ادعمنا بالإعجاب

المستشرقة آنا ماري شيمل وعنايتها بالتاريخ الإسلامي في الهند

بقلم: سيد محمد عمر فاروق (باحث في الدكتوراه: جامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية حيدر آباد الهند) ثقافة الھند ٢٠١٤ م ، المجلد ٦٥ ، العدد ٣

نبذة عن حياتها وأعمالها:
تعد المستشرقة الألمانية آنا ماري شيمل Annemarie Schimmel (١٣٤١-١٤٢٤ ه/١٩٢٢-٢٠٠٣ م) واحدة من أهم الباحثات في مجال  الاستشراق والبحث عن قضايا التاريخ الإسلامي في الهند، وقد امتدت نشاطاتها العلمية في المشرق الإسلامي وشبه القارة الهندية طولاً وعرضاً، و قضىت الشطر الكبير من حياتها في شبه القارة الهندية. وكانت حياتها حافلة بالإنجازات العلمية والفكرية والأدبية. وهي تعد نموذجاً للذين أحبوا بصدق الحضارة الإسلامية ووقفوا على الإسهامات العظيمة التي قدمتها للإنسانية، وقدموا من خلال دارستهم وأبحاثهم خدمات رائعة للإسلام والمسلمين. فهي شخصية نادرة كرست حياتها في دأب وحب لإزالة الشكوك لدى الغربيين حول الإسلام والدين الحنيف. وقضت حياتها كلها بلا مبالغة لدراسة الإسلام وتراثه الفكري.
 ولدت شيمل في مدينة (أيرفورت Erfurt) الألمانية يوم ٧ أبريل عام ١٩٢٢ م. نشأت وترعرعت في بيئة ثقافية مسيحية. وبدأت حياتها الدراسية منذ نعومة الأظفار، صرفت عنايتها الخاصة إلى اللغة العربية والثقافة الإسلامية. ثم التحقت بجامعة برلين، ودرست العلوم الإسلامية، والتاريخ
الإسلامي وفنونه، والدارسات التركية، وحصلت على درجة الماجستير عن رسالتها: "الخليفة والقاضي في مصر الفاطمية والمملوكية" ثم درجة الدكتوراه في الاستشراق في سن التاسع عشر من عمرها عن أطروحتها: "بنية الطبقة العسكرية في الحقبة المملوكية المتأخرة"[1]. وكانت شيمل صاحبة عديد من اللغات: العربية والفارسية والأردية واليونانية والفرنسية وما إلى ذلك....
زارت شيمل عدداً كبيراً من البلدان العربية والإسلامية، منها الهند واليمن وتركيا حيث عملت فيها كأستاذة للعلوم الإسلامية واللغة العربية. ولما عادت إلى ألمانيا عام ١٩٦١ م أسست مجلة دورية تسمى ب"فكروفن" باللغة العربية والأمانية، وهي مازالت تصدر حتى الآن في كل سنة عددان، وأنها أجمل مجلة عربية على الإطلاق تصدر في أوربا. كما أنها تنقلت بين الجامعات العالمية المرموقة كأستاذة زائرة، فقد حاضرت لسنوات طويلة في جامعة هارفورد في الولايات المتحدة، وجامعة دلهي الجديدة في الهند، والمجلس الأمريكي للعلوم وجامعة أيوا في نيويورك ومعهد الدراسات الإسماعيلية في لندن. والجدير بالذكر أن الراحلة بينظير بوتو رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة كانت إحدى طالباتها في جامعة هارفارد الأمريكية [2].
أن شيمل أحبت العيش في الشرق، وأقامت فترة طويلة في الهند وباكستان، وحيث اعتنت بتخصصها، وكان لها حب شديد للهند خاصة لباكستان التي عاشت فيها أكثر مما أقامت في وطنها، تجلى هذا الحب في كتابها "باكستان قصر ألف باب" بالأمانية. وأطلقت باكستان أسم آنا ماري شيمل على أحد شوارع لاهور الهامة[3]. وعملت بعدها ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً في جامعة هارفارد كأستاذة لمادة "الإسلام في الهند" وأستاذة للثقافة الهندية الإسلامية Indo-Muslim Culture وفي تلك الآونة كتبت دراستها عن الأبعاد الصوفية للإسلام فضلاً عن اهتمامها بشخصيات كبرى في عالم التصوف من أمثال: حافظ الشيرازي، جلال الدين الرومي، والحلاج، ومحمد إقبال من العالم الإسلامي المعاصر. وكانت شيمل شديدة التأثر بأفكار العلامة إقبال وفلسفته الإسلامية الحديثة، وقضت حياتها معجبة به وبتقديره، ترجمت أعماله إلى الألمانية والإنجليزية، ومن أهم كتبه حول . إقبال: محمد إقبال شاعر وفيلسوف نبوي [4].
هناك خلافات بين الذين كتبوا عن حياتها وسيرتها أنها مؤمنة أم لا؟
ولكن الحق أنها لم تعتنق الإسلام، لأنها تعلم أن الدخول إلى دين الإسلام أمر ميسور والخروج منه أمر مستحيل. ولكن شيمل عاشت حياتها مع المتصوفة وأفكارها. وقد أوصت الأستاذة أن تتلى سورة الفاتحة على قبرها، وقد رتل السورة الكريمة بالعربية يوم دفنها الشيخ أحمد زكي اليماني [5]
وقد نالت المستشرقة الألمانية الكثير من الجوائز التقديرية وأوسمة التكريم، من أهمها: جائزة فردريش ركارت" الأمانية سنة ١٩٦٥ م ، ووسام الاستحقاق الألماني من الدرجة الأولى سنة ١٩٨٢ م. ونظراً إلى خدماته الجليلة في التاريخ الإسلامي الهندي والتصوف الإسلامي كرمت لها حكومة باكستان مع أرفع الجوائز المدنية المعروفة "ستارہء امتیاز" و"ہلال امتیاز" . وسام القائد الأعظم لجمهورية باكستان الإسلامية سنة ١٩٦٦ م [6].
 الميزات الخاصة التي تتميز بها شيمل من بين المستشرقين الآخرين: لقد وهبت أنا ماري شيمل حياته للعلم، وكرست رسالتها لخدمة الإنسانية، وسعت دائماً إلى إقامة الجسور بين حضارة الإسلام وحضارة الغرب، فلذا لقبت ب"عميدة الاستشراق الألماني وصديقة الإسلام. هناك بعض المحاسن والميزات لهذه العالمة الفاضلة تميزت بها عن الآخرين:
١ - فهم حقيقي للإسلام: أنها سعت منذ البداية إلى الاقتراب من المسلمين، والاستماع إليهم، ومعايشتهم والتحدث معهم. وأرادت أن تفهم الإسلام من المسلمين أنفسهم، فكان لها ما أرادت. وبعكس عدد كبير من المستشرقين من أمثال نولد كه الذي عاش ومات من دون أن يرى أي بلد عربي أو إسلامي واحد. فإن صلات شيمل بالعالم الإسلامي ورحلاتها إليه وثيقة منتظمة لم تنقطع للحظة واحدة.
٢- النقد الذاتي: على نقيض كثير من المستشرقين الذين يرفضون مبدأ النقد الذاتي، ويأبون مراجعة آراء أساتذتهم وتصحيحها، ولكن شيمل تقوم دائماً بممارسة النقد الذاتي مع نفسها، ومع الغربيين المشتغلين بالحضارة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي.
٣- الحب: كانت شيمل إنسانة عاشقة، ورسالتها هي رسالة حب وتفاهم وليست رسالة كراهية أو حقد، والحب يحتل جزءاً كبيراً من حياتها، فهي تحب مادة تخصصها: الإسلام ورسول الإسلام وتكتب عن حب المسلمين له. وهي ترجمت كل ما له علاقة بالحب، أنها تشعر بانجذاب شديد إلى الشاعر الإسلامي الكبير جلال الدين الرومي لأن موضوع العشق الإلهي يمثل محور أشعاره، وهي لم تدخر جهداً من ترجمة أشعار الرومي في الحب والعشق إلى لغات أوربية عدة.
٤- عشقها للفن الإسلامي: ورثت شيمل الفن الإسلامي عن أستاذها العلامة الألماني إرنست كوينل، فراحت تدرس عمارة المساجد والمقابر، وفن الخط، وفنون الزخرفة الإسلامية، والتصوير الإسلامي. وسعت دائماً إلى تقديم الإسلام للغربيين من خلال زاوية الفن، فقدمت بذلك خدمات جليلة للثقافة الإسلامية وساهمت مساهمة عظيمة في إفهام الغربيين جوانب خالدة من الحضارة الإسلامية، وذلك من خلال كتبها عن فن الخط العربي، ووسائل التعبير الفني في الإسلامي فضلاً عن محاضرتها المتواصلة.
٥- صلتها الوثيقة بالإسلام في شبه القارة الهندية: درست شيمل مادة "الإسلام في الهند" في جامعة هارفارد لسنوات طويلة. ولعبت دوراً ريادياً في تعريف الغربيين بهذا الموضوع. كما أنها سعت أيضا إلى لفت نظر العرب إلى هذا العالم، ونقلت شيمل للغربيين عدداً ضخماً من أشعار مسلمي الهند، وآدابهم وتاريخهم في عدة لغات أوربية، وسعت سعياً مخلصاً إلى تعريف العرب بتراث مسلمي الهند.
٦- دفاعها عن مكانة المرآة في الإسلام: على نقيض بعض زملاءها من المستشرقين ممن يهاجمون مكانة المرأة في الإسلام، تتميز معالجة شيمل لهذا الأمر بالموضوعية والحياد. فهي لا تنكر اضطهاد المرأة في المشرق الإسلامي ولكنها لا تنسب هذا الاضطهاد إلى الإسلام بل إلى العادات البالية والتقاليد القديمة المتخلفة.
٧- تعريف الألمان بالحضارة الإسلامية: لقد صممت شيمل العزم على أن تقدم صورة الحضارة الإسلامية واقعية وصحيحة من حيث المفاهيم والتصورات، وقامت بتعريف الألمان بالحضارة الإسلامية وتصحيح المفاهيم والتصورات الخاطئة عن الإسلام من خلال محاضراتها المتواصلة في شتى المدن الألمانية ومن خلال أنشطتها في مختلف وسائل الإعلام الألمانية ومن خلال كتبها، ومن خلال ترجماتها الغزيرة للآداب الإسلامية إلى اللغة الألمانية.
٨- الإسلام هو سبب لتقدم المسلمين ولا علاقة له بتخلفهم: على نقيض موقف الكثير من المستشرقين الآخرين، إذ يدعون أن الإسلام دين متخلف، وأن المسلمين تخلفوا عن الحضارة بسبب الإسلام، ولكن تعلن شيمل بكل وضوح وقوة أن الإسلام يحث كل مسلم ومسلمة على طلب العلم وإعمال الفكر، فكيف إذن يمكن الادعاء بأنه دين متخلف؟ [7]
آثارها العلمية والفكرية:
لقد كتبت شيمل كثيراً من الأبحاث والكتب والمؤلفات بلغات مختلفة، ومعظمها حول التصوف الإسلامي، والتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية. ففي المذهب الصوفي كتب "الأبعاد الصوفية للإسلام" عام ١٩٧٤ م باللغة الإنجليزية ثم ظهرت ترجمته الألمانية عام ١٩٨٥ م، ثم نقل هذا الكتاب إلى اللغة العربية محمد إسماعيل السيد، ورضا حامد قطب، وطبع أول مرة في عام ٢٠٠٦ م، هذا الكتاب عن التاريخ التصوف يعنى عناية كبرى بالجانب الفني في التصوف الإسلامي وتعبيراته الغنية في الشعر. المسيح ومريم في التصوف الإسلامي: باللغة الألمانية ثم نقلتها إلى الإنجليزية. و"الوردة العندليب" الذي يتناول الأشعار الصوفية التركية والفرنسية، وكتاب "الشمس الظافرة" عام ١٩٧٨ م عن جلال الدين الرومي، وغيرها من الكتب والأبحاث في التصوف الإسلامي. وتعبراً عن إعجابها بالشاعر والمفكر الهندي الكبير أنها ترجمت بعض كتب العلامة محمد إقبال إلى اللغة الألمانية والتركية. من أهمها: جناح جبريل، الخلود، وما إلى ذلك....وفي عام ١٩٨٥ م صدر أهم كتبها"محمد رسول الله" بالألمانية والإنجليزية الذي عبرت فيه بصدق عن تقديرها للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وما أثار وسائل الإعلام الألمانية ضدها، فردت عليها بكلمات حازمة "نعم! إني أحبه".
الأبحاث والكتب فيما يتعلق بتاريخ الإسلام في الهند:
كما ذكرنا من قبل أن شيمل قد مكث في الهند وباكستان حوالي خمسة وعشرين سنةً، في هذه المدة أنها ألقت محاضرات علمية قيمة في جامعات عديدة، كما أنها كتبت بعض الكتب الهامة التي تتعلق بتاريخ الهند وثقافتها وحضارتها. وأنها بحثت عن قضايا التاريخ الإسلامي في الهند بعين الإنصاف دون التعصب. وفي بعض الأحيان أنها قامت بالرد وانتقدت بمن افترى على التاريخ الإسلامي في الهند من المستشرقين. وهناك قائمة طويلة لمؤلفاتها، وأنا أستعرض هنا من أهمها:
·       مقدمة في تاريخ الإسلام :(History, New York-1992 An Introduction in Islami  )  كتبها باللغة الألمانية ثم نقلتها إلى  الإنجليزية. وهو كتاب يتناول سير الحضارة والإسلامية ومراحل انتشار الإسلام في مختلف البلدان ومنها الهند وبلدان جنوب شرقي آسيا. وقد عالجت شیمل في هذا الكتاب كيفية انتشار الإسلام في العالم، وأهم تأثيراته على الثقافات الأخرى.
·       الإسلام في شبه القارة الهندية:( Subcontinent Islam in the Indian ) ألفت هذا الكتاب في عام ١٩٨٣ م باللغة الألمانية ثم  قامت بترجمته إلى اللغة الإنجليزية. وأتاحت المدة التي قضتها شيمل في الهند كأستاذة لمادة تاريخ الإسلام في الهند أن تتعرف من قرب على واقع المسلمين الهنود، ويبدو من كثرة مؤلفاتها عن أنها كانت قد جمعت العديد من الأفكار والملاحظات والتفصيلات التي كانت هي أول من طرقها. ويتناول هذا الكتاب المراحل التي مر بها الإسلام خلال الحقب التاريخية الطويلة في الهند، بدءاً من معرفة الهنود بالعرب قبل الإسلام عن طريق الصلات التجارية ومروراً بظهور الإسلام وانتشاره في تلك القارة بطرق سليمة، ثم استقراره عبر إقامة حكومات إسلامية لها السيادة والإدارة التامة على أغلب مناطق شبه القارة الهندية.
·       الإسلام في الهند وباكستان :(Islam in India and Pakistan) صدرت هذا الكتاب في سنة ١٩٨٢ م باللغة الإنجليزية من هولندا. و الكتاب السابق أي "الإسلام في شبه القارة الهندية" كان موسوعياً وشاملاً دون التركيز على بلد من بلدان الهند بالتعيين. وفي هذا الكتاب سلطت شيمل أضواء بسيطاً على حال المسلمين في مناطق وسط الهند(مثلا: مدينة دلهي وما جاورها)، وكذلك مناطق "مولتان" (باكستان حالياً) فقد يعد كتابها هذا دراسة تاريخية وحضارية عن بدايات عمليات الفتح وقادته.
·        مركز الثقافة الإسلامية في السند :(Culture in Singh, Karachi- 1983 A Center of Islamic ) وقد كتبت شيمل هذا الكتاب  بالاشتراك مع المؤرخ بالاشتراك مع المؤرخ ماكلي هيل Makli Hill يتناول هذا الجانب الثقافي لبلاد السند والتي مثلت البؤرة أو الموطن الأساس للثقافة الإسلامية إذ أنها مثلت أول إقليم دخله المسلمون واستقروا فيه لفترات طويلة ومنه انتقلت العلوم والآداب والمعارف الإسلامية إلى الأقاليم الأخرى. وقد تتبعت شيمل في هذا الكتاب المراكز الثقافية في السند من مدارس ومساجد وزوايا وربط.
·       في مملكة المغول العظام: لقد ظهر هذا الكتاب إلى حيز الوجود  ٢٠٠٠ م باللغة الألمانية، وقد بحثت ماري شيمل فيه عن قضايا التاريخ الإسلامي، والفن الإسلامي، والثقافة الإسلامية في عهد المغول. ونظراً إلى أهمته ظهرت الترجمة الإنجليزية في لندن عام ٢٠٠٤ م. هذا كتاب فريد من نوعه.
·       : مناهج التعليم في الهند :(Education curriculum in India هذا الكتاب في الحقيقة مجموعة مقالاته التي صدرت في مجلة "فكروفن" باللغة الألمانية، ثم نقلتها إلى الإنجليزية في سنة ١٩٩٣ م. أعطتنا دكتورة  شيمل في هذا البحث صورة واضحة عن أهم تلك المناهج التعليمية في العصور الوسطى التي كانت تعنى بها في مدارس الهند ومساجدها الشهيرة والتي لا تختلف كثيراً عن تلك التي كانت تهتم بها في المشرق الإسلامي. ومثلت تلك المناهج مصنفات شيوخ وعلماء المشرق الذين هاجروا إلى الهند. وبينت شيمل أن الهنود اهتموا كثيراً بعلم الفقه منذ الفترات الأولى لدخول الإسلام فيها فهو الوسيلة الوحيدة لمن كان يريد أن يتولى منصب القضاء والأمور الإدارية ١ فضلاً عن اهتمامهم بعلم الحديث النبوي الشريف، والجدير بالذكر أن دراسة علم الحديث تطورت في عهد السلطان محمد تغلق ونتجت عنه دراسات وكتابات عديدة جديرة بالتقدير من قبل بعض العلماء الهنود الذين رفدوا هذا العلم عن طريق رعايته وتفسيره أيضاً نظراً لما يتمتع به من منزلة عليا في نظرهم لأنه يمثل أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وبوصفه مكملاً ومفسراً لنصوص القرآن الكريم فضلاً عن أن النبي صلى الله عليه وسلم يمثل الأنموذج الأعلى لهذا الدين  في سلوكه وقوله وعمله ونواحيه[8]
·       باكستان قصر ذو ألف باب: صدر هذا الكتاب عام ١٩٦٥ م  وتناولت فيه شيمل ماضي باكستان وحاضرها وكيف كانت موطناً للبوذية والهندوسية ومن ثم دخول الإسلام إليها وما أحدثه المسلمين من تطور وعمران طرأ عليها.
ولم يكتفي أنا ماري شيمل على التاريخ الإسلامي في الهند فقط، بل أنها عالجت بعض الموضوعات الأدبية الإسلامية وغيرها في اللغة الألمانية والإنجليزية، هدفاً لتعريف أوربا عليها. وكانت شديد التأثر بالأشعار الأردية والفارسية، وهذا يدل على أنها ترجمت بعض القصائد الفارسية والأردية
لفحول شعراء الهند، مثل: العلامة محمد إقبال، ميرزا غالب، مير درد دهلوي وغيرهم. وقد نالت هذا الكتب المترجمة الحظوة والقبول في الأوساط العلمية والفكرية والأدبية في بلاد أوربا. وهناك قائمة طويلة لإصداراتها عن والآداب الإسلامية في الهند، ولكن أكتفي هنا بذكر بعض منها مهماً جداً:
·       الآداب الإسلامية في الهند(بالإنجليزية) Islamic Arts in India
·       محمد إقبال : كتاب الخلود بالألمانية مترجم من الفارسية
·       محمد إقبال: جاويد نامه بالألمانية
·       أدب السند أو الأدب السندي بالإنجليزية، في سلسة تاريخ الآداب  الهندية.
·        أدب اللغة الأردية من البداية إلى إقبال بالإنجليزية، في سلسلة تاريخ  الآداب الهندية
Urdu Language & Literature from the beginning to Iqbal
آلام وألطاف: دراسة عن كاتبين متصوفين من مسلمي الهند في القرن الثامن عشر، ١٩٧٨ م بالإنجليزية A Study of Two  Mystical Writers of Eighteenth Century India
هذا  الكتاب يلقى الضوء على حياة الشاعرين الهنديين مير دارد الدهلوي، وشاه عبد اللطيف البيهتي وأعمالهما.
·       رقص الشرار: دراسات عن المجاز عند غالب، ١٩٧٩ م الإنجليزية
·       حكايات من باكستان: ١٩٨٠ م الألمانية ترجمة عن السندية
·        إسهامات ألمانية في دراسة اللغات الهندية والباكستانية، ١٩٨١  الألمانية
·        بحث بلا نهاية : ١٩٨٣ م الألمانية ، حكايات وقصص وطرائف لشاه  عبد اللطيف السندي
·       . لآلي من الھند: دراسات في الثقافة السندیة، ١٩٨٦ م الإنجلیزیة [9]
لقد وصفت الدكتوراه شيمل منهجها في الدارسة والبحث عندما قالت في إحدى المناسبات وبكل وضوح:
"إن طريقي ليس هو طريق التصريحات والبيانات ولا هو طريق الإثارات والزوابع، إنني أومن أن الماء الصافي سوف ينتصر بحركته الدءوب على مر الزمن على صم الحجر" [10]
شيمل والتصوف الهندي:
عكفت شيمل على دراسة التصوف الذي لفت انتباهها عند البحث عن النواحي الثقافية ، فوجدت أن الصوفية كانت تحاكي الأفكار الهندية القديمة للبوذيين والهندوس (اليوغا) وأناشيد (الفيدا) ، وتعبر شيمل أن الفضل الأكبر يعود إلى الصوفية في أسلمية بلاد عدة مثل الهند وأجزاء من أفريقا. وتعتبر أنهم دعوا إلى المبادئ البسيطة للإسلام بنموذج الحب من دون التطرق إلى مسائل معقدة ودينية وفقهية. وتقول:"تحتل أسماء الله الحسنى مكانة خاصة لدى المتصوفة ، ولا تزال الخلوة الأربعينية القاسية الموصى بها منذ العصور المبكرة تمارس حتى اليوم. وفي القرن التاسع الميلادي نسمع للمرة الأولى عن حفلات موسيقية كانت تقود أحياناً إلى رقص ووجد وجذب
دائري. بيد أن المتصوفين الأكثر حصانة ورصانة نظروا إلى ذلك بريبة. فكتبت أبحاثاً عن التصوف الهندي ثم بدأت تدرس أعلام التصوف ومن " مؤلفاتها تلك:"دراسة في الأفكار الدينية
للسيد محمد إقبال (  the Religious Ideas of Sir Muhammad Iqbal  A Study into   وكان هذا الكتاب  بالتعاون والاشتراك مع المؤرخ كابريل وينك Gabriel Wing وقد اهتمت .  شيمل بالشاعر والفيلسوف الهندي محمد إقبال والأدب الروحي لباكستان. منذ عام ١٩٥٧ م وأثناء إقامتها في تركيا حيث ظهرت ترجمتها الرائعة لأهم أعمال محمد إقبال. وفي عام ١٩٧٧ م أصدرت لمناسبة مئوية محمد إقبال مجموعة منتقاة من أشعاره مترجمة إلى اللغة الألمانية تحت عنوان"رسالة الشرق" كما نشرت كتاباً عن المتصوف الهندي أسد الله غالب. وأجرت دراسة في أثنين من كتاب التصوف الهندي في القرن ١٨ م في الهند باسم
 A Study of Tow Mystical Writers of Eighteenth Century India [11]
فعصارة القول؛ تستحق البروفيسورة الألمانية الراحلة أنا ماري شيمل أكثر من الألقاب الأكاديمية بكثير، فهي صاحبة مشروع خضم وتجربة فريدة في مجال الاستشراق والتاريخ الإسلامي والتصوف الإسلامي. وهي من المستشرقين الأوربيين القلائل في القرن العشرين الذين أرسوا قواعد صحيحة في الدراسات. وفقد وهبت الرؤية الاستشراقية حقها، ونطقت بحقيقتها، بلا أدنى مغالطات أو تشويه. وبعيداً عن استيلاء الغرب على الحضارات الأخرى، كما هو سائد لدى العديد من المشتغلين في حقل الاستشراق، استطاعت هذه العالمة أن تكون نموذجاً راقياً وأن تؤلف عبر إبحارها المعرفي ما يفوق الثمانين كتاباً ومجلداً بلغات مختلفة.
المراجع (مصورة)



مواضيع ذات صلة
الأعلام،, تراجم العلماء, دراسات, علوم الهند,

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. مقال جيد أقرب إلى الوصف الأكاديمي ولكن هناك مايلزم من تعمق في فكرها من الجهة السياسية فهي لم تكترث لبنية نظام الإسلام وإنما عكفت على التصوف الذي اهتم له المستشرقون ابتغاء التشويه لصورة الإسلام فالتصوف عند إقبال مثلا له جانب فلسفي مظلم تجلى في رسائله الفلسفية مع أساتذته البريطانيين .

    ردحذف
  2. بني آدم يضيع حياتهم الثمينة باسم التصوف، وراء التصوف .............. لا فائدة فيه

    ردحذف

أكتُبْ تعليقا