تفاصيل عن المقالة
عنوان المقالة : التاريخ المعماري للمسجد الأقصى
الكاتب: رمضان عبد الله عبد الهادي
المصدر: مجلة حروف عربية (مجلة فصلية تعنى بشؤون الخط العربي)
تصدر عن : ندوة الثقافة والعلوم
رقم العدد:26
أرقام الصفحات: 32-26
تاريخ الإصدار: 01 أكتوبر 2010
بلد النشر : الإمارات
رئيس التحرير: بلال البدور
وقد ارتبطت قدسية المسجد الأقصى بالعقيدة الإسلامية منذ أن كان القبلة الأولى للمسلمين، وتوثقت إسلاميته بحادثة الإسراء والمعراج، فقد أسري برسول الله محمد ، ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس، في السابع والعشرين من رجب قبل الهجرة بعام، ومن بيت المقدس صعد النبي ، إلى السموات العلى، قال الله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) (۱) . وقد ربط رسول الله ﷺ، مكانة المسجد الأقصى بالمسجد الحرام ومسجد المدينة فقال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (٢).
وما إن أدرك المسلمون أهمية هذه المكانة الدينية الرفيعة للمسجد الأقصى وبيت المقدس، وعلاقتهما الوثيقة بالعقيدة الإسلامية حتى بدأوا بأسلمتها مادياً وسياسيا، فكان الفتح العمري لبيت المقدس سنة ١٥هـ / ٦٣٦م، وبعد تسلمه مفاتيح المدينة من بطريرك الروم صفرنيوس، سار الفاروق عمر إلى منطقة الحرم الشريف التي كانت خرابا وزار موقع الصخرة المشرفة وأمر بتنظيفها كما أمر بإقامة مسجد في الجهة الجنوبية من الحرم الشريف.
تعمير المسجد الأقصى
كان للخلفاء الأمويين الفضل في تشكيل الوجه الحضاري الإسلامي للمسجد الأقصى، ذلك أنهم استطاعوا أن يفهموا المكانة الدينية والسياسية لبيت المقدس والمسجد الأقصى في ذلك الوقت خاصة في ظل انكسار القوتين العظيمتين الفرس والروم أمام الدولة الإسلامية الحديثة، فكان لا بد لهم من ترسيخ الوجه الحضاري الإسلامي لبيت المقدس. الأمر الذي نتج عنه تعمير منطقة المسجد الأقصى المبارك تعميراً يتلاءم مع عظمة واستقرار الدولة الإسلامية الفتية، حيث نفذ مشروع التعمير في عهدي الخليفة عبد الملك بن مروان وابنه الخليفة الوليد، الذي اشتمل على بناء قبة الصخرة المشرفة وقبة السلسلة في عهد الخليفة عبد الملك، وبناء الأقصى ومعالم أخرى عديدة اندثرت جراء الهزات الأرضية العنيفة التي حدثت في بيت المقدس وفلسطين) في عهد الخليفة الوليد، فجاءت وحدة معمارية متكاملة ومتجانسة أكسبت المسجد الأقصى المبارك ذلك الطابع الإسلامي المميز.
الفنان المسلم:
ومنذ اللحظات الأولى لنشوء هذا النمط من الفن برز مدى الأثر الكبير الذي تركه عمق إيمان المسلم وعقيدته التوحيدية حيث ظهرت البصمات الإيمانية في جميع الموضوعات الفنية التي أنتجها الفنان المسلم. ولعل مرحلة النضوج والتبلور في الفن الإسلامي بدأت منذ بدايات العصر الأموي خاصة في مجال العمارة، والتي كانت لها امتدادات فنية عميقة حيث عرف العرب الجاهليون والقدماء أنماطاً من فنون العمارة في شبه الجزيرة العربية وفي اليمن حيث كان للعمارة صيت رائع في مجال بناء السدود والقصور العظيمة، ومنها قصر عمدان حيث استعمل اليمنيون الرصاص في أبنيتهم بصهره وصبه بين حجارة الأعمدة، وفي أسسها لربطها وتقويتها ، كما استعملوا الجص لكسوة الجدران لتبدو بيضاء وناصعة، واتخذوا من الحجارة الملونة أداة للبناء فأبدعوا في تنسيقها ، وكسوا الأبواب والسقوف والأعمدة وبعض الجدران بصفائح الذهب والفضة والحجارة الكريمة وسن العاج والأخشاب الثمينة.
وتتضح خطوات التطور العمراني من خلال ما اكتشفته البعثات الأثرية، حيث تبينت أنه تم تجديد بعض المدن وكشفت الحفريات عن طبقات من البيوت بعضها فوق بعض وتبين أن اللبن قد استخدم في بعض الأبنية سواء أكان مجففا تحت أشعة الشمس أم مشويا بالنار. وفي حينانفردت طيبة عنه كله باستخدام الآجر واللبن والطين في بناء البيوت، كانت بيوت أثرياء وسادات مكة تبنى بالحجر منذ عاد قصي بن كلاب من الشام في القرن الثاني الميلادي، وامتازت الطائف قديما ببيوتها الجيدة والمنظمة وسورها التاريخي، ولكن ذلك لا يرتقي إلى تكوين تراث غني وكبير في مجال الفن.
وعندما دخل الفنان المسلم في مرحلة فنية جديدة وهي مرحلة الفن الإسلامي تجلت عبقريته في البحث عن تفاصيل وآلية جديدة للعمل الفني وكيفية تموضع التكوينات الفنية من أجل تفحص الغايات العليا السامية والروحية، هذه الغايات التي كانت محرك ودوافع الفنان للعمل، ومن ثم تحولت إلى هدف يسعى لخدمته وإيصال المتلقي لتلك الحالة الروحية السامية فكون الفنان إسهاماً حافلاً بالمعنى بصورة لا مثيل لها فهو توليف فريد، أو سلسلة من التوليفات بين صور وهذا التوليف نجح خلال الزمان والمكان الخاصينبثقافة الإسلام في التعبير عن شيء له قيمة خاصة وأن.
يرجى التحميل لمتابعة الباقي
0 تعليقات
أكتُبْ تعليقا