ادعمنا بالإعجاب

انعكاسات الثقافة الهندية في الأدب العربي


 أ.عبد الرحمان الآدرشيري 
 2014-10-05
إن بلاد الهند غنية بتراثها وثقافتها منذ القدم, وهي بذلك أصبحت من عوامل التأثير في ثقافات الشعوب الأخرى وحضاراتهم قديما وحديثا, ومما يزيدنا فخرا واعتزازا أن بلادنا وما فيها من العجائب والطوائف حلّت محل التقدير والإعجاب لدى العرب-باديهم وحاضرهم-يتمثر ذلك في أدب الرحلات والترجمة والقصائد العربية التي صدرت فيها مئات المجلدات عبر القرون, والتي تزادن بها المكتبات العربية والإسلامية كما صارت هذه الابداعات تحفة علمية لعشاق العلم وطلابه في كل القارات. ولا يزال هذا الاهتمام ينعكس في مجل الدراسة والبحوث والتحقيق, والمقالة تسلط الضوء على أبرز ملامح هذا التأثير عبر القرون. الحديث عن الهند ذو شجون, فقد شغلت الهند وثقافتها العرب وآدابهم منذ زمن غابر, يقول الدكتور عبد العليم ان تسمية العرب لنسائهم بالهند لا علاقة لها ببلد الهند (عبد العليم) بينما يقول الشاعر خليل مطران في شعر له بعنوان “هند” لماذا جعل هذا الاسم علما لعرائس الشعر عند العرب.


                 يا هندك لم يخطئ أبو                   ك حين دعاك هندا
سماك باسم كاد يد                 ركه التقادم فاستجدا                             
دعيت بنات العرب من                  قدم ومجدن مجدا                             
ما الهند إلا روضة                             كانت لأرقى الخلق مهدا                             
وطن الرؤى أبد الأبيد                          ومعهد الأنوار عهدا
كما أطلق العرب المهند على السيف المطبوع من حديد الهند, قال الأزهري, صاحب قاموس الصحاح: والأصل في التهنيد عمل الهند يقال سيف مهند وسيف هندي وهندواني اذا عمل ببلاد الهند, وأحكم عمله والمهند السيف المطبوع من حديد الهند ونرى في قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير يصف الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:
إن الرسول لسيف يستضاء به        مهند من سيوف الله مسلول
وقد ورد عدة أشعار في السيف الهندي في العصر الجاهلي الأخير وفي عصر صدر الإسلام كما نرى في شعر المهلهل:
هزموا العداة بكل امسر مارن            مهند مثل الغدير اليماني
 ويقول طرفة:
       وظلم ذوى القربى أشد مضاضة    على المرء من وقع الحسام الهند
ويقول الأعشى:
في فتية كسيف الهند قد علموا       أن هالك كل من يحفي وينتعل
 أصابه هندواني فأقصده            أو ذابل من رماح الخط معتدل
الهند في الادب العربي ورحلاتهم: نرى بعض الإشارات إلى بعض البضائع الهندية مثل الفلفل وإلى بعض أجناس الهند مثل الزط والميد في أحاديث الرسول كما نرى في بعض التفاسير أن آدم عليه السلام قد نزل في أرض الهند, يقول الامام السيوطي عن ابن حاتم وابن عساكر عن الحسن, قال: اهبط آدم بالهند (الدر المنثور56) .
وفي العصر العباسي بفضل التبادل الثقافي بين العرب وغيرهم من الشعوب الاخرى قد ورد في الادب العربي ذكر المهند وعلمائها وعلومها وآدابها كما نرى في البيان والتبيين للجاحظ وفي كتب التاريخ والرحلات ملاحظات عن الهند والهنود بشيئ من البسط والتفصيل. ولما بدأ في عصر المأمون ترجمة العلوم الأجنبية إلى اللغة العربية ترجم العديد من الكتب الهندية في مختلف العلوم إلى العربية كما استدعي العلماء والحكماء الهنود إلى بغداد.

وقد أخذ العرب أفكار الهنود في الادب والبلاغة وأستعاروا آرائهم العديدة وصاغوها في القالب العربي, ومن هذا النوع “مقتضى الحال” وقد حكى الجاحظ أن معمرا ابا الاشعث قال: قلت لبلهة الهندي: ما البلاغة عند أهل الهند؟ قال بهلة عندنا في ذلك صحيفة مكتوبة لا أحسن ترجمتها لك ولم اعالج هذه الصناعة. قال ابوا الاشعث: فلقيت بتلك الصحيفة المترجمة فإذا فيها: أول البلاغة اجتماع آلة البلاغة وذلك ان يكون الخطيب رابط الجأش ساكن الجوارح قليل الخط مختير اللفظ. لا يكلم سيد الناس بكلام الامة والا الملوك بكلمة السوقة (ضحى الاسلام, 247).
لعل أول ترجمة من اللغة الهندية إلى العربية ما حصل في أيام الخليفة العباسي المنصور حين جاء وفد إلى بغداد من السند, وكان فيه رجل يسمى منكه كان يعرف الرياضيات والفلك وكان معه كتاب سوريا سدهانت, فأمر المنصور ابراهيم بن حبيب الفزاريبترجمته إلى العربية, وهو ممن كان يعرف اللغة الهندية, وعرفت هذه الترجمة ب”السند هند” كما حصل من هذا الهندي على كتابين آخرين وهما “الأركند والأزجهر” وخلال خلافة المنصور ترجم عبد الله بن المقفع كتاب كليلة ودمنة من الفارسية القديمة (تاريخ الصلات بين الهند والعرب72).
البيروني رائد الدراسات الهندية: ولا نجافي الحق اذا قلنا إن البيروني رائد الدراسات الهندية, ليس فقط في العالم العربي, بل خارج الهند كله, ولكن الهند لم تؤت حقه من الانصاف والتقدير نحو هذا العبقري الفذ لجميل صنيعه في نشر العلوم والثقافة الهندية في العالم. وكان للسياحين والرحالين العرب دور كبير في التعريف بأحوال الهند وثقافتها, ومن الاجدر بالذكر منهم سليمان التاجر (225) وابو الزيد حسن الصيارفي (224) وابو دلاف (331) وبرزك بن شهيريار الفارسي صاحب عجائب الهند (300) وابو الحسن المسعودي (345) والمقدسي (375) والرحالة المشهور ابن بطوطة الذي وصل الهند عام 734 وغيرهم كثير.
ولكن البيروني فاق الجميع وسبر اغوار علوم الهند واطلع على احوالهم وترجم علومها إلى العربية, ولد عام 362 في قرية من قرى خوارزم في اسرة فارسية الاصل, وبدأ يتجوّل المدن والقرى وخدم في بلاط الحكم في بخارى وغزنة, ثم صحب السلطان محمود الغزنوي في رحلته لفتح الهند ولما وصل الهند بدأ يتجوّل الاماكن الهندية حيث استطاع ان يطّلع على لاحياة الهندية وعاداتها وتقاليدها ولدراسة علومها ومعارفها عن كتب. ومن مؤلفات البيروني التي بلغ عددها 183 كتابا ما بين الكتب والرسائل, ضاع معظمها سوى 42 كتابا, ويفيدنا البيروني بأن قد ترجم كتاب العناصر لاقليدس وكتاب المجسطي لبطليموس إلى السنسكريتية بالاضافة إلى مؤلفاته العربية في علم الفلك (كتاب الهند, ص:106). ومن الكتب الهندية التي ترجمها إلى العربية كتاب كرناتك لفيجيانند وكتاب سمخيا لكبل وكتاب بتانجلي باوكاسدا لبرهماغبتا وكتاب برهتا سميهتا ولانكوجالاكا ووراهامييهير (كتاب الهند, ص:119).
كتاب الهند: الاسم الكامل لهذا الكتاب “تحقيق ما للهند من مقولة مقبوله في العقل او مرذوله” وهو اشهر كتاب وضعه عالم اجنبي عن الهند وعلومها وفلسفاتها, والف هذا الكتاب عام 421 بعد وفاة السلطان محمود الغزنوي ومن الموضوعات التي تناولها في هذا الكتاب: الديانة الهندوسية والفلسفة الهندية وعصور الهنود وقوانينهم والمراسيم الهندية والمجتمع الهندي وعلم الاخلاق والطبقات في المجتمع الهندوسي والكتب الدينية  والفنون الهندية علم الفلك الهندي والنحو السنسكريتي, كما تناول الكتاب علم النجوم وعلم الرياضة الهنديتين. ومن الصعب جدا ان نجد كتابا شاملا يتناول هذه الموضوعات كلها حتى في اللغات الهندية رغم ان العقيدة الهندوسية تتسم تبعدد الآلهة, الا ان كنه العقيدة الهندوسية في وحدانية الله ويقول بهذا الصدد: “واعتقاد الهند في الله سبحانه انه الواحد الاحد الازلي من غير ابتداء ولا انتهاء المختار في فعله القادر الحي المدبر المبقي الفرد ملكوته عن الاضداد والانداد ولا يشبه شيءا ولا يشبهه شيئا” (تحقيق ما للهند, ص:30). ويصوّر لنا البروني اساطير الهنود ملامحهم وتقاويمهم الفلكية وقواعدهم ومدى التأثير البراهمة في المجتمع الهندي وعظمتهم وقداستهم لديهم.
والرحالة المغربي ابن بطوطة 1304-1378:, هو الآخر ممن اعتنى بدراسة احوال الهند, وقد ساح في معظم البلاد الافريقية والاسيوية, واستمرّت رحلاته ثمان وعشرين سنة قام بزيارة الهند وتجوّل في أقطارها ايام حكم السلطان محمد بن تغلق وهو الذي خص لذكر الهند والهنود بنصيب وافر من كتابه “تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار” وقد أكرم السلطان وفادته وجعله قاضيا على دهلي. وصف لنا ابن مدينة دهلى ومعاملها كما وصف العادات والتقاليد الهندية التي شاهدها كأكل التنبول وعادة ساتي (احراق الزوجة مع جثة زوجه)ا واغراق الجثث في نهر غنكا وقد زار ابن بطوطة في اثناء تجواله منطقة مليبار وتحدث عن نظام التعليم لدى المسلمين كما مدينة كالكوت وأهميتها التجارية وتجارة الفلفل فيها.
الهند وثقافتها في الادب العربي الحديث: كل ما ذكرنا فيض من غيض مما كتبه العرب عن الهند وما صوروا في مؤلفاتهم ورحلاتهم في العصور الماضية, واما ما سجلوا وكتبوا عن الهند وحضارتها وثقافتها وهو كثير مثير. ومن كتاب العرب الذين تناولوا الهند وثقافتها بالكتابة والترجمة في العصر الحديث الاديب اللبناني وديع البستاني المولود عام 1888, وقد قام بترجمة الملحمة الهندية الكبرى المهابهارتها إلى اللغة العربية, ترجم منها 3472 آية من أصل 9000 آية. ونشره المجلس الهندي للعلاقات الثقافية بدلهي عام 1952, كما قام بالترجمة الشعرية لبغاوت غيتا, ولكنها لم تطبع حتى الآن. وترجم وديع البستاني 741 بيتا من قصيدة شاكنتلا للشاعر الهندي كالداسا, كما ترجم نلادماياندي إلى العربية وكلاهما من منشورات المجلس الهندي للعلاقات الثقافية وترجم اجزاء من الملحة الهندية راماينا إلى العربية ولكنها غير مطبوعة ونشرت دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد ترجمة كاملة لكتاب بغفات غيتا عام 1951, قام بها الدكتور ماخان لال راي (الهند والهنود في الادب العربي, مجلّة ثقافة الهند, مجلّد 22, عدد 4, عام 2011) وقد صدر في القرن التاسع عشر والعشرين بعض الرحلات الهندية في اللغة العربية بأقلام بعض الرحالين العرب وسجلوا فيها انطباعاتهم عن الهند ما شاهدوا فيها من الوقائع والآثار. ومن هذه الرحلات:
رحلتي إلى الهند: وصاحب هذا الكتاب ماراثناسيوس اغناطيوس نوري, وكان من رجال الدين المسيحيين في بغداد وقد سجل اغناطيوس نوري انطباعاته بشكل اليوميات في كتابه “رحلتي إلى الهند” وقام بزيارة الهند اثناء 1900-1899, وتتشكل هذه الرحلة وثيقة مهمة عن الهند في هذه الفترة حيث سجّل مشاهداته وانطباعاته عن الهند والهنود وعن عاداتهم وطقوسهم وعن لقاءاته مع كبار الشخصيات في مجال الادب والسياسة, امثال الشاعر الهندي الكبير رابدرانات طاغور وممثل ملكة بريطانيا لدى الهند اللورد كرزون, وقد تمتاز هذه الرحلة بقدرته الفائقة على رصد الاوضاع وتسجيل المشاهدات اليومية في مدن الهند الكبرى وصياغتها في قالب أدبي جذاب.
انطلق نوري في رحلته من بغداد في 29 سبتمبر عام 1899م مرورا بالبصرة وبندر عباس ومسقط حتى وصل كراتشي في 17أكتوبر، ثم سافر إلى مومباي وحيدرآباد حتى وصل كولكوتا، وأقام فيها شهرا ونصف شهر، وقد وصف مدينة حيدرآباد ومشاهداتها بشيئ من التفصيل حيث زار رجال الحكم والموظفين ورجال الدين, وآثار المدينة ومقابرها، ويقول: شعارنا قلعة كولكندا بأنها لأجدر بالذكر أمام القلع القديمة في سوريا وتركيا. وقد شاهد مكتبة حيدرآباد وذكر أنها مملوءة بالكتب العربية والفارسية والإنجليزية، وفيها مخطوطات نادرة، وقد بسط في ذكر مشاهدات مدينة كولكوتا وخاصة رجال الدين المسيحي فيها ونشاطاتهم التبشيرية.
سياحتي في البلاد الهندالإنجليزية وكشمير: هذه الرحلة التي تعد من الرحلات الهامة والتي كتبها الأمير يوسف كمال المصري. وكان أميرا ورحّالة جغرافيا مصريا من أسرة محمد علي باشا، وقد زار الهند عام 1914م، أيام الحرب العالمية الأولى، ويسرد الأحداث والمشاهدات فيها بانتظام، وهي رحلة حافلة يصور فيها جمال الطبيعة الهندية والآثار التاريخية والأماكن السياحية، وبصفته ولوعا في صيد الحيوانات يحتوي هذا الكتاب على وصف الصيد ومشاهدات القنص والحيوانات المختلفة التي شاهدها في الهند كما وصف عادات الناس فيها وطقوسهم وتقاليدهم الغريبة، ومما لفت انتباهه في مدينة بنارس المعابد الهندوسية المكتظة بالناس، ويقول: وهناك أيضا يدهش الزائر من كثرة المعابد، وأظن أنناي لست بمبالغ إذا قلت في بنارس معابد بقدر ما بها من المنازل، وأما الأوساخ وقذارة الأزقة الضيقة التي كنا نمر بها للوصول إلى هذه المعابد فيعجز قلمي عن وصفها.
نرى في هذه الرحلة ان صاحبها يعشق الطبيعة ويعترف بكرامة الإنسان لدرجة أنه ينتقد بشدّة عندما علم ان نظام حاكم حيدرآباد عنده جمع غفير من النساء في بلاطه, ونجده في بداية الرحلة أنه يصف محل معرض أموات الفارسيين المجوسيين في مدينة ممباي لتأكلها الطيور, وكذلك يصف حرق جثث الموتى الهند, ومن الجدير بالذكر انه نزل ضيفا على سموّ مهاراجا بترافنكور ويصف لنا بعض ما شاهد في مملكة ترافنكور من عادات الحكم ومنها أن ابن الحاكم لا يخلف اباه ولا يرثه وليس له حق للقب أمير, وأما الذي يخلفه فهو ابن أخته اذا كانت له أخت ولها أولاد. ويقول عن الطقوس الدينية عن مهاراجا” وقد علمت من سكرتيره أن مهاراجا ملزم بناء على احكام دينه ان يذهب مرّتين في السنة إلى البحر عري القدمين والجسم حاملا سيفا وترسا ولابسا بمجوهراته فقط”. (كمال: 59)
ومن بين المدن الهندية التي زارها: بنارس وكانفور وإله آباد وآكره. ونجده يصف مناظر أكراه وفتحبور سكري بشيئ من التفصيل مع ذكر أسرة السلاطين الذين حكموا الهند, ومما استرعى انتباهه معابد تانجاوور القديمة يقول عنها: إن معبد تنجاوورمن اجمل المعابد الهندية, ارتفاعه 220 قدما وبع اربعة دور شيد قبل ثمانية قرون, وقد خص الجزء الأخير لذكر مشاهداته في كشمير والآثار الاسلامية في مدينة دلهي.
الهند كما رأيتها: هذا الكتاب من تأليف الأستاذ فتح الله الأنطاكي صاحب جريدة العمران بمصر، وقد زار الهند 1932م قادما من القاهرة عن طريق الشام وبغداد ومرورا بالبصرة وكراتشي، وأقام في الهند ثمانية أشهر، تجول في خلالها معظم الولايات الهندية واطلع على أحوال الهند وآثارها عن كتب وسجل انطباعاته في هذه الرحلة المسماة ’الهند كما رأيتها‘. وقد مدح لطف النهود وحسن ضيافاتهم، وهو في هذه الرحلة تعرف على عدد كبير من نوابغ الهند. وكان يرغب في لقاء غاندي الزعيم الهندي ولكنه كان مسجونا ايام إقامته في الهند. وهو يرصد في هذه الرحلة التطور الكبير الذي نالت الهند في ميادين مختلفة من جراء الإنكليز، ويلاحظ أن تلك الاشتباكات التي تندلع من حين لآخر سببها التعصب الديني لدى الهنود، ونجد في هذا الكتاب معلومات ضافية عن أمراء الإمارات الهندية تحت حكم الهندوسيين والمسلمين كما يسرد عن أديان الهند وزعمائها الدينيين مثل آغاخان زعيم الطئفة الإسماعيلية، وله أتباع يبلغ عددهم مليون نسمة ويبلغ ربحه السنوي أكثر من مليون جنيه إنكليزي، ويعيش حياة الملوك وهو لا يقيم في الهند إلا شهرا في العام  ويقضي بقية أيامه منتقلا بين باريس ولندن مع عروسه الفرنسية الحسناء(الأنطاكي 14).
ويتحدّث هذا الكتاب عن زعيم الفرقة القاديانية وزعيم البهرة كما يتحدّث عن ثروة الهند ووسائل اعلامها وحكام الامارات وآداب الهنود وعن التجارة وعاداتهم في الزواج وقد لقي في زيارته الشاعر الهندي الكبير محمد إقبال, يصفه انه يكاد شوقي, شاعر مصر وأجاد في وصف الفارسيين وعاداتهم كما يفصل عن زياراته لزعماء الهند أمثال طاغور والدكتور أنصاري ومولانا طاهر سيف الدين زعيم البهرة.
رحلاتي حول العالم: للدكتورة نوال سعداوي قد خصت الدكتوره نوال سعداوي إحدى زعيمات الحركة النسوية بمصر. الجزء الثاني لرحلتها المساة “رحلاتي حول العالم” بذكر الهند وحوادثها ومعالمها, وفي بداية الرحلة تشهد أنها لم تشعر بغرابة في بلد غريب وعندما تمشي في شوارع الهند تنسى أنها في الهند وتظن انها في مصر. وهي في هذه الرحلة تستغرق في أعماق الفكر الهندي وتتحدّث عن بعض الكاتبات الهندية الشهيرة مثل الكاتبة المليالمية كاملاداس وتعبر عنها بقولها: إحدى الكاتبات في الهند اسمها كاملاداس تمسك القلم كأنه مشرط في يد جرّاح تشق اللحم وتكشف النخاع وتكتب عن حياتها بالشجاعة التي تكتب حياة الآخرين, آخر كتابتها عن مذكرات حياتها” (السعداوي 11).
وهي تتحدّث عن الكتابة الهندية أمرتا بريتم وعن أعمالها بشيئ من التفصيل والسيدة, نوال تتحدّث عن قضايا المرأة الهندية بصفتها ناشطة لحركة نسوية وهي تبحث عن العادات والتقاليد الهندية مثل المهر المعكوس وتقول:” المرأة في الهند هي التي تدفع المهر لزوجها ويزيد مهر العريس بارتفاع طبقته وبارتفاع منصبه وتعليمه” (السعداوي 17). وكانت زيارتها في 1980 حيث كانت السيدة اندراغاندي رئيسة وزراء الهند, مما جعلها تتكلم عنها بشيئ من الحماسة كما تتناول القضايا الشائكة مثل الأمية والخرافات والعادات الفاسدة في المجتمع الهندي, ومن الآثار والمعالم الهندية التي اعجبتها قصور مهارجاوات في جيبور كما تأثرت بآشرم مهاتماغاندي في أحمدآباد, وبالجملة اننا عند قراءة هذه الرحلة نحس ان صاحبتها تبحث قضايا إجتماعية أكثر من المشاهدات وجمال الطبيعة والمعالم التاريخية.  
مشاهدات في الهند :هذه الرحلة للكاتبة المصرية أمينة سعيد. وفي الحقيقة إن تلك المناطق التي زارتها في ثلاثينات القرن الماضي، الآن في باكستان حيث كانت الهند وباكستان دولة واحدة قبل الاستقلال. وقد زارت الهند لحضور مؤتمر النساء الهندي الذي عقد في مدينة حيدرآباد السند، وقد شاركت في هذا المؤتمر مندوبات من مختلف أنحاء العالم بما فيها أمريكا وأوروبا ومصر وفلسطين، وكان هذا المؤتمر تحت رعاية الشاعرة الهندية الكبيرة ساروجيني ناييدو. تقول عنها الكاتبة: وقد ألقت الشاعرة المبدعة  يوم الافتتاح خطاب مرتجلا  في اللغة الإنجليزية هزت به مشاعر الحاضرين وبلغت السرور والتفاؤل في النفوس.(السعيد 23).
وهي تصف في هذه الرحلات  مشاهدات الهند التي لفتت انتباهها من عادات الناس وتقاليدهم وملابسهم كما تصور فقر الهند وتعاسة الإنسان الهندي حيث تقول إنها ظنت مصر تفوق البلاد الأخرى من حيث عدد المتسولين ولكن لما زارت الهند تبين لها أن فقراء مصر ليسةا شيئا أمام إخوانهم الهنود، وقد أدهش الكاتبة ما شاهدت في الهند من عبادة القبر والحشرات والأشجار التي لا تقبلها العقول السليمة. ومن الرحلات التي تناولت الهند والهنود وثقافاتهم “حول العالم في 76عاما” للأديب اللبناني نقولا زيادة (1916-1992).وهذه الرحلة التي تغطي آسيا وأوروبا وشمال إفريقيا تولي اهتماما كبيرا بالهند. وقد زار الكاتب الهند عام 1958م تلبية لدعوة وجهتها جامعة عليكره الإسلامية إليه وذلك للمشارة في مؤتمر في رحابها بمناسبة ألفية للرحالة العربي المشهور المسعودي. وقد استطاع زيارة في هذه الرحلة الآثار التاريخية والمعالم الأثرية في الهند مثل تاج محل ومنارة قطب الدين، كما زار المدن الهندية الكبرى. وكان الدكتور عبد الحليم رئيس الجامعة في تلك الأيام وكان أساتذة الجامعة النخب الممتازة مثل السيد نور الحسن والأستاذ خليف أحمد نظامي المؤرخ الهندي الشهير والسيد مقبول أحمد صاحب كتاب العلاقات العربية الهندية الذي ترجمه الدكتور نقولا زيادة إلى العربية، وقد يشرح في رحلته انطباعاته عن عظماء الهند الذين زارهم مثل الحكيم عبد الحميد صاحب مؤسسة همدرد في دلهي كما زار موهان جادارو، مسقط حضارة الهند القديمة.
وقد ألف الكاتب المصري الصحفي البارز د.أنيس منصور الدي عمل محررا  في جريدة الأهرام رحلة باسم “حول العالم في مائة يوم”. وكان قد زار الهند عام 1962م وخص 145 صفحة لوصف الهند والهنود وعن انطباعاته عن الهند، يقول فيه: فهم أناس طيبون جدا وفي غاية الهدوء وحبهم للسلام قائم على شعور عميق وكراهية الهنود لإسالة الدماء تنبع من أعماق أديانهم (منصور 495). وقد زار كيرالا في جولته لأقطار الهند وتحدث مع كبير وزرائها السابق إي.م.أس نمبوتيريباد.

المصادر والمراجع
 أمين،أحمد. ضحى الإسلام.القاهرة، مكتبة الأسرة، 2003.
الأنطاكي، فتح الله.  الهند كما رأيتها. بلا تاريخ.
البيروني، أبو ريحان. تحقيق ماللهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة.القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2003م.
 سعداوي، نوال.  رحلاتي حول العالم. بلا تاريخ.
السعيد، أمينة.  مشاهدات في الهند. مصر، دار المعارف، 1946.
عبد العليم، د. هند ومهند، المجمع العلمي الهندي.بلا تاريخ.
كمال، الأمير يوسف.  سياحتي في بلاد الهند. أبوظبي، دار السويدي للنشر والتوزيع، 2003م. منصور، أنيس. حول العالم في مائة يوم. بلا تاريخ.
نوري، ماراثنا سيوس أغناطيوس. رحلة إلى الهند. أبوظبي، دار السويدي للنشر والتوزيع، 2003م.
 (عبد الرحمان الآدريشيري أستاذ مساعد في كلية روضة العلوم العربية بجامعة كاليكوت)
هذه الدراسة منشورة أيضا في موقع الغة


مواضيع ذات صلة
الأدب العربي الهندي, تاريخ الهند, تراث الهند،,

إرسال تعليق

0 تعليقات