ادعمنا بالإعجاب

أثر الإسلام في شعر شهاب غانم


مجلة "كالكوت" المجلّد السادس - العدد الثاني: مايو 2016 ربع سنوية تصدرعن قسم اللغة العربية، جامعة كاليكوت، كيرالا، الهند
عبد الوهاب. س[1]
ولد شهاب محمد عبده غانم الهاشمي الحسني المعروف بشهاب غانم عام 1940 م في "عدن". انتقل إلى دبي حيث عمل مديراً لمصنع "الاترنيت" وبعد ذلك حصل على الجنسية الإماراتية في عام 1976 وعمل في مصنع دوبال عشر سنوات ثم استقل ليتمكن من نيل الدكتوراه في جامعة "كارديف" بويلز في بريطانيا، وتخرجت في جامعة الاقتصاد في مجال الصناعة وتنمية الموارد البشرية. له 52 كتابا منشورا وعدة مقالات. وهو ينتمي إلى أسرة ذات اهتمام بالتعليم والثقافة والفن. والده محمد عبده غانم [2]. وجده لأمه محمد علي لقمان الذي أسس أول صحيفة مستقلة في جنوب اليمن باسم "فتاة الجزيرة"."هو أول خريج جامعي في القانون، وصاحب أول صحيفة مستقلة باللغة العربية في جنوب الجزيرة العربية. حصل شهاب غانم على عدة جوائز في مجالات الشعر والمقالة والدراسة والبحث والترجمة. ومنها جائزة العويس للإبداع عام 2013، وجائزة العويس للابتكارات والتقدم العلمي 2012، وجائزة طاغور للسلام، وجائزة الشعر للثقافة والإنسانية العالمية.
أشعار شهاب غانم التي يتوافر فيها الاتجاه الإسلامي بكثير. "فالشاعر الذي رأيناه في الكثير من القصائد يقف متخذا موقفا من العالم في دوائره الفارغة العبثية التي تنتصر للأقيمة واللانظام والعبث إنما يتخذ هذا الموقف الراسخ من فلسفة عميقة ركيزتها الإيمان والاعتقاد الفكري الراسخ بثوابت ويقينيات لم تهتز في نفسه لحظة، وهي تطالعنا بين حين وآخر في قصائد مثل "تضرّع"، "لك الحمد"، "بأبي وأمي أنت يا رسول الله"  و"ألا بذكر الله" وغيرها من قصائد. والقصائد السابقة التي تتضح أهدافها ومعانيها وقيمها من عتبتها النصيّةالعنوانإنما تشير إلى كينونة وطبيعة الشاعر الذي يتخذ من الإيمان ديدنا لرؤاه التي تحلل الواقع البشري وتواجه ما تراه في العالم من خلل وفساد"[3]. أبيات من قصيدة "تضرع":
"خذ بكفي إذا الليالي ادلهمت           
                       وغدا للأسى بنفسي فتك
ضارعا أرفع الأكف وأجثـــــــــــــــــــــــــــو
                        وبخدي للمدامع سفـــــــــــــــــــك
فترفق واغفر لعبد مضــــــــــــــــــــــــــــيم                       
                          لم يزغ قلبه غرور وشك"[4]
تأثير القرآن الكريم في الشعر الإسلامي لشهاب غانم
وقول الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رحمة لِلْعَالَمِينَ"[5]. يقول شهاب غانم في قصيدة "بأبي أنت يا رسول وأمي"
"هو للعالمين رحمة رحم          
                        ن وللمؤمنين ظل ظليل"[6]
يقول الله سبحانه وتعالى "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ"[7] يقول شهاب غانم في قصيدة "جائزة دبي للقرآن الكريم"،
"هو الكتاب  الذي ما زال يخرجنا
                               إلى سنى النور من ظلماتنا الجون"[8]
وقوله تعالى: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ"[9]. وقول شهاب غانم في قصيدة "يا هلال الصيام"
"وبه ليلة تجاوز ألفا   
                   من شهور في قدرها والمقام"[10]
وقوله تعالى: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ"[11]. وقول الشاعر:
            "بل تتقي الجبار في عليائه
                                               فله الخلود وكل شيء فان"[12]
وقوله تعالى: "الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا"[13]. يقول الشاعر في قصيدته "تأملات في الملكوت":
"وإنك رب السبع أبدعت خلقها                     
                                طباقا فكانت طابقا فوق طابق"[14]
وقوله تعالى:"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ"[15]. وقول الشاعر.
"ورحماك يا رب البرية واهدنا
                             صراطا سويا بين تلك المزالق"[16]
وقوله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صلصال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ"[17]. ويقول الشاعر
            "يا من سلاسل صلصال تمرغه
                                        في حمأة ملؤها الأدران والوجل"[18]
إن القرآن حبل من الله ينجينا وينقذنا من النار ومن الطعام في النار مثل زقوم وغسلين، كما ومن اعجابه النصرة في المعركة القادسية وفي يوم حطين. ومن الأبيات:
"جزاك ربك إذ أنشأت جائــــــــــزة
                           تسعى إلى خدمة القرآن والديـــــــــــــــــــــــــن
ما خاب من نصر القرآن ينشره
                           فيعصف النور عصفا بالشياطين
حبل من الله ينجينا وينــــــــــــــقذنا
                           من الجحيم وزقوم وغســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــتلين
كم تشرق النفس أن راحـــــــــــــت           
                      ترتله كأنها لم تكن في هيكل الطين
هو الكتاب الذي فزنا بنصرته
                        في القادسية أو في يوم حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــطين"[19]
التوحيد والشرك
وفي قصيدة "تضرع" نستطيع أن نقرأ شهاب غانم يكون موحدا.
"لك أشكو ولا لغيرك أشــــــــــــــــــــكو          
                          كل ذل لغير وجهك شــــرك
عقد العيش إن أردت ستنفك          
                             وألا فسوف لا تنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفك
فلماذا أشكو إلى آدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي         
                            وجميع الدنى بكفك ملك"[20]
إن الله مبدع
يقول شهاب غانم في قصيدة "مناجاة" إن الله سبحانه وتعالى مبدع، في النهر في الصخر في الأطيار وفي البر والبحر وفي الصبح والليل. يقول
"أراه في كل حسن أنت مبدعه            في النهر، في الصخر، في الأطيار، في الفنن
في البر، في البحر.. في الأرجاء قاطبة   في الصبح، في الليل..في أنشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــودة الزمن"
في الأنجم الزهر، في الأفواه    باسمة في كل ذرة رمل من ثرى وطـــــــــــــــني"[21]
الأفكار الروحانية الأساسية مثل الموت والحياة
قال شهاب غانم كثيرا من القصائد ومنها ما ينحو نحو التأمل في الأفكار الأساسية، مثل الموت والحياة . قصيدة "الدروب الخضر" تحمل أبعاداً روحانية، تقوم على المفارقة بين المحدود واللامحدود، وتصف سعي الإنسان بين ما يمتلك من مقدرات وتصورات وبين المثال، وما يكتنف هذا السعي من أوهام وحقائق في الوقت ذاته، ومما قاله د .غانم في قصيدته:
"الواصلون إلى العرفان ما وصلــــــوا      
                           وإنما هم على دروب الهوى رحلــــــــــــــــــــــوا
 وتلك رحلة عمر ليس ينــــــــــــــــــــــــــــــــــجزها       
                            من كان عن فرح الأرواح ينشـــــــــــــــــــــــغل
هم جابوا النفس فانجابت لأعينهم
                        بل للبصائر أحلام بها اكتحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلوا
وأوغلوا في الدروب الخضر واقتربوا   
                         وأوشكوا بعد طول الجهد أن يصلوا"[22]
مدح الرسول
وفي قصيدة "بأبي أنت يا رسول وأمي" يمدح الشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو حي مدى الزمان وميلاده ضياء للجميع، ونشر الرسول صلى الله عليه وسلم العدل والمساواة والحب والتسامح والعفو.
بأبي أنت يا رســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول، وأمي
                        نحن نفديك إن تعدى جهــــــــــــــــــــول
أنت حي مدى الزمان بـــــــــــــــــــــــــــــــــهي           
                          باهر.. باهـــــــــــــر.. جميل.. جمــــــــــــــــــــــــــيل
كل يوم تلك المآذن تشــــــــــــــــــــــــــــــدو           
                         باسمــــــــــــك العذب شاهدات تقول:
كان ميلادك العظيم ضيــــــــــــــــــــاء           
                          لجـــــــــــميع الدنى فأنت الدليـــــــــــــــــــــــــــــــــــل
تنشر العدل والمساواة فالفض           
                         ل إذا لم يكن لـــــــــــــــــتقوى فــــضـــــــــــــــول
تنشر الحب والتسامـــح ف
                      العف و عظيم له جزء جزيــــــل
تنشر الصدق والكــرامة و      
                         الإيمان والخير، والعدو بـــــــــخيل
تنشر النور فالخــــفافــــــــــيش
                       تهوي والشياطين كلهم مذهول
الأسماء الحسنى
ويقول الشاعر:
"الأول الآخر الرحمن والأحد       
                            لا قبله أزل أو بعده أبد
البارئ المتعالي لا شــــــــريك لـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه    
                              وما له والد في الكون أو ولـــــــــــــــــــــــــــــد
الرافع الخافض المحـــي المميت لنا
                              ومالك الملك والقدوس والصمد
هو الذي قال "كن" فالكون كان بها   
                          والكائنات ومن كانوا ومن وجدوا
أسماؤه مئة حسنى وقد نقصــــــــــــــــت
                        وترا، هو الوتر فهو الواحد الأحد
الواجد الماجد الباقي البديع فقــــل
                        طوبى لمن ركعوا لله أو ســــــجدوا"[23]
وبالجملة اهتم الشاعر شهاب غانم في منهجه الأدبي بالجانب العقدي اهتماما كبيرا. فقد دأب الشاعر غانم على توظيف أدبه في خدمة الدين ونشر الثقافة الإسلامية المتمثلة بمبادئ الرسالة الإسلامية والتنبيه إلى ما يحدق بالأمة من أخطار تلم بها. كأنه يأخذ في حسبانه قول ابن رشيق : ""إنما الشعر كلام مؤلف فما وافق الحق فيه فهو حسن، وما لم يوافق الحق فلا خير فيه"[24]. فهو يستلهم التراث الإسلامي في أشعاره ويشيد فيها بصفات التقى والصلاح. وفي قصائده الداعية إلى الوحدة العربية لم يدع إليها على أساس أنها منهج ومذهب سياسي مستقل عن الإسلام بل كانت دعوته منطلقة من مبدأ إسلامي راسخ هو التوحيد والتكافل بين أفراد الأمة وشعوبها.
المصادر والمراجع
1.     القرآن الكريم
2.     حمزة قناوي، شهاب غانم نصف قرن مع الشعر، بيت الشعر، شهرية تصدر عن بيت الشعر في أبو ظبي، نادي تراث الإمارات، العدد 8، يناير 2013.
3.     الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم




[1]  الباحث، قسم اللغة العربية، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي.
[2]  ولد د.محمد عبده غانم في 15 من يناير سنة 1912 بمدينة عدن وتوفي في 9 من أغسطس سنة 1994 في صنعاء. أول خريج جامعي على مستوى الجزيرة العربية. حصل الدكتوراه في الفلسفة في آداب اللغة العربية من جامعة لندن عام 1969. حصل على العديد من الجوائز مثل الجائزة الأولى للشعر من جمعية العروة الوثقى ببيروت عام 1936، كان رئيسا لجمعية الشعراء في عدن في الخمسينيات، له أكثر من عشرين كتابا منشورا بين دواوين ومسرحية ودراسة، منح وساما من درجة عضو عام 1955. كرمه اتحاد الأدباء والكتاب بصنعاء في اكتوبر 2007 ضمن آخرين لإسهامه في تاسيس الاتحاد 1970.
[3]  حمزة قناوي، شهاب غانم نصف قرن مع الشعر، بيت الشعر، شهرية تصدر عن بيت الشعر في أبو ظبي، نادي تراث الإمارات، العدد 8، يناير 2013.
[4]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص: 423.
[5]  سورة الاٴنبیَاء:107
[6]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:410.
[7]  سورة إبراهیم، الآية:1.
[8]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:413.
[9]  سورة القدر:3.
[10]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:417.
[11]  سورة الرحمن: 26،27.
[12]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:420.
 [13] سورة الملك: 3.
[14]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:431.
[15]  سورة الفاتحة:6،7.
[16]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:431.
[17]  سورة الحِجر: 26.
[18]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:435.
[19]  المصدر السابق، ص:413.
[20]  المصدر السابق، ص:423.
[21]  المصدر السابق، ص:427.
[22]  الدروب والخضر، الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:435.
[23]  الأعمال الشعرية الكاملة لشهاب غانم، ص:405.
[24]  ابن رشيق القيرواني: العمدة ، ج/ 1 ص: 27.

مواضيع ذات صلة
الأدب العربي العالمي, دراسات أدبية,

إرسال تعليق

0 تعليقات