكار التي تنظم المجتمع العربي الذكوري.


المراجع والمصادر:




[1]  عمر الدسوقي :   في الأدب الحديث ، الجزء الأول، ص 162
[2]  فرحانة صديقي :  دورالمرأة في إثراء اللغة العربية وآدابها. ص 134
[3] د. ماهر حسن فهمي : حركة البعث في الشعر العربي الحديث، ص99ٍ
[4]  درية شفيق:  تطور النهضة النسائية في مصر.ص 55 
[5]  فرحانة صديقي :  دور المرأة في إثراء اللغة العربية وآدابها. ص 134 
[6]  عبد الحميد فائد: المرأة وأثرها في الحياة العربية، ص 101 
[7]   فرحانة صديقي :  دور المرأة في إثراء اللغة العربية وآدابها. ص 141 
[8]   د. ماهر حسن فهمي : حركة البعث في الشعر العربي الحديث، ص136  
[9]  درية شفيق : المرأة المصرية. ص 119
[10]  فرحانة صديقي: دورالمرأة في إثراء اللغة العربية وآدابها. ص 152
[11]  درية شفيق : المرأة المصرية. ص 172
[12]  نفس المصدر ص173 س
[13]   فرحانة صديقي : دورالمرأة في إثراء اللغة العربية وآدابها. ص142

مواضيع ذات صلة
شأون الخارجية,

إرسال تعليق

0 تعليقات