ادعمنا بالإعجاب

المستشرقون والتصوف : د/ سيد علي الفيضي



            الاستشراقية دراسة حول البلاد الشرقية وثقافتها وأديانها. وتجيئ البلاد العربية في حد هذه الدراسة. ولكن نعني هنا بالمستشرقين الذين تعلموا الثقافة الإسلامية واللغة العربية. وهؤلاء المستشرقون يرون الإسلام دينا شرقيا وثقافة الإسلام ثقافة شرقية. والمستشرقون الأوروبيون الذين ألموا بالإسلام والقرآن والحديث والفقه والتصوف وغيرها من العلوم الإسلامية، أكثرهم كانوا أساتذة ماهرين في الجامعات الغربية مثل كمبريدج وهاروارد وأوكسفورد وغيرها حتى إن بعضهم كانوا رؤساء لقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في هذه الجامعات. وقد ألفوا كتبا قيمة في موضوعات متنوعة متعلقة بدين الإسلام. وترجموا معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية. وقدموا مؤلفات عديدة حول القرآن والحديث والفقه والتصوف والنحو والتاريخ وغيرها. وبعضهم كتبوا دائرة المعارف الإسلامية مثل ج. ا. ر. جيب و كرامر (H.A.R.Gibb & Kramer).
            لما فشلت الحروب الصليبية ونجح المسلمون فيها أراد المستشرقون الأوروبيون وقسيس النصارى إزالة الإيمان والاعتقادات الإسلامية من قلوب الناس وإبعاد المسلمين عنها وإلقاء الشك والتهمة عن القرآن والحديث وعقائد الإسلام. وكان هدفهم بهذه كلها إهلاك الإسلام وتنمية النصرانية. واستخدموا لهذا الغرض الكتب الأساسية للإسلام وحرفوا معانيها وترتيبها بالترجمة والتفاسير الفاسدة. وأخذوها بقلب النفاق والهدف الفاسد.
            ونرى في المستشرقين الكتّاب والمترجمين والمفسرين والصحافيين والمؤلفين وغيرهم. ومن المستشرقين المشهورين سر وليم مور الذي ألف The life of Mohamed . وهذا كتاب يعتمد عليه الكتّاب في تاريخ حياة النبي صلعم. فيه آراء كثيرة فاسدة وغير لائقة بعقيدة الإسلام. ومنهم مارجوليت الذي قدم مؤلفات في العلوم الإسلامية والسيرة، وكتابه Mohamed and the rise of Islam معروف لدى القراء والكتّاب. وهذا أيضا كتاب مهم للمستشرقين في سيرة النبي صلعم ونشأة الإسلام. ومنهم دبليو. م.وات الذي ألف Mohamed prophet and statesman . وهذا الكتاب يبحث فيه عن سيرة النبي صلعم ومهارته في إدارة الدولة. وتوماس كارليل الذي كتب Hero as the prophet هو أيضا أحد المستشرقين. وهذه نبذة يسيرة ونظرة خاطفة حول المستشرقين ومؤلفاتهم وأهدافهم بالاستشراقية وموقفهم من الإسلام.
            الآن نريد أن نبحث عن المستشرقين ومؤلفاتهم في علم التصوف. إن التصوف -كما فهمنا- هو الأدب وكمالية الشريعة والاحتياط والأخذ بالورع في الأعمال. وهذا هو المذكور في حديث النبي صلعم بالإحسان حينما قدم جبريل عليه السلام عنده لتعليم الإسلام. ومن أهم المؤلفين في هذا الموضوع ا. ج. اربرى (A.J.Arberry) الذي ترجم القرآن الكريم إلى الإنجليزية باسم The Quran Interpreted . وهذا المستشرق الذي لم ير الإسلام بعين العداوة الشديدة، وسعى أن يعدل القرآن بوجه قليل، له خدمات جليلة في موضوعات شتى متعلقة بالإسلام والقرآن والتصوف والنحو والتاريخ وغيرها. وعامل الإسلام والمسلمين بعين الإنصاف والعدل كأنه كافر ذمي.
            وكان ارثر. ج. اربرى عالما إنجليزيا مستشرقا وصاحب تصانيف كثيرة وماهرا في التصوف الإسلامي والآداب الفارسية. وله ترجمات من العربية إلى الإنجليزية. واشتغل في جامعة القاهرة ومصر. وترجم اربرى المسرحية الشعرية "مجنون ليلى" لأحمد شوقي إلى الإنجليزية سنة 1933م. وفي نفس الوقت اشتغل بدراسة "التعرف لمذاهب أهل التصوف" لأبي بكر الكلابادي. وهذا الكتاب من أقدم الكتب في التصوف، ثم ترجمه إلى الإنجليزية وسماها The doctrine of Sufis . وكذلك ترجم اربرى "المواقف والمخاطبات" الكتاب المشهور في التصوف للنفرى إلى الإنجليزية بأمر من رينولد نيكلسون.
            وكان اربرى يحب الإسلام والمسلمين. واجتهد لإزالة سوء الظن ولإبعاد الأوهام الفاسدة عن الإسلام والقرآن والمسلمين من قلوب الأوروبيين. ولنيل هذا المقصود ألف كتبا قيمة ومقالات فائقة. ومن هذا النوع "مساهمة البريطانيين في الدراسات الفارسية" سنة 1942م، وكتاب "المستشرقون البريطانيون" سنة 1943م. واشتغل أستاذا في قسم اللغة العربية لجامعة كمبريدج، وخدم خدمات جليلة للغة العربية وآدابها. ومن الكتب التي تظهر مودته واحترامه للإسلام ترجمته للقرآن الكريم باللغة الإنجليزية. وله مؤلفات أخرى منها :
1- Sufism, 2- An Introduction to the History of Sufism, 3- Classical Persian Literature, 4- Reason and Revolution in Islam, 5- Seven Odds, 6- Poems of Al-Muthanabbi, 7- Modern Arabic Poetry. وغيرها من الكتب النافعة في الأدب والتصوف والعلوم الإسلامية.
            وقد عني اربرى عناية شديدة بموضوع التصوف والتأليف فيه. ومن المؤلفات الهامة في هذا الموضوع علاوة على ما ذكرناه من قبلُ ترجمة كتاب التصوف، وأشعار من الصوفية الفلسفية، والمدخل إلى تاريخ الصوفية، والدراسات البريطانية عن التصوف الإسلامي والأدب العربي، وسير الصوفية، ومقدمة لتاريخ التصوف وغيرها. والكتاب الأهم لاربرى في هذا الموضوع هو Sufism ، فيه بيانات ومباحث قيمة حول التصوف الإسلامي وتطوراته وتأثيراته على المجتمع الإسلامي. ويؤكد فيه أن أساس التصوف هو القرآن والحديث، ويلزم على الصوفيين أن يدرسوا القرآن والحديث جيدا، وسير الرسول صلعم وأصحابه الكرام والشخصيات العظام في الإسلام. والصوفي يبني حياته على هذه الأسس ويقتدي بسيرهم ويتبع أسوتهم. وفي هذا الكتاب أيضا مباحث حول الصوفيين والنساك ومبادئ التصوف وعن قواعد التصوف وتراكيبه والطرق الصوفية المختلفة مثل القادرية والجشتية والشاذلية والسهروردية وغيرها. وهذا الكتاب نافع جدا لدراسة التصوف ومبادئه ومعرفة آراء المستشرقين ومواقفهم من التصوف وضرورته للمجتمع لتزكية النفوس.
            والكتاب الآخر لاربري في هذا الموضوع هو An Introduction to the History of Sufism يعني مقدمة لتاريخ التصوف، فيه أيضا مباحث قيمة حول التصوف الإسلامي ومبادئه وأهدافه والطرق المختلفة فيه. وهذا الكتاب يبحث عن بداية دراسة التصوف وتطوراتها في أوروبا من نهاية القرن الثامن عشر. وهذه هي المحاضرة الأولى من المحاضرات التي ألقاها ارثر. ج. اربرى في موضوع التصوف وتطوره ودراساته الأوروبية. والمحاضرة الثانية تبين عن الدور الثاني في دراسة التصوف التي جرت في أوروبا. والدور الثاني يبدأ من دراسة جولد سهر إلى دراسة ماسنن ( Goldziher to Massignon ).  وتبدأ دراسة ماسنن مع بيان أهمية الدراسة عن إصلاحات الصوفية. وهذا ضروري لحصول نظرية صحيحة عن مبادئ التصوف. والمحاضرة الثالثة تشتمل على بيان الحاضر والمستقبل لدراسة التصوف.
والكتاب الثالث المهم لارثر.ج.اربري هو كتاب The doctrine of the Sufis الذي هو ترجمة إنجليزية لكتاب التعرف لمذاهب أهل التصوف لأبي بكر الكلابادي. وهذا الكتاب يبدأ ببيان معنى التصوف مع ذكر أسماء الصوفيين وأفكارهم واعتقاداتهم. ويقوم هذا الكتاب بإثبات أن التصوف ليس خارجا عن الإسلام، بل هو جزء من الإسلام وكماليته. ويبين هذا الكتاب الأحوال المختلفة للأولياء والصوفيين ومراتبهم ودرجاتهم لاسيما عن الاصطلاحات التي ذكرت في كتب التصوف. وهذا أيضا كتاب مهم للدراسة الواسعة عن علم التصوف. والمستشرق اربرى يقر في هذه الكتب والدراسات البحثية حول التصوف أن التصوف جزء من الإسلام، ولو كان له – بناء على زعمه- بعض آراء غير صحيحة وغير لائقة بعقيدة الإسلام.
            والشخص الآخر الذي بذل جهده من المستشرقين في التأليف في علم التصوف هو رينولد الين نيكلسون ( R.A.Nicholson ). ولد سنة 1868م. تخرج في كلية ترينتي ( Trinity College ) كمبريدج حيث برز في الأدب القديم. وكان لاتصال رينولد بجده الذي كان من كبار علماء العربية، أثر في  ميله إلى الدراسات الشرقية. وأخذ العربية عن رومبرتسون سمت، والفارسية عن أدوارد براون. وهو الذي كتب مقدمة جيدة لترجمة القرآن في الإنجليزية لبالمر ( E.H.Palmer )، وكان أستاذا للغة الفارسية في جامعة كمبردج ومؤلف كتب قيمة. وله مساهمة عظيمة في التصوف. وألف في هذا الموضوع كتبا مشهورة. ومن أشهرها "Studies in Islamic Mysticism" (دراسة في التصوف الإسلامي) و “The Idea of Personality in Sufism” (فكرة الشخصية في التصوف)، وترجم كتبا كثيرة من العربية إلى الإنجليزية، منها كتاب كشف المحجوب للحجويري، وقصيدة ابن عربي في التصوف، وقصائد مختارة لجلال الدين الرومي، ومثنوي لهذا الشاعر الصوفي مع شرح له. وقدم خدمات جليلة للغة العربية وآدابها. ومن أشهر كتبه في هذا النوع "تاريخ أدبي للعرب" ( A Literary History of the Arabs ).
            كان نيكلسون من أكبر مستشرقي إنجلترا المعاصرين ومن محرري "دائرة المعارف"، تخصص في التصوف الإسلامي والفلسفة، وكان عضوا بالمجمع اللغوي المصري. وهو من المنكرين على الإسلام أنه دين روحي ويصفه بالمادية وعدم السمو الإنساني. ومن أهم كتبه "Studies in Islamic Mysticism" (دراسة في التصوف الإسلامي) وقد ألف هذا الكتاب لنفع الدارسين والباحثين في التصوف. ويقول: إن التصوف عنصر هام في الإسلام. وتكون الدراسة عن حياة المسلمين غير مفيدة بلا فهم الأفكار والاعتقادات والمبادئ والأساليب للصوفيين. ويشتمل هذا الكتاب على ثلاثة أبواب، الباب الأول يبحث عن أبي سعيد ابن أبي خير الصوفي الفارسي وأفكاره في تطورات مبادئ التصوف. وله أيضا رباعيات مثل رباعيات عمر خيام. وهذا مشهور في الآداب الفارسية. والباب الثاني يبين عن الإنسان الكامل وما يراد في التصوف بهذا اللفظ. ويقول: إن الإنسان الكامل هو العارف بالله في الحقيقة. ويجيئ كل الأنبياء والأولياء والصوفيين تحت تعريف الانسان الكامل". وفي هذا الباب أيضا بعض الملحقات. وتشتمل الملحقات على الأشعار الصوفية لجيلي المسماة بالعينية وبعض التعليقات على نصوص الحكم، الذي هو كتاب ألفه ابن عربي في التصوف. والباب الثالث فيه مباحث قيمة عن أشعار ابن الفريد في التصوف. وبالجملة هذا الكتاب ثمين يشتمل على علوم التصوف.
والكتاب الثاني المهم الذي ألفه نيكلسون في علم التصوف هو كتاب The Idea of Personality in Sufism (فكرة الشخصية في التصوف). وهذا الكتاب مجموعة المحاضرات التي ألقاها نيكلسون في المدرسة للدراسات الشرقية بجامعة كمبردج. وفي المحاضرة الأولى يؤكد أن التصوف أصله القرآن والسنة. والمحاضرة الثانية والثالثة تبحثان عن الأمور المتعلقة بالتصوف وعن بعض الصوفيين وأفكارهم لا سيما عن بعض المستشرقين مثل Alfred Von Kremer ودراساتهم وبحوثهم عن التصوف.
            والترجمة الإنجليزية لكشف المحجوب الذي ألفه الحجويري في علم التصوف تظهر رغبة نيكلسون في الدراسة عن التصوف. وكتابه Islamic Poetry and Mysticism يشير إلى الإشارات والاتجاهات الصوفية التي وردت في الأشعار العربية والإسلامية والأفكار التي تجلب إلى الروحية والأخلاق الحسنة وعدم البقاء للعالم الدنيوي. وله أيضا كتاب باسم التصوف الإسلامي، وهو كتاب نفيس وقع في ثمانية مجلدات. وترجم كثيرا من الكتب الصوفية في العربية إلى الإنجليزية مثل اللمع في التصوف للطوسي ولباب الألباب واللزوميات للمعري. وكذلك ترجم "أسرار خدا" الذي ألفه محمد إقبال في الأردوية إلى الإنجليزية. ولعب دورا كبيرا في نشر كثير من الكتب في التصوف. ومن أهم خدماته للتصوف ترجمته الإنجليزية لمثنوي الذي ألفه جلال الدين الرومي.
            وإذا فكرنا عن تاريخ المستشرقين ومؤلفاتهم وجدنا أن منهم بعض الشخصيات البارزة التي ساهمت في الكتابة عن التصوف ونشر المؤلفات حول هذا الموضوع وإظهار آرائهم عنه. ومن المستشرقين الذين ألفوا كتبا قيمة في التصوف مارتين لينج ( Martin Lings ) الذي ولد في لندن ودرس دراسة عميقة عن الفلسفات والأديان العالمية. ودخل إلى الإسلام وتَسمى باسم أبو بكر سراج الدين بعد إسلامه. ودرس اللغة العربية والتصوف الإسلامي والفلسفة الإسلامية، ونال البكالوريوس في العربية، وحصل على الدكتوراه في الدراسة البحثية عن أحمد العلوي الصوفي الجزائري. ونشر أطروحته باسم A Sufi Saint of the Twentieth Century  وترجم القرآن الكريم إلى الإنجليزية. علاوة على الدراسات الصوفية له مؤلفات أخرى في موضوعات مختلفة، وكتابه What is Sufism (ما هو التصوف) كتاب مشهور في علم التصوف. وقد كتب مقالات قيمة عن العلوم الإسلامية لا سيما عن التصوف في دائرة المعارف والمجلات المختلفة. وهذا الكتاب يشتمل على الأبحاث المهمة المتعلقة بالتصوف، ويبين عن أصلية التصوف وأهمية تزكية القلب. وكذا يبحث عن اعتقادات الصوفيين وأساليبهم وتاريخ التصوف في القرون المختلفة.
            وقد ألف المستشرق الإنجليزي William Stoddart (ويليم ستودارت) كتابا اسمه Sufism the Mystical Doctrines and Methods of Islam مع مقدمة جيدة لـ ر. دبليو. ج. استين ( R.W.J.Austin ) الأستاذ في مدرسة الدراسات الشرقية بجامعة دربان. يبحث فيه المؤلف عن الشريعة والطريقة والحقيقة. نرى في آخر هذا الكتاب ملحقات اشتملت على بعض آيات القرآن والأحاديث المتعلقة بالتصوف وأقوال الصوفيين. وتبدأ مقدمته بقول No Sufism Without Islam يعني أن التصوف هو الناحية الروحية للإسلام، ولا يحصل إلا بامتثال الشريعة والقيام بأوامرها ونواهيها. وأيضا في هذا الكتاب  مباحث عن وحدة الوجود والطرق المختلفة للصوفيين مثل القادرية والجشتية والسهروردية وغيرها  والعلاقة بين الشيخ والمريد وغيرها من الأمور المتعلقة بالتصوف. وهذا كتاب نافع لفهم مبادئ الصوفيين واعتقاداتهم وتعاليمهم وأسلوبهم.
            وكتاب Islam الذي ألفه جون الدن وليمس ( John Alden Williams ) مشتمل على بعض الأبحاث المهمة عن التصوف، ويقول: إن الصوفيين هم أكبر دعاة للإسلام. وقد انتشر الإسلام بدعوتهم سريعا في الهند وإفريقيا وإندونيسيا وغيرها في نواحي العالم. ومن المستشرقين المشهورين أيضا هـ. ا. ر. جيب ( H.A.R.Gibb ) وهو أكبر مستشرقي إنجلترا المعاصرين. كان عضوا بالمجمع اللغوي في مصر وأستاذ الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة هارفرد الأمريكية. وهو من محرري وناشري "دائرة المعارف الإسلامية". وله مؤلفات كثيرة فيها دراسة عميقة عن الإسلام والعلوم الإسلامية. وأهم كتبه Mohammadanism ( الدين المحمدي ) -ثم غير اسم هذا الكتاب إلى "الإسلام: استعراض تاريخي" ( Islam a Historical Survey )- وألف كتابا في تاريخ الأدب العربي باسم Arabic Literature ( الأدب العربي ). وجدير بالذكر أن له بحثا هاما عن التصوف في كتابه "الدين المحمدي"، وقد بين فيه عن التصوف ونشأته وتطوراته وعن أهل التصوف المشهورين وتعاليمهم والطرق المتنوعة في التصوف ومميزات كل الطرق.
            وكذلك نرى بابا خاصا عن التصوف في كتاب المستشرق الفرد غليوم ( Alfred Guillaume )،  وكان أستاذا للغة العربية في جامعة لندن وأستاذا زائرا للغة العربية في جامعة برنستن. وخدماته مشهورة في مجال اللغة العربية. وحرر كتاب "تراث الإسلام" ( The Legacy of Islam ) الذي ترجم إلى لغات مختلفة. وكان محررا ومترجما لكتب مشهورة في العربية. وترجم سيرة ابن هشام باسم The Life of Mohammed، ومن أشهر مؤلفاته "الإسلام" ( Islam )، وهذا الكتاب يشتمل على البحث عن التصوف الإسلامي. ويبين عن الشخصيات البارزة في التصوف مثل الحلاج وعبد القادر الجيلاني والإمام الغزالي رضي الله عنهم، وعن نشأة التصوف وتطوراته في البلاد المختلفة وعن المفردات الواردة في التصوف مثل الشيخ والمريد والفقير وغيرها. ويقر في كتابه أن الصوفيين اقتدروا على اجتذاب قلوب الناس في زمنهم والتأثير عليها.
            ومن المستشرقين الذين كتبوا عن التصوف سر توماس ارنلد ( Sir Thomas Arnold )، وهو مستشرق إنجليزي، وأسلوبه مختلف من سائر المستشرقين بموقفه العادل من الإسلام والمسلمين، وليس في قلبه غيظ شديد وكراهية للإسلام، بل له مودة وتعلق كبير بالمسلمين. وجاء في الهند في آخر القرن التاسع عشر، وتعلم عن الإسلام والمسلمين. وبعد إكمال دراسته من جامعة كمبردج صار مدرسا في جامعة عليكره الإسلامية. وأحبه المسلمون كثيرا لقرابته لهم وتعاطفه لمشاكلهم. ومن الكتب المشهورة لارنلد "دعوة الإسلام" ( The Preaching of Islam ) واختلف أسلوب هذا الكتاب من أسلوب سائر المؤلفات للمستشرقين. وهذا الكتاب رد لاعتراضات المعاندين وأعداء الإسلام. ونقض هذا الكتاب الدعاوي الباطلة لليهود والنصارى بأن الإسلام قد انتشر بالسيف. وكتبه The caliphate و Islamic Faith  وPainting in Islam  مشهورة ومتداولة بين القراء والكتاب. وقد ألحق توماس ارنلد في كتابه The Legacy of Islam ( تراث الإسلام ) مقالة جيدة لنيكلسيون عن التصوف. وبحث فيه تاريخ التصوف الإسلامي ونشأته وتطوره وسِير بعض الصوفيين أمثال ابن عربي وأبي حامد الغزالي، وفيه أيضا بيان خاص عن الشيخ الحلاج ونظرياته واعتقاداته مع اقتباسات من الكتب الصوفية المشهورة.
            وكذلك نرى كثيرا من المقالات للمستشرقين عن التصوف في بعض الكتب ودائرة المعارف الإسلامية. وفي كتاب The Faith of Islam الذي ألفه الأب ادوارد سل ( Rev: Edward Sell ) مباحث مهمة عن التصوف وتاريخه. وقد ألف William.C.Chillick كتابا اسمه The Sufi Path of Love (طريق المحبة للصوفيين)، واشتمل هذا الكتاب على التعاليم الروحية لجلال الدين الرومي. وهذا الكتاب على قسمين، قسم يبين فيه نظرية التصوف، وآخر يبين عن أعماله. وقد ترجم W.H.T.Gairdner مشكاة الأنوار للإمام الغزالي باسم The Niche for Lights وفي هذا الكتاب تفسير صوفي للآية "الله نور السماوات والأوض ...." قد فسر الإمام الغزالي هذه الآية على نظريته الصوفية.

وهكذا، إذا فكرنا عن المستشرقين وخدماتهم في التصوف نرى كثيرا من الأمثلة. وهذه نبذة يسيرة عن مساهمة المستشرقين وخدماتهم في التصوف. علينا أن نطالع الكتب المؤلفة للمستشرقين في موضوع التصوف ونفهم آرائهم ونظرياتهم فيه، ونجري دراسة نقدية حول مؤلفاتهم ومقالاتهم حول التصوف، لأن بعضهم قد اعترفوا بمزية التصوف وأهميته في العلوم الإسلامية في حين أن البعض منهم قد انتقدوا التصوف وشبهوه بنظريات الهندوس واعتقاداتهم الباطلة.

مواضيع ذات صلة
التاريخ الأسلامي, دراسات,

إرسال تعليق

0 تعليقات