ادعمنا بالإعجاب

نكبة فلسطين في شعر المهجر

  تفاصيل عن المقالة

عنوان المقالة :  نكبة فلسطين في شعر المهجر

الكاتب:  فريد جحا

المصدر: مجلة الآداب (مجلة شهرية تعنى بشؤون الفكر)

تصدر عن :  دار الآداب

رقم العدد:"

أرقام الصفحات: 112-109

تاريخ الإصدار: 01 مارس 1964

بلد النشر : لبنان

رئيس التحرير: الدكتور سهيل إدريس

 نزلت بالأمة العربية كوارث ونكبات كثيرة ،ولكن نكبة فلسطين هي النكبة العظمى والكارثة الفادحة ولقد أنت فداحتها من أمرين : أولهما ، ان قطرا يحتل منزلة القلب من جسم الوطن العربي قد سرقه شعب غریب مجرم . والثاني ، ان ابناء هذا القطر قد اكرهوا على التخلي عن ديارهم ومساكنهم ، وشردوا في الآفاق ليعيشوا حياة اللاجئين الشقية .

والحقيقة أن نكبة فلسطين ليست مأساة عربية فقط ، وانما هي مأساة انسانية ايضا ، اذ لم نعرف في تاريخ البشرية أن وطنا سرق على هذا الشكل ، وان شعبا قد أهين وشرد على هذا المنوال . أننا مع الشاعر القروي في قوله : ( أن نكبة فلسطين لا يماثلها نكبة ما لا في الارض ولا في السماء ، وكل خطب مهما فدح يهون بالنسبة اليها . وكل انسان عربيا كان ام غربيا لا يحزن لها ولا يغضب ولا يثور ، فقد تجرد من كل شعور ، وكلانسانية ، وكل دين » . (۱) تركت هذه النكبة اثرا عميقا في تاريخ العرب الحديث ، أنها هزت أعماق النفس العربية هذا عميقا ، ونبهتها الى امور كثيرة أخطرها : ان الحق للاقوياء العلماء ، وان لا مكان تحت الشمس للجهلة الضعفاء ، وان على العرب لكي يستردوا الوطن السليب ان يعتمدوا على انفسهم .

وكان لا بد بعد هذا ان تترك النكبة أثرها في الشعر العربي . وقد لخصت هذه الآثار في الأمور التالية : ( انها قدمت للشعر زادا لا ينفد ، وأنها أغنت العنصر العاطفي في الشعر ، ونفخت روح التمرد والانطلاق والثورة ، ودفعت الشعراء المعاصرين الى التطور والتجديد ، وغلبت على الشعر المعاصر الاتجاه الالزامي الهادف ) ،

 وما دامت النكبة عربية وانسانية ، فان من الطبيعي ان تترك أصداء كثيرة لدى عرب المهجر الذين نعرف حبهم لوطنهم واهتمامهم بقضاياه . انها هزت قلوب المهاجرين حتى الاعماق ، ودفعت الشعراء والادباء الى أن يبكوها ويحملوا على مسببيها .

ولقد حدثنا الاستاذ اكرم زعيتر في كتابه ( مهمة في قارة ) بالتفصيل عن الحفاوة التي لقيها الوفد العربي الذي سافر الى اميركا اللاتينيه عام ١٩٤٨ لشرح قضيه فلسطين . كان الوفد يستقبل من قبل الجاليات استقبالات تيف بالموك وكان موضع الترحاب في كل مكان ينزل به ، ا قدم المهاجرون كل مساعدة له لينجح في مهمته.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يهتم فيها المغتربون بقضية فلسطين ، فلطالما اقاموا الحفلات الخطابية من اجلها ، وبخاصة في عام ۱۹۳۸ ، ذلك العام الذي شهد انتصارات الثورة العربية الفلسطينية ، تلك الانتصارات التي اضطرت الحكومة البريطانية الى عقد مؤتمر المائدة المستديرة في لندن ، والى اصدار " الكتاب الابيض » الذي كان فيه شيء من التراجع عن السياسة الممالئة للصهيونية ولا ننس المناظرة التي أجراها أمين الريحاني فيسان فرانسيسكو " مع حاخام يهودي وحاكم بريطاني سابق في فلسطين ، حيث استطاع الريحاني ببديهته وذكائه وموهبته الخطابية أن ينتزع النصر من خصميه حين أبطل مكيدتهما بتقديمه للكلام قائلا : « أعطيت حق الكلام أولا على اعتبار ان الحق الأول في فلسطين هو لامتي العربيه . وعليه فأنا أشكر لزميلي هذا الاعتراف الصريح منهما » .  وقد ذكر الاستاذ زعيتر أن لجنة للدفاع عن فلسطين تألفت من الجاليتين اللبنانية والسورية في سان باولو  بعد قطيعة استمرت سبعة عشر عاما ، فلقد جمعت النكبة القلوب المختلفة التي وحد بينها الهدف المشترك.

ولا شك أن الشعراء على اختلاف اتجاهاتهم السياسية كانوا يهتمون بهذه القضية . كان الاستاذ زعيتر يثني في كل مدينة يزورها على الادباء وما يقدمون للوفد من مساعدات معنوية لا تقدر بثمن . لقد ذكر بالخير كل الخير القروي وفرحات وسمعان وغراب وصيدح وقنصل وقربان والمعلوف » كما اطلق هو نفسه على القروي اللقب المشهور ( قديس القومية العربية ) .

كانت لا تمر مناسبة الا وينتهزها الشعراء للتعرض القضية فلسطين . كانت الاعياد مثلا تنقلب الى ماتم ، كيف يحتفل القروي بعيد المولد النبوي وفلسطين نازل بها الشر ؟

يهنىء بعضكم بعضا واني

 أهني النفس اني لا أهني 

أأنقض مبدئي وأخون عهدي 

مسايرة لكم ويقال : اني ...

 أرى تفاح هذا العيد جمرا

ولو قطفوه من جنات عدن 

 وألمس ناعم الازهار شوكا 

ويطرف ناظري حسن الغواني

 أأرضى والرسول قتيل غيظ 

 وأفرح والمسيح شهيد حزن ؟!

وعندما يقف ( الغراب الغازي » على نافذة الشاعر صيدح في ( بحمدون » يخيل اليه انه آت من اسرائيل فلسطين ليسرق داره كما سرق اليهود فلسطين،

 تطيرت من ناعب في الصباح

دخيل على مهرجان السنا

 مغير يمزق شمل الرياح

 اذا دافعته عن المجتني

 تقزز منه عيون الاقباح

 وتطبق اجفانها ان دنا

 تسرب في غرفتي واستراح 

 فسرب منه الى العنا

أتأبى جدار الغراب الوقاح

 عجاف الطيور وارضى أنا

 ومن أنبأ الطير ان اجتياح

 مقامي أيسر ما في الدني يعرب

 وان انتسابي الى  يعرب 

يحلل مأواي للاجنبي

ويهدي الياس قنصل رباعياته التي نظمها في الارجنتين وطبعها في دمشق عام ١٩٥٦ ( الى الجنود العرب الذين سيدخلون تل ابيب ليدكوا دولة العصابات على رؤوس بناتها ، رمزا لايمانه بأن النصر القريب ، لنا، للحق ، للعروبة الخالدة » . 

ويتطوع الشاعر القروي للطواف على المواطنين المتفرقين في المدن والقرى لجمع التبرعات منهم لاغاثة فلسطين بها ، وكان يبيع في جولته جوارب اؤتمن عليها من احد تجار سان باولو لكي ينفق على نفسه من ارباحها لا من مال التبرعات » . 

 وفي ابيات له مؤثرة يصف ما لاقاه من تعنت المواطنين وشحهم ، ومنهم :


افضول ما أرى ام غيرة 

أو قرت ظهري وهدت منكبيا

انحلت علة غيري جسدي

 وأسالت كبدي من مقلتيا

 يا بني امي هل كلفتكم

 حمل عبء لم يهشم ساعديا

 طالما سابق عسري يسركم 

 حين لا املك الا اصغريا 

ان و هيتم فضل مال فانا 

نازف ما في عروفي ويديا

ولكم باذل فلس يدعي 

 انه لولاي لا يبذل شيا

أنا راض حاسب کل ید

 تنفع الامه مهداة اليا 

واحسبوا المنة يا قومي عليا

 سايروني واخدموا اوطانكم

يرجى تحميل الباقي لمتابعة القراءة

مواضيع ذات صلة
فلسطين,

إرسال تعليق

0 تعليقات