ادعمنا بالإعجاب

مسلمو الروهنجيا: تحركاتنا تجاه بورما خجولة


محمد شريف  ك.ف – المحاضر الضيف، كلية السنسكرتية الحكومية، فتامبي 
انتشرت على وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة - صور تعبر عن إبادة جماعية للمسلمين في بورما، دون أن نسمع أو نشاهد أي رد فعل عربي أو إسلامي أو دولي نحو ما يجري هناك من الأعمال البشعة.
ميانمار أو بورما هي من الدول التي يجهل الناس عنها تقريبا كل شيء، ولا تظهر في الأخبار إلا مع الكوارث، وهي محكومة بمجموعة من الجنرالات منذ ما يقرب من ثلاثين سنة، ومن أكثر دول العالم فقرا، والقومية الأساسية فيها هي البامار، ومنها اشتق اسمها بورما، وهو اسم استعماري من صياغة ونحت البريطانيين الذين حكموها لفترة طويلة؛ بسبب موقعها الإستراتيجي وحدودها مع الهند، وهي بلد غني ومواردها كبيرة وفيها بترول والزراعة من مواردها الأساسية.وتاريخيا فإن شعب "الروهينجا" سبق أن كون مملكة دام حكمها 350 عاما من 1430م إلى 1784م، حيث شكلت أول دولة إسلامية عام 1430م بقيادة الملك سليمان شاه، وحكم بعده (48) ملكا مسلما على التوالي. وفي عام 1824م، احتلت بريطانيا ميانمار، وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية. وفي عام 1937م جعلت بريطانيا ميانمار مع "أراكان" مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها بالإمبراطورية آنذاك، وانفصلت ميانمار التي كانت تسمى "بورما" عن الإدارة الهندية في الأول من إبريل عام 1937م إثر اقتراع حول استقلالها.
وكان دستور عام 1948م يعتبر "الروهينجا" وبقية مسلمي البلاد الذين ينحدر أسلافهم من الهند وبنجلاديش، مواطنين بورميين إلى أن انتقلت مقاليد السلطة إلى العسكر في انقلاب عام 1962م، وما لبث أن تدنت وضعيتهم بموجب دستور 1974م الذي لم يعترف بهم مواطنين أصليين، فكان أن حرم معظم "الروهينجا" والمسلمين الآخرين المواطنة، واعتبروا من ثم أشخاصا بلا وطن.
ونتيجة لذلك الحرمان عانى المسلمون في ميانمار، وما زالوا، شتى أنواع التمييز في الصحة والتعليم والسفر والتوظيف وحتى الزواج، فضلا عن أن الحكومة تقوم بإحداث تغييرات جذرية في التركيبة السكانية لمناطق المسلمين، فلا توجد أي قرية أو منطقة إلا وأنشأت فيها منازل للمستوطنين البوذيين سلمتهم السلطة فيها.
ولا تعترف ميانمار بوجود الأقلية الأراكانية المسلمة بأراضيها، وتعتبرهم مهاجرين غير شرعيين أو غرباء. وقد أخذت معاناة المسلمين "الروهينجا" منحى جديدا مع تطبيق قانون الجنسية الجديد عام 1982م، فبموجب هذا القانون حرم المسلمون من تملك العقارات وممارسة أعمال التجارة وتقلد الوظائف في الجيش والهيئات الحكومية، كما حرموا من حق التصويت في الانتخابات البرلمانية، وتأسيس المنظمات وممارسة النشاطات السياسية. أما الأمم المتحدة فتعتبر أقلية الروهينجا إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم. 
وتوجد بها قومية صغيرة، أصلها من بنجلاديش اسمها "الروهينجا" يسكنون في شمال بورما على الحدود مع بنجلاديش في منطقة تسمى "أراكان"، وهي عليها صراع بين الفريقين في ملكيتها، ويزعم القائمون على بورما أن "الروهينجا" نازحون من بنجلاديش، في الوقت الذي تتبرأ منهم بنجلاديش وتقول إنهم بورميون، وهذه هي لب المشكلة فيما أعلم، بالإضافة إلى أنهم مسلمون.
ويعيش في ميانمار حوالي 800 ألف مسلم من "الروهينجا" في ولاية "أراكان"؛ حيث تعتبرهم الأمم المتحدة إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم.
ويقال: إن سبب الأزمة الأخيرة أنه في بداية شهر (حزيران) يونيو 2012م، أعلنت الحكومة البورمية أنها ستمنح بطاقة المواطنة للعرقية الروهنجية المسلمة في أراكان، فغضب البوذيون كثيرا بسبب هذا الإعلان؛ لأنهم يدركون أنه سيؤثر في حجم انتشار الإسلام في المنطقة، فخططوا لإحداث الفوضى، فهاجم البوذيون حافلة تقل عشرة علماء مسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة، شارك في المذبحة أكثر من 450 بوذيا، ثم ربط العلماء العشر من أيديهم وأرجلهم وانهال عليهم الـ 450 بوذيا ضربا بالعصي حتى استشهدوا.
ولكي يجد البوذيون تبريرا، قالوا إنهم فعلوا ذلك انتقاما لشرفهم بعد أن قام شاب مسلم باغتصاب فتاة بوذية وقتلها، وكان موقف الحكومة مخزيا للغاية، فقد قررت القبض على 4 مسلمين بحجة الاشتباه في تورطهم في قضية الفتاة، وتركت الـ 450 قاتلا بدون عقاب.
انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الروهينغا
حسب منظمة العفو الدولية فقد استمرت معاناة مسلمي الروهنجيامن انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة 1978، وفر العديد منهم إلى بنجلاديش المجاورة.
ثم بدأت المفوضية العليا للاجئين (المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) في تقديم المساعدات لإعادة توطين الروهينجا في بنغلاديش من سنة 2005، ولكن ظهور مزاعم لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين هددت تلك الجهود.
ومع الجهود السابقة للأمم المتحدة إلا أن الغالبية العظمى من اللاجئين الروهينجا في بنغلاديش ظلوا غير قادرين على العودة بسبب النظام الحاكم في ميانمار. وهم يواجهون الآن مشاكل في بنغلاديش لأنهم لا يتلقون أي دعم من الحكومة. ساعد البحارة الأتشيين في فبراير 2009 العديد من لاجئي الروهينجا في مضيق ملقا بعد أن ظلوا 21 يوما في عرض البحر.
وقد فر الآلاف من روهينغيا على مدى السنوات الماضية إلى تايلاند. هناك ما يقرب من 1110000 لاجئ يقيمون في تسع مخيمات على طول الحدود التايلاندية الميانمارية. وهناك اتهامات بأنهم ارسلوا مجموعة من اللاجئين في سفن حيث طردوهم من تايلاند وتركوا في عرض البحر. وظهرت أدلة في فبراير 2009 على قطر الجيش التايلاندي لسفينة تحمل 190 من لاجئي الروهينجا إلى البحر، حيث روت المجموعة التي انقذتها السلطات الإندونيسية في فبراير 2009 قصص مروعة من القاء الجيش التايلاندي القبض عليهم وضربهم ثم أرسالهم إلى عرض البحر حيث تركهم هناك. ثم ظهرت التقارير أنه قبل نهاية فبراير كانت هناك مجموعة من 5 زوارق قطرت إلى عرض البحر، غرق منها أربعة بمن فيها من اللاجئين جراءعاصفة، أما القارب الناجي فقد جرفته الأمواج إلى الساحل. فماذا فعلنا -نحن المسلمين- إزاء هذه المجازر الوحشية، والتي تأنف الوحوش والحيوانات من ارتكابها؟! وأين مؤسساتنا الإسلامية والدعوية والإغاثية من هذه المأساة؟! بل أين الضمير العالمي الذي يتفاعل مع أخبار تتناقلها الميديا حول قطة أوباما، أو كلب ديك تشيني إذا ما تعرض لارتفاع طفيف في درجات الحرارة؟!
أين الأزهر الشريف، مؤسسة المسلمين الكبرى في عالمنا الإسلامي الذي ينشغل رموزه بتفاصيل بروتوكولية دون الاضطلاع بدوره الحقيقي، كملاذ للمسلمين حول العالم ونصير لقضاياهم؟!
نعم، هناك بيانات صدرت من هنا وهناك، كبيان رابطة علماء المسلمين الذي ناشد المسلمين في بورما بالصبر، وذكرهم بأن البلاء سنة ماضية عاقبتها النصر والتمكين، لكنني أزعم أننا الذين يحق لنا التذكير، وليس هم.
تحركاتنا تجاه بورما خجولة لا تناسب حجم الكارثة الحقيقية التي ألمت بهم، بضعة مجموعات على الفيس بوك تنادي بنصرتهم، ولجنة كويتية مشكورة لمساعدة وإغاثة مسلمي بورما، وبعض صور تستصرخ من يشاهدها لإنقاذ من تبقى من المسلمين هناك، وكأننا لا نستطيع التحرك بمفردنا، لا نستطيع ممارسة الضغط السياسي والدبلوماسي إلا بمساعدة (الحليف) الأمريكي (النزيه)، ولا تتحرك حتى ضمائرنا إلا بعد أن تتحرك ضمائر الغرب!
 ويجب علينا كعرب ومسلمين وأحرار في كل مكان في العالم ما يلي:
1- أن يقوم المسلمون وأحرار العالم بمحاصرة كل سفارات بورما في أنحاء العالم، والضغط عليها حتى يتوقف نزيف الدم.
2- أن تقوم الدول الإسلامية والعربية بطرد سفراء بورما لديهم وسحب سفرائهم من هناك، وقطع العلاقات تماما؛ حتى يكفوا أيديهم عن المسلمين.
3- أن يظهر المسلمون وشرفاء الإنسانية غضبهم في كل مكان؛ احتجاجا على هذه الإجرام والإبادة الوحشية.
4- أن تضع منظمة التعاون الإسلامي حلولا عملية ناجزة في مؤتمرها القريب القادم في أواخر شهر رمضان الجاري؛ لإنهاء هذه المأساة، بما يحقق ردع المعتدين وكف أيديهم.
5- أن جزءا كبيرا من الدعم الحقيقي لقضيتهم يكون بالاستثمار في تلك المنطقة من قبل دول غنية إسلامية، واشتراط تحسين أوضاعهم المعيشية والسياسية على حكومة بورما، وبخاصة أنها تخضع لعقوبات دولية مستمرة وحالتها كرب.
نسأل الله تعالى أن يكشف كربهم، وينفس همهم، ويحقن دماءهم، ويهلك أعداءهم.




مواضيع ذات صلة
دراسات, شأون الخارجية,

إرسال تعليق

0 تعليقات